روايات

رواية ليست لي الفصل الثالث 3 بقلم الاء محمد حجازي

رواية ليست لي الفصل الثالث 3 بقلم الاء محمد حجازي

 

 

البارت الثالث

 

فتح الباب…وانصدم، تاج، واقفة قدامه،وشّها وارم،أثر الضرب باين على خدّها،
طرحتها مش متظبطة وطالع منها خصلات شعر مبعثرة،
وكمّ الفستان مقطوع، ماسكاه بإيديها كإنها بتحاول تستخبّى.
تميم حس إن الأرض سحبت من تحته.
ما لحقش يتكلم…
ولا يسأل…
ولا حتى يتنفس.
على صوت الجرس العالي، أمّه طلعت.
وأول ما عينيها وقعت على تاج،
ما سألتش…
ما اتكلمتش…
شدّتها من إيديها ودخلتها فورًا.
ادخلي يا بنتي… ادخلي.
دخل تميم وراهم،
قلبه بيدق بعنف،
ومخه واقف.
قعدت تاج على الكنبة،
كانت بترتعش.
أمّه دخلت المطبخ بسرعة،
ورجعت بكوباية ليمون.
مدّتها لها بإيد حنينة:
اشربي يا تاج… واحدة واحدة.
شربت رشفة،
وبعدين شهقة طلعت منها غصب عنها.
قعدت أمّه قدّامها، وصوتها كان هادي بس ثابت:
احكيلي… إيه اللي حصل؟
وازاي تسيبي جوزك في نصاص الليالي كده؟
شهقات تاج زادت، وبصوت مكسور قالت:
أنا… أنا ومحمود اتعاركنا… وهو ضربني.
تميم شدّ فكه.
غصب عنه.
سكوته كان تقيل.
أمّه بصّت لها بهدوء، من غير اتهام ولا دفاع:
وإيه يا بنتي اللي خلّى جوزك يمد إيده عليكي؟
مسحت تاج دموعها بطرف طرحتها، وقالت وهي بتحاول تتماسك:
أنا هحكيلك اللي حصل كله…
وإنتِ احكمي.
سكتت لحظة، وبعدين قالت بسخرية موجوعة:
بس قبل ما أحكي…
أنا طبعًا آسفة إني جيت لكم في وقت زي ده.
رفعت عينها ليهم:
بس أنا ما أعرفش حد غيركم.
أنا لسه عروسة جديدة…
المفروض يعني.
ضحكة قصيرة، مكسورة، خرجت منها:
وما ينفعش أروح بيتنا بالحالة دي…
إنتوا عارفين الناس ما بترحمش.
سكتت.
والبيت كله سكت معاها.
أمّه قربت منها، وحطت إيديها على إيديها:
ما تقلقيش يا بنتي…
إنتِ في بيتك.
وبنبرة أم حاسمة:
احكي…
إيه اللي حصل؟
بس اشربي الليمون الأول.
تميم كان واقف،
ساكت،
بس قلبه كان بيصرخ.
—————————–
مسحت تاج دموعها، وكملت وهي صوتها مبحوح:
بعد ما تميم مشي…
أنا وشذى قعدنا شوية.
وبعدين مشيت برضو؟
بلعت ريقها، وكملت:
لقيته فجأة بيبص لي ويقول:
أنا عايزك توسّعي لبسك شوية.
رفعت راسها وهي بتحاول تبرر:
قلت له: ما أنا لبسي كويس.
تنهدت بوجع:
قال لي: عارف يا حبيبتي، وكل حاجة… بس أنا بغير عليك.
وبعدين إنتِ عندك هدوم كتير ضيقة بصراحة.
ضحكت ضحكة قصيرة مالهاش روح:
قلت له:
هي مش ضيقة، هي على الموضة.
بطل أنت تخلف ورجعية.
صوتها ارتعش:
ساعتها وشه اتغيّر.
قال لي: لا…
إنتِ قليلة الأدب ومش محترمة.
رفعت عينها لأم تميم، وقالت بوجع:
قليلة الأدب؟
مش محترمة؟
ده إنتَ كنت حافي ورايا عشان تتجوزني!
شهقت، وكمّلت بسرعة كإنها خايفة اللحظة تفلت منها:
من كتر العصبية…
ضربني بالقلم.
البيت كله اتجمّد.
وسابني وخرج على طول.
سكتت، وبعدين قالت بصوت مكسور جدًا:
وأنا…
لبست وخرجت على هنا.
تميم كان واقف،
مش قادر يقعد،
ولا قادر يتكلم.
عقله كان بيرجع ورا…
ورا قوي.
إزاي؟
إزاي ده نفس الشخص
اللي كان فاكره ينفع يعيش معاه عمره كله؟
إزاي كان في يوم بيفكر
إنه ممكن يتجوزها؟
حس بحاجة تقيلة على صدره.
مش غيرة…
ولا حب.
صدمة.
وإحساس واحد بس كان واضح جواه:
الحمد لله…
الحمد لله إنه…….؟
وعلشان ما ظلمهاش أكتر من كده.
طلع تليفونه بهدوء.
إيده كانت ثابتة،
بس قلبه كان بيخبط.
اتصل.
أول ما الخط اتفتح قال من غير لف ولا دوران:
محمود… تاج عندي في البيت.
هات بعضك وتعالى.
وقفل.
رفع عينه،
بص لتاج،
وبص لأمّه.
اللي جاي
مش سهل…
بس السكوت
كان مستحيل.
————————–
الباب خبط.
مرة…
واتنين.
تميم فتح، ومحمود دخل بخطوات سريعة، وشه مشدود وعينه مليانة توتر.
قبل ما يقعدوا حتى، تميم قال بهدوء ثابت:
مراتك قالت إن اللي حصل كان كذا وكذا…
وحكى له كل حاجة زي ما تاج قالتها.
من غير زيادة،
ومن غير نقصان.
محمود سكت شوية، وبعدين قال وهو بيزفر بعصبية:
حصل…
بس هي كمان زوّدت.
رفع عينه وقال بنبرة دفاع:
فضلت تقول لي:
إنت ما بتفهمش، ومتخلف،
وأنا غلطانة إني اتجوزتك.
بلع ريقه وكمل:
أنا اتنرفزت…
ضربتها.
ما كانش قصدي.
سكت ثانية، وصوته واطي:
لما رجعت البيت…
ما لقيتهاش.
الجو كان تقيل.
تاج باصة في الأرض،
وأم تميم ساكتة.
تميم أخد نفس عميق، وبص لهم الاتنين:
تسمحوا لي أتكلم؟
محمود هز راسه:
اتفضل.
تاج هزت راسها هي كمان، من غير ما ترفع عينيها.
تميم قال بهدوء حاسم:
إنتوا الاتنين غلطانين.
رفع إيده شوية:
واسمعوني للآخر لو سمحتوا.
لفّ لمحمود الأول:
أولًا…
اللي ييجي ينصح حد، مهما كان مين،
لازم ينصح باللين وبالرفق.
صوته كان هادي، بس واضح:
النبي ﷺ علّمنا كده،وما كانش يومًا فظ ولا غليظ.
قرب خطوة بسيطة:
كنت المفروض تتكلم معاها بالراحة،
تفهمها،
وتقنعها،
مش تضغط عليها.
سكت لحظة، وبعدين كمل بنبرة أهدى:
ثانيًا…
ما ينفعش تمد إيدك على ست.
ما بالك بقى مراتك؟
عينه ثبتت في محمود:
دي وصية رسول الله ﷺ،
وكفاية إنها كانت من آخر الوصايا.
صوته واطي بس قاطع:
(استوصوا بالنساء خيرًا)،
وقال عنهم قوارير…
يعني رقيقة، مش مستحملة أذى.»
هز راسه بأسف:
تقوم إنت ضاربها؟
سكت شوية، وبعدين قال:
لو كنت متعصب…
كنت تسيبها وتمشي لحد ما تهدى.
نزل صوته أكتر:
الغضب لحظة،
بس أثر الضرب عمره ما بيبقى لحظة.
البيت كله كان ساكت.
الكلام نزل تقيل…
بس في مكانه.
لفّ تميم لتاج بهدوء، وصوته كان واطي بس واضح:
وانتِ كمان… تسمحي لي أتكلم معاكي كأخ كبير؟
هزّت راسها من غير ما ترفع عينيها.
كمّل وهو محافظ على نبرته الهادية:
إنتِ كمان غلطانة.
رفعت راسها بخضة خفيفة،
بس هو كمّل قبل ما تتكلم:
الزوج له احترامه في كل حاجة.
ما بالك بقى إن ده جوزك…
واللي المفروض يساعدك تقربي من ربنا أكتر.
سكت لحظة، وبعدين قال بنبرة فاهمة:
يمكن قال المعلومة غلط،
يمكن طريقته ما كانتش أحسن حاجة،
بس ده ما يديش حق الرد بالشتم.
قرب خطوة بسيطة، وكلامه طالع من حرص:
ومش كل موضة نجري وراها.
إنتِ كبيرة وعاقلة،
مش أي حاجة تتقال في الموضة تبقى صح.
بصّ لها مباشرة:
مش لما جوزك يقول لك كلمتين،
تردّي تقولي له:
إنت متخلف،
أو رجعي،
أو ما بتفهمش…
أو أي لفظ فيه إهانة.
نبرته ما عليتش،
بس كانت حاسمة:
الشتيمة عمرها ما كانت حل.
سكت ثانية، وبعدين قال بهدوء أكبر:
ثانيًا…
إنتِ خرجتي من البيت من غير إذن جوزك.
أم تميم اتحركت في مكانها،
بس تميم كمّل بهدوء:
حتى لو متخانقين،
حتى لو زعلانين،
ما ينفعش تخرجي كده.
خفض صوته:
البيوت ما بتتصلّحش بالهروب،
بتتصلّح بالكلام،
وبالعقل،
وبإن كل واحد يعرف غلطه.
رجع بصّ لمحمود، وبعدين لتاج:
إنتوا الاتنين محتاجين تهدوا،
وتفهموا إن الجواز مشاركة،
مش معركة.
سكت.
والسكوت المرة دي كان مليان تفكير،
مش غضب.
تميم خد نفس طويل، وبص لهم الاتنين، وبعدين قال بنبرة أهدى من الأول، نبرة واحد مش بيعاتب قد ما بينصح:
خلّيني أقول لكم كلمة أخيرة…
مش بس ليكم،
لأي اتنين لسه داخلين على جواز.
سكت ثانية، كإنه بيرتب كلامه، وبعدين كمّل:
الجواز مش حب وبس،
ولا ضحك وبس،
ولا صور حلوة وبوستات.
بص لمحمود:
الجواز مسؤولية.
وشراكة.
يعني إنت مش لوحدك، وهي مش لوحدها.
وبص لتاج:
يعني مفيش واحد فيكم يكسب، والتاني يخسر.
يا إما تكسبوا سوا،
يا إما تخسروا سوا.
صوته كان ثابت:
إنتوا لسه في أول جوازكم.
وأول الجواز دايمًا أصعب مرحلة.
رفع إيده شوية:
هتختلفوا…
وهتزعلوا…
وهتواجهكم مشاكل أكتر ما تتخيلوا.
هز راسه بهدوء:
وده طبيعي.
اللي مش طبيعي إن الخلاف يتحوّل لإهانة،
أو عصبية،
أو إيد متمدّة.
بص لمحمود مباشرة:
إنت راجل البيت.
قوتك مش في صوتك العالي،
ولا في إيدك.
نبرته كانت حاسمة:
قوتك في إنك تمسك نفسك وانت متعصب،
وتعرف تحتوي،
وتعرف تسكت لحد ما الغضب يروح.
وبص لتاج بنظرة مليانة حرص:
وانتِ…
كرامتك مش في التحدي،
ولا في الإهانة.
خفض صوته:
كرامتك إنك تعرفي تتكلمي،
وتشرحي،
وتحافظي على بيتك.
كمل وهو بيبص لهم الاتنين:
ما فيش جواز من غير تنازل.
ومش كل تنازل ضعف.
ابتسم ابتسامة خفيفة:
في تنازل اسمه عقل،
واسمه حب،
واسمه حرص على العِشرة.
سكت شوية، وبعدين قال بصدق:
إنتوا لسه بتبنوا بيت.
والبيت ما يتبنيش بالصوت العالي،
ولا بالكسر.
نبرته بقت أدفى:
يتبني بالصبر،
وبالكلام،
وبإن كل واحد فيكم يشوف غلطه قبل ما يشوف غلط التاني.
وبهدوء شديد ختم كلامه:
لو فضل كل واحد ماسك في رأيه،
ومش عايز يسمع…
البيت هيتهد قبل ما يقف.
بص لهم الاتنين:
بس لو مسكتوا في بعض،
وخلّيتوا الاحترام خط أحمر…
أي مشكلة هتعدّي.
سكت.
والسكوت المرة دي
كان مليان معنى.
نصيحة طالعة من القلب،
مش بس لتاج ومحمود…
لكل واحد لسه داخل حياة
اسمها جواز.
————————-
بعد تميم ما خلص كلام وشكره محمود
قاموا واحد ورا التاني.
محمود قرب من تاج، قال لها بهدوء:
يلا.
ما اتكلمتش،
قامت، عدّت من جنب تميم من غير ما ترفع عينيها.
خطواتها كانت تقيلة.
الباب اتفتح…
واتقفل.
الصوت وهو بيقفل كان عالي في ودن تميم أكتر من أي كلمة اتقالت طول الليلة.
لفّ بهدوء…
لقى أمّه واقفة وراه.
بصّت له نظرة واحدة،
نظرة أم شايفة قلب ابنها قبل ما يشوف نفسه.
قالت بصوت واطي، بس مليان وجع:
وبعدها معاك يا ابن بطني.
لفّ لها باستغراب خفيف، وهو بيحاول يضحك:
بعدها معايا في إيه يا ست الكل؟
قربت منه خطوة، وبصّت له في عينه:
هتفضل تخبّي وجعك لحد إمتى يا تميم؟
هزّ راسه بسرعة، وراح يمشي نحية الأوضة:
وجع إيه بس يا أمي… متكبريش الموضوع.
مسكته من إيده، برفق:
أنا بفهمك من نظرة عينك.
صوتها اتكسر شوية:
وعارفة كويس…
إنك بتحبها.
وقف مكانه.
ما عرفش يهرب المرة دي.
كمّلت بهدوء أم فاهمة الدنيا:
بس لازم تنسى.
رفع عينه لها بصدمة:
أنسى؟
قالت وهي بتمسح على دراعه:
وعشان تنسى…
لازم تخطب.
اتسمرت الكلمات في صدره.
بصّ لها كإنها قالت حاجة مستحيلة:
أخطب؟!
قالها وهو صوته عالي لأول مرة:
ولما إنتِ عارفة إني بحبها…
عايزاني أخطب إزاي؟
بلع ريقه، وكمل بانكسار:
إنتِ عايزاني أخطب واحدة
وأنا قلبي مع واحدة تانية؟
سكتت.
ما ردتش على طول.
فضل واقف قدامها،
راجل كبير،
بس جواه طفل موجوع
مش لاقي إجابة.
والليل…
كان لسه طويل.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية نجوت بك الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم مي مصطفي

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *