روايات

رواية اكتب حتى لا يأكلني الشيطان الفصل الاول 1 بقلم مريم الحيسي

رواية اكتب حتى لا يأكلني الشيطان الفصل الاول 1 بقلم مريم الحيسي

 

البارت الاول

 

إنها الأيام المنتظرة والأحب إلى قلبي في حياتي، الأيام التي أشعر فيها وكأن الدنيا تحولت إلى جنة، عندما أشعر بأن كل شيء في نظري مهما كان بشعًا يصبح جميلًا هذا الشهر خصوصًا في كل سنة عندما يبدأ الشتاء بدايته المهيمنة عندما يغطي بساط الثلج الأبيض على سواد الحياة ويصبح يشع بمنظر نظيف نقي صاف، عندما تتطاير حبات الثلج في الهواء كالريش وتتبعها خيوط أشعة الشمس متسللة من بين الغيوم لم يأت أي يوم من أيام هذا السنة بهذه الروعة!
ولكن الأكثر جمالًا من ذلك في هذا الشهر الذي ينافس جمال الشتاء، هو عندما تتحول المدينة والشوارع إلى عالم من الكتب وكل شيء يخص الكتب فعالية القراءة التي تجدها في كل زاوية، متاجر الكتب، المقاهي معارض الكتب، توقيعات المؤلفين لكتبهم القراء الذين يصطفون طوابير لا تنتهي من أجل الحصول على الكتب من أجل الحصول على التوقيع من الكاتب، رائحة الكتب مع رائحة القهوة مع رائحة الشتاء لا شيء يمكنه أن يكون أكثر جمالًا من جمال شهر نوفمبر إنه ‘ الشهر العالمي للكتابة والمؤلفين ‘، هذا الشهر من كل سنة تبدأ معه تحديات الكتابة ومعارض الكتب وإطلاق الكتب الجديدة وحفلات التوقيع وفعاليات دور النشر والمكتبات ومجتمع القراءة، كل شيء يصبح مثاليًا ويصبح العالم وكأنه قطعة من الجنة…..
كان اليوم هو الأول من نوفمبر استيقظت في الصباح الساعة السادسة صباحًا بنشاط أستقبل أهم شهرٍ في السنة ذهبت إلى الحمام وملأت حوض الاستحمام بماء ساخن بالطبع لأننا في فصل الشتاء انتهيت من الاستحمام وبدأت أجفف نفسي وشعري جهزت ملابسي التي سأرتديها في هذا اليوم الحافل، سرحت شعري ووضعت مكياجًا خفيفًا يناسب المكان الذي سأذهب إليه، رن هاتفي وأنا ما زلت أتألق أمام المرآة، تناولت الهاتف ورأيت أن الساعة أصبحت السابعة والنصف، كان المتصل مديرة أعمالي ‘ لانا ‘ لكي أكون صادقة اسمها أطول من عدد صفحات كتاب كلاسيكي لكن
نقوم باختصاره بـ ‘ لانا ‘.
صباح الخير.
‘ لانا ‘ بانفعال غير مبرر كالعادة:
كم عدد المرات التي يتوجب علي الاتصال بك لكي تجيبي؟؟
ما خطبك لمَ أنتِ متوترة وكأنها المرة الأولى التي سأدشن فيها كتابي الجديد؟!!
لست متوترة بشأن الرواية التي ستدشن بعد ثلاث ساعات، أنا متوترة بشأن الرواية الأخرى لقد تواصل معي المحرر الخاص بك ولا أستطيع أن أعطيهم موعدًا محددًا بشأن اجتماعك معهم هذا ليس مهنيًّا!!لابأس اهدئي الآن وأخبريني هل كل شيء جاهز هناك في منصة التوقيع؟
أجبت ببرود…..
قالت متنهدة:
أنتِ غير معقولة تمامًا!!
حسنًا سنناقش هذا الأمر عندما أراك…..
نعم هذا ما أقصده من الجيد أنكِ تفهمينني…..
قلت الأشياء التي يحبها هو وليس نحن تحت قانون ‘ من أجل مصلحتكم ‘…..
لن أذكر كل مشكلات العائلة لأن هذا ليس محور حديثنا محور حديثنا هنا هو الكتابة والكتب، كنت أنظر من نافذة السيارة وأراقب تساقط حبات الثلج التي كانت تبدو كالقطن الأبيض، في منظر منعش وجميل مع الشمس التي كانت تحاول أن تتجنب الغيوم وتخرج من خلفها لكنها تفشل، الناس في هذه المدينة مهووسون بكل شيء يتعلق بالكتب والقراءة والمكتبات والكتابة تجد متاجر الكتب في كل مكان وفي كل زاوية تجد بسطات الكتب العشوائية بمنظر جميل تسيطر على أرصفة المدينة، لم يكن معرض الكتاب بعيدًا عن منزلي لذلك مع الازدحام أخيرًا وصلت في عشرين دقيقة، أصبحت الساعة التاسعة وكان توقيعي وتدشيني للكتاب الساعة العاشرة والنصف إذًا الحمد لله ما زال هناك وقت لمحت التجمهر المعتاد على المعرض الشيء الجميل في هذه الثقافة أنها للجميع من كل جنس ومن كل مكان تجد الطفل والصغير والمراهق والشاب والعجوز تجد الرجل والمرأة، ليست حكرًا على أحد أبدًا القراءة والكتب للأبد للجميع وهذا أجمل شيء وأفضل شيء، نزلت من السيارة وقبل أن أدخل من البوابة الخاصة للمؤلفين لمحت ورقة أو إعلانًا بالأحرى معلقًا في أرجاء المدينة كتب عليه:
‘ ‘ لويس أدرين ‘ رجل في الأربعين من عمره كاتب أشهر الروايات المرعبة، ما زال مفقودًا اختفى في نوفمبر الماضي من 2023م.
حتى اليوم نوفمبر 2024م…..
أكمل عامًا بشكل رسمي رجاء أي شخص يشاهده أو لديه معلومات يقوم بالاتصال بعائلته….. ‘
هذا لم يكن الإعلان الأول ولا الأخير منذ السنوات السابقة اختفى الكثير من المؤلفين وكاتبي روايات وقصص الرعب اختفوا فحسب في ظروف غامضة هناك أقوال تقول بأن قاتلًا متسلسلًا يستهدف هذه وحتى أنه لا يترك أي جثث خلفه!
وهناك أقاويل تقول بأنه إشاعة وكذب لكن لا أحد يعرف ما خلف هذا الاختفاء الغامض لمؤلفي روايات الرعب؟؟
دخلت إلى معرض الكتاب لعام 2024م…..
استقبلتني المشاعر المريحة والهواء البارد المنعش رائحة الكتب والقهوة والأقلام رائحة محبي الكتب نعم حتى للقراء رائحة مميزة مثل المؤلفين أيضًا لهم رائحة مميزة كان شعار
معرض الكتاب هذا العام متزامنًا الكاتب ‘ ريتشارد ‘ كان من أشهر مؤلفي روايات الرعب في العالم وليس في البلد فقط، كانت تترجم رواياته بكل اللغات، وتباع بملايين النسخ، لكن في بداية هذا العام اختفى بظروف غامضة وبعدها تم إيجاد جثته في مكان ما طريقة موته كانت فظيعة حيث وجدته الشرطة كان جسده سليمًا تمامًا من التشوهات والكدمات وأي شيء لكن رأسه كان فارغًا أقصد تم إخراج مخه بطريقة أكثر ما يقال عنها ازدواجية ومميزة كان الرجل دون مخ تم تفريغ مخه بالكامل حيرت قضيته العامة والشرطة وانطلقت الأقاويل والإشاعات لم تربطها الشرطة بقضية اختفاء المؤلفين الآخرين لأنهم يختفون نهائيًا دون أي أثر أو جثث، لكن كان ‘ ريتشارد ‘ الوحيد الذي وجدوا جثته؟
لهذا خمنوا أنهما قضيتان منفصلتان بعضهما عن بعض، وبسبب المحبة الكبيرة لهذا الكاتب من العامة تم اليوم تسمية معرض الكتاب باسمه تكريمًا له…..
قبل أن أدخل أشعلت سيجارة لأن التدخين ممنوع بالداخل وبعد أن نفئت آخر قطرة بها دخلت…..
كان المعرض كالقبة الدائرية الضخمة وفي حوافها جميع دور النشر تنتشر في كل أرجاء القبة القاعات التي تقام فيها الحوارات والفعاليات والأمسيات بكل مكان، المقاهي التي تضع لنفسها مكانًا مهمًا في هذا المكان الذي يبدو وكأنه جنة، استقبلني مدير التسويق والنشر لدى الدار التي قامت بالفوز بكتابي وأعمالي وكانت دارًا لها مكانتها في البلاد وخارج البلاد بابتسامة حماس مد يده إلي مصافحًا:
أهلًا بك أستاذة ‘ ماريانا ‘ تشرفنا بحضورك هنا وتوقيع الكتاب الجديد بين أحضان دارنا…..
من الجميل أن يكون الشرف لك سيد ‘ ستيفين ‘ لأن هذا العمل تقاتل عليه الكثير من دور النشر وكنت محظوظًا جدًا بأنك فزت به…..
بعد الانتهاء من مدح نفسي والتصرف كالعادة بجنون العظمة والغرور مددت يدي له لكي أصافحه…..
بالطبع أنا أعامل كتابك كالجائزة التي فزت بها…..
قال بابتسامة مصطنعة يبدو أنه تضايق من كلماتي قليلًا فدائمًا ما أضع من حولي تحت الضغط النفسي بسبب أخلاقي الوقحة نعم أنا أملك أخلاقًا وقحة وجنون عظمة بالنفس وغرورًا غير منتهٍ ولست آسفة على ذلك، لدي موهبة خاصة وهي تنفير الناس مني بشكل استفزازي لا أعتقد أن أحدًا يتحملني سوى عائلتي، حتى أصدقاء مقربين لا أملك أبدًا، مديرات أعمالي يتغيرن سريعًا بسبب معاملتي معهن كانت ‘ لانا ‘ أكثر من صمودًا فهي ستكمل الآن سنتين وهذا إنجاز يحدث لأول مرة، دعوني أحدثكم عن نفسي قليلًا بحكم أنني في هذا المجال وأكتب من عشر سنوات تقريبًا لم تكن لدي مؤلفات ذات صيت وشهرة إلا بعد الكتاب السادس وكانت سلسلة من ثلاثة أجزاء اسم العمل ‘ ماريانا ‘ ‘ ماريانا ‘ كانت ساحرة وأكلة لحوم بشر تقوم بالتهام الرجال فقط، تستمر جرائمها البشعة ما يقارب عشرين عامًا يتم اكتشافها يقوم عائلات الضحايا بحرقها في قدر عملاق بالماء المغلي بعدها يظن العامة أنهم ارتاحوا من شرها لكنهم لا يعلمون بأنها ستعود أشد شرًا وهذه المرة تأكل الرجال والنساء وحتى الأطفال، سلسلة ما بين الرعب النفسي الدموي الذي تقشعر له الأبدان، أصبح العالم مهووسًا بهذه الأسطورة أسطورة ‘ ماريانا ‘ خلال كتابتي لهذه السلسلة كانت أشعر بتقزز لكن بعد فترة أصبحت أشعر بمشاعر جميلة مشاعر سعيدة وأنا أتخيل وأكتب هذه المناظر، تعلقت بهذه القاتلة وكانت من أحب الشخصيات إلى قلبي لذلك قمت بتسميتها باسمي نفسه كنت تارة بجنون أشعر بأنها أنا!
وتارة أقول لنفسي:
هل علي أن أزور طبيبًا نفسيًا؟؟
وفي عام 2020 قمت بإنهاء السلسلة رغم أن النهاية كانت غير مرضية لأغلب الناس لكن لم أهتم لأنني شعرت بأني إذا جعلتها تتمادى أكثر ستصبح بداخلي!
من الممكن أن تقولوا عني مجنونة لكن هذه المشاعر التي أشعر بها مع كل شخصية أختلقها، وعن مشاعر الكاتب أتحدث عندما يتقمص أدوارًا عديدة مع شخصياته التي يصنعها فهو مجبر على ذلك وإلا فلن يكون كاتبًا أبدًا…..
بعد إنهائي لسلسلة ‘ ماريانا ‘ كتبت رواية أشد رعبًا وغرابة وضربت في أرجاء العالم لم أكن أعلم في ماذا أفكر عندما كتبتها لكنني كنت مستمتعة فأنا أحب الحبكات الغريبة غير المألوفة كانت بعنوان ‘ في أحضان الوحش ‘ كانت تتحدث عن زوجة مهووسة ومحبة جدًا لزوجها الذي لم يكن إنسانًا بل كان زومبي أكل لحوم البشر، كانت الزوجة لا تؤيد هذا الشيء لكن في الوقت نفسه لا ترغب بترك زوجها لأنها ستموت من دونه مضحك وهل الحب أعمى لهذه الدرجة؟
تتحدث الرواية عن المذكرات المرعبة التي تكتبها الزوجة عن طريقة عيشها مع ذلك الوحش حيث إنها تمنعه من الخروج ليس لمصلحة الناس لا بل لمصلحته حتى لا يقوموا بالقبض عليه إذا انكشف أمره، لذلك تبدأ بجذب الناس سواء رجال أو نساء في مطعمها الصغير الذي تقوم بفتحه في منزلها بعدها تقوم باختيار الضحية وتضع له منومًا وتقوم بإنزال الضحية لزوجها الوحش لكي يلتهمه، تقول زوجة الوحش:
‘ إن المشاعر غلابة تغلب على القلب والعقل والأخلاق في آن واحد، وإن الحب يجعلك تفعل أجمل الأشياء وأسوأها مثلًا أن تأكل جثة لترضي زوجك!! ‘
الرواية كسبت الكثير من المعجبين بشكل مخيف كان الجميع مهووسين بها كانت مزعجة ومقلقة ومخيفة في أن واحد لدرجة تم سحبها من عدة مكتبات، لكن هذا لم يمنعني من أن أكتب رواية بعدها أشد غرابة ورعبًا في عام 2023 بعنوان ‘ أعزائي الموتى ‘ كانت الرواية تتحدث عن شاب يبحث عن الموت بكل الطرق حاول الانتحار عدة مرات فقط لكي يتحدث مع الموت الموت، شيئًا فشيئًا يصبح بطل الرواية مهووسًا بالجثث يقوم بسرقة الجثث أولًا والاحتفاظ بها في متحفه الخاص في المنزل فيشعر بالملل حتى يبدأ بارتكاب الجرائم حتى تكون الجثث طازجة ومنعشة!
يعيش مع الجثث ويأكل ويشرب وينام بينها هذه من الممكن أن تكون أغرب هواية في التاريخ يا رفاق أعترف أن شخصياتي في الروايات يملكون هوايات غريبة ومرعبة مثلي تمامًا تفاصيل كثيرة مرعبة وغريبة تحملها أسطر هذه الرواية التي لم تكن أقل صيتًا من الأخرى، شعرت بأنني في هذا العام يجب أن أنقذ نفسي وأن أكتب عن شيء آخر حتى لا أتحول إلى أكلة لحوم جثث!
لذلك كانت هذه الرواية التي سأدشنها اليوم وأقوم بتوقيعها وأطلقها للعالم الأحب إلى قلبي، كانت الرواية بعنوان ‘ واشتعل الرأس رعبًا ‘ تتحدث روايتي الجديدة عن أشد الأهوال رعبًا والرعب لا يأتي لا من الأشباح ولا الجن ولا من الشياطين ولا من الوحوش الرعب الذي يأتي من النفس البشرية تتحدث الرواية عن الشخصية الرئيسة أخصائية نفسية تعمل في مصحة نفسية في سجن يحتوي على أكثر أشخاص مرعبين في الحياة!
من القتلة المتسلسلين إلى عصابات تجار البشر إلى القاتلين الذين يقتلون بشكل جماعي وغيرهم!
تحاول الشخصية الرئيسة الأخصائية النفسية التي تدعى ‘ مارا ‘ أن تقوم بتأليف كتاب يتحدث عن تجاربها عندما تحاول أن تدخل في عقول هؤلاء الوحوش، لكن يحدث شيء لم يكن بالحسبان وهو عندما يدخل قاتل متسلسل إلى السجن حيث يظن الجميع أنه مجرد قاتل لكنه يكون أكثر من ذلك ويكون مشعوذًا وساحرًا!
حيث ينجح في التلاعب بعقول الجميع بعد أن يتحول السجن إلى مذبحة ومجزرة حيث يحبس ذلك المشعوذ جميع الموظفين في السجن والسجناء ويحاولون الصراع من أجل النجاة من هجماته المرعبة والهلاوس التي يجعلهم يعيشون بها، والنجاة من هجمات المساجين المتوحشين أيضًا رواية تحمل بين طياتها الكثير من الرعب والخوف والألم والقسوة والعنف، كان جميع القراء كالعادة متحمسين لهذه الرواية التي ضربت قبل انطلاقها، وصلت أخيرًا إلى مديرة أعمالي ‘ لانا ‘ كانت ‘ لانا ‘ فتاة جميلة متحمسة لديها شغفها الخاص بعملها ولطيفة ومتواضعة رأيتها تقف في منصة توقيعي وهي تجهز الكتب مع المنظر ومنصة التوقيع والكثير من الزهور والهدايا، ما أن رأتني ابتسمت واستقبلتني بحرارة:
أخيرًا أين كنتِ لقد تأخرتِ؟؟
تناولت القهوة من يدها:
شكرًا لك على القهوة حدثت أشياء كثيرة سببت تأخري منها أنني التقيت بتلك الكاتبة التي قررت فجأة أن تهديني جميع مؤلفاتها دفعة واحدة لكي أروج لها دون أن أعرف ما هو محتواها!!
هذا هو نظام هذه الأيام الترويج والتسويق للكتاب أكثر من الاهتمام بمحتوى الكتاب وما بداخله…..
فعلًا ومن يهتم هذه الأيام بالمحتوى؟
فكل ما يهمهم هو الشهرة إذا كان الكاتب المفضل لديهم يملك معجبات كثيرات فهذا يعني أنه حتى لو طبع كتابًا جميع صفحاته بيضاء سيقومون بشرائه!
‘ لانا ‘ ضاحكة:
معك حق أرى أنك هذه الأيام تقومين بتوزيع الحكم والمواعظ!
لماذا؟
أنا أيضًا كاتبة يحق لي قول الحكم والمواعظ أو أنه غير مسموح لي لأنني أكتب عن الجثث؟؟
ضحكت ‘ لانا ‘ بقوة:
حقًا أنتِ تقومين بإضحاكي بين الحين والآخر والآن لقد اقتربت لحظة التوقيع تبقى فقط ثماني دقائق انظري إلى هذه الطوابير الطويلة من أجلك كالعادة الجميع متحمسون لعالم ‘ اشتعل الرأس رعباً ‘.
ثم استرسلت ‘ لانا ‘ في حديثها وهي تعكس حاجبيها:
لكن أين نسختي الخاصة؟؟
قمت باخراج نسختها الخاصة من الرواية فتحت الكتاب وقمت بالتوقيع لها وكانت كالعادة أول شخص يحصل على نسخة موقعة حتى قبل عائلتي التي لا تهتم حتى….
تفضلي….
ناولتها نسختها الموقعة بعدها تم فتح سير الصفوف التي كانت منتظرة بحماس لكي تأخذ الرواية مع توقيعي، وقعت لحوالي العشرين شخصًا التقاط الصور معهم والحديث والأسئلة والهدايا المتبادلة والنصائح أنا حقًا أحب هذه اللحظات والذكريات الجميلة التي أصنعها في كل حفلة توقيع حتى وصلت إلى العدد أو الشخص تقريبًا الخامس والعشرين وضع إصداراتي أمامي بقوة على الطاولة مما أدى إلى إثارة استغرابي، ظننت أنه أخطأ أو أنه لم يقصد لكن عندما نظرت إليه مباشرة كان شابًا شاحب الملامح بعينين غائرتين للداخل وهالات سوداء وشعر مبعثر وجسم نحيل وملابس متسخة لم أستغرب فقط أنا مظهره بل جميع الحاضرين استغربوا أيضًا لذلك قررت أن أتجاهل الأمر وأقوم بالتوقيع له، أمسكت الكتاب الأول بابتسامة مجاملة وأنا أسأله:
ما هو كتابك المفضل؟؟
لم اجد أي إجابة منه…..
بعدها تناولت الكتاب الثاني قائلة:
أوقع باسم من؟؟
ألا ترغب بشراء الرواية الجديدة؟
ما رأيك إذا كنت لا تستطيع أن تدفع ثمنها لا بأس سأهديك نسخة لأنه من الواضح أنك من قرائي القدماء وتستحق الهدايا…..
أرغب بالتخلص منه…..
قال الشاب بصوت يرتعش هذه الكلمات نظرت إليه:
ماذا؟
عفوًا لم أسمعك ما الذي قلته؟؟
ضرب على الطاولة بقوة وهو يردد بصوت عالٍ ويصرخ في وجهي:
أرغب بالتخلص منه ذلك الشيطان إنه لا يتركني إنه في رأسي في أذني في منامي وفي كوابيسي إنه معي بكل مكان مثل ظلي إنه يراقبني ويقوم بمراقبتك أيضًا أنتِ السبب أنتِ من صنعه!
تجمهر الناس حول هذا الرجل المجنون قاموا باستدعاء الأمن وهم يسحبونه ما زال يصرخ وينظر إلي بهذه الكلمات:
‘ ماريانا ‘ اكتبي عنه إنه يريدك أن تكتبي عنه وإلا فسيقوم بقطع أصابعك ورميها للكلاب!
شعرت بالخوف والذعر والتوتر رغم الكثير المهووسين بي وبأعمالي إلا أنهم لم يتصرفوا بجنون مرعب هكذا كانت هذه المرة الأولى التي يحدث معي حادث مثل هذا؟
لكن قررت أن أقاوم وأمثل أنني لست خائفة وهل الكاتبة التي تخلق وتصنع عوالم وشخصيات ووحوشًا مرعبة وسوداوية وقاسية تخاف من هذا المشهد البسيط؟؟
أكملت التوقيع بابتسامة بشوش قامت الصحافة بتصوير كل شيء وكنت أعلم بأنه سيصل إلى أبي سريعًا بالطبع وسيقوم بخلق مشكلة معي كالعادة، في الحقيقة ليس خوفًا عليّ لكنه دائمًا ما يفضل أن يحافظ على سمعته ومكانته المرموقة والمهمة في المجتمع، انتهيت من أغرب حفل توقيع وبعدها توجهت إلى قاعات الحوارات كان لدي جلسة حوار وأسئلة وأجوبة مع قرائي لكن قبل ذلك ذهبت أنا و ‘ لانا ‘ لأخذ استراحة الغداء…..
هل أنتِ بخير؟؟
سألت ‘ لانا ‘:
نعم لا تقلقى أنا بخير.
يبدو أنه شاب مدمن ومهلوس لا يوجد أحد طبيعي يمكنه أن يتحدث بهذا الشكل الجنوني!
بالضبط، والآن أحضري لي شيئًا خفيفًا لأتناوله لدي بعدها جلسة حوار دسمة…..
حسن.
انتهيت من طعام الغداء رأيت العديد من الاتصالات من أمي وأخي أعلم بأنهما قلقان علي بالتأكيد الآن في هذه الدقائق انتشر المقطع كانتشار النار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنني وكالعادة تصرفت معهما بجفاف ولم أرد عليهما!
دخلت قاعة الحوار كانت مليئة بالكثير من القراء والناس المهمين والمؤلفين أيضًا، قاموا بي والتصفيق الحار لي الفلاشات من الهواتف والكاميرات تغزو عيني لكنني أصبحت معتادة على ذلك، جلست في المكان المخصص لي والتقطت الميكروفون خاصتي:
مرحبًا بالجميع أنا الكاتبة ‘ ماريانا ‘ شكرًا لحضوركم اليوم ودائمًا لدعمي في تدشين روايتي الحادية عشرة في مسيرتي أنا ممتنة جدًا لهذه الموهبة التي أملكها وممتنة لكم جميعًا لأنكم تقومون بتقديرها وأتمنى أن تعطوا الكثير من الحب لعملي ‘ واشتعل الرأس رعبًا ‘.
قاموا بالتصفيق مرة أخرى بحرارة لي، ثم قال المقدم:
والآن سنبدأ نستقبل الأسئلة من الحضور تفضل أول شخص لدينا ليسأل.
القارئ الأول:
مرحبًا أستاذة ‘ ماريانا ‘…..
قاطعته:
يمكنكم أن تنادوني ‘ بماريانا ‘ فقط.
أكمل مبتسمًا:
شكرًا…..
حسن أنا لدي سؤال عن سلسلة روايات ‘ ماريانا ‘ لأنك بعد انتهائها لم تصرحي لنا عن السبب في إنهائها فجأة رغم أنك صرحت سابقًا بأن السلسلة ستمتد إلى خمسة أجزاء لكنك أنهيتها في الثالث فقط؟
أمم…..
حسنًا نعم هذا السؤال داهمني كثيرًا حتى في المنام!
ضحك الجميع بضحكة خفيفة، ثم استرسلت في حديثي:
صراحة هناك أسباب كثيرة قادتني إلى النهاية بسرعة أولها تعبت نفسيًا كثيرًا وأنا أكتب هذه السلسلة لذلك شعرت بأن صحتي النفسية أهم، ثانيًا خشيت أني لم أعد أستطيع السيطرة عليها خشيت من شدة واقعيتها أن تتحول فعلًا إلى واقع وتخرج إلى عالمنا…..
ضحك الجميع وهم يظنون أنني أضيف حس الفكاهة لكن هذه حقيقة أحيانًا أخاف من الشر الذي أصنعه في كتبي وأخاف كثيرًا أن يخرج إلى عالمنا الذي لا يقل شرًا عن عوالم الروايات.
حسنًا سنأخذ السؤال الثاني من هذه الشابة تفضلي:
أهلًا ‘ ماريانا ‘ أنا من أشد المعجبين لديك تقريبًا أقرأ لك من سبع سنوات!
لذلك أنا سعيدة اليوم لأنني هنا لدي سؤال بسيط ما الشيء أو الأشياء التي تلهمك لتكتبي بهذه الطريقة الجميلة والبشعة في آن واحد؟
بالتأكيد أنتِ تفهمين ماذا أقصد بالبشاعة؟
قلت ضاحكة:
بالطبع أفهم تقصدين العوالم التي أصنعها ببشاعتها وقسوتها وعنفها حسنًا الأشياء التي تلهمني الكثير منها مشاهدة الأفلام، مشاهدة الأفلام والمسلسلات الوثائقية تساعدني أن أجعل كتاباتي وكأنها واقعية خصوصًا تصنيف الجرائم والقتلة وما إلى ذلك، وأهم إلهام في الحياة القراءة قراءة الكتب هي إلهام للعيش وليس فقط للكتابة صدقوني لا تثقوا فـ كاتب لا يقرأ لا تثقوا به أبدًا…..
حسنًا السؤال الثالث من هذا الشاب تفضل:
ماذا ستكون ردة فعلك إذا خرجت شخصية من شخصيات أعمالك إلى الواقع في يوم ما؟؟
أطلق جميع الحضور ضحكة مدوية على سؤال هذا الشاب المتحمس:
أمم…..
حسنًا سيكون الأمر مرعبًا لأنه للأسف جميع شخصياتي التي صنعتها لا أظن أن أحدًا متحمس لمقابلتها على أرض الواقع بمن فيهم أنا…..
بعد أن انتهى الجميع من الضحك للمرة الثانية حسنًا لنقم بأخذ آخر سؤال لليوم وهو من هذا الصحفي:
لم يعجبنى الأمر عندما قام باختيار صحفى لسؤالي لأنني أكره الصحافة كثيرًا وأسئلتهم الغبية وأسلوبهم التافه:
مرحبًا أستاذة ‘ ماريانا ‘ أنا الصحفي البر…..
هات ما عندك فحسب لا أحد يهتم…..
لم أجعله ينطق اسمه ضحك الحضور وشعر بالحرج لكنه
استمر.
سؤالي هو:
الكثير من حالات الاختفاء تحدث للمؤلفين على مدار السنوات الأخيرة ماذا سيكون تعليقك ألست خائفة؟
استغرب الحضور واستنكروا سؤاله الذي ليس له أي معنى ولا علاقة بالمحتوى هنا…..
لماذا؟
هل ترغب بالتخلص مني؟
قلت بثقة وسخرية حتى ضحك الحضور بقوة…..
رد وهو يحاول أن يخفي توتره:
أبدًا آنسة ‘ ماريانا ‘ لكن رأينا اليوم ما حدث معك في لحظات التوقيع وذلك الشاب هل تعرفينه؟؟
لا أعرفه أبدًا ويبدو أن ذلك الشاب مهووس بي كغيره ومثلك أيضًا…..
لذلك لنقم بإنهاء الجلسة هنا شكرًا للجميع وأعدكم بأننا سنلتقي قريبًا وأتمنى لكم قراءة ممتعة.
صفق الحضور لي وانطلقت الفلاشات كالعادة ولكن بسبب الإضاءة الخافتة في القاعة ومع الفلاشات القوية لمحت شخصًا يقف في نهاية القاعة ما لفت نظري وجهه كان وجهه ليس طبيعيًا أو كان يلبس قناعًا؟
لا أعرف حقًا لكنه من وسط الظلام والفلاشات كان ينظر الىّ بشكل مباشر ونظراته مرعبة شعرت بالألم في عيني من الفلاشات وشعرت بدوران خفيف أغلقت عيني وفتحتها وكان قد اختفى هل كنت أتخيل أو أتوهم؟؟

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية المخادعة و المغرور الفصل الاول 1 بقلم منى عبد العزيز

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *