رواية ما وراء البئر الفصل الأول 1 بقلم بسمة هلوان
رواية ما وراء البئر الفصل الأول 1 بقلم بسمة هلوان
البارت الأول
سمعت عن البير النادر اللي موجود في مصر واكتشفوه من كام يوم؟
بير ملوش نهاية ولا حد رغم حداثة المعدات محدش عرف يجيب نهايته!
كذا مستكشف دخل اليومين اللي فاتوا علشان يعرفوا عمق البير، بس محدش أبدا رجع، قصة تخوف مش كدا؟
قعدت كل يوم أسأل نفسي، فيه ايه؟ ليه محدش بيرجع؟ ايه اللي بيحصل بالظبط؟ هل فيه وحش مثلا؟ أو قروش؟ أو دوامات؟
بس عمري ما عرفت الإجابة، علشان كدا أنا خاطرت وأخدت التحدي علشان دايما فضولي بيغلبني!
سافرت لمكان البير وطبعا ماقلتش لحد، أصل هقول لمين؟ أنا اتولدت في دار أيتام، بس ماكنتش زي الأطفال العاديين، اتولدت فضولية تجاه كل شيء..
حتى إني لحد دلوقتي عندي حرق في ايدي بسبب إني حاولت أمسك النار قبل كدا..
وصلت البير، وزي ما توقعت، كان فيه معكسر باحثين وأجانب حوالين المكان بيحاولوا يكتشفوا سر البير، فأنا اضطريت إني أستخبى بين الجبال والبرد علشان مينفعش أولع نار لأحسن يكتشفوا مكاني.
استنيت لما الدنيا ضلمت خالص وكل اللي في المعكسر هدي، كان فاضل ساعة على الفجر، أخدت معداتي بسرعة وجريت باتحرك بصوت واطي علشان محدش يكتشفني.
وصلت لحد البير، كان شكله صغير من برة، بس واضح إن عمقه كبير، ربطت حبل في صخرة موثوقة علشان تتحمل وزني لو حصل حاجة، ولفيت الطرف التاني حوالين بطني في البدلة اللي جبتها مخصوص علشان الموضوع دا.
ابتديت أنزل في البير، وبمسك الصخور بايدي وأنزل واحدة واحدة، لازم أخلص قبل الفجر، ماينفعش حد يعرف أني هنا وإلا هتعرض لمساءلة القانونية.
نزلت لعمق كبير، وواضح فعلا إنه ملوش نهاية، لحد ما أخيرا.. رجلي لمست مياه، ورغم البرد بس برضه تمالكت نفسي وغصت في المية وأنا حاطة نضارة حوالين عيني ومشغلة كشاف، كان الجو كحل مش ظاهر أي شيء!
وفضلت أنزل، لحد ما حسيت إن نفسي هيتقطع رغم أني بقى لي 3 دقايق كاتمة نفسي بس مستحملتش فرجعت لفوق بسرعة البرق تاني، أخدت نَفسي وأنا ببص للمياه وبقول بنفس مقطوع:
_هو.. ملوش نهاية بجد.. ولا ايه؟
بس أخدت التحدي المرة دي، أنا ماجيتش علشان أعرف نتيجة كل العالم عارف بيها، أنا جاية أكتشف.. ايه الجديد!!
نزلت تاني بسرعة أقوى، وحاولت أكتم نفسي لفترة أكبر، بس حسيت إني بغيي عن الوعي، كأني هيغمى عليّ، بصيت حواليّ، كان ضلمة وبس، ولكن.. فين البير؟؟
بصيت فوقي وجنبي وفي كل حتة، البير الأساسي والصخور مش موجودة، اتصدمت وفتحت عيني على الآخر، أنا.. أنا هموت؟؟
كان واضح إن المية حواليّ في كل اتجاه، مفيش صخور أقدر أمسكها، والحبل! افتكرته، ببص على بطني وبحاول أمسكه فاتصدمت!
أنا شلته في نص الطريق علشان ماكانش طويل كفاية يسيبني أوصل للعمق دا!
قلبي دقاته عليت من الرعب اللي دب في جسمي، وحسيت إني باللي عملته دا بأنتــ،ـحر! أنا اللي عملت كدا في نفسي!
نفَسي قرب يتقطع، مش قادرة أستحمل!!!
حاولت أهدي نفسي وأسبح في أي اتجاه لمدة، يمكن ألاقي البير، وبالفعل فضلت رايحة يمين دايما، لحد ما.. دا.. دا نور؟؟؟ سبحت بسرعة ناحية ضوء النهار اللي ظاهر، بس وقفت في نص الطريق، قلبي دقاته قلت.. ودماغي كأن عليها غشاء.. ونفسي.. اتقطع!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_ما هذا الشيء غريب الشكل؟
= إنه يبدو مثل الرسومات القديمة، هل رأيت مكتب القاضي والرسومات عليه؟
أنا ليه سامعة كلام غريب؟ أنا رجعت للعصور الوسطى ولا مُت ولا ايه؟
بدأت أفتح عيني، بس الضوء اللي حواليّ كان مُتعب ففتحتها بصعوبة، بس فجأة كحيت ولقيت نفسي بكح مياه كتيرة، بصيت حواليّ، خُضرة، وشجر في كل حتة، وسما صافية، المكان يجنن.. أنا في الجنة؟
_انظر، هذا الشيء يتحرك!
نزلت عيني لتحت، كانوا.. أقزام؟؟ دا بجد؟ ولبسهم كله أزرق بشكل مُريب، ووشوشهم تكاد تكون متطابقة! أنا فين بالظبط؟
اتخضيت وبعدت عنهم وأنا بحاول أقوم، بس كنت مربوطة، ومش بحبل! بل بغصن شجرة ليّن مش قادرة حتى أكسره!
قلت بعدم تصديق:
_أنتوا مين؟ وأنا فين؟؟
= إنه يصدر صوتا! وتتكلم! أبلغ القائد على الفور.
كان واحد من الأقزام هو اللي بيصرخ في اللي جنبه والتاني راح جري أول ما سمع كلامه، بصيت له بصدمة:
_أنت بتتكلم كدا ليه؟ بتصوروا مسلسل ولا أنتم هنود حُمر ولا أنا فين؟؟
= بمَ تهذي أيها الكائن الغريب، اصمت!
_أنا؟ أنا كائن غريب؟ يعني مش أنتم اللي كائنات غريبة مريبة عجيبة؟ يا قزم؟
ملامحه احتدت وهو بيبص لي بغضب وودانه الغريبة اترفعت لفوق وقال:
= كائن وقح، أنا لست قزما بل أنت الطويل الأخرق!
بصيت له بعدم تصديق ولسة هتكلم لقيت فيه أقزام أكتر جاية وراكبين خيول كبيرة عليهم، دول حاطين لها سلم علشان يركبوها! وييجي يقول لي (لست قزما؟) دول أكيد الكاميرا الخفية ولا دا مقلب ولا ايه!
لقيتهم بينزلوا من على الخيول، وواحد فيهم ضخم عنهم قرب مني وأنا قاعدة وهو بيقول بتعجب:
_كائن آخر من هذه السلالة؟
كائن آخر؟ هو ليه بيتكلم كأنه مايعرفش بيّ مثلا؟ بعدين ما هو زيي بس قزم! ما عدا ودانهم الطويلة الغريبة دي، أكيد عاملينها علشان بيمثلوا مسلسل.. أنا جيت قاطعتكم طيب؟
كنت قاعدة على الأرض الخصبة والأشجار حواليّ، أراهن أنهم اخترعوا سلم علشان يتسلقوا الأشجار خاصة بطولهم دا!
_ائتِ به إلى قاضي (ضِدَّ) يحكم في أمره.
بيعاملوني على أني كائن، وذكر، سبحان الله.
حاولوا أنهم يشيلوني بس معرفوش لإني ماساعدتهمش بالعند أني مش هتحرك، وأشوف حصل لي ايه بعد ما نزلت البير دا، يمكن بحلم؟ ويمكن الباحثين قفشوني وحبوا يعملوا فيّ مقلب؟ ولا دا رامز جلال بفكرة جديدة؟
_أيها الكائن الغريب الأحمق.. تحرك!
= بس يا أبو ودان طويلة.
آخرة ما زهقوا راحوا اجتمعوا وجروني ووشي بقى بيخبط في كل حتة وأنا بصرخ بكل قوتي على حد يلحقني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ايه المكان اللي أنا فيه دا؟
كنت واقفة وهم ماسكينني من غصن الشجرة، وأنا ببص للبيوت الضخمة اللي عاملينها، ماتصدمتش بسبب ضخامتها.. بس اتصدمت لإنها.. مصنوعة من تلج!! حطيت ايدي بحسبه إزاز بس اتخضيت لما لقيته بارد.. تلج!
_بيوت من تلج؟؟
قلتها بدون وعي، بس القزم اللي جنبي سمعني وقال باستغراب وحدة:
_ماذا؟ ألم تَري مثلها أبدا؟ يبدو أنكِ من العامة.
= عامة؟ علمة مين وخاصة مين؟ يا جدعان وقفوا الهبل اللي بيحصل دا أنا مستحملة بالعافية، اطلع يا رامز يا جلال أنا قافشاك وعارفة اللي بيحصل!
بس وبرغم حدتي وغضبي وأنا باتكلم كدا، مالقيتش غير الأقدام باصين لي بصدمة، فبصيت لهم بابتسامة بحاول أداري الهبل اللي عملته برضه:
_أڤورت مش كدا؟
ولا اهتموا بربع جنيه وفضلوا يجروني وراهم زي العبدة، لحد ما وصلت لقصر ضخم ومكتوب عليه باللغة العربية (القاضي الأعظم).. وماله؟ شكلهم بيمثلوا بذمة وضمير.. بس اللي أنا مستغرباه، هي ازاي البيوت دي مابتدوبش؟ دا الشمس طالعة قد كداهو في السما!
ودخلنا بيت القاضي، وأول ما دخلنا وشفته قاعد على كرسي من تلج وباصة له بنص عين، هو متأكد إنه سليم؟ عضمك مابيوجعكش طيب؟
دخلنا وقعدت في الأرض من التعب وفرهدة الطريق، وقلت بزهق:
_والله لو ماقبضتش بالدولارات بعد دا كله أنتوا أحرار، بمثل غصب عني أصلا وهبوظ لكم الفيلم.
= بمَ تهذي أيها الكائن؟ تأدب في حضرة القاضي!
_القاضي ربنا يا حبيبي غور من وشي دلوقتي مش ناقصاك.
وبمجرد ما عملت كدا لقيت فيه سيف من تلج بينه وبين رقبتي سنتي واحد، بصيت له بصدمة، ولقيت القاضي دا نزل من مكانه فارتحت نفسيا إنه مش قاعد على الكرسي المتلج دا.
خلى القزم يشيل السيف بنظرة من عينيه، وبعدين بص لي وهو بيبتسم، بعدين قال للأقزام بتوعه:
_اذهبوا بها لغرفة الحوض، حالا.
_غرفة ايه يابا؟ أغسل ايدي هناك ولا ايه؟ ابعد بس كدا أنا هروح، خليهم يشيلوا البتاع دا من على ايدي علشان ورمت.
ولا كأن حد واخد باله مني أصلا وهم نازلين جر فيّ لمكان تاني، قلت بعدم تصديق:
_أنت يا قصير أنت خليهم يسيبوني، هو أنا جاية أتهزق هنا ولا ايه؟
بص لي فحسيت بأمل أنه فهمني أخيرا، بس ابتسم لي وسابهم برضه يجروا فيّ بالعافية، لحد ما وصلت لغرفة الحوض وفكوا ايدي وبعدين رموني جوة بقوة فقلت بغضب:
_وربنا لأربيك منك ليه بس صبركوا عليّ يا أقزام يا قصيرين!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاولت أهدأ وسمعت صوت ورايا، بصيت ورايا أشوف فيه ايه، ولقيت.. حوريات كأني في الجنة، بنات أقصر مني بنسبة بسيطة ماقدرش أقول عليهم أقزام، بس أطول من الرجالة اللي هنا، وعندهم برضه نفس الودان الغريبة..
_يا نهار مزز.
قلتها وأنا ببص لهم، كانت اللي تحت شجرة، واللي قاعدين حوالين حوض كبير زي حمام سباحة بس مصمم بشكل بارز ودائري، شكله تحفة، وفيه مية بتعكس السقف المزخرف بلون أزرق داخل منه ضوء الشمس..
ودا خلاني أتساءل، ازاي برضه التلج مابيدوبش؟؟
قطع حبل أفكاري البنات وهم بيلفوا حواليّ، وبيسألوني!
= من أي الأقوام جئتِ؟
= أشعر أنني رأيتكِ في وقت سابق.
= لمَ أنتِ كالنخلة؟؟
_أنا برضه اللي كالنخلة؟ ولا أنتوا اللي زي شجر الزينة يا قصيرة منك ليها!
البنات شهقوا وبصوا لي بصدمة، هم فهموني؟ واووو.. حد بيفهم!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الأول من حكاية #ما_وراء_البئر. البطلة في حتة تانية
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ما وراء البئر)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)