رواية بين الحب والإنتقام الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الهادي
رواية بين الحب والإنتقام الفصل الثاني عشر 12 بقلم نور الهادي
البارت الثاني عشر
علي – أنا طالب القرب منك.
بدران – ده يوم المُنى إنك هتتجوز يا علي…بس طالب القرب مني أنا… فـ مين؟
وعد قلبها هينط من صدرها مستنيه تسمع اسمها
علي بهدوء قاتل: – نا طالب إيد نادين… أخت مراتك
اتسعت عيون وعد…زلزل كيانها…انشقت أنفاسها كأن صدرها نسي إزاي يتنفس.
الصدمة ضربتها قبل حتى ما تستوعب الكلام.حتى نادين نفسها اندهشت…
بصّت لعلي من غير وعي… لكن ابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفها غصب عنها من فرجتها.
نظرت بعدها لرانيا ويوسف، اللي اتفاجئوا رغم إنهم شافوا التلميحات بين علي ونادين قبل كده… لكن تأكدوا دلوقتي إن فيه علاقة حقيقية.
بدران قال بهدوء:– كلنا كنا متوقعين… بس برضو سيبني أسأل نادين.
علي رد بثقة:– مفيش مانع… أشوف رأيها بما إنها قاعدة.
نادين ابتسمت بلطف، ثبتت نظرتها في عيونه… وقالت:– انت عارف رأيي… موافقة.
ابتسامة علي ظهرت… نظرات بينهم رايحة جاية… مريحة، وهادية…وفي زاوية الطاولة… كانت أعين تلقت صاعقة.
أعين بتبص عليهم وكأنها محبوسة في كابوس مش واقع.
رانيا حركت الجو قالت بهدوء:– مبروك يا نادين.
نادين – الله يبارك فيكي.
رجعت تبص لعلي… حب واضح في عينها.
وفي الجهة المقابلة… وعد واقفة عيونها معلقة بعلي… والدمع ماليها.
نادين لعلى– انت فاجأتني…
علي نظر لها…ثم، لأول مرة… بص لوعد.عين وعد ارتجفت…دمعة خانتها ونزلت رغمًا عنها…
لكن علي… لم يطِل النظر.رجّع عينه على نادين
متجاهلًا تلك الأعين المكسورة التي كانت تَثقبه كالسهم.
قامت وعد فورًا… ما استحملتش تكمل ثانية مشيت بخطوات سريعة…
الكل لاحظ، وعلي شافها بعينه وهي بتروح… لكنه ما ناداش عليها.
بدران رجع يكمل وكأن الدنيا عادية:
– مبروك يا علي… الفرح هيتعمل هنا في الفيلا.
نادين قالت بابتسامة:
– نشوف رأي علي.
علي:– مفيش مشكلة… المهم نتجوز على طول. مش عايز وقت.
يوسف استغرب:– مستعجل؟
علي:– آه.
ابتسموا كلهم، وبدران قال:– حاضر… هنقدّر استعجالك ونقرّب الفرح.
يوسف ضاف:– نسأل خالتو الأول.
نادين:– ما عنديش مانع.
علي وقف… وخرج من القاعة.
يوسف بص نادين وقال بهمس:– اتقلي شوية.
نادين نظرت له بثقة:– علي ما ينفعش معاه تقل… وبعدين متدخلش بينا، أنا عارفة بعمل إيه.
يوسف ضحك بخبث:
– يعني كنتي بتنـكري علاقتكم من زمان؟
نادين سكتت… مش عارفة ترد.
هي فعلًا متفاجئة… وفرحانة… ومش مستوعبة إن اللي كانت تحلم بيه بقى حقيقي.
—
وعد…طلعت على أوضتها…
قفلت الباب كويس…
أسندت ظهرها عليه…
وبمجرد ما لقت نفسها لوحدها…
دموعها انفجرت.
إيديها غطت بقها…
جسمها بيرتجف…
وصوت علي بيرن في راسها:
“أنا طالب إيد نادين.”
الجملة اللي كسرت قلبها…
وخلتها تحس إنها… ماتت وهي عايشة.
عينيها كانت بتولع من كتر الدموع…
دموع بتنزل زي الشلال، مالهاش نهاية…
حطت إيديها على راسها… مش قادرة تستوعب… ده حقيقي؟
بتفتكر المشهد…
علي واقف… بيطلب إيد نادين.
نظراته… صوته… موافقته…
ونادين! وهي مبتسمة وعينيها مليانة حب ليه.
الكل فرحان…هي بس اللي ماتت من جوه.
“المفروض أكون أنا…”
دي الجملة اللي كانت بتدوي في عقلها زي الرصاص.
اتسحبت ذاكرتها للعمر اللي بينهما…حضنه الى كانت بتصحى وهي فيه… صدقه… لحظات قربهم… نبض قلبه جنب قلبها.
وصوته بيردد في ودنها:”أنا بحبك.”
غيرتها لما بنت تبص له…وهو يطمنها بثقة:”مفيش واحدة ليها صلاحية تلمسني غيرك.”
قلبها وقع…ازاي؟إزاي يقول كده… وبعدين يروح يطلب غيرها؟
إيدها نزلت على بطنها…على سرّهم الكبير.ابنهم.الروح اللي بتتحرك جواه…
اللي بيربطهم ببعض طول العمر.
قالت بصوت واطي مرتجف:”أنا حامل… إزاي؟ إزاي يجوز غيري؟ إزاي!”
دموعها زادت…افتكرت ساعتها لما قالت له “أنا حامل”
كانت مرعوبة…سمعت كلام الدكتورة…كانت خايفة يمشي… يرفضها… يأذيها…
لكن هو… حضنها…هو بنفسه طمنها.
صوته لسه بيرن جواها:”متقلقيش… مش هسيبك… هتصرف… هتلاقي حل… ثقي فيا.”
في اللحظة دي… كانت مصدقاه أكتر من نفسها.كانت شايفة فيه أمان حياتها.
كان بيمسح دموعها… بيقولها كلام من قلبه…
كان صادق. هي حاسة بده… صح؟
ولا كان بيمثل؟كان بيضحك عليها؟بس عشان يسكتها؟عشان ما تعملش مشكلة؟
عشان يفضل يهيأ لها إنها غالية… وفي نفس الوقت… يرتب جوازه من خالتها
“إزاي اتغيّر كده؟”
سؤال قتلها.علي النهارده… ما بصش لها.ما حسش بيها.عينه باردة.
قلبه… مقفول.كأنه شال القناع… وأظهر وشه الحقيقي.
الوعد اللي قاله؟ كدب.الحب اللي قاله؟ كدب.الحنية؟ التملّك؟ الغيرة؟ الحماية؟
كله طلع تمثيل…؟
——–
علي كان لسه داخل أوضته…رمى الجاكيت على الكنبة، جلس بثقل، مرّر إيده في شعره بضيق…
قبل ما حتى يلحق يلتقط أنفاسه… الباب اتفتح بقوة لقاها وعد.
وجهها أحمر… عيونها مولعة دموع… قلبها بينزف.
قالت بصوت عالي، مرتعش ومكسور:
“هتتجوزها يا علي؟!”
بصّ لها… صمته كان قاتل.
لكنها ما استنّتش رد.
“وأنا؟! أنا إيه؟!”
علي وقف فوراً، مسكها من دراعها وأدخلها جوة وقفل الباب وراهم بسرعة.
قالت بسخرية موجوعة:
“إيه؟ خايف حد يسمعنا؟ بتقفل الباب عشان تدارى على عملتك؟”
قال علي بهدوء جليدي:
“أنا معملتش حاجة يا وعد.”
نظرت له… كأن جملة واحدة منه خلتها تنهار أكتر.
-“معملتش حاجة؟!إنت طلبت إيدها… قدام الكل… طلبت تتجوزها… هي!”
خطت خطوة ناحيته… صوتها بيموت. قالت
“المفروض أكون أنا…أنا اللي تكلم بابا…أنا اللي أعلن جوازنا…الزواج اللي قبلت يكون سري… كرمالك… عشان بحبك!”
قال بهدوء:”وعد—”
قطعت كلامه بحدة:”إزاي تعمل كده يا علي؟!إزاي تصدمني بالشكل ده؟!”
اقتربت منه… أصابعها لمست وجهه برجفة وعشق، بصلها على من لمساتها…تتوسل… بعيون مليانة وجع:”ده كابوس صح؟قول إنك متقصدش تجرحني…
قول إنك قلت اسمها غلط…هتصلح كل ده… صح؟”
لكن علي… صامت.بارد.عيناه لا تهتز… لا تلين.
دموعها نزلت… صوتها اتكسر وهي تهمس برجاء:”قول… إنك عايزني أنا…
قول إنها كانت زلّة لسان…”
صمته كان أقسى من ألف كلمة. عينه غارقة في عيونها وهي ماسكة إيده بكل رجاء.
وعد (بصوت مكسور): انزل دلوقتي وقول لبابا إنك بتحبني أنا… مش هي!
لأول مرة نطق علي ببرود قاتل:– أنا عايز نادين.
تجمدت ملامح وعد، صوتها اختفى لحظة، قبل ما يكمّل علي وهو ثابت:
– أنا قاصد كل كلمة قولتها. أنا طلبت إيد نادين… لأني هتجوز نادين.
نزلت دمعة أخيرة من عين وعد، دمعة وجع مش صدمة بس.
وعد بهمس مش مصدقة: يعني إيه…؟
علي: يعني تنسي كل اللي حصل بينا.
وعد (بانفجار): أنســي؟!!أنسي إيه يا علي؟!
سكت… متكلمش.قربت منه وضربته في صدره بدموع وقهر:
– أنسي إيه بالظبط؟! أنا مراتك! أنا مراتك يا علي… وإنت رايح تتجوز وتعلن جوازك من واحدة غيري؟! عايزني أنسى بعد كل اللي عيشته معاك؟! بعد ما خدت مني أغلى حاجة… وخلّيتني حااااامل!
علي بعصبية وهو يبص للباب: وطي صوتك يا وعد!
وعد بصرخة مكسورة: مش هوطّيه!ودلوقتي حالاً تخرج تصلّح اللي عملته!تطلع تقولهم إننا متجوزين!وإنك عايزني أنـــا… مش هي!أنا مراتك… مش هي!
علي مطّ شفاهه ببرود وقال بجملة قصفت قلبها:– تعرفي الفرق بين الجواز العرفي والرَّسمي إيه؟
بصّت له وعد بعيون مليانة وجع.
علي بيكمل:– زي الفرق بين الحقيقة… والكدبة.
اتسعت عيون وعد، دمعتها وقفت في مكانها قالت- كدبة؟!جوازنا كان… كدبة؟
علي :كلامك ملوش فايدة يا وعد… وقفي اللي بتعمليه.
وعد – جوازنا كدبة؟
علي :أه.
وقفت لحظة… ثم ابتسمت بسخرية موجوعة:بس ابنك… مش كدبة.
رفعت رأسها وبصّت في عينه بجرأة موجوعة:
أنا حامل… وده واقع… واقع على علاقتنا!
اتسعت عيون علي لحظة… قبل ما يخبي أي مشاعر ورجع ببروده المعتاد:
في واحدة تحمل من عمّها يا وعد؟
قرب منها خطوة، ونبرته بقت أخطر:خديها نصيحة مني… ابعدي. وانسي.
وعد (بضحكة مختنقة):لو ماصلحتش اللي عملته… أنا بنفسي هروح أقول لبابا كل الحقيقة!هقول للكل عن جوازنا… وأولهم نادين!وساعتها… هنشوف مين الكدبة!
لفت عشان تمشي…لكن فجأة مسكها علي من دراعها، سحبها ليه:
– هتكوني بتغلطي أكبر غلطة في حياتك.
وعد بعينين نارية-إنت الغلطة يا علي! أنا هفضحك… وهيعرفوا كلهم حقيقتك
علي – مفيش حد بيحب يفضح نفسه.
وعد – في الكارثة اللي أنا فيها… الفضيحة ما تهمنيش!قصاد إني أخرب حياتك اللي بتحاول تبنيها…وترميني أنا!..أنا لى النار فعلا يا على
وزقته بقوة طلعت من الأوضةزى العاصفه
كان بدران واقف مع يوسف، بيكلمه بهدوء:
بدران:
عايزك تشرف على المخازن كويس يا يوسف…
في نفس اللحظة، دوّى صوت عالي من فوق:
وعد (بتصرخ):بابااااا!!!
التفتوا كلهم بقلق، لقوها نازلة السلم بتجري، وشها شاحب ودموعها محبوسة، وصوتها بيرتعش بين ألم وجرأة.
بدران مستغرب:في إيه يا وعد؟
وقفت قدامه مباشرة، بتنهج من الجري:
وعد:بابا… في موضوع لازم أكلمك فيه!
جت رانيا ونادين بسرعة.
رانيا:
في إيه ي
نادين متعجبة:
مالك يا وعد؟
بصّت وعد لنادين… ثم رجعت ببصرها لأبوها قالت
:…بابا، لازم تعرف حقيقة علي.
استغربو كلهم بس كانت حاجة غريبة… هي قالت “علي” مش “عمي علي”.
بدران-في إيه يا وعد؟ صوتك عالي وبتصرخي… وحقيقة علي إيه؟
وعد وقفت ثابتة… قلبها بيخبط من الخوف بس هي فعلا ف مصيبه… انهيارها وغدر علي حوّلوا خوفها نار.
وعد (بصوت مبحوح لكن قوي):أنا… وعلي متجوزين في السر.
.
..
…
السكـــــــــــــوت قتلهم كلهم. الصدمة نطقت في عيونهم قبل ما لسانهم يتحرك.
رانيا شهقت وهي مش مصدقة.نادين فكّت شفايفها ببطء… كأنها بتنكر الواقع.
يوسف اتجمد مكانه.بدران… بقى تمثال.
وعد كملت… والدموع بتلمع، لكن عينيها فيها كسرة وانتقام:
وعد: الحقيقه مش كده لكن على خلاني أتجوزه… بعد ما استغل ضعفي… وأنا مش في وعي!
عيون بدران اتسعت… مزيج من الغضب والذهول.
وعد (تكمل بوجع) يوم ما هربت… والأيام اللي اختفيت فيها… كنت—
وفجأة…انفجر صوت رجولي قوي… قاطعها زي السيف:
– خلصتي كلامك السخيف ولا لسه؟
التفتوا كلهم بسرعة…كان علي واقف… فوق أول درجة في السلم… ببرده المعروف… بس المرة دي عينه فيها نار.
نزل أول خطوة… وصوته هادي… لكن بارد لدرجة تقشعر:
علي: ولا أبدأ أنا… وأقول الحقيقة بطريقتي؟
بصّوا كلهم لعلي اللي ظهر من ورا…
وعد (بغضب وخنقة):كلام سخيف؟! أنا اللي بقول الحقيقة… مش انت!
وكلهم هيعرفوا انت مين!
علي :اللي هنا كلهم عارفين أنا مين يا وعد…وأولهم أبوك.يعني انسي حد يصدقك… يبقى بتضحكي على نفسك.
بدران (رافع صوته لأول مرة):إيــــــــــه اللي بيحصــــــــل هنا؟!
يوسف (مصدوم، يبص لوعد):إيه الكلام اللي بتقوليه ده يا وعد؟!
علي استغل اللحظة… وبمنتهى الهدوء قال وهو مواجه بدران:
علي:متصدقهاش يا بدران…كل الكلام اللي اتقال كدب.لعبة عملتها وعد…لما أنا عرفت هي في إيه…. وإنها حامل.
سكووووووت قاتل.الأنفاس اتحبست.العيون اتسعت.
نادين -انت… بتقول إييييييه يا علي؟!!
وعد اتجمدت… دمع في عينها، قلبها وقع…
بس نطقت:
بابا… متسمعلهوش… اسمعني أنا—
بدران (عينيه مشتعلة):
إزااااااااي تقول كده على بنتي يا علي؟!!
علي ما اهتزش، بالعكس زاد بروده:
علي:لو مش مصدقني… اكشف واتأكد.ده لو عندك شك فعلاً في كلامي.أو… اسألها هي قدّامك.
الكل بص على وعد.وشها احمر… جسمها بيرتجف…
إيدها اتقبضت… والألم اتحول لغضب.
وعد (بصوت مكسور لكن قوي):هو السبب!! أنا—
بدران (صوته يهز المكان):إيــــه الكلام اللي بيقوله ده عنك؟! صح؟!
وعد (مرتجفة):بابا…
بدران (عيونه تلمع بصدمة وغضب ووجع):
أنتـــــــــــي… حاااااامل؟!!!
…
..
.
المشهد تجمّد.الجميع في حالة صدمة…لكن الأسوأ لسه ما جاش…
سكتت وعد… خوف يكتم صوتها…لكن قررت تتكلم، ولو بصوت مهزوز:
وعد (بدموع):هو اللي ضحك عليا يا بابا… أنا والله صحيت لقيتني—
علي -:لقيتي إيه يا وعد؟اكتشفتي إني شوفت التحاليل؟وإني مراقبك من فترة…لأن والدك بنفسه كان مكلفني أدور عليكي لما اختفيتي عن البيت…ولا إيه يا بدران؟
بدران اتجمد… مش فاهم… لكن ساكت.
علي كمل… داخل أكتر… بصوت هادي لكن سام:
علي:ولما شُفتِك مرة مع شخص أنا معرفهوش…وناديتلك…وهو هرب فوراً…
أنا سألتك… وانتي بطبيعتك اتهربتي.
ولما اكتشفت حملك…وعلاقتك السرّية بالشخص ده…أول حد كنت هقوله… هو بدران.بس استنيت…أعرف هو مين… وليه عملتي كده.
وعد اتجمدت.الصدمة ضربتها.القصة اللي بيقولها… مش حقيقية!لكنه بيحكيها بثقة قاتلة.
يوسف -إنت… إنت بتقول
علي مكمل ببرود: جبت تحليل من أوضتها… يثبت كلامي.
الكل بص على اللي في إيده…اختبار حمل.
الصدمة خنقت الجو.
علي لبدران:أنا مكنتش عايز أبلغك دلوقتي…ووعد… لما لقت الاختبار وقع في إيدي…قررت تقول كلام مالوش أي أساس من الصحة!الكلام اللي أنت اتصدمت منه أكتر منّي.
وكان لازم…أبلغك يا بدران…وأقول كل اللي أعرفه عنها.
وعد واقفة… مصدومة… متجمدة…كل القوة اللي كانت فيها… اتبخرت.
كل الغضب… الانتقام… راح.اللي واقف قدامها… حبيبها اللي خانها…
هو نفسه بيرميها في النار…وبيشوّهها قدام أهلها!
علي بهدوء سام:اللي سكتني كل ده… الحادثة اللي حصلتلك في الشغل، يا بدران.كنت مستني تتسن…بس وعد ما سابتليش فرصة غير إني أقول الحقيقة كاملة…
اللي لازم تعرفها.
وعد تنفجر، بصوت مبحوح ممزوج بالوجع- انت….إزاي تبقى زبالة وحقير كده؟!
نادين بانفجار غضب-احترمي نفسك يا وعد!
وعد تصرخ بحرقة وقهر:
مــــتدخلييييش!
إنتي يمكن عارفه كل حاجة!
عارفه إنه هو اللي عمل فيا كده…
وفي الآخر راح يطلبك!
رانيا صامته… يوسف واقف مذهول.وبدران… عروقه بارزة… وصمته أخطر من الصريخ.
وعد تقرّبت منه… تمسك آخر أمل لها بصوت يرتعش:
بابا… كل ده كذب! هو اللي—
فجـــأة صـفــعــــــة.صوت القلم على وشها هز البيت كله!
الكل شهق… حتى الهواء توقف.
وعد وقفت متجمدة…
عينها اتسعت…
مش مستوعبة…
أبوها… ضربها؟!
رفعت عينها عليه… بصوت مكسور: ب… بابا؟
بدران (بصوت زئير مرعب):اخـــــــرسي!وإيـــــاكِ تقولي عليَّ أبوكي!
الدموع فجّرت عيونها…
وعد (مختنقة):صدقته…
بدران رفع اختبار الحمل قدامها…يرجّه بعصبية مخيفة:
بدران:ده إييييييييه؟!ده معنااااته إييييه؟! بيعمل اى عندك بتاااااعك ولا لااااااا
وعد ماقدرتش تنطق…
مسكها من دراعها بقوة… وجذبها ناحيته:
بدران (يعوي):اااانطقي!انتي حامـــل يااااا زبــــالة؟!
دموعها نزلت بغزارة…بكت… بصوت مكسور:
وعد:عااارفة إني غلطت…عارفة إني غلطت غلط كبير… بس—
صـفــعــــة ثانيــــة!
أقوى من الأولى…هزت كيانها…
سقّطت دموعها على الأرض.
الكــــل اتصــــدم.
حتى علي… للحظة… سكت.
لأن بدران… عمره ما مد إيده على وعد.
بدران (يصرخ بجنون مجروح):أنا وثقت فيكي!تعملي فيا كده؟!كنتي بتروحيــله!وجاية دلوقتي بكل بجاحة… تعترفي قداااامي؟!
اقترب منها أكثر…صوته مرعب… مليان خيانة ودم:
بدران:ورثتي البجاحة دي منين؟جالك الجرأة تجي تقوليلي في وشي؟!
اقترب… حتى أنفاسه على وجهها:
بدران (بهدوء مخيف):
عندك ثقة…
إني مش هــدفنك حية؟!
قالت وعد بصوت مكسور:
– يا بابا… أنا غلطت يس! هو السبب… هو اللي عمل فيا كده! الفاعل الحقيقي قدامك!
صرخ بدران:– اخرسي! لسه فيكي إيه تاني تعمليه؟!
وعد :– بتصدقه هو… ومش بتصدق بنتك؟!
بدران بنبرة حاسمة:– علي طول عمره مخلص ليا! طول عمره شايل بيتي وشُغلي!
رفعت وعد راسها بحدة:– وبنتك؟! أنا وعد بنتك! تتوقع مني الغدر؟!
قال بدران ببرود جارح:– من يومك ما كنتِش محل ثقة…!
وعد حاولت تقرّب منه والدموع نازلة:– بابا… والله هو…
قاطعها بعصبية:– علي كل أيام غيابه يا في الشغل، يا في المينا، يا بيستلم شحنة، يا في الشركة! وأنا بنفسي اللي كنت أتأكد إنه موجود!
وعد اتصدمت، قلبها وقع إزاي…؟! وهي متأكدة إنه بيكون معاها في فيلته!
قربت من بدران بخوف:– بابا… كدب! هو بيكدب عليك عشان يطلع نفسه بريء!
فجأة زقّها بدران بقوة، وقعت وعد على الأرض.
صرخ وهو مولّع غضب:– إياكي تلمسيني! إياكي تقربي مني! لا انتي بنتي… ولا أعرفك!
وعد بصّت لنفسها وهي واقعة على الأرض… تراب الفيلة ملطّخ هدومها، وإيديها مرتعشة.رفعت عينها المكسورة لشخص واحد… علي.كان واقف… يتابع ثمرة أفعاله بصمت.
بدران بص لها باشمئزاز وقال بصوت ملغم غضب:.– كان لازم ما أديكيش حرية! كان لازم آخد حذري منك! دم أمك لسه ماشي فيكي!
كان لازم أعرف إن مالكيش لا شرف… ولا ثقة!
الحق عليا إني نظّفتك زيها… وما ربيتكش بيها!
بس في الآخر… بتفضلي بنت تربية ملاجي!
الكلمات دي كانت أخطر من أي سكين…وعد حسّت إن كسرته ليها أكبر من كل الإهانات.قلبها اتفتّت ألف حتة…اتشقّ في لحظة…لسانها اتشل… حرفيًا فقدت القدرة على الكلام.
فجأة بدران مسكها من دراعها بعنف، ورفعها قدامه.
بص لها بقرف وقال:– بعد كل اللي عملته عشانك… يكون ده ردّك؟!
مد إيده على ترابيزة الفاكهة…سحب سكينة.
الجميع اتصدم.الهواء وقف.اللحظة اتجمدت.رفعها عليهـــــا بجنون!
قبل ما تنزل السكينة…إيد مسكت إيده بقوة.
علي.واقف جنبه… في آخر لحظة.
بدران التفت له… عيونه قاتلة:– ابعد!!
علي بحدة:– إنت بتعمل إيه؟! هتقتلها؟!
رانيا قربت بخوف:– بدران… اعقــــل!
بدران بص لوعد…كانت مستسلمة في إيده.دموعها نازلة بصمت…
همست بصوت ميت:– بــابا…
بدران بص على بطنها…نظرة جنون… وقرف.
مسك دراعها تاني وسحبها بعنف!
– بابا… أرجــــوك… اسمعني…!
بدران ما ردش…كان باصص لها بعيون كلها وجع وخيانة.
هي بتتألم من إيده… بس بالرغم من كده كانت متمسكة فيه!
– بابا… عشان خاطرى… يا بابا سامحني… أرجوك…
مسكها وسحبها لبرا الفيلا.
فتح الباب بقسوة…
وزقها برا!
وقعت على الأرض بعنف…ركبها ورجليها اتعوروا… إيديها اتسحلت على البلاط، الدم ظهر!
رفعت وشها… نظرتها مفزوعة:– بــبابا…
قال بصوت جامد كسّر ضهرها:– من النهاردة… إنتي لا بنتي… ولا أنا أبوكي.
حسّت الدنيا بتميل…قامت بالعافية…
قربت منه تبكي:
– بابا لأ… أأنا آسفة… والله آسفــة…
زقها تاني بعنف أكبر:
– اطلعي برااا! متورينيش وشك تاني!
قفـــل الباب ف وشها.وعد اتخضت…
جريت على الباب…
فضلت تخبط بخوف هستيري:
– بــــابا!! لااا!! بابـــــا أرجوك افتحلي!
بابااااا!!!
الصوت كان موجع…
الجميع جوا الفيلا متجمد.
بدران واقف… صدره طالع نازل من الغضب…
نادى بصوت مرعب:
– آيــــمن!!!
البواب طلع جري وهو كان واقف ع جنب مرعوب:
– نـ.. نـعم يا بيه؟
بدران باصص له بنار:
– لو لمحتك بتفتح الباب لحد… هيكون آخر يوم ف عمرك.
سمعتني؟
أيمن بلع ريقه:
– حاضر يا بيه… حاضر!
يوسف كان هيتحرك ناحيه ابوه، إيده مرفوعة،رانيا مسكت إيده تمنعه.
بصلها– هنقف ساكتين؟!
رانيا – شايف الوضع يسمح ندخل؟
يوسف اتنفس بالعافية…بص على الباب…صوته مكسور:
– دي وعد…
رانيا بحزن:– واللي حصل صدمة… محدش فينا كان متوقعها.
لو حد فتح سيرة وعد دلوقتي… مش هيكون في صالحها هي.
سكت الكل…الهدوء كان مخيف.بدران مشي… بخطوات سريعة، كأن لو وقف ثانية هينهار.
العيون كلها اتبعته…يوسف بعد عن أمه…بص لعلي…بس علي كان ساكت… ومشي هو كمان من الجلسة، كأنه مش عايز يسمع أو يبان.
نادين – إزاي… إزاي يعمل كده! عمرنا ما تخيلنا الغلطة دي من وعد!
يوسف جمع قبضته رانيا مشيت ورا بدران
—
برا الفيلا…
وعد كانت واقفة قدام الباب…
إيديها بتخبط بخوف… ركبتها مترعشة…
دموعها نازلة بغزارة على خدودها.
– بـــ… بابا… افتح… أرجوووك…
لكن ماحدش بيسمع…
ولا حتى صوت نفس جوا.
السكون قاتل.
عينيها غرقانة…
افتكرت نظراتهم…
نظرات اشمئزاز… كأنها عاهرة زى مقال أبوها عنها وعن امها
محدش صدقها.حتى أبوها…أبوها اللي طول عمرها شايفاه بطلها…اللي كانت متأكدة إنه هياخد لها حقها… حتى لو زعل… حتى لو ضربها…
بس هيمنع جواز علي من نادين… هيحميها.
لكن لأ…النهاردة…اترمَت برا… وحيدة.
لا بيت…لا مأوى…لا أهل…لا كرامة.
في اللحظة دي…صوت علي رن في ودانها كأنه واقف جنبها:
“لو عملتي اللي بتفكري فيه… يبقى بتغلطي أكبر غلطة يا وعد.”
كان بيهددها…كان واثق إنها لو فتحت بقها…هو محصّن نفسه.
الكل شاف بعينه إنه كان في الشغل…الكل واثق فيه…
وهي؟
هي “الكدابة” اللي عمرها ما اتصدقت.
كذباتها القديمة الى كانت بتكذبها عشان على…خليتها كاذبه محترفه في نظرهم ويمشوا وراه هو.
دموعها نزلت أكتر…قلبها بيصرخ.
افتكرت يوم جوازهم…اليوم اللي سلمتله حياتها فيه.
كان مسك الورقة…بصلها بنظرة غريبة وقال:
– “خليها معاكي… اتأمني من غدري.”
ضحكت وقتها…كانت واثقة فيه…سابتها في الفيلا بدون خوف.
قالتله:– “خليها هنا فـ بيتنا… كده كده أنا واثقة فيك.”
كانت بتحبه فعلاً…حب صادق…بس هو؟
كان بيستغلها.خانها…دمر سمعتها…قلب أبوها عليها…ووقَف يتفرج عليها وهي بتتحرّق.
وهي واقفة…مرة واحدة شهقت
كأن حاجة ضربت عقلها:
قالت بصوت مبحوح:
– الورقــــــة…
عينيها اتسعت.جسمها اتنفض.
– الورقة!!!
الورقة اللي عليها توقيعه…
اللي بتثبت إنه جوزها…
دخل علي أوضته بعصبية،إيده متشنجة وقبضته مجمّعة…طلع موبايله بسرعة واتصل.
بمجرد ما اترد عليه الصوت من الناحية التانية…
– مالك: فينك يا علي؟! وعد هنا!
علي وقف مكانه… – هنا فين؟
مالك بصوت مضطرب:– عند الفيلا!
——-
وعد دخلت الفيلا ولقّت رجالة الحراسة واقفين على الباب بيمنعوها تدخل. بصّت لهم بنظرة مليانة بغض وقالت بحدة:
– دلوقتي بقيتو تمنعوني أدخل؟
واحد من الحراس تقدم وقال متوتر:– لو سمحتي يا آنسة، الدخول ممنوع.
وعد صوتها ارتفع:– هادخل غصب عنكم!
وهي بتدفع واحد منهم حاول يوقفها، ضربته فى رجله. الحراس حاولوا يقربوا منها تاني فوقفت في وشّهم وقالت بتحدّي:
– لو عرفتو تخرجونى بالقوّة اعملوها…!
بصّوا لها للحظة، ارتبكوا، وبطش الجرأة في عينها خلاهم يفضلوا واقفين مش قادرين يتحركوا — خايفين لو لمسّوها تبقى النتيجة تتقطع رؤسهم
طلعت على فوق بخطوات سريعة، مالك تنهد بضيق وهو شايفها مصممة تدخل رغم كل شيء.وعد دخلت أوضتها فوراً.فتحت الدولاب… اتجمّدت.
مفيش!ولا قطعة من هدومها اللي علي كان جايبها.قلبها وقع… فتحت دولابه هو كمان.فاضي.
لفت حوالين نفسها…كل أغراضه متشالة.كأن المكان عمره ما شافه… كأنهم عمرهم ما عاشوا هنا.
بدأت تدور بجنون.فتحت الدولاب تاني… قلبت الرفوف…بصّت بين الشماعات، فوق الرف، تحت، ورا…عيونها مرسومة بالصدمة والهلع.
الورقة!
الورقة اللي حطتها بين هدومه.مكانها فاضي.اختفت.
راحت على الكمود.فتحت الأدراج… واحد ورا التاني…إيدها بترتعش، قلبها بيقع…مفيش أي حاجة تخصها.ولا حتى حاجة تخصه.
الأوضة شبه مهجورة.نزلت تحت وهي بتنهج…دخلت مكتبه…فتحت الأدراج واحد ورا التاني بعصبية.
– راحت فين…؟ الورقه فين؟!
دموعها اتجمّعت في عينيها.مفيش أثر لعلي… مفيش أثر ليها…
كأن الاتنين عمرهم ما كانوا هنا.
فجأة… صوت خطوات.وقفت مكانها وتشنجت.
رفعت عينها…
علي واقف قدامها.عيناه قاسية… جافة… بلا روح.
في اللحظة دي… وعد فهمت.
هو أخفى كل شيء.
أخفى الورقة.
أخفى وجوده.
أخفى حتى ذكراها.
قالت بصوت مكسور، ممزوج بالصدمة والخيانة:
– عملت… كل ده؟
قال علي ببرود قاسي:
– اللي بتدوري عليه مش هنا.
وعد وقفت قدامه بخطوات تقيلة كأن كل وجعها ماشي في رجليها.
قالت بصوت مبحوح:
– عملت فيّا كده إزاي…؟
ما اتكلمش.
قربت منه أكتر، عينها بتلمع بالدموع:
– كنت بتقولي إنك مش هتسيبني… كنت مستنياك… كنت قلقانه عليك في غيابك…وانت طول الوقت ده بتخطط تنهيّني؟! ازاااي؟!
قال علي بهدوء جامد:– حذرتك.
ضحكت وعد ضحكة موجوعة:– من إييييه؟!التحذير اللي بجد… كان لازم يكون منك انت!انت اللي خنت… انت اللي استخدمتني… انت اللي وقفت ضدي!
قربت منه وحطت إيدها على صدره بقهر:– إزاي قلبك طاااوعك تعمل فيّا كده…؟!
عينه فضلت جامدة… لا رحمة… لا ندم.
دموعها نزلت غصب عنها، قلبها بينزف:– ليييييه عملت كدهه؟؟ ليييييييييييييييييه؟!!!
قال علي بصوت منخفض لكن آمر:– اخرجي من هنا يا وعد.
رفعت راسها بابتسامه موجوعه– أخررررج؟!!دلوفتى اخرججج…انت اللي كنت بتجببببني! انت اللي أقسمت إنك مش هتبيعني!ودلوقتي بتقولي اخرجي بعد ما دمرتني وخدت منى كل حاجه؟!!!
صوتها تهز الجدران… وعيونه لسه باردة.
قال علي بصوت جامد:– أنا مضربتكيش على إيدك.
الجملة نزلت عليها زي السيف…همست بكسرة:
– عشان… حبيتك.
ما ردش.انفجرت هي بصوت عالي:– اتَّهَمتني بالباطل!
عيلتي رمتني برا البيت!ودلوقتي عايز تاخد آخر دليل على جريمتك؟!!
خطت خطوة ناحيته، عيونها مشتعلة:
– فيـــــــــن الورقة يا علي؟! وديتها فيييييين؟!
:– معرفش إنتِ بتتكلمي عن إيه.
صرخت:– متعرففففش؟!
الورقة اللي مضينا عليها!
اللي قلتلي “دي ورقة جوازنا”!!!
سكت…قربت منه وزقته بقوة على صدره:
– رد عليّا… الورقة فيييييين؟!
فجأة مسك إيدها بعنف ولفها ورا ضهرها، قربها منه غصب عنها، صوته واطي لكن مليان تحذير:
– دي غلطتك يا وعد… غلطتك إنتي.
وعد اتجمدت مكانها… الألم في دراعها، والقهر في قلبها.
هو ضغط أكتر… وقرب منها أكتر كأنه بيحاصرها:
– أنا قلتلك علاقتنا لازم تفضل مخفية.
وانتِ لعبتي عليّا…
وقصدتي متخديش الحبوب…
لحد ما حمّلتي!!!
بصّت له وعد بشده، قال علي
– أنا كنت صريح معاكي… لحد ما إنتِ اللي شغّلتي دماغك عليا، وكأن جه دوري! متلومينيش… لومِي نفسك. أنا حذّرتك بما فيه الكفاية.
وعد:– انت السبب في اللي أنا فيه!
وزقّته بقوة:– بتلومني على إيه وانت اللي زرعت ده جواياااا! إزاي ترميني في مصيبة لوحدي وتسيبني؟!
سكت… مردش.قربت منه بانفعال قالت
– رد عليّااا! كل ده كان إيه؟ كدب؟! كنت بتضحك عليا؟! فين حبك؟! فين اللي عشناه؟! كل ده تمثيل؟!:– أنا… أنا حبيتك… انا ندمانة إني حبيتك…
هنا انفجر علي لأول مرة- أنا ما حبيتكِش أصـــلاً!
جمدت وعد مكانها.الكلمة دخلت قلبها زي السهم.سكتت… بقت ولا نفس.
رجعت خطوتين لورا، عينيها كلها اسئلة موجوعة…بصّت له نظرة أخيرة… واستدارت ومشيت بسرعة.
علي فضِل واقف… شكله جامد… لا بيتحرك ولا بيلاحقها.
لكن فجأة…جمع قبضته… وبضربة واحدة قلب المكتب!
المكتب وقع واتكسر لمية حتة، وصوته ملأ المكان…
وهو واقف… صدره بيعلى وينزل… والغضب مالي عينيه…
دخل مالك بسرعة بعد ما سمع صوت التكسير…اتجمّد مكانه وهو شايف علي واقف والغضب مالي عينيه، إيده مسنودة على الطاولة، وعينه الصقرية جامحة بشكل مخيف.
قال مالك بقلق:– علي…
قاطعه علي بصوت مبحوح لكنه حاد:– روح وراها.
مالك:– مين؟ وعد؟
رفع علي عينه له ببرود قاتل، وكأن الإجابة بديهية:– فمن تكون غيرها؟
رجع نظره للأرض وقال بغمغم:– معندهاش حتّة تروحها… اتصرّف… ومتسيبهاش.
أومأ مالك بهدوء:– طيب… أسيبك؟
رفع علي صوته بانفجار:– مش بقولك امشــــي!!!
تراجع مالك خطوة، بص له لثانية بنظرة جدية… ثم لقط أن علي محتاج يفضل لوحده، فخرج فورًا.
بمجرد ما الباب اتقفل…وقف علي مكانه… يتنفس بصعوبة…
صوت وعد في ودنه: “أنا ندمانة إني حبيتك.”
نظرتها…الدمعة المكسورة في عينها…الكف اللي أخده من أبوها عشانها…
كل حاجة رجعت تتكرر في دماغه.
فى فيلة بدران نادين واقفه على الباب شافت عربية على بينزل منها بصيتله باستغراب إنه خلك راحتله قالت
كنت فين؟
علي نزل وشافها قال- جتلي مكالمة مهمة… بدران فين؟
نادين: قاعد في مكتبه من ساعتها.
سكت علي لحظة وهو باين إنه مش على بعضه. قربت نادين منه بخطوة.
نادين :انت مضايق؟
علي – مش هكون فرحان باللي حصل.
نادين:وانت ذنبك إيه؟ لقيت تُهمة بتتحط عليك غصب… كان لازم تقول الحقيقة.
علي بكلام غامض-
ماكنتش عايزنا نوصل لهنا…
نادين:وعد غلطت غلطة كبيرة يا علي… وبدران مستحيل يغفر في موضوع شرف. كويس إنه ماقـ…تلهاش.
رفع علي نظره لها… قرب منها خطوة زيادة، صوته هدي لكنه كان عميق:
علي:الشرف مهم… مش كده يا نادين؟
اتسعت عيون نادين، اتفاجئت من طريقته وسؤاله اللي وراه معنى.
نادين (بتردد):ا… آه… طبعًا.
سكت علي لحظة وبص بعيد، كأنه بياخد قرار.
علي:
إجازتي في مصر هتنتهي الأسبوع الجاي.
نادين باستغراب- ازاي.. يعنى إيه؟
علي بهدوء لكن كلماته تقيلة- يعني الفرح… هيكون الأسبوع الجاي.
——–
كانت وعد ماشية في الطريق… صامتة…
الصوت الوحيد اللي بتسمعه هو دقات قلبها التقيلة.
قعدت على دَكّة على الرصيف… عينيها ثابتة قدامها، والدمع متحجّر فيها من آخر حديث بينها وبين علي.
هي خلاص… ما بقتش عارفة تفرّق بين الحلم والواقع.
مسكت راسها بألم…
هي فين؟
في الشارع!
أبوها…
الرجل اللي المفروض يكون أمانها…
رماها برّه… خلّاها تمشي زي المشرّدة.
بعد ما كانت أميرة في بيتها… تأمر فيتسمع كلامها…
الكل يلبّي طلباتها… الكل يحترمها.
وكل ده… انهَدّ.
انهَدّ بسبب الخداع…
بسبب الكدبة اللي حبتها…
اللي كانت بتحلم تكمل حياتها معاها…
لكن… إزاي الأمور وصلت لكده؟
كان الليل ساكن… والبرد قارس… وهي لوحدها.
فجأة… ضوء عربية قاطع السكون.
النور ضرب في عينيها… قامت بسرعة تكمل مشي.
لكن العربية وقفت قدامها بالضبط.
حبست أنفاسها.
رفعت عينيها بحذر… ولسه هتبعد…
سمعت صوت الباب بيتفتح… حد نزل.
الخوف شدها…
لفّت بسرعة عشان تهرب.
– وعد!
وقفت مكانها من الصوت وان الشخص ده يعرفها
همست جواها:علي…
لفّت ببطء…الضوء كان مغطي ملامحه…لحد ما وشه ظهر بوضوح.
كان…حــــازم
بين الحب والانتقام
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية بين الحب والإنتقام)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)