رواية قرية الصمام الفصل السادس 6 بقلم مصطفى محسن
رواية قرية الصمام الفصل السادس 6 بقلم مصطفى محسن
البارت السادس
الأشباح الصغيرة بدأت تتراجع لورا ببطء، كأن في قوة خفية بتسحبهم ناحية الظلمة…
وفجأة،، والهواء دخل مرة واحدة.
ظهرت الجنية الكبيرة.
وشها كله غضب، عينيها سودا زى ظلام الليل الشديد، وشعرها نازل على الأرض، مبلول وطويل كأنه سيل طين بيتحرك لوحده.
كانت ماشية على إيديها ورجليها، كل حركة منها تطلع صوت فرقعة أرض ناشفة.
قربت بخطوات سريعة… لحد ما وصلت قدام حسن.
حسن كان متجمد مكانه، عينيه مفتوحة، نفسه بيطلع بسرعة، ومش قادر يتحرك ولا حتى يرمش.
الهوى حواليه برد فجأة،.
أبو سليم وقف قدامه وقال بصوت قوى، والهوى لف حواليه:
“هُوَ الحاجزُ وَالنورُ وَالنارُ، يَا نُورَ مَا قَبْلَ الظُّلْمَةِ، ٱحْتَرِقِي فِي نَفْسِكِ!
بِاسْمِ سِرِّ الرُّوحِ المَكْتُومِ، أَحْرِقْ كُلَّ جِنٍّ تَجَرَّأَ عَلَى نُورِ الحَيِّ القَائِمِ!”
الجنية بصّت له بعينين كلها شر، والهواء حواليها اتقلب، صوتها كان زي صفير الحديد وقالت:
– “محدش يقدر يمنعني عنه يا حارس!”
عيون ابو سليم اتحولت بقت كلها بيضاء، رفع إيده وقال:
“يَا نَارَ السَّمَاءِ، ٱسْتَيْقِظِي، وَٱلْتَهِمِي مَن تَجَسَّدَ فِي الظِّلِّ أَمَامِي!
بِسِرِّ الحَارِسِ المَخْفِيِّ، لْيُحرَقْ كُلُّ جَانٍّ تَجَرَّأَ عَلَى نَفَسِي وَذِكْرِي!”
الهوى لفّ أكتر… التراب في الأرض بقى داير زي دوامة كبيرة، والبيت كله بيرتعش.
وفجأة… ظهر شكل غامض، زي دخان أسود عامل شبه إنسان، راكع قدّام أبو سليم.
أبو سليم مد إيده وقال بصوت أهدأ، لكن فيه ثقة:
“يَا ظِلَّ مَا بَيْنَ النُّورِ وَالعَدَمِ، قُمْ وَٱحْجُبْ عَن حَسَنٍ أَذَى النَّارِ وَسَهْمَ الشَّرِّ!
بِسِرِّ مَن لَا يُرَى وَلَا يُسَمَّى، كُنْ لَهُ دِرْعًا مِنْ ظِلٍّ وَنُورٍ مُطَهَّرٍ!”
الظل رفع راسه، وصوته طالع كأنه من جوف البير:
“سَمْعًا وَطَاعَةً يَا أَبَا سَلِمٍ، أَمْرُكَ نُورٌ يَشُقُّ سَوَادِي!
بِاسْمِ مَن جَعَلَنِي ظِلًّا بِلَا جَسَدٍ، سَأُطِيعُكَ حَتَّى يَصْمُتَ الفَجْرُ وَتَحْتَرِقَ الرُّوحُ!”
الظل مدّ إيده، ومسك الجنية من كتفها،
صرخت صرخة عالية جدًا…
الحيطان اتشقّت، والازازاتكسّر، والصوت كان بيخرّق الودان.
الظل شدّها بقوة، وهما الاتنين اتحولوا لضباب سميك، خرج بسرعة من الباب…
وقبل ما الباب يتقفل.
الظل قال بصوت مرعب:
قَدْ فَعَلْتُ مَا أَرَدْتَ يَا أَبَا سَلِيمٍ، كَمَا نَطَقْتَ فَكَانَ!
ٱلآنَ أَنْسَحِبُ إِلَى سَكِينَتِي، فَإِذَا دَعَوْتَنِي مَرَّةً أُخْرَى… سَتَجِدُنِي فِي ٱلظِّلِّ مُتَرَبِّصًا!
ابو سليم يقولة:
أَبُو سَلِيمٍ: ٱمْضِ يَا ظِلَّ ٱلطَّاعَةِ، فَقَدْ أَتْمَمْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ!
ٱنْحَدِرْ إِلَى سَكِينَتِكَ، وَلَا تَظْهَرْ إِلَّا إِذَا نَادَيْتُكَ بِٱلْإِسْمِ ٱلْمَخْفِيِّ!
الظل يقولة:
أَوَامِرُكَ يَا أَبَا سَلِيمٍ، سَمْعًا وَطَاعَةً بِكُلِّ نَفْسِي.
وَإِنْ نَادَيْتَنِي فِي سُرٍّ أَمْرٍ أوْ خَوْفٍ، فَسَوْفَ تَجِدُنِي قُدَّامَكَ ظِلًّا لَا يَغِيبُ.
وفجاة الباب اتقفل وراهُم، كأن الريح نفسها هي اللي سكّرته.
حسن واقف مذهول، عينه مفتوحة ومش قادر يطلّع صوت، إيده بتترعش،
وأبو سليم بصله وقال بصوت هادي، لكنه تقيل كأنه طالع من جوه الأرض:
“اللى حصل النهارده… ما كانش خلاص، يا حسن.
دى كانت أول مواجهة… واللى جاي، أصعب من اللى راح.”
حسن لسه متجمد مكانه، نفسه متلاحق، بيقول بصوت مبحوح:
– “إيه اللى أنا شُفته ده؟! كانت نار طالعة من الهوا، والظل… بيتكلم!”
أبو سليم بصله بعينين بيضاء، وقال:
– “الظل دا مش عدوّك… دا الحارس اللى سايبينه من زمن جدك، بيحمى نسل الحناوي.”
حسن قال بخوف:
– “هي قالت إنها راجعة… يعني لسه ما خلصتش؟”
أبو سليم لف وشه ناحية الباب المقفول وقال:
– “اللعنة عمرها ما بتموت… بتنام، وتستنى اللى يصحيها. وجدّك، يا حسن، كان آخر واحد صحّاها.”
ابو سليم، قرب من حسن وقال:
– “دلوقتي بقت علامتك ظاهرة… انت خلاص مربوط بيهم.”
حسن بصله وقاله:
– “يعني أنا بقيت زيهم؟!”
أبو سليم قال:
– “لأ… بس هي هتفضل تدور على طريق ترجّع روحها من خلالك. ولو فشلت… هتاخد بنتك مكانك.”
حسن قاله:
– “لااااااا…ملك؟!! لااا! مش هسمح بكده أبداً!”
أبو سليم رفع إيده وقال:
– “اهدَى، واسمعنى للنهاية… فيه طريقة نفُك بيها اللعنة، بس لازم نرجع لمكان البداية — البوابة اللى فتحها جدك عند الترعة.”
حسن قاله:
– “وإيه اللى هيحصل هناك؟”
أبو سليم قال:
– “هناك هنقابل الأصل… مش الجنية اللى شوفتها، لا… أمّ الظلال نفسها، اللى كانت مربوطة بروح الأطفال اللى غرقوا.
لو قدرت تواجهها، وتنكر الد/_م اللى سال باسم جدك، ممكن السلسلة تنكسر.”
حسن قال بصوت متردد:
– “ولو ما قدرتش؟”
أبو سليم بصله بعينين بيضاء نصها نور ونصها دخان وقال:
– “يبقى الفجر الجاى… آخر فجر ليك.”
سكتوا الاتنين.
البيت كله كان هادى، بس من بعيد سمعوا صوت خبط ضعيف جاي من ناحية الترعة…
خبط منتظم، كأن في حد بيحفر جوه الميّه.
أبو سليم رفع راسه وقال:
– “الوقت بدأ يتحرك يا حسن… جهز نفسك، بكرة قبل الفجر هننزل الترعة… هناك، هنفتح اللى اتقفل من سنين.”
وحسن فضل ساكت، عينه على الباب المقفول، ولسه صدى صرخة الجنية بيلف في ودانه.
الليل كان طويل… بس اللى جاي أطول.
حسن بصله وقال بصوت متردد ومليان شك:
– “طب مدام إنت تقدر تواجههم كده… ليه استعنت بالشيخ عدنان من الأول؟ كنت خلصت اللعنة بنفسك!”
أبو سليم قال وهو بيبص في الأرض:
– “اللعنة دي مربوطة بالعنة، وأنا واحد من اللي اتكتفوا فيه… مقدرش أكسرها من غير شاهد من عالمكم، والشيخ عدنان هو الشاهد الوحيد اللي يعرف ينطق العهد من ناحيتكم.”
حسن كان ساكت، بس عينه راحت ناحية الشباك. الازازى اللى اتطسر رجع زى ما كان وتكتب عليه كلمة واحدة مكتوبة بطين: *”الفجر قرب.”*
ساعتها أبو سليم قال:
– “وهناك… هنعرف مين هيفضل عايش.”
انتظروا الجزء السابع بكرة إن شاء الله.
والليل لسه مخبّي الأسرار.
لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية قرية الصمام)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)