روايات

رواية إنكسار الروح الفصل الخامس 5 بقلم الاء محمد حجازي

رواية إنكسار الروح الفصل الخامس 5 بقلم الاء محمد حجازي

 

 

البارت الخامس

 

 

ها يا شهد…
قررتي إيه؟
مؤمن مستني ردّنا.

بصيت لها…
ولوهلة حسّيت إني غريبة عنها… وهي غريبة عني.

من أخر خناقة بيني أنا وماما لما دخلت أوضتي
قعدت على سريري… في الضلمة…
الدنيا ساكتة إلا صوت أنفاسي اللي كانت بتطلع وتدخل بصعوبة

وأنا قاعدة… حسّيت للحظة إني صغيرة تاني…
الليلة اللي خسرت فيها أبويا…
والليلة اللي اكتشفت فيها إن الحضن الوحيد اللي كان في الدنيا… مات معاه.

مسحت دموعي… وقولت لنفسي:
خلاص يا شهد… لازم تقومي تقرري.
مش هتفضلي معلّقة كده.

عدّى يوم… واتنين…
وأنا وماما ما بنتكلمش غير آه و لأ وبس.
حتى عينيها… ما بقتش تبص عليا.
ولا حتى بتمثّل إنها مهتمة.

لحد ما جات النهارد…
دخلت عليّا وأنا قاعدة في الصالة، صوتها عادي… مش زعيق، مش حدّة…
بس بارد… زي أي أم بتسأل بنتها عن نوع الشامبو اللي بتستخدمه.

أخدت نفس هادي… وقلتلها:
أنا… موافقة.

ما كانتش مصدومة.
ولا حتى اتفاجئت.
كأنها كانت مستنية الكلمة دي من بدري.

بس أنا؟
كنت عارفة…
عارفة إن الكلمة دي مش طلعِت مني عشان هي ضغطت.
لا…
ولا عشان خايفة منها…
ولا عشان زهقت من كلام الناس…
ولا حتى عشان شكلي قدّام حد.

رفعت عيني وبصوت ثابت… لأول مرة أكون متأكدة من قرار:
موافقة…
لأن بعد آخر خناقة بيني وبينك…
حسّيت إن مفيش أي أمان هنا.
ولا أي سند.
ولا أي حب.
بس… أنا وفقتش علشانك.
ولا علشان الناس.
ولا علشان أهرب.

سكت شوية… والكلمات خرجت لوحدها:
وافقت علشان صلّيت استخارة…
كتير.
كل يوم تقريبًا.
وكل مرة…
كل مرة يا ماما…
كان قلبي بيهدى بطريقة مش مفهومة.
راحة غريبة…
طمأنينة…
كأن حد ماسك إيدي وبيقول لي: كمّلي.

اتنفست…
أنا ذات نفسي مش متخيلة الإحساس ده…
ولا فاهمة ليه بيجيلي.
بس لأول مرة…
حسّيت إن القرار جاية من ربنا…
مش من خوف…
ولا من ضعف…
ولا من هروب.

ماما فضلت ساكتة…
ولا بصة…
ولا كلمة.

وأنا؟
وقفت…
وقلت لها:
موافقة.
بس مش علشان أي حد…
علشان أنا أخيرًا… حسّيت حد مد ايدو.
ومسكني…
ومش هيسيبني.

ودخلت أوضتي…
ومن ورايا، حسّيت إن لأول مرة…
أخدت قرار ضاع منّي سنين… وبقيت ليا بس.
————————
وأخيراً قعدوا تاني بعد قراءة الفاتحة…
أم شهد وعمة مؤمن سابوا الصالة وقفلوا الباب وراهم، وسابوا شهد و مؤمن لوحدهم.

كان فيه هدوء
قلب شهد كان بيدق بسرعة…
بس وشّها هادي، ثابت…
ومؤمن كان قاعد قدّامها، بيبص لها باحترام واضح.

قطع هو الصمت الأول:
في كلام كتير ما قلناهوش المرة اللي فاتت.

شهد عضّت على شفايفها شوية، وسكتت ثواني…
وبعدين رفعت عينيها وقالت بهدوء لكنه مليان قوة:
كلام زي إيه؟

ابتسم ابتسامة بسيطة:
المرة اللي فاتت مشينا قبل ما أكمل كلامي.
وما أحبّش أي خطوة بينّا تبقى ناقصة.

سكتت، وبصّت للأرض، وبعدين قالت:
طيب… قبل أي حاجة.
أنا في حاجة لازم خطوبتنا تمشي عليها.
ولو مش عاجباك… نوقف الموضوع من دلوقت.

قالها بجدية:
قولي يا شهد.

شهد خدت نفس صغير، وقالت:
أنا عايزة خطوبتنا تبقى فيها ضوابط.
ضوابط نحافظ بيها على نفسنا… وعلى احترام ربنا لينا.

مؤمن قال:
ممكن أسألك؟
ضوابط الخطوبة اتعملت ليه؟

رفعت وشّها، وبدأت تتكلم…
الضوابط دي مش تحجيم… ولا قيود.
دي بوّابة أمان…
علشان الخطوبة ما تبقاش باب للغلط، تبقى باب للبركة.

الضوابط دي اللي بتخلي كل طرف مرتاح…
محدّش خايف من التاني…
ولا مكسوف يقول لأ…
ولا مضطر يكون شخصية مش شخصيته.

الضوابط مش بتقوّي العلاقة بس…
دي بتحافظ على بركة الجواز.
لأن البداية اللي فيها صدق… نهايتها راحة.

الضوابط…مش عشان أضيّق عليك…
ولا عشان أبان إن أنا معقّدة…
بس لأن الضوابط دي هي الحاجات اللي بتحافظ على العلاقة إنها تفضل نظيفة، محترمة…
وتوصل بنا لبر أمان.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية حطمت اسوار قلبي مقدمة الرواية بقلم بسملة حسن

سكتت ثواني، وكملت:
الخطوبة مش جواز.
وأي علاقة من غير سقف… عمرها ما تبقى صح.
الضوابط دي زي السور اللي بيحمي البيت…
مش بيحبسه.

– ربنا قال:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾
يعني مش بس بلاش نعمل الغلط…
لأ، بلاش نقرب من الحاجات اللي تفتح باب للغلط أصلًا.
وده أكبر دليل إن ربنا رايد لقلوبنا السلام…
مش القلق.

وبصت لمؤمن، وكملت كلام:
الضوابط بتعمل حاجة محدش بياخد باله منها…
بتحافظ على مهابة العلاقة.
الاحترام.
إن كل كلمة بينا تفضل لها قيمتها…
وكل نظرة تتحسب…
وكل خطوة محسوبة لله.

– الناس فاكرة إن الضوابط بتقلل الحب…
لكن الحقيقة إن الضوابط بتحافظ على الحب.
بتخليه يكبر براحة…
من غير خوف…
ولا غلط…
ولا لحظة نندم عليها بعدين.

شدّت نفس تاني:
النبي ﷺ قال:
“دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.”
والضوابط دي بتبعدنا عن اللي يريّبنا…
عن اللي يخلّي الواحد يحس إنه ماشي غلط.

الضوابط بتخلّي كل واحد فينا واضح قدام التاني.
مفيش تمثيل،
مفيش مجاملات…
مفيش وعود أكبر من طاقتنا.
إحنا بنتعرف على بعض برحمة… مش بضغط.
وبوضوح… مش باندفاع.

– وأنا…
أنا محتاجة أبدأ بداية مفيهاش خوف.
مفيهاش ذنب.
مفيهاش حاجة تحسسني إني ما صنتش نفسي… أو ما صنتكش.

وبعدين نزلت عينها، وقالت:
– الضوابط دي اللي بتخلي ربنا يبارك.
والبيت اللي يتبني على بركة…
عمره ما يتهز.

كانت بتتكلم وعيونه ثابتة عليها…
مش بيمّل، ولا بيقاطع، ولا حتى بيظهر ضيق.

ولما خلصت… قال:
على العموم… أنا كده كده كنت ناوي أقولك إني متفق معاكي في كل ده.
بس…
وسكت ثواني…

كأنه بيجمّع شجاعته:
أنا كمان عندي .مش شرط… هنقول طلب.
ويا رب توافقّي عليه.

– خير يا مؤمن؟

نظر لها نظرة صريحة:
إحنا هنعدي ست شهور مع بعض في الخطوبة…
بكل احترام وضوابط زي ما اتفقنا.
وبعد الست شهور بالظبط…
لو انتي لسه مرتاحة… ولسه شايفاني مناسب…
نتجوز.

الكلمة هزّت قلبها…
مش خوف…
لكن طمأنينة، السكينة اللي كانت بتخاف إنها مش تلاقيها أبدًا.

زي ما ربنا قال:
﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾

وفي اللحظة دي…
شهد كانت حاسّة إنها لأول مرة في حياتها حد بيحطها هي في المعادلة…
مش كلام الناس…
ولا ضغط أهل…
ولا خوف…
بس احترام، ورغبة صادقة.
————————-
الأيام عدّت…
لكن الغريب إن كل يوم في الخطوبة كان بيعدّي على شهد أتقل من اللي قبله،
ومع ذلك… كان فيه حاجة جواها بتتشافى ببطء…
كأن ربنا بيعوّضها حبة حبة…
مش مرة واحدة.

من أول أسبوع، بدأت تلاحظ حاجة:
مؤمن مش شبه حد قابلته قبل كده.
ولا حتى شبه الصورة اللي في خيالها عن الشخص المناسب.
ده أحسن… أهدى… أرقّ.

كان دايمًا ثابت… لين…
زي ما بيقولوا: رجل، بس قلبه مش حجر.

لو حصل سوء فهم؟
ما بيعليش صوته.
ما بيجرحش.
ما بيحاولش يكسب خناق…
هو بيحاول يفهم.

ولو كانت شهد متوترة؟
كان دايمًا يقول نفس الجملة:
إحنا فريق واحد، فاهمة؟
ما فيش أنا وإنتِ… في إحنا.

الجملة دي لوحدها كانت كفيلة تطمن قلب يوم ما عرفش يعني إيه أمان.

ومع كل يوم يعدّي…
شهد كانت بتتأكد إنها مش بس اختارت صح…
ده ربنا هو اللي اختار لها مؤمن.

ومع كل ده… أمّها لسه أمّها

ورغم إن شهد كانت بتحاول من قلبها تصلّح اللي بينهم…
تحاول تكسب رضاها…
تحاول تقرّب…

كانت كل مرة بتتحطم.

جربت كل حاجة:
تتكلم بهدوء،
تسألها عايزة إيه،
تخدمها من غير ما تطلب،
تحاول تضحك معاها…

لكن ولا حاجة اتغيّرت.

كانت أمها دايمًا تقابل اللين بخشونة…
وتقابل القرب بنفور…
وتقابل الكلام الطيب بسخرية.

وشهد كانت تقعد في آخر الليل، على سريرها،
تقول لنفسها:
– طب أنا ليه لسه بزعل؟
ليه لسه بتوجع؟
مش المفروض أكون اتعودت؟

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية فهد وحياة - حياة قلب الفهد الفصل التاسع 9 بقلم ياسمين سالم

بس الحقيقة؟
القلب ما بيتعودش على الحرمان.
ولا بيتأقلم على القسوة…
حتى لو مرت عليها سنين.

وكانت دايمًا فاكرة حديث النبي ﷺ:
“أمك… ثم أمك… ثم أمك.”

وده كان بيخليها تحاول…
تاني… وتالت… ومليون مرة.

بس اللي بيكسرها إنها بتدي…
وما بتاخدش ولا حتى كلمة حلوة في المقابل.

واخيرا خلصو الست شهر وبكرة كتب الكتاب:
وقفِت قدام المراية…
تعدّل طرحتها…
تعدّل هدومها…
وبعدين تقف ساكتة.

– أنا فعلاً هبقى زوجة مؤمن؟
هو ده بجد؟
ولا هصحى ألاقيه حلم؟

كانت فرحانة…
قلبها بيجري من السعادة…
بس في فتلة خوف رفيعة…
عاملة زي خيط الشك اللي مش عارفة تقطعه.

الليل كان هادي…
أهدى من الطبيعي…
وكل ما الهدوء يزيد… كان خوفها يعلى.

وقالت لنفسها بصوت واطي:
ليه حاسة إن اليوم ده مش هيعدّي على خير؟
أنا خايفة… خايفة جداً…
مع إن فرحتي كبيرة… يمكن أكبر فرحة في حياتي.

كانت خايفة من الماضي…
من أمها…
من كلام الناس…
من أي حاجة ممكن تهد جبر ربنا لها.

بس في لحظة خوفها…
افتكرت الكلمة اللي مؤمن قالها آخر مرة خرجوا فيها:
شهد… إحنا هنمشيها بالحلال، وربنا ما بيفرقش بين اتنين قلبهم نضيف.

والجملة دي…
كانت أول خيط نور وسط كل قلقها.
——————–
وأخيرًا جه اليوم اللي كنت مستنياه من سنين… يوم كتب الكتاب.
القلب كان بيدق بسرعة، واليدين مش قادرة تثبت على الطرحة، بس كل خطوة كنت بخطاها كانت مليانة أمل… مليانة خوف… مليانة شوق لنهاية الطريق الطويلة ده.

المأذون رفع صوته، و أخر كلمة خرجت منه كانت:
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”.

قلب شهد كان بيطير من مكانه… كل التعب، كل الخوف، كل السنوات اللي مرت من غير أمان، كل جرح الأم… كل ده كان خلاص هيتغير.
ابتسمت لأول مرة من قلبها، ورفعت راسها بشكر لله.

وفجأة، الباب اتفتح…
والهواء جاب معه صدمة…
آخر شخص شهد توقعته، آخر شخص كان في قلبها ووجعها…
زياد… خطيبها الأول.

دخل، عينيه مولعة غضب، صوته بيهتز من الغضب والغيرة، وقال:
إزاي تتجوزي؟
إنتِ لسه بتاعتي! أنا يا شهد بتاعتي… أنا وبس!

الجملة دي كانت كالسهم اللي دخل قلبها، وقلب مؤمن كمان اللي اتجه ناحية ذياد.
ونزل في الضرب…لحد ما اغمة عليه، حضنه واحد من صحابه، وقال:
خلاص يا مؤمن… حصل خير.

وفي لحظة، زياد اتكرش بره، الدنيا كلها وقعت حواليه، لكنه ماقدرش يعمل حاجة.
مؤمن، ثابت ، قلبه كله حماية وحب لشهد.

بعد ما الباب اتقفل، مؤمن مد إيده، قبض على يد شهد، وبص ليها بعينين كلها حنان، وقال:
أنا آسف على اليوم اللي ضاع… على كل لحظة خوف أو وجع… على كل مرة حسيتِ فيها بعدم الأمان. دلوقتي… إحنا مع بعض، وده كل اللي يهمني.

شهد، دموعها نزلت بغزارة، وابتسامتها بدأت تشرق على وشها، لكن كلماته ما خلصتش، مؤمن ابتسم وقال:
تعالي… نخرج دلوقتي… نتمشى… نتمشى عشان نفرح بكل لحظة بعد كل اللي فاتنا. دلوقتي، كل حاجة تبقى لنا… بس لنا إحنا الاتنين.

خرجوا من الببت… الشوارع كانت هادية… نسيم الليل كان بيهدي روحهم بعد كل التوتر ده…
شهد كانت ماسكة إيده بقوة، وكل خطوة بتثبت قدامها إنها أخيرًا حرة… أخيرًا محمية… أخيرًا حقيقية.

مؤمن، من ناحيته، كل مرة يبص لها كان قلبه يطير من الحب… كل خطوة جنبها كانت عهده عليه … وعده إن يحميها، إن يقف جنبه، وإن يجعل كل أيامها اللي جاية أمان وسعادة… مش خوف أو قهر.

وهما ماشين، شهد حست بحاجة جديدة… إحساس إن الدنيا بدأت من جديد…
إنها أخيرًا قدرت تبني حياة من غير خوف، حياة مليانة حب… احترام… وضحك… وحنان.

اليوم ده كله كان بداية… بداية لحياة جديدة، بداية لعلاقة صح… علاقة يقدروا فيها يبنوا ضوابطهم… مبادئهم… احترامهم لبعض… ويثبتوا لبعض إن الحب مش بس كلمات… الحب أفعال… أمان… سند… حياة.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية واحنا صغيرين الفصل الثاني 2 بقلم سلسبيل أحمد

فضلو ماشيين جنب بعض، إيديهم متشابكة، كإنهم أخيرًا لقوا الطريق اللي يجمعهم من غير خوف.
الليل كان هادي… والهوا خفيف، كأنه بيبارك البداية الجديدة دي.

فجأة شهد وقفت…
عينيها لمعت وهي بتبص ناحية محل ورد على الجهة التانية من الشارع.
ضحكت ضحكة صغيرة، وقالت بحماس طفولي:
بُص يا مؤمن… الورد جميل إزاي؟

بص معاها، ولما شاف لمعة عينيها، قلبه رقّ أكتر.
قال بضحكة هادية وهو يشد إيدها بحنان:
تعالي نروح نجيب لك… يلا.

هي هزت راسها بسرعة، وقالت بخجل جميل:
لا لا… أنا بس ببص على شكله.

قرب منها خطوة، وبص في عينيها بعمق يخوّف أي خوف جواها وقال:
وأنا مش هخلي عينِك تبص على حاجة… إلا وأجيبها لك.
مش هخليكِ تحتاجي حاجة… طول ما أنا جنبك.

الكلام دخل قلبها زي الدفا…
شد إيدها أكتر، وبدأوا يعدّوا الشارع…
شهد كانت لسه بتبص للورد، ولسه مبتسمة…
ومؤمن كان ماسك إيدها بقوة كأنه خايف عليها من الهوا.

لكن في ثانية…
في لحظة…
كل حاجة اتقلبت.

صوت عربية عالي…
نور أبيض ساطع جاي بسرعة من بعيد…
العربية جاية بسرعة جنونية…

شهد ما لحقتش تفهم…
ما لحقتش حتى ترفع رأسها.

وفي لمح البصر…
إيد مؤمن شدت عليها بقوة…
ثانية واحدة كانت كافية…
راح زاقها بكل قوته بعيد.

جسمها اتقلب على الأرض…
بعدت متر واحد…
واتخربشت إيديها…
بس عينيها كانت معلقة في مكان واحد بس:
مؤمن.

الصدمة مسكت فيها…
ودقايق اتحولت لثواني…
والدنيا اتحولت لصوت واحد:
دبّة فرامل
صرخة بعيدة
وهدوء مرعب بعدها.

شهد ما كانتش عارفة تستوعب…
قلبها كان بيترج…
نفسها بيتقطع…
عينيها بتدور عليه في الرصيف… في الأرض… حواليها…

كل حاجة حصلت بسرعة…
بسرعة مرعبة…
بسرعة ما سيبتش فرصة لعقلها يفهم…

وكل اللي قدرت تحسّه…
هو الخوف…
والبرد اللي ضرب قلبها فجأة…
مؤمن…
الكلمة خرجت من بقاها مرتعشة…
ومحدش رد.

شهد أول ما قامت على رجليها…
عينيها لفت تدور عليه بجنون…
لحد ما شافته مرمي على الأرض…
مش بيتحرك.

صرخة خرجت منها من غير وعي:
مؤمن!!

جريت عليه بكل قوتها…
ركبتها خبطت في الأرض وهي بتوطي جنبه…
وشالت دماغه بترعش وحطّتها على رجلها، وصوتها بيتهدج:
الحقونا… حد يتصل بالإسعاف!!
بالله عليكم حد يجيب إسعاف!

الناس اتلمّت، ناس مصدومة… ناس خايفة…
بس هي؟ كانت تايهة…
تايهة في الدم اللي على هدومه…
تايهة في النفس اللي بيروح من صدره.

مسك إيدها…
إيده بردانة…
بردانة بطريقة ما شبهاش قبل كده.

رفعها بالعافية…
وبص في عينيها نظرة واحدة…
نظرة كأنها آخر حاجة عايز يشوفها في الدنيا.

وقال بصوت مكسور…
صوت نصه وجع… ونصه حب:
شهد…
أنا بحبك.

دموعها نزلت مرة واحدة…
نزلت بغزارة…
كأنها بتحاول تحافظ على روحه ما تطلعش.

و نفسه بدأ يتقطع…
شفايفه نطقت الشهادتين:
أشهد أن لا إله إلا الله…
وأشهد أن محمدًا…

حاول يكمل…
حاول يقول رسول الله…
بس النفس خان…
وصوته اتقطع…
ورقبته ارتخت…
وجفونه نزلت على مهل…
ونفسه الأخير خرج من صدره.

سكنت الدنيا.
شهد قربت وشها على صدره…
بتحاول تسمع نبض.
بتحاول تسمع أي حاجة.

ولا حاجة.
ولا صوت.
ولا حركة.
ولا حياة.

صرخت…
صرخة هزّت الشارع كله…
صرخة طالعة من حتة في القلب مليانة كسر:
موووؤمن!!! بالله عليك قوم!!
يا ناس… حد يعمل حاجة!!

كانت ماسكة إيده بكل قوتها…
كأنها لو سيبتها
هتفقد آخر حاجة في الدنيا تربطها بالحياة.

والناس حواليها…
واقفة…
مصدوّمة…
واللي بيعيط…
واللي بيقول:
لا حول ولا قوة إلا بالله.

وشهد؟
كانت قاعدة في نص الشارع…
حضناه…
وبتصوّت…
وكإن روحها اتسحبت مع آخر نفس خرج منه.

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *