رواية أسيرة في مملكة عشقه – من الفصل الرابع عشر إلى العشرون جميع الفصول في مكان واحد | بقلم سيليا البحيري
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل الرابع عشر
فصل 14
في قاعة الجلوس في فيلا عائلة الشرقاوي بعد انتهاء الحفل
كانت العائلة بأكملها قد عادت إلى الفيلا بعد ليلة زفاف رائعة. جلس الجميع في غرفة الجلوس الواسعة، حيث الأجواء مريحة، ورائحة القهوة والشاي تنتشر في المكان. الجد الأكبر نادر الشرقاوي جلس في منتصف المجلس، ممسكًا بعصاه بينما يراقب الجميع بنظراته الحكيمة والمكر الخفي يلمع في عينيه.
نادر (بنبرة هادئة لكن ماكرة): الحفل كان جميل… بس أنا عندي سؤال كده، وغالبًا محدش هيرد عليه غيري!
التفت الجميع إلى الجد، بينما غزل التي كانت تحتسي كوب العصير، توقفت عن الشرب ونظرت إليه بحذر.
سليم (والد غزل بصرامة خفيفة): سؤال إيه يا حاج؟
نادر (يرفع حاجبه بدهاء): هو أنا بس اللي لاحظت إن حفيدتي غزل كانت مبسوطة زيادة عن اللزوم بوجود حد معين في الحفل؟
غزل كادت تختنق بعصيرها وهي تنظر إليه بعينين متوسعتين، بينما بدأت ميار (والدتها) تضحك بخفة. لكن قبل أن ترد غزل، تدخل سليم (ابن عمها) بحماس واضح، وابتسامة مشاغبة على وجهه.
سليم (بحماس): أخيرًا جدو جاب سيرة الموضوع! أنا بقى كنت مستني اللحظة دي!
غزل (مصدومة): لحظة إيه بالضبط؟
سليم (يغمز لها بمكر): لحظة الحديث عنك إنتِ وغيث، حبيبتي، اللي المفروض من دلوقتي أفكر في طريقة أخليكم تتجوزوا بيها!
اتسعت عينا غزل بذهول، بينما انفجر إياد (عمها الأعزب) وزين (عمها الآخر) في الضحك.
إياد (ساخرًا): الله عليك يا ولد! مخططلها حياتها من غير ما تعرف!
غزل (بغضب): سليم! أنت اتجننت؟!
سليم (بمرح): لا، بس يا حبيبتي إنتي مش شايفة كمية اللطافة اللي بينكم؟ نظراتك ليه، ونظراته ليكي؟ وإزاي بيبصلك كأنك حاجة مقدسة؟!
نادر (يهز رأسه بمكر): أهو ده الكلام! بصراحة يا غزل الولد واضح إنه محترم وجدع.
سليم (بحماس زائد): وجميل جدًا! ما شاء الله عليه، مش معقول إنك مش واخدة بالك!
كانت غزل تنظر له بصدمة، ثم تحولت إلى والدها سليم، الذي كان يراقب المشهد بصمت بنظرة جادة.
سليم (والد غزل، ببرود): محدش هيتكلم في الموضوع ده دلوقتي. غزل تركز في دراستها الأول.
ميار (والدتها، وهي تبتسم): يا حبيبي ما إحنا بس بنتكلم، مش هنكتب الكتاب دلوقتي!
زين (عم غزل، يضحك): بس بصراحة يا سليم، أنا شايف إن ابنك عنده حق. غيث ولد محترم.
سليم (ابن عم غزل، بمرح وهو ينظر لها): يا جماعة، أنا مش هرتاح غير لما أشوفهم مع بعض! غزل وغيث… اسمهم حلو على بعض كمان!
غزل نظرت إليه بتهديد واضح، ثم قامت من مكانها فجأة وهي تحاول السيطرة على احمرار وجهها.
غزل (بتلعثم): يا جماعة، الحفل خلص، وأنا عندي محاضرات الصبح، تصبحوا على خير!
هربت إلى غرفتها وسط ضحكات العائلة وتعليقاتهم المرحة، بينما سليم كان يضحك بمكر وهو يقول:
سليم (بحماس): أنا وراها لحد ما تحب الولد ده غصب عنها!
نادر ابتسم بمكر، وكأنه متأكد أن هناك قصة لم تبدأ بعد لكنها ستبدأ قريبًا…
*********************
بعد أن غادرت غزل، ظل الجميع يضحكون على ردة فعلها، بينما كان الجد نادر يراقبهم بنظرة مليئة بالمكر والدهاء. سليم (ابن زين) استغل الفرصة ونظر إلى والده زين أولًا ثم وجه حديثه إلى عمه سليم والد غزل، بنبرة جادة لكن مليئة بالحماس.
سليم (ابن زين، بابتسامة جانبية): على سيرة غيث، أنا عاوز أقول حاجة مهمة.
سليم (والد غزل، يرفع حاجبه باهتمام): اتفضل، سامعك.
سليم (ابن زين، بحماس): غيث دلوقتي بيدور على شغل، واتطرد من المطعم اللي كان بيشتغل فيه بسبب… جدتي زينب.
زين (والده، يغمغم بسخرية): لا جديد تحت الشمس…
نادر (الجد الأكبر، يبتسم بمكر): زينب؟ عملت إيه تاني؟
سليم (ابن زين، بتنهد): دخلت المطعم، وغيث كان سرحان لحظة، حصل سوء تفاهم، وسكب الشوربة عليها بالغلط… طبعًا عملت حفلة، وطلبت من صاحب المطعم يطرده فورًا!
سليم (والد غزل، ببرود): تصرف متوقع منها.
ميار (والدة غزل، تضع يدها على جبينها): ربنا يهديها، هو الولد ذنبه إيه؟
سليم (ابن زين، بجدية): عشان كده بفكر… ليه ما نساعدوش ونوظفه في الشركة؟
سليم (والد غزل، ينظر له بتمعن): في الشركة؟
سليم (ابن زين، بإصرار): أيوه، غيث ولد محترم، ذكي، وعنده طموح. وأنت بنفسك شفته في الحفل وعرفت أد إيه هو مؤدب وجاد. وكمان ماما (تقى) و طنط ميار حبوه جدًا، ماما حتى كانت بتقول إنه يستاهل فرصة حقيقية.
ميار (والدة غزل، تبتسم بحنان): ده حقيقي، الولد قلبه طيب، ومكافح، ولازم ياخد فرصة، مش كل واحد ظروفه صعبة معناه إنه أقل مننا.
نادر (الجد الأكبر، يبتسم بمكر): وأنا شايف إن الفكرة ممتازة، خاصة إن العيلة دي دايمًا بتحتوي اللي يستحق.
سليم (والد غزل) ظل صامتًا للحظات، يفكر، ثم عقد ذراعيه وهز رأسه ببطء.
سليم (بهدوء لكن بحزم): لو هو كفء، ما عنديش مانع. بس مش هيشتغل عندنا لمجرد المجاملة. لازم يثبت نفسه.
سليم (ابن زين، يبتسم بثقة): سيبه علينا، هتشوف إنه قدها وقدود.
زين (عم غزل، بسخرية): متأكد إن نيتك صافية في الموضوع ده، يا سليم؟ ولا الحكاية كلها مجرد مخطط لجمعه مع غزل؟
سليم (ابن زين، يضع يده على قلبه بتمثيل بريء): والله؟ أنا؟ أنا مجرد إنسان طيب عايز يساعد صديقه الغلبان!
نادر (الجد، يضحك بخبث): طبعًا طبعًا… أنا عارف ولاد العيلة دي كويس!
ضحك الجميع بينما هز سليم (والد غزل) رأسه ببطء، وكأنه يدرك أن هناك أمورًا كثيرة ستحدث قريبًا…
**********************
غزل كانت تجلس على سريرها، تدفن وجهها في وسادتها محاولةً كتم شهقات الإحراج. ما حدث في الأسفل كان أشبه بكابوس! الجميع يتحدث عن غيث وكأنها بالفعل مخطوبة له، والجد نادر لم يكن يخفِ مكره الواضح…
على الجانب الآخر، كانت حور الصغيرة تقف عند حافة السرير، تتأرجح بقدميها الصغيرة، وعيناها الواسعتان تلمعان بفضول طفولي.
حور (ببراءة): غزول، هو صحيح هتتجوزي غيث؟
شهقت غزل، رفعت رأسها بسرعة ووجها محمر كالطماطم، ثم رمشت عدة مرات محاولةً استيعاب السؤال.
غزل (مذعورة): إيه؟؟ أكيد لا
حور (بعناد وفضول): بس ليه يا غزول؟ هو وسيم ولطيف، وأنا بحبه!
غزل (بإحراج وهي تمسك رأسها): يا بنتي، إنتِ حتى لسه متعرفيهوش كويس! وبعدين، إحنا مش… مش مرتبطين ولا أي حاجة، كل ده كلام الكبار تحت.
حور (ببراءة): بس جدو نادر كان بيضحك بخبث، ولما بيضحك كده يبقى ناوي على حاجة! وكمان سليم قال إنه لازم نخلّيه يشتغل معانا عشان يفضل قريب منك.
غزل شهقت، ثم وضعت يديها على وجهها محاولةً استيعاب ما سمعته للتو.
غزل (بذهول): إيه؟! سليم كمان؟! مش كفاية جدو؟!
حور (تهز رأسها بحماس): أيوة، وبابا كمان كان موافق! وماما شكلها مبسوطة أوي بيه، حتى قالت إنه شبه خالو مازن لما كان صغير.
غزل حدّقت في أختها الصغيرة بصدمة، تشعر وكأن الأرض تميد تحت قدميها. أهلها بالكامل يخططون في الخفاء وكأنها مجرد ورقة في لعبة شطرنج!
غزل (باندفاع): أنا لازم أنزل وأوقف المهزلة دي حالًا!
حور (تمسك يدها بحماس): لأ استني، الأول قوليلي… هو قلبك دق لما شُفتيه؟
غزل تجمدت مكانها، وجنتاها أصبحتا أكثر احمرارًا، بينما حور كانت تراقبها بعيون فضولية لامعة.
غزل (متلعثمة): حور! روحي نامي بقى بدل ما أكلك!
حور انفجرت ضاحكة، ثم قفزت من على السرير وهربت من الغرفة، بينما غزل رمت نفسها على السرير، تدفن وجهها في الوسادة، وتتمتم:
غزل (بهمس): يا نهار أبيض… هما ناويين عليّ بجد!
لم تمر سوى لحظات حتى فُتح باب الغرفة فجأة، وظهرت ميار وهي تستند إلى الباب، تضع يديها على خصرها وتبتسم بمكر واضح.
ميار (بخبث): سمعت كل حاجة… غزول بتحب غيث!
شهقت غزل وجلست بسرعة، عيناها متسعتان بصدمة، بينما حور صرخت بحماس، تقفز في مكانها.
حور (بفرحة): بجد؟؟ عرفتِ إزاي، يا ميار؟
ميار (تتقدم بخطوات بطيئة وهي ترفع حاجبها): بسيطة جدًا، وشها اللي شبه الطماطم، وارتباكها كل ما نجيب سيرة غيث، ورد فعلها لما سألتيها عن قلبها!
غزل (بفزع): إنتِ كنتي واقفة بتسمعي من ورا الباب؟؟
ميار (تجلس بجوارها وهي تضحك): طبعًا! كنت عارفة إنك هتتعترفي بحاجة لو فضلتِ لوحدك مع حور. بس بجد بقى… غيث لطيف جدًا، وأنا شايفة إنك معجبة بيه، حتى لو مش عايزة تعترفي!
غزل تشعر أن وجهها سيشتعل من كثرة الإحراج، نظرت إلى ميار بحقد طفولي، بينما حور كانت تهز رأسها بحماس موافقة على كل كلمة تقولها ميار.
غزل (بحدة): أنا مش بحبه!
ميار (ترفع حاجبها بمكر): مش بتحبيه؟ تمام… طيب عادي لو رحت أقوله إنك شايفاه مجرد زميل ومفيش أي مشاعر بينكم، صح؟
غزل تجمدت مكانها، فاغرة فمها، ثم نهضت بسرعة وأمسكت بيد ميار مانعة إياها من التحرك.
غزل (بسرعة وارتباك): إنتِ هتعملي إيه؟! ميار، ما تقوليهوش حاجة!
ميار (تعقد ذراعيها وتبتسم بخبث): ليه؟ مش إنتِ مش بتحبيه؟ المفروض مش هتفرق معاكي، صح؟
غزل عضت شفتها بتوتر، تبحث عن مخرج من هذا الفخ الذي نصبته لها ميار.
حور (بحماس): غزل بتحب غيث، غزل بتحب غيث!
غزل أطلقت أنّة إحباط، بينما ميار وحور انفجرتا ضحكًا، تستمتعان بمشهد ارتباكها.
غزل (متذمرة): أنا مش هسيبكم، يا شياطين!
قفزت غزل من مكانها محاولة الإمساك بحور، لكن الصغيرة كانت أسرع، تركض نحو الباب وتخرج ضاحكة، بينما ميار جلست تراقبها بسعادة، وكأنها وجدت أخيرًا نقطة ضعف غزل.
ميار (بغمزة): متقلقيش، مش هقول له حاجة… بس متأكدة إنك هتكوني زوجة غيث المستقبل عاجلًا أم آجلًا!
غزل أطلقت صرخة إحباط، بينما ميار خرجت من الغرفة، تاركة إياها تغرق في خجلها أكثر
**********************
في الصالون الفسيح داخل فيلا الشرقاوي، كان الجميع متجمعين يتحدثون ويضحكون، حتى قطع حديثهم دخول الحارس الشخصي بخطوات ثابتة، وملامح متحفظة.
الحارس (بصوت رسمي): معلش يا باشا، بس في حد عالبوابة طالب يقابل الآنسة غزل.
سادت لحظة صمت، تبادل فيها الجميع النظرات باستغراب، قبل أن يقطب سليم الشرقاوي حاجبيه بحدة، ناظرًا إلى الحارس.
سليم (بجدية): مين؟
الحارس: واحد اسمه ماركو… أجنبي.
ازدادت الدهشة في أعين الجميع، وساد توتر غير مبرر للحظات. سليم ابن زين، ابن عم غزل، نظر إلى عمه وكأنه يحاول تحليل الوضع.
زين (بتهكم وهو يتكئ للخلف): ماركو؟ الاسم لوحده مش مريحني.
إياد (عم غزل الثاني، يغمز مازحًا): يمكن يكون فارس أحلام غزل اللي هربت منه وجاي يطالب بحقه!
أطلق مازن خال غزل ضحكة ساخرة، بينما عامر، زوج رهف عمة غزل، عبس قليلًا.
عامر (متأملًا): إيطالي؟ وغزل كانت في إيطاليا قبل كام شهر… ده معناه إنه يعرفها.
سليم الشرقاوي (بصوت حاد): خلوه يستنى، أنا اللي هطلع له الأول.
وقف سليم الشرقاوي بثبات، واضعًا يديه في جيبي بنطاله، وعيناه تعكسان مزيجًا من الشك والانزعاج. لكن قبل أن يتحرك، قاطعته زوجته ميار بابتسامة هادئة، رغم أن عينيها تحملان نفس التساؤل الذي يعتري الجميع.
ميار (بهدوء): خد بالك، سليم… غزل مش صغيرة، بس لازم نعرف الراجل ده عايز إيه منها.
سليم أومأ برأسه، ثم تحرك بخطوات واثقة، وسار خلفه ابن أخيه سليم ابن زين، وكذلك زين وإياد، بينما بقية العائلة تبادلت النظرات المتوترة.
صفاء (الجدة، تهمس لعادل زوجها): قلبي مش مطمئن للموضوع ده، يا عادل.
أما نادر الشرقاوي، فكان يراقب الموقف بصمت، عينيه تضيقان قليلًا قبل أن يقول بمكر هادئ.
نادر (يتمتم ببطء): هنعرف دلوقتي… إيه حكاية الضيف اللي نازل علينا من السما دي.
أما في الأعلى، لم تكن غزل تعلم بعد أن ماضيها الإيطالي قد طرق باب منزلها بهذه المفاجأة الغريبة
*********************
في بهو الفيلا الكبير، كان ماركو يقف أمام عائلة الشرقاوي والصاوي، محاطًا بأحد عشر رجلاً يحدقون فيه بعيون حادة، وكأنه متهم في محكمة عسكرية. سليم الشرقاوي، والد غزل، جلس على الأريكة بملامح صارمة، يراقب الشاب الإيطالي الذي بدا متوترًا وهو يبلع ريقه بصعوبة.
سليم (ببرود): قولّي بقى يا مستر ماركو… إيه اللي جابك لحد هنا؟
ماركو نظر حوله، محاولًا أن يجد وجهًا متفهمًا بين الرجال المحيطين به، لكن حتى سليم ابن زين، الذي بدا أقل حدة، كان ينظر إليه بتركيز شديد.
ماركو (بتوتر، لكن محاولًا الحفاظ على هدوئه): أنا… كنت صديقًا لغزل عندما زارت إيطاليا. وبعدها، سمعت عن الحادث الذي تعرضت له في سوريا، لكن لم أتمكن من الوصول إليها… كنت قلقًا عليها، لهذا أتيت للبحث عنها.
زين (يضع ساقًا فوق الأخرى، ينظر إليه بتهكم): آه، يعني مش لاقي أي طريقة تطمّن بيها عليها غير إنك تسافر بلد تانية وتيجي لحد بيتها؟ مش كتير شوية؟
إياد (مستند إلى الجدار، يعقد ذراعيه): ولا يكون جاي بقى علشان حاجة تانية غير الاطمئنان؟
ماركو ابتلع ريقه، يشعر أن الموقف يزداد تعقيدًا. أدهم، خال غزل، كان يحدق فيه وكأنه يدرس كل حركة يقوم بها.
أدهم (بصوت هادئ لكن يحمل قوة): إنت شايف غزل إيه بالنسبة لك يا ماركو؟
تجمد ماركو للحظة، محاولًا أن يبدو طبيعيًا، لكنه لم يستطع منع احمرار وجهه الطفيف.
ماركو (بتردد): غزل… إنها فتاة رائعة، قوية وذكية… وأنا أكنّ لها مشاعر… احترام وتقدير.
سيف (يرفع حاجبه): احترام وتقدير؟ ده كلام كبير أوي.
مازن الكبير خال غزل (متكئًا على الطاولة، بابتسامة ماكرة): وإنت كنت متوتر كده ليه لما سألك أدهم؟
ماركو شعر أن العرق بدأ يتصبب من جبينه، أما هشام، خال غزل ، فكان يراقب الموقف باستمتاع قبل أن يتدخل بسخرية.
هشام: باختصار يا بُني… بتحبها ولا لأ؟
ساد الصمت للحظة، الجميع ينتظر الإجابة، بينما ماركو شعر أن هذه أكبر محاكمة مر بها في حياته.
ماركو (يخفض رأسه قليلًا، ثم ينظر إليهم بعزيمة): نعم… أنا أحب غزل.
في هذه اللحظة، تبادل الرجال النظرات، وكأنهم توقعوا الإجابة بالفعل. عامر، ابن عم سليم والد غزل، كان يطالع ماركو بتركيز قبل أن يسأل بجدية.
عامر: وغزل؟ تعرف بالكلام ده؟
ماركو (يهز رأسه بسرعة): لا… لم أخبرها أبدًا.
عادل (جد غزل، يتحدث لأول مرة، بصوته الحكيم): كويس إنك ما قلتش… لأنها لو كانت حاسّة بأي حاجة ناحيتك، كنا هنكون عارفين.
محمود (جد غزل من ناحية الأم، يبتسم بمكر خفيف): عيلتنا مش سهلة يا بني، وإحنا بنعرف كويس مين اللي قلبه فين… وأظن غزل قلبها مش معاك.
ماركو شعر أن الأرض تهتز تحته، لم يكن يتوقع أن يكون اللقاء بهذه الصعوبة، لكنه كان يعلم أن العائلة لن تسهّل عليه الأمور أبدًا. سليم الشرقاوي، والد غزل، نهض من مكانه، يسير ببطء نحو ماركو قبل أن يضع يده على كتفه، ثم يهمس ببرود.
سليم: مشاعرك تخصّك، بس غزل تخصّنا.
ماركو رفع عينيه لينظر إلى الرجل الطويل الصارم، بينما بقي بقية الرجال في أماكنهم، يراقبونه كما لو كانوا مجموعة من الأسود تحيط بفريستها.
سليم ابن زين (يبتسم ابتسامة خفيفة لكنه يلمح بوضوح): نصيحة يا ماركو… غزل مش لأي حد.
ماركو شعر أن الرسالة وصلت بوضوح، لكنه لم يكن مستعدًا للاستسلام بهذه السهولة
**********************
ساد صمت ثقيل بعد كلمات سليم الشرقاوي الأخيرة، ورغم محاولة ماركو التمسك بعزيمته، إلا أن نظرات الرجال المحيطين به، وخاصة نظرة سليم الحادة، جعلته يشعر أن فرصته تكاد تكون معدومة. تردد قليلًا، ثم زفر ببطء، محاولًا الحفاظ على ما تبقى من كرامته.
ماركو (بصوت منخفض، مستسلمًا): فهمت… لا أريد إزعاجكم أكثر. لكن على الأقل، أريد أن أراها لمرة واحدة وأتحدث معها…
تحولت النظرات حوله من الترقب إلى الجمود، وكأن طلبه زاد الطين بلة. أدهم، خال غزل، تبادل نظرة سريعة مع سليم والدها، قبل أن يميل بجسده للأمام واضعًا مرفقيه على الطاولة.
أدهم (ببرود): يعني إحنا قولنا إن الموضوع منتهي… وإنت لسه بتطلب تشوفها؟
إياد (عم غزل، بسخرية): عندك جرأة مش طبيعية بصراحة…
ماركو ابتلع ريقه، وهو يشعر بالحرج من الطريقة التي ينظرون بها إليه، لكنه لم يستطع التراجع الآن. إلا أن فجأة… قُطع الصمت بصوت طفولي حاد.
مازن (10 سنوات، يضع يديه على خاصرته، بحماس): هو ليه مش عايز يفهم إن غزل مش بتحبه؟
أدهم (12 سنة، يهز رأسه بجدية): آه والله! لو كانت غزل بتحبك، كانت قالت لنا، إحنا بنعرف كل حاجة عنها.
ماركو نظر إلى الصغيرين بصدمة، لم يكن يتوقع أن يتدخل الأطفال في هذا التحقيق المصغر. سليم والد غزل لم يمنع ولديه من الحديث، بل بدا وكأنه يستمتع برؤية ماركو محاصرًا حتى من الأطفال.
مازن (يلوح بيده بعفوية): يا عمو ماركو، غزل ما بتحبش الرومانسية دي اللي إنت بتعملها… هي لو عايزاك، كانت كلمتك، صح يا بابا؟
سليم الشرقاوي، والد غزل، لم يجب، لكنه اكتفى بإعطاء نظرة جانبية لماركو، كأنه يقول له “شفت حتى العيال فاهمين؟”. أما ماركو، فقد شعر بالإحباط يتسلل إليه، لم يكن يتوقع أن يواجه رفضًا بهذه القوة من الجميع، حتى الأطفال!
ماركو (بإحباط، وهو يمرر يده في شعره): حسنًا… فهمت. لن أضغط عليها.
ابتسم مازن وأدهم بانتصار، بينما تبادل البالغون النظرات، وكأنهم يعترفون بأن الطفلين أدارا الموقف بشكل أفضل منهم. أما سليم، فاكتفى بالنظر إلى ماركو ببرود قبل أن يرفع حاجبه قائلاً بحزم:
سليم: كان لازم تفهم ده من بدري… ولو سمعت اسمك حوالين بنتي تاني، مش هيكون في كلام. واضح؟
ماركو شعر بقشعريرة تسري في جسده، فهز رأسه بسرعة قبل أن يهم بالمغادرة، وهو يدرك تمامًا أن معركته قد انتهت… بالخسارة
*********************
بعد مغادرة ماركو، تنهد الرجال بارتياح، لكن قبل أن يتمكنوا من استيعاب ما حدث، دخلت ميار، والدة غزل، إلى الغرفة بسرعة، تتبعها الجدة صفاء، وبدت علامات القلق واضحة على وجهيهما.
ميار (بقلق وهي تنظر حولها): إيه اللي حصل؟! سمعت إن في حد كان عايز يشوف غزل؟
صفاء (تعقد ذراعيها وتحدق بسليم والد غزل بحدة): أنت كنت هتقول لنا ولا كنت ناوي تحلها بطريقتك المعتادة؟
تبادل الرجال النظرات، قبل أن يتنحنح أدهم، شقيق ميار، متدخلًا قبل أن يشتعل الموقف.
أدهم (بهدوء): ماركو… الإيطالي اللي كانت غزل تعرفه في رحلتها، جه يدور عليها، بيقول إنه كان قلقان عليها بعد اللي حصل في سوريا.
ميار (تجفل وعيناها تتسعان): ماركو؟! اللي كانت بتحكي لي عنه؟
أدهم (يهز رأسه بجدية): أيوه، بس الراجل كان واضح إنه مش جاي بس علشان يطمن… كان عايز يقابلها و… صرّح إنه بيحبها.
شهقت ميار بينما وضعت صفاء يدها على قلبها، تنظر إلى سليم والد غزل الذي كان يقف عاقدًا ذراعيه بصمت، وكأن الأمر لم يؤثر فيه أبدًا.
صفاء (بقلق): و… غزل تعرف؟
إياد (بسخرية وهو يجلس مسترخيًا): لا، لسه فوق، ولو عرفت، أكيد هتحس إنها محاصرة…
ميار (تنظر لسليم والد غزل، ترفع حاجبها): وأنت عملت إيه؟
نظر إليها سليم نظرة جانبية، ثم أجاب بهدوء شديد، لكن بنبرة قاطعة:
سليم: ما حصلش حاجة… بس الراجل فهم رسالتي كويس ومش هيرجع هنا تاني.
تبادلت ميار وصفاء النظرات، وكأنهما تشعران بأنه استخدم أساليبه المعتادة في “التخويف”، لكن قبل أن تتمكن ميار من الحديث، انطلق صوت حماسي من الجهة الأخرى من الغرفة.
مازن (10 سنوات، يرفع يده بحماس): إحنا اللي خليناه يمشي في الآخر!
أدهم (12 سنة، يهز رأسه بفخر): أيوه، إحنا قولنا له إن غزل مش بتحبه، ولو كانت بتحبه كنا عرفنا!
نظرت ميار إلى الصغيرين بدهشة، ثم إلى بقية الرجال الذين اكتفوا بمشاهدة المشهد بصمت، ثم وضعت يدها على جبينها وكأنها تستوعب الكارثة.
ميار (بهمس يائس): يا نهار أبيض… حتى العيال دخلوا في الموضوع؟!
صفاء (تحاول كتم ضحكتها): واضح إنه خرج من هنا وهو مش ناوي يجي تاني.
ميار (بجدية): طبعًا مش ناوي! مين اللي يقدر يرجع بعد ما يتعامل معكم كلكم دفعة واحدة؟!
ضحك البعض، بينما اكتفى سليم بهز رأسه، وكأنه غير مهتم بالحديث عن ماركو أكثر من ذلك. أما ميار، فتنهدت واستقامت، ثم قالت بحزم:
ميار: أنا هطلع عند غزل… أكيد سمعت إن في حاجة غريبة حصلت، ولازم أطمنها.
صفاء (تهز رأسها بموافقة): وأنا جاية معاكِ، البنت أكيد محتاجة حد يطمنها بعد اللي حصل.
تحركت الاثنتان بسرعة باتجاه الطابق العلوي، بينما بقي الرجال في الأسفل، بعضهم مرتاح لأن المشكلة انتهت، وبعضهم يتساءل عما ستفعله غزل حين تكتشف الأمر…
***********************
بعد مغادرة ميار وصفاء، ساد الصمت لثوانٍ في الصالون، وكأن الجميع يستوعب ما حدث. لكن فجأة، انطلق صوت الجد الأكبر، نادر الشرقاوي، الذي كان صامتًا طوال الوقت، يراقب الموقف بعين الحكمة والتروي.
نادر (بصوته العميق والهادئ): أنا مش مرتاح للولد ده… الإيطالي.
رفع الجميع رؤوسهم نحو الجد الذي جلس مسترخيًا، لكنه كان يحدق فيهم بنظرة جادة، نظرة جعلت الجميع ينصت باهتمام.
نادر (يكمل ببطء): مش عاجبني اللي حصل النهارده، وغزل مش محتاجة حد زي ده يقلب حياتها. لازم تتجوز قريب.
اتسعت أعين الجميع، لكن لم يجرؤ أحد على مقاطعته، بينما تابع نادر كلامه بلهجة حازمة جعلت الجميع يجفلون:
نادر: وأفضل عريس ليها هو غيث.
عمّ الصمت في المكان، وكأن أحدهم ألقى قنبلة في وسط الصالون.
سليم والد غزل عقد حاجبيه، وكأنه غير قادر على استيعاب ما سمعه للتو، بينما ميار، التي كانت على وشك الصعود للطابق العلوي، توقفت في مكانها وهي تنظر إلى والدها بصدمة.
سليم (بحدة وهو ينظر لجده): جدو… أنت بتتكلم جد؟
نادر (ينظر له بثقة): أنا عمري ما بهزر في الحاجات دي، الولد كويس، وعاجبني.
ميار (تفتح فمها بدهشة): بابا… أنت بتقول إيه؟!
زين (عم غزل، يضحك بصدمة): يعني إحنا من شوية كنا بنتخلص من العريس الأول، دلوقتي بندبر لعريس جديد؟!
إياد (بتهكم وهو ينظر لسليم ابن زين، الذي بدا وكأنه متحمس للفكرة): وأنت يا ولد، شكل الفكرة عاجباك، مش كده؟
سليم ابن عم غزل (يرفع حاجبيه بابتسامة خبيثة): أنا؟ بالعكس، مش عاجباني خالص…
نظر إليه الجميع بشك، لكن لم يعلق أحد، بينما بقيت ميار وسليم والدا غزل مصدومين من قرار الجد المفاجئ.
أما نادر، فاكتفى بالابتسام بحكمة وهو يراقب ردة فعل الجميع، وكأنه ألقى قنبلة وقرر الاستمتاع بالفوضى التي أحدثها.
نادر (بهدوء شديد): فكروا في كلامي، لأن الموضوع محسوم بالنسبة لي.
نظر الجميع إلى الجد بدهشة، لكن لم يجرؤ أحد على الرد…
انتهى المشهد عند صدمة الجميع، خصوصًا سليم وميار، والدي غزل، اللذين لم يتوقعا أبدًا هذا القرار المفاجئ!
************************
ساد الصمت للحظات، قبل أن ينفجر سليم والد غزل غاضبًا، ناظرًا إلى جده وكأنه فقد صوابه.
سليم (بحدة وهو ينهض من مكانه): جدو! غزل لسه صغيرة، وغيث كمان! لسه بيدرسوا، إحنا ليه بنفتح مواضيع زي دي دلوقتي؟!
نظر إليه نادر بهدوء، بينما كانت ميار تحدق في والدها بصدمة، لم تعتد رؤية زوجها يفقد أعصابه بهذه الطريقة.
نادر (بصوت هادئ لكنه قوي): سليم، مش دايماً العمر هو اللي بيحدد إمتى الواحد يكون جاهز للزواج، أنا شايف إن غيث ولد كويس ومحترم، ومش هسمح لحد تاني ييجي يدور ورا غزل زي الإيطالي ده.
سليم (يحاول السيطرة على غضبه): طب حتى لما يخلصوا دراستهم! مش هينفع نرميهم في حاجة زي دي دلوقتي!
نادر (بثقة): ما حدش قال إن الجواز هيكون بكرة، لكن الخطبة ممكن تحصل قريب.
اتسعت عينا ميار بينما ضرب زين كفًا بكف وهو يهمس لإياد الذي اكتفى بالتصفير بدهشة.
سليم (بإصرار): جدو… أنت دايماً قراراتك حكيمة، بس المرة دي…
نادر (مقاطعًا بلهجة حازمة جعلت الجميع يصمتون فورًا): أنا قلت اللي عندي، وغيث هو العريس المناسب، القرار محسوم.
نظر الجميع إلى الجد في صدمة، سليم شعر بالغضب المكبوت، وميار كانت مصدومة، وزين وإياد تبادلا نظرات جانبية وكأنهما يستمتعان بالفوضى التي أشعلها الجد.
أما نادر، فبقي في مكانه، متمسكًا برأيه كأنه لا مجال للنقاش بعد الآن…
المشهد ينتهي عند نظرات الصدمة التي علت وجوه الجميع، بينما ظل الجد الكبير نادر ثابتًا على قراره، وكأنه يرى المستقبل بوضوح لا يدركه البقية
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل الخامس عشر
فصل 15
بعد عدة أيام ، في مكتب الجد نادر
داخل مكتب فخم يحمل في زواياه عبق التاريخ والأصالة، جلس الجد الأكبر نادر على كرسيه الوثير خلف مكتبه العتيق، وأمامه ابنه عادل، وإلى جانبهما محمود الصاوي، يتبادلون الحديث بصوت خافت.
فجأة، يُفتح الباب بعنف، ليظهر سليم، ملامحه كانت متجهمة وعيناه تحملان إصرارًا لا يمكن تجاهله.
سليم (بصوت حازم وهو يتقدم إلى منتصف الغرفة): جدي… بابا… عمي محمود… خلاص، طفح الكيل! لازم أعرف السبب الحقيقي ورا إصرارك على زواج غزل من غيث!
نظر إليه الثلاثة بهدوء، لكن لم يُجب أحد، كأنهم كانوا يتوقعون قدومه بهذه الطريقة.
سليم (متابعًا بنبرة أكثر حدة): أنا مش غبي، وعارف إنك ما بتاخد قرارات اعتباطية يا جدي… فيه سبب، وسبب كبير كمان، وإلا ما كنت تصرفت بالطريقة دي!
تنهد محمود بعمق بينما ظل عادل صامتًا، وكأنهما تركا الأمر لنادر ليكون هو من يتحدث.
أما الجد نادر، فبقي هادئًا، ينظر إلى حفيده كما لو كان يزنه بعينيه، قبل أن يميل إلى الأمام مستندًا إلى المكتب، ثم قال بصوت منخفض لكنه حمل ثقل السنين:
نادر: سليم… أنت رجل ذكي، وبتفكر بعقلانية، عشان كده هفهمك حاجة… أحيانًا، فيه أمور لازم تحصل قبل ما يجي وقتها… حمايةً لأشياء أهم…
سليم (بحدة): كلامك غامض! أي حماية؟ غزل مش بحاجة لحماية! إحنا موجودين، أنت موجود، العيلة كلها واقفة معاها!
نادر (بنظرة ثابتة): أيوه، لكن في حاجات أكبر مننا يا سليم… حاجات إحنا حتى الآن ما نعرفش كل أبعادها…
عبس سليم، بينما تبادل محمود وعادل نظرات متوترة، وكأنهما يعرفان ما سيقوله نادر، لكنه شيء لا يريدان الحديث عنه.
نادر (متابعًا ببطء وكأنه يزن كلماته بعناية): غيث مش مجرد شاب محترم، ولا مجرد اختيار مناسب… هو المفتاح، سليم. المفتاح لحماية غزل… وحماية العيلة كلها.
سليم (متراجعًا قليلًا وهو يحدق بجده بصدمة): حماية؟ من إيه؟
نادر (ينظر إليه مباشرة بنظرة قوية): من شيء… لو عرفته دلوقتي، مش هتقدر تتعامل معاه، ولا هتفهمه، لكن لما ييجي الوقت… هتعرف إن القرار ده كان الصح.
ساد الصمت، صوت عقارب الساعة كان الشيء الوحيد الذي يُسمع في الغرفة، بينما كان عقل سليم يعمل بسرعة، يحاول الربط بين كلمات جده الغامضة، إحساسه الداخلي يخبره أن الأمر خطير… لكنه أيضًا يعلم أن جده نادر لم يتخذ هذا القرار إلا لسبب وجيه.
سليم (بصوت منخفض لكنه حازم): طيب… هثق فيك، وهثق في قرارك، بس لو فيه خطر فعلاً… لازم أكون عارف كل التفاصيل وقتها.
نادر (بابتسامة خفيفة تحمل الكثير من المعاني): لما ييجي وقته يا سليم… هتعرف كل حاجة.
نظر سليم إلى والده عادل ثم إلى محمود، لكنه لم يجد إجابة مختلفة في وجوههم، فقط صمت ثقيل، وكأنهما يعلمان أن الجد قال كل ما يمكن قوله في الوقت الحالي.
أخذ نفسًا عميقًا، قبل أن يمرر يده في شعره بتوتر، ثم استدار ليغادر، لكن وهو يضع يده على مقبض الباب، سمع صوت جده مجددًا:
نادر (بصوت هادئ لكن يحمل ثقلًا رهيبًا): خلي عينك على غزل، كويس.
توقف سليم لثانية، قبل أن يخرج، وهو يشعر بأن هناك شيئًا أكبر بكثير مما يتخيله، لكن الوقت لم يحن بعد ليُكشف الستار عنه…
المشهد ينتهي على نادر الذي يراقب الباب المغلق، وعادل ومحمود اللذان يتبادلان نظرات صامتة، كأنهما يعرفان أن المستقبل يحمل ما لا يمكن تجنبه…
************************
في غرفة غزل
تجلس غزل على سريرها، يديها مشدودتان في كفيها، وجهها محمر من الغضب، عيناها الزرقاوان تشتعلان رفضًا. أمامها يقف سليم ابن عمها، واضعًا يديه في جيبيه، بينما تجلس ميار ابنة خالها على كرسي بجوارها، تحاول التحدث معها بلطف، لكن غزل كانت كالقنبلة الموقوتة.
غزل (بانفعال وهي تنهض واقفة): مستحيل! مش هتجوز! لا غيث ولا غيره!
سليم (بهدوء لكن بحزم): طب ليه مش غيث بالذات؟ أنتِ أصلاً شايفاه شخص كويس.
غزل (بحدة): غيث طيب جدًا، ومحترم، وراجل يعتمد عليه… بس مش معنى كده إني أتجوزه! أنا مش مستعدة، ولا عمري فكرت في الجواز أصلاً!
ميار (بتنهيدة وهي تحاول تهدئتها): طب ممكن تهدي؟ ماحدش قال إن الجواز هيتعمل بكرة الصبح، بس جدو نادر مصر، وأنتِ عارفة لما يقرر حاجة… صعب يتراجع.
غزل (تضع يديها على رأسها بعصبية): ده اللي مجنني! ليه جدو مصمم بالشكل ده؟ إيه اللي مخليه مستعجل كده؟ أنا لسه صغيرة، عندي أحلامي، حياتي، شغلي، مستقبلي!
سليم (يقترب منها ويضع يده على كتفها بلطف): غزل، محدش قال إن الجواز هيوقفك عن تحقيق أحلامك. بالعكس، غيث مش من النوع اللي هيقيدك، أنتِ عارفاه كويس… ده حتى أكتر واحد بيشجعك دايمًا.
غزل (تبعد يده بانفعال): مش فاهمين قصدي! أنا مش ضد غيث، بس مش عايزة الارتباط ده دلوقتي! مش عايزة حد يحط لي حدود لحريتي، ولا حد يتحكم في قراراتي، حتى لو كان أطيب إنسان في الدنيا!
ميار (برجاء): غزل، إحنا فاهمين إنك مستقلة وعايزة تعيشي حياتك بطريقتك، بس الزواج مش نهاية العالم! ممكن تلاقوا طريقة تخلي الجواز ده مناسب ليكم الاتنين.
غزل (بإصرار وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها): ومين قال إني لازم ألاقي طريقة أصلاً؟ أنا مش موافقة، وأول ما أشوف جدو هقوله إني مش هعمل حاجة غصب عني!
سليم (يرفع حاجبه بمكر): هتقفي قدام جدو نادر وتقوليله “لأ”؟
توقفت غزل، وشعرت للحظة بأنها قد دخلت معركة لا تملك كل أسلحتها فيها، لكنها لم تكن من النوع الذي يستسلم بسهولة.
غزل (بجموح): أيوه، هقوله!
تبادل سليم وميار نظرات تحمل الشك في كلامها، لكنهما يعرفان أنها عنيدة ولن تستسلم بسهولة.
ميار (بابتسامة صغيرة): حلو، وهنشوف جدو هيقول إيه.
سليم (وهو يهز رأسه): بس أنا متأكد إن غيث مش الشخص اللي المفروض ترفضي الجواز منه بالشكل ده، لأنه فعلاً واحد يستاهل.
غزل (تشيح بوجهها): هو يستاهل كل خير، بس أنا مش هغير رأيي.
ساد الصمت للحظات، قبل أن تتنهد ميار وتنهض، ثم نظرت إلى سليم الذي هز رأسه باستسلام.
ميار (بهدوء): طيب، إحنا حاولنا… بس أتمنى تفكري كويس، لأن شكل الموضوع أكبر من مجرد “جواز عادي”.
سليم (بصوت منخفض لكنه جاد): وأتمنى لما تواجهي جدو… تكوني مستعدة للرد على اللي هيقوله.
نظر إليها نظرة طويلة قبل أن يغادر مع ميار، تاركين غزل في غرفتها، تفكر بكلماتهم… لكن عنادها كان أقوى من أي شكوك قد تراودها.
*المشهد ينتهي على غزل التي تجلس مجددًا على سريرها، تحاول أن تستوعب كل ما يحدث، لكنها كانت تعرف شيئًا واحدًا… لن تُجبر على الزواج، حتى لو كان العريس شخصًا رائعًا مثل غيث*
********************
خرج سليم وميار من غرفة غزل وهما يتبادلان نظرات محبطة، لم يتمكنا من إقناعها ولو قليلًا. وبينما يسيران في الممر، فوجئا بظهور إياد، عم غزل وسليم، الذي كان يسير بخطوات واثقة، مرتديًا قميصًا مفتوح الزر العلوي بابتسامة مرحة على وجهه.
إياد (بمرح وهو يضع يديه في جيبيه): مالكم يا أولاد؟ شكلكم طالعين من معركة؟
ميار (بتنهيدة مرهقة): مش غلط، فعلاً كانت معركة!
سليم (وهو يعقد ذراعيه): غزل رافضة الجواز نهائيًا، مهما حاولنا نقنعها.
إياد (يرفع حاجبه بمكر): أهااا… يعني بنت أخويا العزيزة عاملة دراما؟
ميار (تتأفف): دراما؟ لا، دي كابوس!
إياد (يضرب كفه ببعضه بحماس): طيب، خلي المهمة على عمكم إياد، أنا عندي أسلوبي الخاص.
سليم (بسخرية): قصدك أسلوبك اللي بيستخدمه مع البنات في كل مكان؟
إياد (بمزاح وهو يشير لنفسه): ولمَ لا؟ يمكن أكون أنا الحل السحري!
نظر إليه سليم وميار بعدم اقتناع، لكنه تجاهلهما ودخل غرفة غزل بكل ثقة.
—
المشهد: غرفة غزل – مواجهة إياد
وجد إياد غزل جالسة على سريرها، وذراعاها معقودتان أمام صدرها، وعيناها تعكسان عنادًا لا جدال فيه. أدار إياد عينيه في الغرفة وكأنه يدرس الموقف، ثم اقترب منها بخطوات هادئة وجلس على الكرسي أمامها.
إياد (بابتسامة جانبية): سمعت إن عندنا عروس عنيدة؟
غزل (بجفاف): مش عروس، ومش هكون.
إياد (يضع يده على صدره بمبالغة): أوف، كسرتي قلبي، كنت متخيلكِ هتفرحي وتعملي حفلة عشان غيث وقع في شباككِ.
غزل (بحدة): غيث مش وقع في أي شباك! وأنا مش هتجوز، مش عايزة، مش مستعدة، ومش مقتنعة بالفكرة أصلًا!
إياد (يميل للأمام وهو يضع مرفقيه على ركبتيه): طيب، فهمنا إنكِ مش عايزة، بس جدو نادر مش هيقرر حاجة من فراغ.
غزل (تعقد حاجبيها): ده اللي مجنني! ليه كل الناس مقتنعين إني لازم أقبل كده وخلاص؟ محدش عنده إجابة غير “جدو قرر”؟
إياد (بهدوء غير متوقع): بصراحة… عندكِ حق. بس برضو، في حاجة إنتِ مش شايفاها، أو يمكن مش عايزة تشوفيها.
غزل (تتراجع قليلًا): زي إيه؟
إياد (بابتسامة دافئة): إن غيث واحد من أفضل الناس اللي ممكن تفكري ترتبطي بيهم. راجل بمعنى الكلمة، محترم، طيب، مش بيتلاعب بالمشاعر، ودايمًا بيكون جنبك.
غزل (بتنهيدة وهي تنظر للأرض): أنا مش بقول إنه مش كويس، بس الزواج… الزواج حاجة كبيرة، ومش حاسة إني جاهزة ليه.
إياد (يميل إليها هامسًا بمكر): بس غيث مش أي حد… يمكن هو بالذات اللي هيخلي فكرة الجواز مناسبة ليكِ.
نظرت إليه غزل بحدة، لكنها لم تجد ردًا مناسبًا، فقط زفرت بضيق وأشاحت بوجهها بعيدًا، فعلم إياد أنها لن تقتنع بسهولة.
إياد (ينهض ويرفع يديه باستسلام): تمام، تمام، مش هضغط عليكي أكتر. بس فكري في كلامي، لأن لو كان عندي بنت… كنت هتمناها تتجوز واحد زي غيث.
نظر إليها بنظرة أخيرة قبل أن يخرج من الغرفة، تاركًا غزل وحدها، غارقة في أفكارها المتشابكة…
المشهد ينتهي على غزل التي تعض شفتها بتوتر، عقلها يعاند قلبها، لكن كلمات إياد ترن في أذنيها… هل حقًا غيث هو الشخص الذي قد يجعل فكرة الزواج مناسبة لها؟
*********************
بعد فترة قصيرة ، في قصر عائلة الشرقاوي – قاعة الضيافة
كان أفراد عائلة غيث يجلسون متقابلين في قاعة الضيافة الفاخرة، تحيط بهم أجواء الهيبة والرُقيّ التي تميز قصر عائلة الشرقاوي. رمزي، والد غيث، بدا متحفظًا بعض الشيء، بينما شيرلين والدته كانت تنظر حولها بإعجاب، وأمجد الصغير يجلس بينهما، يتأمل المكان بفضول بريء. أما غيث، فكان جالسًا في صمت، وجهه متجهم لكنه يخفي توترًا واضحًا.
دخل الجد نادر بخطوات واثقة، يتبعه والدا غزل – سليم وميار – ومعهم بقية رجال العائلة. جلس في مكانه المعتاد على الكرسي الفخم في صدر القاعة، ثم نظر إلى رمزي وشيرلين بابتسامة هادئة، قبل أن ينطق بصوته الحكيم.
نادر (بهدوء وهيبة): أهلًا وسهلًا بيكم في بيتنا، نورتونا.
رمزي (باحترام): الشرف لينا يا حاج، بس مش عارفين سبب الدعوة المفاجئة؟
نادر (بابتسامة مطمئنة): دعوتكم لأن عندي أمر مهم يخص ابنكم غيث… وحفيدتي غزل.
تبدلت تعابير عائلة غيث إلى الدهشة والاستغراب، فيما تبادل رمزي وشيرلين نظرات متسائلة. أما غيث، فشعر بانقباض غريب في صدره، وكأن قلبه أخبره بما سيُقال تاليًا.
نادر (بهدوء حاسم): قررت إن غيث هيتجوز غزل… قريبًا.
ساد الصمت… الصدمة شلّت الجميع، حتى أمجد، الذي كان يلعب بأصابعه، توقف وحدق بذهول في جده. رمزي وشيرلين لم ينطقا بكلمة، وكأن عقولهم تحتاج إلى وقت لاستيعاب ما سمعوه. أما غيث، فقد شعر وكأن قلبه توقف للحظة.
شيرلين (بتوتر وارتباك واضح): ج-جواز؟ حضرتك بتتكلم جد؟
رمزي (يحاول استعادة توازنه): بصراحة… إحنا مصدومين!
غيث (بصوت متردد لكنه قوي): جدي نادر… حضرتك متأكد من القرار ده؟ أنا… مش فاهم ليه؟
ابتسم الجد نادر، وكأنه كان يتوقع ردود الفعل هذه. نهض من مكانه وسار ببطء نحو غيث، ثم وضع يده على كتفه بتلك الهيبة الأبوية التي يمتلكها.
نادر (بلطف وحكمة): فاهم استغرابك يا بني، وحقك تسأل. لكن أنا مش من الناس اللي بياخدوا قرارات عشوائية… عندي أسبابي، وأسباب قوية كمان.
شيرلين (بتوجس): بس… غيث وغزل لسه بيدرسوا، وزواجهم المفاجئ… مش هيكون صعب عليهم؟
نادر (يبتسم مطمئنًا): أنا مش طالب منهم يسيبوا دراستهم، بالعكس، هيكملوا حياتهم مع بعض ويدرسوا سوا. أنا شايف إنهم مناسبين لبعض أكتر من أي حد، وغيث شاب محترم وشريف، ودي الحاجة اللي تخلي أي أب يثق إنه هيحمي بنته.
نظر رمزي إلى نادر بتمعن، ورغم صدمته، لم يجد أي أثر للطمع أو المصالح في كلام الرجل، بالعكس، بدا الأمر وكأنه يرى شيئًا أكبر من الجميع. التفت إلى غيث، الذي كان لا يزال في صدمة، ثم إلى شيرلين، التي كانت تعض شفتيها بتوتر.
رمزي (بعد لحظات صمت): إحنا ناس بسيطين، وعمرنا ما طمعنا في حاجة، لا مال ولا سلطة… بس القرار ده كبير، ومحتاج وقت للتفكير.
نادر (بابتسامة مطمئنة): وأنا مقدر ده، بس صدقني، القرار في صالحهم هما الاتنين… وأنت أكتر واحد عارف إن غيث راجل يعتمد عليه.
كان غيث لا يزال يحاول استيعاب الأمر، عيناه تائهتان، لكن جزءًا منه شعر بشيء غريب… وكأنه في أعماقه لم يكن رافضًا الفكرة كليًا، بل فقط لم يستوعبها بعد.
شيرلين (بصوت هادئ بعد تفكير): إحنا نثق في ابننا، ولو هو موافق… يبقى إحنا موافقين.
أمجد (بحماس طفولي غير مدرك لوقع الأمر): يعني غزل هتبقى مرات غيث؟! هتبقى أختي؟!
ضحك الجد نادر بينما نظر إليه الجميع بدهشة، أما غيث، فاكتفى بالنظر إلى شقيقه الصغير بنظرة معقدة، وكأن عقله لم يقرر بعد كيف يشعر حيال ذلك.
رمزي (بهدوء وهو ينظر لابنه): القرار الأخير ليك يا غيث، إنت شايف إيه؟
ارتبك غيث، لم يكن مستعدًا لإجابة مباشرة… لكن نظرات الجميع كانت تنتظر رده.
المشهد ينتهي على غيث، الذي يعقد حاجبيه بتوتر، بينما يحاول استيعاب القرار الذي سيغير حياته بالكامل…
**********************
ساد الصمت لثوانٍ بعد سؤال رمزي لغيث، لكن قبل أن يتمكن الأخير من الرد، انطلق صوت حاد وجاد كالرعد في القاعة.
سليم (بصوت صارم وهو ينظر إلى غيث بحدة): قبل ما تفكر ترد، لازم تعرف حاجة كويسة، يا غيث. زواجك من غزل مش مجرد قرار بسيط، دي مسؤولية… وأي خطوة غلط منك، مش هتعدي بسهولة.
اتسعت عينا غيث قليلًا، لكنه بقي صامتًا، يحاول الحفاظ على هدوئه رغم التوتر الذي بدأ يتسلل إلى صدره. أما أمجد الصغير، الذي كان يجلس بجوار والدته، فقد تقلص جسده قليلًا، وبدأت شفتاه ترتجفان وهو ينظر إلى سليم برعب.
أمجد (يهمس بخوف وهو يتمسك بيد والدته): ماما… الراجل ده مرعب!
انتبه سليم إلى الطفل الصغير المرتعب، فزفر بضيق قبل أن يشيح بوجهه عنه. أما شيرلين، فاحتضنت ابنها بحنان، بينما رمزي حاول تهدئة الأجواء بابتسامة صغيرة.
رمزي (بهدوء لتخفيف التوتر): سليم بيه، إحنا ناس متواضعين وبسيطين، وفاهمين كويس إن غزل بنتكم الغالية… بس غيث مش هيفرط فيها، لو وافق، هتكون على رأسه من فوق.
نادر (مقاطعًا بهدوء وحزم): وأنا واثق في غيث، وإلا ما كنت قررت القرار ده. لكن كلام سليم برضه صحيح… دي مش حاجة بسيطة.
عاد الجميع بنظراتهم إلى غيث، الذي كان يحاول جاهدًا أن يبقى متماسكًا رغم الضغط. أخذ نفسًا عميقًا، ثم نظر إلى نادر مباشرة، وكأنه يبحث عن تفسير أكثر لهذا القرار.
غيث (بصوت ثابت لكن مليء بالتوتر): حضرتك عارف إني عمري ما أفكر أؤذي غزل أو أسبب لها أي ضرر، بس… أنا عايز أفهم السبب الحقيقي ورا القرار ده.
نادر (بنبرة هادئة لكن غامضة): الأسباب عندي يا بني، ومش كل شيء لازم يتقال في وقته… بس صدقني، لما يجي اليوم اللي تفهم فيه، هتشكرني.
لم يكن ذلك الجواب كافيًا لغيث، لكنه أدرك أن الجد نادر ليس من النوع الذي يتراجع عن قراراته أو يكشف كل أوراقه بسهولة. زفر بصمت، قبل أن يرفع عينيه ببطء إلى سليم والد غزل، الذي لا يزال ينظر إليه بصرامة.
غيث (بهدوء وجدية): لو وافقت، هتعامل مع غزل باحترام، وهفضل دايمًا محافظ عليها… دي وعدي ليكم.
سليم (بصوت بارد محذرًا): أتمنى إنك تفهم معنى كلامك ده كويس، لأن أي غلطة… ثمنها هيكون غالي.
تصلبت ملامح غيث للحظة، لكنه لم يتراجع، فقط أومأ برأسه بثبات. أما أمجد، فظل متشبثًا بوالدته وهو يرمق سليم بنظرات مرتعبة، قبل أن يهمس بصوت صغير:
أمجد (بخوف): بابا… متأكد إن غيث عايز يتجوز عندهم؟ المكان ده مخيف!
كتمت شيرلين ضحكتها، بينما رمزي ضرب رأس ابنه بخفة، في حين ظل سليم والد غزل ينظر إلى غيث نظرة طويلة قبل أن يحوّل عينيه إلى الجد نادر، الذي اكتفى بالابتسام برضا، وكأن الأمور تسير تمامًا كما خطط لها…
المشهد ينتهي على نظرات غيث القلقة، ونظرات سليم الصارمة، وصمت الجد نادر الغامض…
*******************
بعد لحظات من الصمت التقيل، الباب اتفتح بعنف بسيط، وظهر خيال غزل وهي داخلة بخطوات واثقة. وقفت في نص القاعة، إيديها متشابكة على صدرها، وعينيها الزرقا لونهم كله سخرية واضحة.
غزل (بابتسامة ساخرة وهي بتبص للكل): الله! يعني قعدتوا واتفقتم على مستقبلي من غير حتى ما تفكروا تسألوني؟ بجد تصرف عبقري! عبقري جدًا كمان!
غيث بصّ لها بسرعة، باين عليه التوتر، بينما سليم أبوها زفر بضيق، أما الجد نادر فاكتفى يراقبها بصمت وابتسامة خفيفة على وشه كأنه متوقع رد فعلها ده.
سليم والد غزل (بصوت حاد): غزل، خدي بالك من كلامك!
غزل (بتهكم وهي بتميل رأسها): آه طبعًا، لازم أخد بالي! طب قولولي كده، إزاي المفروض أعبّر عن رأيي “بأدب”؟ أشكركم جدًا على اتخاذ القرار عني؟ ولا أصفقلكم عشان قررتوا جوازي من غير حتى ما أفتح بوقي؟
الكل ساب عينه تنزل للأرض للحظة، ورمزي، والد غيث، حاول يتدخل بهدوء عشان يهدّي الموقف.
رمزي (بلطف): آنسة غزل، إحنا طبعًا بنحترم رأيك، بس الجد نادر كان واضح… وأكيد عنده أسبابه.
غزل (مقاطعة بحدة وهي بترفع حاجبها): أسبابه؟ آه، طبعًا! طب ينفع بقى حد يتكرم ويقولي الأسباب دي؟ ولا نخمن؟ يمكن مثلا لقيتوني عبء ولازم تتخلصوا مني؟ ولا قررتوا إني مش هعرف أحقق حاجة في حياتي غير الجواز؟
سليم والدها شد فكّه وهو بيبص لها بنظرة حادة، بينما غيث أدار وشه في إحراج من طريقتها اللاذعة.
الجد نادر (بهدوء، قاطعًا كلامها): غزل، محدش هنا هيجبرك على حاجة من غير سبب… بس بكرر، إنتِ مش مضطرة تفهمي كل حاجة دلوقتي.
غزل بصّت لجدها بغضب، وبعدها ضحكت بسخرية وهي بتحط إيديها على وسطها.
غزل (ببرود): آه، طبعًا… الجملة السحرية “مش مضطرة تفهمي كل حاجة دلوقتي.” شكرًا جدًا على الشرح العظيم يا جدي! طب خلاص، بما إن الاجتماع العائلي العظيم خلص، أقدر أمشي؟ ولا المفروض أمضي على عقد الجواز وأنا واقفة؟
سليم والد غزل (بصوت محذر): غزل، بلاش قلة أدب
غزل طنّشت تحذيره، وبصّت لغيث للحظة قبل ما تاخد نفس عميق وتلفّ بسرعة خارجة من القاعة، رافعة دقنها بعناد واضح. أما سليم ابن عمها وميار بنت خالها، اللي كانوا واقفين بيتابعوا المشهد من بعيد، تبادلوا نظرات قلق.
أمجد الصغير (يهمس لوالدته وهو باصص على غزل الراحلة بخوف): ماما… العيلة دي كلها مرعبة، مش بس الراجل ده-يشير نحو سليم –
شيرلين كتمت ضحكتها بالعافية، بينما الكل فضل ساكت، بيتابعوا غزل وهي خارجة تاركة وراها توتر في المكان… وقرار شكله مش هيكون سهل أبدا.
المشهد ينتهي على نظرات الجد نادر الثابتة، وإحساس غيث العميق إن الأمور هتبقى أصعب بكتير مما كان متخيل…
**********************
بعد خروج غزل بعناد، ساد الصمت للحظات، ثم زفر الجد نادر بهدوء، وهو يلتفت إلى رمزي، والد غيث، الذي كان لا يزال في حالة صدمة.
الجد نادر (بحزم): على بركة الله… هنتفق على الإجراءات النهارده، والجواز هيكون قريب.
نظر له الجميع باندهاش، بينما رمزي وشيرلين تبادلا نظرات مترددة.
رمزي (بتوتر): بس… بس يا حاج نادر، مش شايف إن الأمور سريعة شوية؟ غزل واضح إنها مش موافقة…
الجد نادر (بثقة): غزل بنتي، وأنا عارف مصلحتها أكتر منها… هتفهم مع الوقت.
سليم والد غزل (بجدية): وبالنسبة للإجراءات، إحنا هنتكفل بكل حاجة… الفرح هيكون في القصر، ومفيش داعي لأي تكاليف تقل عليكم.
غيث كان ساكت طول الوقت، مش قادر يفهم إزاي حياته قلبت بالشكل ده، لكنه اضطر يتكلم أخيرًا.
غيث (بتوتر وهو بيبص للجد نادر): بس يا جدي… يعني، أنا مستعد لأي حاجة تطلبوها، بس غزل… لو مش موافقة، إزاي هنكمل؟
سليم ابن عم غزل (بابتسامة خفيفة وهو يربت على كتف غيث): اوعى تفتكر إن غزل هتسيبك بسهولة، هتقاوح شوية بس في الآخر هتقتنع، إحنا هنبقى معاك.
ميار ابنة خال غزل (بمرح وهي بتغمز لغيث): حظ سعيد يا عريس، عندك عروسة عنيدة جدًا!
ضحك البعض بخفوت، لكن غيث لم يكن قادرًا على الابتسام، لا يزال يشعر بثقل القرار.
شيرلين (بقلق وهي تنظر إلى زوجها رمزي): إحنا مش عايزين أي حاجة غير رضاهم، وإحنا نثق في قراركم بس… ياريت الموضوع يبقى بالهدوء…
الجد نادر (بثقة): كله هيتم زي ما قولت… وإحنا اللي هنتكفل بكل حاجة، من أول الشبكة لحد الفرح.
مازن (أخو غزل الصغير، بحماس): يا سلام، يعني هنشوف غزل بفستان الفرح قريب؟ دي هتبقى حاجة تضحّك!
ضحك أمجد الصغير أيضًا، لكن غيث كان لا يزال متوترًا، فيما نظر سليم والد غزل لوالديه، عادل وصفاء، ثم إلى الجد نادر.
سليم والد غزل (بحزم): تمام، نبدأ الإجراءات فورًا، وأتمنى إن غزل تتقبل الموضوع بأقل عناد ممكن.
الجد نادر (بهدوء حاسم وهو ينهض من مجلسه): متقلقش… العند ده جزء من شخصيتها، بس في الآخر، كل شيء هيمشي زي ما أنا شايفه.
نظر الجميع لبعضهم البعض، مدركين أن الجد حسم الأمر… وأن زفاف غيث وغزل أصبح أمرًا واقعًا، سواء وافقت غزل بسهولة، أو قاومت حتى النهاية
*********************
بعد أن حسم الجد نادر القرار، خيّم الصمت للحظات، قبل أن يُفتح الباب فجأة، وتقتحم القاعة فتاة صغيرة بشعرها البني المرفوع في ضفيرتين وعينيها الواسعتين المليئتين بالبراءة. كانت حور، شقيقة غزل الصغرى، تلهث قليلًا من الركض، وعندما وقعت عيناها على أمجد، تجمدت في مكانها للحظة قبل أن تهتف بسعادة.
حور (بحماس وهي تشير إلى أمجد): أمجد! إنت هناااا!
التفت الجميع نحو الطفلة الصغيرة التي ركضت مباشرة نحو أمجد، بينما وقف الأخير مذهولًا.
أمجد (بدهشة وهو يشير لنفسه): إيه ده! حور؟!
حور (بحماس شديد): أيوه أنا! أنت بتعمل إيه هنا؟!
نظر أمجد نحو والديه في ارتباك، بينما ضحكت ميار ابنة خال غزل بخفوت، أما الجد نادر فابتسم وهو يراقب التفاعل الطفولي.
رمزي (والد غيث، وهو يربت على رأس أمجد): إحنا جينا علشان موضوع مهم يا أمجد…
أمجد (مقاطِعًا باندهاش): لحظة… حور، إنتِ ساكنة هنا؟!
حور (تهز رأسها بفخر): طبعًا! ده بيتي… إنت اللي إزاي جيت هنا؟!
نظر أمجد نحو والديه مجددًا، ثم إلى غيث الذي بدا وكأنه يتمنى لو يختفي من الموقف بالكامل.
أمجد (يفكر للحظة، ثم يهتف بدهشة): أوووه! لحظة… ده معناه إنك أخت غزل اللي المفروض تتجوز أخويا؟
اتسعت عينا حور بصدمة بريئة، ونظرت إلى الجميع في دهشة قبل أن تلتفت لغيث، ثم إلى أمجد، ثم همست بحماس وكأنها اكتشفت سرًا خطيرًا.
حور (بصوت منخفض ولكن بحماس): يعني… يعني غيث هيبقى جوز أختي؟!
انفجر الجميع في الضحك، حتى غيث نفسه ابتسم رغم توتره، بينما ارتبك سليم والد غزل ومسح وجهه بضيق.
سليم والد غزل (بصرامة لكن بنبرة ساخرة): هي حور كمان بقت معترضة على الجواز؟!
حور (بحماس وهي تلوّح بيديها): لأ، لأ! بالعكس، أنا مبسوطة! غيث لطيف، وأنا بحبه… يعني مش بحبه حب الكبار، بحبه حب الأصدقاء!
ضحكت شيرلين والدة غيث وهي تنظر إلى الطفلة اللطيفة، بينما مال أمجد نحو حور وهمس لها بسرية.
أمجد (بخبث): إنتِ عارفة إن ده معناه إنك هتبقي شبه أختي؟
اتسعت عينا حور بحماس أكبر، ثم قفزت بحركة طفولية سعيدة وهي تهتف بسعادة.
حور (تصيح بسعادة): يااااي! يعني هبقى أختك! ده أحلى يوم في حياتي!
انفجر الجميع ضحكًا على عفوية الطفلة، بينما نظر سليم ابن عم غزل إلى غيث بغمزة ماكرة.
سليم ابن عم غزل (يضحك وهو يربت على كتف غيث): على الأقل، عندك حور موافقة على الجوازة!
ضحك الجميع مجددًا، بينما كان غيث لا يزال غير مستوعب لكل ما يحدث حوله، في حين كانت حور الصغيرة تقفز في مكانها بسعادة، وكأنها وجدت أخًا جديدًا بالفعل
******************
بعد ساعات من الاجتماع في قصر الشرقاوي، عاد غيث وعائلته إلى منزلهم المتواضع. كان المنزل هادئًا، لكن الجو كان مشحونًا بالدهشة والارتباك. جلس رمزي، والد غيث، على الأريكة وهو يخلع سترته بتعب، بينما كانت شيرلين، والدته، تمسك بكوب ماء تحاول استيعاب ما حدث. أما أمجد، فقد جلس على الأرض متربعًا وهو ينظر إلى الجميع بحماس واضح، في حين وقف غيث بجوار النافذة، يعقد ذراعيه أمام صدره، وعيناه شاردتان تمامًا.
أمجد (بحماس وهو يلوّح بيديه): بصراحة، أنا شايف إن ده أحلى يوم في حياتي!
رمزي (ينظر إليه بتعب): أحلى يوم في حياتك؟! يا ابني إنت كنت معانا ولا في قصر تاني؟!
شيرلين (بتنهيدة وهي تضع يدها على رأسها): بصراحة، أنا لسه مش مستوعبة اللي حصل… معقول فعلاً نادر باشا قرر إن غيث لازم يتجوز غزل؟!
أمجد (بمرح وهو يهز رأسه): أيوه، وكمان حور مبسوطة جدًا علشان هتبقى أختي!
غيث (بصوت منخفض لكنه يحمل دهشة واضحة): الموضوع مش منطقي خالص… ليه أنا بالذات؟! ليه الجد نادر مصر على الجوازة دي؟!
نظر رمزي إلى ابنه بتمعن، ثم تنهد وأشار إليه بالجلوس.
رمزي (بهدوء لكنه جاد): اسمع يا ابني، إحنا مش عيلة طماعة، وأنت عارف ده… صحيح الجوازة دي غريبة، بس الراجل عنده أسبابه، وواضح إنه مش بيهزر.
شيرلين (تهز رأسها بموافقة): إحنا ناس بسيطين، عمرنا ما تخيلنا نرتبط بعيلة الشرقاوي… بس من اللي شوفناه النهارده، واضح إنهم مش بيتعاملوا معاك كحد غريب.
ظل غيث صامتًا للحظات، قبل أن يتنهد ويضع رأسه بين يديه.
غيث (بصوت منخفض لكنه مثقل بالأفكار): غزل أصلاً مش عايزة الجوازة دي… شفتوا نظرتها؟ شفتوا كلامها؟ هي شايفة إنها مسجونة وسط عيلتها، و جوازي منها هيكون القيد الأخير ليها.
ساد الصمت لثوانٍ، قبل أن يتحدث أمجد بحماس وهو يرفع يده وكأنه اكتشف الحل السحري.
أمجد (بابتسامة واسعة): بسيطة! ما تتجوزهاش!
رمزي (بتنهيدة وهو ينظر لابنه الصغير): يا بني، إنت فاكرها لعبة؟!
شيرلين (تنظر إلى غيث بجدية): بص، إحنا عمرنا ما هنجبِرك على حاجة، القرار في إيدك… بس خليك عاقل، فكر كويس قبل ما تاخد أي خطوة.
ظل غيث صامتًا، بينما أفكاره تتلاطم بعنف في رأسه… الزواج من فتاة لا تريده، ولكن لعائلة تضع ثقتها فيه. لماذا هو؟ وما السر وراء هذا الإصرار؟
المشهد يُغلق على نظرات غيث الشاردة، وأمجد الذي يجلس على الأرض، يراقب الجميع وكأن الأمر مجرد مغامرة مسلية بالنسبة له…
*******************
في غرفة غزل – فيلا الشرقاوي
غزل جالسة على سريرها، عيناهما تغرق في الحزن، شعرها البني الفاتح مبعثر حول وجهها النحيف. كان الصمت يلف الغرفة، فقط همسات الهواء تداعب الستائر. فجأة، يُفتح الباب وتدخل شخصية صلبة لكنها محبة: سليم، والد غزل. خطواته الواثقة تتوقف أمام الباب لحظة، ثم يدخل بهدوء، يتوقف عند طرف السرير وهو يراقب ابنته بصمت لثوانٍ.
سليم (بصوت حنون وهو يقترب منها): غزل… يا حبيبتي، في حاجة مش مظبوطة هنا؟
غزل ترفع عينيها نحوه، وتتأمل ملامحه الجادة، ثم تنهدت وأخفضت رأسها من جديد.
غزل (بصوت منخفض، مليء بالحزن): مش عارفة، يا بابا. أنا مش عايزة الجواز ده. أنا مش جاهزة ليه. مش هقدر أكون زي باقي البنات وأحط نفسي في الحتة دي…
سليم يقترب منها أكثر، يجلس على طرف السرير بالقرب منها، ثم يضع يده على كتفها برفق.
سليم (بحنان، وهو يربت على كتفها): أنا فاهم يا غزل، فاهم إنك مش عايزة تتحملين المسئولية دي، أو إنك تحسّين إن حياتك هتتغير. بس زي ما أنا عايزك تحققي أحلامك، عايزك كمان تشوفي الصورة الكاملة.
غزل ترفع رأسها لتلتقي عيناها بعيني والدها، ترى فيهما حبًا صادقًا وخوفًا عليها.
غزل (بقلق): بس الزواج ده هيوقفني عن تحقيق أي حاجة يا بابا. أنا مش عايزة أكون مقيدة بحياة مفيهاش حرية.
سليم ينظر إليها بعينين مليئتين بالحكمة والحنان، ثم يتنهد، وكأنه يريد أن يشاركها شيئًا يخفف من قلقها.
سليم (بصوت هادئ): الزواج مش قيد يا غزل… مش معناه إنك هتسجني نفسك. الحقيقة، الجواز مش بيعني إنك تخسري نفسك أو أحلامك. في ناس بتقدر توازن بين حياتها الشخصية، وبين حاجات تانية في حياتها. وبعدين، غيث مش أي حد. هو شخص محترم جدًا، هيسندك ويشجعك.
غزل تلتزم الصمت، عيونها مليئة بالتساؤلات بينما والدها يواصل الحديث بحب وحنان.
سليم (بابتسامة محبّة): أنا عارف إنك لسه شايلة الهم ده في قلبك، وإنك مش متأكدة. بس خليكي قوية. غيث مش هيفرض عليك أي حاجة، وهتكونوا فريق واحد. وأنا واثق إنك هتلاقي طريقة توازن فيها بين حياتك وحياته، وتحققي كل حلم ليكي.
غزل تبقى صامتة لبرهة، تفكر في كلام والدها، ثم تنظر إليه، وفي عينيها لمحة من التردد.
غزل (بصوت منخفض): يعني… إنت شايف إن ده الصح؟
سليم يبتسم بلطف، ويرتفع صوته وهو يجيبها بحنان.
سليم (بإصرار هادئ): أكيد، يا غزل. أنا واثق إنك هتكوني سعيدة. وإحنا كلنا هنا عشانك، هنسندك في كل خطوة.
غزل تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تبتسم بابتسامة صغيرة، على الرغم من الحزن الذي لا يزال في عيونها.
غزل (بهمسات خفيفة): خلاص، بابا. هحاول أقبل ده… بس لازم أعرف إزاي أحقق أحلامي برضه.
سليم يبتسم بحب، ويعطيها قبلة على رأسها، قبل أن ينهض ليغادر الغرفة، وهو يتركها تفكر في القرار الذي سيكون له تأثير كبير على حياتها القادمة.
سليم (وهو يغادر الغرفة): هتنجحي في كل حاجة يا غزل، وأنا واثق فيك.
المشهد يُغلق على غزل، جالسة على سريرها، تفكر بعقل وقلب مليء بالتردد والتحدي……
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل السادس عشر
فصل 16
بعد عدة أيام ، في مقهى هادئ في وسط المدينة
جلست غزل في أحد الأركان، تحرك ملعقة صغيرة داخل كوب قهوتها ببطء، بينما تتأمل الطاولات من حولها. المكان مزدحم لكن ضجيجه لا يصل إلى عقلها، فهي تفكر فيما ستقوله لغيث. وبعد دقائق قليلة، دخل غيث، يبحث عنها بنظراته حتى وقعت عيناه عليها. ابتسم بخفة، وتقدم نحوها، وجلس أمامها.
غيث (مبتسمًا بلطف): أهلاً، أتأخرت؟
غزل (بهدوء وهي تنظر إلى ساعتها): سبع دقائق وخمس ثوانٍ… بس مش مشكلة، لسه متسامحة النهارده.
ضحك غيث بخفوت، لكنه شعر أن هناك أمرًا جديًا يدور في عقلها. جلس مستقيمًا، وأخذ رشفة من قهوته قبل أن ينظر إليها بتركيز.
غيث (بهدوء): طيب، قلتيلي إنك عايزة تتكلمي معايا عن حاجة مهمة قبل الفرح.
غزل وضعت كوب القهوة أمامها، وشبكت أصابعها ببعضها ثم نظرت إليه بجدية مصطنعة.
غزل: أيوه، بصراحة… أنا عندي شوية شروط قبل ما نتجوز، وحابة إنك تعرفها من دلوقتي، عشان تبقى مستعد.
رفع غيث حاجبه قليلًا، لكنه لم يتفاجأ. توقع أن غزل لن تتزوج بهدوء مثل أي فتاة أخرى.
غيث (بابتسامة خفيفة): شروط؟ تمام، اسمعك.
تنحنحت غزل قليلًا، ثم بدأت في تعداد شروطها وكأنها تقرأ من ورقة رسمية.
غزل (بجدية): أولًا، مش هتناديني بمراتي أو زوجتي أو أي لقب تقليدي، اسمي غزل، مفهوم؟
غيث (رافعًا حاجبه): طيب، تمام…
غزل: ثانيًا، مش هتطلب مني أطبخ كل يوم، لأن أنا مش طباخة، ولو جعنا هنطلب دليفري، ولو عايز أكل بيتي، يبقى تتعلم معايا ونتعاون.
ضحك غيث بخفوت، وهز رأسه موافقًا.
غيث: تمام، نطبخ سوا.
غزل (مكملة بجدية): ثالثًا، لو اتخانقنا في المستقبل، مش مسموح لك تنام برا البيت، حتى لو كنت زعلان. ولو أنا اللي زعلانة، هتسيبني على راحتي لحد ما أقرر أتصالح معاك.
غيث (مازحًا): ولو حضرتك زعلانة لمدة شهر؟
غزل (ببرود): هتبقى تسأل نفسك إيه الغلطة اللي عملتها وتصلحها!
ضحك غيث، لكن سرعان ما كتم ضحكته عندما رأى نظراتها الجادة.
غزل (تكمل بشراسة): رابعًا، يومين في الشهر لازم نسافر فيهم، حتى لو مكان قريب، أي حاجة تغير جو.
غيث: معقول ده شرط؟ ده طلب ممتاز!
غزل (بصوت حاد): خامسًا، مش مسموح إنك تحاول تتحكم في حياتي المهنية، أنا عايزة أكمل شغلي، وأسافر وقت ما أحتاج.
غيث (بإيماءة جادة): موافق، طالما إن ده بيسعدك.
غزل: وأخيرًا… مش مسموح أبدًا تنسى عيد ميلادي أو ذكرى جوازنا، ولو نسيت…
غيث (مقاطعًا بابتسامة): هتبقى كارثة؟
غزل (مهددة بمرح): بل كارثة كونية.
نظر إليها غيث للحظة، ثم تنهد وهو يهز رأسه بابتسامة مستسلمة.
غيث (بنبرة هادئة): طيب، أنا موافق على كل حاجة… بس عندي شرط واحد.
ضيّقت غزل عينيها بحذر.
غزل: شرط؟ إيه هو؟
غيث (بنبرة جادة وناعمة في نفس الوقت): إنك تكوني سعيدة… معايا.
نظرت إليه غزل للحظة، وشعرت بقلبها ينبض بسرعة لم تفهم سببها. أخذت رشفة من قهوتها محاولة إخفاء ارتباكها، ثم أشاحت بوجهها بعيدًا.
غزل (بخفوت): ماشي… بس متنساش بقية الشروط.
غيث (بابتسامة دافئة): عمري ما هنسى.
المشهد يُغلق على غزل وهي تنظر من النافذة، بينما غيث يراقبها بابتسامة هادئة، وكأنهما يبدآن رحلة جديدة مليئة بالمفاجآت
*********************
بعد لحظات من الصمت، وضعت غزل كوب قهوتها على الطاولة ونظرت إلى غيث بجدية.
غزل: طيب، بما إننا خلصنا موضوع الشروط، خلينا نتكلم عن التجهيزات.
غيث (بهدوء): تمام، قوليلي إنتِ عايزة إيه، وأنا هعمل كل اللي أقدر عليه.
تنهدت غزل قليلًا، ثم ابتسمت وهي تسند ذقنها على يدها.
غزل: بص، أنا عارفة ظروفك وظروف عيلتك، وعارفة إنك راجل مسؤول وعمرك ما تقصر في حقي، عشان كده مش عايزاك تحس بأي ضغط مادي بسببي.
نظر إليها غيث بدهشة، فهو كان يتوقع أن غزل ستطلب مهرًا كبيرًا كأي فتاة من عائلة ثرية، لكنها كانت تتحدث ببساطة وكأن الأمر لا يشغلها.
غيث (بهدوء ممتن): غزل، أنا عارف إنك متفهمة، بس برضه المهر ده حقك، وأنا مش هقبل غير لما أدفعه بنفسي.
غزل (بابتسامة خفيفة): وده اللي أنا متأكدة منه، بس مش عايزاك تبالغ، ادفع اللي تقدر عليه، وده مش هيقلل منك ولا مني. المهم إنك تكون واثق في نفسك ومش شايل هم.
أخذ غيث نفسًا عميقًا، وشعر براحة لم يكن يتوقعها، ثم ابتسم وهو ينظر إليها بإعجاب.
غيث: أنتِ عارفة إنك مختلفة؟
غزل (مازحة وهي ترفع حاجبها): آه طبعًا، ده واضح جدًا، بس قوللي إيه اللي حسيته في اللحظة دي؟
ضحك غيث وهز رأسه، ثم أمسك بكوب قهوته ورشف منه بهدوء.
غيث: حسيت إني محظوظ… جدًا.
شعرت غزل بحرارة خفيفة في وجنتيها، لكنها تظاهرت بعدم الاهتمام وهي تعود لتقليب قهوتها بملعقتها.
غزل: المهم، بالنسبة للقاعة والفستان والحاجات دي… أنا مش عايزة حاجة مبالغ فيها، حاجة بسيطة وأنيقة تكفيني.
غيث (مبتسمًا): وإنتِ عارفة إن عيلتك مستحيل يعملوا حاجة بسيطة، القصر نفسه هيبقى عامل زي قاعة ملكية يوم الفرح.
غزل (بضحكة خفيفة): آه عارفة، بس أنا على الأقل هحاول أقنعهم إن الفرح يكون هادي ومش استعراض.
نظر إليها غيث بامتنان، ثم قال بنبرة دافئة:
غيث: غزل… أنا فعلًا ممتن ليكي، ومهما كان اللي بيحصل غريب ومفاجئ، أنا عارف إنك شخص مش سهل وإنك مش هتوافقي على حاجة إلا لما تقتنعي بيها.
صمتت غزل للحظة، ثم ابتسمت بخفة وهي تنظر إلى كوب قهوتها.
غزل: مش عارفة ده مدح ولا محاولة تحليل لشخصيتي، بس… شكرًا يا غيث.
التقت نظراتهما لثوانٍ، قبل أن يبتسم كلاهما بهدوء، وكأنهما يبدآن بتقبل فكرة أنهما قريبًا سيكونان معًا، رغم كل شيء
*********************
أمام فيلا الشرقاوي – مساءً
توقفت السيارة أمام البوابة الكبيرة، ونزلت غزل أولًا، بينما استدار غيث ليغلق باب السيارة بهدوء. كان الجو لطيفًا، والهواء المسائي يلفح وجهيهما برقة. لكن قبل أن تتقدم غزل نحو الباب، جاءهما صوت مألوف، مليء بالمكر والتسلية.
سليم (مبتسمًا بمكر وهو يقف عند المدخل، مستندًا على الحائط بيديه المتقاطعتين): آه، بصراحة أنا مش عارف مين اللي كان بيقول إنها مش عايزة تتجوز وإنها مش مقتنعة… شكلها كانت بتمثل علينا كلنا!
توقفت غزل في مكانها، وضاقت عيناها وهي تنظر إلى ابن عمها الذي كان يبتسم وكأنه اكتشف سرًا عظيمًا.
غزل (بتكشيرة وهي تضع يدها على خصرها): سليم، بطل غلاسة!
سليم (بضحكة خفيفة): غلاسة إيه بس؟ أنا فرحان جدًا، وأخيرًا غيث معاكِ، يعني كنت بقول لنفسي، كام سنة كمان وهتعترفي إنك عاوزاه!
أشاح غيث وجهه قليلًا، محاولًا إخفاء إحراجه، بينما غزل زفرت بضيق وهي تعبر بجانبه لتدخل الفيلا.
غزل (بحدة وهي تمر بجانبه): والله لو فضلت تكلمني كده، هخلي موضوع الجواز ده كله ينتهي قبل ما يبدأ!
سليم (ضاحكًا وهو يلحق بها بخطوات هادئة): لأ بقى، ده لو حصل، أنا اللي هبقى أول واحد يعيد إقناعك بغيث!
توقفت غزل عند الباب ونظرت إليه بحدة، بينما غيث ظل واقفًا بجوار سيارته يراقب المشهد بابتسامة صغيرة. اقتربت غزل من ابن عمها ورفعت حاجبها بتهديد وهمي.
غزل: مش هتبطل بقى؟
سليم (بمكر وهو يغمز لها): ولا هي اللي مش هتبطل تمثيل؟
زفرت غزل بغضب مصطنع ثم دفعت كتفه بخفة ودخلت الفيلا، بينما ظل سليم يضحك، قبل أن يلتفت إلى غيث الذي كان يراقبهما بصمت ممتن.
سليم (بابتسامة هادئة وهو يربت على كتف غيث): خد بالك منها، غزل عنيدة بس قلبها طيب… وأنا واثق إنك الوحيد اللي تقدر تحتويها.
نظر إليه غيث للحظة، ثم أومأ بابتسامة هادئة، يشعر بشيء من الراحة وهو يسمع تلك الكلمات من سليم، وكأن الأمر أصبح أكثر وضوحًا الآن.
غيث: هعمل كده، متقلقش.
أومأ له سليم بإعجاب، قبل أن يودعه ويتجه إلى الداخل، تاركًا غيث واقفًا للحظات، ينظر نحو الباب الذي دخلت منه غزل، متسائلًا عن الأيام القادمة وما تخبئه لهما…
**********************
بعد فترة قصيرة ،
جلس غيث في ركن هادئ من المقهى، ينظر إلى ساعته بين الحين والآخر، حتى ظهر مصطفى من بعيد وهو يسير بخطوات سريعة نحوه. كان واضحًا على وجهه علامات الصدمة وعدم التصديق.
مصطفى (باندهاش وهو يجلس أمام غيث مباشرة): أنا مش مصدق! غيث… إنت بتقوللي إنك هتتجوز بنت الشرقاوي؟! بنت العيلة اللي الناس كلها بتتكلم عنها؟
غيث (يبتسم بهدوء وهو يقلب فنجان القهوة بين يديه): أيوه، هي نفسها.
مصطفى (يضرب الطاولة بخفة وهو يضحك بذهول): لا، لا، مستحيل! هو إنت فجأة اكتشفت إنك أمير بقى ولا إيه؟ إزاي ده حصل؟
غيث (يضحك قليلًا ثم يهز رأسه): صدقني لو قلتلك إن الموضوع كله حصل فجأة… أنا كنت آخر واحد يتوقع إن حياتي تاخد المنعطف ده.
مصطفى (يرمقه بريبة وهو يضع يده على ذقنه): طب والله العظيم كنت حاسس إنك مخبي علينا حاجة! يعني فجأة لقيتك بتختفي شوية، وبعدين تيجي تقوللي إنك داخل على جواز؟ إيه الحكاية؟
تنهد غيث وأخذ رشفة من قهوته، ثم بدأ يروي القصة باختصار، كيف أن الجد نادر هو من أصر على الزواج، وكيف أن الأمور تصاعدت بسرعة حتى وجد نفسه في هذا الوضع.
مصطفى (ينظر له بذهول بعد أن انتهى من الحديث): طب بجد… غزل وافقت بسهولة؟
غيث (يضحك بسخرية): بسهولة؟! أنت بتتكلم عن غزل الشرقاوي… دي لو كانت تقدر تهرب كانت هربت!
مصطفى (يقهقه وهو يصفق بيديه): الله يكون في عونك، واضح إنك داخل على زواج ممتع جدًا!
غيث (يبتسم وهو يهز رأسه): ممتع دي كلمة قليلة… بس هي محترمة وطيبة، حتى لو عنيدة وصعبة.
نظر مصطفى إلى صديقه للحظة، ثم ابتسم بهدوء وربّت على كتفه.
مصطفى: بص يا صاحبي، المهم إنك تبقى سعيد، وغزل تبقى سعيدة معاك… وأنا واثق إنك هتقدر تخليها تحبك بطريقتك.
غيث (يبتسم بخفة): أتمنى… المهم، هتيجي الفرح ولا هتقعد مستغرب لحد يوم القيامة؟
مصطفى (يضحك وهو يرفع يديه باستسلام): أكيد جاي! بس هاجي علشان أشوف إزاي غيث المسكين هيتعامل مع الأميرة غزل!
ضحك الاثنان، بينما شعر غيث بشيء من الطمأنينة، فوجود مصطفى بجانبه في هذا اليوم المهم يعني له الكثير. أما مصطفى، فظل غير مصدق أن صديقه الذي عاش حياته ببساطة، على وشك أن يصبح جزءًا من واحدة من أكبر العائلات في البلاد…
********************
في اليوم التالي
في مول فاخر – قسم فساتين السهرة
أضواء المتاجر تلمع بانعكاسها على الأرضية الرخامية، ورائحة العطور الفاخرة تملأ المكان. تتنقل غزل ورفيقاتها بين المحلات، كل واحدة منهن منشغلة بشيء معين، بينما كانت الصغيرة حور وسارة الأكثر حماسًا وسط هذا الحشد النسائي.
حور (تقفز بحماس وهي تمسك يد والدتها ميار): ماما، ماما! بصي الفستان ده، شبه فساتين الأميرات اللي في الكارتون! ممكن آخده؟
سارة (بتدلل وهي تنظر لنفسها في المرآة الكبيرة): مفيش أجمل مني في لبس الفساتين! بس برضه محتاجة أجرب أكتر وأكتر، الجمال عاوز اختيارات كتير!
ميار الأم (تضحك وهي تمسح على رأس حور): طيب حبيبتي، خلينا نخلص فساتين العروسة الأول وبعد كده نشوف فساتينكم.
ميار ابنة خال غزل (تنظر إلى غزل بمكر): أيوه، نرجع لموضوعنا الأساسي… العروسة الجميلة، حضرتك اخترتي فستان الفرح ولا لسه؟
غزل (تتنهد وهي تتأمل الفساتين على الرفوف): يا جماعة، أنا مش متحمسة خالص للفستان! خدو أنتم القرار عني.
شغف (تضع يدها على كتف غزل بمكر): مش متحمسة؟! ده يوم زفافك يا بنتي! لو مش متحمسة النهاردة، إمتى هتكوني متحمسة؟
حبيبة (بهدوء وهي تنظر إلى أحد الفساتين): طيب نجرب كام واحد، ولو معجبكيش ولا واحد، نسيب الموضوع لحد ما تلاقي اللي يناسبك.
رهف (وهي تمسك بفستان أبيض راقٍ مرصع باللؤلؤ): طب بصي على ده، بسيط وأنيق، وأحس إنه هيكون مناسب لشخصيتك.
غزل نظرت إلى الفستان، لم يكن ضخمًا ومبالغًا فيه مثل الفساتين الأخرى، لكنه كان يحمل لمسة راقية جذبت انتباهها للحظات.
غزل (بهدوء وهي تتأمله): ممم… يمكن أجربه.
سارة (تتنهد وهي تضع يديها على خصرها): مش معقول! إزاي العروسة مش متحمسة، وأنا اللي أصغر منها داخلة جوايا نار حماسية؟!
شغف (تضحك وهي ترفع حاجبها): شوفتوا؟ سارة فاهمة أكتر من العروسة نفسها!
حور (تمسك يد غزل وتهزها بخفة): غزل، ممكن تعملي فستان شبه اللي لباربي؟
غزل (تضحك وهي تجلس لتكون في مستوى حور): طيب يا أميرتي الصغيرة، لما تكبري هعملك فستان أحلى من بتاع باربي، اتفقنا؟
حور (تصيح بسعادة): اشطاااااا!
ضحكت النساء جميعًا، وبدأت غزل في تجربة بعض الفساتين وسط دعم وتشجيع صديقاتها وعائلتها، بينما كانت الصغيرة سارة تحلل كل تفصيلة في كل فستان، وكأنها خبيرة موضة محترفة
***********************
داخل محل الفساتين – وسط الأجواء المليئة بالحماس
بينما كانت غزل تجرب أحد الفساتين، وتحيط بها النساء بالملاحظات والتعليقات، فُتح باب المتجر ودخلت شيرلين، والدة غيث، بابتسامتها الدافئة وملابسها البسيطة، لكن أناقتها الراقية كانت واضحة.
شيرلين (تنظر حولها بلطف): السلام عليكم، يا بنات! قولت أجي أشوف العروسة وأشارككم الحماس.
حور (تجري نحوها بسعادة): طنط شيرلين!
شيرلين (تحتضنها بحنان): حبيبتي يا حور، عاملة إيه؟
سارة (بتأمل وهي تضع يدها على ذقنها): أهااا… إذن أنتِ الحماة المستقبلية؟ لازم أخد انطباعاتي منكِ بسرعة!
ضحك الجميع على تعليق سارة العفوي، بينما اقتربت شيرلين من غزل التي خرجت من غرفة القياس وهي ترتدي فستانًا أبيض بسيطًا، لكن فخم التفاصيل.
شيرلين (تنظر إليها بإعجاب): ما شاء الله، غزل… شكلك ملاك! غيث محظوظ جدًا.
غزل (تبتسم بخجل بسيط قبل أن تمسك طرف الفستان): أنا لسه مش عارفة… بس الفستان مريح.
ميار ابنة خال غزل (بحماس وهي تنظر إلى شيرلين): تانت شيرلين، عندك ذوق؟ عاوزين رأيك، أي فستان أحلى؟
شيرلين (تبتسم برقة): بصراحة، كل الفساتين حلوة، بس المهم العروسة تكون مرتاحة وسعيدة في اللي هتلبسه.
رهف (تغمز لغزل بمكر): سمعتي؟ سعيدة! مش تقوليلنا إنك فرحانة بقى؟
غزل (تتنهد وهي ترفع حاجبها): أنا مش معترضة، بس مش مستوعبة فكرة إن بعد كام يوم هكون متجوزة!
شيرلين (تضحك وهي تمسك يدها بحنان): دي مش حاجة تخوف يا حبيبتي، الجواز شراكة جميلة، وإنتِ وغيث هتكونوا أحسن سند لبعض.
ابتسمت غزل بخجل، بينما نظرت شيرلين نحو الفساتين على الرفوف، ثم مدت يدها وأمسكت بفستان بسيط التصميم لكنه يحمل لمسة أنيقة.
شيرلين (بحماس ناعم): أنا شايفة إن الفستان ده هيليق عليكِ جدًا يا غزل، رقيق وبسيط بس في نفس الوقت فيه لمسة فخامة.
حبيبة (بابتسامة): شيرلين عندها ذوق، جربيه يا غزل!
نظرت غزل إلى الفستان، ثم تنهدت وهي تأخذه من يد شيرلين، ثم دخلت غرفة القياس من جديد، بينما جلست النساء يواصلن الحديث والضحك، وشيرلين تشاركهن الأجواء بحب وألفة، لتشعر غزل لأول مرة ببعض الراحة تجاه فكرة الزواج… ربما لن يكون الأمر سيئًا كما كانت تتوقع
********************
بينما كانت غزل في غرفة القياس، تتابع الفتيات الحديث بحماس، دخلت شغف على الخط بابتسامة ماكرة، وهي تضع يديها على خصرها وتنظر للجميع بنظرة ذات مغزى.
شغف (بخبث وهي ترفع حاجبها): طيب طيب… كله بيتكلم عن الفستان، بس إحنا نسينا الأهم!
ميار (تغمز لها بمكر): آه طبعًا، إحنا فاهمينك… عاوزة نعرف حاجة تانية خالص، مش كده؟
شغف (تقاطعها بسعادة): أكيد! يا عروسة، مش هتحكيلنا عن رومانسية خطيبك العريس بقى؟ ولا كل حاجة لسه رسمية؟
اتسعت عينا غزل فور خروجها من غرفة القياس وهي ترتدي الفستان الذي اختارته شيرلين، ثم رمقت شغف بنظرة تحذيرية، لكنها لم تكن كافية لإيقافها.
غزل (ببرود مصطنع): رومانسية إيه بس؟ إحنا بنتكلم عن غيث، مش عن بطل رواية رومانسية!
رهف (تضحك): ده لو سمعك، هيزعل منك يا بنتي!
شغف (تضع يدها على ذقنها بمكر): بس بس بس… غيث ده هادي وعاقل، بس أكيد في لحظات خاصة حصلت بينكم، صح؟ يلا اعترفي، هو قالك كلام حلو ولا لأ؟
شعرت غزل بحرارة خفيفة تزحف إلى وجنتيها، لكنها تماسكت سريعًا ورفعت ذقنها بعناد.
غزل (بثقة زائفة): بصراحة؟ لأ، كله كان عملي جدًا، إحنا متفقين على أساسيات الجواز وبس.
سارة (بعينين متسعتين): لاااااااا! إزاي يعني؟ مفيش لحظة رومانسية واحدة؟ حتى نظرة؟ كلمة حلوة؟ أي حاجة؟
حور الصغيرة (ببراءة): هو مش المفروض العرسان يحبوا بعض؟
شيرلين (تبتسم وهي تهز رأسها): يا بنات، الحب مش بس كلام، ممكن يكون أفعال صغيرة، اهتمام، خوف، حتى الصمت أحيانًا بيقول كتير.
نظرت غزل إلى شيرلين للحظة، ثم زفرت بضيق، مدركة أن الجميع يتآمر عليها اليوم.
غزل (بجدية وهي ترفع حاجبها): بصراحة؟ غيث طيب جدًا، ومحترم، وبيتعامل معايا كويس… بس إحنا مش في فيلم رومانسي، ومش مستنية منه يبعتلي ورد كل يوم ولا يكتبلي شعر!
شغف (تغمز لها بمكر): بس لو عمل كده مش هتعترضي، صح؟
ميار (تضحك وهي تضرب كفها بكفها): هاااا، وقعتِ يا غزل!
حاولت غزل التهرب، لكنها عرفت أن لا مفر من التعليقات الساخرة طوال التسوق، وسط ضحكات الفتيات وتعليقاتهن الماكرة، أما شيرلين فاكتفت بابتسامة هادئة، وكأنها تعرف أن الأيام القادمة ستحمل لغزل مفاجآت لم تكن تتوقعها…
*********************
في المساء ، في فيلا الشرقاوي – غرفة الجلوس الفسيحة
كان سليم جالسًا على الأريكة، ساق فوق الأخرى، كفه مستند إلى ذقنه، وعيناه تحملان شرودًا غريبًا. أمامه كوب قهوته الذي برد تمامًا، لكنه لم يلحظ، فقد كان غارقًا في ذكرياته… يتذكر غزل الصغيرة، تلك الطفلة التي كانت تجري في أنحاء القصر بضحكاتها البريئة، تملأ حياته صخبًا وحيوية… ثم الآن، ها هي تستعد للزواج، وكأن العمر مرّ في غمضة عين.
بينما هو غارق في أفكاره، انفتح باب الغرفة فجأة، ليدخل إياد بخطوات واسعة وحماسية، وخلفه زين الذي كان يضحك على شيء ما قاله إياد للتو.
إياد (بصوت عالٍ ومرح): بصوا مين اللي سرحان وعامل فيها الأب الحزين! يا ساتر يا سليم، هو إيه الجو الكئيب ده؟
انتبه سليم من شروده، ونظر إلى شقيقيه بملامح جامدة، قبل أن يزفر ببطء.
سليم (بهدوء وهو يعيد ظهره إلى الأريكة): مفيش حاجة… بس بفكر.
زين (يرفع حاجبه وهو يجلس بجواره): يا راااجل! إنت بتفكر؟ حاجة غريبة فعلًا… طب قل لنا بتفكر في إيه؟
إياد (يجلس قبالتهما وهو يغمز بخبث): أكيد في غزل… الطفلة اللي كانت بتلعب فوق دماغك بقت عروسة، صح؟
ظل سليم صامتًا للحظات، ثم هز رأسه ببطء.
سليم (بصوت منخفض): فعلاً… مش قادر أستوعب إن بنتي الصغيرة كبرت وهتتجوز.
زين (يضع يده على كتف سليم ويضحك): وده طبيعي جدًا… المشكلة إنك واخدها بجدية كأنك هتبعتها الحرب مش الجواز!
إياد (يغمز بسخرية): أنا بصراحة مستغرب حاجة تانية… غزل دي كانت شبهك في العصبية والعند، إزاي وافقت على الجواز كده فجأة؟
ضحك زين بينما سليم أطلق زفرة قصيرة، ثم نظر إلى إياد نظرة ذات معنى.
سليم (بهدوء محذر): إنت فاكر إن الموضوع كان سهل؟ غزل ما وافقتش بسهولة… وأنا كنت لازم أقنعها بنفسي.
زين (بمزاح): ده أكيد حصل بعد مفاوضات دامت أسابيع وحروب نفسية، صح؟
إياد (يضحك وهو يرفع يديه بمبالغة): وأكيد استخدمت أساليب الضغط النفسي والكلام الحازم اللي بيخلي أي حد يوقع على أي حاجة من غير ما يقرأ العقد!
نظر إليهما سليم نظرة باردة، قبل أن يهز رأسه بيأس.
سليم (بجدية): مش عارف إنتو إزاي إخواتي بصراحة… أنا في لحظة أبوية حساسة وإنتو عاملينها مسرحية هزلية!
زين (يغمز له وهو يضحك): طب ما هو لازم نهون عليك، إحنا برضه خايفين عليك من الصدمة!
إياد (يميل للأمام بمكر): بس بصراحة… متحمس أشوفك وأنت واقف في الفرح بتسلم بنتك لغيث، متأكد إن عيونك هتملا دموع!
ارتفع حاجبا سليم بضيق، بينما انفجر زين في الضحك، وإياد صفق بحماس، مستمتعًا باستفزاز شقيقه الأكبر.
سليم (يحاول التماسك): أنا مش هعيط يا إياد، خليك في حالك!
إياد (بمرح وهو يغمز له): هنشوف… بس أوعدني لو دمعت، هتبص لينا على الأقل عشان نأخذ لقطة للذكرى!
نظر له سليم بحدة، ثم التفت إلى زين الذي كان يضحك بقوة.
سليم (بهدوء متوعد): أنت ساكت ليه؟ مش هتنقذ أخوك قبل ما أطبق عليه؟
زين (يرفع يديه باستسلام): لااا، أنا مستمتع بالمشهد… بس لو هتطبق عليه، استنى لما أصور الأول!
ضحك إياد وزين بصوت عالٍ بينما سليم هز رأسه بيأس، لكنه لم يستطع إخفاء ابتسامة صغيرة شقت طريقها إلى شفتيه… فرغم كل شيء، كان ممتنًا لوجود أخويه بجانبه في هذه اللحظة المهمة من حياته
*********************
في غرفة ميار – فيلا الشرقاوي
جلست ميار على أريكتها في زاوية الغرفة، تحتضن كوبًا من الشاي، وعيناها سارحتان في الفراغ. كانت مشاعرها خليطًا بين الفرحة والحزن… فرحة لأنها ترى طفلتها الصغيرة غزل تستعد لبدء حياة جديدة، وحزن لأنها ما زالت غير مستوعبة أن تلك الطفلة التي حملتها بين يديها وهي مراهقة قد كبرت وأصبحت عروسًا الآن.
قبل أن تتمادى في أفكارها، انفتح باب الغرفة فجأة، ليظهر إخوتها الثلاثة، أدهم وسيف ومازن، وملامحهم تكشف أنهم لاحظوا شرودها.
أدهم (وهو يضع يديه في جيبيه ويتأملها): إحنا مش عايزين دراما بقى، يا ميار… كفاية سليم سرحان لوحده، مش معقول تبقوا الاتنين تايهين كده!
رفعت ميار رأسها ببطء، ونظرت إليهم بنظرة متأثرة قبل أن تبتسم بخفة.
ميار (بصوت دافئ): أنا مش تايهة… بس مش مستوعبة إن غزل كبرت وهتتجوز.
مازن (يتقدم ليجلس بجانبها مازحًا): طب ما إحنا برضه مش مستوعبين إن أختنا الصغيرة بقت أم لعروسة! يعني إحساسنا مش بعيد عن إحساسك.
سيف (يغمز بمكر وهو يقف بجانب أدهم): وخصوصًا إنك كنتِ شبه غزل في العند أيام زمان… فاكرة لما قررتِ تتجوزي سليم وإنتِ عندك 15 سنة؟ إنتِ أسرع واحدة فينا كلها خدت خطوة الجواز!
ضحكت ميار بخفة، وهي تهز رأسها، ثم نظرت إليهم بعينين لامعتين.
ميار (بحنين): كان زمان… كنت صغيرة ومندفعة، بس ما ندمتش لحظة إني اخترت سليم، وهو دلوقتي بيحس بنفس المشاعر اللي حسّيت بيها لما غزل جت لحياتي… إحساس غريب، بس جميل.
أدهم (بابتسامة دافئة): طيب إحنا مش عايزين دموع بقى، يا ميار… دي ليلة فرح، مش ليلة نواح!
مازن (ممازحًا وهو يضع يده على كتفها): أوه لاااا، ما تقولش كده، ده إحنا هنلاقيها في الفرح قاعدة مع سليم يعيّطوا سوا ويمسكوا منديل واحد!
انفجرت ميار ضاحكة وهي تضرب مازن على ذراعه بخفة.
ميار (بمزاح): إنت قليل الأدب يا مازن، بجد!
سيف (يضع يديه على صدره بمسرحية): خلاص، إحنا كإخوتك الكبار بنقرر رسميًا إنك ممنوعة من البكاء في الفرح… ولو عيطتي، هنطلب من الفرقة الموسيقية تعزف أغاني مهرجانات بدل الرومانسيات عشان نقلب الجو!
ضحكت ميار مجددًا، وشعرت أن وجود إخوتها بجانبها كان بالضبط ما تحتاجه لتخفيف التوتر الذي تشعر به. ورغم كل شيء، كانت ممتنة لأنها لم تعش هذه اللحظة وحدها
**********************
بينما كانت الضحكات تملأ الغرفة، انفتح الباب ببطء، ليظهر منه أدهم الصغير، ابن سليم وميار، وهو يعقد ذراعيه أمام صدره بجدية واضحة، ملامحه رغم صغر سنه تعكس شخصية قيادية تشبه والده كثيرًا.
أدهم الصغير (بصوت هادئ لكن حازم): أنتو قاعدين بتتكلموا وتضحكوا عادي كده، وكأن غزل مش هتسيبنا بعد كام يوم؟
سكت الجميع للحظة، ثم تبادلوا نظرات مسلية، بينما سيف ومازن حاولا كتم ضحكتهما بسبب أسلوب أدهم الصغير الجدي جدًا.
مازن (بمزاح وهو يرفع حاجبه): إيه ده؟ هو فين سليم الأب؟ ده شكله بعت نسخة مصغرة منه تتأكد إن مامتك مش بتعيّط!
أدهم الصغير (ينظر إليه بجدية أكبر): مازن، أنا بتكلم جد.
أدهم الكبير (يضع يده على كتف أدهم الصغير بابتسامة هادئة): وإحنا كمان بنتكلم جد يا بطل… بس الجواز مش معناه إن غزل هتسيبنا للأبد، دي هتفضل أختك الكبيرة، وهتيجي كل يوم تتخانق معاك عادي جدًا.
أدهم الصغير (يشبك ذراعيه بإصرار): بس مش هتفضل معانا في البيت، وده اللي مضايقني… وبعدين غيث ده، هو كويس وكل حاجة، بس أنا مش مقتنع إنه يقدر يوقف قدام غزل لو اتخانقت معاه!
انفجر الجميع بالضحك، بينما وضعت ميار يدها على جبينها بحنان وهي تنظر إلى ابنها الصغير الذي يتحدث وكأنه رجل ناضج.
ميار (بابتسامة دافئة): يا حبيبي، غيث راجل ومسؤول، وبيعرف يتعامل مع غزل… وبعدين إنت عارف أختك، حتى لو جوزناها لرجل مخابرات، برضه هتفضل متحكمة!
سيف (بضحكة): هو ده اللي كان لازم الجد نادر ياخده في الاعتبار، بدل ما يقرر الجواز بسرعة كده!
أدهم الصغير (يتنهد وهو يهز رأسه بجدية): طيب خلاص، أنا هديكم فرصة تراقبوا الوضع… بس لو غزل زعلت، أنا مش هسكت!
تبادلت ميار وإخوتها نظرات مسلية، بينما أدهم الصغير كان جادًا تمامًا في كلماته. اقتربت منه ميار واحتضنته بحنان، وهي تربت على ظهره.
ميار (بهمس حنون): يا حبيبي… غزل هتكون كويسة، وهنفضل كلنا جنبها، حتى لو بقت متجوزة.
أدهم الصغير (يغمغم وهو يدفن وجهه في كتفها): بس هتوحشني…
أحاطه اخواله الثلاثة بذراعيهم في عناق دافئ، ليختفي التوتر من وجهه أخيرًا، بينما سيف ومازن يبتسمان بحنان، وأدهم الكبير يربت على رأسه بفخر.
مازن (بمرح): لا يا جماعة، بصراحة الولد ده لازم يقود العيلة بعدنا، دماغه شغالة صح!
انفجر الجميع بالضحك مجددًا، بينما أدهم الصغير رفع رأسه، محاولًا أن يخفي ابتسامته الصغيرة، لكنه لم يستطع… فوسط كل مشاعر الحنين، كان دفء العائلة دائمًا هو ما يجعل الأمور أسهل
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل السابع عشر
فصل 17
في غرفة غزل – يوم الزفاف
ضوء الشمس يتسلل بخفة من نافذة الغرفة، لينعكس على فستان الزفاف الأبيض المزين بالدانتيل الفاخر. وقفت غزل أمام المرآة، تتأمل انعكاسها بصمت، عيناها الزرقاوان تائهتان في مزيج من المشاعر المتضاربة. كانت جميلة… بل مذهلة، لكن داخلها لم يكن مستعدًا بعد لاستيعاب ما سيحدث خلال ساعات قليلة.
غزل (بهمس لنفسها وهي تلامس قماش الفستان برفق):
“هو ده بجد؟ أنا فعلًا هتجوز النهاردة؟”
ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم مررت أصابعها على الطرحة الموضوعة جانبًا، قبل أن تزفر ببطء.
غزل (بابتسامة صغيرة ساخرة):
“يا بنتي إنتي كنتي بتزعقي وبتقولي مش عايزة أتجوز، أهو… دلوقتي لابسة الفستان الأبيض ومستنية حد ياخدك من هنا، إيه الإحساس العجيب ده بقى؟”
رفعت عينيها إلى المرآة مجددًا، حدقت في ملامحها… هل هذه هي الفتاة العنيدة التي أقسمت أنها لن تتزوج أبدًا؟ هل هذه هي غزل الشرقاوي التي رفضت حتى التفكير في الارتباط؟
غزل (بصوت خافت):
“يمكن… يمكن الموضوع مش مخيف زي ما كنت متخيلة، يمكن غيث فعلًا الشخص اللي يقدر يتحملني… بس برضه، الجواز مسؤولية، وحرية أنا مش متأكدة إني مستعدة أتنازل عنها.”
توقفت قليلًا، ثم ضحكت بخفة وهي تهز رأسها.
غزل (بغمغمة):
“بس برضه، لو في حد هيتعامل مع جنوني وشروطي العجيبة، فهو غيث… الغلبان وقع معايا!”
*مررت يدها على شعرها المصفف بعناية، ثم أخذت نفسًا عميقًا، محاولة تهدئة التوتر الذي بدأ يتسلل إلى قلبها. قبل ساعات، كانت مجرد فتاة حرة، والآن… هي عروس.
نظرت لنفسها مجددًا في المرآة، ثم عضّت شفتها بتردد.*
غزل (بهمس أخير لنفسها):
“خلاص يا غزل، المركب مشيت… يلا بقى، نتصرف كعروسة محترمة، مش كحد هارب من حكم إعدام!”
قبل أن تواصل حديثها مع نفسها، انفتح الباب فجأة، مما جعلها تستدير بسرعة، محاولًا إخفاء ابتسامتها الصغيرة… فاليوم، رغم كل شيء، هو يومها
***********************
كانت غزل لا تزال تحدق في انعكاسها في المرآة، تحاول استيعاب الموقف، عندما انفتح الباب فجأة، وانطلقت منه ضحكة طفولية بريئة.
حور (بصوت طفولي مليء بالحماس):
“غززززززلللل!!”
التفتت غزل بسرعة لتجد شقيقتها الصغيرة، حور، تركض نحوها بفستانها الوردي المنفوش، عيناها البريئتان تلمعان بالحماس. لم تستطع غزل منع نفسها من الابتسام وهي تجثو على ركبتيها لتستقبل الصغيرة بين ذراعيها.
غزل (بحب وهي تضمها):
“إيه ده كله؟ فين كنتي يا مشاغبة؟”
حور (بضحكة صغيرة وهي تلمس فستان غزل بيدها الصغيرة):
“كنت بدور عليكي! واااااااو، إنتي شبه الأميرات في الحواديت! بس إنتي أحلى من كل الأميرات!”
ضحكت غزل بحنان، ثم طبعت قبلة على جبين أختها الصغيرة، لكن قبل أن ترد عليها، سمعت صوتًا عميقًا مألوفًا خلفها.
سليم (بصوته الجاد لكنه دافئ هذه المرة):
“حور مش قادرة تستوعب إنك هتبقي عروسة بعد شوية، بس الصراحة… أنا كمان مش مستوعب.”
ارتفعت عينا غزل لتلتقي بوالدها، سليم، الذي وقف عند الباب بثوبه الرسمي، تبدو عليه مزيج من الجدية والمشاعر المكبوتة. كان رجلًا صارمًا بطبعه، لكنه الآن، وهو يراها بفستان الزفاف، بدا وكأنه يحاول كتم مشاعر كثيرة لا يريد أن يُظهرها.
غزل (بابتسامة دافئة، وهي تقترب منه):
“وأنا كمان مش مستوعبة يا بابا… بس خلاص، المركب مشيت.”
سليم (بتنهيدة وهو ينظر إليها بفخر):
“المركب مشيت، بس أنا كنت بتمنى تفضلي طفلتي الصغيرة للأبد.”
نظرت إليه غزل بحنان، ثم أمسكت بيده برقة، وضغطت عليها بخفة.
غزل (بصوت خافت لكنه مؤثر):
“وهفضل طفلتك يا بابا… حتى وأنا متجوزة.”
نظر إليها سليم للحظة، ثم رفع يده ومسح على رأسها برفق، كما كان يفعل عندما كانت صغيرة.
سليم (بصوت ثابت لكنه دافئ):
“يلا يا عروسة… العريس مستني تحت، ولازم أسلمك بنفسي.”
شعرت غزل بوخزة غريبة في قلبها، لم تكن حزينة، لكنها مزيج من الرهبة والتأثر. التفتت لحور التي كانت تتابع المشهد ببراءة، ثم انحنت وطبعت قبلة على وجنتها الصغيرة.
غزل (بهمس وهي تبتسم):
“خلي بالك من بابا لما أمشي، أوك؟”
حور (بحماس وهي ترفع إبهامها الصغير):
“أوك، بس هو مش هيبقى زعلان، لأنه بيحب غيث، وأنا كمان بحبه!”
ضحكت غزل بينما تنهد والدها بخفة، ثم مدت يدها له بثقة، ليأخذها من يدها بحنان نادر، ويقودها خارج الغرفة… نحو بداية جديدة تمامًا في حياتها
********************
في قاعة الاستقبال – فيلا الشرقاوي
كانت القاعة مزينة بأجمل الديكورات الفاخرة، الأضواء الهادئة تضيء المكان، والكل في انتظار نزول العروس. صوت الهمهمات يملأ الأجواء، بين أفراد العائلة والأصدقاء، بينما تقف ميار وسط القاعة تبحث بعينيها عن ابنتها الصغيرة.
ميار (وهي تنظر حولها بقلق):
“حد شاف حور؟ كانت معايا من شوية واختفت!”
شغف (بهدوء وهي تبتسم):
“أكيد مع غزل فوق… مستحيل تسيبها في يوم زي ده.”
ميار (تزفر بضيق):
“يا بنتي عارفة، بس البنت دي مش بتقعد في مكان واحد، وخايفة تكون عاملة مصيبة فوق.”
أوس (وهو يضع يده على كتف زوجته شغف):
“اهدي يا ميار، غزل معاها، يعني في أمان، دي أختها الكبيرة.”
رمزي (والد غيث، وهو يتحدث بهدوء إلى شيرلين زوجته):
“أنا مش قادر أصدق إننا هنا… ومستنيين ابننا يبقى عريس وسط العيلة دي.”
شيرلين (تبتسم بلطف وهي تنظر إلى العائلة حولها):
“فعلاً، كلهم طيبين، حسّيت كإني وسط أهلي بجد.”
أمجد (الصغير وهو يشد ذراع غيث بحماس):
“غيث! غيث! هو إنت خايف؟”
غيث (يضحك وهو يربت على رأس شقيقه الصغير):
“ليه بقى؟”
أمجد (بجدية طفولية):
“أصل كل العرسان في الأفلام بيكونوا خايفين.”
مصطفى (وهو يضحك ويضع يده على كتف غيث):
“والله مش عارف يا أمجد، بس أهو غيث وشه بيقول إنه متوتر.”
ضحك الجميع بينما هز غيث رأسه بابتسامة، محاولًا إخفاء توتره الحقيقي.
سليم الابن (ابن عم غزل، وهو ينظر إلى الدرج بمكر):
“يلا بقى، العروسة فين؟ الناس بدأت تقلق.”
رهف (بمزاح وهي تضحك):
“أكيد قاعدة فوق تفكر تهرب!”
حبيبة (تغمز بمكر):
“غزل مستحيل تهرب، بس أكيد عاملة فيلم درامي مع نفسها في المراية.”
وسط ضحكات الجميع، التفتت ميار إلى الدرج مجددًا، ثم تنهدت براحة عندما رأت سليم والد غزل يهبط أخيرًا ممسكًا بذراع غزل، وخلفهما حور الصغيرة تمشي بخطوات سريعة لتلحق بهما…
ميار (تبتسم أخيرًا):
“أهو جايين… وطبعا حور كانت فوق معاهم.”
التفتت العيون كلها نحو العروس، وتوقفت الهمسات… فقد حان الوقت أخيرًا ليبدأ الحفل المنتظر
********************
بدأت همسات الجميع تخفت تدريجيًا، وتحولت الأنظار إلى أعلى الدرج، حيث ظهرت غزل في فستانها الأبيض الفاخر، تمسك بذراع والدها سليم، بينما تسير بخطوات هادئة. حور الصغيرة تقفز بجانبهما بسعادة، بينما ميار تراقب المشهد بعينين دامعتين من الفرح.
غيث كان واقفًا في مقدمة القاعة، يحدّق في غزل باندهاش واضح… وكأنه يراها لأول مرة. لم يستطع منع نفسه من ابتسامة صغيرة وهو يراها تقترب منه ببطء.
سليم (بصوته العميق وهو ينظر إلى غيث بجدية):
“وصيتك يا غيث… غزل بنتي، قلبي، حياتي… أمانة في رقبتك.”
شعر غيث بثقل المسؤولية في صوت سليم، لكنه أومأ برأسه بحزم، وعيناه تشعان بالاحترام والجدية.
غيث (بصوت ثابت):
“في عنيا، يا عمي.”
نظرت غزل إلى والدها، لأول مرة تشعر بثقل اللحظة… هذا الرجل الذي كان دائمًا سندها، وها هو الآن يسلّمها لشخص آخر. حاولت أن تخفي مشاعرها، لكنها شعرت بقبضة والدها على يدها وهي تشتد للحظة قبل أن يتركها لغيث.
سليم (بصوت أكثر هدوءًا، لكنه يحمل معاني كثيرة):
“خلي بالك منها… هي عنيدة شوية، بس قلبها أبيض.”
غيث (يبتسم بخفة وهو ينظر إلى غزل):
“عارف، ومش هخلي حد يزعلها أبدًا.”
شعرت غزل بقلبها ينقبض للحظة، ثم تنهدت بخفة وهي ترفع رأسها، تنظر إلى والدها بعينين ممتنّتين… لكنه لم يمهلها فرصة للكلام، فقط ربت على يدها، ثم استدار ليعود إلى ميار التي كانت تراقبه بمشاعر مختلطة بين السعادة والدموع.
أما غيث، فقد مد يده نحو غزل بلطف، وكأنه ينتظر منها أن تمسك بها… بعد لحظة من التردد، وضعت يدها في يده أخيرًا.
تعالت الزغاريد في القاعة، وهتف الجميع بسعادة، بينما وقف الجد نادر يراقب المشهد بنظرة مليئة بالفخر والرضا.
“الآن… بدأ فصل جديد في حياة غزل وغيث.”
*********************
بدأت الأضواء الخافتة تملأ القاعة بألوانها الدافئة، بينما انطلقت الموسيقى الرومانسية في الأجواء، معلنة بدء الرقصات بين الأزواج والأقارب. وسط تصفيق الحضور، بدأ كل ثنائي يتحرك بانسجام على أنغام الموسيقى، يحملون مشاعرهم المختلفة في تلك اللحظات السحرية.
1. غزل & غيث
غزل كانت تحاول أن تبقى متماسكة، لكن لمعة عينيها فضحت تأثرها وهي تمسك بيد غيث، الذي لم يرفع عينيه عنها طوال الوقت.
غيث (بابتسامة هادئة وهو يهمس لها):
“لسه مصدقة اللي بيحصل؟”
غزل (تتظاهر باللامبالاة وهي ترفع حاجبها):
“مش عارفة… بس متأكدة إنك ناوي تخليني أندم على كل شروطي اللي فرضتها عليك!”
غيث (يضحك):
“أنتِ بس استعدي، أنا همشيك عليها بالحرف!”
ضحكت غزل، رغم كل شيء، شعرت بشيء مختلف… شيء يشبه السعادة الحقيقية.
2. سليم (والد غزل) & ميار (والدتها)
كان سليم يمسك بيد ميار برقة، ينظر إليها نظرة مليئة بالحنان.
سليم (بهدوء وهو يتأملها):
“شايفة يا ميار؟ بنتنا كبرت… امبارح بس كنتِ بتقوليلي مش مصدقة إنك بقيتِ أم.”
ميار (بدموع خفيفة وهي تبتسم):
“وكأنها لسه طفلة في حضني… بس هي دلوقتي في أمان، متأكدة من ده.”
سليم:
“طول ما إحنا معاها، هتفضل في أمان.”
3. زين & تقى
زين جذب زوجته تقى بلطف، وهو يراقبها بعينين تملؤهما المودة.
زين (بابتسامة):
“لسه متذكر أول مرة رقصنا مع بعض في فرحنا؟”
تقى (تضحك بخجل):
“طبعًا، كنتَ بتدوس على رجلي كل شوية!”
زين (بمرح):
“أنا كنت مركز في وشك مش في رجلي!”
4. رهف & عامر
رهف كانت تضع رأسها على كتف زوجها عامر، تشعر بلحظة من الصفاء.
رهف:
“فاكر لما كنا بنتخانق على أبسط حاجة؟ دلوقتي حتى لما بنتخانق، بحس إنها مش حاجة كبيرة.”
عامر (يبتسم):
“عشان حبنا بقى أقوى…”
5. حبيبة & هشام
حبيبة كانت تضحك وهي تحاول أن تتماشى مع إيقاع هشام العشوائي.
حبيبة:
“أنتَ أكيد مش بتعرف ترقص، اعترف!”
هشام (بمزاح):
“أنا مش عايز أرقص… أنا عايز أضحكك بس!”
فضحكت حبيبة، وهي تشعر بمدى حظهما لأنهما معًا.
6. أدهم (خال غزل) & زهرة
كان أدهم ينظر إلى زوجته زهرة بإعجاب، وهي تبتسم برقة.
أدهم:
“عارفة إني عمري ما كنت بحب الزحمة؟ بس في وجودك، كل حاجة ليها معنى.”
زهرة:
“أنا هنا دايمًا… في زحمتك وهدوءك.”
7. سيف & دنيا
دنيا كانت تحاول كتم ضحكتها بينما سيف يرقص بجديّة وكأنه في مهمة رسمية.
دنيا:
“ليه مكشر كده؟ حد مجبرك على الرقص؟”
سيف (جديًا):
“أنا مركز، متستهونيش بقدراتي!”
ضحكت دنيا وأرخت رأسها على كتفه.
8.مازن&ملك
مازن جذب زوجته ملك بخفة وهو يهمس لها بمكر.
مازن:
“هتعملي إيه لو خطفتك دلوقتي وهربنا من الزحمة دي؟”
ملك (تضحك):
“أكيد هتودي نفسك في ورطة!”
9. إياد & فريدة
إياد كان يراقب فريدة بدهشة، لم يكن يتوقع أن يجد نفسه مستمتعًا برقصه معها.
إياد:
“أنتِ مين بالظبط؟ وليه حاسس إنك أول مرة تظهري في حياتي بالطريقة دي؟”
فريدة (بثقة):
“يمكن لأنك عمرك ما حاولت تبص أبعد من دايرتك الصغيرة”
10. رمزي & شيرلين
رمزي كان يحرك زوجته بلطف، بينما شيرلين تبتسم بسعادة.
شيرلين:
“غيث كبر يا رمزي… بقى راجل بجد.”
رمزي:
“وأتمنى يكون أسعد واحد في الدنيا.”
11. سليم (ابن عم غزل) & ميار (ابنة خالها)
سليم كان يراقب ميار بخفية، بينما هي تحاول تجنب نظراته.
سليم (يهمس بمكر):
“لو حد سألني دلوقتي عن أكتر لحظة بستناها، هقول لما تشوفي في عيني اللي مش قادر أقوله.”
ميار (متوترة):
“أنت بتقول إيه؟”
سليم (يبتسم):
“ولا حاجة… بس هتعرفي قريب.”
12. مصطفى & سهى
مصطفى كان مرتبكًا بعض الشيء، بينما سهى تراقبه بابتسامة مسلية.
سهى:
“إيه؟ أول مرة ترقص ولا إيه؟”
مصطفى:
“بصراحة؟ آه!”
13. الأطفال
أمجد & حور: كانوا يقفزون بدل الرقص، يضحكون كالأطفال المشاغبين.
ادهم & ميار الصغيرة: ادهم كان يرقص بطريقة تقليدية، بينما ميار تحاول إقناعه بأن يكون أكثر مرحًا.
مازن & زينة: زينة الصغيرة كانت تضحك وهي تحاول تقليد الكبار.
محمد & سارة: محمد كان يحاول إقناع سارة أن تترك شعرها و تركز على الرقص معه، بينما هي رفضت ذلك
عمر & رنا: كانا يرقصان بحماس، وكأنهما أبطال في قصة خيالية.
كان الجميع يرقصون ويضحكون، وفي هذه الليلة، شعر الجميع أن الحب والسعادة يملآن الأجواء… وأن هذا الزفاف لم يجمع فقط غزل وغيث، بل وحّد القلوب من حولهما أيضًا
*******************
وسط الأجواء الرومانسية، كانت شغف تتمايل بخفة بين ذراعي زوجها أوس، الذي كان يراقبها بنظرة مليئة بالعشق، وكأنهما وحدهما في القاعة رغم ازدحامها بالحضور.
أوس (بابتسامة وهو يهمس):
“مش مصدق إنكِ بقيتِ زوجتي فعلًا… ولسه مش متعود إننا مش بنتخانق زي زمان!”
شغف (تضحك):
“احتمال كبير ده يكون مؤقت، فاستغل اللحظة قبل ما أرجع لنشاطي الطبيعي!”
أوس (يميل نحوها بمكر):
“طب لو قلتلك إني بحب خناقاتنا؟”
شغف (تغمز له):
“مش أكتر مني!”
أوس شدّها إليه أكثر، يدور بها بخفة، فتضحك وهي تشعر وكأنها تعيش في حلم جميل. لم تكن تتخيل يومًا أنها سترقص معه كزوجته، لكنها الآن هنا، بين يديه، سعيدة أكثر مما توقعت.
أوس (بنبرة دافئة وهو ينظر في عينيها):
“تعرفي إيه أحلى حاجة في زفاف غزل؟”
شغف:
“إيه؟”
أوس:
“إنه فكرني بأحلى يوم في حياتي… يوم ما بقيتِ مراتي.”
شغف شعرت بقلبها يخفق بقوة، لم تجبه بكلمة، فقط وضعت رأسها على صدره، وهي تبتسم، مستمتعة بكل لحظة بجانبه
********************
بعدما بدأ الضيوف في المغادرة، اجتمع الجد نادر مع عائلة غيث في ركن هادئ من القصر، بينما كانت غزل واقفة بجوار غيث، تراقب ما يحدث بصمت. رمزي وشيرلين، والدا غيث، بدت عليهما الحيرة، بينما غيث نفسه لم يكن قادرًا على استيعاب الأمر تمامًا.
الجد نادر (بابتسامة هادئة وهو ينظر إليهم):
“أنا عارف إنكم ناس كرام وعندكم عزة نفس، وعشان كده مش هقول إن ده تفضل مننا… لكن خليني أقولها ببساطة، غيث بقى واحد من عيلتنا، وإحنا لازم نوفر له كل حاجة زي أي ابن لينا.”
رمزي (بقلق وهو ينظر لزوجته ثم للجد):
“بس يا حاج… إحنا… يعني… مش متعودين ناخد حاجة مش بتعبنا.”
سليم (بصرامة وهو يضع يده على كتف رمزي):
“محدش قال إنكم هتاخدوا حاجة ببلاش، إحنا بنقدّر تعبكوا ونقدر موقفكم، لكن بنتي مش هتعيش في مستوى أقل من اللي كانت فيه، ودي مش إهانة، بالعكس… ده حقها علينا.”
شيرلين نظرت إلى غزل، التي اكتفت بإيماءة صغيرة تؤكد كلام والدها، بينما غيث كان لا يزال مصدومًا، غير قادر على النطق.
غيث (بصوت منخفض وهو ينظر إلى غزل ثم إلى الجد نادر):
“طيب… الفيلا… ليه؟”
الجد نادر (بحكمة وهو يضع يده على كتف غيث):
“عشان تبدأ حياتك الجديدة براحة، وعشان تبقى قادر تركز على دراستك وعلى مراتك، بدل ما تفضل شايل هم مصاريف أهلك ومسؤوليتهم.”
سليم (مقاطعًا بحزم لكن بنبرة مطمئنة):
“والدك هيشتغل معانا في الشركة، براتب محترم، وأمجد الصغير مصاريف دراسته على حسابنا، وإنت… مش مطلوب منك غير تهتم بغزل ومستقبلك.”
غيث شعر أن الكلمات أكبر منه، كل شيء يحدث بسرعة لم يستوعبه بعد، لكنه يعرف جيدًا أنه لو اعترض أكثر، سيبدو كمن يرفض نعمة لم يكن يتوقعها.
غيث (بصوت متردد لكنه صادق):
“أنا مش عارف أشكركم إزاي… بس بوعدكم… عمري ما هخذل غزل.”
غزل نظرت إليه، لأول مرة ترى في عينيه نظرة مختلفة، ليست فقط الصدمة… بل الإصرار.
الجد نادر (بابتسامة وهو يربت على كتفه):
“إحنا عايزينك تشوف شغلك وتعيش مبسوط… وكفاية إنك تكون سند لغزل، ده أكبر شكر لينا.”
شيرلين أمسكت يد زوجها، وابتسامة ممتنة على وجهها، بينما أمجد الصغير الذي كان نصف نائم، سأل ببراءة:
أمجد:
“يعني هنعيش في بيت كبير زي بيت غزل و حور؟”
ضحك الجميع، بينما غيث زفر نفسًا طويلًا، وأدرك أن حياته على وشك أن تبدأ بشكل مختلف تمامًا عما تخيله… لكنه قرر أن يقبل ذلك، من أجل غزل، ومن أجل نفسه
*******************
بعدما وافقت عائلة غيث على العيش في الفيلا الجديدة، ظن الجميع أن المفاجآت قد انتهت، لكن الجد نادر كان لديه شيء آخر في جعبته.
الجد نادر (بابتسامة هادئة وهو يخرج ظرفًا من جيبه):
“في حاجة تانية كنت مجهزها، بس كنت مستني اللحظة المناسبة.”
الجميع نظر إليه بترقب، بينما غيث شعر بأن قلبه ينبض بسرعة، فقد كان واثقًا أن أي شيء سيقوله الجد لن يكون عاديًا.
الجد نادر (موجهًا حديثه لغيث):
“إنت كنت دايمًا بتحلم بالسفر لفرنسا، مش كده؟”
غيث عقد حاجبيه بدهشة، بينما غزل نظرت إليه باستغراب.
غيث (بصوت متردد):
“آه… بس أنا… إزاي حضرتك عرفت؟”
رمزي والد غيث ابتسم وهو ينظر إلى ابنه بفخر.
رمزي:
“لأنك ابني، وأنا حافظ كل حاجة بتحلم بيها حتى لو عمرك ما طلبت مني حاجة.”
الجد نادر مد يده بالظرف إلى غيث، الذي أخذه ببطء وفتحه، ليجد تذكرتين إلى باريس، مع حجز فندقي فاخر لمدة شهر!
غيث (بصدمة وهو يرفع عينيه للجد نادر ثم لوالده وسليم والد غزل):
“إيه ده؟!
سليم (بابتسامة جانبية وهو يضع يده على كتف غيث):
“ده شهر العسل بتاعك إنت وغزل، وسفركم كمان يومين.”
غزل (باندهاش):
“إيه؟!
غيث (ما زال غير مستوعبًا):
“بس… بس أنا… فرنسا؟ بجد؟!
الجد نادر (بهدوء):
“طبعًا بجد، كنت متأكد إنك مش هتطلب حاجة زي دي بنفسك، فقررت أحقق لك الحلم ده بنفسي.”
عيون غيث امتلأت بالدهشة والامتنان، لقد كان يحلم بالسفر إلى فرنسا طوال حياته، لكنه كان دائمًا يعتبره مجرد حلم بعيد المنال. أما غزل، فنظرت إليه بابتسامة صغيرة، كان واضحًا أن هذه المفاجأة جعلته سعيدًا حقًا.
غيث (بصوت ممتن لكنه لا يزال غير مصدق):
“مش عارف أقول إيه… بس… شكرًا، والله شكرًا.”
سليم (بمزاح وهو ينظر لابنته):
“غزل، أوعي تعذبيه هناك، خليه يستمتع بشهر العسل بدل ما يندم إنه اتجوز!”
غزل (بضحكة وهي ترفع حاجبها):
“أنا؟ ده اللي هيتعب هو أنا!”
ضحك الجميع، بينما غيث ظل يحمل التذاكر في يده، وهو يشعر وكأنه في حلم جميل لا يريد أن يستيقظ منه. أخيرًا… سيسافر إلى فرنسا، ولكن هذه المرة، ليس وحده… بل مع زوجته و حبيبته
*********************
بعد فترة قصيرة ،
وصلت السيارات إلى الفيلا الجديدة، فتحت الأبواب ونزل الجميع، غيث ما زال غير مصدق أن هذا المكان الفخم أصبح منزلهم. رمزي وشيرلين تبادلا النظرات بدهشة، بينما أمجد الصغير كان يقف في مكانه، يفتح عينيه باندهاش شديد.
أمجد (بصوت مرتفع وحماسي وهو يركض نحو البوابة):
“إييييه! البيت دا بتاعنا بجد؟ مش هزار؟”
رمزي (بتأثر وهو ينظر للفيلا الضخمة):
“يبدو أن هذا حلم، لكنه حقيقي.”
شيرلين (تغالب دموعها وهي تنظر لزوجها):
“عشنا عمرنا كله في شقة صغيرة… دلوقتي عندنا بيت زيه زي القصور!”
غيث نظر لزوجته غزل، التي كانت تبتسم له بحنان، بينما أمجد الصغير بدأ يركض في الحديقة الواسعة بسعادة لا توصف.
أمجد (بحماس):
“الحديقة كبيرة! عندنا أشجار! ونافورة! وعصفور كمان!”
ضحك الجميع على رد فعله البريء، بينما غزل اقتربت منه وربتت على رأسه بحنان.
غزل (بابتسامة دافئة):
“وعندك غرفة لوحدك كمان، مش هتضطر تشارك حد.”
أمجد توقف فجأة ونظر إليها بعينين واسعتين من الدهشة، ثم قفز بسعادة.
أمجد (بحماس شديد):
“أنا؟ عندي غرفة؟ مش هنام مع غيث؟”
غيث (مازحًا وهو يعبس):
“ليه؟ كنت بتحب تنام جنبي؟”
أمجد (يضع يده على خده بحزن مصطنع):
“كنت بحب أخد نص المخدة بتاعتك!”
انفجر الجميع ضحكًا، بينما غيث أمسك بأمجد ورفعه بين ذراعيه وهو يضحك.
غيث:
“مش مهم نص المخدة، المهم إنك مبسوط!”
أمجد (وهو يلف ذراعيه حول رقبة غيث بحب):
“مبسوط أوي أوي! دا أحلى يوم في حياتي!”
رمزي وشيرلين تبادلا نظرة ممتنة، ثم نظرا إلى غزل، التي ابتسمت لهما بود. لقد كانت هذه العائلة تستحق السعادة، وقد حصلوا عليها أخيرًا
**********************
جلس غيث مع زوجته غزل على الأريكة، بينما رمزي وشيرلين كانا يجلسان بالقرب منهما، لا يزالان في حالة من الامتنان والدهشة لما حدث في الأيام الأخيرة.
شيرلين (وهي تنظر إلى غزل بحنان):
“بجد، مش عارفة أشكرك إزاي يا بنتي… إنتي مش بس بقيتي زوجة لابني، إنتي نعمة دخلت بيتنا.”
غزل (بخجل وابتسامة دافئة):
“يا طنط، إحنا بقينا عيلة واحدة، وصدقيني أنا حاسة إني بين أهلي هنا.”
رمزي (وهو ينظر لغيث بفخر):
“أنا لسه مش مستوعب اللي بيحصل، كأننا في حلم… غيث، عمرك ما تخيلت إنك هتوصل للي إنت فيه النهاردة، صح؟”
غيث نظر حوله، إلى الفيلا الفخمة، إلى زوجته غزل، ثم إلى والديه… لقد تغير كل شيء في حياته في لحظات.
غيث (بتنهيدة عميقة وابتسامة صغيرة):
“بصراحة… لا. عمري ما توقعت ده. كنت فاكر إن حياتي هتفضل كفاح وشقى على طول… بس ربنا رزقني بغزل، وهي غيرت كل حاجة.”
غزل (مازحة وهي تميل رأسها):
“مش ناوي تقول كلام حلو عني شوية؟”
ضحك الجميع، بينما غيث أمسك بيد غزل بلطف ونظر في عينيها بحب.
غيث (بابتسامة صادقة):
“إنتي أجمل وأغلى حاجة حصلتلي في حياتي.”
شيرلين وضعت يدها على قلبها بسعادة، بينما رمزي ابتسم وهو ينظر إليهما.
رمزي:
“أنا مش خايف عليكوا… متأكد إنكم هتكونوا سند لبعض، وده أهم حاجة في الجواز.”
غزل (بحماس):
“طبعًا! وإحنا هنا عشان نعيش أحلى حياة مع بعض.”
شيرلين نظرت إليها بحب، ثم وقفت وربتت على رأسها بلطف.
شيرلين:
“أنا رايحة أنام، اليوم كان طويل، وبكرة عندكم رحلة لشهر العسل.”
غزل (بحماس وهي تلتفت لغيث):
“صح! لسه مش مصدقة إننا رايحين فرنسا!”
غيث (مبتسمًا وهو يراقب حماسها):
“وأنا لسه مش مصدق إن حلمي أخيرًا هيتحقق.”
رمزي وقف وربت على كتف ابنه بفخر.
رمزي:
“خد بالك من مراتك، وفرحها على قد ما تقدر.”
غيث (بابتسامة واثقة):
“دي حياتي كلها دلوقتي.”
ابتسمت غزل بخجل، ثم ودّعهم رمزي وشيرلين وذهبا للنوم، تاركين غيث وغزل معًا، يستعدان لرحلتهما وبداية جديدة في حياتهما
********************
غرفة النوم بسيطة ولكن أنيقة، مليئة بالألوان الدافئة، مع نافذة تطل على الحديقة الكبيرة. غيث دخل أولاً، ثم تبعته غزل وهو يغلق الباب وراءه. الجو هادئ وهادئ للغاية بعد اليوم الطويل.
غيث (وهو ينظر إلى غزل بابتسامة دافئة):
“إيه رأيك في المكان؟”
غزل (تنظر حولها وتبتسم، ثم تنظر إليه بحب):
“أنا مش قادرة أصدق إن ده بقى بيتنا… كل شيء هنا جميل.”
غيث اقترب منها بهدوء، ثم رفع يده ليلمس خصلات شعرها بلطف.
غيث (بصوت هادئ):
“مهمتي دلوقتي هي إنك تبقي سعيدة، وإننا نبدأ حياتنا مع بعض من غير أي هموم.”
غزل ابتسمت بلطف، وعينها مليئة بالحب والامتنان. ثم جلست على السرير ووضعته رأسها على الوسادة، معبرة عن الراحة.
غزل (بصوت ناعم):
“بجد أنا مش قادرة أصدق”
غيث جلس بجانبها، وضع يده حولها بلطف واحتضنها برفق.
غيث:
“وأنا كمان… في يوم من الأيام، كنت بحلم إني أكون معك هنا. مش بس زوجين، كمان أصدقاء، نساعد بعض في كل حاجة.”
غزل رفع رأسها إليه، فالتقت أعينهما للحظة طويلة، ثم ابتسمت بحب.
غيث:
“أنتِ بتخلي حياتي أحلى من أي حلم. مش مهم أي حاجة تانية طالما أنتِ معايا.”
أمسكت غزل بيده وأخذت نفسًا عميقًا، وكأنها تشعر لأول مرة أنها قد وجدت المكان الذي تنتمي إليه.
غزل:
“إحنا مش لوحدنا هنا… دي بداية جديدة لينا. دي بداية لحياة مليئة بالحب والصداقة.”
غيث (بتفكير عميق):
“وأنا مستعد أعيشها معاكِ، ونكتب كل فصل مع بعض… ونحقق كل أحلامنا.”
ابتسمت غزل، ثم نظرت إلى نافذة الغرفة وهي تعكس الضوء الدافئ من الخارج، بينما كان غيث بجانبها، يشعر أنه وجد المكان الآمن في هذا العالم.
غزل (بهمس):
“مفيش حاجة الدنيا تقدر تفرقنا.”
غيث (وهو يمسك يدها برفق):
“أكيد… لأنه أنتِ حياتي، وأنا هكون دايمًا هنا ليكي.”
ثم احتضنها برفق، و أصبحت زوجته قولا و فعلا و فتحا صفحة حياتهما الجديدة، وهما يعرفان أنهما معا الآن، وهذا هو كل ما يحتاجان إليه ، هل ستدوم سعادتهما أم أن للقدر رأي آخر ؟؟
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل الثامن عشر
فصل 18
في اليوم التالي ، في مطار القاهرة الدولي
كانت صالة المطار مزدحمة، صوت الإعلانات المتكررة والركاب الذين يسيرون في كل اتجاه يملأ الأجواء. غزل واقفة بجانب غيث، تمسك بيده بحماس، بينما يقف حولهما عائلتاهما لتوديعهما.
ميار (والدة غزل، وهي تمسك بيد ابنتها بحنان):
“دي مش أول مرة تسافري، بس دي أول مرة تسافري كزوجة… احنا متعودين على غزل الصحفية المغامرة، بس دلوقتي هتعيشي تجربة جديدة تمامًا.”
غزل (تبتسم بثقة):
“أنا متحمسة جدًا، بس المرة دي مختلفة… المرة دي مش بس سفر شغل، المرة دي هكون مع جوزي!”
سليم، والد غزل، يقف بجوار زوجته، ينظر إلى ابنته نظرة مختلطة بين الفخر والحنان، ثم يضع يده على رأسها بلطف.
سليم (بصوته الجاد لكن مليء بالحب):
“خدي بالك من نفسك، عارفة إنك قوية ولفيتي بلاد كتير، بس دي حياة جديدة ليكِ، ومسؤولية جديدة.”
غزل تبتسم وتومئ برأسها، ثم تنظر إلى غيث الذي يبدو متحمسًا لكنه يخفي بعض التوتر.
رمزي، والد غيث، يربت على كتف ابنه بابتسامة مشجعة.
رمزي:
“دي أول مرة ليك تسافر، صح؟ متوتر؟”
غيث (بصوت متحمس لكنه مرتبك قليلًا):
“جدا! عمري ما تخيلت إن أول سفرية ليا بره مصر هتكون لفرنسا… وعلى طيارة درجة أولى كمان!”
شيرلين، والدة غيث، تمسك بيده بحنان وتبتسم.
شيرلين:
“استمتع بكل لحظة يا حبيبي، دي فرصة عمرك، وخد بالك من نفسك ومن غزل.”
غيث ينظر إلى غزل، التي تبتسم له بمكر.
غزل:
“جاهز للمغامرة؟ ولا عايز تراجع القرار؟”
غيث (يبتسم بثقة رغم توتره):
“معاكِ؟ عمري ما هراجع أي قرار!”
الجميع يضحك، بينما يعلن المطار عن موعد صعود رحلتهم.
غزل (بحماس وهي تمسك بيد غيث):
“يلا، باريس مستنيانا!”
غيث (بابتسامة واسعة وهو يشد على يدها):
“حلم حياتي بيتحقق… ومع أجمل زوجة!”
يودعان الجميع، ثم يسيران معًا نحو البوابة، مستعدين لبدء فصل جديد من حياتهما في مدينة الأحلام، باريس
********************
في قصر مظلم في ضواحي روما، إيطاليا
في غرفة واسعة ذات إضاءة خافتة، يجلس زعيم المافيا “لورينزو فيراردي” خلف مكتبه المصنوع من الخشب الأسود الفاخر، يُدخن سيجاره الفاخر بينما يتأمل شاشة أمامه عليها صور لغزل في عدة أماكن التقطتها عدسات مراقبيهم.
أمامه يقف رجاله، بعضهم يجلسون على الكراسي الفاخرة، بينما آخرون واقفون في انتظار التعليمات.
لورينزو (بصوت هادئ لكنه ينضح بالقوة والخطر):
“كيف سمحتم لها بالاختفاء؟ أخبروني، هل نحن مافيا أم مجموعة هواة؟!”
أحد رجاله، “ميشيل”، يتقدم خطوة إلى الأمام وينحني قليلاً احترامًا.
ميشيل:
“سيدي، لقد كانت في إيطاليا لعدة أشهر، لكن فجأة اختفت تمامًا. آخر مرة شوهدت فيها كانت في مطار روما متجهة إلى القاهرة. ومنذ ذلك الحين لم نتمكن من تتبعها.”
لورينزو يضغط على سيجاره في المنفضة بعنف، فتتناثر بعض الرماد على المكتب.
لورينزو (بعينين ضيقتين):
“القاهرة… الشرقاوي… كنت أعلم أن هذه العائلة لن تتركها وحدها. لقد أدركوا أننا نلاحقها.”
يتدخل “نيزو”، رجل آخر يبدو أكثر دهاءً، يجلس مسترخيًا بينما يداعب كوبًا من النبيذ في يده.
نيزو (بابتسامة ساخرة):
“لا عجب، جدها نادر الشرقاوي ليس رجلًا يُستهان به، يبدو أنه تحرك بسرعة لحمايتها.”
لورينزو ينظر إليه بنظرة قاتلة، قبل أن يتحدث ببطء شديد، وكأنه يزن كلماته بعناية.
لورينزو:
“لا يهمني من يقف خلفها. غزل الشرقاوي ليست مجرد فتاة مدللة، إنها ابنة واحد من أكبر رجال الأعمال في الشرق الأوسط، واستهدافها سيجعل الشرقاوي يركع لنا!”
رجل آخر يدعى “فيدريكو” يفتح ملفًا أمامه ويمرر بعض الصور الحديثة لغزل مع غيث، التقطتها عدسات مخبرٍ سري في مصر.
فيدريكو:
“لدينا معلومات جديدة، سيدي. يبدو أنها تزوجت مؤخرًا من رجل يُدعى غيث… ليس من نفس مستواها، لكنه أصبح عقبة بيننا وبينها.”
لورينزو (بصوت ساخر):
*”زواج؟ هل تظن أن حلقة معدنية حول إصبعها ستمنعنا من الوصول إليها؟” (ثم ينظر لرجاله بحدة) “أريدها! حيّة إن أمكن، ميتة إن لزم الأمر. ابحثوا عن أي أثر لها في القاهرة… ولا تخذلوني مرة أخرى.”
الرجال ينحنون بإجلال قبل أن يخرجوا بسرعة لتنفيذ أوامره، بينما يبقى لورينزو جالسًا، يرفع كوب النبيذ إلى شفتيه بابتسامة خبيثة.
لورينزو (بهدوء شديد لكن مليء بالتهديد):
“لن تختبئي مني طويلًا يا غزل الشرقاوي…”
********************
بعد أن غادر رجاله، بقي لورينزو جالسًا في كرسيه الفاخر، يحتسي نبيذه ببطء وهو يتأمل في أمر غزل الشرقاوي. لكن قبل أن يغرق في أفكاره أكثر، يفتحالباب فجأة دون استئذان، وتدخل “تارا” بخطوات واثقة، تتمايل بإغراء واضح، ترتدي فستانا أحمر ضيقًا، وعيناها تتلألآن بمكر مخيف.
تارا( بصوت ناعم متصنع):
“أوه، لورينزو…. لماذا كل هذا التوتر؟ هل تحتاج إلى…. شخص يخفف عنك؟”
تقترب منه وتجلس على حافة مكتبه، تلعب بشريط شعرها الطويل وتبتسم ابتسامة ماكرة.
لورينزو (بابتسامة باردة دون أن ينظر إليها)
“لا وقت لي لهذه التفاهات تارا. إما أن تقولي شيئا مهما، أو اخرجي.”
تارا تضحك بصوت منخفض وهي تميل نحوه تمرر أصابعها على طرف قميصه، لكنه يمسك معصمها فجأة بقوة، يجبرها على التوقف.
لورينزو( بعينين قائمتين):
“قلت لك، لست في مزاج يسمح لي بالاستماع إلى ترهاتك.”
تارا تسحب يدها ببطء وتعدل جلستها، لكنها لا تبدو غاضبة، بل مسلية بما يحدث.
تارا:
“حسنا، حسنًا، كما تشاء أيها الزعيم… لكن لدي شيء مثير للاهتمام لك.”
لورينزو يرفع حاجبًا، يشير لها بيده أن تتكلم.
تارا (بابتسامة خبيثة):
“ماركو روسي… صديقك الصحفي الفضولي، هل تعلم أنه يحب غزل؟”
لورينزو يحدق بها بعيون ضيقة، بينما تارا تضحك بخفة.
تارا (بتهكم):
“لطالما كنت أراقبه، ذلك الوغد يتصرف وكأنه بطل نبيل، لكنه مجرد أحمق آخر وقع في سحر فتاة شرقية مدللة. والجزء الممتع ؟ أنه لم يهتم بي أبدا، رغم أنني… أكثر إثارة بكثير من تلك الطفلة.”
لورينزو يبتسم ابتسامة جانبية، مستمتعا بما يسمعه.
لورينزو:
“إذن، أنت غاضبة لأنه لم يقع في شباكك؟”
تارا تعض شفتها السفلية، لكن سرعان ما تستعيد هدوءها، وتلعب بأطراف شعرها بإغراء.
تارا:
“أنا لا أغضب، لورينزو، أنا فقط … أنتقم.”
لورينزو يضحك ضحكة قصيرة، يضع كأسه جانبًا وينظر إليها مباشرة.
لورينزو:
“هل أفهم أنك تريدين التخلص من غزل ؟ ”
تارا تقترب أكثر، تهمس بجانب أذنه بصوت يحمل مزيجا من الغواية والجنون
تارا:
أريد أن أجعل ماركو يعاني… وأفضل طريقة؟ القضاء على تلك الفتاة التي سلبت انتباهه.”
لورينزو ينظر إليها للحظات، ثم يميل إلى الخلف يراقبها وكأنه يزن الأمور في رأسه.
لورينزو (ببرود)
“أعجبني تفكيرك، تارا. لكننا لا نريد قتلها الآن…. نريدها حية أولا، ثم سنرى ما سنفعله بها لاحقا.”
تارا تتنهد بتصنع، ثم تبتسم ابتسامة واسعة وهي تنهض ببطء.
تارا
“كما تشاء، لورينزو. لكن عندما يحين الوقت، أريد أن أكون أنا من تنهي حياتها.”
لورينزو يراقبها وهي تغادر، قبل أن يرفع كأسه من جديد، يتمتم بسخرية
لورينزو:
“يبدو أن الأمور ستصبح أكثر إثارة قريبًا …”
********************
داخل الطيارة – كراسي الدرجة الأولى
غزل قاعدة جنب غيث، عينيها على الشباك، بتبصّ للسماء الواسعة وكأنها سرحانة في عالم تاني. شكلها هادي، بس جواها مليون فكرة وفكرة. على الناحية التانية، غيث قاعد مستقيم، بيحاول يبان عادي، بس الحقيقة إنه حاسس بتوتر غريب. لسه مش مستوعب إنه في الطيارة رايح باريس… ومعاه البنت اللي كان بيحبها في السر طول عمره، بس هي ماكانتش عاوزة الجوازة دي أصلاً.
غيث (يبصّ لها بابتسامة خفيفة):
“متحمسة لباريس؟ سمعت إنك زرتيها قبل كده.”
غزل بتلفّ له ببطء، بتشد إيديها على صدرها، وتردّ ببرود:
“آه، رحتها كذا مرة قبل كده… السفر مش حاجة جديدة بالنسبة لي.”
غيث (يبصّ لتحت شوية وبعدين يبتسم بحرج):
“أما أنا… فدي أول مرة أسافر بره مصر.”
غزل لأول مرة من ساعة ما قعدوا تبصّ له، تلاحظ لمعة في عينيه… نفس اللمعة اللي بتكون في عيون العيال الصغيرة لما يشوفوا حاجة مبهرة لأول مرة.
غزل (بهدوء مستغرب):
“بجد؟ عمرك مسافرت قبل كده؟”
غيث (يهزّ راسه ويبتسم بصدق):
“لا، ماكانش عندنا المقدرة على كده، بس كنت دايمًا بحلم إني أزور باريس… ماكنتش متخيل إن أول مرة هاروحها هتكون في شهر العسل.”
غزل سكتت شوية، عينيها بتتنقل عليه وهو بيتفرج على المنظر من الشباك، باين عليه كأنه عيل صغير شايف الدنيا لأول مرة. هي ماكانتش عاوزة الجوازة دي، ماكانتش عاوزة حد يفرض عليها حاجة، بس دلوقتي، هي هنا، معاه… ومش قادرة تنكر إنه شخص كويس… يمكن أكتر مما كانت متخيلة.
غيث (بصوت هادي وواثق):
“غزل، أنا عارف إنك ماكنتيش موافقة على الجوازة دي… بس أنا بوعدك بحاجة.”
غزل بتبصّ له بحذر، فيكمل كلامه بثقة:
غيث:
“مش هاجبرك على حاجة، ولا هحاول أفرض نفسي عليكي. كل اللي بطلبه منك إننا نحاول نعيش سوا، على الأقل الفترة دي… وبعدها، لو كنتي لسه مش عاوزة العلاقة دي، عمري ما همنعك.”
كلامه كان صادق، مش محاولة استعطاف أو كسب تعاطفها، وده خلّى غزل تفضل باصة له أكتر من اللازم. بعدين أخدت نفس هادي، ورجعت راسها ورا، وسكتت لحظة قبل ما تهمس:
غزل:
“مش عارفة إيه اللي مستنينا قدام، بس… ماشي، نحاول.”
غيث ابتسم بخفة، وبصّ لها للحظة قبل ما يرجع يبصّ للشباك، بيتأمل السما الزرقا اللي ممدودة قدامه… يمكن، يمكن بس، الجوازة دي يبقى ليها فرصة حقيقية
********************
في مكتب سليم – فيلا عائلة غزل
يجلس سليم خلف مكتبه الضخم، عينيه مثبتة على شاشة اللاب توب، بينما يراجع بعض التقارير. ملامحه جادة كعادته، لكنه لا يبدو متوتراً، فهو رجل يعرف كيف يسيطر على الأمور. فجأة، يُفتح الباب بهدوء، وتطل ميار برأسها، تبتسم بخفة وهي تراه غارقًا في عمله كعادته.
ميار (بمزاح ناعم):
“هو أنا منافسة للأوراق دي؟ ولا ممكن آخد شوية من وقتك؟”
يرفع سليم نظره فورًا، وبمجرد أن يراها، تتبدل ملامحه، تتلاشى الصرامة لتحل محلها نظرة دافئة لا يراها أحد غيرها. يبتسم ابتسامة صغيرة لكنه لا يرد، فقط يشير لها بأن تقترب.
تدخل ميار وتغلق الباب خلفها، ثم تتقدم إليه بخطوات هادئة قبل أن تتكئ على مكتبه، تنظر إليه بحب واضح، بينما يعقد هو ذراعيه مستمتعًا برؤيتها أمامه.
سليم (بصوت منخفض لكنه دافئ):
“إنتِ عارفة إنكِ الوحيدة اللي أسمح لها تعطلني عن شغلي، صح؟”
ميار (تغمز بعفوية):
“أكيد، وإلا كان زماني مطرودة برا المكتب.”
يضحك سليم بصوت خافت، ثم يمد يده ويمسك بكفها، يعبث بأصابعها برقة كما اعتاد دائمًا عندما يكونان بمفردهما.
سليم (بهدوء وهو ينظر لعينيها):
“عارفة، لسه مش مستوعب إن بنتنا الكبيرة اتجوزت… وكأنها كانت بتجري في البيت من يومين بس.”
تنظر له ميار بحنان، ثم تجلس على حافة المكتب قريبة منه، تميل نحوه قليلًا وهي تهمس:
ميار:
“وأنا كمان حاسة بنفس الشعور… فاكرة أول يوم جبتها فيه للدنيا، كنت خايف عليها أكتر مني!”
سليم (يبتسم وهو يتذكر):
“كنت صغيرة أوي… كنت خايف عليكم انتوا الاتنين، كنت بحس إني مسؤول عنكِ أكتر من أي شيء تاني.”
ميار (تضع يدها على يده برقة):
“وأنا دايمًا حسيت بالأمان معاك، يا سليم… رغم فرق السنين بينا، عمري ما حسيت إنك أكبر مني، كنت دايمًا راجل بقلب شاب، راجل كنت بحبه من وأنا بنت صغيرة… ولسه بحبه أكتر النهارده.”
يبتسم سليم وهو يشدّ يدها إليه، يجذبها نحوه حتى تقع بين ذراعيه، ثم يطبع قبلة خفيفة على جبينها، همساته تلامس روحها قبل أن تلامس أذنها.
سليم (بصوت منخفض وعميق):
“وأنا عمري ما حبيت حد في حياتي قدك، إنتِ مراتي، أم ولادي، و… حياتي كلها.”
تشعر ميار بوجنتيها تحترقان رغم سنوات زواجهما الطويلة، لكنه دائمًا يعرف كيف يجعلها تشعر وكأنها وقعت في حبه لأول مرة. تبتسم وهي تخفي وجهها في صدره، بينما يحتضنها بقوة وكأنه يعدها أن يكون دائمًا سندها، كما كان منذ اليوم الأول
*******************
في ساحة الجامعة
تقف ميار مع زميلها في الكلية، تتحدث معه عن المحاضرات والمشاريع القادمة، ملامحها هادئة وعادية، لا شيء غير طبيعي. لكن من بعيد، يقف سليم يراقب المشهد، عيناه تضيقان وهو يرى ميار تبتسم أثناء الحديث. قلبه يشتعل، غضبه يتصاعد، وهو لا يعرف حتى لماذا يشعر بهذا الجنون! لكنه لم يستطع منع نفسه، وتقدم نحوهما بخطوات سريعة وعينين تشتعلان بالغيرة.
سليم (بصوت حاد وهو يقترب منهما):
“ميار!”
تستدير ميار بصدمة، تفاجأت بنبرته الغاضبة ونظراته التي تحمل عاصفة، بينما زميلها يلاحظ التوتر فورًا ويحاول التراجع قليلًا.
ميار (بدهشة):
“إيه في إيه؟!”
سليم (يحدق في زميلها بحدة):
“مين ده؟ وبتتكلمي معاه في إيه؟”
ترفع ميار حاجبيها بعدم تصديق، قبل أن تضع يديها على خصرها وترد بحدة مماثلة:
ميار:
“إنت بتسأل بجد؟ ده زميلي في الكلية، وكنّا بنتكلم عن الدراسة، فيه مشكلة؟”
يضحك سليم بسخرية، لكنه لا يبدو مستمتعًا أبدًا، عيناه ما زالتا تشتعلان غضبًا.
سليم:
“أيوه فيه مشكلة! مش عاجبني المنظر، إنتي واقفة بتتكلمي وبتضحكي معاه كأنكم أصحاب من سنين!”
تزداد ميار غضبًا، تشعر بالإهانة من طريقته وكأنها طفلة تحتاج لمراقبة.
ميار (تعقد ذراعيها بغضب):
“بجد؟! ومن إمتى بقيت وصي عليَّ؟ ولا هو ممنوع أتكلم مع زملائي عادي؟”
سليم (يرفع صوته أكثر):
“أيوه، ممنوع! ميار، إنتِ متفاهمة؟ متتكلميش مع أي حد بالطريقة دي تاني!”
تشهق ميار بصدمة، لم تتوقع أن يصل به الأمر لهذا الحد، تشعر بالإحراج والغضب في آنٍ واحد، خاصة أن زميلها انسحب فورًا من الموقف محاولًا تجنب المشاكل.
ميار (تصيح وهي تلوّح بيديها بغضب):
“إنت بتهزر، صح؟ إنت مالك؟ ليه بتتصرف كأني ملكك؟!”
يتجمد سليم لوهلة، كلماتها تصيبه مباشرة، لكنه لا يستطيع التراجع الآن. يقترب أكثر، يخفض صوته لكنه يظل غاضبًا.
سليم (بصوت منخفض لكنه يحمل تهديدًا):
“عارفة كويس إني مش قادر أشوفك مع حد غيري… متحاوليش تستفزيني أكتر من كده، لأنكِ مش هتحبي النتيجة.”
تنظر إليه ميار بغضب، لكن قلبها ينبض بعنف من كلماته، تشعر بالحيرة بين الغضب والخجل، لكنه لم يعطها فرصة للرد، استدار ورحل، تاركًا إياها واقفة هناك، مشوشة تمامًا
*******************
في بهو الفندق الفاخر في باريس
يدخل غيث و غزل الفندق المذهل الذي يطل على برج إيفل، الديكورات الفخمة تملأ المكان، والهواء يحمل رائحة العطور الفرنسية الفاخرة. ينظر غيث حوله بانبهار، هذه أول مرة يرى فندقًا بهذه الفخامة، بينما غزل تبدو معتادة على المكان، تتقدم بثقة نحو مكتب الاستقبال.
يبتسم مدير الفندق، رجل خمسيني أنيق، فور رؤيته لغزل، يخرج من خلف المكتب ليحييها بحرارة.
مدير الفندق (بفرحة صادقة):
“مدام غزل! يا لها من مفاجأة جميلة! لقد سمعنا عن زواجكِ، تهانينا القلبية!”
تبتسم غزل بخفة، تهز رأسها بامتنان.
غزل:
“شكرًا لك، مونسيو فيليب، لم أتوقع أنك سمعت بالخبر.”
يضحك المدير بود، مشيرًا إلى أحد الموظفين ليأخذ الحقائب.
مدير الفندق:
“عائلتكِ من أهم شركائنا، كيف لا نعلم؟ لقد جهزنا لكِ ولزوجكِ جناحًا خاصًا يليق بكما. وأنت، سيد…؟”
ينظر إلى غيث، الذي يشعر ببعض التوتر لكنه يمد يده ليصافح المدير.
غيث:
“غيث الراوي، زوج غزل.”
يبتسم المدير باحترام، يلاحظ لمعة المفاجأة في عيني غيث، وكأنه لم يعتد بعد على هذا المستوى من الحياة.
مدير الفندق:
“تشرفنا، سيد غيث، ونتمنى لكما إقامة سعيدة هنا.”
يشير إلى أحد الموظفين، الذي ينحني قليلاً قبل أن يتحدث باحترام شديد.
الموظف:
“سيدي، سيدتي، اسمحا لي بمرافقتكما إلى جناحكما الفاخر.”
يتبع غيث و غزل الموظف، لكن قبل أن يبتعدا، يضيف مدير الفندق بابتسامة:
مدير الفندق:
“سيد غيث، لديك زوجة رائعة، وأثق أنكما ستقضيان وقتًا ممتعًا هنا.”
تنظر غزل إلى المدير بابتسامة مجاملة، لكن غيث يشعر بغرابة، كما لو أنه يذكّره بأن غزل معتادة على هذه الحياة الفاخرة، وهو مجرد وافد جديد عليها. يزفر بصمت، ثم يتبع زوجته نحو المصعد، حيث تبدأ رحلتهما في مدينة الأحلام
*******************
بعد عدة أيام ، في أحد شوارع باريس الجميلة – بالقرب من برج إيفل
تسير غزل و غيث جنبًا إلى جنب وسط أجواء باريسية ساحرة، غيث يبدو مستمتعًا بكل شيء حوله، بينما غزل معتادة على هذه الأجواء لكنها تستمتع برؤية ردود أفعاله المتحمسة.
غيث (ينظر حوله بحماس كطفل صغير):
“يا لهوي! بصي يا غزل، الناس هنا بتمشي رايقة إزاي، ولا حد عنده هم زي عندنا!”
غزل (تضحك بخفة):
“غيث، إحنا في باريس! طبيعي الناس تبقى رايقة، ده مش مترو الساعة 7 الصبح في مصر!”
غيث (يهز رأسه وهو يفكر):
“هو أنا لو قعدت هنا شوية ممكن أبقى رايق زيهم؟”
غزل (بخبث):
“مستحيل، مصري أصلي، مستحيل تتغير!”
فجأة، يقف غيث أمام أحد الأكشاك التي تبيع الكرواسون الفرنسي الشهير، ينظر إليه بتركيز وكأنه يكتشف كنزًا جديدًا.
غيث (بصوت منخفض لكن حماسي):
“غزل، شايفة الكرواسون ده؟ ده مش كرواسون عادي… ده كرواسون فرنسي أصلي! عاوز أجربه، بس مش عاوز أبين إني سائح مصري غلبان.”
غزل (ترفع حاجبها بسخرية):
“يعني ناوي تكلمني دلوقتي بلكنة فرنسية؟”
غيث (بثقة زائدة):
“طبعًا، ركزي معايا!”
يتقدم غيث للبائع بثقة مفرطة، يحاول أن يبدو وكأنه محترف في الفرنسية، ثم يأخذ نفسًا عميقًا ويقول بأفضل طريقة ممكنة:
غيث (بلكنة كارثية):
“بونجور مسيو… آه… آه… عاوز كرواسون سيل فو بليه!”
ينظر إليه البائع للحظة ثم يرد عليه بإنجليزية واضحة:
البائع:
“كم عدد الكرواسون الذي تريده، سيدي؟”
يصمت غيث، ينظر إلى غزل التي تكاد تنفجر ضحكًا، ثم يعود للبائع بوجه جاد:
غيث:
“آه، انت بتتكلم إنجليزي؟! وأنا اللي عمال أتمرن عالجملة دي بقالى ساعة!”
يضحك البائع بلطف، بينما غزل تحاول كتم ضحكتها بصعوبة.
غزل (تغمز له مازحة):
“على الأقل حاولت، مونامور!”
غيث (بفخر زائف وهو يأخذ الكرواسون):
“أنا عالمي يا بنتي، عالمي!”
تضحك غزل، بينما يأخذ غيث قضمة من الكرواسون، لكنه فجأة يتوقف وينظر إليها بصدمة.
غيث:
“إيه ده! ده طعمه شبه اللي في مصر بالظبط! إحنا بنتضحك علينا ولا إيه؟!”
تنفجر غزل ضحكًا، بينما يستمر غيث في مضغ الكرواسون بحيرة، مقتنعًا أنه اكتشف أكبر مؤامرة غذائية في التاريخ
رواية أسيرة في مملكة عشقه الفصل التاسع عشر
الفصل التاسع عشر من رواية أسيرة في مملكة عشقه لا يزال قيد الكتابة لو حابب تقراه بمجرد نشره أنضم لقناتنا على تليجرام واكتب تعليق على الصفحة دي.