رواية اجنبي مغرم الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم الهام رأفت
رواية اجنبي مغرم الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم الهام رأفت
البارت الثاني والعشرون
بغرفة مكتبه، فاجأه بما جلبه من أخبارٍ عنها، هو يعرف أنها تتمادى في الحديث مع هذا وذاك حين تعامل معها؛ لكن لم يتخيل مطلقًا أن يصل الأمر لتلك الوقاحةِ والسفاهة. حدق أمجد بالواقف أمامه والذي كلّفه بمراقبتها لبضع لحظات غير مصدقٍ ما نطق به، وفرض عليه ما سمعه منه أن يسأله جادًا:
-تعرف الراجل اللي كانت معاه؟!
-أجبلك قراره يا باشا
أجاب الرجل في تأكيدٍ وثقة، فأخفى أمجد حدة ضيقه وحنقه حين أمره:
-تفضل مراقبها، وتعرفلي اللي باتت عنده ده مين، وكل صغيرة تكون عندي قبل الكبيرة، فاهم
أومأ الأخير في طاعة ثم رحل بإشارة إصبع من أمجد، الذي نظر أمامه متوعدًا لتلك السافلة، فيبدو أن فرصة التخلص منها قد جاءت على طبقٍ من ذهب دون تدبيرٍ أو تخطيط، واغتبط لذلك فهي تستحق ما سوف يفعله معها قادمًا. ابتسم في لؤم وهو يخاطب الفراغ:
-بقى كده يا ست ورد، بقى الوش البريء الحلو ده يطلع منه كل ده.
نهض من مقعده وتحرك في الغرفة وهو يفكر كيف يفضح أمرها ويدبر لتلك اللحظة، بالطبع لن يمرر الأمر دون استفادة لمصلحته، ربما بفضل ذلك يمتلك هو كل شيء بمقايضة رخيصة حتمية سوف يعلنها لاحقًا، وازداد دهائه ولم يفكر في وضع أخته إن علمت بمكيدته، ودافع عن نفسه بأن ابنتها الوقحة تستحق حين ردد في رضى:
-وأنا مالي، خليها تعرف بنتها اللي ماشية على حل شعرها بتعمل أيه.
ثم اضطرب فجأة من دخول لميس، حيث دقت الباب ولم ينتبه لها، ورغم توتره وقف أمامها في ثباتٍ منظور يحدق بها فقط، بينما خاطبته لميس في ودٍ واضح:
-أمجد كنت عاوزة منك طلب مهم
أجاب بشيء من التجاوب معها:
-خير، إنتِ تؤمري
ابتسمت لتعلن في رحابة صدر:
-عاوزاك تعلم ورد السواقة، لأن اختارتلها عربية تجنن من عندنا
كبح بصعوبة ضيقه من كم البزخ الذي تغدقه لفتاتها المدللة وكأنها لم تنجب غيرها، وكل ذلك من خير أبيه وعائلته، فمرر الأمر الآن ليرد مرحبًا بذلك:
-عيوني، إنتِ طلبتي وعليا التنفيذ
احتضنته لميس ممتنة، غير واعية لما بداخله من غدر، حيث أعربت عن صدق محبتها له قائلة:
-حبيبي يا أمجد، طول عمري بقول ما فيش أحن منك………!!
******
أخذت تتطلع من النافذة الكبيرة على منظر النيل البعيد والبسمة لم تفارق وجهها حين تتذكر ليلتهما الأولى معًا، وهو من خلفها يضمها في محبةٍ وقبولٍ جم، فما حدث بينهما من قُرب أجج بداخله شعور عجيب، ويقسم بداخله أنه رغم زواجه سابقًا لم يتملك منه إحساسٌ كهذا، ويجزم بأنها المرأة الأفضل، فقد أحب اللحظات التي جمعتهما.
أخرجت ورد تنهيدة عميقة أعربت عن راحة تتراقص بداخلها، ثم استدارت لتكون في مواجهته ويديه المتملكة تحاوطها، تبادلا الاثنان النظرات للحظات كانت تتحدث عن روعة ما صار، ومحت الصمت حين خاطبته في رقة:
-أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إني معاك، ومش بس كده، بقيت مراتك بجد وهنكون مع بعض على طول.
استنكر حسين أن يفعلها، خاصةً معها، ووجد بساطة الأمر بعكس رهبته وتوتره. ابتسم ورفع يده ليمسد على شعرها في لطفٍ وهو يعلق في جراءة:
-إنتِ أحلى بنت يا ورد، أنا عمري ما كنت مبسوط قد ما كنت معاكِ.
من شدة فرحتها كادت أن تفقد الوعي حين تسارعت دقاتها سرورًا بما خالجه ناحيتها، ولشغفها في تلك العلاقة سألته:
-يعني عمرك ما هتفكر في حد غيري، هتحبني أنا وبس؟!
هتف بكل صدق:
-مستحيل، أنا نسيت أي حد خلاص، مش عاوز غيرك
تهلُل وجهها زاد من جمالها فطالعها بنظرات حبٍ واضحة في عينيه نحوها. كسر أجواء الغرام هذه رنين هاتفه وعلى مضض ذهب ليجيب عليه، لكن لم تتركه ورد وتأبطت ذراعه مبتهجة، أجاب حسين بشيء من التردد حيث كانت والدته، حدّثها في حذر:
-صباح الخير يا ماما
انتبهت ورد لرده على عمتها، وأدركت قلقه من ردة فعلها حين تعلم بإتمام زواجهما، ثم تحفّزت كليًا لتستمع لحديثه معها. بينما رد حسين على كلام والدته الغاضب من غيابه مبررًا:
-أنا أضطريت أبات في الشقة اللي إدهوالي علشان أروح الشغل بدري بكرة، غصب عني يا ماما
تجهمت ورد من تعليله الذي استفزها ثم ابتعدت عنه حانقة، فنظر لها حسين لتهدئتها لكن لم يخفِ ذلك انزعاجها، ثم ابتعدت لتجلس على الفراش غير راضية، فتأفف حسين كونه لم يجد الشجاعة في إخبار والدته الآن، هو يحترمها ولا بُد أن يتحدث أولًا معها كي لا تتضايق منه، ثم ختم حديثه الودود معها حين قال:
-خلاص اللي تشوفيه واللي تقولي عليه.
التفتت ورد برأسها لتحدق به في غيظ، حيث ازدادت استشاطة من رده المطيع ذاك، وحين اقترب منها نظرت للناحيةِ الأخرى معلنة تجاهلها وعدم قبولها ما يحدث. جلس حسين بجانبها ثم جذبها إليه في رفضٍ منها ثم دفعته بعيدًا لتنهض مبتعدة عنه، لم يكِل ليذهب خلفها ويبدي أسفًا لما فعله للتو، فوقف أمامها قائلًا في هدوء:
-ورد متضايقة ليه بس، واحدة واحدة علشان ماما تكون فاهمة علاقتنا.
كأن تبريره لم يُخفف ما بها حين هتفت رافضة:
-المفروض بقينا مع بعض، يعني هي لازم تعرف، واللي عملته مش صح.
جاء الحديث الجاد في تلك المسألة والذي انتظره، فسألها مهتمًا:
-يعني هتقولي لمامتك إنك اختارتيني أنا؟!
-يعني أيه أختارتك؟!
سألته في عدم فهم، فرد عليها في جد:
-يعني هتسيبي كل حاجة من اللي حواليكِ وتفضلي معايا، في المكان اللي أنا أكون فيه!
ابتلعت ريقها وبهت وجهها فهي لم تتخذ موقفٍ تجاه ذلك، فردت حذرة:
-صعب اللي بتقوله ده، لأن ده حقي وملكي، ليه أسيبه، إحنا هنكون مـ….
رفع كفه في وجهها علامة على السكوت، فنظرت له ورد مختنقة من تعكير صفو لحظتهما اللطيفةِ تلك، فقال حسين في حزم:
-عاوزة الكل يعرف بجوازنا يبقى تعملي اللي أنا أقول عليه، هتسيبي كل حاجة يا ورد وإلا..
انتفضت خوفًا فأسرعت باحتضانه رافضة أن يبتعد عنها، وتلك الحركة منها أسعدته فضمها بقوة فهذا يعني طاعتها له، بالأخص حين قالت:
-طيب هعمل اللي تقول عليه!
نطقت ورد بذلك رغمًا عنها كي لا تخسره في لحظة اندفاع منها، فأثنى حسين على خُنُوعها:
-كده هتكوني حبيبتي بجــد……..!!
******
جلس في بهو الفيلا على الأريكة في وضع أكثر راحة، وأندرو أمامه ينتظر في ترقب ما سيمليه عليه من أوامر حتمًا، وحدث ذلك حين هتف نوح بنبرة سُخط:
-I won’t rest easy with my daughter in his hands, I know why he took her.
-لن أرتاح وابنتي بين يديه، أنا أعرف سبب أخذه لها.
ثم زفر بقوة فقد ضاق صدره مما حدث، استأنف متجهّمًا:
-No one has been created to control me yet, and my daughter will come here.
-لم يخلق بعد من يتحكم بي، وابنتي سوف تأتي إلي هنا
يستمع أندرو له في اهتمامٍ ثم سأله:
-What are we going to do?! It’s hard Noah!
-وماذا سوف نفعل؟!، الأمر صعب نوح!
كأنه عرف الطريقة وذلك ما اتضح على هيئته الساكنة، رغم غضبه من تجرُؤ أحد عليه، حتى وإن كان جده، الذي لطالما يوبخه كثيرًا، نطق نوح في شرود:
-Laila!
-ليلة!
جذب رده أندرو الذي حدق به غير متفهمٍ مغزى علاقة أخته بالأمر، ولإشباع فضوله تابع نوح كلامه موضحًا:
-Laila will come to me, I talked to her.
-ليلة سوف تأتي بها إلي، لقد تحدثت معها.
لاح على أندرو الإنكار وهتف:
-But Miss Laila is with Mr. Suleiman, and she just does what he says, just leaves you and…
-لكن الآنسة ليلة مع السيد سليمان، وتفعل فقط ما يقوله، فقد تركتك و…
قاطعه نوح متأففًا:
-She is my sister, and I am the one who made her declare her obedience to him, so that she would tell me everything.
-إنها أختي، وأنا من جعلتها تعلن طاعتها له، كي تخبرني بكل شيء.
تفاجأ أندرو ثم عاد بفكره للوراء حين تذكر كيف يعلم ببعض الأشياء التي يقوم بها الأخير، وقبيل أن يتحدث نهض نوح وأمره في حزم:
-You will secretly return to New York, and there I will tell you what to do!
-سوف تعود سرًا إلى نيويورك، وهناك سوف أخبرك ما ستفعله!
-Are you going to stay here alone?!
-هل ستبقى هنا وحدك؟!
سأله أندرو محتجًا بطلعته، فنظر له نوح قائلًا في حنق:
-Do you see me as a little boy! Didn’t I come here alone?
-هل تراني فتًا صغيرًا!، ألم آتي هنا بمفردي
لم يكن ذلك ما يقصده أندرو، لكن بداخله تخوف من فكرة تنفيذ تلك المهمة بمفرده، وبعد ملاحظة من نوح انتبه لذلك، فخاطبه ليهدئ من قلقه:
-Don’t worry, some of my men there have made an agreement with them, they will help you get it to me.
-لا تقلق، بعض من رجالي هناك اتفقت معهم، سوف يساعدوك حتى تأتي إلي بها
ثم تقدم نوح للأمام وهو يفكر في ابنته الوحيدة حيث اشتاق إليها، ثم ظهرت عليه علامات الاستياء فهي نقطة ضعفه الوحيدة، ولذلك لن يسمح لأحد بأن يستغلها ضده. فتحرك أندرو ليقف خلفه ويخبره مترقبًا:
-Hamza is going to get engaged to Mr. Farouk Ghalib’s daughter. Do you know, do you think Mr. Suleiman will come here for that?!
-حمزة سوف يخطب ابنة السيد فاروق غالب، هل تعلم، هل تعتقد مجيء السيد سليمان هنا من أجل ذلك؟!……
******
جلست تنظر في وجوم لتلك القطعِ الألماسيةِ الفخمة، التي جلبها خطيبها لتختار ما يعجبها منهم، لم تشعر برغبة في ذلك، وليمر الأمر اختارت أختها الكبرى ما يناسبها بدلًا عنها بطريقةٍ ذكية، وحين رحل الصائغ ألقت شيرين على أختها الهوجاء عدة نظرات منزعجة لم تنتبه لها السيدة راقية والدتهما، ففرحتها بتلك الزيجة حجبت رؤية حزن ابنتها ورفضها لها، بعكس شيرين التي تدرك ذلك منذ البداية.
وفي ظل الأحاديث من حولها، استمعت ديما لرنين هاتفها، ثم تفاجأت حين أمسكته بأنه حمزة، وتعجبت للحظات فمن أين عرف برقمها؟، لكن لم تهتم لمصدر الحصول عليه وأجابت في جمود:
-أهلًا يا حمزة!
نظرت لها أختها في ترقب وكذلك والدتها، نهضت ديما لتتحدث معه بأريحية واتجهت ناحية الشرفة، فظنت السيدة راقية بأنها تحتاج لبعض الخصوصية وابتسمت، لكن في الواقع كانت ديما مستاءة من الأمر، وزاد فضولها لمعرفة صدق مشاعره تجاهها، فسألته بصوت منخفض:
-ليه وافقت عليا، معقول الشغل والنسب يخلوك تتجوز واحدة عمرك ما شوفتها ولا عرفتها؟!
على الناحية الأخرى كان حمزة متسطحًا على تخته وعلى ثغره بسمة ماكرة وراءها الكثير وعينيه تتحدث عن غرض الزواج منها، وبكل هدوء أجاب:
-إنتِ بنت حلوة يا ديما، يعني نسب وجمال، هعوز أكتر من كده أيه!
اكفهر وجهها وهي تستنكر حانقة:
-يكون فيه حب مثلًا!
على الفور أتت ليلة ابنة عمه على باله، أو بالأحرى تذكر ما بينهما، ابتسم في تهكم وعلق:
-مش بآمن بالحب، أهم شيء التفاهم، والحب بعدين
رمشت ديما بأهدابها لتخفي العبرات التي أوشكت على السقوط، فإن كان لا يؤمن بالحب فهي لا، ورغم تجبُّر من تحبه نحوها لم تقل محبتها له، فكيف ستتزوج بآخر وهي تفكر به، يحتاج الأمر منها بعض الوقت، لذا قالت على أمل:
-ممكن تكون فترة الخطوبة طويلة شوية، على ما نتعود على بعض.
لوهلة تضايق من رغبتها، كونها لم تعجب به فأي فتاة محلها لرقصت فرحًا، ثم أرضخ لطلبها على مضض:
-اللي تشوفيه يا ديما!
حاولت تغيير الموضوع في اهتمام لا بُد منه:
-هو قرايبك هيجوا في الخطوبة؟!……….
*****
وقفت عند باب الفيلا تتأمله في دقة وهو جالس بالحديقة حتى أنه قد نسى أن يشرب قهوته من فرط شردوه الوافر، حيث بدا من طلعته وجود خطبٍ ما منذ الصباح، ولمعرفة ما به هبطت تلك الدرجات لتسير نحوه بقليلٍ من الرهبة فلهيبته قوة عجيبة.
اقتربت ليلة منه متصنعة بسمة ظهرت لطيفة، فانتبه السيد سليمان لها مقطّب الوجه، ثم سألها مهتمًا:
-Do you want anything my dear Laila?!
-هل تريدين شيء عزيزتي ليلة؟!
فقط وقفت أمامه محاولة إخفاء توترها، فسألته مترددة:
-I see you so upset since morning, did something bad happen?!
-أراك منذ الصباح هكذا منزعج، هل هناك شيء سيئ قد حدث؟!
قلقت ليلة من وجود خلاف وأخيها جزء منه، لكن رد السيد رغم عدم ذكره لـ نوح زاد من فضولها حين هتف:
-Hamza did something without my consent, that’s why I’m upset
-لقد فعل حمزة شيئًا دون رغبتي، هذا سبب انزعاجي
قتلها شغفها لتعرف أي شيء عنه فهي لم تره منذ بضعة أشهر في آخر لقاءٍ جمعهما، فسألته في هدوءٍ زائف:
-What did he do?!
-وماذا فعل؟!
أشار لها الجد بالجلوس برفقته، فتبسّم وجهها وهي تفعل، فتنهد السيد بقوة ولم يخفِ أمامها شيء، حيث قال متضايقًا:
-He announced his engagement to an Egyptian girl and did not care about my opinion when he told me
-أعلن خطبته على فتاة مصرية ولم يهتم برأيي حين أخبرني
تجمدت ليلة موضعها، وشعرت فجأة بنيران ملتهبة بسائر جسدها، وأضحى السكون حليف طلعتها، وببراعةٍ أخفت حنقها وغضبها من ذاك المخادع، وأدركت سبب فعلته، هو يريد إزعاجها لعداوته مع أخيها، ومن سفح كراهية ما اقترفه اعتزمت مساعدة أخيها أكثر من الأول رغم ترددها من أجله، ودون وعي لحديثها نطقت:
-Always causing trouble, naughty guy
-دائمًا ما يجلب المشاكل، شاب مشاغب
لم يظهر السيد معرفته بوجود رابط غير معلن بينهما، وذلك ما ضايقه، حيث تحدث مع حمزة بشأن علاقته بـها والأخير نفّذ ما قرره. نهضت ليلة غير متزنة فكريًا واستأذنت بالذهاب قائلة:
-I’m going to see Ellen, do you want me for something?!
-سوف أذهب لرؤية إلين، هل تريدني في شيء؟!
ابتسم فقط وهو ينفي، فذهبت ليلة تحت نظراته المدركة لسأمها، ثم ندم للحظات حين أخبرها، ليبرر بعدها قائلًا:
-هو فيه حاجة هتستخبى، بعدين أو دلوقت كانت هتعرف.
حضر غوست فركز السيد نظراته عليه، فوقف الأخير أمامه في احترام ثم تحدّث:
-Sir, we have searched in Egypt and have not found Mr. Noah yet, maybe he is not there
-سيدي، لقد بحثنا في مصر ولم نجد السيد نوح إلى الآن، ربما هو ليس بها
فكر السيد في الأمر جيدًا ولدرايته الكبيرة وعقله الداهية قال مرتابًا:
-Maybe he entered Egypt under someone else’s identity!
-ربما دخل مصر بهوية شخص آخر!
اقتنع غوست بكلامه وبنظراته مدح تفكيره، ولأن ذلك التخمين الأكبر أمره السيد جادًا:
-You should watch Awatif’s house well, he will definitely go there…..!!
-عليك بمراقبة منزل عواطف جيدًا، بالتأكيد سوف يذهب هناك…….!!
******
تتبدل حالته حين يكون معها كليًا، ويظهر اهتمامه بها في كل الأوقات، يرى الحزن في عينيها، وربما هي مجبرة على تقبلُها له لرد فضله فيما يمنحه لها، فهو يدرك مدى النفور المسعّر بداخلها تجاهه منذ رأته.
وضع نوح الأدوية جانبًا حين ناولها إياهم، ثم تأمل طلعتها بشبح ابتسامة، فنظرت له شهد ويقتلها لسانها لتسرد ما بها، فقد طفح الكيل ولم تتحمل تهديد ذاك الخسيس كريم لها، هي ضعيفة وتحتاج لمن يقف معها، وقبل أن تطلب شيء عليها بفضح ما طمسته سابقًا، وحالتها الباهتة تلك جعلت نوح يعتقد تذمرها من وجوده معها كعادتها، لكن لم يتحدث في الأمر، ثم نهض ليعطيها مساحة من الحرية في ذهابه، سألها:
-هل هناك شيء آخر تريدينه؟!
تطلعت عليه كمن سحب الهواء معه، ثم ردت في لهفٍ:
-رايح فين وسايبني، أقعد معايا!
شعر في نبرتها وملامحها شيء جعل الأمل ينبض داخله، ثم جلس مبتسمًا، وكانت لتلك البسمة دفعة لأن تخبره بما تضمره، فابتلعت ريقها قبل أن تغلبها الشجاعة وتقول:
-هتضايق مني لو قولتلك على حاجة وحشة تخصني؟!
عن أي ضيق تتحدث تلك الغبية، فأسرع يقول مرحبًا:
-بالتأكيد لن أفعل، هيا عزيزتي أخبريني ما بكِ!
نظرت له للحظات كانت تسترجع فيهن ما حدث، وفي سأمٍ وندمٍ قالت:
-أنا فعلًا دكتورة غير أمينة، وكل اللي اتقال عني صح
ثم أخفضت نظراتها كي لا ترى في عينيه ربما البُغض والاشمئزاز، ولاحت عليها علامات الحزن والألم لما اقترفته من إثمٍ تعاقب عليه، بينما لم يتفاجأ نوح كثيرًا، فقد ظن سابقًا ربما هي كذلك، وهذا ما كان يزعجه منها، ولشدة تعلقه بها كان يثني ذلك جانبًا، فتنهد بعمقٍ وقال:
-الأهم أنك لن تكرري الأمر فيما بعد!
رفعت نظراتها المهتزة نحوه وهي تشعر بالحرج من نفسها، قالت:
-مستحيل أعمل كده تاني، كفاية اللي حصلي، دا عقاب ربنا على اللي عملته.
تذكر ما بها فسألها مترقبًا:
-هل ما حدث معكِ له علاقة بذلك؟!
لمحت في نبرته الجدية كأنه يحقق معها، وزال عنه قناعُ البَلَهِ لتجد الحزم في هيئته، ذلك ما وتر أعصابها، فردت عليه مترددة وهي تهز رأسها مؤكدة:
-ما هو دا اللي كنت عاوزة أقوله
انزعج نوح للغاية وهتف منفعلًا:
-ولما لم تخبريني منذ البداية، لما أخفيتِ الأمر عني؟!
قبل أن تجيب تفهّم غرورها فتبدلت نظراته للضيق وهو يُضيف:
-أنتِ فتاة عنيدة، هل غرورك من منعك!، بالتأكيد تخوفتي من منظرك أمامي
اغتاظت شهد من حديثه معها بتلك الطريقة وعاتبت نفسها على إخباره فهو قد يستغل ذلك لإذلالها، ربما فرض سيطرته عليها، فرسمت القوة وهي تدافع عن نفسها:
-متكلمنيش كده، لتكون مفكر تقل مني، فوق لنفسك وشوف شكلك
صلّب نظراته عليها في صمتٍ عجيب، فنظرت له هي الأخرى متضايقة مما قالته له لكن لم تعلن ذلك ولم تعتذر. فأشاح نوح وجهه للجانب لثوانٍ ثم عاد يطالعها بنظرات قاسية وهو يهتف:
-تستحقين ما أنتِ عليه!
انقبض قلبها فقد تفاجأت من رده وحزنت على وضعها، وأدركت أن لا سبيل في مساعدته لها، فقد دمرت كل شيء بغبائها وتهور لسانها، فخاطبته في تذلل:
-يعني هتشمت فيا ومش هتقف جنبي؟
أثرت عليه بطراوة هيئتها وهي تتحدث، ودون أن تطلب منه بالطبع لن يتركها، واستخدم الصلابة وهو يأمرها:
-أحكي لي كل ما حدث ولا تكذبي كعادتك………..!!
*****
آخر ما تصوّره أن تفعل والدته ذلك رغم أنها شهدت ثِقْل ما عاشه بسبب تلك الجالسة معها، ثم تقدم لداخل الشقة ووالدته قد نهضت لاستقباله ببسمتها البشوش، فقد خال لها أن إحضارها لطليقته وإعادة الود سوف يجعل ابنها سعيدًا، فهتفت مبتهجة:
-شوف يا حسين مين عندنا، منى!
وقف حسين جامدًا يطالعها بنظرات غير مفهومة، شابها بعض المشاعر، ثم خاطب والدته بطريقة جافة:
-أيه اللي جاب دي هنا؟!
نهضت منى وظهر على ملامحها الندم والألم على تركه، ثم ردت السيدة زبيدة في لطف:
-عارفة يا حبيبي إنك زعلان، بس هي رجعت وطالبة تسامحها، وإنت بتحبـ….
-كان زمـان
قاطع والدته برده القاسي، ثم خاطب الأخيرة في نفور:
-ليكِ عين تيجي وتطلبي أرجعلك، يلا برة
-حسين!
نطقتها منى في ترجٍ ليعفو عنها، فتدخلت السيدة لتخفف الأجواء:
-حسين إنت متضايق دلوقت، بس متجيش على نفسك ورجعوا المية لمجاريها
لم يؤثر حديث السيدة عليه، وبنفس تجبره خاطب الأخيرة في حزم:
-قولت برة، وفي المكان اللي أنا فيه مش عاوز أشوفك
جاءت منى لتتحدث فأشار ناحية الباب كي تغادر، فلم يطيق وجودها كلما يتذكر غدرها، فتحركت منى للخارج وهي تبكي بحرقةٍ، فتابعت السيدة زبيدة ما حدث في عدم رضى، ثم عاتبته:
-ليه كده يا بني، عاجبك حالتك الكئيبة دي
نفخ حسين بقوة فقد عكّرت صفو يومه ثم جلس ولم يعلق، فجلست السيدة بجانبه ممتعضة وقالت:
-بتعمل في نفسك كده ليه، مش دي اللي زعلت على فراقها!
رغم سنين الود والحب التي انتهت بالزواج، وجد عدم القبول تجاهها، وأدرك عدم صدقه، فقد تناسى كل شيء بوقاحة فعلتها، إلى أن تزوج بغيرها، وتذكر حلاوة ما حدث الليلة الماضية وظهرت على محياه بسمة صغيرة، جعلت الدهشة تطغى على السيدة فسألته:
-مالك يا حسين، أنا مبقتش فهماك يا بني؟!
انتبه حسين لوالدته ثم ابتسم لها، قال وهو يمسك بكفها:
-ماما أنا بخير، مش عاوزك تشيلي همي
تألمت من أجله وقالت:
-من بعد أبوك وإنت شايل الهم، وعاوزني أشوفك كده ومعملش حاجة، إنت ابني وحتة مني
لثّم كفها بقبلة طويلة ثم خاطبها في حرس:
-اطمني يا ماما، أنا دلوقتي مبسوط وكويس قوي
حاذر حسين في إخبارها الآن بعلاقته بابنة خالة كي لا تنزعج، وإلى أن يضمن طاعة الأخيرة له. فارضخت السيدة لرغبته وقالت بنبرة ساخرة:
-كل ست اتجوزتها حظك زفت معاها، مافيش حد بيحبك بجد غير بثينة…………!!
*****
ابتاعت بعض الأشياء من أجل أختها، فقد تحمّست لزيارتها اليوم كي تراها، بالأحرى فرصة جيدة لترى حسين أيضًا فقد اشتاقت له رغم مرور وقتٍ قليل منذ كانا معًا. صعدت ورد درجات السلم في خفةٍ وتهلل واضح أشرق وجهها بجمالٍ كبير، وعند إحدى الطوابق ثبتت موضعها وتبدلت حالتها للحنق وهي ترى هذه الفتاة تهبط الدرج، رمقتها ورد في تقزز واضح جعل منى تقف مقابلها وتتأملها بنظرات كارهة، ثم خاطبتها في غيظ:
-بقى يا بتاعة إنتِ كان عينك من جوزي، طلعتي يا بت مش سهلة.
تشددت ورد في ردها وهي تعلق:
-جوزك مين ده، هو أنا واطية زيك، أروح أسيب جوزي علشان راجل تاني
تحكّمت منى في عدم صفعها فقد شعرت بالغيرة نحوها، فزادت ورد من استفزازها حين قالت:
-حسين مش بيحب غيري، قالي إني أحلى ست شافها
من شدة غيظها ضحكت منى متهكمة من حديثها:
-حسين في يوم وليلة حبك، طيب خافي على نفسك علشان شوية وهيرجعلي، دا بيعشق تراب رجليا، بس مسألة وقت، هو اللي كان بينا شوية
تزعزت ثقة ورد قليلًا فقد خشيت حنينه للماضي، لكن أخفت ذلك حين قالت:
-روحي دوريلك على راجل تاني، حسين جوزي، وعمري ما هسيبه لغيري لو فيها موتي
قهقهت منى مرة أخرى وهي تقول ساخرة:
-طيب دوريلك على موتة من دلوقتي
ثم تركتها وأكملت هبوط الدرج، فتعقبتها ورد بنظرات ضروسة فهذه الفتاة تبغض رؤيتها وهي الكابوس لها، ثم تابعت الصعود وهي تفكر في سبب مجيئها هنا وماذا تريـد؟!……..
…………………………………………………
سردت له ما حدث معها إلى تلك اللحظة من تهديدات صريحة، فأنصت نوح لها في اهتمامٍ وصمت إلى أن انتهت وختمت كلامها قائلة:
-عاوزاك تقف جنبي وتساعديني، بلاش بابا يعرف، ممكن يجراله حاجة دا تعب علشانا
-وما المقابل؟!
فاجأها نوح برده. ولبعض الوقت لم تفهم مغزى قوله، ثم انتبهت لمحبته لها، هو يحتاج المقابل، وأعلنت جهلها حين سألته:
-عاوز أيه؟!
لم ينطق بل أشار برأسه عليها، فكبحت ضيقها من رد فعله تجاه ورطتها اللعينة، وأيقنت أن ما قالته في حقه يستحقه، هو بالفعل بشع، ولكي لا تظهر رخصها أمامه قالت في ذكاء:
-أنا مراتك، مش من حقك تخيّرني بالشكل ده، أنا مش واحدة جايبها من الشارع
مال بجسده عليها ثم استند بذراعيه على جانبيها لتكون محاوطة به فتوترت بشدة من قربه، حيث نظراته نحوها غير مريحة، قال في مكر:
-أعني أنك هل سوف تعطيني حقوقي يا زوجتي؟!
لاح الصمت واستمرت النظرات فقط، وقبل أن تجيب استمعا لقرع الجرس، فتنفست شهد في راحة حين ابتعد للخلف، ثم خاطبها قبل أن يتحرك للخارج:
-حديثنا لم ينتهي
تابعت شهد خروجه متضايقة، ولم تتوقع أن تكون هذه ردة فعله، فقد خاب ظنها، ولم تندم على إخباره فهو أهون عليها مما هي عليه من آلام جسدية ونفسية.
لحظات وولجت ورد الغرفة لتجدها هكذا، واعتقدت أن سوء حالتها السبب، فاقتربت منها لتحتضنها بحذر وهي تردد:
-ما شاء الله بقيتِ أحسن من الأول
اكتفت شهد برسم بسمة لطيفة ولم تعلق، ثم ألقت نظرة خاطفة على نوح الذي يقف يتابع صامتًا. هتفت ورد في رقة وهي تضع كيس المشتريات على الكومود:
-جبتلك حاجات حلوة قوي، وكمان الشوكولاته اللي بتحبيها.
امتنت شهد لأختها وجاءت لتتحدث فغصّت فجأة، فاقترب نوح ليعطيها بعض المياه حين رفعها قليلًا وكان اهتمامه واضحًا فابتسمت ورد.
قرع الجرس مرة أخرى لكن أسرعت ورد تقول:
-خليكوا هفتح أنا
ثم تركت لهما بعض الخصوصية، وهيهات من ذلك فقد ضجرت شهد من سُخف اهتمامه فوبخته:
-ابعد كده، وبطل تعملي راجل وإنت نيتك واضحة
وضع جزعها العلوي برفق على الوسادة ثم قال يعنادها:
-عليكِ أن تتحملي نتيجة أفعالك، كل شيء بمقابل فتاتي الجميلة…..!
………………………………………………..
بالخارج كان حسين من حضر وتفاجأ بها، وقبيل أن تتوالى أسئلة ورد عن حضور طليقته أخذها لأحضانه في ودٍ جم وهو يقول:
-وحشتيني!
ذابت في بحر محبته وتجاوبت وهي ترد:
-إنت كمان!
ابتعد حسين عنها فالمكان غير مناسبٍ لإظهار محبته، همس في ولهٍ:
-في بيتنا هوريكِ الحب بجد.
ابتسمت متهللة وقبل أن تخطو معه لغرفة أختها وقفت معه بالردهة تسأله مترددة:
-منى كانت هنا ليه؟!
كي لا يثير الشك بينهما أو تكدير حياتهما قال كذبًا:
-أنا لسه جاي من برة مشوفتهاش.
ردت ورد متخوفة:
-تلاقيها ضحكت على عمتي علشان تقنعك ترجعلها
-مش هيحصل طالما إحنا مع بعض
ثم لامس بشرتها الناعمة وهو يقول ماكرًا:
-أنا اختارتك إنتِ، ولازم تعملي زيي……….!!
******
حضر كما البقية حينما علم بوعكة عمه الصحية للاطمئنان عليه وقضاء الواجب، ثم لاحظ حضور الجميع. بالأخص لفت انتباهه وجود حمزة ووقوفه مع ديما ويبدو من هيئته أنه يخفف عنها فتغابى عن ذلك. جلس سيف بجانب أخيه فؤاد في ردهة الفيلا متأففًا من الداخل. مال عليه وسأله:
-هو أيه اللي حصله مرة واحدة كده، ما كان كويس الصبح
أخفى فؤاد تهكمه وهو يخبره:
-الأسهم اللي اشتراها خسرت، سمع الخبر من هنا أغمى عليه.
أراد سيف الضحك ولكنه تماسك، ثم قال مستهزئًا:
-وزعلان ليه، ما هيجوز بنته لجبل فلوس، يقف معاه ويساعده.
علق فؤاد في لا مبالاة:
-ما إنت عارفه، دايمًا ضعيف ومبيحبش يخسر جنيه
اقتربت لميس منهما ثم سألت سيف:
-مشوفتش ورد النهارده؟، دا مجتش الشركة!
نهض سيف ليتحدث معها مهتمًا، سألها:
-متصلتيش بيها؟.
-التليفون بتاعها مقفول
فكر سيف في الأمر فهو الآخر قد هاتفها بلا جدوى، لم يتدخل فؤاد فهو ينزعج من اهتمامها المنفر ذاك. فقال سيف جادًا:
-اطمني، هعدي أشوفها في شقتها، ولو هروح عند أهلها أسأل عليها
ابتسمت لميس للطفه وشكرته ثم استأذن بالرحيل، فتابعت ديما خروجه رغم إدعاء إنشغالها بالحديث مع حمزة، والذي جاءه اتصال هام فاستأذن للإجابة، فاستغلت ديما الفرصة وذهبت تجاه لميس لتسألها عما يحدث، فأخبرتها لميس بغياب ابنتها، ومعرفتها باجتهاد سيف في البحث عنها زاد من غيرتها وحقدها، ثم سارت في تيه وهي تقنع نفسها أن لا مجال لها معه وعليها أن ترضى بالأمر الواقع وألا تعاند والدها فهو مريض…!
على جانبٍ خاوٍ، وقف حمزة يحدث بيتر في أمرٍ هام، فقال ضجرًا:
-أنا مش هفضل هنا كتير، عاوز أرجع والورق يكون معايا
أخبره بيتر بصعوبة الأمر، لكن لم يمل حمزة وكان يجد الضالة بحنكته حين هتف:
-الست اللي اسمها زبيدة، عارفة كل حاجة، أكيد اللي عاوزه معاها
تساءل بيتر متحيرًا:
-وكيف سنحصل عليه، لقد ذهبنا وفتشنا في جميع الأركان ولم نجده.
تحجر قلبه فما يريد زاده قساوة حين قال:
-ابعت رجالة يخطفوها، وهاتها عندي وبطريقتي هخليها تقول كل حاجة، هي ست كبيرة وهتخاف
وجد بيتر الأمر لا يستحق أذية سيدة كبيرة بالعمر، ورغمًا عنه أطاعه، فأمره حمزة وقد وقّع القرار:
-شوف الفرصة المناسبة وخليها تجي عندي……………………………….!!
يُتبع
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية اجنبي مغرم)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)