رواية اجنبي مغرم الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الهام رأفت - The Last Line
روايات

رواية اجنبي مغرم الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الهام رأفت

رواية اجنبي مغرم الفصل السادس والعشرون 26 بقلم الهام رأفت

 

البارت السادس والعشرون

 

 

انكبت على العُزلة وذرفت الدموع حزنًا وقهرًا على ذا الفراق اللعين، مبهوتة من التغيير المفاجئ رغم ريبتها في كثير من الأحيان، فقد جاءت الصدمة في لحظة خاطفة شلت تفكيرها فبالتأكيد لن تستطع مواجهة عنفوان والدها الذي هي على يقين بمكيدته ودهاء فعلته.
تلهّت لميس بألمها لدرجة لم تشعر بـ فؤاد الذي ولج الغرفة عليها مغتمًا لرؤيتها هكذا. حين جلس بجوارها على الفراش فقط انتبهت له، نظرت إليه بعينين واهنتين من شدة البكاء، وتلك الحالة المنبعثة منها أحدثت بداخله الضيق والنفور، وأخفى شعوره هذا كي لا يزعزع علاقتهمـا. فبدأت هي الحديث في يأس:
-بابا رفض يقابلني، وأمجد أسلوبه اتغير معايا، فيه حاجة مش مظبوطة حصلت.
مسح على ظهرها في لطف ليهدأ من تعاستها الظاهرة وقال:
-قولتلك بلاش تروحي، وكويس إنك متكلمتيش معاه، كان ممكن يتطور الموضوع بينكم
بان الحردُ على وجهها وهي تهتف:
-متأكدة عملوا حاجة تخليها تتنازل ليه بالشكل ده، ورد لو مش عاوزة حاجة فأنا أمها وفيها تسيبلي أنا.
أخفى فؤاد ما يضمره تجاه ذلك كي لا يقحم نفسه داخل مشكلات لا تُسمن، ومنها بالأكثر خسارتها، فهتف مدّعي الجهل:
-هيكون أيه اللي حصل بس!
نظرت أمامها تائهة، هي على يقين بابتزاز ما تعرضت له ابنتها، وجاء الشك بالتخيير بين زوجها وكل شيء لتخرجه من مُصيبته، فهي على علم بفشل مخطط التخلص من حسين، بالطبع ذاك السبب.
حاول فؤاد في سفح شرودها سبر أغوار عقلها وفشل، ولشدة تأزقه من إهمالها تجاه أبنائهما هتف معاتبًا:
-لميس مينفعش تفضلي كده، ولادك بيسألوا عنك من إمبارح، معقول نسيتيهم.
أراد أن يكمل كلامه بتبكيتها على تفضيل تلك الفتاة وتمييزها عن أولاده، لكن كبح ذلك بداخله مرغمًا، فنظرت لميس له ببعض الأسف وهي تعلل وضعها:
-اللي حصل تعبني وخلاني مقصرة معاهم، أنا شوية وهبعت يجوا عندي.
-يعني هتفضلي على حالتك دي ولا أيه!
سألها مستنكرًا ما تفعله، فتنهدت وقالت دون رغبة:
-الأهم ألاقي طريقة أشوف ورد، قالت هتسأل عني ومحصلش، بعتلها تليفونها واتصلت بيها مردتش عليا وقفلته، خايفة نرجع زي الأول وأشوفها كل فين وفين
كما هو خبأ حنقه من محبتها المستفزة للأخيرة، وأظهر وِدّه وعطفه حين قال في زيف:
-إن شاء الله مافيش حاجة وحشة هتحصل، قومي إنتِ بس يا حبيبتي فرفشي كده وكل حاجة هتبقى تمام
ثم لاطفها بسحر محبته واهتمامه فابتسمت ووضعت رأسها على كتفه مسرورة من مساندته لها، قالت:
-بتهوّن عليا كل حاجة يا فؤاد، علشان كده مش بقدر أزعل منك أبدًا……….!!
******
بلغت المخفر بمساعدة زوجها ووالديها، وتلك الفوضى والأجواء ملأت قلبها بالوجل الصريح متجاهلة تمامًا كلام زوجها المطمئن فهي لن تجد الراحة حتى تخرج من تلك المحنة محتفظة بسُمعتها.
أحست شهد بالإرهاق، ليس لاعتلال جسدها، بل خوفًا من القادم فقد دبّ الهلع بداخلها، وكانت نظراتها في كثير من الأحيان موجهة لوالديها لترى تعابيرهما نحو الأمر، لربما تجددت صدمتهما فيها، فتلك النظرة الائمة من والدها نحوها جعلته يشعر بالخزي مرة أخرى، أيضًا حديثه المنزعج مع أمها أكد حدسها. حين أدرك نوح ما تفكر به جرّ الكرسي بها جانبًا ثم انحنى بجذعه مخاطبًا إياها:
-لا تقلقي عزيزتي ستكون الأمور بخير!
من بين الجميع وجدته الداعم لها، وجوده بث الغبطة داخلها ولو قليلًا، فابتسمت وقالت:
-الحمد لله، أنا راضية بكل حاجة
بغض نوح ضعفها فقال معترضًا:
-لا فتاتي الجميلة لا أريد رؤيتك هكذا، قُلت أن الأمور على ما يرام.
تنهدت في أسى سرعان ما تحول للدهشة حين رأت آية قد حضرت، وفطنت وجودها بأنها ستشهد عليها بالتأكيد، وفي سرها لعنت الصداقة التي جمعتهما، فلما لا فقد غدرت بها من قبل. تجاهلتها شهد حين أشاحت برأسها عنها، فوقفت آية أمامها معلنة توددها حين خاطبتها:
-أنا جاية علشانك يا شهد مافيش داعي تخافي أو تقلقي من وجودي.
نظرت لها شهد غير مستوعبة ما تعنيه، وزادها الأمر غرابة حين خاطبت زوجها:
-أنا جيت زي ما وعدتك، وإن شاء الله كل حاجة هتكون تمام
اتضح لـ شهد من كلامها له وجود حديث سابق بينهما، لكن لم تتفهم فحواه، فظلت بينهما مشدوهة غير متفهمة، وعلى الفور وجّهت بصرها لـ نوح في جهلٍ واضح، فأخبرها الأخير مبتسمُا:
-جاءت لتشهد معك، واتفقت معها على كل شيء.
اعتقدت شهد أنه أغدقها بالمال، فجاء كلام آية الحانق ونفى ذلك حين هتفت:
-اللي زي كريم لازم ياخد جزاؤه، واحد حقير وندل، أنا اللي هوديه في داهية.
صُدمت شهد من تلك الكراهية المفاجئة، فقد عاونت الآخر في أسوأ الأمور، فماذا جدّ الآن؟!. انتبهت لـ نوح يهمس لها ببعض الأقوال الهامة لتخبر بها المحقق وأن تنفي فعلتها تلك، فأوعزت شهد تطيعه، ثم انتفضت في رهبة حين تحدث العسكري لها في ثبات:
-يلا معايا حضرة الظابط عايزك.
دفع نوح الكرسي ناحية غرفة التحقيق وسط اضطرابها وبجواره السيد منصور يهتف قلقًا:
-هي المحامية اللي كلمها حسين اتأخرت ليه؟!
صكت السيدة هنية صدرها في خفة متمنية أن يمر الأمر بسلام كالمرةِ السابقة وهي تتمتم ببعض الأدعية. حين وقفت شهد أمام المحقق أشفق على وضعها وتعامل بهدوء وحرس معها وهو يسألها:
-دكتورة شهد فيه فيديو متقدم لينا بإنك بتقومي بعمليات ممنوعة في المستشفى اللي شغالة فيها.
ازدرت ريقها وقالت مستجمعة كلماتها:
-مـ.محصلش، أنا معملتش حاجة.
ودت شهد أن تقول الحقيقة لتنال عقابها فقد اشتطّت من أفعالها النكراء، وما أجبرها على الكذب والداها فقط، فكان عليها قبل ذلك أن تأخذ في اعتبارها إذلالهما بفضل طيشها. حضرت المحامية نرجس لتعرّف بنفسها فسمح لها المحقق بالجلوس، فتدخلت آية وقالت:
-أنا يا فندم جاية وعندي أدلة على براءة شهد، وأعرف كويس مين عمل كده
صبّ المحقق جل تركيزه عليها قائلًا:
-قولي كل اللي عندك
سردت آية عن وقاحة الدكتور كريم خطيبها بداية من العمليات المشبوهة حتى خطف شهد وما حدث لها، مرورًا بقتله للطبيبة أماني كي لا تشهد عليه، محتفظة ببعض المعلومات الصحيحة وبدّلتها بأخرى من تأليفها، ثم ختمت ما لديها بـ:
-وشهد حب ينتقم منها زي أماني علشان متشهدش عليه، وأنا لما عرفت بحقيقته مقبلتش ارتبط بواحد زيه.
ما تسمعه شهد منها منافيًا لما حدث وإن صحّ القليل، فقد كانت شريكة وطيدة لذاك السافل، ورأت أنها تنجي نفسها وألقت به في التهلكة بمفرده. فسألها المحقق في جد:
-وفيديو الدكتورة شهد اللي جاية على أساسه.
ردت آية مختلقة سببًا محنكًا:
-كان تحت التهديد علشان لو فتحت بوقها واتكلمت.
ثم نظرت لـ شهد وخاطبتها في مغزى:
-مش كده يا شهد، ما تقولي.
توترت شهد قليلًا ثم أكدت ما قالته:
-كان تحت التهديد، أنا معملتش حاجة.
فور إنهاء جملتها الأخيرة نظرت لوالدها لترى أثر ما قيل أمامه، وارتاحت حين قال حزينًا عليها:
-يا حبيبتي يا بنتي، كل ده حصلك ومافيش حد يقف جنبك.
أخذت المحامية نرجس فكرة سطحية عن القضية وخاطبت المحقق في عملية:
-حضرتك شايف وضع موكلتي، وإنها بتتلقى عناية معينة، أنا بطالب بإخلاء سبيلها بضمان محل إقامتها ووضعها الصحي.
هز المحقق رأسه متفهمًا وقال:
-الموضوع منتهاش، لسه هنأمر بإحضار الدكتور كريم وناخد أقواله………..!!

******
أمرت بحضورها لغرفة ابنة أخيها الصغيرة، وحين أتت الأخيرة ووقفت أمامها في احترام. دثرت ليلة الصغيرة جيدًا ثم نهضت وهي ترمقها بنظرات قاتمة، فمنذ غفر لها جدها وجاءت مرة أخرى بدت لها أفعالها غير مريحة.
وقفت أمامها مباشرةً في صمت للحظات جعلت ساندرا تتوتر، ثم سألتها في حزم:
-What did my grandfather order you to do?!
-بماذا أمرك جدي؟!
تلعثمت ساندرا في الرد مما زاد من شك ليلة نحوها فانزعجت أكثر وهتفت:
-Did he order you to spy on me? Did you tell him the truth? Come on, say it!
-هل أمركِ بالتجسس عليّ، هل أخبرتِه بالحقيقة، هيا انطقي!
تراجعت ساندرا للخلف وقالت متوجسة:
-I never spoke, but he asked me to work for him.
-لم أتحدث أبدًا، ولكنه طلب مني أن أعمل لصالحه
اقتربت منها ليلة مغلولة وأمسكت بعضدها وهي تهتف محذرة إياها:
-Don’t betray me, and don’t betray my brother either.
-إياكِ وخيانتي، أيضًا خيانة أخي
ثم شددت من التنبيه عليها بنبرة قاسية:
-Don’t tell me anything, I’ll tell you.
-إياكِ، كل ما تخبريه به أن من سأقوله لكِ
جف حلق ساندرا من كم التهديدات تجاهها وتوسلت:
-I didn’t do anything Miss Laila, Mr. Hamza was m.m.m.
-لم أفعل شيئًا آنسة ليلة، كان السيد حمزة مـ.مـ.
ثم سكتت مكروبة إذا أخبرتها، فليس بعد أن أججت من فضولها لتصمت، فحدقت بها ليلة وأمرتها مترقبة:
-Go on, what about Hamza?!
-أكملي، ماذا عن حمزة؟!
حاولت ساندرا أن تتنفس بهدوء ورغم ترددها اضطرت على إخبارها:
-Mrs. Hamza sent me a threat, and wanted me to falsely tell Mr. Suleiman about your involvement in the matter.
-السيدة حمزة أرسل لي تهديدًا، وأرادني أن أخبر السيد سليمان زورًا بتورطك في الأمر.
تعالت أنفاس ليلة انفعالًا وهي تنهره:
-Damn, bastard! He wants to make my grandfather angry with me.
-اللعين، السافل!، يريد أن يغضب عليّ جدي
ثم نظرت لها في رأفة فمن الواضح أنها لم تفعلها، فالأمور على ما يرام، ثم مدحتها ليلة في ود:
-Well done Sandra for not executing, never fear, he won’t do anything to you, I will protect you
-أحسنتِ ساندرا لأنك لم تنفذي، لا تخافي أبدًا، لن يفعل لكِ شيئًا، سوف أحميكِ
رسمت ساندرا بسمة بصعوبة فإن علمت بما قامت به ستقتلها، ردت متوترة:
-No problem, miss!
-لا عليكِ سيدتي!
ابتسمت ليلة وأمرتها:
-Go to work, and don’t forget to take care of the little one in the morning.
-هيا اذهبي لعملك، ولا تنسي الاهتمام بالصغيرة صباحًا
أومأت في طاعة ورحلت وهي تتنفس الصعداء، بينما وقفت ليلة مستشاطة من وقاحة الآخر، فإلى تلك الدرجة يريد أذيتها، غمغمت مستاءة:
-Good, you’re the one who started it Hamza, what I know about you will definitely turn things around……….!!
-جيد، فأنت من بدأت حمزة، فما أعرفه عنك سيقلب الأمور بالتأكيد……….!!
******
أثناء صعودها الدرج والتأفف يلازمها، واستعدت كليًا لرؤية طليقها وبالطبع زوجته التي ستنفر من حضورها إليهم، ولكنها مُجبرة على ذلك، فابنتها الأهم من بين الجميع لتراها وقتما تشاء. وصلت لميس للطابق المنشود مختنقة من تلك الأجواء، ثم في تقزز واضح ضغطت على الجرس مستخدمة منديلها، وانتظرت مترقبة من سيفتح لهـا.
اتسعت بسمتها وهي ترى ابنتها من فتحت، وعلى الفور أخذتها لحضنها متلهّفة وهي تردد:
-كده يا ورد متسأليش عني، وحشتيني قوي، طيب حتى ردي عليا.
لم تبادلها ورد العناق رغم حرارته من قِبل والدتها وتجمدت موضعها، وبدا على تعابيرها مظهر الجحود والبُغض. أحست لميس بذلك وكذّبت شعورها بعدم القبول، ثم ابتعدت عنها قليلًا لترى معالم وجهها، فرأت الصلابة وأدركت بأن خلفها ما ضمرته نحوها، فسألتها مكتربة:
-مالك يا ورد، مش مبسوطة إنك شوفتيني!.
جاء رد ورد قاسي عليها وهي تسألها:
-جاية ليه؟!
استاءت لميس من تلك المعاملة الجافة وهتفت:
-دي مقابلة تقابلي بيها أمك، دا بدل ما تدخليني ولو فيه حاجة مزعلاكِ نتكلم فيها.
ثم نظرت للداخل وهي تكمل حديثها المنفعل:
-ولا خايفة على زعل اللي جوه تعملي كده!
احتدت نظرات ورد وهي تهتف:
-محدش موجود غيري، واتفضلي بقى من هنا!
من وهج غيظ لميس من تهوّر ابنتها ذاك دفعتها للداخل وأغلقت الباب، صاحت متشددة:
-طالما فيه حاجة مزعلاكِ مني يبقى نتكلم، عملت أيه علشان تعمليني كده، أنا اهتمامي كله ليكِ
ضجرت ورد من حديثها فهي تعرفها جيدًا، هتفت:
-مش دا حسين اللي عاوزاني أسيبه، أكيد اتفقتي مع أخوكِ علشان تخلوه يشوفني وحشة لما لقتيني متمسكة بيه، قولتي لنفسك نلعب من ناحيته، بس أنا مش هسمحلك.
جهلت لميس مقصدها ولاح ذلك عليها، واستنتجت لربما تقصد مخطط التخلص منه، فَنَفَت التهمة عنها:
-أنا هعمل أيه يعني علشان حسين يسيبك أنا مليش علاقة، كل اللي حصله أنا بعيدة عنه
تلك المراوغة منها كي تثبت براءتها المزيفة لم تصدقها ورد، فحذرتها متضايقة:
-من هنا ورايح تبعدي عني أنا وحسين، وإن كنت قولتلك قدامه هسأل عنك وإنتِ أمي، فدا علشان ما يشكش حصل معايا أيه بسببك إنتِ وأخوكِ.
على ذكر اسم أخيها نهرتها:
-ليه تكتبي كل حاجة ليه، عارفة عملتك السودة دي تتكلف كام، دي فلوس وأملاك أمي اللي كتبتها ليكِ إنتِ
ضحكت ورد في ألم وهي تعلل:
-عاوزاني أعمل أيه وأنا كنت بضيع، عاوزاني أرفض طلبه علشان تبعدي حسين عني ويكرهني ويعرف كل حاجة، بس أنا نفذت وكل اللي خططي ليه فشل.
اتضح لـ لميس بأن هناك أمرًا قد حِيك واستنتجته بفكرها:
-اختارتِ حسين علشان يطلع براءة واتنازلتِ ليه هو، طيب طالما عاوزة كده اتنازلي ليا أنا.
سخرت ورد من جملتها الأخيرة التي أبانت لما تنزعج هكذا:
-ودا اللي مضايقك يعني، الفلوس أهم، مهمكيش أنا!
فتح الباب استوقف لميس عن الرد، فنظرا الاثنان لمن حضر وكان حسين ومعه رشا، ومن الواضح على معالم وجه حسين أنه هنا من فترة، واستمع لحديثهما من خلف الباب، فاضطربت ورد وظنته كشف أمرها، لكن حديثه الثائر على والدتها أراح بالها حين هتف:
-مش قالتك اختارتني أنا وسابتلكم كل حاجة، إنتِ أو أخوكِ ميفرقش معانا كتبته لمين، ودلوقتي حضرتك اتفضلي، مينفعش تكوني هنا بالذات.
كالعادة أفعمته لميس بالغيظ بسخريتها منه حين قالت:
-خلي الطرد ده يكون لواحد عنده مكان يعيّش مراته فين ويكون ملكه، دا إنت مشوفتش البيوت غير لما اشتغلت عندنا.
-اتفضلي من هنا زودتيها قوي!
صاحت ورد لتثأر لكرامة حسين، فنظرت لها لميس في خزي وقالت مستنكرة:
-اللي بتكلميها كده بتكون أمك، مش علشان عشتِ مع غيرها تنسي واجبك ناحيتي
قالت لميس ذلك وانسحبت بهدوء لتغادر، وظنت بأنها فقدت ابنتها ولا تدري ما الجريمة التي ارتكبتها، فهل محبتها لزوجها جعلتها تكرهها لذلك الحد؟!.
أغلق حسين الباب خلفها مزعوجًا من استمرار إهانتها له، وأيقن أن وجودها هو النقص الخفي بداخله، فهتف مهتاجًا:
-محسساني إني الوحيد في العالم اللي كده، لو كل واحد قارن نفسه باللي أقل منه الناس تموّت نفسها أحسن وميبقاش غيرهم
نظرت ورد لأختها رشا لتذهب لغرفتها فالأمور ليست بخير لتظل فاستجابت الأخيرة فورًا، بينما هدّأت ورد حسين حين قالت:
-سيبك منهم كلهم، كفاية إنت عندي أهم ومش عاوزة غيرك.
حاوط وجهها بكفيه وقال ممتنًّا:
-مبسوط باللي عملتيه علشاني، مكنتش أعرف إنك اتنازلتي علشان تخرجيني
أخفت ربكتها بصعوبة وهي تستمر بكذبها:
-كان لازم أعمل كده، إنت عندي أهم من أي حاجة.
ابتسم ليضمها وهو يثني على ما فعلته وأنه لن ينسى تضحيتها، قال:
-رغم إن كان نفسي تسيبي كل حاجة كده من غير ما يهددوكِ بيا، بس مبسوط علشان فضلتيني، مع إن اللي عملوه أصلًا كنت عارف بيه وكنت كده كده هخرج.
دوار فظيع أطاح برأسها من كم الخديعة التي تختلقها، وودت لو جرت الأمور بغير شكل لتحتفظ بصورتها الجيدة أمامه ومحبتها الظاهرة لــه………….!!
******
وهي جالسة على المائدة ظلت تطالعه بنظرات ودودة وهو يضع الطعام، ثم تأملت ما أعدّه منبهرة وابتلعت ريقها من منظر ونوع الأكل، فهو يجيد طبخ اللحم جيدًا. مع آخر طبق جلس نوح بجانبها ثم مد يده لها بشوكة لتأكل بها، فجاءت لتدعي عجزها فقال في ظلمة:
-أدرك جيدًا أنك تحركين يديكِ، رأيتك مرات، والأخيرة بغرفة التحقيق
ابتسمت لاهتمامه بتفاصيل ما تقوم به ثم أخذتها منه محرجة، فقال بنبرة أربكتها:
-لما تفعلي ذلك، لا أفهم ما تقصدينه؟!.
رسمت الثبات لتهرب من ذلك الموقف وبدأت تأكل وهي تقول:
-أنا مش عارفة آية ليه تقول كده، دي كانت معاه وقت ما خطفوني، معقول ضميرها صحي
باستخدام شوكته أطعمها قطعة من اللحم وهو يرد جادًا:
-لا تعتقدي أنها تفعل ذلك من أجلك أو لأجل ما تقولينه.
نظرت له مهتمة لمعرفة الحقيقة فأكمل:
-هي تفعل ذلك لأني جعلتها ترى خيانة كريم لها، قمت فقط بعمل سوء فهم بينهما، فهي تفعل ذلك فقط انتقامًا منه.
لم يوضح الصورة جيدًا لها فسألته مدهوشة:
-وإنت شوفت كريم فين؟!
استمر يأكل في نهمٍ كعادته وتركها بفضولها تغلى كالمـاء، فانزعجت منه وهتفت:
-هو الأكل هيطير، قولي عملت أيه؟!
نبرتها العالية وطريقتها الفجة وهي تخاطبه ضايقته، فنظر لها مستنكرًا غلاظتها:
-من الأفضل أن تشكريني أولًا، أرى إنك لن تفعليها، ربما شخص آخر لن تتأخري في قولها، مثلما فعلتِ مع صديقتك الخائنة حين خرجنا
وجدت شهد بأنها رغمًا عنها تستمر في معاملتها السمجة معه، فاعتذرت على مضض:
-طيب يا سيدي أسفة ومتشكرة على اللي عملته.
تناول الطعام محاولًا رسم الضيق الزائف فاغتاظت منه وأضافت:
-ولا عاوزة حاجة تانية غير الشُكر
لمّحت بمقايضته السابقة حتى يقف بجانبها في محنتها، فتواقح نوح بنظراته عليها ككل وهو يعلق:
-هل عندك شيء آخر غير الشُكر!
تذبذبت شهد ولم تجد كلمات تضاهي سفالة نظراته، فأفعاله تغيظها رغم أنه زوجها، وياله من زوج داهية خبيث، ثم هدّأت من نفسها فقد اتخذت قرارها بالبقاء معه، فما يفعله من أمور وقحة توتر أعصابها، تنفّست في وجوم وقالت:
-على العموم شكرًا على وقوفك جنبي، أنا متخيلتش أخرج من الموقف ده أبدًا.
ثم تنهدت في أسى فما مر عليها جعلها تكره نفسها وما اقترفته في لحظة طيش. فسألها نوح مترقبًا أثناء أكله:
-وماذا بعد؟!
حركت رأسها بعدم فهم لمغزى سؤاله فأوضحه:
-بعد إثبات براءتك النهائية وانتهاء الأمر، ربما تفكري بالانفصال وإنهاء الاتفاق بزواجنا
احتفظت بما عمدت عليه داخلها وأجابت لثير فضوله:
-مش عارفة هقرر أيه لسه، أديني بفكر.
ردها نابع من توترها في الزواج فيجب أن تتهيأ لتلك الخطوة فهي لم تتجهز بعد. لمحت جموده وسأمه من ردها فقد أهانته بطريقة خفية لم تتعمدها هذه المرة، ثم خاطبته مبتسمة:
-شكلك زهقت من خدمتي وعاوز تسيبني بالمنظر ده.
وضع الشوكة بطريقة فظة أمامه معلنًا انتهائه من الأكل ثم نهض، أبان انفعاله لأول مرة نحوها حين قال:
-لن اتركك هكذا اطمئنّي، سوف أظل بجانبك كي تتعافي كليًا لتتزوجي من غيري وأنتِ بصحة جيدة.
ثم تركها تقتفي أثره مذهولة حتى ولج غرفته، فابتسمت بشدة من ردة فعله، وقالت لتستفزه أكثر:
-طيب تعالى متزعلش، مين هيشيل الأكل ويغسل المواعين…………!!
******
تسطح على سرير الاسترخاء أمام المسبح وكان جامح الفكر غير مُركِزٍ فيما حوله، فقد مرّت الفترة السابقة عليه وهو يضمر غيظه وحقده، فآخر ما توقعه هو زواجها، حيث سعى جاهدًا لعدم إتمام تلك العلاقة وقد تمت دون معرفة أحد، وذلك أجج حنقه منها، فقد ظنها تبغض الأخير، وتلك اللعينة قد خدعته. رفع سيف هاتفه أمام عينيه ليعيد سماع التسجيل الصوتي لهما وهي تطلب منه استئجار رجال لضرب من تزوجته، ابتسم فقد سجّله سابقًا ولم يعرف أنه سوف يتخذه كدليل ضدها في يوم من الأيام. تنهد في راحة فسوف يضع على ذلك التسجيل بعض من الأحداث الزائفة ليضمن إفساد حياتهما، انتشى من تفكيره المُترامي وقال:
-أنا تفضلي عليا واحد زي ده، دا مافيش واحدة تتجرأ تسيبني، حتى لو أعلى مني!
حدق أمامه وهو يتخيل من الآن تعكير حياتهما، فقد أهانت رجولته بنعومة تصرفاتها وبالأخير استغنت، فردد في عزيمة:
-آه يا ورد، صبرك عليا إن مرجعتك ليا تترجيني
قطع خلوته حضور لميس فنهض حين انتبه لها تتقدم منه وطلعتها باهتة، ناهيك من نظراتها الحادة نحوه كأنه فعل جُرمًا ما، بالطبع جاءت إليه لميس لتلومه على ما فعله فلم تتحمل الأيام الدابرة وعدم رؤية ابنتها وحتى مجرد الرد على اتصالاتها لسماع صوتها.
وقفت لميس أمامه ولم تلقِ السلام حتى لا منه ولا انتظرت أن يأتي منه، فسألته غاضبة:
-لما قررت تتخلص من حسين، كان قصدك أيه، تخلي أمجد يسوامها عليه وياخد كل حاجة.
فاجأته بكلام لم يعي كلمة منه فخاطبها في تريث:
-بالراحة كده وفهميني حصل أيه وأمجد ماله؟!
زفرت بقوة وهي تهتف:
-قولتلي هتتخلص من حسين بس، ليه تخلي أمجد يعمل كده مع ورد، قولنا حسين المشكلة.
سألها متحيرًا لما تعنيه:
-وأمجد ماله وعمل أيه؟، الموضوع أنا خطط ليه وطلع واخد حذره من قبلها وفشل
فهمت من منظره أن الأخير استغله دون أن يعلم، فهتفت مهتاجة للغاية:
-الأستاذ أمجد ساوم ورد بخصوص حسين واستغل الموضوع لصالحه، خلاها تكتب كل حاجة باسمه يوم ما اتقبض على حسين.
دُهش سيف واستنكر معرفة أحد بالأمر:
-طيب أمجد عرف إزاي، كان مراقبني يعني!
استغربت كلمته حيث أخبرها فؤاد من قبل وقالت:
-مراقبك يعني أيه، مش سيادتك متفق معاه تخلصوا من حسين؟!
نفى علاقته بالأمر وهو يحرك رأسه:
-أنا بس اللي عامل كل حاجة!
أدركت مراقبة الأخير له ولعنته علنًا فظهر ابتئاسها ويأسها وهنا فهمت أن الأمر مدبّر. لاحظ سيف وضعها فدعاها للجلوس لكنها رفضت والاغتمام لا يفارقها، قالت:
-أنا خلاص بنتي ضاعت مني، بفضل أمجد اللي كنت مفكراها الطيب وغير بابا، طلع بينفذ كلامه وحتة منه
انزعج سيف منه هو الآخر، لربما له علاقة بفعلته تلك في وجود ورد مع ذلك التافه الآن. فخاطبها متفهمًا:
-طيب إهدي، كفاية ورد علاقتك بيها كويسة وفي داهية الفلوس.
أرادت البكاء وهي تعلق على قوله:
-إنت مفكر يهمني بس الفلوس، بنتي سابتني، مفكرة ليا علاقة باللي حصل مع حسين وإني متفقة مع أمجد.
رأف سيف بحالتها ووعدها:
-خلاص يا لميس لو عاوزة ورد ترجعلك هقف جنبك لحد ما دا يحصل.
-مش هتعرف خلاص انتهى
ثم هزت رأسها بعدم قدرته فأكد لها:
-أنا هعرف، سيبيلي الموضوع…………..!!
******
دعاه والده لمكتبه ولم يتوانى الأخير في التلبية، وحين جلس أمامه سأله مقطّب الوجه:
-أيه مالك، بقالك كم يوم مختفي، فيه حاجة مضيقاك.
طفح الضيق على وجه أمجد وهو يرد:
-لميس يوميًا من وقت اللي حصل بتسم بدني بالكلام، وبتشتمني، لو تعرف بس بتقولي أيه.
هتف السيد في حنق:
-لولا إنها في عصمة راجل كنت وريتها، بس ملحوقة، بكرة تيجي تحت إيدي وهتشوف.
طلب أمجد منه في حذر:
-كفاية يا بابا اللي عملناه فيها، أهي بنتها سابتها وخدنا كل حاجة، مش كنت مش بطيقها.
رد عليه متقززًا:
-هقبل واحدة زي دي بتاع أيه وسط عيلة غالب، أهو دا اللي ناقص
تذكر أمجد أمر سيف هو الآخر فتنهد مكروبًا وسأله:
-طيب هنعمل أيه بعد كده، دا الأستاذ سيف بيتجرأ ويأمرني أديلها كل حاجة، الست لميس معيناه الحامي ليها باين.
استمع له السيد ساخرًا من ذا الأمر، هتف:
-فؤاد عارف كويس إنه لما يدّخّل هيخسر كتير، فبتجري ورا الواد الطايش ده، بس أنا هخليه يتلخم في حاجة تانية بعيد عنك.
سأله أمجد منصتًا:
-إزاي يا بابا؟!
أسند السيد ظهره على المقعد في وضعٍ مريح وقال في دهاء:
-الموضوع هيكون أكبر، هنوقع فاروق مع طاهر بالمرة، خلي كل واحد يشتغل بعيد عني ويعلوا عليا زي ما بيعملوا.
بدا أمجد أكثر حيرة فوالده داهية بمعنى الكلمة ويخشى أن يرفض له أمر. فأكمل السيد في حزم:
-هقولك بفكر في أيه، وعليك تنفذ وغلطة واحدة مش عاوز…………..!!
******
صف سيارته بجانب العمارة كالمعتاد فنظرت له ورد ولم تخفِ ترددها من تلك الخطوة، فعادت تدفعه على تغيير رأيه:
-مش عاوزة يا حسين بلاش عند عمتي!
كأنه لم يسمعها قط فقد اتخذ القرار، ثم هتف حازمًا:
-بقولك أيه، الفترة اللي فاتت مش عارف أشوفك زي الناس، وإنت وحشتيني!
ابتسمت في خجل وتعالت حرارة جسدها من كلامه، فأمرها حسين بالنزول، وحين تمم على قفل سيارته وأخرج حقيبة ملابسها، خاطبها منبّهًا:
-زي ما قولتلك، هنعرّف ماما بس إنك هتباتِ عندنا ومافيش مكان تاني وقال زعلتي مع خالي
ثم حاوط خصرها وهو يدخل بها العمارة وبيده الأخرى يحمل الحقيبة، ثم دفعها لصعود الدرج معه، فعضت على شفتيها متخوفة:
-طيب إفرض قفشتنا يا حسين، دا البيت كله قد كده
تأفف وقال في قلة حيلة:
-الشقة اللي لقيتها لازملها شوية شغل، والموضوع هيتأخر، فاتحملي بقى
ثم تابع في مغازلة موتّرة:
-والواد رامي يومين مش هيكون موجود، وماما نومها تقيل، يعني هناخد راحتنا على الآخر!
خبطته على صدره من استمرار وقاحته ثم أكملا صعود الدرج حتى بلغا باب الشقة، أسند الحقيبة جانبًا، وأعاد تنبيهه لها:
-أوعي تغلطي، زي ما قولتلك، أنا مش عاوز أعكر مزاجها
أومأت في طاعة ثم فتح الباب وهو يدعي الرب بألا يتفاقم الوضع، حين ولجا سحب الحقيبة في حرس ليضعها بجوار طاولة الطعام.
سار الاثنان للداخل حتى الصالون ورؤية السيدة زبيدة تجلس على الأريكة وتقرأ القرآن، فخطا حسين نحوها وترك ورد من خلفه، ثم خاطب السيدة متودّدًا:
-صدق الله العظيم يا ماما!
انتبهت له السيدة وابتسمت، وسرعان ما اختفت البسمة حين رأت ورد، التي نظرت لها في خيبة أمل، فهي ابنة أخيها على الأقل. نهضت السيدة زبيدة جامدة الوجه ونظراتها على ورد، فأسرع حسين ليقبل يدها وهو يردد:
-مساء الورد يا ست الكل.
ردت في ضيق مكبوت:
-مساء الخير يا بني
استجمعت ورد كلماتها وخاطبتها في رقة:
-مساء الخير يا عمتي!
-مساء النور!
قالتها السيدة على مضض فقال حسين متوترًا:
-ورد بسبب مامتها حصل مشكلة مع خالي، فأنا قولت تبات هنا في أوضتي على ما الموضوع يتحل
-أوضتك!!
قالتها السيدة مزعوجة ومستنكرة، فوضّح سريعًا:
-وأنا هبات في أوضة رامي
تابعت ورد مؤشرات قبولها أو من عدمه في ترقّبٍ لعين، وكذلك حسين الذي يدرك لُطفها دائمًا، واتضح ذلك حين وافقت رغمًا عنها:
-طيب، ويا رب الموضوع يتحل بسرعة!
تنفّست ورد في راحة وابتسمت لها، كذلك حسين الذي أعاد تقبيل يدها امتنانًا، وحين رأته يتحرك ليحمل الحقيبة ملأت الدهشة وجهها فتلك الحقيبة ليست لقضاء يوم أو اثنين، بل للاستقرار الأبدي، فلوت فمها وهي تهتف:
-دا باين الموضوع كبير قوي وشكله مطوّل!
غمز حسين لـ ورد بأن تتغابى عن حديث أمه وسار بها ناحية غرفته، فحدقت بهما السيدة بأعين كالصقر، خاطبته في حزم:
-تدخّل الشنطة وتطلع يا حسين علشان عاوزاك في موضوع مهــم……………!!
*******
ابتسمت وهي تراه يجتهد في إخفاء تلك الكدمة من جانب فمه ببعض المساحيق التي استعارها منها، فاقتربت منه لتولي تلك المهمة وقالت:
-Give me the brush so I can do it myself!
-أعطني الفرشاة لأفعل ذلك بنفسي!
أعطاها لها حمزة دون تردد وسعد بمعاونتها، فشرعت جوانا في إخفائها ببراعة فقال تعليقًا على تلك المهارة:
-You ladies are good at that stuff, we’re not.
-أنتن السيدات تجيدن تلك الأمور، أما نحن فلا
قالت في ثقة:
-There are a lot of things we’re good at too!
-هناك الكثير من الأمور نجيدها أيضًا!
لمح في أعينها نظرات غير عادية موجهه له، فقال ماكرًا:
-I see you like me!
-أراكِ معجبة بي!
ابتسمت وقالت في دلال:
-Just me!, all ladies are like that, and you deserve it!
-أنا فقط، فجميع السيدات كذلك، وأنت تستحق!
ضحك حمزة وأظهر أيضًا فرحته بوجودها معه، فسنوات وهي تخدمه بكل تفاني حتى تطوّرت الصداقة بينهما. ثم نظر لنفسه في المرأة وأعجب بما فعلته، فـ ديما اليوم ستأتي لرؤيته حيث ادعى انشغاله الفترة الماضية كي لا ترى وجهه المتضرر، والآن بقى القليل فقط.
قالت جوانا فيما معناه:
-I have good news for you, the day after tomorrow we will carry out the kidnapping of the lady.
-عندي لكَ خبر سعيد، بعد غد سوف ننفذ خطف السيدة.
التفت لها حمزة مهتمًا فأكملت في جد:
-Mr. Jahid told me about this, as he knew that the lady visits her husband’s grave every Thursday and stays there for a while.
-أخبرني السيد جاهد بذلك، فقد علم بأن تلك السيدة تزور قبر زوجها كل الخميس وتظل هناك فترة
ابتهج حمزة من تلك الأخبار وقال:
-I will not appear in the picture, and I hope that this matter will end, as it has been going on for a long time.
-وأنا لن أظهر في الصورة، واتمنى أن ينتهي الأمر فقد طال
بثّت بداخله الطمأنينة أكثر:
-Mr. Jahed prepared everything, and found it easy to kidnap her in that area…!!
-السيد جاهد جهّز لكل شيء، ووجد أمر خطفها في ذلك المجال سهلًا…………!!
******
انطلقت بسيارتها على الطريق السريع وهي ما زالت تتحدث في الهاتف مع أختها، وكانت ضحكاتها تتعالى في تهللٍ واضح وأختها تخبرها بما علمت به، فردت ديما ساخرة ومغتبطة بِبَليّة الآخر:
-زمانه دلوقتي هينفجر من الغيظ، أصله مش متعود واحدة تسيبه.
ردت شيرين عليها في قلق:
-المهم تخلي بالك علشان من وقت ما هددك وأنا مش مرتاحة، أكيد هيفكر يأذيكِ
تجاهلت ديما تحذيراتها وقالت في لا مبالاة:
-وهو جاي يتشطّر عليا، ما يروح عند اللي سابته ولا أمجد اللي سهلها الموضوع.
استمرت شيرين في التنبيه عليها:
-برضه يا ديما، اللي عملتيه مش شوية وجننه دا بقاله كام يوم ساكت، وسكوته ده مش خير أبدًا.
هناك من وتّر ديما فالأخير لن يمرر لها فعلتها، وبالتالي اضطرام الكراهية نحوها، ورغم ذلك عزمت على الحذر من بطشه وانتقامه. ثم غيّرت الموضوع حين قالت:
-سيبك منه دلوقتي، أنا متوترة من التعامل مع حمزة، حاسة مش قادرة آخد عليه، ومترددة أكمل الطريق وأروحله.
زجرتها أختها في غيظ:
-علشان شايفة غيره ورابطة نفسك بالوهم.
ضجرت ديما من كلامها ثم عرجت للطريق الجانبي وأثناء ذلك انتبهت لسيارة بالقرّب تكاد تلامسها وأرادت تفاديها، ضغطت على الفرامل ولم تكن تعمل فتفاجأت، ثم أسرعت في استخدام الفرامل اليدوية وأيضًا لم تعمل، اضطربت وأدركت أن الأمر مُدبّرًا، فارتبكت ولم تعرف ماذا تفعل، غير أنها قادت سيارتها بعيدًا عن تلك السيارة التي بجانبها ثم خاطبت أختها في هلع:
-شيرين العربية مافيهاش فرامل خالص، حتى فرامل اليد
صدق حدس شيرين التي انتفضت موضعها خوفًا على أختها وصاحت:
-أكيد سيف هو وراها!
غاصت أعين ديما في دوامة سوداء خاصةً وهي تزيد من سرعة السيارة لتهرب من تلك التي تطاردها ولم تجد الكلمات لترد على أختها، وعندما نظرت للسيارة من الخلف لم تنتبه للحاجز من أمامها حتى ارتطدمت السيارة به بكل قــوة………………!!

 

يُتبع

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)