رواية أرشد فؤادي الفصل السادس 6 بقلم سارة فتحي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية أرشد فؤادي الفصل السادس 6 بقلم سارة فتحي
البارت السادس
الفصل السادس ساره فتحي
أرشد فؤادى
شحب وجهها بقوة وكأن هربت الدماء منه.. واخذت دموعها
تهطل بكثرة وشهقاتها تعلو وهى تتذكر ذلك الفيديو اللعين
الذى تسرب لها.. أرتجف جسدها بقوة.. واصبحت فى حالة
إنهيار حقيقية تنكمش على نفسها برعب.. تابعها بحسرة
على الرغم من وجع قلبه منها إلا أن حالتها الآن تمزقه فهو لم يرغب سوى فى إخافتها فقط.. لكنه لم يجرؤ على أذيتها
همس لها بنبرة تقطر ألمًا:
-أنا إستحالة أعمل كدا عارفة ليه؟! أهون عليا أذى روحى
لكن أنت لأ.. على الرغم من طريقتك بس أنا مقدرش
أتمنى فى يوم أن موصلش لأخر ذرة صبر يا نادين
ألقى قطعة القماش البيضاء على الأرض.. بينما هى
كانت تضم ركبتيها بذراعيها تبكى بإنهيار كان يود أن يضمها ليطمئنها هى وكى يهدأ نبض
قلبه الثائر لكنه ليس الوقت المناسب هى لم تتقبل
قربه.. خرج من الغرفة صافعًا الباب خلفه
بعد مرور أكثر من ساعة تحاملت على نفسها ووقفت أمام
الخزانة وأخرجت ثياب مريحة.. وأبدلت فستانها ثم توجهت للفراش فهى بحاجة للنوم الان فقط
ممدد على الأريكة يده أسفل رأسه.. محاولًا النوم ولكنه
لم يستطع فهى قريبة منه لا يفصله عنها سوى خطوات لكنها بالحقيقة بعيدة عنه كل البعد ثم سمع صوت همهماتها وشهقاتها المختنقة فنهض من مكانه ثم طرق باب غرفتها ولم تأتى أى استجابة فتح الباب بتروٍ فوجدها مغمضة العينين تحرك رأسها يمينًا ويسارًا والعرق يملأ جسدها
تهمهم بكلمات غير واضحة بصوت مختنق ادرك انها تحلم بكابوس دفعها برفق عدة مرات حتى أستقامت من مرقدها
شاهقة.. أقترب منها يناولها كوب الماء أرتشفت
منه بضع قطرات ثم نظرت نحوه بتوجس فسحب
مقعدا هاتفًا:
-نامى يا نادين أنا هقرأ ليكِ القرآن متقلقيش أنا هافضل
هنا بعيد عنك على الكرسى
رمقته بخوف جلى لكنه فتح المصحف وبدأ فى قرأت
الأيات القرآنية.. بعد مرور ساعة نهض ووقف بجوار الفراش.. مد أنامله يزيح عبراتها.. كم اصبحت نحيلة يعلو ملامحها الإرهاق الشديد.. لم يستطع أن يقاوم أكثر جلس
بجوارها يطالع وجهها الذى بدا شاحبًا وحزين مرر
يده على وجنتها وأنياب الوجع مغروسة فى قلبه
لينزف وينزف إلى مالا نهاية:
-سلامة قلبك من أى حزن من أى وجع يا نادين
أنا موجوع أكتر منك ياريت كل دا كان فيا أنا كان هين
عليا.. لكن أشوف وجعك كدا بموت يا نادين
تحشرج صوته وأختنق بقوة هاتفًا:
-أنا رغم كل دا أنا عاذرك وبحط نفسى مكانك وبقول
مش ذنبها أنها مش بتحبنى.. الحب مش بإيدينا زى
ما أنا بحبك ومن غير سبب.. بس كل شئ قسمة
ونصيب وبقيتى من نصيبى.. هاعوضك عن كل الوجع
دا وهاعوض نفسى معاكِ يا نادين
وضع يده على موضع قلبها هاتفًا بحنو:
-سلام على قلبك حتى يلتقى بقلبى
مال يقبل مقدمة رأسها ثم دثرها بالغطاء جيدًا وخرج من الغرفة يشعر بسعادة ويشعر بالحزن مشاعر متناقضة لكن كل ما يسيطر عليه أن نادين أصبحت زوجته.. كُتبت
على إسمه
فى اليوم التالى
كان الوقت قد قارب صلاة العصر وهى لا زالت نائمة
طرق على الباب فتوجه مدين يفتح الباب ليجدها
عمته فأبتسم وأفسح الطريق وولجت للداخل ودارت
بعيناها فى أنحاء الشقة.. قطبت حاجبيها تسأله
-أومال فين نادين؟!
-نايمة يا عمتى
-كل دا أنا وسيبها ادخل أصحيها أنا
قالت جملتها وهى تتوجه للداخل فاوقفها هاتفًا:
-سيبيها يا عمتى طول الليل كانت بتحلم بكوابيس
أقتربت عمته تربت على كتفه هامسة:
-أنا عارفة أنك تستاهل أكتر من كدا
-انتِ عارفة كل حاجة يا عمتى ليه بتقولى كدا
أنهى كلماته هو يتجه نحو المطبخ ليحضر آنية ذهبية
أنيقة وفوقها فنجانين صغيران فابتسمت عمته
-أنت جبت عدة هنا كمان يامدين
-عشان نشرب أنا وانتِ ونتمزج بقى
فى الجهة الأخرى
فتحت عيناها بتكاسل تنظر حولها ولأول مرة تنام هكذا
من ذلك اليوم المشئوم قطبت حاجبيها ونهضت مسرعة تتذكر
أين هى.. ألتقطت أذنيها صوت والدتها من الخارج
أغمضت عيناها تبكى بحرقة.. لكنها نهضت فجأة
لتقف امام المرآة تمسح دموعها بملامح عنيدة
كفاها دموعًا وحزنا.. كفاها ستحاول أن تنسى
ربما تنجح.. أبدلت ثيابها وخرجت لوالدتها هامسة
-صباح الخير يا امى
رمقها بعيناه كانت ترتدى عباءة منزلية تلتصق بجسدها لقد فقدت الكثير من الوزن لكنه لم يؤثر على جمال جسدها الأنثوى أو
جمال تكوين وجهها بل زاد من إظهار مناطق انوثتها
اكثر.. كان مظهرها جذابًا مغريًا يود أن تكون بين يده يمرر يده على جسدها يتحسس نعومته..نفض هذه الأفكار الوقحة سريعًا.. ثم ابتسم على تفكيره المنحرف لكنها بارعة فى إفقاده ثباته ورصانته.. قطع أفكاره المنحرفة رد عمته:
-صباح الخير.. ومافيش صباح الخير لجوزك
-انتِ هنا من امته؟!
تناولت والدتها حجابها وهى تقول
-من بدرى جِبت الفطار وشربت القهوة مع مدين وهاروح
كمان
اوقفها مدين هامسًا:
-عمتى الموبايل بتاع نادين ممكن ترجعيه ليها
توسعت عيناها بذهول وهى تقول:
-أيه اللى بتقوله دا يامدين أنت إتجننت
-لأ يا عمتى بعقلى ونادين مراتى وأنا عارف بقول أيه
على فكرة انا جبت ليها واحد
جديد بس عشان لو فيه حاجة حابة تاخدها منه
كانت تسمعه بذهول بينما هو أضاف:
-أنا واثق فيها يا عمتى إبعتى الفون لو سمحتِ
كانت ترمقه بذهول لم تصدق كلماته.. تنهدت والدتها وهى تقترب منها لتودعها ثم مالت عليها
هاتفة:
-يارب تقدرى النعمة اللى بين إيديكِ
إبتعدت عنها لتنصرف ثم توقفت هاتفة:
-رايح فين أنا هانزل لوحدى
-لأ أنا نازل لأمى يا عمتى يلا بينا
رمقتها والدتها بطرف عيناها وهى تهز رأسها بأسف
بعد مرور اسبوعين
عجزت أن تفهم ما يفكر به تشعر بنظراته التى تراقبها تخترقها لكنه أيضًا منذ ليلة زفافهما لم يحدثها أو بالأحرى
يتجاهلها دائمًا يهبط إلى ورشته صباحًا وثم يعود إلى منزل والدته مساءًا دائمًا تسمع صوت ضحكاته مع سنا بالأسفل.. يحضر متطلبات البيت دون كلمة واحدة حتى
الطعام الذى تبعثه والدتها تضعها على الطاولة ولا يقترب
منه.. نهرت نفسها بشدة لماذا أصبح يشغل تفكيرها بشدة
فى الآونة الأخيرة.. هكذا افضل لها وقريبًا ستنتهى هذه المهزلة وستخرج هى حرة.. تعبت من كثرة التفكير فأغمضت عيناها رغمًا عنها
وغطت فى نوم عميق
بعد مرور عدة ساعات ولج من باب الشقة متلهف لرؤيتها
والأطمئنان عليها.. وصل إليه صوت همهمتها المختنقة ككل
ليلة.. فتح باب الغرفة وولج للداخل
كانت ذابلة كورقة سقطت فى فصل الخريف وتُركت فى العراء تجاهد للبقاء.. وقد تكالبت عليها الأوجاع.. تنتفض كلما غفت فى نومتها.. وكأنها ترقد على جمر من نار.. طيف صديقتها يزورها كلما غفت.. لتحول نومها لكابوس
وجدها تجاهد فى حركاتها أقترب منها يدفعها برفق حتى فتحت عيناها
ثم همست ودموعها تنهمر على وجنتيها:
-شفت فاتن وكانت بتعيط والله بشوفها
دون كلمة واحدة سحبها من يدها يضمها إليه كى يقرأ القرآن لها ككل ليلة لكن هذه المرة بين أحضانه.. حاولت
الإبتعاد لكنه ثبتها عنوة.. قربهأ منه وأحاط خصرها.. لتستقر
بين ذراعيه وبدأ يتلو عليها الآيات القرأنية بعد مرور
دقائق شعر بثقل جسدها.. اغمض عيناه يبكى
على كل ألم دفنه داخله دون وجع.. كل ذكرى سيئة
مرت به.. على والده الذى هجرهم منذ سنين
لأول مرة يغفو وهى بين ذراعيه محاولًا التخفيف
عن نفسه وعنها
فى اليوم التالى
فتحت عيناها تشعر بصقيع يملأ جسدها بعد الدفء الذى
احاطها طيلة الليل.. حاولت أن تلتقط انفاسها المشتتة
بصعوبة.. ما الذى أصابها لا تعلم زفرت بضيق وتوجهت
نحو المرحاض لتغسل وجهها لكن أوقفها طرق الباب
فتوجهت لتفتح الباب فوجدتها سنا عقدت حاجبيها
هاتفة :
-سنا؟!
أبتسمت سنا بهدوء هاتفة:
-صباح الخير
-صباح النور.. خير؟!
تمتمت سنا من بين أسنانها هاتفة بغيظ:
-يخربيت قلة ذوقك فاكرة نفسك محور الكون.. منك لله
يامدين يا بعيد
-أنتِ بتقولى إيه؟!
إبتسمت سنا بسماجة هاتفة:
-يعنى بقول تنزلى تفطرى معانا دا حتى مدين عليه
طبق فول بالتحابيش يجنن.. وشوية شاى عنب تعالى
إفطرى معانا ليه قاعدة لوحدك هنا
لم ترد عليها نادين فتابعت سنا هاتفة:
-متفكريش كتير يلا بسرعة هاسبق على تحت أنا جعانة بقى يلا
هبطت للاسفل حاولت بأقصى جهدها الإنخراط معاهم فى الأجواء العائلية.. وألا تستجيب لتلك الرغبة فى الإنزواء
والإختلاء بنفسها وما ان ولجت وجدت حماتها فأبتسمت
لها هاتفة:
-عاملة ايه يا نادين
إبتسمت بمجاملة هاتفة:
-الحمدلله يا مرات خالى
-روحى بقى هاتى العيش من المطبخ وتعالى عشان نفطر
ما أن خطت للمطبخ وجدته منكب يضع الطماطم فى المقلاة ثم وضع عليها الفول وبعض البهارات هاتفًا:
-طبق فول ايه فى جلبك.. في جلبك
وما أن أستدار وجدها أمامه وخصلاتها تزين وجهها
اسفل حجابها همس بذهول
-نادين أيه اللى جابك فيه حاجة
رمقته بصدمة فهز رأسه ينفى ما وصل لها هاتفًا:
-أول مرة تنزلى تفطرى معانا
أرتفع جانب ثغرها بسخرية هاتفة:
-الحظ والنصيب
تحولت ملامحه للحزن تناولت العيش وجلسوا حول
الطاولة صمت رهيب يخيم على جلستهم على عمس العادة.. فهمست سنا بتوجس تقطع الصمت:
-أنا شكلى هاشيل المادة بتاعة المرة إللى فاتت
قطبت والدة مدين حاحبيها بحزن هاتفة:
-ليه كدا يا سنا دا عمرك ماشيلتى
-متخافيش يا مرات عمى فيه سمر كورس
هز مدين رأسه وهو يسالها بخبث:
-مادة أيه؟!
-أيه؟!
كرر سؤاله بينما هى أدعت البلاهة وأكملت تناول الطعام:
-سنا أقسم بالله لو إللى فبالى صح هاعلقك
-بُص لو حلفتلك مش هتصدقنى دي صدفة والله
جز على اسنانه هو يقول:
-طب وربنا لو حصل أكلم عمى وهقولوا وأخلى مسؤليتى
همست بهدوء تستعطفه:
-اهون عليك دا أنت حبيبى؟!
قهقة مدين هاتفًا:
-طب انتِ حبيبتى بس متحاوليش لو المادة اتشالت هازعلك
رفعت نادين كوب الماء ترتشف منه ثم وضعته بعنف واضح فوق الطاولة.. ثم نهضت هاتفة:
-شبعت
أتجهت للخارج كانت تشعر نحوهم بغيظ.. عليهما احترام
وجودها.. فهى تظل بالأخير زوجته وعليه مراعاة
مشاعرها.. هو الذى يتغنى بعشقها لكن معاملته مع
سنا تنفى ذلك
أما هو كان يراقب بعدها عنه وتصرفاتها العدائية
بنفس صابرة.. يود لو يعلم الطريقة التي ستساعدها
كى تتخطى محنتها.. كل ما يريده رؤية الحياة بعيناها
كالسابق بدلًا من الإنطفاء والحزن
-ممكن أعرف أنت جايبنا هنا ليه مش خلاص
قال هذه الجملة صديق هارون وهو يقف معه فى الحى
اردف هارون بسخط:
-جايبك عشان تتعلم اصولها وتعرف تجبها من تحت
يرمقه بإستنكار بينما هارون غمز بعيناه لإحدى البائعين
فنظر صديقه نحوه ثم دقق النظر بها هاتفًا:
-مش دا الأمين سامى ايه اللى جابوا
لكزه هارون وهو يجز على شفتاه هاتفًا:
-اقسم بالله افرغ السلاح فيك.. انت مبتفهمش بره
القسم ولابس كدا تفتكر ليه ها؟!
-فى مأمورية طب ليه مش القضية خلصت
هز رأسه بيأس وهو ينظر أمامه هاتفًا:
-القضية مش ملف بيتقفل.. اللى ورا نهى ناس تقيلة اوى
اوى.. وهدفهم يوصلوا لنادين عشان تغير اقولها يظبطوا
معاها المهم اسم نهى ميتلطش فى القضية عشان هتجر
وراها كتير.. أنا حابب اكون سابق بخطوة ووقع منهم
حد تانى دول وباء وملى البيوت واحنا اللى لازم نقف
ليهم فهمت
هز رأسه فى صمت فى هذه اللحظات مرت امرأه فى
أوائل الثلاثينات ترتدى عباءة سوداء تتجسد على جسدها
وحذاء ذو كعب عالى.. وضع هارون يده على قلبه هاتفًا:
-نقطة ضعفى فى الحياة العباية السودا.. قصدها تضيع
الهيبة
رمقه صاحبه بإمتعاض هاتفًا:
-هارون انت بلدى اوى عباية ايه ياابن الحسب والنسب
والاخلاقيات اللى بتكلم عنها وبتصدعنا بيها
-هشش أيش عرفك انتِ دا أساس الاخلاقيات والحلويات العباية السودا.. دا قلبى بس يشوف العباية
والجمل اللى لبسها بيدق تلات دقات
رمقه صديقه بصدمة حك هارون خصلات شعره هاتفًا
بصدق:
-تلات دقات ايه واللى خلق قلبى بيقلب عداد
-طب ما انت حلو اهو اومال مالك خنقها عليا ليه
ما تسبنى أنا كمان دا أنا لسه عريس
رمقه هارون بحدة هاتفًا:
-اثبت كدا مالك يلا بينا نشرب شاى عند مدين
بعد مرور شهر
أشاح بصره بعيدًا عنها محاولًا التركيز على محاضرته
لكن القلب عانده وعيناه قبلا ليسرق نظره إليها.. فرفرف
قلبها بين ضلوعها كطير حر طليق.. سرقت قلبه ولبه
منذ أول مره.. لما تنفذ أمراه قبلها إلى قلبه.. عاد يكمل
محاضرته وهو يسترق النظر إليها.. كانت الأيام تمر
تباعًا دون أن يستطيع السيطرة على تصرفاته كمراهق
بعد المحاضرة
ظل يتلفت حوله عدة مرات هزت رأسها بضجر هاتفة:
-ياسين بقى خيلتنى.. ما تهدي بقى مش عاجبك بلاها
تحمحم ياسين بإحراج هاتفًا:
-مش فكرة مش عجبانى بس المعيد وبيأكل من عربية
الفول من قدام الجامعة.. سنا دي أول مرة اخرج معاكِ بره
الجامعة حابب أتكلم معاكِ فى موضوع مهم معقولة
نقعد هنا
ناولته قرن فلفل حامى هاتفة:
-أيه دا مالك ماله هنا؟! دا فول عم انور فخر للجامعة كلها خد قرن الفلفل دا وروق كدا واتكلم
حك مؤخرة رأسه وهو يهمس:
-عايز اقولك إنى عمرى ما كلت فول من على العربية
-واهو دخلت التاريخ من أوسع أبوابه فول عم انور
جاء طفل صغير يجلس على الطاولة التى امامها بتعب
وهو يحمل عبوة محرم ورقية كى يبيعها
نظر لها بإستيحاء فنهضت مسرعة تقبله وهى تقول:
-عامل أيه فينك أنا كنت بستناك
-أمى كانت تعبانة
ربتت على رأسه ثم همست:
-سلامتها هى دلوقتى أحسن
هز رأسه فنهضت هى تقول للبائع على العربة:
-نزله الطلب بتاعه.. وزود فى الطلبات اللى هيأخدها معاه
كان ياسين يتابعها بتأثر وتأكد من مدى صحة إختياره
بها أهم شىء غريزة الأمومة.. ما أن جلست أمامه همس
لها دون وعى:
-تتجوزينى يا سنا
وقعت منها اللقمة بهدلت ثيابها ثم نظرت له تسأله ببلاهة:
-بتقول أيه؟!
-بقول بحبك يا سنا من أول يوم شغلتى تفكيرى
شخصيتك عكس شخصيتي مكس غريب بيشدنى
-أنا المفروض أقول أيه دلوقتى؟!
تنهد بثقل وتبدلت ملامحه هاتفًا:
-حابب أعرفك حاجة عنى لازم تعرفيها ضرورى أنا
عندى اخت من ذوى الإحتياجات الخاصة وإستحالة
أسيبها أو حتى أوافق إن ممكن تروح دار رعاية هى
متعلقة بيا وأنا روحى فيها
سينفجر قلبها من شدة السعادة.. فقدت قدرتها على النطق
حاولت أن تجيبه ولكن الحروف لم تسعفها فهمس هو
-سنا خدى وقتك أنا مش هضغط عليك.. المحاضرة الجاية
آخر الأسبوع هاستنى ردك بعد المحاضرة ولو مفيش رد
بعد المحاضرة هعتبر دا رد بعدم الموافقة وصدقينى عمرى
ما هضغط عليكِ أنا دلوقتى هاقوم وهاسيبك تفكرى
-مرات عمى فين مدين بسرعة
قالت جملتها بسعادة عارمة بينما أردفت زوجة عمها بنبرة
خوف عليها أن تكون علمت بتعب والدها:
-جوا فى المكتب.. هو فيه حاجة؟!
أقتربت تقبلها بسعادة هاتفة:
-حاجات حلوة كتير كمان بس هو فين؟!
قبل أن تكمل جملتها كان مدين يخرج وملامح وجهه لا
تفسر فسألته بريبة:
-فى أيه يا مدين مالك؟!
-بصى يا سنا هو خير بس إحنا هنسافر عشان عمى تعبان
شوية ولازم نكون معاهم هناك تمام
جف حلقها وهى تسأله بخوف:
-بابا ماله؟! ماله يامدين؟!
-والله بخير بس تعب شوية وهيتحسن بس لازم نكون هناك هنحجز ونسافر ونطمن عليه
فى اليوم التالى
-خليك أنت يا مدين أنا حجزت خلاص
قالت هذه الجملة سنا وهى تحمل حقيبتها فأردف مدين
بعصبية وهو يصرخ:
-يعنى أيه؟! يعنى أيه مش لاقى الباسبور بتاعى يعنى أيه
وإزاى هاسيبك تسافرى لوحدك إستحالة
أنهمرت دموعها هاتفة:
-أسفة يا مدين بس أنا لازم أمشى دلوقتى وأطمن
على بابا لو لقيت الباسبور حصلنى.. مش معقول هيبقوا
ماما وبابا لوحدهم هناك
أنهت كلامها وجرت الحقيبة وعقله كاد يجن من كثرة
التفكير
بعد مرور عدة
يبحث عنها فى كل مكان منذ أن طلبها للزواج ولم يرها
حتى اليوم كان ينتظر ردها.. هاتفها مغلق.. قبضة من نار
تقبض على قلبه.. كان بإمكانها أن تخبره برفضها
اهون عليه من هروبها منه بعد أن صرح بظروف
اخته.. ولج إلى مكتبه يغلق الباب خلفه بعنف ثم
تناول كوبه المفضل يخبطه فى الحائط ليتنثر لشظايا
ثم هتف بحرقة:
-لو اخر واحدة فى الكون أنا مش عايزك ياسنا
خسارة أنى ضيعت وقتى مع واحدة زيك
نهض من مكانه بتثاقل الحزن يخيم على قلبه وعلى ملامحه.. والده الروحى فى الغربة وحيد قلبه يتمزق
من علمه كل شئ.. اغمض عيناه يتناول احد المسكنات
رأسه ستنفجر.. ثم توجه للمطبخ لصنع كوب من القهوة
وقف أمام الموقد باكتاف متهدلة نظر بطرف عيناه
جانب الموقد.. فتوسعت عينه بصدمة انحنى سريعًا
ليتحقق من الذى يراه.. جواز سفره محروق بنار
تعالت انفاسه وتوحشت عيناه وتوجه مسرعًا نحو
غرفتها وجدها نائمة فسحبها من يده ليقعها أرضًا
صارخًا بها
-انتِ شيطانة
يتبع
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية أرشد فؤادي)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)