رواية قرية الصمام الفصل الثاني 2 بقلم مصطفى محسن
رواية قرية الصمام الفصل الثاني 2 بقلم مصطفى محسن
البارت الثاني
صحيت بدري وأنا حافظ كلام أبو سليم: “قبل المغرب اكون خلصت شغلى”.
نزلنا على الأرض، الطريق كان كله تراب والغريب القرية مفيهاش ناس كتيرة، والنخل ناشف.
لما وصلوا الارض حسن قلبه اتقبض وقال فى نفسه انا شوفت ارض كتير فى حياتى بس مشوفتش رض بالشكل ده.
حسن بص لابوسليم وقاله:
“هاقيس من أول الحيازة لحد الترعة”.
الحج ابو سليم هز راسه وقاله:
“اهم حاجه تخلص بدري ، بعد العصر متقربش من الترعة”.
“حسن” تجهل كلام ابو سليم.
وبدا يركب الخيط والميزان على الارض.
بس حسن حس بنبض خفيفة تحت التراب.
قال فى نفسه:
“يمكن دى مواسير”. وكمل شغله، بس ميل الارض مكنش ثابت.
عند آخر الأرض كانت فيه ترعة، المية فيها هادية قوي عاملة زي المراية، والضفة التانية فاضية خالص.
لفّيت ومشيت شوية، وفجأة سمعت همس واطي ورايا بيقول:
ـ “حَسَن…”
وقفت مكاني، وما بصّتش.
فجأة أبو سليم قال بصوت متوتر:
ـ “ارجع يا بشمهندس… بلاش تقرّب من الترعة، زي ما قلتلك.”
حسن حسّ إن في حاجة مش طبيعية، وقال بهدوء:
ـ “تمام يا حج.”…وما سألتوش.
بعد الضهر جه عبد المقصود.
كان قليل الكلام، وعينه دايمًا في الأرض.
قال بهدوء:
ـ “لو سمعت حد بينده… اعمل نفسك مش سامع.”
قلتله باستغراب:
ـ ” هى دى النداهة؟”
بَصّلي من غير ما يرفع راسه وقال:
ـ “سمّها زي ما تحب… بس ما تردّش.”
حسن ابتسم بسخرية وقال فى نفسه:
الجهل بيوصل الناس لابعد من كدة.
رجعنا قبل المغرب.
دخلتى أوضتي، وظبطت المنبّه على الفجر.
كتبت في الدفتر:
ـ “نبض بسيط في التربة وهيتم أتأكد بكرة.”
حاولت أنام.
السكون اليل كان مرعب حرفيا… لحد ما جت خبطة هادية على الإزاز الشباك:
تك… تك…؟
ما فتحتش.
فجاة الموبايل رن برقم مجهول.
ردّيت:
ـ “ألو؟”
صوت واطي، مخنوق… كأنه طالع من الميّه، قال:
ـ “ما تتأخرش يا حسن…”
قفلت بسرعة.
راجعت سجل المكالمات…
المكالمة مش موجودة.
بعد دقيقة، نفس الصوت…
بس المرة دي جاي من تحت البلاط وقال:
ـ “حَسَن…”
قلبي وقع.
افتكرت وصية عبد المقصود… وسكت.
النداء اتبدّل لصوت بنتي “ملك”:
ـ “بابا… افتح.”
في نفس اللحظة، بلاطة الأوضة بدأت تعلو وتنزل…
كأنه بيتنفّس.
خبطت على باب أبو سليم وقوتله:
ـ “في حاجة غريبة فى الاوضة انا بسمع أصوات بتناديني.”
قال وهو طبيعى وبدون استغراب زى ما يكون عارف اللى بيحصل،:
ـ “الليل هنا ليه صاحبه… لو رديت، هيفتح عليك طريق ما يتقفلش.”
قولت فى نفسى:
ـ “اكيد دى كلها مجرد خيالات.. انا لو اقتنعت بكلامه هكون جال زيه.”
قوتله:
انت كلامك غامض بس انا مش من الناس اللى بؤمن الخروفات د.
ابو سليم بَصّلي وقال:
ـ “هتصدق لما تشوف بنفسك… ايه رايك الفجر نعدّي على الترعة.
رجعت أوضتي، وسيبت نور خفيف.
النداء رجع تاني وقال:
ـ “يا باشمهندس… يا حسن… يا ابني…”
فتحت الشباك شقّ صغير.
هوا كان بارد جدا.
فجأة، نقطة ميّه وقعت على ايدى.
بصّيت لتحت…
على العتبة كانت فيه بصمات صغيرة مبلولة،
جاية من ناحية الحوش،
كأن فيه حد واقفِ قدّام شباكي.
آخر بصمة التانية كانت متشوّهة…
كأن رجل صاحبها ناقصة صوابع.
قفلت الشباك بسرعة وقعت على السرير.
الموبايل نوّر لوحده ، وفتح التسجيلات الصوتيه.
وبعد كدة اشتغل مقطع صوتى مسجل كان فيه حد بياخد نَفَس طويل… وبعدين لاقيت صوتي أنا بيقول:
ـ “لو سمعت اسمك… ما تردّش.”
قولت فى نفسى انا مسجلتش حاجة وانا بقول كدة.
قلقت… التسجيل بسرعة.
التنفّس تحت البلاط بقى أوضح…
شهيق… زفير…
وبعدين سمعت صوت نسائى واقف ورا الشباك وقال:
ـ “يا حسن… افتح بس.”
قولت بصوت مسموع:
ـ ” انا مش هرد… ومش هفتح.”
الباب خَبّط خبطة قوية…
كأن كفّ مبلولة من لمسته للشباك،
وسابت علامة ميّه على شكل إيد طفل.
في نفس اللحظة،
سمعت مفاتيح بتتقلّب في قفل البيت الكبير…
وبعدها جرجرة صغيرة على البلاط في الطرقة.
مسكت اكرة الباب ابيدى.
من تحت الفتحة نِزل خط ميّة رفيع ولمَس رجلي.
الميّة كانت ساقعة… وبعد ثانية بقت دافيه، كأنها فيها نبض.
وصوت انسائى قال:
ـ “لو ماجيتش، هاجيلك أنا.”
ساد سكون… وما كان باين غير نَفَس الأرض.
سمعت صوت أبو سليم من برا الاوضة،
كان بيقرأ بهدوء… وبعدها صوته بقى عالى وقال:
ـ “اثبِت مكانك… ما تفتحش، حتى لو سمعت صوتي! بيناديك”
بعدها على طول، سمعت صوت ابو سليم بيقول:
ـ “افتح يا حسن!”
اتلخبطت…
أنهى صوت فيهم الحقيقي؟
فجاة الاكورة بتاعت الباب لَفّ لوحدها،
وانا مسكتها بكل قوتى.
بعدها سمعت نفس الصوت النسائى قال…
باسم تاني محدش يعرفه هنا:
ـ “يا أبو مَلَك… هنستناك بكرة عند الترعة.”
فجأة كل حاجة سكتت. النبض اختفى. الكهربا رجعت. بصّيت على الباب… كفّ الميّه اختفت، بس سايبة أثر باهت.
فجأة… كل حاجة سكتت.
والصوت اختفى.
بصّيت على الشباك…
كفّ الميّه اختفتى.
ساعتها افتكرت إن بكرة مش قياسات وبس.
بكرة… نزول ناحية الترعة غصب عني.
قولت بكرة الصبح لازم امشى.
بس عقلى قالى انت هتستسلم للتخريف دى.
لازم…تكمل انت محتاج كل قرش عشان تجيب العربية اللى نفسك فيها.
وقبل الأذان بثواني، جِه من ناحية الترعة صوت غطسة واحدة تقيلة، وبعدها همس جماعي بيقول: “تعالى”.
وقبل الأذان الفجر بثواني،
جه من ناحية الترعة صوت حد رمى نفسه فى المية.
وبعدها سمعت الأصوات كتيرة، بيقولوا:
ـ “تعالى…يا خسن تعاله”
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية قرية الصمام)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)