روايات

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم شاهيناز محمد

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم شاهيناز محمد

 

البارت الثاني والثلاثون

 

لقد كُنت أعدُ السنواتِ لأُصبِح قُربك،
وبعدما كُنت قريباً جداً من الحصول عليكِ،
انقلب الأمر،
وانا الذي لم يُخيل له أبداً فكرة خُسارتك،
ولكنني لن اتوانى، لقد ظللتُ أُخطط لوقتٍ كبير،
لن أسمح أن تفلتين من بين أصابعي الآن،
لقد كُتبتي لي،
أنتِ نور عتمتي، و غبي من سيترك نوره يرحل،
وانا والغباء لم نجتمع يوماً.

_ من علي إلى نور.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

هل كانت الحياة يوماً عادله؟،
ربما لم تكن، لأنك لم تصل أبدا لما تُريد، تشعر وكأنه أضعت سنواتِك وأنت تركُض، وكأنه كُتِب عليك ألا تجد راحتك، وحينما فعلتُ أخيراً بعد وقتٍ ليس بقليل، تتذوق لأول مرة معنى أن تكون سعيداً، تقطع طرقاتك بأبتسامة، لأنك وجدتُ أخيرا معني الشِركة، أن يسير أحد بجانبك وهو يمسك بيديك، وحتى لو تعثرتُ لن تسقط على وجهك لأن هناك من سيُمسك بك، حينها تشعر وكأن أخيراً الحياه انصفتك، وكانت عادلة معك للمرة الأولى.

لقد سقط الصمت على الغرفة، ولم يتوقع أحد أبداً أن ينطق ” عثمان ” بتلك الكلمات، أما ” علي ” فقد شعر وكأن قلبه تخطى نبضه، دقت الطبول داخل رأسه وتحدث بالكثير بداخله،
اسيتم حرمانه منها ؟، كيف وهي كانت كل ما يريد، لن يسمح أن تنضم أبدا لقائمة خسائره، لقد ترك الحياه تأخذ منه كل أحلامه، ولكن هي!، كانت الحلم الذي سيقاتل لأجله حتى آخر عمره، حتى وإن كلفه ذلك حياته، كانت ” نور ” له، ولم يكن سيتنازل عنها دون قتال،
لذا اعتدل بجلسته وحاول إخراج صوته ثابتاً وهو يسأل ” عثمان ” قائلاً :
1

_ يعني إيه يا عمي ؟

تنهد ” عثمان ” وهو ينظر له، وظهر الحزن على ملامحه وهو يجيبه قائلاً :

_ الكلام عندينا كتير يا ولدي، وانا راچل كبير مفياش حيل اجعد ادافع عن بتي، إني أكون سايبها اهنه چابلي كلام كتير بس أني مكنتش احب أبدا أخد منها احلامها، بس دلوق الكلام زايد.

_ كلام إيه دة يا بابا ؟

سألته ” نور ” وعلى الرغم من أنها لم تقع بحب ” علي ” بالكامل بعد إلا أنها كانت تريد أن تكون زوجته، ولن تكون سعيدة إذا تم تخريب الأمر، ألقت نظرة جانبيه على ” علي ” وعندما رأت كيف انسحبت الألوان من وجهه علمت أنها ستكون مع راجل فكرة خسارتها ترعبه،
لم يكن والدها من اجاب هذه المره، بل ” عاصم ” الذي أردف وهو ينظر لهم :

_ كان فيه واحد جاي يشتري شقه في البرج الجديد وسأل عمي لو الكلام اللى داير في البلد دة بجد، ولما سألناه إيه هو الكلام قالوا إنهم يعني بيتكلموا عن أن ” نور ” هتتجوز واحد من هنا، وكلام بقا زي أنها اكيد كانت رايحة جايه معاه عشان مفيش رقيب عليها هنا وكـ..

قد يعجبك أيضاً
صياد الظلام «ما قبل العاصفة» بقلم ItsEnAm
صياد الظلام «ما قبل العاصفة»
14.4K
697
في أعقاب عودته، كان يبدو وكأنه يجر خلفه سحابة من الدهشة والذهول، بينما تتسلل نظرات الحقد من كل زاوية، كيف له وقد غادر كملاك تقيًا ولطيفًا أن يعود على هذا النحو؟ وكيف له…
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ بقلم zahra-egy
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ
348K
17.5K
تسلّلَت أنفاسُكِ من لفائفِ الكَتْم، كعطرٍ مسمومٍ من معبدٍ منسي، يا من نُقشَ اسمُكِ على تابوتِ الغواية، أنتِ قبلةُ رع، لكنّ خلفَ عينيكِ تَكمُنُ أنيابُ أنوبيس. أراكِ… لا…
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖 بقلم sounalle
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖
3M
110K
•| مُــحــتــوىٰ جٓــريــئ +18 |• &quot;ظننت أن الزواج سجن، لكنه كان مختبرًا… وأنا كنت التجربة.&quot; زوجوني غصب لرجل يكبرني بسبعة عشر عامًا، قيل لي إنه مضطرب، طفل في…
بما لا تشتهي السفن بقلم SalmaAyman127
بما لا تشتهي السفن
27.7K
1.5K
يأتي القدر بما لا تشتهي السفن حين تظن أن الخير قد ذهب وان الحياة لا فائده منها يأتي الخير الحقيقي ،وتعلم أن القدر يخبئ لك ما هو افضل دائمًا لا حياة بدون قرارات خاطئه نتع…
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص بقلم Amirisa_28
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص
32.6K
2K
حينما يجتمع النقيض فماذا يحدث ؟! بهذه الحكاية سنشاهد ثنائي غريب أحدهما يسعي وراء الزواج و الآخر يسعي للطلاق .. فماذا يحدث حينما يرتبط المأذون بمحامية ؟! بالتأكيد ستش…
ديجور الهوى/ كاملة بقلم FatmaSultan947
ديجور الهوى/ كاملة
1.2M
97.2K
لو كنت جلادًا على قلوب البشر وأفعالهم تأكد أن الأمر لن يُحتمل ولو كنت قديسًا بلا أخطاء تأكد أن المكان لن يُناسبك.. هنا نحتاج شخص قلبه لين حتى يغفر وكبير جدًا حتى يتحمل ه…
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين” بقلم Ganaeesa_5657
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين”
150K
9.4K
الحياة تسير وكل ثانية تكتشف شيء جديد في خيوط قصتك ، لتُصدم بخيطٍ آخر يقتحم قصتك وحينما نظرت إلى المُقتحم وجدته شخص عكسك لا يشبهك، وحينما حاولت الهروب وجدت خيوط قصتك تشاب…
_ ولاد الـ****

عندما شتم ” علي ” بصوت منخفض توقف ” عاصم ” عن الحديث وهو يوسع عيناه بصدمه، نظر لهم ولكن لم تتغير ملامح أحد ويبدو أنهم لم يسمعوا، فتحدث بصوت مرتفع وهو يشير بسبابته إلى ” علي ” قائلاً :

_ شتم، اقسم بالله شتم سمعتوا ؟.
5

_ يا ابني شتم ايه؟، و بعدين احنا في إيه ولا في إيه!

تمتم ” زيدان ” بحنق، فتحدث ” عاصم ” بصوت منخفض :

_ والله شتم أنا سمعته
2

لم يعيره أحد انتباهاً، كان تركيز ” علي ” منصب على ” نور ” التي كانت تفرك يديها بتوتر وامتلئت عيناها بالدموع، كانت تُفكر، وكان يرى الصراع على وجهها، كان ينتظر منها الحديث، رؤية أنها تريده كما يريدها، عندما رفعت رأسها تنظر لوالدها علم إنها ستتحدث، واستمع بترقب بينما لم يزيل نظره من وجهها :

_ انا اسفه يا بابا، أنا فكرت في نفسي بس و مفكرتش أن الموضوع هييجي بالسلب عليك، أنا هقفل العياده وهرجع معاك المنيا..

ثم انخفض صوتها وهي تكمل بينما لم تنظر بعيداً عن والدها :

_ بس انا عاوزة اتجوز ” علي “.
6

لا تعلم ماذا فعلت به، لأنه شعر حالما غادرت الكلمات شفتيها وكأنه لم يكن يعيش قبل هذه اللحظة، لقد اختارته على احلامها، وكانت مستعدة للتخلي عن ما حاولت جاهدة بنائه، وكل ذلك كان لأجله!، عندما كاد والدها أن يتحدث اسرع وهو يسبقه قائلاً :

_ لا متسبش شغلها، أنا عاوز اكتب الكتاب يا عمي.
1

_ انتوا هتاخدوني في دوكه!، ديه مش لعب عيال.

تحدث ” عثمان ” بغضب وهو ينهض، فنهض الرجال معه بينما أمسك به ” زيدان ” قائلا :

_ استهدى بالله بس يا عمي، هنفكر فيها بالعقل عشان نرضي كل الأطراف، اقعد بس.

_ ممكن اتكلم مع حضرتك على إنفراد ؟.

سأله ” علي ” فأومئ ” عثمان ” برأسه، ارشده إلى غرفته، وعندما ولج للداخل أغلق الباب خلفهم، لم يكن يعلم من اين يجب أن يبدأ، ولكنه كان يجب عليه أخباره، لذا تنهد وهو يقف أمامه قائلاً :

_ كان حلمي دايما ابقى مهندس، اهلى لما اتوفوا أنا اتنازلت عن حلمي الوحيد عشان اختي، ومش ندمان ولو رجع الزمن بيا هعمل كدة تاني، أنا من ساعتها وانا بطلت احلم يا عمي، بطلت أتمنى حاجه من قلبي عشان عارف ان الحياة مش هتسيبني اتهنى بيها..

تحشرج صوته ولم يكن يعلم لماذا يخبره بكل ذلك، ولكن لعله يشفق عليه، لعله يعلم ما عاناه، لذا أكمل حديثه :

_ المره الوحيده اللى رجعت احلم فيها لما شوفت ” نور “.

ثم عاد عقله وهو يعيد له المرة الأولى التي رأها، عندما مد يده وهو يخرج اكياس الطعام من صندوق دراجته النارية ومدت يدها لتأخذهم، كانت صغيره ولكنها جميله، وتذكر شروده بوجهها لدقيقتين حتى جعلته ينتبه، ثم عندما دفعت الأموال و التفتت لتذهب نظر على مبنى كليتها، وعلم حينها أنها ستكون طبيبه بينما هو لم يكن أكثر من شاب لا يوجد لديه شهادة، وكان ذلك دافعاً ليعمل ليلا نهاراً، كان كل ذلك لأجلها ولأجل الحصول عليها،
فاق من شروده عندما تنحنح ” عثمان ” فأدرك إنه اطال شروده، فأحمر وجهه بخجل عند رؤية النظره على وجه ” عثمان ” وبالتأكيد لم يحب اي اب أن يسرح رجل بذكرى ابنته امامه، فتنهد وهو يكمل :

_ من يوم ما شوفتها وانا شايفها مراتي، مش عارف دة ليه واشمعنى هي بس يمكن القدر!،
أنا أول مره اطلب كدة من حد بس عشان خاطري متبقاش انت والدنيا عليا، متاخدش مني حلمي المره دي.

عندما تدحرجت دمعة على وجنته ازالها بسرعه، رأى أنه أثر على ” عثمان ” الذي تنهد بحزن ثم اومئ برأسه وهو يضع يده على كتفه قائلاً :

_ مفيش اب مش هيتمنى لبنته زوج زيك يا ابني، هنچهز الورق ونكتب الكتاب اول ما يجهز ويبقى نتفق يوميها.
2

لم يستطع ” علي ” منع نفسه وهو يلقي بنفسه على جسد الرجل معانقاً إياه، فضحك ” عثمان ” وتشبث به وهو يربت على ظهره قائلاً :

_ من اهنه و رايح معدتش يتيم، إنت ابني.

اغمض ” علي ” عيناه يحاول منع دموعه من التساقط، عندما ابتعد امسك ” عثمان ” بوجهه وهو يربت عليه بينما يبتسم، ثم تحركوا سويا ليفتحوا الباب، وحالما فعلوا سقط ” عاصم ” أرضا وهو يتأوه بألم، بينما ركضت ” نور ” و ” دياب ” بسرعه وهم يجلسون مكانهم، وكان واضحاً ما يحاولون فعله، فأنحنى ” عثمان ” وهو يسحب ” عاصم ” لينهض قائلاً :

_ معتبطلش الخصلة دي عاد يا ولد ” سمية “، امك معلماك.

_ هما إلى سلطوني

تمتم ” عاصم ” بخجل فتركه ” عثمان ” و قام بخبط عصاءته أرضاً وهو يردف بينما يتحرك تجاه الباب :

_ يلا نمشي، إنت چايه معانا يا ” نور ” ، كتب كتابك على ” علي ” بعد تلت أيام.

اطلقت ” جنة ” زغروده وهي تعانق ” نور ” بسعادة، بينما صفع ” زيدان ” ” علي ” على كتفه قائلاً بمزاح :

_ يا ابن الايه، اقنعته إزاي!

رفع ” علي ” كتفيه متظاهراً بالغرور قائلاً :

_ ليا طرقي الخاصة.

_ مبروك يا نسيبي.

ضحك ” زيدان ” وهو يعانقه مهنئاً، فقبل عناقه بسعاده و وقف يأخذ التهنئة من ” دياب ” و ” عاصم “، بينما سارت ” نور ” لتذهب خلف والدها، وعندما مرت من أمامه انحنى هامساً بأذنها :

_ هانت يا ” نور “، وهثبتلك إنك اتخلقتي ليا، عشان تكوني مراتي.

ابتسمت بخجل دون أن تجيبه، ثم ذهبت وذهب خلفها ” دياب ” و ” عاصم ” بينما استمع لـ ” زيدان ” وهو يردف ل ” جنة ” :

_ اي وقت فاضيه فيه هنروح نجيب الدهب ماشي ؟

اومئت ” جنة ” له، فأبتسم وهو يتمتم بهمس :

_ مش كان زماني باخد حضن ولا بوسه دلوقتي، ياريتك مراتي ياستي.

_ اطلع برا يا ” زيدان ”

هس ” علي ” عندما استمع له وامسكه من مؤخرة ملابسه ثم القاه خارج المنزل واغلق الباب بوجهه، فنظر ” زيدان ” للباب المغلق وهو يصرخ من الخارج :

_ مانا مسيري هبوس برضو

عندما تم القاء شئ ما على الباب ضحك بصوت مرتفع وهو يذهب، ويبدو أن الافراح ستطرق باب الجميع، وكل منهم أخيرا سيحصل على حبيبه.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

 

ابتلاع الحزن أشبه بأستنشاق السُم، فتكون بعادتك شخص لا يشكو، تفعل به الحياة ما تفعل ولكنه لم يصرُخ قط، تؤذيه قوته في كتمان حزنه، يظل يبتلعه ويظن أنه يقضي عليه، ولكن الحقيقة ليست إلا أن الحُزن هو من يأكله، فيؤذي جسده بطريقه لم يتخيل قط أنها ممكنة، فتعلم أن كتمانك جلب لك الهلاك.

عندما نهضت ” مهرة ” لتجلب لها كوب من الماء ترنحت مجدداً، فجلست بقلة حيلة وهي تتنهد، بينما لحسن الحظ دلفت ” يارا ” الغرفة وهي تردف :

_ قومي يا ” مهرة ” احنا رايحين الاستشارة.

كانت ترغب بالرفض، ولكن الشئ الذي تشعر به كان غريباً للغاية، لذا وافقت وهي تذهب معها، و سارت ” يارا ” بجانبها وهي تمسكها من ذراعها كي لا تسقط، بينما أردفت ” مهرة ” بأرهاق:

_ انا مش عارفه في إيه!، كل ما اقوم أقف احس اني هقع ورجلي مش شيلاني، الفيتامينات اللى الدكتور كتبها مش جايبه نتيجه.

_ خير يا حبيبتي خير، هنشوف الدكتور هيقولك ايه، و الشباب جايين بكره الصبح عشان هيباتوا عند ” نور ” النهارده، ” زيدان ” حكالي كل حاجة بس اضطروا يباتوا عشان ” نور ” بكره عندها كلب محتاج جراحه، فاهتخلص و هيجيبوها وييجوا.

اردفت ” يارا ” ثم سردت لها ما أخبرها به ” زيدان ” بحماس، و تحدثت ” مهرة ” بحزن :

_ انا اسفه، عشان تاخدي بالك مني معرفتيش تروحي مع ” زيدان ” وتشاركيه فرحته.

توقفت ” يارا ” عن السير، ثم رفعت يديها وهي تحاوط وجه شقيقتها قائلة :

_ اول حاجه ” زيدان ” اخونا احنا الاتنين يعني زي ما أنا كان نفسه اكون هناك كان نفسه إنتِ كمان تكوني هناك، إنتِ اختنا يا ” مهرة ” لحمنا ودمنا، يمكن الأول متقبلتش، أنا اتعودت دايما اكون دلوعة ” زيدان ” ومكنتش لسه عارفه أحدد مشاعري إيه وانا هلاقي بعد كدة اخت تاني تشاركني دلعه دة، بس بعدين اكتشفت إني كمان مبسوطه أوي أوي عشان بقا عندي إنتِ.

ثم ازالت يدها وهي تقرصها من ذراعها قائلة بغضب مصطنع :

_ ولمي نفسك بقا على فكرة ماما هتتجنن عشان تقرب منك بس بتخاف تضغطك، حرام عليكي.

عضت ” مهرة ” شفتيها بخجل وعندما كادت تجيبها اقترب ” حمدان ” منهم قائلاً :

_ يلا يابتي العربية چاهزة.

كان هو من سيذهب معهم للطبيب نظرا لغياب جميع الرجال، فأومئوا برؤوسهم له، سارت خطوة بأندفاع متناسيه حالتها، وعندما مال جسدها مجدداً وكادت تسقط اقترب ” حمدان ” وهو يمسك بها، ثم دون حديث قام بحملها فشهقت بخجل بينما أردف هو :

_ متخجليش يا بتي، لو فضلنا نمشي على خطاكي هنخرج من الدار الفچر، إنتِ مرت أبني و بنت أخوي يعني متجلجيش على نفسك أنا زي ابوكي.

استمعت لصوت هاتف يصور فنظرت بغضب من فوق كتف ” حمدان ” لـ ” يارا ” التي تسير خلفهم، ولكنها تحدثت ببراءة قائلة :

_ مش هقدر افوت حاجة زي دي من غير ما اغيظ ” دياب “.

تنهدت ” مهرة ” عندما انزلها ” حمدان ” بهدوء بالكنبه الخلفيه للسياره، ثم صعدت ” يارا ” بجانبه وانطلقوا، كانت حالتها تقلقها وما اقلقها اكثر عدم معرفة الطبيب بما اصابها، تتمنى هذه المره أن يعرف، عندما وصلوا أخيراً كان دورهم قد مر، فأنتظروا لخمس دقائق قبل أن تسمح لهم الممرضة بالدخول،

رأت الطبيب ينظر لها وهي تسير بصعوبة محاوله موازنة نفسها، بينما أردف حالما جلست :

_ مفيش تحسن يا ” مهرة ” ؟

نفت برأسها قائلة:

_ ولا اي حاجة يا دكتور، ودلوقتي عيني اليمين لما بصحى بكون حاسه أنها ضبابيه أوي مش شايفه بيها.

انتفض الطبيب واقفاً، ثم اقترب منها وهو ينظر الى عيناها، بينما تمتم وهو يومئ برأسه وكأنه توصل أخيراً إلى ما يصيبها :

_ هتعمليلي أشعة على المخ فوراً، بكره تطلع وتكون عندي.

_ طب وديه ممكن يكون إيه يا دكتور ؟

تمتم ” حمدان ” بقلق، ولكن الطبيب لم يخبره بشكوكه وهو يهز رأسه قائلاً :

_ خير، اعملوا بس اللى قولته في اسرع وقت ممكن.
1

اومئوا وأمسك ” حمدان ” بها من ذراع بينما أمسكت ” يارا ” بالذراع الآخر، كانت مشفى لذا اتجهوا مباشرة إلى قسم الأشعة، واقتربت منهم ممرضة قائلة :

_ حضرتك ” مهرة فاروق ال ورداني ” ؟.

_ ايوه انا.

لقد أخذت وقت حتى تعتاد على اسمها الجديد ولكنها عندما استمعت له هذه المره شعرت بالفخر لأنها منهم، على عكس الماضي كانت تشمئز إذا تم لفظ هذا الاسم أمامها، يبدو أن الطبيب أعلم الممرضة بما أتوا ليفعلوه، فأخذتها وهي تدخلها غرفة قائلة بينما كانت ” يارا ” معها :

_ ياريت أي حاجه لبساها فيها حديد أو معدن اقلعيها.

اومئت ” مهرة ” برأسها ثم خرجت الممرضة وهي تغلق الباب خلفها، أعطت حقيبتها لـ ” يارا ” ثم خلعت عباءتها وبعدها ازالت صدريتها لأنها تحتوي على اقفال من معدن، ثم اعادت ارتداء ملابسها بينما همست ” يارا ” لها :

_ متخافيش، اكيد الدكتور عاوز يتأكد من حاجة بس.

عندما نظرت لها ” مهرة ” كانت هي الخائفة، واستطاعت رؤية الدموع بأعين شقيقتها بينما تحدثت هذه المرة بصوت متحشرج قائلة :

_ بصراحة بقا أنا إلى خايفه، هو طلب اشعه على المخ ليه ؟.

ابتسمت ” مهرة ” وهي تمسك بيدها قائلة:

_ زي ما إنتِ قولتي، اكيد عاوز يتأكد من حاجة، سيبيني بقا اروح اعملها كان عندي فضول أوي اجرب ادخل الجهاز دة زي الافلام.

ابتسمت ” يارا ” وسط دموعها ثم فتحوا باب الغرفه واخذتها الممرضة لداخل غرفة أخرى، ساعدتها على التسطح على سرير ما وقامت بتثبيت رأسها بمكانها ثم وضعت شئ على اذنها يمنع تدفق الصوت لها، وتحدثت قائلة بأبتسامة تشجيع :

_ غمضي عينك ومتتحركيش هما بس عشر دقايق.

ابتلعت ريقها وهي تغمض عيناها بينما تحرك السرير حتى شعرت أنها دخلت الى كهف ما، كان الصوت مرتفعا للغاية لدرجة أنه تردد لجسدها، ظلت تردد بعقلها الآيات القرآنية، حتى مر الوقت سريعا وخرجت أخيراً وفتحت عيناها لتعتاد على الضوء بينما قامت الممرضة بفكها قائلة :

_ بكره أن شاءالله هتطلع.

_ شكراً.

همست بشكر وهي تنهض بينما ترتدي حذائها وما خلعته مجدداً، ثم عندما فتحت باب الغرفة وجدت ” يارا ” و ” حمدان” واقفون بأنتظارها، فأبتسمت بوجههم الذي يظهر عليه الفزع قائلة :

_ انا كويسة، بكره الأشعة هتطلع، ممكن نروح ؟.

_ ممكن طبعا يا بتي.

اجابها ” حمدان ” بسرعة وامسكها بمساعدة ” يارا “، حالما دلفت للسيارة أغمضت عيناها وهي تريح جسدها، كانت تريد الوصول لغرفتها لتحدث ” دياب “، لقد كانت بحاجة له

_ إنتِ كويسة ؟

سؤال ” يارا ” جعلها تقوم بفتح عيناها ونظرت لها وهي تنظر لها من الكرسي الأمامي، فأجابتها بأبتسامة قائلة :

_ كويسة وزي الفل كمان

بادلتها ” يارا ” الإبتسامة بأخرى متوترة، ورغماً عن ” مهرة ” شعرت بالسعادة عند رؤيتها قلق شقيقتها عليها، وكانت تعلم أن جميع من بالمنزل كان يعلم بحالتها وتذكرت كيف كانوا يتدافعون على غرفتها كل دقيقة ليسألوها أن كانت تحتاج لشئ، كان أكثر شعور صحيح شعرت به منذ زمن بعيد، وهو شعورها بأن هؤلاء الناس عائلتها.

عندما وصلوا وترجلت من السيارة حملها ” حمدان ” دون حديث وهذه المرة انفلتت منها ضحكة وهي تمسك به، صعد بها لغرفتها ثم وضعها برفق على سريرها قائلاً :

_ ربنا يطمنا عليكي يا بتي.

قبلها من رأسها فأغمضت عيناها وهي تشعر بحنانه الأبوي، بينما ابتعد وهو ينظر لها وبدا متردداً فيما يريد قوله، ولكنها نظرت له بتشجيع، فأردف بهدوء :

_ إنتِ شبه ” فاروق ” اخوي جوي، الواد ” زيدان ” واخد لون عيونه، لكن إنتِ واخده عيونه و حتى مناخيره.

ثم مد إصبعه وكانت بأرتجاف وهو يشير إلى شئ ما أسفل عيناها قائلاً :

_ حتى الحسنة دي كان عنده زيها، كان هيحبك جوي.

اومئت برأسها و تساقطت دموعها، لم يحدثها أحد عليه قط، فسألته من بين دموعها قائلة :

_ كانت شخصيته عامله إزاي ؟.

رأت كيف ابتسم ” حمدان ” بحنين متذكراً شقيقه، فأجابها وهو ينظر لها :

_ بصي على ” زيدان ” وحنيته وحمايته لـ ” دياب ” و ” عاصم ” وعتعرفي طريجة معاملته ليا إني و ” عثمان “، كان كبيرنا واحن راچل شوفته، عمر ما العيبه طلعت منه، الله يرحمه كان زين الرچال.

_ الله يرحمه.

همست خلفه ببكاء، فربت على يديها وهو ينهض وذهب دون حديث، ازالت دموعها وهي تمسك هاتفها للأتصال على ” دياب ” وحالما فعلت أجاب عليها بسرعة قائلاً :

_ ايه يا حبيبتي الدكتور قال إيه ؟.

كانت مترددة هل تخبره ام لا، ولكنه كان سيغضب منها أن لم تفعل، فسردت له كل ما حدث مع الطبيب وما طلبه منها، واستطاعت سماعه ينهض و هو يردف بقلق :

_ طيب انا جاي دلوقتي.

_ تيجي فين يا ” دياب ” أنا كويسة والله، كدة كدة عقبال ما الأشعة تتطلع هتكونوا هنا، لو جيت وسيبتهم هزعل منك.

استمعت لتنهيدته المستسلمه وهو يردف :

_ أنا آسف إني مكنتش معاكي، مكنش مفروض اسيبك.

شهقت بدرامية وهي تردف :

_ وتسيب ” زيدان ” في يوم زي ده لوحده!، إنت كنت عاوزه يقتلني

_ مكنش هيقتلك كان هيقتلني أنا، إنتِ عارفه العجل دة ميقدرش يقرب لواحده منكوا.

كان يقصد هي و ” يارا ” فأبتسمت بحب وهي تضع برأسها أنها من الآن فصاعداً ستعامله المعامله التي يستحقها، سرد لها ” دياب ” كل ما حدث، بينما اكمل قائلاً :

_ مش عارف ازاي الواد ” علي ” اقنع عمي، كان باين عليه مصمم اوي على موضوع أنه ميجوزوش ” نور ” دة.

_ يمكن قاله إنه بيحبها يعني وكدة، انت عارف عمي قلبه طيب ومش بيقف في طريق الحب أبدا.

اجابته ” مهرة ” بما هو حقيقي، فأومئ برأسه مقتنعاً بحديثها، ثم قضوا باقي الوقت يتحدثون حتى مرت ساعتين، فأردفت ” مهرة ” وهي تتثائب قائلة :

_ طيب يلا عشان عاوزه أنام اوي.

_ ماشي يا حبيبتي، لما ارجع هتنامي في حضني، ومفيهاش كلام تاني، مش هسيبك تنامي لوحدك وأنتِ تعبانه كدة.

تحدث بنبرة قاطعة، وكانت تعلم إنها حتى وإن جادلت لن يخضع لها، فأبتسمت قائلة :

_ حاضر، يلا بقا باي.

_ ” مهرة “.

نادى عليها قبل أن تغلق، فهمهمت إجابةٍ له، بينما تحدث هو بصوت هامس :

_ بحبك.

ابتسمت بحب، ولازالت لم تشبع قط من سماع هذه الكلمة وهي تغادر شفتيه، فبادلته الهمس قائلة :

_ وانا كمان بحبك اوي.

اغلقت الهاتف وهي تتركه بينما تسطحت على سريرها ساحبة الغطاء عليها، ولكن مهما فعلت لم تستطع النوم، فتنهدت وهي تنهض ثم خرجت من الغرفة وهي تسير ببطئ بينما تتمسك بالحائط كي لا تسقط، نزلت السلالم ثم سارت قليلاً حتى توقفت أمام غرفة ما،
كانت مترددة من الدخول ولكنها جمعت شجاعتها وهي تطرق على باب الغرفة، عندما فُتح الباب وقفت ” نادية” أمامها وهي يظهر عليها آثار النوم، ولكنها حالما رأت ” مهرة ” اقتربت منها قائلة بقلق :

_ خير يا بتي؟، إنتِ كويسة ؟.

أومئت ” مهرة ” برأسها بسرعة تطمئنها، ثم أغلقت قبضتيها على عباءتها بتوتر وهي تردف بهمس :

_ مش عارفة أنام، ممكن انام جنبك ؟

رمشت ” نادية” مرتين وكأنها لا تستطيع التصديق أن ذلك يحدث فعلاً ولكنها حالما فعلت أمسكت بها من ذراعها قائلة بينما تسحبها خلفها داخل الغرفة وتغلق الباب خلفهم :

_ ممكن طبعاً، دة يوم هنايا.

ساعدتها على التسطح بينما ذهبت هي للجانب الآخر وهي تتسطح بجانبها، ثم بتردد سحبتها حتى أصبح رأسها على صدرها، أغمضت ” مهرة ” عيناها وهي تشتم لأول مرة رائحة والدتها، ثم لم تستطع كتم حديثها وهي تخرج مكنونات صدرها قائلة :

_ انا آسفة، الحاجة اللى مخلياني مش عارفة اقرب منكوا إني كنت السبب في أن بابا يموت، لو مكنش شافني و عرفني ” هاني ” مكنش هيقتله.

تساقطت دموعها وهي تتحدث لأول مرة بالحقيقة التي اثقلت قلبها، الشئ الذي منعها من الاقتراب من أيا منهم حتى ” دياب “، لم تكن تريد التوغل بينهم أكثر كي تستطع الذهاب عندما ينفجر أحد منهم ويخبرها بذلك بوجهها، كانت والدتها هادئة لبعض الوقت وكأنها تعالج حديثها، ثم قامت بتمسيد رأسها بحركات مهدئه وهي تجيبها بهدوء :

_ أني كنت عارفة أن ديه الي في بالك، بس كنت مستنياكي تاجي و تجولي بنفسك، تعرفي إني لما عرفت إلى حصل اكتر حاجة فرحتني أن ” فاروق ” عرفك جبل ما يموت ؟

رفعت ” مهرة ” رأسها بدهشة وهي تنظر لها، فأومئت ”
نادية ” بأبتسامة بينما تكمل :

_ اه والله زي ما بجولك، اتاريه قبل موته كان بيحب يمشي ناحية بيتكوا كَتير، كان بيشوفك وكان عارف إنك بته، بس الى زعلني أنه مجاليش أبدا، يمكن عشان مكنش متوكد لسه جوي، اي حاچه حصلت مش ذنبك يا ” مهرة “، دة جدر ومكتوب، ولو رچع الزمن مش هطلب منه يتغير، المهم إنك في حضني دلوق يا بتي، مسمعش الكلام ديه منك تاني ماشي ؟.

تدفقت دموعها و اعادت رأسها لتريحه على صدر والدتها مجيبة إياها بتردد:

_ حاضر يا.. حاضر يا ماما.

شعرت بـ ” نادية ” تشهق باكية، ثم استمرت بزرع القبلات على رأسها بينما تردف :

_ حضرلك الخير يا جلب أمك.

وأخيراً بمساعدة يد والدتها التي تمسد رأسها بحُب سقطت بالنوم وهي سعيدة بما بتقدم الأمور، وشعرت بعد مشاركة ” نادية ” مخاوفها التي لم تشاركها مع أحد قط وكأن هناك شئ ثقيل تم إزالته من على قلبها.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

يحاوطها الآسى، المرأة التي اعتادت أن تكون قوية، لم يجعلها تنحنى سوى حُبها.

_ إنتِ كُنتِ فعلاً ضايفاني في قايمة خساراتك يا ” يارا “؟

انتفضت من جلستها بفزع عندما استمعت لصوته، كان لا يزال يرتدي ملابسه الذي غادر بها امس، وأدركت أنهم وصلوا الآن، اعتدلت وهي تنظر له فـ ولج غرفتها واغلق الباب خلفه ولكنه لم يتحرك وهو يردف مجدداً :

_ جاوبيني!، كلامك ساعتها مخليني مش عارف أنام، هو احنا كدة خلاص ؟.

_ هو كان فيه احنا بالنسبه ليك يا ” عاصم ” ؟

اجابت سؤاله بسؤال، فلم يرمش حتى أو يجفل وهو يجيبها بصوت ثابت :

_ مكنش فيه غير احنا بالنسبة ليا، أنا عارف إني غلطت وعارف أن سواء دي صور قديمه او جديده فاهي ليها نفس الوجع وانا اسف لو خليتك تحسي لدقيقة إني قادر اخونك، بس انا والله العظيم ما اقدر اعمل كدة.

ثم اقترب خطوة ولم تتحرك هي من جلستها بينما عدلت حجابها لتعلم إنه ثابتاً ويداري شعرها، فأكمل هو دون اهتمام حتى بما تحاول فعله :

_ هديكي باسوردات اكونتاتي، ولو عاوزه كمان افتحلك الواتساب بتاعي على اللاب بتاعك هفتحه، بس بالله عليكي بلاش تنهيها.

نفت برأسها ونهضت وهي تقترب منه قائلة بأنفعال :

_ بس انا مش عاوزه دة يا ” عاصم “، مش عاوزه اكون محاوطاك ومقفله عليك، أنا عاوزه اثق فيك.

ثم امتلئت عيناها بدموعٍ لم تُذرف وهي تكمل بأسى :

_ عاوزه اعيش معاك حياتي، أنا حلمت كتير اوي بـ دة ومش عاوزه ماضيك ياخده مني.

ابتسم بأمل وهو يردف بسرعة :

_ مش هياخده والله العظيم، ثقي فيا وانا مش هخذلك، أوعدك يا ” يارا “، و وعد الراچل دين على رقبته، أنا بحبك بجد، إنتِ الوحيدة اللى حبيتها، أنا كنت غبي إني مأدركتش دة بدري بس إنتِ كنتي صغيره ومكنتش عاوز افكر فيكي بالطريقة دي، ها رجعنا ؟

تنهدت وهي تفكر بقرارها، لقد عاقبته لمدة أيام الآن، ولم تكن صراحة تريد إنهاء علاقتهم لتعطي تلك الفتاة التي أرسلت الصور مرادها، لذا اردفت وهي تنظر له :

_ رجعنا، عشان بس قطيع الستات اللى مستنينا نفسخ.

_ مش عشاني يعني ؟.

ابتسمت وهي تجيبه :

_ لا و عشانك كمان.

تأوه بسعادة غامرة، لقد ظن أنهم انتهوا، لم تكن تتحدث معه أبدا بالأيام الفائته وكلما كان يحاول كانت ترفض الحديث، رغم أن ” زيدان ” طمئنه أنها تعاقبه ليس إلا، الا أنه كان خائفاً أن يزيدها بعدهم جفاءاً، فأردف يشاركها مشاعره :

_ الحمدلله، كنت خايف بعدنا يعلمك تقسي عليا وتبطلي تحبيني.

_ يا عم اتنيل، كنت عرفت اتنيل ابطل احبك السنين دي، هو انت مديني فرصة، دة أنا حكمت على نفسي بالهم والله.

تحدثت بسخط وهي تنظر له، فرفع كتفيه ببساطة قائلاً :

_ هم هم مش مشكله المهم اننا رجعنا سوا، بالمناسبة بقا بقولك إيه!

تحول صوته للهمس بأخر جملته واقترب منها وهو يميل رأسه تجاهها وكأنه سيخبرها بسر ما، فتحمست وهي تميل تجاهه مبادلة إياه همسه :

_ ايه ؟.

_ اركبيلك جوّاد، وانسي اللى حصلك من عواد.
3

ضحك بصوت مرتفع عندما ركضت لتجلب شئ ما لضربه به، فتح باب غرفتها وهي يخرج ركضاً بينما صرخت به ليتوقف ولكن لم تتوقف ضحكاته وهو يستمتع بركضها خلفه، وعاد الضحك للمنزل مجدداً، فهمت ” سمية ” لـ ” نادية” وهم يراقبون ركضهم :

_ كأن بناتك مولودين مخصوص لولادي يا ” نادية “.

ابتسم ” نادية ” وهي تومئ برأسها، ودعت بداخلها أن يستمروا برفقة بعضهم البعض، وألا يفرقهم شئ أبداً،

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

دائماً كانت مرارة الكأس كافيه لتُنسيه مرارة ما عاشه، كان يتخدر عقله ليتوقف عن التفكير بكل ما يؤلمه، ولكن الآن أصبح حتى كأسه غير كافياً ليُنسيه ما يريد نسيانه، وكأن العالم انقلب ضده مرة أخرى بعدما ظن أنه وأخيراً اعتدل ليسير بصالحه،
كان هذا رجل كل ما تمناه أن يجد راحته، فكلما وضع رأسه على وسادة إذ بها تتحول الى حجر.

استيقظ ” مازن ” وهو يمد يده بجانبه ولكن كان السرير فارغاً بينما مكانها بارداً، اعتدل بفزع وهو يخرج بسرعة باحثاً عنها، وجدها واقفة بالمطبخ بينما توليه ظهرها، فتنهد براحة قائلاً :

_ انا قايل إيه على موضوع انك تصحى قبلي دة؟، هتقطعيلي خلفي في مره.

انفلتت منها ضحكة وهي تلتفت لتنظر له، فأبتسم حينما رأى كيف عاد اللون إلى وجهها أخيراً وأصبحت تنبض بالحياة كما اعتاد رؤيتها، ولم تأتيها الكوابيس منذ ثلاثة أيام، لقد نجح في مساعدتها على المرور مما حدث، فظهر التغيير عليها بعد مرور ثمانية ايام، ولكنه كان يعلم أن كل ذلك كان لأنها قوية، أقوى امرأة قابلها بحياته،
اخرجته من شروده عندما قبلته من وجنته قائلة :

_ سهرت امبارح تشتغل مرضتش اصحيك، اقعد بقا عشان بجهز فطار.

عندما اولته ظهرها مجددا كاد يتحدث ليمنعها من تحضير الإفطار، فوجدها تتنهد وهي تردف بشوق :

_ ياه، وحشتني أوي الوقفه في المطبخ، كأن بقالى سنة.

كان يمنعها من فعل أي شئ بالشقة، كان يجلب الطعام من الخارج ويجهز هو الافطار، كان يعمل ليلاً من المنزل بسبب خشيته من تركها بالمنزل بمفردها، ولكن يبدو أنها لن تقبل بالراحة بعد الآن، فتركها تفعل ما تحب بينما تمتم وهو يخرج :

_ هستحمى طيب لحد ما تخلصي، اعمليلي شكشوكه.

_ احلى شكشوكه.

اجابته فأبتسم وهو يذهب ليستحم، لقد شعر لأول مرة بأحساس المسؤولية، وإنه كان هناك شخصاً ما يعتمد عليه، فكان مستعداً لبذل ما بوسعه ليضمن راحتها، لم يخرج من المنزل بالاسبوع الفائت فلم يشرب أبدا، وقد كان عقله هادئاً ولم يلح عليه لأنه يحتاج للكحول، ربما لم تُلاحظ ولكن مثلما كان هو يساعدها بالبقاء بجانبها ساعدته هي أكثر،
انتهى من استحمامه وعاد إلى المطبخ فوجدها تضع أخر الأطباق على الطاولة، ابتسم وهو يجلس قائلاً :

_ ريحة الشكشوكه تحفة، تسلم ايدك يا ” بلقلس “.

جلست أمامه وهي تردف بتفكير :

_ فعلا، اكتشفت اني بعملها حلوه اوي، بفكر افتح مطعم للشكشوكه بس، واسميه شكشوكة بلقلس.

كانت تمزح وكان واضحاً على وجهها، ولكنها وجدته يمسك هاتفها بينما يقوم بالاتصال بشخص ما، وحالما أجاب تمتم :

_ بقولك ايه يا علوه، مراتي عاوزه تفتح مطعم شكشوكة، المفروض نفتـ…

_ ” مازن “!!، أنا بهزر بطل عبط.

صرخت ” بلقيس ” به وهي تحاول أخذ الهاتف منه، فضحك بملئ فمه بينما استطاعت سماع صوت ضحكة ” علي ” يتردد من الهاتف، فأردفت :

_ خلصتوا تريقة؟، افتح الاسبيكر كدة اسألوا على حاجة.

فعل كما أمرته، فأستمعت لصوت ” علي ” وهو يردف قائلاً :

_ خير يا مدام.

نظرت ل ” مازن ” شزراً وهي تردف بغضب :

_ خليه يقولي يا ” بلقيس “.

رفع حاجبه بوجهها فلم تنظر بعيداً وهي تريه كيف يضايقها الأمر، فتنهد قائلاً :

_ قولها يا ” بلقيس ”

انفلتت ضحكة من ” علي ” على الجهة الأخرى، بينما أردف قائلاً :

_ خير يا ” بلقيس “.

ابتسمت بأنتصار وهي تومئ برأسها برضا، ثم نظرت للهاتف وهي تردف بصوت مرتفع :

_ عيد ميلاد ” نور ” يوم الحد.

_ مانا عارف.

اتت إجابة ” علي ” بسرعة، فعقدت حاجبيها بأستغراب بينما أردف ” مازن ” :

_ يعني خطيبته وهيكتبوا الكتاب بعد بكره، أكيد عارف عيد ميلادها

لعنت غباءها ولكنها ضيقت عيناها بوجه زوجها قائلة :

_ مين قالك؟، انت فتحت الواتساب بتاعي ؟

شهق بدرامية وكأنه تعرض للخيانة قائلاً :

_ أنا أفتش في شاتات مراتي!، هو إنتِ لوحدك اللى ” نور ” صاحبتك، ما ” علي ” صاحبي واتكلمنا امبارح، صحيح يا ” علي “.

وجه آخر حديثه ل ” علي ” الذي كان لازال على الجهة الأخرى يستمع لحديثهم بتسلية، همهم إجابة له فأردف ” مازن ” وهو ينهض ليخرج بعيداً عنها كي لا تستمع متجاهلا النظرة التي أطلقتها تجاهه :

_ انا شوفتلك شقة زي ما قولتلي، متوضبه كمان، تلت اوض وصاله، ومطبخ واتنين حمام تقريباً، بس أنت متأكد انك عاوز واحده جديده؟، مش الفلوس دي كانت للفرع التاني ؟.

تنهد ” علي ” براحة لأنه لم ينم أمس بسبب بحثه عن شقة وقد طلب مساعدة ” مازن ” أخيراً عندما وجد أن بحثه لن يؤتي ثماره، أجابه قائلاً بهدوء :

_ شكراً يا ” مازن ” دة أنا منمتش والله، اه الفلوس كانت للفرع التاني بس كتب الكتاب بعد بكره و المفروض نبدأ نجهز في الشقة، ” جنة ” لسه مش هتتجوز دلوقتي فامش هعرف اعمل تجديدات هنا حتى، لما تتجوز أن شاءالله هبيع الشقة دي واحوش تاني على فلوسها للفرع أن شاءالله

تردد ” مازن ” فيما يريد قوله، ولكنه فعل ذلك على أى حال وهو يردف بحذر :

_ ربنا يعينك يا صاحبي، إيه رأيك اديك فلوس الشقة وتفتح الفرع بفلوسو وبعدين اديهملي ؟.

قابله الصمت على الطرف الآخر فأردف بمزاح ليزيل الاحراج :

_ مش هفرض عليك فوائد يا عم سكتت ليه ؟.

ضحك ” علي ” بحرج مجيباً إياه بخفوت :

_ مع أني هرفض بس اول مرة حد يعرض يساعدني في حاجة، شكراً يا ” مازن “.

_ كنت زيك على فكرة لما انتوا ساعدتوني، في الحقيقة أنا اللى لو فضلت اشكرك مش هكفي.

لقد كان يتصل به يومياً منذ ذلك الحين، ولأول مرة كان ” مازن ” يتحدث بالهاتف لمدة تزيد عن الساعة، كان ” زيدان ” و ” دياب ” أيضا يهاتفوه، بينما ” عاصم ” كان فقط يتصل دقيقة يشاكسه ثم يغلق، وكان ” مازن ” مرحباً بالدعم البعيد منهم،
1

_ يا راجل متقولش الكلام دة، أنا هقفل بقا عشان هخش اساعد في المطبخ، يوم الحد هتيجوا معايا ها.

_ عيني يا اخو.

اجابه ” مازن ” ثم أغلق الهاتف، ولج للمطبخ مجدداً فنظرت له ” بلقيس ” بحاجب مرفوع، رفع كتفيه وهو يجلس ليتناول فطوره قائلاً :

_ لما بتكلمي البنات بتقفلى على نفسك الباب.

قلبت عيناها بوجهه ولم تُجيبه وهي تأكل، عندما رن هاتفه مجدداً تأففت قائلة :

_ يادي النيلة.

ابتسم وهو يمسك الهاتف فوجد رقماً غريباً يتصل، عقد حاحبيه وهو يجيب قائلاً :

_ السلام عليكم.

‘ عليكم السلام، مازن عزيز الدين معايا ؟ ‘

توتر ” مازن ” ولكنه أجاب بالموافقة، فأتاه الصوت مجدداً قائلاً هذه المرة بنبرة حذرة :

‘ انا صديق لوالدتك، للأسف والدتك اتوفت النهارده ومحدش من اهلها جه يستلم الجثه، أنا في المستشفى الجوي في التجمع الخامس ‘
1

أصبح عقله فارغاً وهو يقوم بإنزال الهاتف من على اذنه، فزعت ” بلقيس ” بسبب إنسحاب اللون من وجهه، فنهضت وهي تقف بجانبه قائلة بقلق :

_ في إيه يا ” مازن ” ؟

_ ماما ماتت.

عندما تحدث بالكلمات بصوت عالٍ أدرك الحقيقة، لقد ذهبت!، للأبد الآن لن يرى صورها بالمجلات رفقة رجال مختلفة، لن يفكر إنها حتى وإن كانت بعيدة عنه ولكنه كانت بخير بعد الآن، شعر بـ ” بلقيس ” تضع يدها على كتفه ويبدو أنها حتى لا تعلم ما رد فعله هذه، هربت الكلمات من عقلها وهي تحاول التحدث، ولكنه نهض بسرعة قائلاً :

_ أنا هروح اخد بابا من البيت ونروح نستلم الجثة عشان نشوف الدفنه وكل دة.

_ هاجي معاك.

تمتمت وهي تسير بسرعة تجاه غرفتها، ولكنه امسك يدها وهو يوقفها قائلاً بينما ينظر لها :

_ لا اليوم هيبقى زحمة مش هقدر اخلي بالى منك، عشان خاطري متقاوحيش أنا مش قادر اتناقش، خليكي هنا، أنا عاوز أكون أنا وبابا بس.

كانت تريد مساندته ولكنها ستنتظر حتى يأتي وتحترم رغبته لأن هذا شئ خاص بينه وبين والده، فأومئت برأسها ولكنها اقتربت وهي تقبله بحنان قائلة حالما ابتعدت :

_ هتعدي يا حبيبي، مستنياك.

رمش ليطرد دموعه وهو يومئ برأسه لها، أخذ مفاتيح سيارته وهو يذهب بسرعة، لم يكن يريد البكاء حتى يكون بمفرده مع ” بلقيس ” يجب أن يتصرف بطبيعيه، ثم همس لنفسه بفراغ سيارته قائلاً :

_ متستاهلش تعيط عليها يا ” مازن “، متستاهلش.

عندما تحرك بأتجاه منزل والده كانت الدموع تغرق وجنتيه وهو يبكى بصوت مرتفع، لقد كانت والدته، لقد كبر دونها ولكنه كان لازال لديه الأمل أن تكبر وتطلب عفوه، كان يريد أن يقضي برفقتها اخر سنواتها عندما يشيب رأسها وتدرك ما كانت تفعله، ولكنها ذهبت!، دون حتى أن يصالحها أو يعانقها، كان في السابعة والعشرون من عمره، و لم يتحدث معها سوى مرة واحده عندما أتت إلى منزله منذ شهر، هل كانت مريضة وتريد أخباره ولكنه رفضها؟
1

وصل لمنزل والده أخيراً ونزل من سيارته سريعاً وهو يركض دون الاهتمام حتى بغلق بابها خلفه، استمع لصوت ضحكات والده مع أحد الرجال من داخل مكتبه فركض تجاهه ولكن قدمه تسمرت أرضاً وهو يستمع للحديث بالداخل :

_ هو فاكرها عملت كدة لعبه من اللى بيلعبوها بس انا اللى كنت مخطط لكل دة، بنت جميلة وكنت متأكد أنها هتقدر تغيره، وفعلاً دلوقتي لو تشوفو مش هتعرفه.
2

_ فظيع انت يا ” عزيز ” دماغك دي سم.

_ كان لازم حد يساعده يتغير طالما أنا معرفتش اعمل كدة والا كان هيفضل دايما نسخه من ” سوزان “، ومراته كانت عاوزه تهرب من والدها، دي كانت صفقه مناسبه ليا وليها، بيحبوا بعض دلوقتي، ربنا يسعدهم يارب.
1

رمش ” مازن ” وهو يتراجع خطوة، صفقة!
هل كان ما فعلته بأتفاق مع والده؟، بعد كل ما حدث بينهم وكل ما تشاركوه، ترنح بضعف وشعر وكأن قدمه لم تعد تستطع حمله، فأستمع لأقتراب اقدام منه و والده يصرخ قائلاً :
2

_ ” مازن “!، مالك ؟، في إيه ؟.

رفع أنظاره وهو ينظر لوالده، لقد اقترب منه منذ أيام فقط!، لقد سامحه على كل ما فعله ولكنه كان لا يزال نفس الرجل، لقد كان يراه انعكاسا لوالدته فقط، تذكر ما أتى لأجله، فهمس وهو يحاول منع نفسه من أن يجهش بالبكاء :
1

_ ” سوزان ” ماتت.

رأى توسع أعين والده بصدمة، ولكن هو ماذا كان سيفعل؟،
أين يذهب!

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

أحياناً يكون قُرب المرء عدو، ولكن لـ درجة قرابته به لا يعلم حتى نواياه، فالنوايا تتقلب و هي قابله للتشكيل حتى تظهر عكس ما تبدو، فيتم قول كلماتٍ مُحبة بينما بالحقيقه هي تُقطر سُماً، وبينما تظن أن ذلك الشخص هو الأقرب يكون ابعد عنك مما تظن، حتى تفيق على صليل سيفُه وهو يشق عُنقك، بينما قضيت حياتك تظُن أنكم بالفريق ذاته.

_ اتفضل يا عم ” وائل “.

_ حبيبي يا حسين.

كان يسير بشارعه عائداً من عمله أخيراً بعدما ظل غائباً عن المنزل لأيامٍ، لقد قضى سنواته الأخيرة سعيداً وكان قد حصل على ما أراد دائماً، دندن وهو يصعد السُلم بنفاذ صبر كي يصل إلى شقته :

_ أهل الحُب صحيح مساكين، صحيح مساكين.

فتح باب شقته وتنهد وهو يغلق الباب خلفه، ولج غرفته ليبدل ملابسه وعندما انتهى امسك بزجاجة عطره وهو يتعطر بينما لازال يدندن، ثم استنشق بهدوء وهو يعدل ياقة قميصه بتوتر ويدين ترتجف، وفتح باب غرفةٍ لا يعلم ما بها سواه، ولج للداخل واغلق الباب خلفه تحسباً، لا يثق بأحد أبدا حتى جان المنزل، وكأن الانس والجن ربما يتجمعون ليأخذوها منه،
رأها جالسة هناك بينما حالما رأته عادت للخلف حتى التصقت بالحائط، ابتسم وهو يجلس أرضاً أمامها قائلاً :

_ أنا جيت، وحشتيني أوي.
1

لم تجيبه كعادتها، لسنواتٍ كان كل ما يريده سماع صوتها ولكن حتى ذلك لم تنعم عليه به، فهمس وهو يغمض عيناه بحزن بالغ كاد يقتله:
1

_ كنت الحلم الوحيد اللى حلمت بيه و حققته، بقا تاني حلم إني اسمع صوتك تاني بتقولي اسمي، هو أنا إيه عيبي؟، اني حبيتك ؟
3

ارجعت رأسها للخلف واستندت به على الحائط، بينما تغمض عيناها و سقطت دموعها، بادلها الدموع وتمتم ببكاء وهو يقترب منها :

_ بيعيبوا عليا كأني كافر، وأنا ذنبي إني في عشقك هالك.

لقد تجرع من كأس الحب للمرأه الغير مناسبه، المرأه التي لم ولن تُكتب له أبدا، ولكنه مد يده ولطخها بالدماء كي يحصل عليها، ظل سنواتٍ يخطط ويخطط، و بالنهاية كان يجب عليه تلطيخ يداه بدماء اقرب الأشخاص إليه، همس وهو يسند جبهته على جبهتها، وكانت تعلم أن الأصفاد التي تلتف حول معصميها لن تساعدها على الإبتعاد عنه، فكتمت انفاسها بينما داعبت أنفاسه وجهها قائلاً :
3

_ لو النار مصيري عشان حاربت عشانك، فأنا ولهيبي خدامك، يا بدايتي و نهايتي.

تنهد وابتعد، ثم جلس امامها تاركاً لها المسافة التي تريدها، لقد كان يفعل كل شئ إلا إيلامها واجبارها على شئ لم ترغب به، نظر للسقف وهو يردف :
1

_ ايام الشغل كانت متعبه أوي المره دي، كنت حاسس أنها مش راضيه تخلص، وانا كنت هموت وارجعلك بقيت خايف يوصلك بعد ما كان هنا.

ثم شعر بها تنظر له، لم تكن تعلم عن من يتحدث، فأبتسم بسخرية قائلاً :

_ ايه الشوق اللى في عيونك دة؟، للدرجه دي عاوزه تبعدي عني!، ليه ؟، دة أنا عمري ما اذيتك!

ولم يفعل، لم يرفع يده عليها قط، لم يلمسها قط، كان يكفيه فقط الجلوس هكذا لساعات والنظر لها، كان يستمتع بالطريقة التي تتردد بها ضربات قلبه بأذنه كلما كان قربها، ولكنها لم ترى ذلك أبدا، فبكى كالطفل وكأنه لم يكن رجلاً يبلغ الخمسون من عمره قائلاً :
1

_ استنيت كتير اوي عشان تقوليلي انك بتحبيني، عشان تسمعيني صوتك أو تحبي تكوني معايا، هو أنا عملتلك إيه وحش ؟، بس عادي كفاية عندي إنك معايا أنا، حبك ليا أكيد هيفيض ومش هتقدري تكتميه اكتر من كدة وهتقوليلي أخيرا.
1

مد يده وازال دموعه، ثم خرج من الغرفه وبعد دقيقة عاد بصحن مليئ بالطعام، ومده لها قائلاً :

_ مش هحاول أأكلك عشان هترفضي، أنا جايبلك كفته وفراخ، أنا حاسك خاسة شويه، كلي كويس.

اخذت الطعام منه وهي تبدأ بالأكل، استمع لصليل الحديد الذي يحاوطها، وجلس أرضاً وهو يضم ركبتيه لصدره ويريح رأسه عليها قائلاً بينما يشاهدها بأعين تُضيئ :
1

_ عارفه ام كلثوم لما بتقول اهل الحب صحيح مساكين؟، أنا شايف أنها كانت هتبقى أحسن و واقعيه اكتر لو قالت اهل الحب صحيح مجانين، الحب مهلك بس جميل، ولو رجع بيا الزمن هحبك تاني، وعارف انك هتختاري برضو تحبيني أنا.

رفعت انظارها وهي تنظر له ثم اعادتها مجدداً إلى صحنها، كانت جميلة، وكأن السن لم يؤثر بها أبدا، كان خائفاً جدا أن تتركه لذا كان يجب ربطها بحائط الغرفة، عندما انهت ما بصحنها نهض وهو يأخذه قائلاً :

_ هاجي افكك عشان تستحمي.

وكما كان يفعل، قام بفك حصارها، ثم امسكها من يدها وهو يسحبها خلفه وسارت بهدوء، كانت تعلم إنه لن ينفعها أبدا إذا حاولت الركض لأن جميع أبواب هذا المنزل مغلقة جيداً، لذا دلفت للحمام واغلق الباب وهو ينتظر بالخارج، بينما يردف بكلماته المعتادة :

_ متخافيش، مش هيوصلك لا جن ولا أنس، أنا واقف هنا احميكي منهم كلهم.
1

غسلت جسدها جيداً، كان بالأيام التي يكون بها غائباً عن المنزل يترك دلو كبير بالغرفه وزجاجات مياة كي تقضي حاجتها، وعندما يعود يصطحبها هكذا لتستحم، فكانت هذه اللحظات الوحيده التي تكون بمفردها دونه، عندما انتهت خرجت وكان واقفاً بمكانه لم يتحرك قيد أنملة، اعادها للغرفة وبهدوء مدت يديها ليضع الأصفاد بها و صعدت على السرير كي تنام، بينما رأته يرقد أرضاً لينام أيضاً وقبل أن يغفو سمعت صوته يردف :

_ لازم نمشي من هنا، المره الجاية اللى هييجي فيها مش هتعدي على خير.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى