روايات

رواية ما وراء البئر الفصل الخامس 5 بقلم بسمة هلوان

رواية ما وراء البئر الفصل الخامس 5 بقلم بسمة هلوان

 

البارت الخامس

 

= “فيونا”.. هل أنا وسيمٌ لهذه الدرجة؟
توقعت التانية ترد عليه وتستهزأ بيه، بس لاقيتها بتقول بصدمة وهي بتشاركه الجريمة:
= ألم تُدرك هذا سوى الآن؟
عايشة مع عالم مجانين!!
بس لفت انتباهي “مدثر” وهو بيداري وشه وبيكتم ابتسامته، فابتسمت ابتسامة جانبية وأنا بقول لنفسي:
_يعني ماطلعتش بارد في الآخر وعندك قلب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضلنا نتحرك لمدة يوم كامل، ووصلنا لقرب القصر الجليدي بصعوبة، الحراس كانوا في كل مكان ماليين الأنحاء والأسواق، فأدركت إن القاضي دا بيبحث عني في كل مكان، حسيت بالخوف لوهلة لما الحراس ظهروا قدامنا فجأة وبيبحثوا عن بنت بمواصفات معينة..
= توقفوا!
وقفونا فقلبي دق بسرعة، مش عارفة أعمل ايه!!
بس حاولت أتصرف، بحمد ربنا إني غيّرت لبسي ساعة لما كنت في المجتمع السري، ولبست فستان تاني أسود وطرحة من نفس اللون.
الحراس جُوم بيتأكدوا مني ومن فيونا، كانت فيونا أقصر مني فمأخدوهاش في الاعتبار لإنهم عارفين مواصفاتي، بس لما جُوم عندي ماكانش ينفع أهرب! بصوا لي بيدققوا في وشي وفي ملامحي، ومع إنهم كانوا قصيرين بس ملامحهم مخيفة!
الحارس استدرك فجأة شكلي وهو بيصرخ في الجميع:
= إنها هي! لقد وجدناها! أمسكوا هذه الخائنة.
خائنة؟ أنا انكشفت!!
قلبي دق بسرعة وأنا ببعد، و”عبد الله” جِري وهو بيقول بلهجتي اللي مابيفهمهاش الحراس:
= روحي أنتِ و”مدثر” للقصر، واحنا هنلحقكم.
قالها فأنا فضلت واقفة مكاني متصنمة، و”فيونا” بتستعرض قدراتها اللي كانت التأثير في النبات وخلته يعيق الحراس بأغصان الشجر، مش متخيلة إني هسيب أخويا بعد ما لقيته بعد السنين دي كلها!
سمعت صوت “مدثر” وهو بيستعجلني:
= رضا، لازم نمشي دلوقتي، بسرعة!
لفيت عيني له وقلت بعدم استيعاب:
_بس “عبد الله”!!
قال بحدة وهو بيفوقني:
= قال لك هييجي لنا، لازم نمشي وإلا هتخسري نفسك وتخسري”عبد الله” كمان! يلا!
قالها وهو بيتحرك فأنا رحت معاه، جرينا بنهرب بعيد عنهم، كنت عاوزة أتطمن على أخويا بس “مدثر” قال:
= ماتبصيش وراكِ، أبدا!
سكتت وأنا بجري بسرعة، ماكانش فيه مساحة أعيط رغم إني عاوزة، فكتمت الغصة في قلبي وملامحي غضبت بشدة، حاسة إني عاوزة أكسر أي حاجة ألاقيها في وشي، وأرجع للحراس دول وأضربهم واحد واحد على التفرقة اللي عملوها دي.
هو الشعب دا ماله؟ ماشيين ورا الحكام وخلاص؟ بكل الظلم اللي بيعمله؟ بكل الديكتاتورية والنرجسية اللي في شخصيته؟ والحراس ماشيين ورا كلامه وبيطيعوه عمياني كدا؟ شعب مابيفكرش!!!
وقفنا عند طرف النهر، بناخد نفَسنا اللي انقطع من كتر الجري، عمري ما جريت كدا في حياتي، رميت بجسمي على الأرض.. لا.. دا مش وقت انهيار.. “عبد الله” حياته على الحافة بسببي هو و”فيونا”.. مستحيل أخلي دا يضيع هباءً.
كان “مدثر” بيستريح فقمت وأنا بعدي النهر برغم البرد اللي فيه بس استحملته، وقلت له بحدة:
_لازم نوصل للقصر، يلا.
كان لسة هيتكلم بتعب ظاهر على وشه بس أنا رافضة أي مقايضة، قلت بتهديد:
_اتحرك!
قام واتحرك معايا من غير كلام، وبعد مشي كتير في الغابة وصلنا لسور القصر، الحراسة كانت مشددة بس مش مهم، زي ما هربت قبل كدا هأقدر أدخل! بس عاوزة طريقة من غير قتـال!
بصيت حواليّ بتمعن، كان فيه مجموعة بنات في عربية رايحين للملك، فعرفت إنهم البنات الجواري اللي كنت معاهم جايين من رحلة زي كل يوم ما قالوا لي.. ابتسمت بخبث وأنا بأضيّق عيني وببص لـ”مدثر”، قال لي بنفي وبرود:
= مستحيل، مش هأنفذ اللي في دماغك أبدا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور دقائق…
كنت أنا و”مدثر” متنكر في لبس بناتي فوق هدومه العادية وكان في سترة كببرة غطت راسه والرداء على ضهره من ورا، وأنا كمان استخبيت بالطريقة دي.
كانت العربية لسة موصلتش للقصر الكبير، رحنا لها والجواري بينزلوا فاندسّينا بينهم من غير ما نجذب الانتباه، هو احنا جذبنا الانتباه.. بس انتباه الجواري اللي كانوا عارفينني!
سكتتهم بنظراتي وشاورت إني هحكي لهم في أوضة الحوض، التزموا الصمت وسكتوا لحد ما وصلنا بصعوبة..
= هييه أنتِ.. سيدتي!
لفيت راسي، كان بينادي على “مدثر”!! قلبي وقع وأنا بحاول أهدأ.. بس الحارس جه وأعطاه ورقة كانت واقعة منه، دي.. دي صورة!! بس الحارس مادققش و”مدثر” أخدها منه بلمح البصر وانحتى له باحترام من غير كلام بعدين كمل حركة..
كتمت ضحكتي على طريقة “مدثر”، كان شكله مضحك وغير راضي عن أي شيء بيحصل، عرفت دا كله من ملامحه وهو بيبص لي بكل تهديد ووعيد!
وصلنا لحد أوضة الحوض، اضطريت أني أشرح للجواري كل اللي بيحصل..
صاحبة الشعر الأحمر اللي سكتتني قبل كدا لما كنت هنا أول مرة، قربت مني باستغراب وبطريقة غريبة خلتني أحس بعدم الأمان، بس لقيتها قالت فجأة:
= أريد الرحيل معكم.
ملامحها هديت وهي بتتكلم، دي عاوزة تيجي معانا بجد؟ ابتسمت إنهم تقبلوا الموضوع.. وكذا واحدة من الجواري وافقوا على كلامي وقالوا هيساعدوني، لحد ما “مدثر” قال بهدوء:
= ولكن عليكنّ التخلي عن قوتكنّ، فالعالم الآخر لا يعتاد مثل هذه الأشياء.
= نتخلى عن قوتنا؟
كان شيء بالنسبة لهم شبه مستحيل، أصل كل بنت فيهم عندها قوة خاصة بيها ماينفهش تمارسها في عالمنا، فلازم مايظهروهاش أبدا! وبعد صراع كبير.. أول بنت وافقت.. ووراها الباقي وافقوا بشقّ الأنفس بعد ما شاوروا نفسهم.
كنت مبسوطة بإنهم هيتحرروا أخيرًا من قَيد القاضي، ومش هيبقوا مجرد جواري!!
_علينا الآن إيجاد طريقة لنصل لغرفة القاضي.
قلتها بتفكير وأنا مش عارفة ايه اللي هنعمله، بس لقيت صاحبة الشعر الأحمر بتقول:
= أستطيع مساعدتكِ في خطوتكِ القادمة.
ابتسمت لها بانبساط.. وفكرة خبيثة جات في دماغي لازم أنفذها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أيها الحراس، تعالوا بسرعة!
قالتها بنت من الجواري وهي بتمثل الخوف، الحراس اللي كانوا قدام الباب دخلوا بسرعة البرق، البنت قالت لهم بخوف وهي بتبص لصاحبة الشعر الأحمر اللي مغمى عليها وفيه دم:
= إنها مريضة، لقد سقطت فجأة وهي تبصق الدماء، عليها زيارة الطبيب حالا!
الحراس كانوا هيشيلوها فبنت تانية قالت بتحذير وحدة:
= أتريدان من القاضي أن يقطع رأسيكما؟ لا يُسمح لكما بحمل المُشرَّفات!
رحت أنا و”مدثر”، أنا شلت صاحبة الشعر الأحمر وهو بيمثل إنه شايلها ولكن مش ماسس أي حتة فيها، والبنت التانية ماشية ورانا بتمثل الخوف الشديد.. الحراس كانوا هييجوا ورانا راحت البنت قالت بقلق:
= عليكما البقاء هنا لحراسة المُشرفات كي لا يستاء القاضي، أنا أعلم غرفة الطبيب.. سأرشدهما إليها.
وبرغم خوف الحراس اللي ظاهر إلا إنهم سمحوا لنا إننا نمشي، بعد ما بعدنا عن ناظرهم ضحكت على “مدثر” بسخرية:
_ شايلاها والحمل كله عليّ، وأنت الراجل! ماسك طرف الفستان وبتتحرك!
قال لي ببرود وهو بيدافع عن نفسه:
= ما هو أنا بالذات علشان راجل ماينفعش ألمسها.
أومأت براسي بوافقه في كلامه واحنا بنغير كلامنا، ودلوقتي صاحبة الشعر الأحمر اتعدلت وهي بتمسح الدم المزيف من على بُقها، واللي كانت قوة من ضمن قوة البنات إنها تعمل من المياه دم، فكان سهل علينا نزيف المرض.
اتحركنا لغرفة القاضي وراها، كان فيه حراس زي ما توقعنا، وما دام وصلنا للمرحلة دي.. جه دور البنت اللي كانت بتمثل معانا، كان شعرها أبيض وجميلة.. بس دا عكس قوتها تماما.. قدرت إنها تتحكم في الهواء وهي بتصنع فقّاعة حوالين الحراس بحيث مايقدروش يتنفسوا، وبالفعل دا اللي حصل.. اتصدمت من وحشية القوة!! الموضوع مرعب!!
بس أغمى عليهم بس، ماماتوش.. ودا اللي طمنني لما “مدثر” فحص نبضهم قبل ما ندخل للأوضة.
وهنا جه دوري أنا أخيرًا.. إني أتخلص من القاضي!!
اتحركت بسرعة بفتح الأوضة بحذر، أول ما دخلت مالقيتش حد.. استغربت وأنا في نص الأوضة.. بس سمعت رزعة فجأة فاكتشفت إن الباب اتقفل.. والـ.. قاضي هو اللي قفله بنفسه!!!
“مدثر” على الناحية التانية عمال بيخبط في الباب علشان يفتحه.. بس كان.. تلج!
وهو بيفشل في كل مرة بس مايئسش وأنا بسمع الباب كل شوية بيتخبط بكتف “مدثر”..
وأنا مصدومة مكاني فلقيت القاضي ابتسم وهو بيقرب بحدة:
= عدتِ إليّ بنفسكِ، لم تتوقعي هذا أليس كذلك؟؟
_كيف عرفت؟
سألته بغضب.. ازاي قدر يعرف الخطة؟؟
بس لقيته ضحك وهو بيقول بنبرة باردة كلها استفزاز:
= عزيزتي”راسيل”.. سوف تقضي على صديقيكِ بالخارج، وبعدها سأجمد صاحبيكِ الآخرين الذين وجدهما الحراس، وبعد أن تشاهدي جميع من حولكِ يتساقط.. سأفكر حينها في الطريقة المثلى لـ… قتلكِ.
راسيل؟؟ صاحبة الشعر الأبيض؟ هتخلي تنفسهم يقف!! لازم أنقذهم!!
ولكن بالفعل.. الضرب على الباب وقف..”مدثر” فين؟ مستحيل!
أخدت سكينة من على السفرة وأنا بقرّب بكل قوتي من القصير اللي استولى علئ كل شيء حلو في حياتي، وجريت عليه علشات أقتـله بس.. سكتت.. بحركة واحدة قلب كل حاجة ضدي.. فقدت الكلام وأنا راسي بتنزل ببطء وأنا ببص على بطني.. كان ماسك خنجر تاني.. وغرزه فيّ بكل غل.
السكينة وقعت من ايدي، وأنا وراها بتلوّى على الأرض بألم..
مسك السكينة وهو بيبتسم وبيقرفص.. قرب من وداني وبيهمس لي:
= نعم كما خمنتِ.. سأسلبكِ كل ما تملكين.
رفع السكينة اللي بقى بيني وبينها أقل من ربع متر، حسيت إني هانهار.. فضلت أكتم في نفسي سنين بسبب اللي حصل لي وقلت إني مش لازم أنهار.. مش وأنا لسة ماحققتش حاجة حلوة في حياتي..
بس فجأة حسيت بحرارة في المكان، والقاضي اختفى منقدام عيني بسبب “مدثر” اللي مسكه بكل قوة غضب فيه، وهو بيخنقه.. عرفت إن صاحبة الشعر الأحمر كانت قوتها النار، بس كانت مخبياها علشان القاضي مايعتبرهاش بتتحداه اللي ماينفعش تبقى موجودة في قصر من جليد.
بصيت على الباب لقيت “راسيل” مرمية على الأرض والحروق مالية جسمها، كل اللي حواليّ.. كله مُـوت!! “مدثر” خلّص على القاضي.. خلاص الشر انتهى.. بص لي هو وصاحبة الشعر الأحمر وقربوا مني، هي شايلة راسي على رجليها وباقي جسمي على الأرض، و”مدثر” بيبص لي بصدمة، وهو بيقول:
= مش أنتِ، مش عاوزك تبعدي أنتِ كمان!
حسيت بحاجة دافية على خدي فأدركت إني بعيط بصمت، وآخر كلمات قلتها كانت:
_”عبد الله”.. أنقذ أخويا.
وبعدها كان كل اللي حواليّ فراغ أسود وماحسيتش بأي حاجة حواليّ غير بنظرة أخيرة.. وملامح “مدثر” اللي اتغيرت أخيرا عن البرود.. للضياع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل دي النهاية؟ مستحيل!! فيه خاتمة نزلت بعد دي على طول والنهاية موجودة فيها، روحوا شوفوها بسرعة! آخر لحظاتنا معاهم جات!

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية سليم وليليان - قلبي المتيم بها الفصل العاشر 10 بقلم دنيا محمد

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *