روايات

رواية ليتني اعفو الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم لمسة جمال

رواية ليتني اعفو الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم لمسة جمال

 

البارت الثاني والعشرون

 

الحلقة 22

الفصل الثانى والعشرون

غيابك ليس ككل غياب … غياب يستنزف القلب , يتركه جريحا يبحث عن من يداويه
غياب تقف أحرفي عاجزه عن التعبير … وعقلي عاجزا عن التفكير
أشعر بشيء خفي يعتصرني …لا أستطيع وصفه ،أعجز أن أجد له دوااااء

يجلس وحيدا على مقربة من نهر النيل تتداعى ذكرياته معها وتتبعثر الاحرف الحزينة بخيالاته عله يستطع ان يبكى دموعه ندما على ماصنعت يداه فغيابها عنه كان الجرح القاتل لكبرياؤه
كيف استطاع ان يفعلها ويطلق سراحها وكيف يمزقه قلبه الان على ضياعها منه للابد هل كان عليه ان يستجيب لتوسلات والدها وهل سيستطيع الحياة الان بدونها وخصوصا لمعرفته برحيلها نعم لقد تركته وحيدا ورحلت عن عالمه ولم تعد تتنفس نفس الهواء الذى يحياه على هذه الارض قطع شروده وتاملاته حين قال :يااخى دوختنى عليك كنت عارف اننى هلاقيك هنا كل مابتضيق بيك الدنيا بتيجي نفس المكان نظر له بتمعن شاحب الوجه اشعث الشعر بذقن نامية وملابس غير مهندمة ليهتف صائحا :لحد امتى ياعمر هتفضل على الحالة ديه هامل شغلك وسايب بيتك ومن مكان لمكان ماحدش عارف لك طريق لعلمك ده اخر مكان وصلنى عقلى ادور عليك فيه
بصوت لاحياة فيه رد : ارجوك يامحمد سيبنى لوحدى محتاج اكون لوحدى يااخى
لا مش هسيبك ياعمر اللى بتعمله فى نفسه ده مايصحش لازم ترضى بقضاء الله وقدره الرضا ده صدقنى هيريحك كتير ولازم تبص لمستقبلك بقى الناشر اتصل بيا كذا مرة بيسالنى عنك وخصوصا انك وعدته انك هتخلص رواية جديدة ديه مصالح ناس وانت ماترضاش انك تسبب الضرر للناس اللى معتمدين عليك
ماليش نفس لاى حاجة ومش قادرة اكتب اى كلمة حاس اننى بتخنق روحى ضاعت منى
ياعمر لازم تشغل نفسك فى الشغل انت كدة هتفقد عقلك ياصاحبى وانا كدة هفضل قلقان عليك على طول قوم تعالى معايا
عى فين
هتروح تهندم نفسك شوية وتغير لبسك ده وهتيجي معايا المدير كلمنى لانه مش عارف يوصلك وبما انه عارف علاقتى بيك طلب منى يقابلك لانه عاوز يرجعك الجريدة من تانى
ياااا هو لسة فاكر خلاص ماعادش ينفع
ليه بس
لاننى مابقاش عندى حاجة اقدر اقدمها
كل شئ جوايا مات
لا ياعمر ماتفقدش الامل ده ربنا قال فى كتابه العزيز “وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم”
ماحدش عارف النصيب فين ولو لك نصيب فيها ربنا هيكتب لكم ترجعوا من تانى وعلى ماده يحصل لازم تاخد بالك من نفسك وشغلك ويبقى لك هدف محدد لازم تسعى ليه غير كدة مش عاوز اشوفك بتخسر وتضيع قدام عينيا من تانى
اذعن عمر لطلب صديقه فهو حقا نعم الصديق وقت الشدة دوما يجده بقربه….

شعرت بالم فى راسها وصداع يكاد يفتك برأسها وعنده خرجت من غرفة ابنتها لتجلب لها فنجان من القهوة علها تهدئ هذا الالم وياليتها ماخرجت
لتجد هذا المنظر امامها وتضغط بيد مرتعشة على جانب صدرها الايسر فى جنون لوقف قلبها النابض الذى تغضن الما وغيرة حارقة تشل تفكيرها… لتنصدم به وهيحتضن فتاة فى نفس عمرها وهى تبكى على صدره وهو يمرر يديه على ظهرها يهدهدها كالطفلة الصغيرة ويحدثها قرب اذنها بكلمات هامسة لم تستطع استماعها عندها اخر اتى من بعيد مسرعا ليقترب منهم هاتفا :اميرة حبيبتى ايه الى حصل اسف التليفون كان على الصامت اثناء الاجتماع ماشوفتش اتصالاتك واول ماشوفت رسالتك جيت جرى فريدة هانم مالها
ابتعدت اميرة عن اخيها وهى تتحدث بكلمات متقطعة وسط ذهول حور التى ترى الموقف من بعيد ولكنها لم تستطع ان تسمع لحديثهم

ماما يامروان هتروح مننا ماما مريضة جدا وحالتها متأخرة
جذبها مروان بين احضانه يمسد على شعرها بحنان مردفا :اهدى ياحبيبتى واحكى لى بالراحة عندها اتت الممرضة لتخبر فارس ان والدته تريد ان تراه بمفرده ليلتفت اليهم مستأذنا منهم للدخول اليها
دخل الحجرة بهدوء متذكرا كلمات الطبيب الذى قام باسعافها :الحالة مش مطمنة يافارس كانسر فى المخ وللاسف الحالة متأخرة لانه انتشر فى الجسم كله وانصحكم بلاش تتعبوها وتفكروا فى عمليات خلوها تقضى ايامها الاخيرة وسطيكم ثم تركه وغادر
اقترب منها قليلا وقلبه يعتصر كدما فهى فى الاخير والدته رغم ماحدث ورغم مافعلته به تساءل هل سيأتى اليوم الذى يسامحها على ماجنت يداها فى حقه وحق زوجته وهل ماحدث لها هو ذنب ندى نفض رأسه ليجلس قربها ممسكا بايديها كانت مغمضة عينيها بوجه شاحب وهالات سوداء تحت عينيها عندما تمعن فيها همس لنفسه :ازاى مااخدتش بالى من كل التغييرات الى حصلت لها جسمها نحف كثير اخته اخبرته بماقالته لها الخادمة انها كانت تعانى من الام كثيرة فى راسها بصدفة دائمة
تحدثت بصوت خافت مرتعش:فارس اخيرا جيت ياحبيبى ولبيت ندائى
ارجوكى ياامى ماتتكلميش كتير علشان ماتتعبيش
سيبنى يافارس اقولك اللى جوايا واشيل من على كتافى حمل كبير ماعدتش قادرة اشيله لوحدى يمكن تكون ديه اخر كلماتى ليك
انا عارفة اننى اذيتك كتير حرمتك من حب حياتك وبنتك لكن مين فينا مابيخطأش انا كنت فاكرة اننى بكدة بحميك وبدور لك عى مستقبل افضل ماكنتش اعرف اننى بايدي حطمت حياتك ونهيت على اى سعادة انت عايش فيها ماتفتكرش اننى لما كنت بشوفك وانت بتتقطع قدامى وبتجرحنى بكلامك اننى كنت مبسوطة بالعكس انا كنت اتعس مخلوقة على وجه الارض لاننى اتسببت فى اننى احرمك منها
بس تاكد اننى عمرى مافكرت اننى اكون سبب فى موتها كل الى كنت بتمناه بس انها تبعد عنك كنت خايفة تاخدك منى ومايبقاش ليا وجود جانبك تانى
ارجوك يابنى سامحنى خليني اواجه رب كريم وانت راضى عنى انا عارفة انك صعب تسامحنى لكن انا طمعانة فى كرمك
ارجوكى كفاية ياامى
لا مش كفاية يابنى اتوسل اليك قولى انك سامحتنى انا كنت بتعذب رفضت اننى اتعالج وقلت الموت افضل من اننى اعيش الحياة ديه وولادى كارهنى وبيتهمونى اننى خربت لهم حياتهم
رفضت اعمل اى عملية الدكتور حاول معايا كتير ولما لقى اننى ماعنديش اى استعداد للقبول كتب لى على مسكنات فى الاول كانت بتهدى شوية وبتنيمنى وبعد كدة مابقيتش تعمل حاجة مفعولها راح
صرخ هاتفا: ليه ياامى ليه ماقولتيليش كنت قدرت اسيطر عليه بدرى
خلاص يابنى ماعدش منه فايدة
مد يد مرتعشة ليمسد بها على جبينها ومنبت شعرها هاتفا :طيب اهدى وحاولى تنامى الدوا اللى اخدتيه مفعوله هيبدا يسرى بعد شوية
ضغطت على انامله الممسكة بها بضعف:بس ماتسبنيش ارجوك خليك جانبى
اومأ لها براسه :ماتخافيش هفضل جانبك مش هسيبك
نظرت له برجاء :هتسامحنى
المسامح كريم ياامى المهم هنبدا علاج مكثف وارجوكى ماتمانعيش المرة ديه
لا يابنى انا مش حمل اى علاج وجلسات انا عاوزة اموت فى بيتى وعلى سريرى وبعدها لم تشعر بنفسها من اثر الدواء لتدخل فى ظلام عميق
فى الخارج مازال يواسيها :حبيبتى انتى لازم تكونى اقوى من كدة علشان ماما لما تفوق ماتحسش بحزنك ولا تعبك ده لانه هيأثر على نفسيتها اكتر
مش قادرة يامروان كل ماتخيل اننى ممكن اخسرها فى اى لحظة وتموت احسن بقلبى بيغلى بروحى بتنسحب منى
بعدالشر عنك بس فيه ايه فى ايدينا نعمله هى اهملت فى نفسها وده اللى وصل حالتها للشكل ده واديكي سمعتى كلام الدكتور المعالج ليها انها رفضت العملية من البداية

بعد ان جلبت القهوة عادت الى غرفة ابنتها فهى مازالت فى دورة النقاهة وتنام ساعات كثيرة بفعل المسكنات والادوية المهدئة كى تتفادى الام الجراحة
مازالت تتساءل عن ماهية هذه الفتاة وماهى علاقتها بفارس هل هى زوجته ام اخته ام قريبة له ولماذا تشغل نفسها فى التفكير به ربما يكون له قريب مريض وهو كان يواسيها وعنده اتت الممرضة كى تفحص السيرم المعلق لصغيرة وتقوم بتغييره واعطائها بعض الابر لتتلعثم حور قائلة:بقولك ايه ياسماح
ايوة يامدام حور امرى
هو الدكتور فارس له قرايب مرضى هنا
بحزن هتفت :اه والدته مريضة هنا فى الاوضة اللى جنبيكم ديه حتى اخته ياحبة عينه كانت هتموت نفسها من العياط عليها لحد ماوقعت من طولها
لاحول ولا قوة الا بالله وعاملة ايه دلوقت
مش عارفة انا يدوب سمعت اللى حصل وجيت على هنا ادى لحبيبة الدوا فى ميعاده
طيب شكرا ياسماح والف سلامة عليهم
وخرجت الممرضة وسط شرود حور التى تريد الاطمئنان على فارس واخته ولكن كيف وهل سيقبل سؤالها ام سيعتبره تدخل فيما لا يعنيها!!!

وهبطت الطائرة فى مطار شارل ديجول الفرنسى لتخرج نور تجر حقيبة ملابسها وهى تلف بالطو صوفى طويل حول جسدها لشعورها ببرودة الجو وعندها اقتربت من سيارة اجرة وتحدثت للسائق بفرنسية سليمة ولما لا وهى خريجة مدارس اللغات واعطته عنوان الفندق الذى حجزه لها والدها من قبل والذى ستقضى فيه فترة اجازتها

طرق الباب عدة طرقات هادئة ترددت قليلا وتمنت الا تسمع صوت بالداخل الا انه سمح لها اخيرا بالدخول لتدخل مكتبه على استحياء وهى تبرر لنفسها سبب وجودها الان فى هذا المكان:انا بس هسأل عن والدته واخته هو برضه له جمايل كتير عليا انا وبنتى يكفى انه ماسبهاش من يوم مادخلت المستشفى ودايما بيزورها وبيسال عنها لدرجة ان البنت اتعلقت بيه ومابيمرش ولا يوم من غير ماتسأل عنه لو اتأخر عنها
كان ينظر بتفحص لشرودها وصمتها الذى طال وعندها هتف :مدام حور خير فيه حاجة حبيبة جرى لها حاجة
ابتلعت ريقها بصعوبة لماذا تشعر الان انها اخطأت لم يكن يجب عليها الحضور الى هنا كان عليها ان تنتظر حتى يأتى لحجرة ابنتها وتسأله هناك ولكنها شعرت بقلق عليه وخاصة مرض والدته وتعب اخته المصاحب لحالة الحزن عليها تشجعت قليلا ورفعت راسها :دكتور فارس سمعت ان والدة حضرتك مريضة فحبيت اطمن عليها هى عاملة ايه دلوقت
اتسعت عينيه ذهولا لقد كان يشعر باليأس الذى دب اوصاله قبل قليل ولكن بوجودها قربه وسؤالها عن والدته تبدلت حالته قليلا حتى انه ممتن لوجودها الان لمواساته كما بدت فى نظره رقيقة حانية ليرد قائلا :نحمد الله على كل حال كانت مريضة من فترة ورفضت تعرف حد مننا لحد ما الحالة اتدهورت عندها زى ماسمعتى وربنا يتولاها
شهقة خافتة ووضعت يديها على فمها هامسة لنفسها لهذه الدرجة حالتها متاخرة الا انها تمالكت نفسها هاتفة :واخت حضرتك عاملة ايه دلوقت
الحمد لله هى كمان ماكنتش عارفة انها حامل والحالة النفسية اللى اتعرضت لها اثرت على حملها وربنا يستر بقى راقدة على السرير وممنوع تتحرك والا الحمل ممكن ينزل فى اى لحظة
ربنا يكملها على خير ويطمنك عليهم
نظر لها بلهفة قائلا : حور مش عارف اشكرك ازاى ماتتخليش وجودك جانبى دلوقت عمل فيا ايه انا ..
وقطع كلماته طرق على الباب بقوة لتدخل الممرضة:الحق يادكتور فارس والدة حضرتك تعبانة جدا وبتصرخ
انتفض فارس من مكانه صائحا :ايه ..انا جاى حالا.. اسف ياحور لازم اروح لها نكمل كلامنا بعدين لم ينتظر ردها وجرى مسرعا لغرفة والدته عله يستطيع ان يسكن الامها قليلا…

كانت تقف قرب الشرفة المطلة على نهر السين شاردة فيما آل له حالها : وبعدها لك يانور شهر عدى ولسة جرحك بينزف ومش عاوز يندمل حاسة كأن سكين مغروز فى قلبى وقاعد يحفر فيه الوجع كبير والالم مش عاوز ينتهى كنتى فاكرة ايه انه هيجرى وراكى ويركع على رجليه يطلب السماح تفتكرى عمر المعتز بنفسه وكبرياؤه عنده اهم شئ ممكن يعملها ولو فكر وعملها وجالك هل ممكن تقبلى وتغفرى له ثم انتفضت من مكانها :مستحيل الجرح اللى جوايا هيداويه كلمتين ازاى هقدر استعيد انوثتى المجروحة وقلبى المحطم ازاى هقدر اواجه الناس لما حد يشاور عليا ويضحك ويقول اللى جوزها خانها اهى اكيد مش هيفكروا غير اننى انا السبب اللى خليته يرفضنى ويهرب منى ويلجأ لانثى غيرى تديه اللى ماقدرتش اقدمه له مسحت دموعها بقوة هاتفة :لكن اوعدك ياعمر اننى اكون انسانة جديدة قوية هرمى كل الماضى ورا ظهرى بس ياريت تخرج انت من عقلى ومن تفكيرى وقلبى
بدلت ثيابها وخرجت رافعة ذقنها بشموخ متجهة لقاعة الطعام حيث موعد تناول الغذاء
بابتسامة باهتة املت النادل طلباتها والتفتت ناظرة من الشرفة القريبة منها المطلة على المناظر الساحرة الخلابة الا انها انها لمحت ظل يقف امامها وقبل ان تساله هتف صائحا :دكتورة نور مهران مش معقول
شعر الواقف امامها أنها تنظر له بحيره فلم يلق نظره عليها وأكمل :ماصدقتش عيني وانا شايفك وانتى داخلة القاعة قلت اكيد بحلم وانا صاحى ولا ايه
ردت بدهشة :حضرتك تعرفنى
ومين ميعرفش فاتنة الجامعة ..الاولى على دفعتها بامتياز لمدة ست سنوات على التوالى
مازالت مندهشة لتكمل وحضرتك مين بالظبط
جلس مقابلا لها بدون دعوة منها ليزيد دهشتها قائلا :معاكى دكتور حسام الدين منتصر اكيد ماتعرفنيش لكن انا اعرفك كويس انا كنت سابقك فى الجامعة بكذا سنة انتى كنتى زى النجمة المتلالئة فى السما عاملة لنفسك هالة بتقول ممنوع اللمس لاحد يقدر يقرب ولا يقدر يلمسها الكل كان بيلف حوايكى بيحاول يحصل منك على نظرة لكن انتى ماكنتيش بتبصى لحد فيهم وهمك الوحيد كان مستقبلك ودراستك وبس
مازالت مستمعة له وقد تغضن جبينها مللا لا تعرف الى الان ماذا يريد
ولكنه همس لنفسه:وانا كنت واحد من اللى كان نفسه فى نظرة لكن للاسف كنت حتة صعلوك لا راح ولا جا كنت هاجى فين جنب كل اللى بيحاولوا يوصلوا لك
ثم رفع عينيه لها انا كنت بتابع اخبارك لحد ماخرجتى من الجامعة لما جات لى فرصة السفر للدراسة والشغل ماكدبتش خبر وزى ماانتى شايفة غربة استمرت ست سنين والى الان مين عارف هتستمر لامتى
يااااا كل ديه سنين متغربها ومافكرتش ترجع لاهلك ولا لوطنك
والدى ووالدتى توفوا قبل مااسافر واخواتى البنات كل واحدة مشغولة ببيتها وولادها وجوزها حسيت اننى هكون عالة عليهم فقررت السفر ثم ضحك متذكرا :مش هتصدقى لو قلت لك انهم كانوا اقرب حد ليا اقرب من روحى بس خلاص بقى لهم حياتهم الى ماعادش ليا مكان فيها حسيت اننى ضيف غير مرحب بيه وقررت ساعتها اننى اهتم بشغلى ونجاحى ومستقبلى والحمد لله
وياترى اتخصصتى فى ايه بقى اكيد قلب امتدادا لدكتور ماهر
يااا انت كمان يادكتور حسام لا ياسيدى تخصص اطفال
وطبعا بتدرسى فى الجامعة دلوقت
لا للاسف انا ماحبيتش شغل مكاتب وتدريس بعد ماحصلت على الماجستير قررت انزل للحياة العملية الشغل مع الاطفال متعة
طمنيني بقى انتى هنا فى سياحة ولا عمل
لم تعرف كيف تسلل اليها باسلوبه المرح وكلماته العذبة وحكاياته عن اهله واخواته حتى انها بدت كما لو كانت تعرفه منذ زمن بعيد وكأنها لم تراه لاول مرة منذ قليل فقط :لا انا فى سياحة
حلو قوى طيب اعتبريني بقى مرشدك السياحى فى البلد ديه ومن بكرة هنبدا الجولة
د. حسام مش عاوزة اعطل حضرتك ومش عارفة ظروفى ايه
اولا ولا عطلة ولا حاجة انا من يوم ماجيت البلد ديه مااخدتش اى اجازة ثانيا بقى مش هقبل اى اعتذارات ده انا ماصدقت لاقيت حد من اهل بلدى ده انا نسيت العربى ياشيخة حتى اقدر استعيد لى كلمتين هروح بقى لصديقى اللى شكله خلل ده فى انتظارى
مش عارفة اشكرك ازاى يادكتور
الشكر الوحيد انك تقبلى دعوتى لفسحة بكرة انا هعملك بروجرام هايل يالا استأذن انا بقى مع السلامة
اومأت له وهى لاتعرف كيف ستسيرها الايام القادمة ….

فى الصباح استيقظت على رنين الهاتف القريب يبدو انها تاخرت فى نومها فهذه الايام تنام كثيرا عن المعتاد ولا تعلم السبب اقتربت منه ورفعت سماعتها قائلة : نعم
سيدة نور هناك شخص يريد التحدث اليكي
وهو كذلك اوصلنى به
ايوة يانور معاكى حسام صباح الخير
اسف اتأخرت عليكي جاهزة ؟
ردت بخفوت : هى الساعة كام دلوقت
11 ايه ده شكلك لسة نايمة انا اسف مرة تانية اننى قلقتك من النوم
لا ابدا انا شكلى نمت اكتر من اللازم طيب ثوانى وهنزلك
وانا فى انتظارك
خرجت من فراشها الدافئ بعد ان تمطعت ولكنها كانت تشعر بدوار خفيف التصقت بباب الحمام تستند عليه قليلا وبتذمر :اكيد جات لى الدوخة ديه لاننى مااكلتش كويس امبارح بس اعمل ايه ما الاكل بتاعهم ماعجبنيش ومش متعودة عليه حتى ريحة ييي وشعرت عندها بالغثيان
همت بالاغتسال وابدال ملابسها ببنطال جينز وقميص حريرى طويل يكاد يصل الى ركبتيها وحذاء مطاطى ثم ارتدت البالطو الصوف حتى تنعم بالدفء وخرجت للقاؤه…

ها ايه رايك نبدا بمتحف جربين وبعدها نروح على برج ايفل نتغدا فيه ونختم جولتنا النهاردة بالتسوق فى الشانزلزيه
وبكرة بقى هنقضى اليوم كله فى ديزنى لاند هتعجبك قوى وهتنبسطى فيها
حيلك حيلك ياحسام كتير قوى وهيبقى مجهد جدا وانا حاسة اننى مش مظبطة النهاردة
بقلق قال :مالك يانور انتى تعبانة وشك اصفر ليه كدة ليه حاسة بحاجة
تلعثمت قليلا :لا ابدا بس شكلى مش متعودة على الجو والبرودة اللى فيه يالا بينا
وبالفعل كان يوم ممتع استمتعت بالمناظر الجميلة الساحرة وانتهت جولتها فى التسوق ولكنها فجأة شعرت بدوار قوى يعصف كيانها وبعدها اظلمت الدنيا من حولها

فتحت عينيها لتجد نفسها فى حجرة بيضاء تريح عين الناظر اليها وملاك الرحمة تبتسم قربها تعلق لها السيرم هاتفة :كيف حالك سيدتى
انا فين ومين اللى جابنى هنا
عندها دلف دكتور حسام الى حجرتها بهدوء لا يعكس النيران المشتعلة داخله قائلا :حمدالله على السلامة سيدتى كدة تقلقيني عليكي
وبحزن ظاهر :نور انتى متجوزة
بتلعثم قليلا اردفت :نعم ..ليه وانت عرفت ازاى
نور انتى حامل وماكانش لازم تبذلى المجهود ده كله اللى عملناه النهاردة كان لازم تقولى لى من قبلها وبتشكك :الا لو كنتى مش ..
بتقول ايه ياحسام حامل ..وهمست لنفسها طيب ازاى لتتذكر هذه الليلة الذى اخذها فيها عمر ويتغضن جبينها حزنا ياربى اعمل ايه وابرر الحمل ده لبابى ازاى وعمر هقوله ايه اننى قعدت معاه سنة كاملة ماحصلش حاجة ومن ليلة واحدة اتغيرت حياتى كلها كدة
كنت حاسة بتغيرات كتيرة بتحصلى وبكدب نفسى اعمل ايه دلوقت
قطع شرودها :فين جوزك يانور ابو الطفل ده
حسام انا ..ثم اغمضت عينيها هاتفة :انا منفصلة عن ابو البيبى ده من فترة
بفرحة هتف :ايه ازاى
احست نور انها تريد ان تحكى له مامرت به ولا تعلم لما ولكنها سردت له كل شئ عن حياتها الماضية ارادت ان تشعر بوجود احد قربها الا انها لم تتطرق لهذه الليلة وانهت حديثها :مش ممكن هعرفه اى حاجة على الاقل دلوقت
نور انتى كدة بتغلطى فى حقه وفى حق البيبى الى هيجي على وش الدنيا ده
مش هقدر ابص فى وشه على الاقل دلوقت واقوله اننى حامل منه صعب ياحسام
طيب ناوية على ايه
مش عارفة دماغى وقف عن التفكير
مسح حسام قليلا على جبينه يفركه من التفكير ثم صاح :ايه رايك تكملى دراستك هنا وتاخدى الدكتوراه وكمان تشتغلى فى المستشفى تعرفى انهم طالبين جميع التخصصات ومااعتقدش انهم ممكن يرفضوا حد كفاءة زيك
فكرت قليلا ثم قالت :مش عارفة ياحسام محتاجة افكر وكمان بابى ازاى هسيبه لوحده
لو على باباكى هو ممكن يجى لك زيارة فى اى وقت يشتاق لك ويقعد معاكى زى مايحب ديه فرصة يانور تريحي اعصابك وتبعدى عن كل الضغوط اللى حواليكي وتقدرى ساعتها تاخدى قرارك بهدوء
لما اشوف واخد رايه ودلوقت عاوزة امشى من هنا
خلاص بس يخلص السيرم ونمشى على طول
وبالفعل اتصلت نور بعد ان عادت من الفندق بوالدها ولكنها خافت ان تخبره بحملها تشعر بحرج كيف ستبلغه هذا الامر

يعنى ايه يانور واهون عليكي انك تبعدى عننى المدة ديه كلها ده انا ماصدقت لاقيتك
ارجوك يابابى انا محتاجة ابعد الفترة ديه كل مكان هناك بيفكرنى بمأساتى وخيبة الامل اللى انا وصلت لها على الاقل الفترة الجاية واوعدك بمجرد ماانهى الدكتوراه هنزل على طول وانت تقدر تيجي تزورنى فى اى وقت تحب
ياريت تبعت لى بالفاكس اوراقى وشهاداتى الدراسية وشهادات الخبرة
علشان الحق اقدم قبل بداية الدراسة
بحزن اعرب :خلاص يابنتى زى ماتحبى مش هقف عقبة فى طريق مستقبلك
شكرا يابابى راح اشتاق لك كتير
بس ماتحرمنيش من سؤالك عنى دايما
ان شاء الله
وبالفعل ساعد حسام نور فى الحصول عى العمل فى المشفى بل قدم لها اوراقها فى الجامعة وعثر لها على شقة بقربه فى الxxxx الذى يقطن به

عدة شهور مرت
طرق باب مكتبه ليسمح للطارق بالدخول :ادخل
مساء الخير ازيك ياعمى
اهلا ياعمر يابنى ازيك اخبارك ايه
الحمد لله ماشى الحال طمنى ياعمى نور هترجع امتى
للاسف يابنى نور مش هترجع دلوقت
انقبض قلبه الما :ليه ؟
نور بدات عملها فى مستشفى هناك وقررت تكمل دراستها وتاخد الدكتوراه
يااا للدرجة ديه رافضة ترجع البلد يعنى انا هفضل محروم منها كدة ه لحد امتى انا كنت جاى وعندى امل اننى هسمع من حضرتك اخبار تسعدنى تقولى اانها قربت توصل
طيب انا مسافر الاسبوع الجاى دبى علشان حفل جوايز الدولة التقديرية الروائية واتصلوا بيا يبلغونى اننى من اللى حصلوا على الجايزة وبعدها هروح على فرنسا على طول
ارجوك ياعمى اديني عنوانها
صعب ياعمر ماينفعش
ارجوك ياعمى انا مش هخليها تشوفنى خالص هشوفها بس من بعيد اشتاقت لها ومحتاج املى عيني منها اوعدك انها مش هتحس بيا نهائى بس اشوفها وهمشى على طول
يابنى انت كدة بتعذب نفسك وهتعذبها معاك انا ماصدقت اننى اسمع ضحكتها ترجع لها من جديد اخر مرة سمعتها فيها
اتوسل اليك ياعمى ماترفض واقسم لك انها مش هتشوفنى وانا اد كلمتى
اذعن مهران لتوسلاته فهو حزين لحاله الحزن المصاحبة له طوال الفترة السابقة ولولا انه يعلم بحبه لابنته لما وافق باخباره

وبالفعل سافر عمر الى هناك وعندما وصل الى المشفى سالهم عن مكان وجودها وقبل ان يذهب الى هناك اتسعت عيناه ذهولا بما رأى !!!

خرجت من المشفى بصحبة حسام يتبادلا اطراف الحديث :متهيألى انك لازم تتوقفى يانور عن الشغل اليومين دول انتى مش شايفة حالتك انتى ممكن تولدى فى اى وقت
حسام الشغل هو اللى بيشغلنى عن اى تفكير وبيحسسنى اننى لسة عايشة وعندى هدف احققه
طيب على الاقل استكفى بمرواحك الكلية اليومين دول علشان ماتجهديش نفسك كتير قبل الولادة
لسة بدرى عشر ايام كمان هعمل فيهم ايه انت عارف اننى بحس بالملل اد ايه فى البيت لوحدى

وفجأة سمعت صرخة تناديها لتلتفت زوجين من العيون لمن يهتف صائحا :نوووووور!!

ياترى من هو ولما صرخ هكذا ؟؟؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى