رواية سارة وأحمد وصفاء الفصل السادس 6 – سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك
رواية سارة وأحمد وصفاء الفصل السادس 6 – سيد أحمد خالص التعازي في وفاة زوجتك
البارت السادس
هبت رياح النهر الجليدية على وجهها، وتغلغل البرد في عظامها مثل السكين، نهضت سارة وواصلت المطاردة.
لكنها قللت من تقدير حالة جسدها الحالي، ولم تجر سوى بضعة أمتار حتى سقطت بقوة على الأرض. فُتحت أبواب السيارة مرةً أخرى، وتوقف زوج من الأحذية الجلدية اللامعة أمامها.
رفعت نظرها تدريجياً على طول السروال المشدود للرجل، لتلتقي بعيون أحمد الباردة.
“أحمد…” قالت سارة بصوتٍ ضعيف.
حطت يدٌ بارزة الأصابع فوقها، وفي لحظةٍ ضبابية رأت سارة الشاب ذو الملابس البيضاء الذي أبهرها في الماضي. مدّت يدها إليه بشكل غير إرادي.
وبلحظة تشابُك أيديهم سحب أحمد يده ببرود، حيث منحها الأمل ثم انتزعه بلا رحمة، مما جعل جسدها يتهاوى مرةً أخرى على الأرض.
لم تكن قد أُصيبت، لكن السقوط جعل كفها يتلقى بشظايا الزجاج المكسور، وسقطت الدماء بشكلٍ لامع على الأرض.
تجمدت عيون أحمد السوداء للحظة، لكنه لم يتحرك.
شعرت سارة بشيءٍ من الاضطراب، وتذكرت كيف كان يأخذها إلى المستشفى في منتصف الليل عندما كانت تتعرض لجروحٍ صغيرة.
كان الطبيب يقول في ذلك الوقت: “لحسن الحظ أنك جئت مبكرًا، لو تأخرت أكثر لكانت الجروح قد بدأت تشفى.”
تداخلت الذكريات الماضية مع الرجل الذي أمامها، عينيه ما زالت كما كانت، ولكن الفارق أنهما تبدلا من الإهتمام إلى السقيع.
قال أحمد ببرود لا رحمة فيه: “يا سارة، إذا كان الآخرون لا يعرفونني، فهل لا تعرفينني أنتِ؟ كيف يمكن لشخصٍ يمكنه الركض لمسافة ألف وخمسمائة متر أن يسقط بعد بضع خطوات فقط؟”
نظر إليها بنظرة باحتقار، كأنها طعنات تُمزق جسدها بحد السيف. حاولت سارة تفسير موقفها، قائلة: “لم أخدعك، أنا فقط مريضة وضعيفة…”
قبل أن تكمل تفسيرها، انحنى الرجل الطويل ورفع ذقنها، ومرر أصابعه الخشنة على شفتيها الجافتين، وقال: “إنه بالفعل كما يُقال، بما أن الجدران العليا معوجة، فالأدنى منها بالطبع معوج أيضًا. تمامًا مثل والدكِ المتظاهر، من أجل بعض المال، لا يتردد في تمثيل هذا العرض السيء.”
كلماتُه كانت أكثر قسوة من برودة الرياح، كأنها طعنة قوية إلى قلبها. دفعت سارة يده بيدها، قائلة: “أبي لم يرتكب أي خطأ، أنا أؤمن أنه لن يفعل شيئًا لا إنسانيًا!”
سخر أحمد قائلاً: “حقًا.” لم يكن مهتمًا بمناقشة هذا الموضوع، بل أخرج شيكًا من محفظته، وملأ رقماً عشوائيًا، ثم وضعه أمامها بين أصابعه.
“هل تريدينه؟”
كان المبلغ خمسة ملايين، وهو رقم ضخم، يكفي لإعفائها من القلق بشأن تكاليف علاج رشيد لفترةٍ طويلة.
ولكن، من الواضح أنه لم يكن لديه نية طيبة. لم تأخذ سارة الشيك.
“الشرط.”
همس أحمد في أذنها: “طالما أنكِ ستقولي بوضوح أن والدكِ هو حيوان أدنى من الكلاب والخنازير، فإن هذا المال سيكون لكِ.”
تغيرت ملامح وجه سارة بسرعة، ورفعت يدها لتصفعه، لكن أحمد أمسك بمعصمها، وتسبب تصارعها في إصابة يدها، تاركة أثرًا من الدم على قميصه.
شدد أحمد قبضته، وأصبح صوته أكثر حدةً: “ماذا؟ ألا تودين؟ حسنًا، فليمت في المشفى إذن، لقد اخترت له مكان دفنه بالفعل.”
سألت سارة، التي كانت تبكي: “لماذا أصبحت هكذا؟” بدا الرجل الذي قال إنه سيحميها طوال حياتها، ولن يجعلها تبكي، كأنه كان حلمًا، ودموعها اليوم أصبحت مجرد أداة لإرضائه.
حتى الضوء الأصفر المائل من أعمدة الإنارة على وجهه لم يكن يحمل أي دفء، بل كان يعبر عن نفاذ صبره: “ألا تريدينه؟”
ترك أحمد سارة، ومزق الشيك ببطء. حاولت سارة اعتراضه، لكن تم دفعها بعيدًا. بدا كقاضٍ يراقبها كمُتهمة ببرود: “لقد أعطيتُكِ فرصةً.”
تفتت أوراق الشيك الممزقة كآمالها المبعثرة، وسقطت كالفراشات الممزقة حولها.
“لا، لا!” حاولت سارة جمع الشظايا الممزقة بشكلٍ محموم، ودموعها تتساقط على الأرض.
كانت في حالة من الفوضى كطفل فقد كل شيء، غير قادرة على فعل أي شيء سوى البكاء. استدار أحمد ورحل بينما كان يصعد إلى سيارته سمع صوت ارتطام، فلف رأسه للخلف ليري شخصًا مُمدًا على الأرض فاقدًا للوعي.
سأل السائق خالد، بقلق: “أيُها الرئيس أحمد، يبدو أن المدام فقدت الوعي، هل نأخذها إلى المستشفى؟”
نظر أحمد إليه ببرود: “هل تهتم بها؟”
كان خالد يعمل مع أحمد منذ فترةٍ طويلة، وكان يعلم أن مدير أحمد كان يحب السيدة في الماضي، لكن بعد أن ذهب للتعّرُف على جثة، تغيرت شخصيته.
كانت هذه مسألةً شخصية، لذا لم يجرؤ على السؤال، وامتثل بأدب وأخذ السيارة بعيدًا.
بينما كانت السيارة تبتعد، نظر أحمد من خلال المرآة الخلفية إلى المرأة التي لم تقم، وازداد عدم اكتراثه.
بعد طول غياب، أصبحت تتقن التمثيل بشكلٍ أفضل. على الرغم من أن سارة كانت تربت في رفاهية، ولكن قد جعلها والدها تمارس العديد من الرياضات القوية منذ صغرها لحمايتها من التنمر.
كيف يمكن لامرأة ذات حزامٍ أسود في التايكوندو، ومستوى السابع في الملاكمة، أن تسقط هكذا؟ في عينيه، كان هذا مجرد تمثيل من سارة لأجل المال.
وبإنتهاء تفكيرُه هذا، أعاد أحمد نظره ببرود وامتنع عن النظر مرة أخرى.
حين اختفت سيارة أحمد عن الأنظار، وصل باسل إلى جانب سارة بسرعة.
استفاقت سارة مجددًا، لتجد نفسها في نفس الغرفة التي غادرتها منذ وقتٍ قصير. كان ظهر يدها متصلاً بمصل، والسائل البارد يتسرب ببطء عبر الأوردة المتورمة، كما تم تضميد جرح يدها اليسرى.
كانت الساعة الجدارية على الجدار قد بلغت الثالثة صباحًا، وقبل أن تتحدث، قال باسل بصوت هادئ: “آسف، لقد تابعتك لأنني كنت خائفًا من أن تفعلي شيئًا متهورًا.”
حاولت سارة أن تقوم، ولكن باسل سرعان ما وضع وسادة إضافية تحت رأسها وأعطاها الماء، مما جعلها تشعر بتحسن قليلًا وقالت: “هل رأيت كل شيء يا زميلي الأكبر؟”
أجاب باسل: “آسف، لم يكن من نيتي التدخل في خصوصيتك.”
كان باسل نظيفًا كصفحة بيضاء، واضح في نواياه على عكس أحمد.
“لا بأس، أنا زوجته، فليس لدينا علاقة سرية.”
رأت باسل مُتعجبًا، فقالت بابتسامة مريرة: “صحيح، الجميع يعتقد أن صفاء هي الزوجة القادمة، حتى وإن لم تصدق، فإنني…”
قاطعها باسل بسرعة: “بلي أصدق. فإن خاتم زواجك الذي أعلم عنه هو إصدار محدود من متجر لازوردي صدر قبل ثلاث سنوات، ويوجد منه قطعة واحدة فقط في العالم، وقد ذكرت المجلات أنه صُمم خصيصًا من قبل مالك لازوردي لزوجته. أعلم أن مالك لازوردي خلف الكواليس هو أحمد.”
قد فكّر في علاقتهما من قبل، ولكن بعد رؤية شائعات أحمد مع صفاء، ولأن أحمد لم يظهر في المستشفى طوال العامين الماضيين، فقد نفى هذا الفكرة.
بشكل غير واعٍ، لمست سارة مكان الخاتم الذي كانت ترتديه فكان خاليًا، والجلد أفتح من المنطقة المحيطة به، كأنه يذكّرها بزواجها الساخر.
“لم يعد يهمني إن كنت زوجته أم لا، غدًا الساعة التاسعة سنتطلق.”
“هل يعرف عن حالتكِ الصحية؟”
“لا يحق له أن يعرف.”
- لقراءة باقي الفصول أضغط على (رواية سارة وأحمد وصفاء)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)