روايات

رواية ما وراء البئر الفصل الثاني 2 بقلم بسمة هلوان

رواية ما وراء البئر الفصل الثاني 2 بقلم بسمة هلوان

البارت الثاني

 

 

= من أي الأقوام جئتِ؟
= أشعر أنني رأيتكِ في وقت سابق.
= لمَ أنتِ كالنخلة؟؟
_أنا برضه اللي كالنخلة؟ ولا أنتوا اللي زي شجر الزينة يا قصيرة منك ليها!
البنات شهقوا وبصوا لي بصدمة، هم فهموني؟ واووو.. حد بيفهم!
لاحظت نظراتهم وهم باصين لي كأنهم مش مصدقين إني قلت كدا، هو أنا قلت حاجة عيب؟ ماعرفش مالهم بس أخدت مكاني لجوة وهم لا زالوا باصين لي ومابيتكلموش، ودا خلاني أخاف..
بس فجأة اتلموا في دايرة حواليّ وأنا قاعدة عند الحوض، ووشوشهم غضبانة..
_يا نهار مش فايت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_أيوة بالظبط كدا، فيه عندكم فاكهة؟
= حسنا سوف آتي بها الآن.
_حسنا؟ ايه حسنا دي؟ قولي لي من عيوني.
بصت لي باستغراب وهي بتردد ورايا بابتسامة:
= من.. عيوني؟
سقفت لها بحييها على كلامها وبشاور لها تروح تجيب الفاكهة..
ثواني.. هو أنا ماحكيتلوكوش ايه اللي حصل؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ دقائق…
كانوا ملفوفين حوالي وغضبانين، ففجأة قمت وبصت لهم بدهشة وقلت:
_ لحظة، أنتم جواري عند القاضي؟
واحدة منهم بصت لي باستنكار وقالت:
= جوارٍ؟ نحن المُشرَّفَات، ألم تسمعي بنا؟
رفعت حاجبي وقلت برد عليها باعتراض:
_يعني ايه مُشرَّفات؟
ردت عليّ واحدة تانية شعرها أشقر عسلي وعيونها زرقا فبرّقت فيها، وقالت:
= نحنُ زوجاته.
شهقت بصدمة، ماقدرتش أمسك نفسي.. ايه التلوث اللي سمعته دا؟
دول ييجي 153 بنت! هو ايه اللي زوجاته احنا هنستهبل؟
_زوجاته ازاي؟ وجيتوا هنا ازاي؟
حسيت إن الموضوع مسّ حتة عميقة فيهم، وأم عيون زُرق قالت:
= أنا والدي قام بتقديمي للقاضي، لأن أرضنا كانت في قحط وجوع.
= وأنا كنت تائهة من والديّ منذ كان عمري 13 فأخذني الحراس لهنا.
= وأنا يتيمة الأبوين، ولكن ربتني خادمة تعمل عند القاضي، فمنذ رآني جلبني لهنا.
كذا واحدة ردت وقالت نفس كلامهم، يعني مفيش جوازة واحدة طبيعية؟ دول بجد جواري!
= وأنتِ كيف جئتِ؟ لا أرى أنكِ جئتِ بمحض إرادتك.
البنت الوحيدة اللي قالت حاجة صح في أم الصباح دا، بصيت لها وقلت بتهكم:
_بمحض إرادتي؟ دا القاضي دا لازم يتوئد!
فزعوا وهم بيرجعوا لورا وبيبصوا حواليهم للحرس اللي كانوا على الباب، وواحدة منهم بشعر أحمر ناري وعيون بنية كتمت صوتي لما الحرس انتبهوا، وأنا هموت وأتكلم.. مش خايفة من حد!
= إذا كنتِ تريدين الحفاظ على حياتك احتفظي بصمتك، سوف نُقتَل بسببك!
سكتت ورحنا كلنا في حتة بعيدة عن الحراس، قلت لهم بصوت واطي باستنكار:
_ازاي يقتـلكم؟ أنتم مش زوجاته؟
= حسنا لا أفهم من كلماتكِ الكثير، هل يفهم أحد؟
باقي البنات أومأوا بـ(لا).. بصيت لهم بصدمة، وبعدين قلت بعيد كلامي:
_كيف له أن يقتلكنّ وأنتن زوجاته؟؟
واحدة منهم تنهدت وقالت:
= حسنا، لقد فعل ذلك مع ستة منا، قام بتجميدهن وجعلهنّ تُحَفا تذكارية في غرفة نومه.
= أوه، تصيبني القشعريرة كلما ذهبت لهناك.
يا نهار ألوان، سألتهم بصدمة:
_عملوا ايه علشان يجمدهم بالشكل دا؟؟
= واحدة منهن نعتته بالأحمق.
= بالفعل، أتذكر واحدة أخرى كانت تذكر أنه قصير وتضحك.
= أتتذكرون تلك التي لم تُجِبه حينما نادى عليها؟ ولم يعلم أنها بكماء؟
حطيت ايدي على بقي من هول الصدمة، هو الكلام دا حقيقي؟ أنا هفوق امتى من ااحلم دا؟؟
بقينا بنتكلم وكل واحدة تحكي عن ماضيها، وأنا أحكي لهم عن المكان اللي جيت منه، فواحدة منهم قالت لي باعتراض:
= ماذا؟ لديكم شاشات من حديد تُكلمون بها المسافر؟ وترونه؟ هذا منافٍ للمنطق.
بصيت لها ببسمة وهي ماتعرفش أساسا أن في دا كل المنطق وحقيقة فعلا، وسألت واحدة تانية:
_وأنتم في قومك عندكم ايه؟
ردت بلامبالاة:
= أشياء عادية، أشهر عدّاء لدينا ركَض بسرعة الضوء منذ أيام قليلة، لو كنتُ عداءة لفعلت أكثر من ذلك، إنهم كسالى.
ملامحي كانت مذهولة وأنا ببلع ريقي وببلع كلامها وراه، وبيقولوا عليّ أنا الغريبة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عودة للزمن الحالي..
_فين الفاكهة بتاعتي يا چوري؟
قلتها بتذمر لما لقيتها اتأخرت، لقيتها جت بطبق فاكهة من بتاع أبو لهب دا وقالت ببسمة:
_لقد قطفت الثمار للتو، يمكنكِ غسل ما تريدين في مياه الحوض.
رفعت حاجبي وأنا ببص لها منتظرة بقية كلامها، فكملت بتوتر وهي بتستوعب:
_يا باشا..
قالتها بالعافية بنبرة خلتني أضحك عليها، هو أنا في الجنة؟
بس فجأة من حيث لا أحتسب لقيت الحراس دخلوا، وقفوا عندي وهم بيقولوا:
_رافقينا، القاضي طلبكِ.
بصيت لهم من فوق كدا وهم قصيرين بالطريقة دي وقلت:
_وايه اللي هيحصل لو رفضت؟ يا صغنن؟
كنت باتريق عليهم فلقيت البنات بتبص لي بتحذير، افتكرت الـمجازر اللي حكوها لي فقمت بضجر وبزهق، ورحت للمكان اللي قالوا لي عليه.
جديا، هم ازاي بيمشوا على التلج دا؟ هم مش باردانين؟
أكيد أنا بحلم، رغم إنه تلج من كل اتجاه بس مش شفاف، كأنهم حاطين مئات من طبقات التلج.
وصلت للأوضة والحراس دخلوني، بس ماكانتش أوضة القاضي، دي أوضة التجهز لرؤية القاضي، يا خبر أبيض!
لازم أواكب الأحداث علشان أعرف أهرب وأنتشر، لازم أكتشف أنا فين، لأن مفيش حلم طويل للدرجة دي ولا بالوضوح دا، أكيد دا سر البير!
جهزوني بس رفضت أخلع حجابي، فجابوا لي شال بلون الفستان الأزرق البحري ولبسوني، ماكانش عندهم مرايات.. بل كان انعكاسي في التلج!!
نسيت أقول لكم، كنت بوطّي لهم علشان يعرفوا يوصلوا لي!
قد ايه كنت بكتم ضحكي وأنا ببص لهم وهم مركزين وأنا ضهري هيتقوس بسبب تمييلي ليهم.
وصلت لأوضة القاضي أخيرا، يمكن تكون فيها شبابيك مفتوحة، على عكس إوض القصر الأخرى مافيهاش شبابيك نهائيا.. أو على الأقل.. الإوض اللي شفتها.
كان قاعد بكل هدوء رجل خمسيني على كرسي لونه أسود.. من التلج!! دا أكيد مش تلج، دا حجر تاني!
بمجرد ما دخلت قام من مكانه ومستنيني أروح له، بصيت له بتشنج وأنا ببص للأوضة فقال لي باستيعاب غبي:
= أعجبتكِ الغرفة؟ ربما أحوز لكِ مثلها يوما ما.
وبينما هو بيتكلم كنت أنا بفتح عيني على وسعها لما لقيت اللي البنات قالوه حقيقي، تماثيل البنات المتجمدة موجودة كأنها تُحف!!! دا مختل عقليا.
بس ركزت وأنا ببص، كان فيه كذا شباك، مش شباك بالمعنى الحرفي.. بل طبقة من التلج خفيفة تسمح لي برؤية اللي برة وتسمح بدخول الشمس، الوقت كان تقريبا الظهر فعلشان كدا الشمس كانت منورة كل ركن في الأوضة.
كان فيه معادن تانية موجودة على ترابيزة طويلة، زي الحديد والألومونيوم في المعالق، فدا خلاني أبتسم.. وببني خطة في دماغي للهرب.
شافني ماردتش عليه فراح قرب هو وجه يكلمني:
= أرى أنكِ تجاهلتِني للتو، هل هذا حقيقي؟
حاولت أتدارك الأمر وأنا بصلح موقفي وغيرت لهجتي سريعا:
_ماذا؟ لا، أنا فقط كنت منبهرة بالغرفة، تصميمها مذهل.
لقيته بيبتسم، على قد ما هو قصير وزير نساء وخمسيني مستفز بس لازم أهاوده علشان أعرف أهرب من المكان دا، وقال بغرور:
= بالطبع، فهي غرفة القاضي، صاحب أكثر أربعة أقاليم خصبةً وسِحرًا.
أربعة ايه؟ أنا لازم جديا أشوف خريطة المكان دا ايه، أو أدوّر على حد يساعدني بعد ما أهرب، ولكن.. ماقدرش أثق في حد دلوقتي.. أبدا!!!
أمر إن احنا ناكل فابتسمت له بسماجة وقعدت معاه، كنت جعانة فعلا لإني حتى مالحقتش آكل الفاكهة، كان أكلهم يشبه اللي باكله كتير بس بشكل أفخم! وكإني قاعدة في فندق خمس نجوم في سويسرا.
بصيت له وأنا باكل، وابتسمت بسخرية.. البتاع دا شايف نفسه عليّ بجد! وبيدّي أوامر!
يلا، كلها كام دقيقة وأخلص منه.
خلصنا أكل ولقيته بيقرب، رفعت حاجبي له وهو عامل زي البيبي الصغير، قلت له بكسوف مصطنع:
_هل من الممكن إغلاق الباب أولا؟
ابتسم لي وراح بالفعل يقفل الباب وأنا وراه بكتم ضحكتي ومسكت سكينة من على الترابيزة، وهو قرب مرة كمان وأما من جوايا بقول له بسخرية.. قرب قرب دا أنا هوريك..
وبمجرد ما قرب بمسافة كافية لفيته وكان سهل التحكم فيه وحطيت السكينة على رقبته، وقلت بتهديد وأنا بضحك أخيرا:
_أنت بجد فاكر أنك ليك حكم عليّ؟ امشي يا جدو دا أنا لو كنت اتجوزت بدري كنت جبت عيّل قدك.
وبعدين اتحركت بيه علشان مايتحركش ويفتح الباب، كان بينادي على الحراس بس ماقدروش يفتحوا الباب، فلقيته بيقول بغل:
_ستندمين على ذلك.
ابتسمت له باستفزاز وأنا بحط السكينة على مكان التلج اللي عند الشباك وبكسره بضربة واحدة، وهو نظراته كلها حدة وغضب، وأنا بمجرد ما الشباك اتكسر رميته في الأرض وجريت من الشباك..
بس كانت صدمتي!! بيني وبين الأرض مسافة 30 متر!! هعمل ايه؟؟

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية ذات الوجه الدميم الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم ياسمينا

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *