رواية مغرم مجنون الفصل الخامس عشر 15 بقلم خديجة أحمد
رواية مغرم مجنون الفصل الخامس عشر 15 بقلم خديجة أحمد
البارت الخامس عشر
#مغرم_مجنون
البارت الخمستاشر
نيهال
خطت أول خطوة جوه الفيلا، والظلمة كانت خانقة…
الهدوء كأنه بيهمس في ودانها: ارجعي… المكان ده مش أمان.
بس رجليها ماقدرتش ترجع، كأنها اتسمرت في الأرض.
وفجأة — كليك!
الأنوار كلها ولعت مرة واحدة!
الضوء ضرب في عينيها، فرفعت إيديها تحمي نفسها،
ولما نظرت حواليها…
اتجمدت.
كل حيطه، كل عمود، كل ركن في الفيلا
معلق عليه صور “أميرة”.
ضحكتها، ملامحها، نظرتها وهي صغيرة… وهي شابة… وهي مريضة…
كل صورة كانت سكين بيغرز في قلب نيهال.
شهقت، إيديها بدأت ترتعش، وصوت دقات قلبها بيعلو في الصمت.
ـ مستحيل… دا مش حقيقي…
صوت خطوات هاديه جاي من آخر الممر.
كل خطوة تقرب أكتر، وكل نفس منها يبقى أتقل.
وفجأة… ظهر راكان.
وقف قدامها، ضوء النور مسك وشه من النص،
عينه فيها برود قاتل وابتسامة صغيرة بتلعب ع شفايفه.
نيهال بصدمه، صوتها طالع متقطع:
ـ ا… انت اللي عملت كل دا؟
راكان مشى خطوتين لقدّام، وبص حوالين الصور كأنه بيتأمل معرض فني:
ـ حلوه صح؟
وقف عند صورة كبيرة في النص، ابتسامته اتسعت وهو بيبصلها بحنان غريب:
ـ طول عمرها حلوه… حتى وهي بتموت كانت حلوه.
رجع ببصره لنيهال، ونبرته بقت أعمق:
ـ بس إنتي خليتي موتها يبقى بشع.
عيناها ولّعت نار، وخطواتها تقيلة على الأرض، صوت قلبها بيعلو فوق صمت الفيلا:
ـ فين بنتي يا راكان؟ هاتها دلوقتي!
ـ لو ما حصلش اللي أنا عايزه، رد فعلي مش هيعجبك.
راكان وقف قدامها، ضحكته فيها برود وتهكم، ونظرة عينيه مسلطة عليها:
ـ م… كفاية عجرفة بقى. أنتي هنا في ملعبِي، هتمشي بواقعدي، وأنا هنا اللي هقول مين يمشي ومين يفضل.
نيهال شعرت بقلبها بينضغط، صوتها ارتجف وهي بتواجهه:
ـ يعني إيه الكلام ده؟ هتحبسني هنا أنا وبنتي؟
راكان اقترب خطوة، صوته بارد لكنه مليان غضب مكبوت:
ـ كفاية بقى، الوش اللي انتي لابساه دا… دي كانت بنتك؟ من إمتى؟ فهميني إمتى دا؟
ـ انتي مكنتيش بتعبريها حتى بكلمة… كل اللي كنتي شايفاه نفسك وبس، بتدوسي على كل اللي حواليكي عشان تحققي اللي انتي عايزاه…
بس دلوقتي… هاخد حقي منك… ومن اللي عملتيه في أمي.
قطع اللحظه هاجر!
صوت خطواتها على السلم اتقطع فجأة بصوت مرتجف:
ـ ماما؟
نيهال التفتت، الدموع في عيونها بتلمع، وصوتها اهتز:
ـ هاجر!
نيهال وقفت متجمده، اتنين بودي جاردز واقفين قدامها، مش سايبنها حتى تتحرك وتقرب من بنتها تاخدها ف حضنها بعد بعدها دا.
هاجر بصوت مرتجف، عيونها مليانة خوف وفضول:
ـ إيه علاقتك بأم راكان… ي ماما؟
نيهال سكتت، عينها نازلة على الأرض، مش قادرة تلاقي كلمة واحدة ترد بيها، كل اللي حاولت تخبيه دلوقتي باين.
راكان، صوته عالي مليان غضب، عينه مولعة وكل حركته بتضغط على الموقف:
ـ قوليلها عن قذارتك وخيانتك لصاحبتك! احكي… ولا مكسوف من نفسك؟
ـ مظنش انك مكسوفه لان اللي زيك معندوش دم… ولا إحساس!
نيهال شدّت صوتها، عيونها مولعة بالغضب، ووجهها متحمر من كترة الحزن والضغط:
ـ كفاااايه بقى! أنا مستحملة إهانتك ليا… بس كده كفاية!
ـ أنا مخونتش صحبتي، ولا كنت يوم خاينة… أنا واحدة حبيت… حبيت سمير… واتجوزته ُعرفي عشان مشاعر هاجر ومدخلش حد غريب عليها
راكان، صوته مليان بسخرية وقسوة، زفر ببطء:
ـ انتي فاهمه انتي بتقولي اي؟ اتجوزتي ف السر عشان بنتك متعرفش …. كنتي بتجيلنا كل يوم وتروحي ف نص الليل وسايبه هاجر ف البيت كل المده دي لوحدها؟ أنا نفسي أعرف… إنتي إزاي جالك قلب تبصي لجوز صاحبتك؟ عملتيها إزاي دي… فهميني!
نيهال، عيونها مولعة بالغضب وكأنها بتبرر لنفسها:
ـ أنا مكنتش أعرف إنه جوزها… أبوك أعجب بيا وحبني من أول نظرة لما شافني في شركته… كنت مجرد موظفة.
ـ سمير حبني قبل ما أعرف إنه جوز أمك، وانا غصب عني حبيته… وسط الخناقات اللي كانت بيني وبين طليقي أحمد كنت محتاجة حد يهتم بيا، يخاف عليا زي ما هو كان بيعمل.
هاجر واقفة، صدمتها واضحة على وشها، صوتها بيرتجف:
ـ يعني إيه؟ لحظة… يعني إيه؟ إنتي كنتي بتحبيه وانتي متجوزة بابا أصلاً؟ ولما اتطلقتي استغليتي الوضع و واتجوزتيه عرفي؟ أنا طلعت مغفله أوي كدا؟
نيهال بصوت فيه تأنيب لكن برضه دفاع عن نفسها:
ـ أبوكي هو السبب… هو اللي كان دايمًا بيتخانق معايا ودايمًا بينتقدني… بصيت لبرا بسببه، لو مكانش عمل فيا كده ماكنتش بصيت لغيره!
هاجر بصوت مليان ألم وسخرية:
ـ انتي بتقولي إيه؟ انتي مدركة اللي انتي بتقولي؟ طب عارفة بيقوله عن الست الخاينة ايه واللي بتتجوز ف السر بيقولوا عنها اييي؟ مفكرتيش فيا لحظة؟ شكلي قدام نفسي هيبقى عامل إزاي لما أعرف إن أمي بصت لواحد تاني غير بابا؟
نيهال، بصوت منخفض:
ـ مكنتش ناوية أقولك عشان كده… عشان متحسيش بوجع… بس كل حاجة اتكشفت أهو.
هاجر، بسخرية مرة، عيونها بتلمع بالغضب:
ـ لا… فيكي الخير! خبيتي عني قذارتك ووساختك… ولما اتكشفت مش معترفة برضه إنك غلطانة وبتلبسيها ف بابا! إنتي إيه يا شيخة جباروت؟
نيهال اتصدمت، عيونها اتفتحت جامد، طلعت إيديها عشان تضرب هاجر بالقلم،
لكن وقفتها إيد راكان بحزم:
ـ طول ما أنا عايش… محدش يمسها!
هاجر، بوجع واضح وصوت مليان كره وقرف:
ـ عارفة… أنا مش قادرة أصوف مشاعري ناحيتك دلوقتي… كمية كره وقرف منك مش قادر أوصفها.
بدأت عيونها تدمع أكتر، وفجأة دموعها تحولت لدم…
نيهال بصدمه:
ـ ه… هاجر… عينك!
هاجر مسحت عيونها، وبصت للعدم، بصوت فيه سخرية وعتاب:
ـ لا… دي حاجة عادية… متعودة عليها.
نيهال، مصدومه، بصت لها بعينين مليانين استغراب وهي مش فاهمه اي اللي عندها يخليها تبكي دم؟
ـ أنا عندي Haemolacria… مرض نادر بيظهر بسبب الضغط النفسي والتوتر الشديد، بقالي خمس سنين بعالجه وانتي ولا عمرك لاحظتي، ولا عرفتي.
كملت بوجع صاخب، وكأن كل الكلام هو صرخة مختبئة جواها:
ـ كنت بعيط كل يوم… بدل الدموع دم! وانتي ولا مرة لاحظتي… كنت بفضل بالساعات، ويمكن بالايام، في أوضتي لوحدي وانتي ولا عمرك سألتي… حتى لما فسخت خطوبتي مع مصطفى، ما حاولتيش تخففي عني، ولا تشوفي زعلي، ولا حتى تحسي بيا… كل همك كان شغلك
وجوزك اللي لسه مكتشفه انك متجوزاه بقالك كتير !
ثم بزعيق متفجر:
ـ وأهو نتيجته… إنك أطلقتِ من بابا… وبقيتي كمان ست خاينة!
راكان واقف في زاوية الغرفة، عيناه مركزة على نيهال، مبتسم بسخرية باردة، متلذذ بشكلها وعينها اللي مليانه دموع ، كل وجعها بالنسبة له كان جزء من الخطة… جزء من السيطرة… جزء من لعبته اللي رسمها بدقة على مدار السنين.
قطع اللحظه!
رقيه ظهرت فجأة من ضلمة زاوية الطرقه. ضحكتها كانت حادة وكأنها صدى تحكم كامل باللحظة:
ـ أوووف… واضح إن الجو سخن أوي هنا!
نيهال جمدت مكانها، عينها اتسعت من المفاجأة، مش قادرة تتحرك ولا تعرف ترد، بينما هاجر وقفت، قلبها بيتسارع، ودموعها لا تزال على خدها.
راكان وقف ساكت، عينه على رقيه، ابتسامته بقت أكثر برودة، وكأن وجودها يزيد من حدة اللعبة كلها:
ـ آه… أهو عمته الحنونة قررت تحضر اللحظة.
رقيه نظرت لنهاية الغرفة، عينها مركزة على نيهال، بصوت هادئ لكنه فيه قوة:
ـ واضح إن كل حاجة اتكشفت دلوقتي… وكل اللي كان مستخبي عن هاجر انكشف.
هاجر وقفت مكانها، كأن رجليها اتثبتوا في الأرض، عينيها متسعة وصوتها بيخرج متقطع من الصدمة:
ـ عمتك؟
راكان أخد نفس عميق وقال بهدوء فيه حذر:
ـ آه.
هاجر بصت له بنظرة كلها رجاء، ملامحها فيها خوف ووجع، كأنها بتتوسل إن اللي في بالها يطلع غلط:
ـ انت كنت عارف؟ كنت عارف إن هي اللي بتعالجني يا راكان؟
راكان بسرعة، صوته فيه توتر وصدق واضح:
ـ أقسم بالله ما كنتش أعرف، هاجر! أنا قابلتها من كام يوم بس.
ـ أنا بقالي أكتر من عشر سنين معرفش عنها حاجة… سمير بعدني عنها من ساعة م اتجوز نيهال ُعرفي.
كلماته وقعت على قلبها زي حجر، صوته اتغير، وبص قدامه كأنه بيرجع بالزمن فجأة.
موسيقى الماضي اشتغلت في دماغه، وصوته بقى خافت كأنه بيحكي لنفسه أكتر منها.
هاجر كانت بتتكلم وصوتها بيرتعش من الغضب، بس عينيها كانت بتلمع بدموع مكتومة.
وقفت قدام نيهال كأنها مش شايفاها أمها، شايفاها غريبة… غريبة خانت حتى نفسها.
هاجر بوجع وسخرية في نفس الوقت:
ـ أنا دماغي لفت ومش قادرة أستوعب… يعني إيه؟ أمي كانت تعرف واحد على أبويا، ولما اتطلقت راحت اتجوزته في السر؟
كانت بتروح له من ورايا وأنا كنت فاكرة إنها مشغولة في شغلها!
ولما سافرت المنحة، اتجوزته رسمي… كانت مستنية اللحظة اللي أرجع فيها وتفاجئني؟
هاجر ضحكت ضحكة مكسورة، باين فيها القهر أكتر من السخرية:
ـ لا برافو بقى، مفاجأة حلوة أوي… دا انتي طلعتِ شاطرة أهو في المفاجآت!
قربت منها خطوة، عينيها بتترجف بالغضب:
ـ إزاي يا ماما؟ إزاي خنتي صحبتك؟ دي كانت بتأمنك على بيتها وجوزها… ازاي قدرتي تتجوزنيه حتى بعد اما عرفتي انه جوز صحبتك؟
ازاي قدرتي تنامي وانتي عارفة إنك خنتي أقرب واحدة ليكي؟
نيهال حاولت تتكلم، لكن صوتها اختفى بين شهقات هاجر اللي صوتها كان بيعلو:
ـ خونتي جوزك عادي، خونتي صاحبتك أهو… طب أنا؟ أنا بنتك، خونتيني في كل حاجة كدبتي عليا وخدعتيني وخلتيني مبقاش واثقه فيكي
انا بجد بكرهك!
كل كلمة قالتها هاجر كانت بتكسر فيها أكتر…
وركان واقف ساكت، ملامحه متوترة، بس في عينيه لمحة رضا خفية، كأن انتقامه بدأ يكتمل خطوة بخطوة.
هاجر كانت بتتكلم وصوتها بيعلو، وكل كلمة بتخرج منها كان فيها وجع سنين مكتوم.
بس فجأة، صوتها بدأ يتهز… إيدها اتحركت بشكل لا إرادي كأنها بتدوّر على حاجة تسندها.
عيونها اتسعت، نفسها بقى متقطع، والدنيا قدامها بدأت تتهز.
نيهال بخضة:
ـ هاجر؟!
هاجر حاولت ترد، بس الكلام ماطلعش، مجرد همهمة ضعيفة وهي بتحط إيدها على صدرها.
راكان اتجمد مكانه، ورقية قامت بسرعة من مكانها،
ولسه نيهال بتجري ناحيتها، كانت هاجر خلاص… وقعت من طولها ع الأرض، صوت ارتطام جسمها بالرخام كان قاسي،
الكل اتصدم.
نيهال وقعت على ركبها جنبها وهي بتصرخ:
ـ هاجر! ردي عليا يا بنتي!
مسكت وشها، بتحاول تفوقها، دموعها نازله بغزارة، أول مرة صوتها يرتجف بالشكل دا.
رقيه بسرعة وهي بتقيس نبضها:
ـ النبض ضعيف جدًا، حالتها دخلت في صدمة عصبية حادة.
نيهال بصوت مبحوح:
ـ اعملي حاجة، انقذيها!
راكان كان واقف مش عارف يعمل إيه، ملامحه فيها توتر وحيرة وذنب لأول مرة يظهر عليه.
رقيه صرخت:
ـ راكان، ساعدني! نوديها المستشفى فورًا، لو اتأخرنا دقيقة ممكن تفقد وعيها تمامًا!
راكان بسرعة شالها في حضنه، عينيه كانت بتزوغ بين وشها الباهت ودموع نيهال اللي مرعوبة عليها،
وخرج يجري بيها برا الفيلا،
وصوت نيهال وراهم بيصرخ باسم بنتها كان بيشق السكون زي السكين.
لكن البودي جاردز منعوها تخرج!
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية مغرم مجنون)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)