روايات

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم شاهيناز محمد

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم شاهيناز محمد

 

البارت الثامن والعشرون

 

تُرى ما الذي كان سبب نهايتنا!،
لم تَكُن أنت، ولم أكُن أنا،
هل كان القدر إذاً ؟، أم إننا لم نُحاول كفاية!،
أكان حديثك عن كيف أنني لم أتحمّلك بـ لياليك الصعبة،
أم كان حديثي عندما أخبرتُك إنك لا تهتم بي،
وأنني كُنت دائماً بالمرتبة الأخيرة بالنسبةِ لك،

أعتقد أن السبب كان حديثك مع تلك الفتاة التي تزعمُ إنها مُجرد صديقة،

لكن بالتأكيد أن السبب لم يَكُن أنت،
ولم أكُن أنا

_ من يارا إلى عاصم.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

تلاقينا على أطراف الطريقٍ دون أي ترتيب، لقد وضعنا القدر أمام بعضنا البعض بعدما ظننا أنها النهاية
كيف تكون نهايتنا ونحن لم نحظى ببداية بعد، فـ لازال طريقنا أمامنا، لازلنا سنحظى بالكثير سوياً، لم ولن ننتهى أبدا.

كان ” زيدان ” واقفاً يراقبها بهدوء، لم ترمش عيناه وهو يُطالعها بتمعن، كيف وضعها القدر أمامه ليحبها بهذه الطريقة ؟، وكيف فعل هذا وهو حتى لم يراها، لازال يتذكر كل شئ بينهم، وكانت أيامه التي عرفها بها الأفضل دائماً بالنسبة له، رأها تذهب للخارج فلم يستطع منع نفسه من السير وهو يذهب خلفها، وجدها جالسة على مقعد بالخارج وهي تنظر لأعلى بينما تغمض عيناها، وقف خلفها واحنى رأسه وهو يهمس بأذنها بهدوء حرصاً ألا يلمسها :

_ أرى عيون الحُبِ مُغلقةٍ، فـ كيف تجرؤين على تخبئة دُنياي عني ؟
1

خشى أن يفزعها ولكنها ابتسمت وهي تفتح عيناها وتنظر له، كان وجهيهم قريبين فأبتعد بهدوء وهو ينتقل للجلوس بجانبها، تاركاً مسافة محترمة وتحدثت هي وهي تنظر أمامها :
1

_ شاعر مين اللى قال كدة ؟

نفخ صدره بمزاحٍ فخور وهو يجيبها :

_ ” زيدان ال ورداني “.

عندما ارتفعت ضحكتها كان ينظر لها بأعينٍ تشع، وكأنهم وحدهم الجالسون هنا، اختفى العالم حوله ولم يبقى سواها، فهمس وهو يُطالعها بعشق جارف :

_ يا حظي الحلو، يا ” جنة ” ربنا ليا على الأرض.

خجلت ونظرت بجانبها وهي تنهره قائلة :

_ بس بقا يا ” زيدان “، بطل تبصلي كدة.

_ كدة ازاي ؟

نظرت له وهي تتشرب ملامحه، ربما لأول مره تفعل ذلك بهذا القرب فلاحظت سمار بشرته وحدة ملامحه، ولكن تم نفي قساوة ملامحه بعيناه الرمادية اللامعة ولم تستطع منع نفسها من الهمس بضحكة :

قد يعجبك أيضاً
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ بقلم zahra-egy
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ
348K
17.5K
تسلّلَت أنفاسُكِ من لفائفِ الكَتْم، كعطرٍ مسمومٍ من معبدٍ منسي، يا من نُقشَ اسمُكِ على تابوتِ الغواية، أنتِ قبلةُ رع، لكنّ خلفَ عينيكِ تَكمُنُ أنيابُ أنوبيس. أراكِ… لا…
أليف الروح بقلم MariamMahmoud457
أليف الروح
603K
34.5K
شعور أحمد خالد توفيق عندما قال &quot;معني الصداقه الحقيقية أن أراك جديراً بأن أئتمنك على جزء من كرامتي&quot;. يقولون تألف الروح بمن تُحب، من الممكن أن يكون المُحب صديقاً…
الموروث نصل حاد بقلم Asawr_Hussein22
الموروث نصل حاد
17.3M
1M
إرثٌ عظيم .. مُلكٌ أتى من غَير تَرميـم طريقٌ مظلم ومُعتم نهايتهُ غَـريم قَـرار مُدمر ، تصرفاتٌ غير مدروسة بتنظيـم نَظراتٌ حاسِدة ، أيادي مُتشابكة و باردة أسرار مكنونة…
عنقود محرم بقلم yakot1
عنقود محرم
585K
27.7K
حين تنضج المشاعر في غير موسمها و يُصبح الأقرب هو الأكثر بُعدًا، ينشأ حبٌّ لا يَغفره المنطق، ولا يَسمح به القدر . بين روابط العائلة وأسوار المحرمات، بين شاب أحبّها عُمرًا…
لحن الفجر بقلم Salmaa_Ebrahim
لحن الفجر
2.8K
110
ماذا لو كانت حياتك كلها مبنية على كذبة؟ رجل ظننته الأب الحامي، لم يكن سوى خاطف سرقك من عالم لم تعرف بوجوده. بين ألم الخيانة ورحلة البحث عن الحقيقة، تنسج الأحداث خيوط الغ…
هُويَّة منسيَّة. بقلم BasmaLa_Mohammad
هُويَّة منسيَّة.
359K
16.8K
هل يُمكن أن تُنسى هَويَّتك؟؟ هل يمكن أن تفقد جزء أنت منهُ وهو منكَ!؟؟ عندما تُكرِه كونَك أنت فـتُفقد هَويَّتك عن قصد، وتعيش قصة وحياة ليست بقصتك وليست بحياتك! وتُرغم أن…
ديجور الهوى/ كاملة بقلم FatmaSultan947
ديجور الهوى/ كاملة
1.2M
97.2K
لو كنت جلادًا على قلوب البشر وأفعالهم تأكد أن الأمر لن يُحتمل ولو كنت قديسًا بلا أخطاء تأكد أن المكان لن يُناسبك.. هنا نحتاج شخص قلبه لين حتى يغفر وكبير جدًا حتى يتحمل ه…
_ فلاح عينه رمادي.

راقبته وهو يرفع رأسه بينما يضحك بصوت مرتفع، فأهتز حلقه أثر فعلته، نظرت بعيداً عندما شعرت أن كل ذلك كان كثيرا عليها، كانت لأول مرة واقعة بالحب، وشعرت وكأن ذلك يجعلها تطفو، يجعلها تريد أن تقضي جميع وقتها معه، عندما توقفت ضحكته تمتم و استطاعت سماع الابتسامه بصوته :

_ متشكر ياستي، قوليلي بقا متابعه مسلسل إيه دلوقتي ؟

رأى كيف اشتعلت حماستها وهي تعتدل بجلستها وتنظر له قائلة :

_ بقرأ روايات العصر الفيكتوري، تحفة يا ” زيدان ” تحفه، كان نفسي اعيش معاهم البس كدة الفستان ابو ديل، وابقى كل اللى بعمله اتعلم البيانو والتطريز واستنى اتجوز وخلاص.

كان ينظر لها متعجباً كيف تتحدث بكل هذا الشغف، وتمنى لو كان هو محل تلك الروايات، كان يتمنى أن تتحدث عنه بنفس النبرة، علم أنه اطال نظراته عندما نظرت بعيداً بخجل، فتنحنح وهو ينهض قائلاً :

_ وكنتي تحرمينا من الرسم التحفة دة ؟، قومي ندخل احسن ” علي ” لو خرج لقانا قاعدين كدة هيقيم عليا الحد.

ابتسمت وهي تنهض وبدأوا بالسير، وبدأت حديثها قائلة :

_ حلمي أرسم على حيطه كبيره، بس طبعا مش هينفع عشان مش قانوني لو اتقفشت الله يرحمني، بس بحب رسم الجداريات عموماً، عامله حيطه في اوضتي برسم عليها وارجع ابيضها ابيض وارسم عليها تاني.

كان يعلم ذلك بالفعل، لقد كانت تُريه ذلك، أتى بباله شئ وخطط له، ولكنه سيفعله عندما يكون زوجها، فتنحنح وهو يردف :

_ الا قوليلي يا جنوشة، هنتجوز امتى ؟

دهشت من تغييره للحديث وهي تقف بطريقها، فألتفت ينظر لها عندما وجد إنه سبقها بخطواته، وانفلتت منه ضحكه وهو يعود بجانبها قائلاً :

_ اتخضيتي ليه؟، ما بعد ما نمشي من هنا هجيب عمي و هنيجي البيت نتفق على كل حاجة ونقرأ فاتحة، فأنا كنت بفكر يعني أن شهر ولا حاجة و نتجوز.

وضعت يديها بخصرها وهي تجيبه بصوت مرتفع نسبياً :

_ والله ؟، و أنا الحق اجهز نفسي ازاي بقا في شهر ؟.

_ وإنتِ تجهزي ليه ؟، أنا عاوز اتجوز بالشرع.

تحدث ببساطة وهو ينظر لها، فرفعت حاجبيها قائلة بسخط :

_ اه انت منهم بقا.

رفع حاجبيه متعجباً حدتها، ولكنه تحدث بهدوء وهو يسألها :

_ من مين ؟

_ الشباب اللى مش عاوزه تكتب قايمه، وبالنسبالهم هي طريق للسجن.

لم يستطع منع نفسه وهو يضحك بملئ فمه، فنظرت حولها لأنهم لفتوا الأنظار إليهم، وعندما استوعب هو ذلك توقف عن الضحك وهو ينظر لها، رأت عيناه الرمادية مضيئه وتحمل اثار ضحكه، فلم تستطع سوى التبسم بهدوء وهي تستمع له يجيبها قائلا :

_ و إنتِ بقا شايفة إني ممكن أصلا أطلق أو كدة ؟، انسي يا حبيبتي القايمة دي اخر حاجه في بالى لأنها ورقه بالنسبة ليا، أنا كنت بوفر عليكي.

ارتفع طرف شفتيها بسخرية وهي تسير بينما تجبره على السير بجانبها قائلة :

_ لا متشكره، ” علي ” كدة كدة سايبلى فلوس جهازي، بس أكيد مش هلحق اجيب كل حاجه في شهر، وكمان ” علي ” مش هيوافق، أقل حاجة خطوبة سنة.

_ نعم ياختي!، وانا لسه هقعد سنة عشان ابوسك ؟
6

نظرت له بعدم تصديق عندما تحدث بصوت مرتفع نسبياً، ثم تركته و وسعت خطواتها مُحدثة نفسها:

_ ولا كأنك تعرفيه.

عندما استمعت لضحكته علمت إنه استمع لها، ثم ظهر بجانبها مجدداً وهو يتحدث :

_ انا آسف، استني بس نتكلم فيها بالعقل.

_ مفيش عقل يا ” زيدان” قول ل ” علي ” لو وافق أنا موافقه.

تنهد بنفاذ صبر، كان يعلم كيف سيجعل شقيقها يوافق على ذلك، ولكنه كان يريدها هي أن تريد أيضا ما يريده، فوقف أمامها حتى جعلها توقف سيرها وتحدث وهو يطوي يديه على صدره :

_ انا مش عاوز ” علي ” هو اللى يوافق، أنا عاوزك إنتِ توافقي وبعدها هكلم ” علي “، إنتِ لسه محتاجه وقت عشان تعرفيني يعني ؟، احنا بعد بكره هيبقى بقالنا سنه أهو، محبتنيش فيها ؟

_ محبتكش!

نطقت بسخرية وهي تمر من جانبه عندما رأت ” علي ” يلوح لها، فسار بجانبها بينما أكملت حديثها:

_ ده إنت الشئ اللى عيبت عليه وربنا بلاني بيه على فكره، مكنتش متخيله اني هحب واحد سوشيال!

توقف عن سيره وهو ينظر لها وهي تسير أمامه تجاه شقيقها، وقف ” عاصم ” بجانبه، فتحدث ” زيدان ” وهو لازال يطالعها:

_ قالتلى إنت الشئ اللى ربنا بلاني بيه وحبيتك سوشيال، طب كدة افرح أنها بتحبني ولا ازعل عشان قالت عليا شئ

_ ازعل عشان قالت عليك ابتلاء

اجابه ” عاصم ” فنظر له ” زيدان ” بحنق قائلاً :

_ مش هجوزك ” يارا “.

ثم تركه وذهب بينما ركض ” عاصم ” خلفه وهو يتحدث ولكنه لم يهتم، وهو لازال متأثراً إنها اعترفت بحبها له، حتى لو كان ذلك بطريقة غير مباشرة
ولكنه كان الضوء الأخضر الذي سيستطيع التخطيط لزواجهم قريبا به.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

راقب ” علي ” ” زيدان ” وهو يذهب خلف شقيقته، و عندما كاد يتحرك أوقفته ” نور ” قائلة وهي تقف بجانبه :

_ المستشفى مليانه ناس سيبهم شويه.

ضيق عيناه ونظر لها قائلا :

_ دي مش اول مره تعمليها على فكرة.

ضحكت عندما فهمت مقصده، فكلما أوشك على منع ” زيدان ” و ” جنة ” من الحديث كانت هي تقف بطريقه، خفضت صوتها وهي تجيبه بهدوء:

_ ” زيدان ” مش هياكلها، يعني طالما حواليهم ناس.

عندما رأت الالوان تتلاشى من وجهه لم تستطع احتواء ضحكتها المرتفعة، وضعت يدها على فمها وهي تغلق عيناها، ولم تستطع رؤية كيف كان ينظر لها، فتحت عيناها وهي تحاول التوقف عن الضحك، وزحف جلدها عندما رأت نظرته، لقد كانت قد بدأت تقع بحبه ولن تنكر ذلك، ولكن إحساس القلق تجاهه لازال يداهمها من حينٍ لآخر، نظرت له بتمعن،
كانت تريد أخباره أن اللون الأسود يجعله وسيمٍ، عندما احمرت وجنتيه خجلاً اثر تفحصها ونظر بعيداً ابتسمت وهي تحد من قلقها، لن يكون رجلا مثل هذا خطيراً عليها

_ بهزر معاك، حتى لو مش معاهم ناس مش هياكلها، ابننا محترم.

تحدثت بإبتسامة فأومئ برأسه، ثم تنهد وهو ينظر لها ناوياً الكشف عن متعلقات رأسه قائلاً :

_ مش قصدي اكون خنيق، أنا واثق فيه بس مش واثق في نفسي، أنا مش عاوزها تمشي.

انخفض صوته بأخر حديثه، فـ رّقت نظراتها وهي تنظر لعيناه الفحمية عندما لمع بها الحزن، فتحدثت بهدوء :

_ مش كنت محضر نفسك أنها اكيد في يوم هتتجوز ؟.

_ لأ.

أجابها بسرعة فأنفلتت منه ضحكة على تعابير وجهها المندهشة، فرفع كتفيه وهو يوضح :

_ بكلمك بجد، أنا دايما شايف ” جنة ” لسه طفله مجاش الوقت إلى ممكن تتجوز فيه، حتى وقت حفلة تخرجها برضو قولت لسه قدامها وقت كبير اوي، من سنين كنت فاكر أن أنا وهي هنفضل دايما قاعدين مع بعض، لا أنا هتجوز ولا هي، لحد ما شوفتك

تلون وجهها بخجل وهي تنظر بعيداً عنه، فأبتسم وهو يقترب خطوه كي تستمع لهمسه:

_ من اللحظه اللى شوفتك فيها وانا عارف إنك هتبقى مراتي، إنتِ اتخلقتي عشان تكوني ليا يا ” نور “، أنا بس مش حد غيري.

كان حديثه تملكيا، و كانت هذه المره الأولى التي يخبرها بها بذلك، لقد ظنت أنه يريد فقط أن يتزوجها كي يساعدها، ولكن يبدو أنه وقع في حبها، فهمست وهي تنظر بأي مكان عداه :

_ دول هما شهرين تلاته على فكره.

ثلاثة أشهر ونصف، لقد كانت متذكرة جيداً للمره الأولى التي وقعت انظارها عليه بها منذ أن جلب طلبها للمنزل، لقد كان بالنسبة لها رجلاً بغيضٍ بذلك الوقت، ولكن الآن قد تغير كل شئ ونظرتها له تغيرت، وكانت تخشى أنها بدأت تقع بحبه ببطئ كل يوم،

_ تلت شهور برضو!، ماشي ياستي.

اخرجها من شرودها وهو يردف بعبث، لقد كان يعتقد انه حان الوقت لاعترافهم بمعرفة بعضهم البعض منذ سنوات، حتى لو كانوا لم يتحدثوا أبداً ولكنهم كانوا يتواصلون من بعيد،
رأها تعقد حاجبيها وكانت ستتحدث ولكن قدوم شقيقته و ” زيدان ” منعها، بينما هسّ هو حالما رأى ” زيدان ” :

_ انا ساكتلك بمزاجي.

اقترب ” زيدان ” منه وهو يضع يده على كتفه ساحباً إياه تجاهه بمزاح قائلاً :

_ في إيه بس يا نسيبي؟، ماهي حتة كامله أهي والمستشفى مليانه ناس.

_ لسه مبقتش نسيبك.

تمتم ” علي ” وهو يحرك نظارته، كان الوضع غير مريح بالنسبة له، لم يكن لديه اصدقاء ليمزح معهم مثل هذا المزاح، ولن ينكر أن وجودهم جميعاً حوله يوتره، لقد اعتاد على البقاء بمفرده رفقة شقيقته، و سيأخذ وقتاً كي يعتاد على وجود الجميع حوله، لن ينكر إنه بالبداية كان يتقرب منهم بسبب ” نور ” ولأنه كان يريد اكتساب نقطة لديها، ولكن الآن أصبح الوضع مختلفاً
واقلقه كيف يُحب وجودهم حوله، نظر ل ” عاصم ” الذي اقترب منهم قائلاً بمزاح :

_ ما حد يشوف ” مازن ” والمدام اتاخروا جوا ليه كدة، عاوزين نخش نتطمن عشان نروح حاسس اني هموت و استحمى.

تظاهر ” زيدان ” بشمّه، ثم جعّد أنفه وهو يردف :

_ عندك حق، ريحتك فاحت.

_ ياض يا ابن الكـ..

رفع ” علي ” حاجبه بوجهه فتراجع عن شتيمته وهو يرفع يديه بأستسلام قائلاً :

_ حاضر، فاكر والله بس بتعود لسه.

ضحك ” زيدان ” عليه، وشد قبضته على كتف ” علي ” قائلاً :

_ ليك تأثير كبير، كنت فاقد الأمل فيه إنه يتربى.

ضربه ” عاصم ” بمعدته، فتأوه بألم وهو ينحنى بينما يمسك بمعدته، فشهقت ” جنة ” وهي تقترب منه قائلة :

_ اخص عليك انت نسيت الإصابة.

طالعت ” زيدان ” بقلق ظهر بمقلتيها، فأعتدل وهو يغمز لها قائلاً :

_ متقلقيش عليا يا جنوشة، أنا زي الفل.

نظر له ” عاصم ” بسخرية ثم ذهب ليجلس جانب ” يارا “، كانت تقلقه، لقد كانت شاردة منذ أن وصلوا إلى هنا، هناك شئ ما حدث وكان متأكداً من ذلك، ولكنه لم يعلم ما هو، سألها وهو ينظر لها قائلاً :

_ مش هتقوليلي برضو فيه إيه يا ” يارا “؟

عندما نظرت له رأى الحزن الذي يعتري ملامحها، وقد ألمه ذلك، لقد كان يحبها حتى وإن كان يحاول إنكار ذلك، ولم يسعده أبدا حزنها، همست وهي لازالت تنظر له بنفس التعبير :

_ تفتكر أنا إلى عملت في نفسي كدة يا ” عاصم ” ؟

عقد حاجبيه واعتدل بجلسته، لقد اقلقته أكثر الآن، فأجابها بحذر بسؤال آخر:

_ عملتي إيه ؟

ابتسمت بحسرة وهي تريح رأسها للخلف قائلة :

_ ولا حاجة، ياريت ندخل لـ ” بلقيس ” عشان عاوزه اروح.

_ اتكلمي معايا يا ” يارا “.

تحدث برجاء، ولكنها نفت برأسها وهي تغمض عيناها قائلة :

_ مش وقته يا ” عاصم “، مش وقته.

كان سيتحدث مجدداً ولكن أنظاره وقعت على ” نور “، فرمشت بعينها بوجهه تطمئنه، فصمت وهو يجلس بجانبها بهدوء، مهما كان ما يحدث معها كانت ستخبره به، سيتريث لأجلها.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

قد يتكيف الإنسان مع كل شيء، مع الألم و الفقدان، ولكن هناك ألم يبقى دائمًا عميقاً بالروح، لا تعلم أين تذهب منه، ولا تقوى على تجاهله أو الهرب مِنه، و هذا أكثر ما يؤرق المرء، كلما ظننت أنك نجحت بالتخطى تنبُض ندوبك، فتضطر إلى التكيف مع لسعة الألم، فـ كيف ستتخلص من شئ أصبح جزءًا
منك ؟

كان ” مازن ” ينظر لها عندما ألقت جملتها، و تعجب كيف خمس أحرف قادرة على جعل قلبه ينبض بهذه الطريقه المؤلمة، أبتسم بخفوت وهو يردف :

_ بطلى هزار.

كان تبكي، وكان سيجن بسبب ذلك، يجب عليها أن تكن تمزح لأنه لن يقبل أبدا بأقل من ذلك، ولكنها نفت ظنونه وهي تردف مجدداً ولكن بثبات هذه المره :

_ مبهزرش، طلقني يا ” مازن “.

انفلتت منه ضحكة ساخره، ولازال لم يستوعب طلبها، فتحدث وهو ينظر لها :

_ يعني إيه اطلقك يا ” بلقيس ” ؟، بعد إيه ؟

تشقق الحاجز الذي وضعته على ملامح وجهها، وظهر المها وهي تهمس بينما تنظر له :

_ لسه فيه وقت، فيه وقت ترجع لحياتك اللى اتعودت عليها، من غير ما أكون موجودة وضغطاك وبحاول اغيرك واشيلك اكتر من طاقتك، انت مبقتش محتاجني.

_ مين قال ؟

سألها بهدوء فعقدت حاجبيها متعجبة سؤاله، كان ” مازن ” القديم سينهض ببرود وهو يفعل لها ما أمرت به، ولكنه تغيّر وكان يحب حياته هذه أكثر، فأكمل ورأت كيف لمعت عيناه :

_ مين قال اني مبقتش محتاجك ؟، مين قالك أصلا اني عاوز ارجع لحياتي القديمة!!

أزالت الدمعة التي سقطت منها وهي تجيبه بعناد :

_ محدش هيحب يتسحب من حياته مرة واحده كدة.

ثم نظرت لأسفل غير قادرة تحمل النظر له الآن، هناك شئ بملامح وجهه المتألمه تحسها على التراجع، ولكنها كانت عازمة على توضيح وجهة نظرها، فهمست بخفوت :

_ مش عاوزاك تكرهني وتلومني بعدين، انت اتجوزتني عشان تنقذني ودلوقتي يعتبر مهمتك خلـ..

قاطع حديثها وهو يمسك برأسها ويسحبها تجاهه، ثم ألقى قبلة على ثغرها جعلتها ترمش حينما ابتعد، لم يزيل يده التي كانت تحبس رأسها بالقرب من رأسه، ونظر داخل عيناها غير سامحًا لها بالنظر بعيداً وهو يردف :
1

_ اسمعي كويس عشان مش هقول الكلام دة تاني لو قولتي كلمة ‘ طلقني ‘ دي تاني هجنزرك في الشقه ومش هطلعك منها

توسعت عيناها من تهديده الجاد، ولكنه لم يتوقف عن الحديث وهو يكمل :

_ أنا عيشت حياتي كلها تايه، سُكري و مقرف ومش لاقي طريق ولا عارف اروح فين، كنت شايف طريق الصح بس مكنتش عاوز امشي فيه، غبي بيحارب نفسه والجانب الكويس منه، إنتِ الوحيدة اللى قدرتي تخليني اشوف نفسي شخص كويس، و عارفة دة ليه ؟

نفت برأسها وهي لازالت انظارها معلقه بأنظاره، وتراقب مندهشة كيف يتحدث بكل تلك المشاعر، اومئ عندما أجابت على سؤاله وهو يجيب نفسه :

_ عشان شوفت نفسي بعيونك، إنتِ خلتيني ابتدي احب نفسي يا ” بلقيس “، بالله عليكي متاخديش دة مني، أنا اتعودت استحقرني، و والله ما فيه اصعب من انك تكرهي نفسك، أنا مرهق، مرهق اوي ومفيش مكان هيقدر يريحني غير حضنك، متاخديش مني دة عشان خاطري.

اغرقت دموعها وجهها، ونفت برأسها وهي تجيبه :

_ مش هننفع يا ” مازن “، غصب عنك بعدين هتفكر في اللى كان متاح ليك قبلي، وقتها أنا هعمل إيه ؟، هعمل إيه لما الاقيك مرة واحده رجعت ” مازن ” القديم!، أنا دلوقتي مليش غيرك و أنا اتعودت دايمًا محسش بالأمان

ثم نظرت له وهي تُكمل :

_ انا ابتديت احس انك بيتي، ابتديت اتعود على وجودك ومن غيرك ممكن يجرالي حاجة، مش هقدر استحمل إنك تتغير تاني.

نفى برأسه واقترب منها أكثر، كان يريد إيصال صدقه لها، كان يريدها أن تعلم إنه لن يفعل ذلك ابداً بها، فتحدث بصوت خافت ومشاعره اقتربت من القضاء عليه :

_ مش هعمل كدة، مش هقدر أوعدك بس انا عارف انك مش هتسيبيني، أنا عاوز أحاول، عاوز احاول عشاني بس الأكتر من دة اني عاوز احاول عشانك، عاوز أكون شخص يستاهل تحبيه، عاوزك تحبيني يا ” بلقيس “.

ثم أراح جبهته على جبهتها، واغمضوا عيناهم و تخطى قلبها نبضه وهو يردف :

_ عاوزك تحبيني عشان أنا بحبك أوي، لو سبتيني هبقى اسوء من الأول، مش هقدر استحمل، بلاش إنتِ كمان تسيبيني.

شهقت ببكاء وهي تعانقه، وسيحسب له أنه حرص على ألا تلامس ذراعيه ظهرها، وتركها تعانقه وهي تبكي، وعندما هدأت ابتعدت عنه وهي تمسح دموعها، فحذرها قائلاً :

_ اخر مره اسمعك بتقولي الكلام دة، هنفذ تهديدي بجد إنتِ عارفاني مجنون.

ابتسمت وهي تومئ له، فقرب وجهه من وجهها قائلاً :

_ يلا هاتي بوسه بقا.

_ عيب يا ” مازن “.

همست بخجل فتجاهل اعتراضها وهو يسحبها تجاهه ويحصل على قبلة أخرى، وبعد دقيقة ابتعد وهو يردف :

_ قال عيب قال، إنتِ عبيطة ولا إيه

عندما كادت تجيبه سمعوا طرق على باب الغرفة، بينما تحدث رجل بصوت مرتفع:

_ ايه يا عم ” مازن “، احنا في مستشفى لو نسيت افكرك.

رأت ” بلقيس ” كيف ابتسم وهو يردف بينما ينهض :

_ دة ” عاصم “، حطي الطرحه عشان افتحلهم.

وضعت حجابها بينما فتح لهم الباب، و رأته ينتظر حتى مر ” عاصم ” من أمامه وضربه على مؤخرة رأسه بمزاح، فضحكوا الرجال عليهم، بينما ركضوا الفتيات وهم يجلسون حولها، وكانت ” نور ” اول من تحدثت قائلة وهي تمسك بيديها :

_ عاملة إيه دلوقتي؟.

ابتسمت على قلقهم الظاهر على وجههم، فتحدثت بمزاح كي تزيل توترهم قائلة :

_ مضطرين يبذلوا مجهود أكبر من دة عشان يكسروني.

ابتسموا جميعاً عدا ” نور ” التي كانت تنظر له و كأنها تحاول قراءتها، فنفت برأسها خفية كي لا يروها، اومئت ” نور ” وهي ترفع يديها بينما تُقبل الضمادة الموضوعه حول معصميها، وشعرت ” بلقيس ” بدمعه تسقط على يدها، كانت صديقتها تشعر بها، كانت تشعر أن ما حدث بالتأكيد كسر بداخلها شئ ما، سيحين حديثهم ولكن ليس الان، لذا نظرت ل ” دياب ” حينما تحدث :

_ حمدالله على السلامه يا مدام.

_ الله يسلمك يا ” دياب “، بس إيه مدام دي اسمي ” بلقيس ” على فكره عادي
1

اجابته بمزاح، ولكن ملامحهم لم تتغير وهم يرددون جميعهم نفس الشئ، فعقدت حاجبيها وهي تنظر ل ” يارا ” وهي تسألها :

_ هي اي مدام دي بقا، عندكوا في الصعيد مش بيقولوا الست بأسمها ؟.

رفعت ” يارا ” كتفيها وهي تردف :

_ هو عادي يعني مش عارفه.

_ اومال لو سمعتيهم وهما بيقولوا مدام ” مازن ” بقا.

تحدثت ” مهرة ” مما جعلهم يضحكون عندما تغيرت ملامح وجه ” بلقيس “، تنحنح ” زيدان ” قائلاً وهو ينظر ل ” مازن ” :

_ طيب يا ابو عمو احنا هنروح عاوز حاجه ؟

نظر ” مازن ” لهم، وعندما كاد يتحدث تأوه ” عاصم ” وهو يردف :

_ الله يخليك مش هستحمل كلمة شكراً أو كلام شاعري تاني

لم يستطع ” مازن ” سوى الضحك وهو يردف :

_ مكنتش هقول كلام شاعري تاني على فكرة.

_ هنجيلك بكرة تاني إن شاءالله.

تحدث ” دياب ” فنفى ” مازن ” برأسه وهو يقول بأمتنان :

_ لا كتر خيركوا، الدكتور قالي اننا هنخرج الصبح عادي، لو احتاجت حاجة وعد هتصل بيكوا.

اومئوا واقتربوا منه وهم يودعوه، شعر بيد ” زيدان ” داخل جيب بنطاله، وعندما حاول الإبتعاد أمسك به بعناقه وهو يردف داخل أذنه :

_ حاجه بسيطه وبتاع مني أنا والشباب، متكبرش الموضوع بقا.
3

كان يضع أموال بجيبه، فلم يسع ” مازن ” سوى الابتسام وهو يشدد على عناقه، كانوا جميعاً بالطبع يعلمون أنه اخر شخص يحتاج إلى أموال، ولكنه لم يستطع سوى الإمتنان لهم وهم يملؤون حياته بتلك الطريقة، اقترب ” علي ” منه عندما ابتعد ” زيدان ” وهو يردف :

_ انا جنبك كدة كدة ها، ملناش غير بعض هنا خلي بالك، هستناك تيجي تقعد معايا في المطعم.

_ عيني.

اجابه ” مازن “، كان ” علي ” متردداً فشعر ” مازن ” به لذا اقترب وهو يعانقه بهدوء، تردد ” علي ” ولكنه بعد ذلك رفع ذراعيه وهو يقبل العناق، وعندما ابتعد رفع يده وهو يعدل نظارته فلم تستطع ” نور ” التي كانت تراقب المشهد سوى أن تبتسم، اقترب ” دياب ” منها وهو يسألها :
1

_ هتروحي على شقتك ؟

اومئت برأسها وعندما كادت تتحدث مجدداً سبقها ” علي ” وهو يردف :

_ هروحها معايا أنا و ” جنة “.

ابتسمت له واومئ ” دياب “، ثم خرج الرجال وهم ينتظرون من النساء توديعهم، ولم تستطع ” بلقيس ” سوى من التحدث بأمتنان ناظرة لهم :

_ مش عارفه اشكركوا إزاي.

_ خليكي كويسه، دة الشكر الوحيد اللى هنقبل بيه.

تحدثت ” يارا ” واومئوا مؤيدين حديثها، فأبتسمت وهي تقبل عناقهم جميعاً قبل أن يرحلوا، بقيت هي و ” نور ” فقط بينما تحججت ” جنة ” بشئ ما وخرجت مع الفتيات، وكان من الواضح أنها تقصد تركهم بمفردهم، فُتح الباب ودلف ” مازن ” وهو يقترب منها قائلاً :

_ هروح القسم لـ ” عصام ” وهاجي، ” نور ” هتفضل معاكي لحد ما اجي ماشي ؟.

اومئت له فأنحنى وهو يقبلها من رأسها، كانت تبتسم وعندما خرج واغلق الباب خلفه لم تستطع التمسك اكثر من ذلك و أغرقت دموعها وجهها، تركتها ” نور ” تبكي وجلست بهدوء حزين وهي تنتظر منها التحدث معها، وقد فعلت ذلك من بين شهقاتها قائلة :

_ بابا السبب يا ” نور “، أبويا هو اللى عمل فيا كدة، متخيله أن الراجل قال لرجالته كل واحد بالدور ؟، كان ممكن يعملوا فيا إيه لو كان ” مازن ” أتأخر ؟، طيب هتقبل إزاي أن الراجل اللى خلفني هو السبب في ده ؟.

استنشقت وهي تكمل بينما تنظر لها :

_ من يوم ما ماما ماتت وأنا عايشه حياتي ليه، كان بياخد فلوسي و دايما محسسني بعدم الأمان و رغم ده مكرهتوش، إنتِ عارفه اني عمري ما قعدت بلبس بيتي قدامه؟، كنت دايما قاعده بعباية وطرحه عشان خايفه يكون سكران ويعمل حاجة فيا ؟، طب ليه معرفتش اكرهه أبدا ؟، أنا حتى عمري ما طلبت من ربنا إنه ياخده، كان دايما عندي امل أنه يتغير ويعرف إني مليش غيره، بس كل دة محصلش، لحد دلوقتي مش عارفه اتمناله الموت على اللى عمله فيا، هو أنا كدة مش طبيعيه ؟

ضغطت ” نور ” على يديها وهي تحاول مواستها قائلة :

_ دايمًا بيبقى صعب على الأبناء يكرهوا اهلهم رغم الأذى النفسي اللى بيسببوه ليهم، بس مع الوقت قلبك هيقلب حجر من ناحيتهم، لو قالوا أه مش هتتألمي، كل دة هيعدي يا ” بلقيس ” إنتِ قوية.

_ بس انا مبقتش عاوزه ابقى قوية، أنا تعبت من إني قوية يا ” نور “، لحد امتى هتفضل كدة ؟، لحد امتى الدنيا هتفضل تعمل معايا كدة بحجة إني قوية و بستحمل، نفسي أرتاح بقا، نفسي اخلص من الهم اللى أنا شيلاه دة، هو كتير عليا؟، كتير عليا ارتاح

لم تعلم ” نور ” بما تجيبها، فعانقتها وهي تتركها تبكي على كتفها، فأن لم تستطع مساندتها بالكلمات كانت ستقدم عناقها ليريحها، لا تعلم كم من الوقت ظلت هكذا حتى شعرت بأنتظام أنفاسها، فحركتها بهدوء وهي تردف بهدوء :

_ نامي على بطنك يا حبيبتي.

تمتمت بنومها ولكنها فعلت كما أخبرتها، وجلست ” نور ” لدقيقتين تنظر لها ولم تستطع الآن منع دموعها من التساقط وهي تهمس بخفوت :

_ حقك عليا أنا، هتفضلى أقوى بنت عرفتها في حياتي، أنا فخوره انك صحبتي.

تنهدت وهي تخرج كي ترى ” علي ” وكانت تعلم يقيناً إنه لازال ينتظرها بالخارج، وبالفعل عندما خرجت كان واقفاً بينما ” جنة ” كانت جالسة على مقعد وهي تغمض عيناها، فتحدثت ” نور ” وهي تنظر له :

_ حرام زمانها تعبانه، روحوا وانا هاخد اوبر.

_ لا طبعاً مش امان دلوقتي، إنتِ كنتي معيطه ليه ؟.

سألها وهو ينظر لها بتمعن، كذبت وهي تنظر بعيداً عنه قائلة :

_ مش بعيط.

رفع حاجب بوجهها و هو يقترب منها خطوة قائلاً :

_ اضحكي على حد غيري، مناخيرك وعينك حمرا زي ما بيحصل كل مره بتعيطي فيها.

بادلته نظرته وهي تردف بعبث :

_ دة انت حافظني بقا.

رفع كتفيه وهو يتمتم بهدوء :

_ اكتر من نفسك.

وقد كان صادقاً، فمراقبتها عن كثب كل هذه السنوات كانت تجعله يحفظ كل شئ عنها، كل حركة وايماءة، كل نظرة وحديث،
تجاهلت جملته واعتذرت وهي تعود للداخل مجدداً بأنتظار قدوم ” مازن ” كي يستطيعوا الذهاب هم أيضاً، كان اليوم طويلاً على الجميع ولم تستطع الإنتظار لينتهي

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

يشعر المرَء أحيانًا بأنه من شدّة الحُزن لم يَعد قادرا على الوُقوف، أقَدامه تُصبح ضعيفة و مُرجفة و ثَقيلة،
إستسلام لا إرادِي يُسيطر عليه يُفتت روحه، وكل الألم يكون بسبب انك وثقت زيادة، لقد تجاهلتَ الصوت الذي كان يُحذرك بداخل رأسك، سِرتُ خلف قلبك دون إهتمام بالعواقب، ولكن ها أنت ذا، تحتسي كؤوس الندم، لأن إحساس قلبك قد خانك.

عندما وصلوا للمنزل أخيرا ركضت ” يارا ” لغرفتها قائلة :

_ أنا هنام بقا عشان مش قادرة.

كان الوقت متأخراً، لقد استغرق الطريق منهم خمس ساعات ولم تتحدث هي بأي حرف، كانت تتظاهر بالنوم ولكن ” عاصم ” كان يعلم أنها لم تكن كذلك، اقترب منه ” زيدان ” وهو يضيق عينيه عليه قائلاً :

_ عملتلها إيه ؟.

_ معملتش حاجه والله معرفش مالها.

اجابه بثبات لأنه بالفعل كان صادقاً، ظل ” زيدان ” ينظر له قليلاً ثم يبدو وأنه استشعر صدقه ابتعد عنه وهو يردف :

_ طيب انا هنام أنا كمان، تصبحوا على خير.

اجابوه وانسحب الجميع لغرفته، عندما أغلق ” عاصم ” باب غرفته خلفه استحم و بدل ملابسه ولكنه لم يستطع النوم أبدا، انتظر لساعتين ثم خرج من غرفته وهو يسير على أطراف أصابعه، كان يجب عليه التحدث معها الآن لأنه لن يستطيع البقاء أكثر من ذلك دون أن يعلم ما الذي يحزنها، طرق باب غرفتها بهدوء وانتظر دقيقة قبل أن يطرق مجدداً وهو يهمس :

_ افتحي يا ” يارا ” عشان خاطري.

انتظر دقيقة أخرى قبل أن يسمع صوت فتح القفل، ففتح باب الغرفه ودلف بهدوء وهو يغلقه خلفه، توقف بمكانه ولم يتحرك لداخل الغرفه وهو يراقبها تقف أمامه بينما تعقد يديها قائلة ببرود :

_ نعم ؟

_ في إيه ؟، ممكن تقوليلي إيه مغيرك كدة!، و متقوليش مفيش حاجه يا ” يارا ” كله شايف أن فيه حاجه.

تحدث بثبات وهو ينظر لها، لم يكن سيخرج من هنا إلا سوى عندما يعلم بالذي حدث، رأها تقترب منه حتى وقفت أمامه، ثم فتحت هاتفها ومدته له، امسكه بيده وهو ينظر به ثم شعر وكأن هناك دلو ماء القي عليه وهو يرى صوره مع فتاة، كانت الصور حقيقه لذا لم يكن هناك مجالاً للكذب، عندما رفع رأسه من الهاتف ونظر لها،

التف وجهه للجهة الأخرى اثر صفعتها العنيفة لدرجة أن الهاتف تطاير من يده، ابتعدت عنه ورفع رأسه ينظر لها بدهشة، حتى بأحلامه لم يظن أبدا إنها ستفعل شئ كهذا، كان سيصرخ بها ولكن نظرة الخيانة التى على وجهها جعلته يتراجع، بينما همست وهي لازالت تطالعه :

_ ليه ؟

_ ” يارا “.

همس وهو يقترب منها ولكنها ابتعدت بسرعة قائلة بهستيرية :

_ لا لا متقربليش، أنا بس عاوزه اعرف ليه يا ” عاصم “، ليه عملت فيا كدة ؟، ازاي قدرت تبص في عيني وانت بتخوني، ازاي قدرت تقعد معايا كل يوم لوش الصبح وانت من ورا ضهري بتعمل كدة ؟

ثم خفت صوتها وهي تنظر أرضاً:

_ ازاي هونت عليك؟.

كان ينظر لها و رأت كيف امتلئت عيناه بالدموع التي لم تذرف، وتحدث وهو لا يستطيع حتى الاقتراب منها كي لا تبتعد قائلاً :

_ مهونتيش والله العظيم، اسمعيني بس.

_ إنتِ مجرد واحده شايف أنها مناسبة تكون أم لعياله، عمره ما هيشوفك حبيبته أو اختيار قلبه أبدا

قاطعته وهي تتحدث بآلية بكلمات حفظتها عن ظهر قلب، كلمات كانت تعلم إنها لن تتركها تغفوا بسلامٍ، عندما عقد حاجبيه علمت إنه رأى الصور فقط ولم يقرأ الكلمات، فشرحت وهي تنظر له غير أبها بمنع دموعها من السقوط :

_ قالتلى كدة مع الصور، وعارف رغم اني كنت عارفه كلامها ده وجعني اوي يا ” عاصم “، عشان كنت واحده غبية مش شايفه قدامها، كان عندي أمل تحبني زي ما فضلت حياتي كلها أحبك.

رأت كيف تراجع خطوة عند اخر حديثها، كانت تعلم إنها تحدثت بالكثير ولكنها لم تستطع منع نفسها من الاستمرار بينما تبتسم بسخرية :

_ دليل تاني على انك عمرك ما شوفتني، عارف أن كل البيت كان عارف اني بحبك من وانا طفلة!، كنت دايما مستغربة إزاي كلهم شايفين دة وأنت لا!، إنت كنت حلمي الطفولي و حلم مراهقتي، كنت الماضي والحاضر وكان نفسي تكون المستقبل، لما إنت مش هتعرف تحبني ادتني الأمل ليه ؟

يبدو أنه أخيراً تعافى من صدمته بحديثها، اقترب خطوة ولكن نظرتها التحذيرية جعلته يتوقف، وتحدث وهو يرفع يديه بدفاع أمامها :

_ انا مكنتش شايف دة عشان كنت بمنع نفسي ابصلك، أنا كنت حاسس تجاهك بشئ ومكنتش هقدر اخون أمانة البيت و أحبك في السر، ” يارا ” والله العظيم الصور دي قديمه.

انفلتت منها ضحكة ساخرة وهي تجيبه :

_ قديمه اه، ناوي تضحك عليا لحد امتى ؟، دة التيشيرت اللى أنا جيباهولك في عيد ميلادك، أه لو تعرف أنا ازاي نقيته بكل حب وانا بتخيل شكلك هيبقى حلو إزاي فيه، غبية مش كده ؟، طفلة بقا شايفه الدنيا وردي وصدقت حاجة مستحيله

استنشقت ورفعت يدها وهي تزيل دموعها قائلة وهي تنظر له بثبات :

_ بس عارف إنت مش غلطان، أنا اللى غلطانه، عارف غلطانه ليه ؟.

لم يجيبها، وكان ذلك يؤلمها اكثر، لم يكن لديه شئ ليقوله، كان يبدو وكأنه تقبل خسارتها وينتظرها فقط لتنتهي من الحديث كي يذهب، اقتربت منه وهي ترفع سبابتها بينما توخز صدره وهي تتحدث :

_ عشان اتحديت الكل عشانك، عشان وقفت في وشهم لما قالولى بلاش ” عاصم” وانا قولت لأ مش عاوزه غيره، بس عارف رغم كل دة أنا كنت حطاك في خانة خساراتي يا ” عاصم “، كنت عارفة إنك بطريقة أو تانيه هتخذلني، بس بصراحة عمري ما تخيلت أن الخذلان دة يكون عن طريق الخيانه.

كانت تؤلمه، ود لو يخبرها بالكثير ولكن ألمه اوقفه، كان يريد تركها تنتهي من حديثها، كان يريد جعلها تصمت عن ايلامه، ولكنها لم تتوانى وهي تبتعد بينما تضع يدها على رأسها قائلة :

_ ليه!، ليه عملت إيه معاك عشان دي تبقى النتيجة، في إيه معملتوش عشان تحبني يا ” عاصم “، في إيه معملتوش عشان تشوفني، حرام عليك دة أنا ” يارا ” يا ” عاصم “، حرام عليك ازاي هونت عليك بالشكل دة إزاي!

سقطت على ركبتيها أرضا وهي تبكي بصوت مرتفع بينما تمتم بحديث غير مفهوم، كان من الممكن أن يستمع لها أحد ولكن لم يهمه أي شئ سواها، قرفص أمامها ولكن بعيداً عنها نسبياً قائلاً :

_ مهونتيش، عشان انتِ ” يارا ” مستحيل تهوني عليا، والله صور قديمه، والله من قبل ما اتقدملك وأنا مخرج اي واحده من حياتي، والله ما كنت شايف غيرك.

كانت تنفي برأسها اثناء بكائها، لم ترفع رأسها وتنظر له، علامة على أنها لا تصدقه، ولكنه لم يهتم، لقد تركها تتحدث وقد كان دوره الان، فأكمل حديثه :

_ انا آسف إني حطيتك في موقف زي ده، بس الكلام دة مش صح، مش هقول اني مكنتش شايفك ام لعيالي، يمكن الأول دة اللى كان في بالي بس بعدين عرفت قد إيه أنا مش عاوز غيرك، و حسيت اني ضيعت حياتي في الأرض بعيد عنك، كنت دايما بغير عليكي من ” دياب ” ومن أي حد بس كنت بكدب في نفسي واقول عشان بنت عمي، أنا مكنتش واخد بالى حتى أني بحبك.

توقف نشيجها عند هذه الكلمه، فأخذ ذلك كعلامه إيجابيه وأكمل بأمل :

_ والله العظيم يا ” يارا ” مبحبش غيرك، مفيش واحده خلتني أحس باللى إنتِ بتحسسيني بيه، ولا واحده خلتني عاوز ابني بيت و عيلة غيرك.

_ اسكت يا ” عاصم”.

همست وتوقف عن الحديث، رفعت رأسها تنظر له وكانت عيناها حمراء منتفخة، بينما تحدثت مجدداً :

_ أخرج برا.

_ ” يارا “!

_ برا.

توقف لدقيقة ينظر لها و واجهت نظراته بقوة، فأومئ برأسه وهو ينهض، التفت كي يذهب وعندما وضع يده على مقبض الباب همس دون أن يلتفت :

_ هعيش حياتي ندمان على طيشي في الماضي،
بس متخليش الماضي ياخدك مني، متقتلنيش بالطريقة دي.

لم ترى الدمعة التي تساقطت على وجنته وهو يغلق الباب خلفه،
و نهضت وهي تتسطح على سريرها بينما تبكي بنشيجٍ مرتفع، كانت أفكارها ضبابية ولم تستطع التوقف عن البكاء، كانت تتمنى ان يكون ذلك كابوساً تستيقظ منه، ولكن يبدو أن كل الامنا تشبه الكوابيس، الفرق أننا لا تستيقظ منها أبدا.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

باليوم التالي كانت ” مهرة ” بطريقها إلى الحمام، فقابلت ” دياب ” أمامها ابتسمت له ولكنه لم يبادلها فعبست وهي تقف أمامه قائلة :

_ يعني ايه دة بقا ؟.

_ بتعملي عبيطة ؟

اجابها بسؤال اخر، فعضت على شفتيها وهي تعلم مقصده، فأكمل هو وهو يطوي ساعديه على صدره قائلاً :

_ يعني إيه تنامي في اوضتك امبارح ؟، لا وكمان خبطت عليكي ومفتحتيش.

_ نمت زي الشوال مكنتش دريانه.

أجابته بنبرة مازحة كي يمر الأمر، ولكن ملامحه لم تتغير وهو يتمتم :

_ من النهاردة اوضتك هي اوضتي يا ” مهرة “.

_ حاضر

أجابته بخنوعٍ فأبتسم وهو يقترب منها مقبلاً رأسها قائلاً بحنان :

_ صباح الحب يا حبيبي.

_ انت عندك انفصام ؟.

سألته فضحك وهو يمر بجانبها قائلاً :

_ هنشوف الموضوع دة بعدين، خلصي وصحي ” يارا ” عشان نفطر وانا هصحى ” زيدان ” و ” عاصم “.

_ والله ولسه بدري يولاد ال ورداني.

تحدثت ” سمية ” من الأسفل بسخرية، فصرخ ” دياب ” كي تستمع له :

_ دة أنا لما احكيلك اللى حصل هتشوفينا ابطال.

_ انتوا أبطال من غير حاجه يا ولدي.

كان والده من اجاب هذه المرة فأبتسم عندما أيده عمه ” عثمان “، نظر خلف ظهره ل ” مهرة ” فوجدها تبتسم بحنان وهي تستمع له، ويبدو أنها أيضاً أخيراً ستبدأ بتقبل أنها جزء من هذه العائلة،

عندما انتهت ” مهرة ” من الاستحمام ذهبت لغرفة ” يارا “، طرقت الباب بهدوء ثم عندما لم تجد رد فتحته وهي تدلف بتردد، كانت ” يارا ” متكومة على سريرها، وعندما اعتدلت شهقت ” مهرة ” من هيئتها قائلة :

_ إنتِ منمتيش ؟.

نفت ” يارا ” برأسها وهي تهمس :

_ معرفتش.

كانت ” مهرة ” مترددة من الإقتراب، كان يبدو أنها لم تتقبلها بعد لذا لم تكن ترغب بالضغط عليها، ولكنها تحدثت وهي تنظر لها :

_ كان دايما نفسي يكون عندي اخت بنت، كنت كل مرة أحس اني عاوزه افضفض لحد فيها اقعد اعيط لاني معنديش بنت زيي، أنا عارفه إنك كان عندك ” نور “، بس هي مش هنا دلوقتي، أنا ممكن احضنك لحد ما تبقى كويسه.

رفعت ” يارا ” انظارها لها، و خشيت ” مهرة ” أن تُقابل بالرفض، ولكن بعد دقيقة صمت همست ” يارا ” :

_ انا كمان كان نفسي يكون عندي اخت بنت.

ثم رفعت يديها وهي تفتحها، ولم تنتظر ” مهرة ” وهي تركض بينما تقبل عناقها، لم تستطع منع نفسها من البكاء وهي تهمس :

_ اول مره أحس الإحساس دة.

_ ولسه لما تحضني ” زيدان ” بقا.

تحدثت ” يارا ” بمزاح خفيف وهي تتشبث بشقيقتها، فأبتسمت ” مهرة ” وهي تجيبها :

_ هاخد وقت، بس أنا متأكدة إنه يستحق.

اومئت ” يارا ” ولم ترغب بالابتعاد عن العناق بعد، ولكنهم ابتعدوا بعد دقيقة بينما مدت ” مهرة ” يدها وهي تزيل دموع ” يارا “، وسألتها بهدوء :

_ اتكلمتي معاه ؟

اومئت برأسها بحزن، فنظرت لها ” مهرة ” منتظرة منها الحديث براحه، بينما سردت ” يارا ” تبرير ” عاصم ” لها، تحدثت ” مهرة ” بتوتر عندما انتهت :

_ مش يمكن يكون صادق؟، وتكون دي صور قديمه فعلاً.

_ مش عارفه يا ” مهرة “، أنا منمتش من كتير التفكير مش عارفه اعمل إيه.

ربتت ” مهرة ” على يديها بحنان قائلة وهي تنهض :

_ طيب فكك من كل دة دلوقتي، وقومي استحمى كدة و فوقي لحد ما نشوف هتتحل إزاي، متخليهوش يشوف أنه فارق معاكي اوي كدة.

ابتسمت ” يارا ” ممتنة لفرصة تغيير مزاجها، و نهضت وهي تخرج من دولابها غيار لها، ثم تحدثت وهي تسير تجاه الباب خلف ” مهرة ” :

_ مش قادره اتخيل لو ” زيدان ” عرف، هيقولي أنا قولتلك أنه هيخونك.

_ معتقدش، يعني لو عرف إنه استجرأ و خانك هيقتله.

ابتسموا وهم يفتحون باب غرفتها، توسعت أعين ” مهرة ” وهي تنظر أمامها، فعقدت ” يارا ” حاجبيها بسبب توقفها وهي تنظر من خلفها فوجدت ” زيدان ” يقف بينما قبضته مرتفعه ويبدو أنه كان على وشك طرق الباب، فشهقت ” يارا ” عندما رأت النظرة العاصفة التي على وجهه
لقد استمع لهم، وأكد حديثها وهو يبتعد بسرعة صارخاً بصوت هز جدران المنزل :

_ ” عاصم “.
5

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

السلام عليكم 🙈
نرجع بقا للمواعيد المتلزمة، نفسي اريح اسبوعين كدة والله ولا حاجه 😂😭

ياترى زيدان هيقتل عاصم ولا هيقتل زيدان عاصم ؟ 🤡

اي رأيكوا في الأحداث ؟
جنة وزيدان حاجه في منتهى ال 🥺🥺🥺

مخربتش بين بلقلس ومزونه اهو، عشان تعرفوا انكوا ظلمتوني وانا طيبة مش بخرب بين حد 😔
2

عاملين ايه ؟، كلموني كدة قولولى إيه رأيكوا عشان أنا حاسه اني فاقده الشغف وحزينه كدة
5

 

 

إنجوي يبنوتاتي 😘

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى