رواية اجنبي مغرم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الهام رأفت - The Last Line
روايات

رواية اجنبي مغرم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الهام رأفت

رواية اجنبي مغرم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الهام رأفت

 

البارت السابع والعشرون

 

 

في ورشة حُسين، جلست أمامها وبين اللحظةِ والأخرى تلقي عليه نظرة غيظ، ناهيك من تأففها وضجرها من ذا الوضع بينهما. وما رسمه من غرامٍ سحيق سينعما به ضاع هباءً. فأدرك حسين طلعتها المتذمرة وهو بالداخل يتابع ما يفعله الصبية من مهام، ثم تحرّك نحوها مزيفًا بسمة ودّية، جلس على الكرسي أمامها ولاطفها حين قال:
-هتفضلي مكشرة كده، كان حصل أيه يعني!
ثم غمز لها في مرح أن تتناسى، فزفرت ورد منزعجة من سماجته وهتفت:
-فرقت أيه ما كنت قاعدة عند بابا، على الأقل هكون مرتاحة وآخد راحتي بدل ما أنا متراقبة كده
ضغط على أسفل ذقنها في لطف وقال مستنكرًا:
-على الأقل هتكوني جنبي، مش كفاية تشوفيني قدامك.
أدارت وجهها لتخفي بسمتها الخجلة، فابتسم قائلًا:
-ولا تزعلي، أنا الأسبوع ده هكون خلصت الشقة، ولو فيه حاجة ناقصة نكملها بعدين.
بدا على وجهها القبول والراحة، فجعلها تنهض معه وهو يهتف شغوفًا:
-تعالي بقى أفرجك على العربية الجديدة.
تفاجأت ورد ولاح عليها العجب، وعندما وقف بها عند السيارة شرعت في تأمُلها وألف سؤال يسبح بعقلها، ومن شدة فضولها سألته:
-جبتها إزاي؟!
تنهد في غبطة وهو يجيب:
-أول ما قبضت روحت غيّرت العربية.
تبدلت ملامحها للجمود فهذا يعني استمرار عمله بالشركة، فلاحظ حسين ردة فعلها ولم يفهم ما بها حتى سألها:
-مالك، مش مبسوطة بالعربية؟!
أظهرت ورد جُل سأمها وهي تعلق:
-على أساس اتفقنا نبعد عنهم، ليه بقى حضرتك مسبتش الشغل.
وقف قبالتها معترضًا على ضيقها:
-دا شغل يا ورد، ملوش علاقة بحد، دا تعبي وشغلي، لو كان على الشقة فأنا سبتها زي ما وعدتك.
تملك منها الزهو وقد استبشعت فعلته:
-الناس دي مش عاوزة حاجة تربطنا بيهم، إنت طلعت أناني يا حسين.
كلح من وصفها له وازدادت نظراته نحوها سخطًا، هتف منفعلًا:
-ورد الشغل ملوش دعوة، أنا مش مصاحبهم، أنا بقدملهم خدماتي وأفكاري اللي بدّخلهم ملايين، واللي باخده دا حقي وبس.
اغتمت من ذا الشجار معه وأيقنت خسارتها له إذا تمادت في تبكيته فمحبته الكاملة لم تضمنها بعد، فارتضت مرغمة وقالت:
-طيب اللي تشوفه يا حسين
امتصت غضبه بكلامها، فقد أحست بضعفها أمامه خوفًا من فقدانه، فنفخ حسين بقوة ليهدأ، فأسرعت لتغيير الموضوع:
-أنا وعمتي اتفقنا نعملك كل الأكل اللي بتحبه، متبقاش تتأخر
لم يُرِد حسين مضايقتها بكلامه القاسي والمحتد، فبدّل نبرته للين قائلًا:
-أنا مش عاوزك تزعلي علشان انفعلت عليكِ، أنا كنت بوضحلك بس.
ضمرت ما بها من ضيق وحَرد فليكفي ما مرت به، قالت:
-خلاص اللي شايفه صح أعمله.
لفت انتباههما سيارة تتقدم منهما ومألوفة لهما، فأمعن حسين النظر ثم ابتسم عفويًا ناحيتها، قال:
-أدريان وشهد رجعوا!
وقفت السيارة بالقرب فدنا حسين منها ومن جانبه ورد، وفي ود تساءل حسين:
-طمنونا عملتوا أيه؟!
فرحة شهد أبانت كل شيء ولذلك أجابت متهللة:
-الحمد لله بتحسن عن الأول، كلها بس شوية وقت
شاطرت ورد أختها فرحتها وهتفت:
-الحمد لله، إمتى بقى ترجعي زي الأول!
تدخل نوح معلقًا في حنقٍ مزيف:
-أجل سوف تعود مثل الأول حين تضايقني بأفعالها
نظرت له شهد شزرًا وهتفت:
-كنت بعملك أيه يعني، متنشف كده
ضحك حسين وصاح محتجًا:
-ملكش حق يا أدريان، شهد دي ملاك، الملكة بتاعتنا
حملت ورد بعد الغِيرة من رده فهي زوجته ولم يمدحها هكذا أمام أحد، ثم انتبهت له يخاطبها فيما معناه:
-ورد هتروحي معاهم، عندي مشوار كده اللي قولتلك عليه ومش هتأخر، وكمان تكوني رجعتي إنتِ وماما
كما هي ضغطت على نفسها لتصمت من الجدال معه وارتضت بكلامه حين ركبت السيارة بالخلف، فأعاد نوح تشغيل السيارة متهيئًا للمغادرة، فخاطبهم حسين مبتسمًا:
-أشوفكم بليل!
انطلق نوح تحت نظراته، وما أن ابتعدوا قليلًا حتى سألت شهد أختها متلهفة وهي تميل للنظر إليها:
-ورد مالك، حساكِ متضايقة، فيه حاجة حصلت بينك وبين حسين؟!
تنحنحت لتجيب في حذر:
-أصله رايح لـ ديما المستشفى، ما قولتلك عاملة حادثة إمبارح وفاقت النهارده.
صاحت شهد ممتعضة ومنكرة:
-مش قولتلك أنا امنعيه، يعني أيه يروح عند ناس إنتِ نفسك استغنيتِ عنهم.
ودت لو أخبرتها ورد بعجزها في ردعه، لكن تصنّعت اللا مبالاة:
-مافيهاش حاجة يا شهد، ما هي وقفت جنبه برضه.
استخفت شهد بشخصية أختها الضعيفة وتوقفت عن سؤالها فربما محرجة من زوجها، فتأففت في خفوت وسألتها:
-هتروحي إمتى مع عمتك…………!!

*******
تجمّعت أسرتها حولها مهتمة بأمرها، خاصةً نظرات القلق البادية على أعين والديها، استجمعت ديما فكرها لتتذكر ما حدث وتقطّب وجهها فجأة، ثم انتبهت لوالدها يخاطبها في حنوِ:
-سلامتك يا ديما، ربنا حماكِ يا بنتي وسترها معاكِ!
رأت في طلعته وحديثه إليها رخاوة افتقدتها منه منذ كانت صغيرة، فلطالما يظهر قساوة رده وأمره في معاملتها، ورغم ذلك لم تبغضه قط فهو والدها مهما فعل، فابتسمت له ردًا عليه. بينما خلًفته والدتها السيدة راقية في الاطمئنان:
-حاسة بحاجة بتوجعك يا حبيبتي؟!
ذاك السؤال جعلها تنتبه لوضعها، ولهذه الضمادات حول كتفها وذراعها، كذلك ساقها الذي بدأ يؤلمها، ابتأست ديما وشعرت الأسى، فمن تحب هو من فعلها، وحين تعالت أنفاسها حزنًا على وضعها خاطبها والدها مستاءً:
-مش عاوزك تشيلي هم يا حبيبتي، اللي عمل كده مش هيكفيني موته
نظرت له لا تريد الأذية، فأسرعت تحتج:
-دي حادثة عادية مش مقصودة.
ثارت شرين ولم تتحمل الصمت بسبب أختها الغبية والساذجة، فهتفت تستنكر:
-مقصودة، الفرامل مش في العربية، دا معناه أيه؟!
أيّد هشام حديث زوجته قائلًا:
-دا مش معناه غير كده، كمان فيه كاميرا لأوتيل على الطريق جايبة عربية كانت ماشية وراكِ وبتحاول تقرب منك بطريقة مريبة
ابتلعت ديما ريقها كمدة، وودت أن تنهي الأمر دون أن يُذكر اسمه، فنظرت لأختها كتنبيه بعدم قول شيء، فرمقتها الأخيرة في غيظ من رعونتها فإلى ذلك المدى تحبه، ولتجعلها تستيقظ من وهمها هتفت:
-الحمد لله ربنا نجاكِ، كان زمانك ميتة بسبب الحقير اللي عملها.
كأنها لم تتحدث قط في ذم الآخر، وظلت على وضعها ترفض اتهام أحد، وبنبرة ذات مغزى علقت ديما وهي توجه الحديث لعمها ثم البقية:
-شكرًا يا عمي على اهتمامك ووجودك، وإنتوا كلكم
رد السيد طاهر في ود:
-متقوليش كده يا ديما، إنتِ بنتي وزيك زي هشام وسيف وفؤاد.
أدركت شيرين تلميحها، فمن فعلها ابن عمهما وأخ لزوجها ثم سكتت مجبرة، رغم ترددها فهذه جريمة بشعة لا تستدعي الإنكار. فهتف السيد فاروق متشددًا:
-بلاش نزعجها بالكلام ده، واللي عمل كده هنفضل وراه لحد ما نعرف تبع مين وليه يعمل كده.
أغمضت ديما عينيها مغتمة، فخاطبها السيد فاروق في لطف:
-حمزة خطيبك جه يطمن عليكِ، كنتِ لسه في غيبوبة، هبقى أبلغه إنك فوقتي علشان كان قلقان قوي.
زادها والدها بؤسًا فجميع ما تتمناه لا تلقاه، فقالت متعبة:
-أهم شيء أخف، أنا مش هستحمل اللي أنا فيه ده كتير
جاء اتصال للسيد طاهر فأجاب سريعًا لأهميته، وما هي سوى لحظات من استقباله للمعلومات الهامة من الطرف الآخر حتى هتف مبتهجًا:
-مسكوا الراجل بالعربية اللي كانت ماشية وراها…………!!
1
******
عاونتها في وضع تلك الوجبات الصغيرة في حقيبة كبيرة نسبيًا لتوزعها السيدة على المحتاجين في عادة دائمة تقوم بها عند زيارة قبر زوجها. حين انتهين تفاجأت ورد بعمتها تخبرها في جد:
-إنتِ مش هتيجي معايا!
اعترضت ورد وهي توضح:
-حسين عارف إني جاية معاكِ، ليه بقى يا عمتي مش عاوزاني
أشارت لها السيدة بمعاونتها على وضع الحقيبة جانبًا، وحين فعلت ورد قالت السيدة زبيدة متضايقة:
-اللي هتعمليه وحسين مش هنا، إنك هتاخدي حاجتك وتروحي لبيت أبوكِ، أنا عارفة وجودك هنا ليه، بس مش موافقة على جوازكم
تعلّقت ورد بذراعها وهي تستجديها في رجاء:
-ليه بس يا عمتي، أنا بحب حسين، وهو كمان
حركت السيدة رأسها بمعنى عدم الاقتناع، هتفت:
-مش بيحبك، دا ابني وعارفاه، هو محبش غير منى مراته.
-أنـا بس اللي مـراته!!
صرخت ورد بذلك تعليقًا على كلامها، وأكملت بنفس غضبها:
-دي واحدة خاينة، ليه تفضليها عليا، وأنا بحبه ومستعدة أعمل علشانه أي حاجة.
حاوطت السيدة زبيدة وجهها بكفيها ومن نظراتها نحوها أوضحت نيتها الصافية وهي تخاطبها:
-هو مش هيستحمل يكون معاكِ لأن قلبه لسه مع غيرك، وإنتِ كمان، محتاجة تشوفي حياتك مع مامتك وأكيد مش هتستحملي، يعني جوازة فاشلة
ليس بعد كل ما صار وما واجهته لتكون هذه النهاية، فاحتدت نظرات ورد وهي تعترض على كلامها:
-لأ مش هسيب حسين، إحنا لبعض مهما حصل
تبدلت تعابير السيدة للحنق المستطير، واستعملت الشدة وهي تأمرها:
-هتمشي يا ورد، عاوزة أرجع ملاقيش حاجة ليكِ هنا
ثم توجهت السيدة لتحمل حقيبة يدها متهيئة للرحيل وإنهاء النقاش، فنظرت لها ورد في خيبة أمل، حزينة على استمرار ضغينتها نحوها وعدم قبولها، ورغم تحكم السيدة اعتزمت عدم الطاعة فهي لن تتنازل ولن ترضخ مطلقًا. وأثناء سير السيدة انتبهت لها تأمرتها في حزم:
-يلا هاتي الشنطة وتعالي نزليهالي………….!!
1
******
بكل سرية وصلت لذاك المكان، ثم مرت بالسيارة من بوابة الفيلا الصغيرة نسبيًا، وحين لمحها أحد الرجال أسرع نحوها ليكشف عن هويتها، فأنزلت ليلة قلنسوة الجاكيت لتظهر هويتها له، وحين تعرّف الآخر عليها رحّب بها وعاونها على صف السيارة.
حين دخلت ليلة من الباب وجدت أمامها أندرو ومعه مارك في البهو يتحدثان. لم يتوانا الاثنان في استقبالها، وجاء التذمر من أندرو حين هتف:
-Has anyone seen you? Maybe Mr. Suleiman is watching you.
-هل رآكِ أحد؟، ربما يراقبك السيد سليمان.
توجهت ليلة لتجلس على الأريكة وهي تطمئنهما:
-Don’t worry, no one saw me. I’m not that stupid.
-لا تقلقا لم يراني أحد، لست غبية لتلك الدرجة.
جلس أندرو مقابلها وقال متخوفًا من أجلها:
-I fear for you from the harm of the master, if he finds out about…
-أخشى عليك من ضرر السيد، فإن علم بـ..
-My grandfather knows everything.
-جدي يعلم بكل شيء.
قاطعته لتخبره بتلك النكبة التي صدمته وعكرت صفو يومه، فتدخل مارك قلقًا:
-Are you sure?, the Master really wouldn’t let it go that easily.
-هل أنتِ متأكدة؟، فإن علم السيد حقًا لن يمرر الأمر بتلك السهولة.
قالت في لا مبالاة:
-He won’t do anything harmful to me, he’s my grandfather, maybe he’s using me for something else I don’t know what yet.
-لن يفعل لي شيء ضار، هو جدي، ربما يستخدمني في شيء آخر لا أعرف ما هو حتى الآن.
سألها أندرو مترقبًا:
-How did you know that?
-وكيف علمتِ بذلك!
تنهدت وقالت مزعوجة:
-Stupid Sandra did it, damn her, she thought I was naive telling me she was still loyal
-الغبية ساندرا هي من فعلتها، عليها اللعنة، اعتقدت بأني ساذجة وهي تخبرني باستمرار ولائها
فكر أندرو في الوضع وقال متعقّلًا:
-This means that being with him is not good, you should leave the place.
-هذا يعني أن وجودك معه ليس جيدًا، يجب عليكِ ترك المكان.
-And Elaine, will I leave her!
-وإلين، هل سأتركها!
لم تكن تسأله بل تستنكر ما تفوّه به. نهضت وهي تتحرك موضعها كأنها تفكر في خطة ما، هتفت في تيه:
-My grandfather must know that Hamza is working with Alfredo.
-يجب أن يعرف جدي بأن حمزة يعمل مع ألفريدو
انتفض أندرو غير مصدقٍ ذلك ثم نهض ليسألها مهتمًا:
-How do you know that?
-ومن أين تعرفي بذلك؟!
احتفظت ليلة بطريقة معرفتها فقد توترت وخشيت أن يعلم بقُربها من حمزة في بعض الأحيان دون علم أخيها، ثم أجابت حذرة:
-I’ve seen them together more than once, and I’m sure they have common interests.
-رأيتهم أكثر من مرة معًا، ومتأكدة أن هناك مصالح مشتركة بينهما.
1
شرد أندرو في ذلك فإن كانت كذلك فـ حمزة في ورطة مع السيد سليمان، والغريب تأكيد مارك على كلامها:
-I’m sure of it too, I had my doubts before, but Lady Laila’s talk confirmed it.
-أنا أيضًا متأكد من ذلك، كنت أشك من قبل، لكن حديث سيدة ليلة أكد الأمر.
تحمّست ليلة في الانتقام من ذا الحقير فقد دمّر علاقتها بجدّهـا، وانتوت بطريقة غير مباشرة أن تعطيهم الأدلة التي بحوزتها، ثم انتبهت لـ أندرو يتحدث شغوفًا:
-I must tell Ghost this, or Mr. Suleiman’s knowledge will turn against him.
-يجب أن أخبر غوست بذلك، فإن علم السيد سليمان سوف ينقلب ضده
لم تجد ليلة أهم من وضعها الحالي، فأسرعت تقول مختنقة:
-The most important thing is to find a safe way to take Ellen, even if we stay in the Sun shadow.
-الأهم أن نجد طريقة محكمة لأخذ إلين، حتى وإن بقينا في ظل الشمس………..!!
******
تأمّلت الورود الجميلة بجوارها في إعجاب والبسمة لم تفارق وجهها، ثم نظرت له ممتنة لذوقه واهتمامه بأمرها، وخاطبته في ود:
-شكرًا يا حسين على زيارتك، متعرفش مبسوطة قد أيه
استنكر ألا يفعلها قائلًا:
-معقول أعرف باللي حصلك ومجيش أشوفك وأطمن عليكِ
تمنّت ديما لو فعلها الآخر، وأيقنت أنها غبية في حُب شخص مثله. لمح حسين طلعتها الحزينة فسألها مترددًا:
-متعرفيش مين عملها؟!
يسألها وبداخله الإجابة، لكنه أراد معرفة ردها ووجهة نظرها عما حدث، فحاذرت ديما في ردودها خوفًا من استماع أحد لها وقالت:
-يعني مش عارف!
جاء حسين لينهره على فعلته الشنيعة في انتقامه الضاري ذاك لكن أسرعت لتكمل:
-حسين مش عاوزة كلام في الموضوع ده، الأهم تخلي بالك من نفسك
احترم حسين رغبتها ولم يخُض كثيرًا في الأمر وأجاب في اقتضاب:
-الأعمار بيد الله!
اكتراب ديما نابع من محبة الآخر لفتاة غيرها، والأبشع أنها زوجة من يجلس أمامها، فضمرت مشاعر الغضب بداخلها، ولم تتحدث في الأمر، ثم زيفت بسمة وهي تخاطبه:
-أنا كنت كلمتهم في الشركة يصرفولك مكافأة، أخدتها؟!
ابتسم في إفضال من اهتمامها به وأكد:
-أخدتها!
كم رغبت ديما سابقًا أن ينعم هذا الشاب بما هو أفضل، فطلعته الحسنة دائمًا ما تجذبها، بالأخص احترامه المبالغ، وأنه لو بغير وضع لكانت ارتبطت به أفضل، ثم تذكرت أمر زواجه فسألته في ود:
-شكلك بيقول إنك راضي بجوازك من ورد.
لم يخفِ حسين فرحته من حلاوة ما وجده في زواجه حتى اللحظة وقال:
-ربنا بيحبني، علشان كده عوضني بـ ورد
أغمضت عينيها لوهلة فشغفها في الحصول على علاقة جيدة ومتبادلة يبدو أنها لن تنعم بها، فأدرك حسين تعبها ولم يطيل البقاء حتى قال:
-هسيبك بقى ترتاحي، وهبقى آجي تاني تكوني بقيتِ أحسن.
أرادت البقاء بمفردها لذلك لم تتمسك ببقائه فحالتها أضحت أسوأ، فاستأذن حسين بالرحيل وبداخله انزعاج كبير مما حدث لها، وظل طيلة فترة سيره يلعن في ذاك سيف وتجبُره في الانتقام حتى من أقرب الناس إليه.
وهو في الممر الطويل وجده حسين يتقدم من بعيد، ومن البائن حضوره لرؤيتها، فامتلأت نظراته بالغل وطلعته بالكَرَاهة من رؤيته، الأمر لم يختلف كثيرًا عن سيف الذي أظهر ضغينته وأفعم قلبه بالحقد تجاهه، ثم في ثقة وقف أمامه رغم تغابي حسين عن عدم الحديث معه، لكن سيف أصرّ، وببسمة حانقة خاطبه:
-كويس إني شوفتك، لأن عاوزك في موضوع مهم.
صمت حسين ولم يجد أهمية لحديث بينهما، فأكمل سيف في جد:
-هشوفك في الشركة ونتكلم، الوقت مش مناسب هنا
-مافيش كلام بيني وبينك!
رد حسين عليه مُنقبضًا من التعامل معه، فتشدد سيف قائلًا:
-لا الموضوع مهم وهتسمعه.
حرون حسين تجاهه جعله يرفض حتى رؤيته، فحقارته مثبتة فيما فعله مع ديما، فقال مشمئزًا:
-لو مفكر هترجع تأذيني فأنا عليا وعلى أعدائي، وأنا وقت الجد ممكن استغنى عن أي حاجة حتى عمري
نظر له سيف لبعض الوقت، وظن أنه يرتاب في أمره بخصوص ديما، لم يبرر له فهو لم يفعلها، ووجد انتقامه الحقيقي بالمعلومات الصادمة التي سيعلنها له، وحين تركه حسين ابتسم في غضب وتوجه لغرفة الأخيرة. التي ما أن رأته أحست بمشاعر متضاربة، ولأنه نافرًا منها كعادته تيقنت من تشفيه في وضعها. فاقترب سيف منها وهو يحمل باقة من الزهور الجميلة وراسمًا بسمة ودودة، قال:
-حمد الله على السلامة، تعيشي وتاخدي غيرها.
جاء ليضع الباقة بجوارها فلمح ورود تأكد بأنها للآخر، وفي غلظة أزاحها سيف في إهماله ليضع ما يخصه هو، امتعضت ديما من أسلوبه وهتفت:
-بدل ما إنت جاي تشمت فيا أشكرني إني مقولتش عليك
جلس في ثقة بجوارها وقال منكرًا:
-لتكوني مفكرة إني أنا اللي عملت كده، لا فوقي
صاحت منفعلة من بروده وسخافته:
-فاكر هصدق كلامك، تفسر بأيه اللي حصل معايا وفي عربيتي!
أجج من سُخطها برده المثير للحنق:
-معقول في حد غيري بيكرهك، ليه لأ، ما تسألي نفسك
تعالت أنفاسها غضبُا وكرهت الكلام معه ثم أشاحت بوجهها لا تريد رؤيته، فتأفف سيف فقد جاء ليخبرها بعدم صلته بالأمر، قال محذرًا:
-إياكِ تقولي عني حاجة، اللي حصلك ماليش علاقة بيه، أنا مش ناقص مشاكل تصدعيني بيها، علشان مش هسكت، وهتشوفي بجد أنا هعمل أيه
عليه اللعنة فقد جاء لتهديدها دون حياء، فاستشاطت لتلقي عليه نظراتها النارية وهي تزجره:
-هتعملي أيه أكتر من اللي أنا فيه، إنت واحد قلبك إسود.
شدة انفعالها وثورتها الداخلية من أفعاله جعلتها تشعر بالألم في سائرِ جسدها المتضرر، وحين جاء ليملي عليها بقية تحذيراته الحمقاء صاحت:
-أطلع برة، إن كنت مجبتش سيرتك فدا علشان خاطر الدم اللي بيربطنا، وأختي اللي عايشة في وسطيكم
كالطوفان ولج السيد فاروق الغرفة ليتابع حدة الكلام بينهما، لكن دخوله هكذا نابع مما توصّل إليه، وحين انتبه لوجود سيف صبّ جُل غضبه عليه وهو يخاطبه ثائرًا:
-بقى إنت يا واطي يا ندل اللي تعمل في بنتي كده
تضايق سيف من حدة الموقف ونهض متحفّزًا، ثم انتبه لدخول هشام أيضًا مضطربًا كأنه كان يلحق به، وفي البداية ظنت ديما استماعه للحديث فـ نفت في وجل:
-معملش حاجة يا بابا.
اقترب هشام من أخيه ليسانده، بينما ونظرات السيد القاسية على سيف هدر:
-الكلب اللي بعته وراكِ اعترف عليه، ودلوقتي شغلي هيكون معاه هو……….!!
2
******
على الكورنيش، وقفت برفقة صديقتها لتناول المثلجات، فشعرت بعدم رغبة مفاجئة في تناوله ثم وضعته على مقعد جانبي. فسألتها مروة مدهوشة:
-مش هتاكليه ولا أيه، دا إنتِ اللي طلبتيه
زفرت في خفوت وقالت مكشّرة الوجه:
-مش عارفة نفسي مجبتنيش أكمله
تفهمت مروة وضعها وهتفت:
-علشان إنتِ بس متضايقة من اللي حصل!
أيّدتها ورد فهذا بالفعل السبب، وأعلنت استيائها من ذلك قائلة:
-مش عارفة أعمل معاها أيه، المفروض دي عمتي، يعني تحبني أنا مش الغريبة اللي غدرت بيه
سألتها مروة مترقبة:
-طيب ليه مأخدتيش حاجتك على الأقل دلوقت؟، وعلى ما تهدى يمكن الوضع يتغير.
تشددت ورد في تمردها عليها:
-أبدًا مش هعمل كده، اللي قالته دا خلاني اتمسك إني مش همشي.
ثم أوضحت وجهة نظرها في غيظ:
-إمبارح كانت بتكلم واحدة، حسيت إنها مُنى، وعلشان كده مش همشي، دا ممكن تقنع حسين ومش بعيد تجبره يرجعها.
هتفت مروة معترضة في تعقل:
-إهدي كده، المهم حسين، طالما مش عاوزها خلاص
قلقت ورد من ذا الأمر، فربما إلحاح عمتها عليه يغيّر رأيه، لكن ما حدث بينهما لهذه اللحظة وجدته لطيفًا، هو يميل لها ويتشوق للقائها، فتنهدت بقوة وهتفت:
-لازم منى دي أشوفلها طريقة أخلص منها بيها، وبكده عمتي هتبطل تزن عليه يسبني
جهلت مروة مغزى نيتها وتساءلت:
-هتعملي ليها أيه، هو إنت في إيدك حاجة، لتكوني عاوزة تأذيها.
ضمرت ورد كُرهها لها ولو بلغ بها الأمر لخنقتها دون رحمة، وأعلنت عجزها في تنفيذ ذلك:
-لوحدي فعلًا مش هعرف، لازم ألاقي حد يساعدني، لو مين مكان، إنشالله ماما.
تعجبت مروة من وضعها المتقلب وقالت:
-على أساس زعلانة منها وكانت عاوزة حسين يسيبك.
أحست ورد باختناق رهيب، هي تعلم عدم ثباتها على رأي، تحيّرت قائلة:
-أومال أعمل أيه، المهم حسين ميبعدش عني
-تفتكري ممكن تساعدك؟!
سألتها مروة غير مقتنعة بذلك، فتاهت ورد وتخضب وجهها وهي ترد:
-هي هتنفذ اللي هطلبه بس علشان أرجع أكلمها، المهم مُنى دي مشوفش وشها لو هيقتلوهـا…………..!!
1
******
-اتأخرت كده ليه يا حسين؟!
سأل رامي أخيه في ضيق، فتقدم حسين لداخل الشقة ساهِم الوجه، هتف مدهوشًا:
-معقول لحد دلوقت مرجعتش، وليه قافلة تليفونها، حتى ورد.
ملأ الوجل قلب رامي فهي لم تتأخر من قبل هكذا، قال:
-دي كانت بتفرق الوجبات وترجع على طول، إشمعنا المرة دي.
وهو يعاود الاتصال بها هتف حسين:
-حتى عم أحمد بيقول مجتش تقرأ الفاتحة.
خمن رامي السبب في تردد:
-يمكن علشان سمعت في التليفزيون حد بيقول الحريم مينفعش تزور المقابر وقالت تفرقهم في مكان تاني!
لم يقتنع حسين كثيرًا وقلق على والدته، هتف:
-هي ورد معاها، وخايف تكون مامتها عملت حاجة ليها ولأمي.
اعترض رامي أن يصل الأمر لذلك قائلًا:
-مفتكرش، هي يعني هتجبرها بالقوة تعيش معاها.
تحيّر حسين وجلس مكروبًا فالليل قد حل، ووصل فكره أن يكون سيف قد فعل شيء معها، ثم نفض الأمر فوالدتها لن تغفر له إذا فعلها وعلاقتهما جيدة، فدنا رامي منه واستنكر بقائه هكذا:
-هنفضل كده قاعدين، خلينا ندور عليها نشوفها فين
تذبذب حسين وتشتت فكره، قال:
-هنروح فين، منعرفش غير خالي وقال مجتش عنده
صاح رامي منزعجًا:
-نبلغ بغيابها يا حسين
-ما ورد معاها، يعني مش لوحدها
قال حسين ذلك رافضًا تلك الفكرة غير الموفقة، ثم انتبه الاثنان لمن يفتح الباب فتحفّزت حواسهما ونهض حسين ليستقبلهما بقلبٍ ينبض، حين وجد ورد من دخلت والغريب بمفردها سألها في غرابة:
-ماما فين يا ورد؟!
لثوانٍ لم تتفهم مقصده فتساءلت مستنكرة:
-معقول لسه مجتش؟!
جذبها من ذراعها ناحيته مستاءً، هتف:
-هو مش كنتِ معاها؟!
ردت في توتر من نبرته العالية:
-هي رفضت أروح معاها، واستغلت عدم وجودك وقالت أمشي من هنا
نهرها بطلعته المهتاجة:
-وليه مبلغتنيش وتعرفيني، ولا تليفونك مش بيتفتح غير علشان مواضيعك التافهة
حزنت ورد من سخريته منها ولم ترد بكلمة، فسألها بطريقة فظة:
-ولما مروحتيش معاها كنتِ فين لحد دلوقت؟!، أبوكِ مشفكيش.
صُدمت ورد من شكه بها ولم تتحمل فقد تملك منها صداع جلل، وبدأ جسدها ينتفض من هول كلامه، فبررت كمدة:
-كنت مع مروة، لو مش مصدقني كلمها اسألها.
تدخل رامي حين لمح احتدام الوضع بينهما وخاطب أخيه متريثًا:
-حسين مش كده، ورد مش ذنبها حاجة، المهم نشوف ماما، كده الموضوع بدأ يقلق
حدق حسين بها متضايقًا منها، وفي لحظة غضب هتف:
-بتخرجي على مزاجك مش مسؤولة من راجل تستأذنيه، ولا رجعتِ لقلة أدبك، مش بعيد ضايقتيها بردك عليها وعلشان كده مرجعتش
ظنت ورد ما فعلته عاديًا فهي لم تذهب بعيدًا ثم نزلت دموعها فورًا، دافعت عن نفسها:
-حسين هقولها أيه، معقول هكلم عمتي وحش
أدرك رامي بأن أخيه قد فقد أعصابه وتركيزه ليتحدث هكذا معها، فخاطبه كالحًا:
-حسين أيه اللي بتقوله ده!
بالفعل ثار حسين فمحبته لوالدته تفوق الحد، ولذلك صاح يأمرها متجبّرًا:
-هتروحي لأبوكِ، ولو علمت يا ورد إنك كلمتيها بطريقة مش كويسة هتكوني طالق
ثبتت موضعها لا تريد الرحيل، لكن حين قست نظراته نحوها أرضخت مجبرة ثم توجهت للخارج وهي تبكي في مرارة، فنفخ رامي منزعجًا وهو يخاطبها هكذا ولم يحبذ رؤيتها تُهان أمامه ولذلك كانت نظراته لأخيه لائمة، فأمره حسين محاولًا التنفس بهدوء:
-هتفضل واقف إنت كمان، يلا نشوف أُمنـا فين………..!!
******
كانت أنفاسه اللافحة تستطير من حولهم، فقد أطنب عمه في اتهاماته إليه، وجلس وسط أهله غير راضٍ عن ذلك، فتلك التهمة ملفقة، ولن يعترف بشيء لم يقترفه مطلقًا. تدخلت شهيرة والدته للدفاع عنه حين خاطبت فاروق في نزق:
-هو سيف هيكدب ليه، ابني ميعملهاش، هو اتجنن يأذي بنت عمه بالشكل ده.
ردت عليها شيرين في غلظة:
-أيوة هو، هددها قبلها، وكل ده علشان واحدة اتجوزت غيره، كان ذنب أختي أيه إذا كانت التانية مش حباه
تجلد سيف وصمت من إهانتها وإتهامها له، أيضًا ظل فاروق على موقفه ووافق ابنته الكلام:
-والراجل اللي اتقبض عليه هيعترف عليه هو ليه، بينه وبينه أيه، دا قال اسمه بالكامل، يعني عارفه.
استشاط سيف وهو يستمع لتلك الأكاذيب، وفطن أن أحدهم يكيد له، ولا بُد أن يعرفه ولن يتركه. بينما زادت ضراوة فاروق وهو يكمل:
-أنا علشان القرابة وابنكم اللي متجوز بنتي خليت الموضوع بينا، بس اللي عمله سيف مش هيعدي، دا ضيع بنتي ومستقبلها، وهو الملزوم.
تاه طاهر في مقصد كلامه مستنكرًا:
-إن شاء الله هتقوم بالسلامة والمستقبل قدامها.
احتدت نظرات فاروق عليهم جميعًا وهو يهدر غاضبًا:
-أنا متكلمتش قدام ديما علشان نفسيتها، الحادثة أثرت على الرحم، وكمان مبقتش بنت، يعني خطيبها أكيد مش هيوافق على كده.
بكت السيدة راقية فهي على علم بوضع ابنتها المؤلم، وكذلك شيرين التي تحفزت كليًا وأخذت موقفًا جادًا حتى وإن انتهى الأمر بطلاقها، فما حدث مع أختها لن يقبله أحد. فاغتم السيد طاهر للغاية وصُدمت شهيرة فهذا يعني ارتباط ابنها بها، فإن تزوجها ضاع مستقبله هو الآخر، ولن ترى أولاده، ولذلك قالت على أمل:
-إحنا نجيب الراجل الواطي اللي بيفتري على ابني ونعذبه لحد ما يقول مين قاله يعمل كده، ابني مالوش ذنب.
احتقن طاهر من سخافة زوجته وردها، خاطبها محذرًا:
-اسكتي يا شهيرة أيه اللي بتقوليه ده!
انفجر بركان غضبها وهي تبرر موقفها:
-أومال ابني يتجوز واحدة عمرها ما هتخلف وهو مظلوم، كل ده علشان أيه
وجّه السيد طاهر نظره لـ سيف الذي يجلس واجمًا ويستمع دون كلمة، خاطبه في جد:
-ساكت ليه يا سيف، المفروض تتكلم وتقول اللي عندك.
بكل هدوء نهض سيف، قال:
-مش هيحصل، أنا معملتش حاجة، وجوازي منها مش هيتم، أنا محدش يغصبني.
ثم تحرك للخارج تاركًا الفيلا بأكملها، فأخفض فاروق رأسه في خزي، ففي لحظة ربما يخسر أهله، وتتزعزع العلاقة مستقبلًا، وفي ظل حالة الحزن من بعضهم والحنق من البعض الآخر قال في هدوءٍ عجيب:
-لو الموضوع هيخلص على كده، يبقى هشام يطلق بنتي، ومن اللحظة دي أنا مبقاش ليا أخ اسمه طاهر…………..!!
1
******
استمرت تبكي وتنتحب، وكلما تهدأ قليلًا تعود تتذكر ويزداد شهيقها، فضمها الحاج منصور لأحضانه وأخذ يردد بعض العبارات كي تكف عن ذلك ولا حياة لمن تنادي، فهتف مكروبًا:
-ما هو برضه عنده حق، دي أمه، أنا نفسي قاعد هموت وأعرف هي فين، دي أختي الوحيدة!
قالت السيدة هنية في تشجيع:
-شد حيلك يا منصور، إن شاء الله أم حسين هترجع بخير وهنطمن كلنا عليها.
رأت شهد أن الأمر مقلقًا فقالت:
-أنا خايفة تكون عملت حادثة وحصلها حاجة
-تفي من بوقك يا شهد.
نطقت السيدة هنية بذلك متمنية الخير، فهتفت شهد متعجبة:
-أومال هي فين دا كله، ورد بتقول متنقشتش معاها لما طلبت تمشي من عندها، هيكون أيه اللي أخّرها كده
لاحت خطورة الوضع فلأول مرة تفعلها السيدة زبيدة، فدائمًا ما تخشى مجرد التعامل مع أحد. فخاطب الحاج منصور شهد فيما معناه:
-شهد خدي أختك وخليها ترتاح جوة، ويا ريت ارتاحي إنتِ كمان معاها.
نهضت شهد على مهل ثم مدت يدها لتمسك بيد ورد التي نهضت هي الأخرى لتسير معها منكبة الرأس، فحزن السيد لرؤية معاناة بناته هكذا وقال:
-كل واحدة فيها اللي مكفيها، كويس إن شهد هنا علشان تقف مع أختها، هما قريبين من بعض وهتهديها
استشفت السيدة هنية من نبرته الضعيفة بؤسه حيالهما فقالت في لطف:
-بكرة كل حاجة تتصلح، ياما البيوت بتمر بمصايب وتتحل، وإن كان على حسين أول ما زبيدة ترجع هيندم على اللي عمله مع ورد.
تمنى السيد ذلك في قرارة نفسه فقد بلغ الغم أشده، قال:
-يا ترى إنتِ فين يا زبيدة، ربنا يرجعك بالسلامة…………!!
******
تقدُمها منه وهو جالس في الردهة دون صوت جعله لم ينتبه لحضورها، فظلت أعينها مسلطة على الصورة الفوتوغرافية التي بيده وهو يحدق بها في شرود، ولاحظت من نظراته إعجابه بها لربما، أو يميل إلى صاحبها بصورة غير طبيعية فقد كانت ملامحه غير واضحة، وحين اقتربت لاحظت أنها لفتاة لم تستطع التدقيق في ملامحها، خاصةً حين وعي لوجودها ودس الصورة فورًا في حقيبته الخاصة. توتر حمزة قليلًا وقال:
-Joanna, what do you want?!
-جوانا، ماذا تريدين؟!
1
-May I have a seat?
-هل تسمح لي بالجلوس!
ابتسم وهو يدعوها للجلوس بجانبه، وحين جلست لم تتدخل فيما لا يعنيها بسؤالها عن هوية الفتاة، فقالت مبتهجة:
-I have good news for you, you have been waiting for it since yesterday
-عندي لك خبر سعيد، تنتظره منذ أمس
اعتدل في جلسته وخمّنه على الفور:
-Has the lady been brought in?!
-هل تم جلب السيدة؟!
أومأت مؤكدة وهي توضح:
-She is at Mr. Jahed’s villa, and he is waiting for you to come and talk to her.
-هي بفيلا السيد جاهد، وينتظرك لتأتي وتتحدث إليها.
أحس حمزة بشعور انتصار غريب فقد اقترب مراده، ومن الواضح انتهاء الأمر لصالحه، هتف:
-You should prepare now, because when I get what I want from her, we will return to America.
-يجب أن تستعدي من الآن، فحين آخذ منها ما أريد سنعود لأمريكا
سألته مترددة بعض الشيء:
-And your fiancée?!
-وخطيبتك؟!
لم يرغب في الحديث عن الأمر كثيرًا، وإخبار أحد بما حدث مع خطيبته، فقال في اقتضاب:
-I agreed with Dima to end the engagement………!!
-لقد اتفقت مع ديما لإنهاء الخطبة…………..!!
*******
كانت مطيعة لأبعد الحدود، وتفعل ما يأمرها به، حتى حين أجبرها على الحديث مع ابنها وإخباره بأنها بخير وتمكث لدى صديقة قديمة رأتها اليوم، فقد خشيت أن تتأذى بأي صورة، وتكون نهايتها وخيمة، وإلى الآن لم تعرف سبب اختطافها، فسألت الرجل أمامها في حذر:
-عملت يا ابني اللي قولتلي عليه وكلمت ابني وطمنته، ممكن أعرف أنا هنا ليه، وإنتوا مين؟!
ثم نظرت للثلاثة رجال من حولها في قلق فهيئتهم الجسمانية ضخمة وتظهر الشدّة عليهم، فجاوب الرجل أمامها بهدوء كما أمره سيده:
-متخافيش يا حاجة، طول ما إنتِ بتسمعي الكلام مش هنأذيكِ، ولا نأذي حد من ولادك
اضطربت السيدة زبيدة وهتفت في رجاء:
-ولادي لأ، بس قولولي عاوزين أيه
سألها في لطفٍ تصنّعه:
-هنسألك كام سؤال وتجاوبي عليه من غير كذب..!!
من نافذة علوية تطل على الغرفة التي بها السيدة وقف نوح يتابع ما يحدث في شغف، ثم تفاجأ بمن يخبطه في خفة من الخلف، فأدار رأسه قليلًا ليجده أندرو قد وصل من سفره للتو، والذي تأمل السيدة هو الآخر من الأعلى قائلًا:
-You are a clever Noah, how did you bring her and plan everything?
-أنت داهية نوح، كيف جلبتها أنت وخطط لكل شيء
1
تغابى نوح عن كلامه وابتسم في ثقة فقط، بينما أظهر أندرو تشفيه من غيظه حين أردف:
-I want to see Hamza’s face when he finds another woman in front of him
-أريد رؤية وجه حمزة حين يجد سيدة أخرى أمامه
تأفف نوح وأمره:
-Shut up Andrew now I want to hear what you have to say.
-أصمت أندرو الآن أريد سماع ما تقوله.
على الفور صمت ليستمع هو الأخرى للحوار بالأسفل، حتى سألها الرجل في جد:
-إحنا عاوزين الأمانة اللي ست عواطف سابتها معاكِ
وضحت الأمور الآن أمام السيدة، ولأنها تحمل وعدًا قطعته للأخيرة، أضحت أكثر شدة وهي تنكر:
-مين عواطف، معرفش حد بالاسم ده………………………..!!

 

يُتبع

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)