روايات

رواية عشق يحيى الفصل الثاني عشر 12 بقلم سلمى جاد

رواية عشق يحيى الفصل الثاني عشر 12 بقلم سلمى جاد

 

 

البارت الثاني عشر

 

 

البارت 12
_زين اللي قت.لها
يحيى بلع ريقه، وكمل
ـ “إحنا… كنا ف مأمورية. كل حاجة كانت ماشية عادي زي اي مهمة… لحد ما فجأة سمعنا صوت ضرب نار.”
يحيى كمل بنبرة واطية: ـ “طلع فينا ظابط… خاين. بايعنا وبايع القسم. متفق مع العصابة… وسابهم يدخلوا علينا زي ما يكون فاتح لهم الباب.”
نَفَس ليلى اتقطع لحظة ويحيى كمل.
ـ “بس… بالرغم من الخيانة دي، هجمنا العصابة عادي … ضرب النار اشتغل من كل ناحية…
سكت ثانية، وصوته اتكسر: ـ “سارة كانت ورا زين… مستنية الإشارة. وزين… كان بيحاول يصدّ عنّا، كان مركز على العصابة…”
عينيه غامت، وكأن الصورة بتتعاد قدّامه: ـ ” لكن فجاءة سارة اتحركت من ورا زين عشان تحمي ضهري … وبالغلط طلقه من مسد.س زين. جت فيها. وقعِت قدّامنا… وكل الدنيا وقفت.”
ليلى غطّت بقها بإيدها، دموعها نزلت قبل حتى ما تحس بيها.
يحيى مسح وشه بكفه: ـ “زين من يومها…. بيضحك… يهرّج…. بس أنا عارفه. عارف الجرح اللي جواه قد إيه… وعارف إن ولا يوم يعدّي من غير ما يشوف صورتها.”
سكت، وصوته اتحشر: ـ “هو شايلها جواه… وعمري ما شفت حد بيعاقب نفسه قدّه.”
الهواء بينه وبين ليلى بقا تقيل.
هي قربت خطوة… وبعدها خطوة.
مدّت إيديها ببطء لحد ما لمست دراعه، حسّت الرجفة اللي كان مخبيها.

 

 

ولما شافت عينه احمرت… قربت أكتر وحضنته.
حضن ثابت… دافي… من غير كلام.
وهو أخيرًا سيب نفسه، راسه وقعت على كتفها، وصوت نفسه اتقل، وكأن الحمل اللي شايله بقاله سنين لقى حد يشيله معاه.
________________________________
عمر بص للجد بعين ثابتة وقال من غير ما يرمش:
ـ “عائشة… تبقى مراتي.”
الكلمة وقعت زي رصاصة في القاعة.
الجد عضّ على سنانه، ووجهه احمرّ فجأة من الغضب.
ـ “إنت اتجننت؟! مراتك إزاي …؟!”
عمر حاول يكمّل:
ـ “أنا مكنتش في وعيى و… اعتد.يت عليها و..عشان كده كتبت عليها واتجوزتها النهارده ….”
ما لحّقش.
إيد الجد جت ع وشه بالقلم… صوت الضربة كان عالي لدرجة إن المكان اتجمّد.
عائشة قفزت بخضة… ورمت نفسها ورا ضهر عمر، مستخبية فيه، صوت نفسها بيترعش.
ميادة قامت من مكانها بخطوات محسوبة… قربت منهم، وبصّة ساخرة نزلت من فوق لتحت على عائشة، كأنها بتفحص بضاعة.
وقالت ببرود جارح:
ـ “إنت إزاي تعمل كده يا عمر؟! تتجوز واحدة ،لا نعرف أصلها من فصلها؟!
دي تبقى من عيلة مين دي أصلًا؟!”
الكلمات وقعت على قلب عائشة زي سكاكين…
افتكرت أبوها اللي باعها… افتكرت اللي قاله…
ميادة كملت، بنبرة بجاحة مستفزة:
ـ ” كنت راضيها بفلوس وخلاص. أنا عارفة العينة دي كويس.”
عين عائشة دمعت من الإهانة… ظهرها انكمش ورا عمر، كإنها بتحاول تبقى أصغر حجم ممكن.
لكن فجأة… الجد صرخ فيها بصوت هزّ جدران البيت:
ـ “كــفــايــة يا ميادة!!”
هي اتجمدت في مكانها.
الجد كمل بصوت صلب:
ـ “إنتِ فاكرة الناس كلها زي بعض؟ فاكرة مفيش حد عنده شرف؟!
الولد غلط… …
لكن اتصرف صح
حافظ على كرامة بنت مسكينة… كان ممكن تضيع”
ميادة عضّت شفايفها من الغيظ.
الجد قرب خطوتين من عمر… وبص بعدها لعائشة اللي مستخبية، وقال بصوت مختلف… صوت كله طيبة:
ـ “تعالي… يا بنتي.”
عائشة اتلخبطت، وبصّت لعمر، اللي أشار لها تطمّن.
طلعت خطوة صغيرة لقدّام… كانت مترعشة كلها.
الجد مد إيده، وطبطب برفق قوي على رأسها:
ـ “من النهاردة… إنتي واحدة من أحفادي.
زي ليلى… وزي لينا.
سمعاني؟”
الكلمة كسرت جواها حاجة…
لأول مرة حست إن حد شافها… مش كسلعة. مش كحد ما يساش.
دموعها نزلت من غير ما تقصد وهي تهز راسها موافقة.
الجد رجع بص لـعمر وقال بحسم:
ـ “خد مراتك… واطلع على جناحك يا عمر.”
عمر قرب من عائشة… مسك إيدها.
إيدها كانت بتترعش بشكل يوجع القلب، لكن أول ما صوابعه لامستها… اتلخبطت
شدّها معاه بهدوء…
وطلعوا سوا على السلالم …
وإيدها في إيده، خطوة وراه، ولسه مش مصدّقة إنها دلوقتي… مراته.
____________________________________________________
زين كان سايق عربيته بسرعة هادية، الهوا داخل من الشباك يلعب في خصلات شعره.
عينيه ثابتة قدّام الطريق… بس فيها لمعة مش بتكذب.
لمعة حزن… جرح قديم اتفتح غصب عنه
زين اللي دايمًا لابس قناع الضحك والهزار… اللي بيهزر وهو موجوع… اللي بيخبي وجعه تحت خفة دمه…
النهارده القناع واقع.
حبه الأول…
سارة.
البنت اللي قلبه نده ناحيتها من أول لحظة شافها.
من يوم دخلت فرقته…
كانت جميلة، حيوية، ضحكتها بتنور …
وهو واقع ومش بيحاول يقوم.
وغمض عينيه لحظة…
والذكرى جت لوحدها.
فلاش باك
زين كان قاعد في أوضة التدريب، بينضّف سلا.حه بهدوء، إيده ماشية بخبرة وروتين.
لكن فجأة سمع صوت خطوات خفيفة… أنفاس مترددة… حد بيقرب منه ببطء.
ابتسامة صغيرة اترسمت على بقه.
قبل ما صوتها يطلع تعمل الحركة اللي كل يوم تحاول تعملها، قال بدون ما يبص:
ـ “متحاوليش يا سو… صوت نفسك فضحك.”
سارة اتجمدت لحظة، وبعدين قالت باندهاش وضحكة صغيرة:
ـ “إزاي… بتعرف كل مرة إنه أنا؟!”
قلبه رقّ، وبص لها بعيون كلها عشق:
ـ “أنا ظابط، وأسمع دبة النملة…
وغير إني ظابط…”
قرب منها سنة خفيفة، وصوته بقى أدفى:
ـ “فأنا كمان عاشق.
عاشق بيسمع صوت دقات قلب حبيبته قبل حتى ما تخطّي الباب.”
وجهها احمرّ، ضحكت بخجل، وقالت بصوت واطي:
ـ “بتحبني يا زين؟”
هو ضحك… الضحكة اللي كانت كلها راحة، كلها أمان، كلها حب:
ـ “أنا اتخطيت مستوى الحب ده من زمان…
أنا… دايب فيكي.”
نهاية الفلاش باك
رجع للواقع…
ونَفَسه خرج تقيل، كأن الذكرى حمل على صدره.
الهوا لسه بيلعب في شعره… بس هو مش حاسس بحاجة.
جواه عالم تاني .
وزين لأول مرة…
الضحكة اللي على بقه مش طالع وراها صوت.
ضحكة مكسورة… بتحاول تفضل موجودة، بس وجعها باين.
خرج زين من شروده فجأة مع صوت رسالة جات على الموبايل.
رمش، كأنه رجع للحاضر بالعافية…
مد إيده للموبايل، فتحه وهو لسه نفس الحزن ساكن ملامحه.
كانت رسالة من يحيى.
“ده الرقم اللي بعت لليلى الصورة على الواتس.”
زين فضّل ثابت ثانية…
وبصّ للرقم.
النظرة اللي كانت من شوية مليانة وجع… اتقلبت في لحظة لغضب صافي.
عينيه ضاقت… البؤبؤ اسودّ… وكأن حد ولّع شرارة جواه.
البرود اللي على وشه… كان عكس اللي جواه.
جواه كان بركان.
قفل الشاشة ببطء…
ومسك الموبايل في إيده بإحكام، صوابعه شادت عليه كأنه بيمنع نفسه يكسره.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل العاشر 10 بقلم شاهيناز محمد

 

 

شبح ابتسامة طلعت… بس ما كانتش ضحكة.
كانت ابتسامة حد… اتفتح عنده باب الظلام.
ـ “اللي عمل كده… هيتعلّم يعني إيه يقرب من حد مننا.”
__________________________________
طلع عمر بعائشة السلم لحد ما وصلوا للجناح الكبير بتاعه.
فتح الباب ودخل هو الأول…
وهي دخلت وراه بخطوات صغيرة، عينيها بتلف حوالين الأوضة الواسعة اللي كلها فخامة…
حطت إيديها قدّامها بتوتر، مش عارفة تبص فين.
الباب اتقفل وراه بهدوء…
وصوت القفلة لوحده خضّها وخلى جسمهاالضعيف ينتفض.
وقفت مكانها، راسها لتحت…
إيدها اللي في إيده كانت لسه مرتعشة، لكنها ما سحبتهاش.
عمر ساب نفسها لحظة، وبعدين فك إيده من إيدها ببطء، كأنه خايف يخضّها…
ولف حواليها لحد ما وقف قدّامها.
ـ “عائشة…”
رفعت عينيها له بصعوبة، كانت عاملة زي قطة خايفة…
نفسها سريع، وعيونها متلخبطة ومكسوفة ومتوترة.
مد إيده… بس ما لمسهاش.
بس قرّب.
ـ “بصيلي.”
نبرته ما كانتش قاسية… كانت هادية، ثابتة… فيها رجولة وطمأنينة غريبة.
هي رفعت عينيها بالعافية، ولمّا شافته واقف قريب بالشكل ده… قلبها خبّط خبطة عالية.
عمر :
ـ “اسمعيني… إنتي هنا بأمان. محدش هيقربلك..”
عائشة حسّت دمعة تنزل رغماً عنها، ومسحتها بسرعة
عمر بص لها بنظرة كسرت جواها حاجة:
ـ “وإوعي… إوعي تفتكري كلمة ماما.
إنتي مش قليلة…
ولا حد يقدر يشتريكي.”
هي عضّت شفايفها… وحاولت ترد، بس صوتها خرج متقطع:
ـ “أنا… أنا بس… خايفة… أكون… حمل عليك.”
عمر قرب أكتر…
صوته بقى أهدى، وأعمق:
ـ “لو كنتِ حمل… كنت سبتك من أول لحظة.
بس أنا… اختارت أتجوزك
سكت ثواني…
وبعدين مد إيده ولمس طرف طرحتها، عدّلها على كتفها من غير ما يضغط، بإيده اللي دافية على جسمها المتوتر.
عائشة بلعت ريقها…
قلبها بيجري جري.
عمر لف وراح ناحية الدولاب، طلع لها تيشيرت واسع، وحطه على السرير:
ـ ” أنا طلعتلك تيشرت من عندي بدل ما تفتحي شنطك لسه وتخرجي هدومك وبكرة انشاءالله هخلي حد من الشغالين يرتب هدومك في دولابي …غيّري براحتك ،
وانا هكون برا لحد ما تخلّصي.”
عينها نزلت لتحت تاني… لكنها هزت راسها بخجل.
عمر بص لها نظرة طويلة…
ثم فتح الباب وخرج بهدوء.

عائشة خلصت تغيير ولما بصّت في المراية…
كانت لابسة التيشيرت الواسع اللي نازل عليها كأنه فستان.
شعرها السود المموج واقع على كتافها، ووشها محمرّ من التوتر.
طلعت نفس طويل…
وبصّت للباب.
مسحت على وشها، وافتحت الباب ببطء.
عمر كان واقف في الطرقه الصغيرة قدّام الجناح، سايب ضهره للحائط، ورافع راسه لفوق لما سمع الباب… بص عليها.
عينه نزلت ببطء من شعرها لحد التيشيرت الواسع…
وقلبه شد لحظة لما شاف هيئتها وهمس : “ملاك ”
عمر قرب منها خطوة…
وبصوت واطي قال:
ـ “تعالي.”
اترددت…
وبعدين مشت ناحيته بخطوات صغيرة.
عمر دخل الأوضة وسحب بطانية خفيفة، وفردها على السرير الكبير في الجناح.
قعد، وسمح لها تقعد جنبه… مش لازقين، بس قريبين كفاية إنها تحس بالأمان.
عمر مد إيده وفتح شاشة التلفزيون، ووطّى الصوت جدًا، خلاه مجرد همس.
عائشة قعدت محنية نفسها شوية، إيديها متشابكة فوق رجلها.
بس مع الوقت… ومع الهدوء… ومع قربه من غير ما يضغط…
كتافها ارتخوا.
بعد دقايق، حسّ نار خفيفة في جسمها من البرد…
فمن غير ما يقول كلمة، سحب البطانية وغطّا بيها رجليها لحد ما وصلت لخصرها.
عائشة بصت له، ووشها اتشعل من الخجل:
ـ “شكراً…”
ابتسامة بسيطة ظهرت على شفايفه:
ـ “لا شكر على واجب.”
الدقيقة بقت اتنين…
واتحولوا لنص ساعة…
وفجأة راسها مالت من التعب …
وقعت بهدوء على كتفه من غير ما تقصد.
اتجمد لحظة.
قلبه خبّط خبطة قوية…
بس ما حركهاش.
ما حاولش يصحّيها…
ولا حتى يعدّل وضعها.
بس رفع إيده ببطء…
ورفع طرف البطانية حوالين كتفها.
وشه قرب شوية من شعرها…
وشم ريحتها الهادية اللي كانت ميكس بين الورد والصابون.
وغمض عينه.
الليل كان هادي…
لأول مرة من ساعات.
ولأول مرة…
عمر حس إنه مش لوحده.
(شكلنا كده هنحبك ونغير رأينا عنك يعم عمر 😁)
________________________________
في جناح يحيى وليلى
الباب اتفتح، وخرجت ليلى من الحمّام وهي لابسه بيجامة ستان باللون الاسود،
شعرها المبلول نازل على كتافها بنعومة، ريحة جل الجسم اللي استخدمته لافندر ولمسة ڤانيليا ملت الأوضة كلها.
يحيى كان قاعد ع طرف السرير، ماسك تليفونه…
ولما رفع راسه وشافها؟
ابتسامة هادية، دافية…
ابتسامة راجل شايف الست اللي بيحبها قدّامه ومش عايز يرمش.
حط التليفون على الكومود وهو بيقوم.
مشي ناحيتها بخطوات بطيئة… ثابتة.
قرب، ومد إيده بلطف:
ـ “ادّيني المشط.”
هي اتلخبطت شوية، إيديها اتشنجت حول المشط،
بس مدّتهوله.
يحيى ما قالش كلمة…
وقف وراها، وبدأ يسرّح شعرها من غير عجَلة.
إيده كانت ثابتة… دافية…
بيتعامل مع شعرها كأنه حاجة ثمينة.
هي اتوترت…
مش من الخجل بس…
من الإحساس اللي بينتشر في جسمها كل ما أصابعه تلمس خصل شعرها المبلولة.
وفجأة…
مسك خصلة، قربها من وشه،
وشمها بعمق،
عنيه غمضت من الريحة.
ـ “لافندر…”
قالها بنبرة واطية، كأنه اتسحر.
ـ “ده بيجنّني يا ليلى.”
وشها ولّع…
قلبها دق.
وبعدين فجأة سألها، وهو لسه ماسك شعرها:
ـ “عايزة تقولي حاجة؟”
هي توتّرت، ضحكت ضحكة صغيرة ملخبطة:
ـ “آه… كنت لسه مكلّمة ضحى.”
وقف حركة إيده ببهوت.
ـ “ضحى؟”
ـ “آه… وقالتلي إن التدريب بتاع شركة الشريف… بدأ من فترة… وإننا لو مروحناش بكرة التدريب هيروح علينا”
يحيى رمش…
العين اللي كانت دافية من دقايق، بهتت شوية.
غمض عينه…
نَفَسه خرج بصوت خفيف… إحباط واضح.
هو كان متخيّل إنها جايّة تقول كلام تاني… حاجة تخصّهم هما.
هي لما شافته كده… قلبها وجعها.
قربت خطوة وقالت بصوت حزين:
ـ “هو إنت لسه… مش موافق؟
مش موافق إني أتدرب هناك؟”
فتح عينه…
وبص لها بعمق.
قرب منها، ووشه قرب من وشها:
ـ “أنا موافق يا ليلى.”
هي اتجمدت، وبعدين الابتسامة طلعت بشكل تلقائي…
تلقائي لدرجة إنها نسيت نفسها وحضنته
هو لف إيده حواليها…
شدّها على صدره بقوة، كأنه عايز يدخلها جواه.
كأنه خايف تروح لحظة.
مشاعره كانت دايبة فيها.
وحسّ إنها في مكانها الطبيعي…
بين دراعاته.
___________________________________________
صباح جديد في القصر
ليلى نزلت سلالم القصر بخطوات هادية، ريحة الدفّى الشتوي في الجو.
كانت لابسة بلوزة صوف زيتوني ملمسها ناعم،
وسكيرت جينز تلجي اللون،
وعلى ساعد إيديها شال بيچ فاتح عشان البرد.
الحجاب منقوش بنفس درجات الزيتوني،
ومكمّلة بإكسسوارات بسيطة .
وهي نازلة، لقت منال طالعة من أوضة السفرة.
ابتسمت لها ابتسامة أمّ حقيقية:
ـ “صباح الفل يا ليلى….”
ليلى بادلتها الابتسامة بكل ود:
ـ “صباحك سكر يا طنط .”
منال قربت منها، مسكت إيدها بحنان:
ـ “طمنيني… إنتي ويحيى عاملين إيه؟
وليه رجعتوا بدري من شهر العسل؟!”
ليلى ضحكت بخجل:
ـ “مفيش يا طنط …
هو عنده شغل مهم، وأنا ورايا كلية…
منال هزت راسها باقتناع، وحضنت ليلى حضن خفيف:
ـ “ربنا يهدي سركم… ويكتبلكم السعادة من واسع فضله.”
ليلى شكرتها، واستأذنت:
ـ “السواق مستنيني بره يا طنط… لازم أمشي.”
نزلت قدّام باب القصر…
ولمّا شافت المشهد؟
اتصدمت.
يحيى كان واقف، ساند ضهره على عربيته،
لابس جاكيت جلد أسود…
وإيده في جيبه…
وعنيه عليها.
ليلى وقفت مكانها، اتلخبطت:
ـ “إنت… لسه هنا؟! ما مشيتش على شغلك؟”
هو عدّل وقفته، وابتسم ابتسامة صغيرة:
أوصل مراتي الأول… وبعدين أروح شغلي.”
ركبوا العربية، وهي قالت:
ـ “أنا هروح أحضر محاضرة… وبعدها أروح أنا وضحى شركة الشريف.”
يحيى كانت إيديه على الدركسيون… بس عينه راحت عليها:
ـ “تمام… ليلى”
ـ “نعم؟”
ـ “لما أكلمك عالموبايل… تردي.
مهما كنتي فين.”
هي قربت راسها ناحية الإزاز وضحكت ضحكة خفيفة:
ـ “حاضر يا سيدي…”
هو ما ضحكش… بس ابتسم ابتسامة راجل غيور… مطمِّن:
ـ “وخدي بالك من نفسك…
وفي التدريب… تركّزي.
مفيش كلام مع حد.”
ـ “حاضر… حاضر… حاضر يا حضرة النقيب.”
قربوا بوابة الجامعة.
وقبل ما تمد إيدها على الباب، يحيى قال:
ـ “استني.”
مد إيده…
وأخد الشال اللي على ساعدها…
وقرب منها…
ولفّه حوالين رقبتها ببطء.
كانت عينيه ركزت على خصلة من شعرها ظاهرة من تحت الحجاب فدخلها بإيده.
ولما خلّص، قال بصوت دافي، رجولي، كله اهتمام:
ـ “ماتشيّليش الشال.
الدنيا سقعة…
وإنتي بتاخدي برد بسرعة.”
ليلى خلاص… ما بقتش قادرة تقوله كلمة.
هزت راسها بخجل:
ـ “حاضر…”
فتحت الباب، ونزلت…
وبصّت له لحظة…
وهو لمّا شافها ماشية…
ابتسامة صغيرة ظهرت على شفايفه.
ثانية…
وشغّل العربية…

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية درة القاضي الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة حسن

 

 

ومشي
___________________________________________
ضحى كانت واقفة قدّام الرف، مجمعة كل تركيزها وهي بتشرح للشاب في الصيدلية:
ـ “لو سمحت… حاجه دوا الضغط لماما .”
الشاب هز راسه، وبدأ يجهّز لها الطلبات. ضحى وقفت تستنى، إيديها متشابكة، وتنهيدة صغيرة خرجت منها من غير ما تاخد بالها.
دبّة خطوات هادية وراها… وصوت رجولي خافت قال وهو بيقرب من الكاونتر:
ـ “ عايز مسكن للصداع… أي نوع كويس.”
ضحى ما اهتمتش في الأول… لحد ما عينها راحت لا إراديًا على المراية الطويلة اللي قدّامها.
ولحظة… اتجمّدت.
هو.
زين.
عيونهم اتقابلت ثواني
ثواني كلها عتاب، كلها أسئلة ما اتسألتش….
زين بصّ لها بصدمة الأول… وبعدها اتبدلت الصدمة بملامح منكسرة، وحنين مخنوق… وحاجة شبه الأسف.
ضحى حرفيًا حسّت قلبها بيخبط…
ـ “اتفضلي يا أستاذة…”
ضحى اتخضّت… أخدت الكيس بسرعة، قالت “شكرًا” بنبرة مرتعشة، ولفّت…
ومشيت أسرع من أي مرة… كأنها بتهرب من شعورها… من ماضيها… منه.
وزين وقف مكانه، بيتبعها بعينين كلها وجع…
لحد ما باب الصيدلية اتقفل وراها.
مد إيده ببطء وخد العلاج اللي طلبه، صوته كان مخنوق وهو بيقول للشاب:
ـ “شكرًا.”
وخرج يمشي على مهل…
بس جواه، كان فيه حاجة بتتقطع.
____________________________________________________________________
ليلى كانت قاعدة في كافيتيريا الجامعة، حاطة اللابتوب قدّامها وبتراجع ملاحظاتها،
وضـحى دخلت.
أول ما العيون اتقابلت، ليلى قامت بسرعة من مكانها:
ـ “ضحىاا! أخيرًا شوفتك !”
وضـحى فتحت إيديها وحضنو بعض حضن شوق،
قعدوا، وضحى حطت الشنطة على الكرسي جنبها… ملامحها فعلاً كانت مش هي.
وشها هادي… بس الهدوء ده مش طبيعي، ده هدوء حد لسه شايف حاجة وجعته.
ليلى سألتها باهتمام:
ـ “اتأخرتي ليه؟ إنتي كويسة؟”
ضحى تنهدت وكأن نفسها تقيل:
ـ “كنت بجيب علاج لماما من الصيدلية…”
ليلى كانت هترد، بس أول ما عينها ركزت على ملامح ضحى، اتشدت…
ـ “ضحى… مالك؟ شكلِك زعلانة.”
ضحى عضّت على شفايفها بخفة، وبصت لمكان تاني:
ـ “قابلت زين.”
ليلى اتجمدت لحظة:
ـ “قابلتيه؟ فين؟”
ـ “في الصيدلية… كنت بجيب العلاج… وهو كان بيجيب حاجة للصداع.”
ليلى اتنهدت بخفة مش عارفة تعمل إيه
ـ “طب… اتكلمتوا؟ حصل حاجة؟”
ضحى هزّت راسها:
ـ “لأ… ولا كلمة. أول ما شوفته… معرفتش أستحمل. لفيت ومشيت.”
سكتت شوية وبعدين قالت بجملة كسرتها:
“ليه؟ ليه طلع كده؟ ده كان… كان بيتكلم معايا علطول. معقوله كل ده كان بيتكلم بيا
ليلى مدّت إيدها على إيد ضحى:
ـ “يا روحي… يمكن… يمكن كان محتاج وقت يرتّب نفسه… أو دماغه… أو الدنيا حواليه.”
ضحى ضحكت ضحكة قصاد الوجع:
ـ “مش فارقة، ليلى. بجد مش فارقة.”
ليلى مكنتش عارفة تقولها إيه… خصوصًا بعد اللي سمعته من يحيى عن ماضي زين واتعاطفت معاه… بس قلبها وجعها جدًا على ضحى اللي مش فاهمة اللي جواه.
ضحى قامت وفردت ضهرها:
ـ “يلا… عندنا محاضرة.”
ليلى جمعت حاجتها، وحاولت تغيّر الجو:
ـ “ماشي…
اتجهوا للمحاضرة… وبعدها رايحين لشركة الشريف جروب.
اليوم اللي هيبدأ بداية جديدة… وممكن يفتح باب لمفاجآت كتير
ليلى وضحى وقفوا قصاد شركة الشريف جروب، المبنى ضخم وعاكس ضيّ الشمس على الواجهة الزجاج، والناس داخلة طالعة
ضحى همست بدهشة:
ـ “يا نهار أبيض… دي مش شركة، دي مول!”
وليلى ضحكت بتوتر:
ـ “يلا ندخل قبل ما نتأخر أكتر.”
دخلوا الريسيبشن، الأرض رخام لامع والديكور فخم. اتجهوا للسكرتيرة وسألوها عن التدريب.
السكرتيرة مبتسمة قالت:
ـ “تطلعوا الدور الخامس، أول مكتب على اليمين.”
ركبوا الأسنسير، وقلوبهم بتدق من رهبة المكان. أول ما خرجوا، قابلتهم سكرتيرة تانية… مختلفة تمامًا.
كانت لابسة بلوزة ضيقة وسكيرت قصيرة، الميكب تقيل ولون الروج صارخ، وبتبصلهم من فوق لتحت بنظرة فيها استعلاء.
ـ “إحنا تبع تدريب الكلية… نروح فين لو سمحتي؟”
ردت ببرود:
ـ “آدم بيه عامل اجتماع للطلبة في القاعة الكبيرة… آخر الممر شمال.”
ليلى وضحى شكرُوها ومشيوا، .
وصلوا لقاعة الاجتماعات.
ليلى خبطت على الباب بخفة، استنّت ثواني ودخلت هي وضحى.
أول ما دخلوا…
صوت جهوري قطع الهدوء:
ـ “إنتو رايحين فين؟!”
كان آدم الشريف، صاحب الشركة.
واقف عند البورد، لابس بدلة كحلي غامقة، وقامته طويلة ووقفته واثقة.
نظراته سريعة، حادة…
ليلى اتربكت، لكنها ردت بسرعة:
ـ “إحنا تبع التدريب … آسفين إننا ماجیناش من أول يوم بسبب ظروف غصب عنّا.”
آدم بصّ عليها بثانية أطول من الطبيعي…
اتأملها من غير ما يرمش وكأن كلامها مش اللي شدّه، بل هي
اتبدلت بنظرة تانية… نظرة فيها إعجاب فجائي ونبرة تفحص شهواني خفيف ما حاولش يخبيه..
وبنبرة هادية بس فيها:
ـ “مفيش مشكلة… اتفضلوا اقعدوا.”
جلسوا، وآدم رجع يكمل شرحه عن نظام الشركة وهيكل التدريب…
لكن فجأة
موبايل ليلى رن.
القاعة كلها بصّت عليها، وملامح آدم اتشدّت:
ـ “أنا منبه… مفيش حد يدخل بموبايل مفتوح.”
ليلى احمرّت من الإحراج، بسرعة فتحت الموبايل ولما شافت الشاشة… قلبها وقع.
يحيى.
ـ “ده يحيى… وأنا منبه عليا أرد أول ما يكلمني.”
ضحى همست لها بسرعة:
ـ “اقفلي… إنتي جوّا اجتماع. خلّصي الأول وبعدين كلميه…
ليلى بتردد وبقلب بيدق من الخوف، قفلت الموبايل وحطّته في الشنطة.
مرّت ساعة… الاجتماع خلص، الطلبة ابتدوا يخرجوا.
ليلى و ضحى مشيوا برا القاعة، وأول ما فتحت ليلى الموبايل لقت ٦ مكالمات فائتة من يحيى.
اتسمرت لحظة…
وبعدين اتصلت.
ردّ في تاني رنة… صوته مشغول بالغضب:
ـ “بتردّيش ليه يا ليلى؟! وقفلتي التلفون ليه؟”
ليلى بتوتر:
ـ “والله العظيم يا يحيى مدير الشركة كان منبّه محدش يفتح موبايله… إحنا كنّا في اجتماع.”
صوته علي فجأة، غضبه واضح:
ـ “حتى لو! تستأذني وتطلعي تردي عليا برّه.
ليلى اتصدمت من حدّة نبرته:
ـ “يا يحيى… حقك عليّا. معلش… والله غصب عني.”
هو سكت ثواني… نفس تقيل على الخط.
موش باين إذا هدي… ولا لسه مولّع.
فجأة، وهي و ضحى ماشين في الكوريدور…

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية قلب لا يكترث الفصل الأول 1 بقلم هنا محمود

 

صوت رجولي وقريب جدًا جه من وراهم:
ـ “آنسة ليلى؟”
ليلى اتجمدت.
صوت آدم… واضح… وواصل لحد موبايل يحيى.
يحيى على الخط بصوت خافت بس غاضب:
ـ “مين ده؟”
آدم وقف قصادهم، ابتسامة خفيفة على وشه، ونظرة واضحة إنها ليلى اللي عايز يتكلم معاها… مش حد تاني.
ضحى أول ما فهمت إن آدم عايز يحكي مع ليلى قالت بسرعة:
ـ “أنا… هروح أجيب حاجة أشربها
ومشيت قبل ما تلاحظ نظرة ليلى المتوسّلة إنها متسيبهاش لوحدها
بس ضحى مشيت…
سابت ليلى واقفة لوحدها قدام آدم…
وموبايل يحيى لسه على ودنها… ساكت… بيسمع كل نفس بيتسحب.

 

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *