رواية بين الحب والإنتقام الفصل الحادي عشر 11 بقلم نور الهادي - The Last Line
روايات

رواية بين الحب والإنتقام الفصل الحادي عشر 11 بقلم نور الهادي

رواية بين الحب والإنتقام الفصل الحادي عشر 11 بقلم نور الهادي

 

 

البارت الحادي عشر

 

 

الدكتوره- متقلقيش دى اعرض الحمل
قالت وعد بصدمه-حمل ايه
الدكتوره- انتى حامل يا وعد
وعد حسّت إنها اتصُعقت…
كأن صاعقة وقعت على راسها مش خبر حمل.
إيديها تلجت… جسمها كله قشعر…
عينها فضلت على الدكتورة وهي تردد بصوت مبحوح:
– أنا… حامل؟
الدكتورة بابتسامة هادية: – آه… مبروك.
مبروك؟!كانت كلمة بعيدة مليون ميل عن إحساس وعد.

 

 

ماقدرتش حتى تفرح…
أول حاجة جات في دماغها… صوت علي.
“الحبوب دي خديها كل مرة… هتكون روتين… إياكي تنسيها في مرة واحدة بس يا وعد.”
كلامه وقتها كان واضح… تحذير صريح.
وهي، اتصنعت الجهل برغم معرفتها “ايه الحبوب دي يا علي؟”
قالها بكل جدية وهدوء… بدون لف: “أكيد عرفاها يا دكتورة… حبوب منع الحمل.”
الجملة دي لوحدها… كانت كفيلة تفهمها إنه مش عايز أي غلطة.
إنه كان حريص… كان مخطط… بس دلوقتي… الغلطة حصلت. وهي حامل… منه.
وعد بدأت تهز راسها بصدمة: – قولي إن ده برد… قولي أي حاجة تانية… قولي إني مش حامل… أرجوووكي!
الدكتورة بهدوء: – بس انتي حامل يا وعد… مالك مضايقة كده ليه؟
عيون وعد اتملت دموع فجأة: – مينفعش… مينفعش أكون حامل… مينفعش! أرجوووكي، اعملي حاجة!
الدكتورة استغربت: – يعني إيه مينفعش؟! إنتي مش متجوزة؟
سكتت وعد…
النَفَس اتحبس في صدرها.
رفعت الدكتورة حواجبها بصدمة: – انتي… مش متجوزة؟
وعد بسرعة: – لا… متجوزة.
الدكتورة ضيقت عينيها: – بس…؟
وعد بلعت ريقها…
وشها شاحب… قلبها بيدق… سر كبير بيخنقها…
– متجوزة… بس…
…بس إيه يا وعد؟
سكتت وعد… توترها باين في كل نفس بتاخده.
الدكتورة نطقت بهدوء مهني:
– اتكلمي يا وعد… يمكن أقدر أساعدك.
ابتلعت وعد ريقها وقالت بصوت منخفض: – أنا… متجوزة.
وقبل ما الدكتورة ترد، كملت بسرعة: – بس… بس في السر.
رفعت الدكتورة حواجبها: – في السر؟ يعني إيه في السر؟ الجواز أصله إشهار يا وعد انتى صغيره عشان اقولك كده
سكتت وعد… قلبها بيدق…
هتقولها إنه كمان عرفي؟
لو قالتها… تبقى كارثـــة.
الدكتورة بصبر: – كملي. هو اتجوزك في السر ليه؟… مش بيحبك؟
هنا رفعت وعد عينيها بسرعة: – لا! بيحبني… أوي!
بس عنده ظروف…
ظروف تمنعه يعلن…
وظروف تمنعني إني أخلف…
لأن ببساطة… إحنا اتجوزنا في السر عشانه…
فـ مينفعش أكون حامل!
الدكتورة نظرت لها بتركيز: – بس هو عارف إن طبيعي يحصل حمل.
وعد همست: – كنت باخد حبوب منع الحمل…
بس في مرة… نسيت آخدها.
نسيت… رغم تحذيره ليا كل شويه…
وتأكيده إن الموضوع مفيهوش هزار.
سكتت الدكتورة ثواني… ثم قالت ببطء فيه معنى كبير:
– مفيش راجل بيحب واحدة…
يخليها مرعوبة بالشكل ده…
لمجرد إنها بقت حامل منه.
الكلمة دي… دخلت قلب وعد زي السهم.

 

 

مرعوبة؟
هي فعلاً… مرعوبة.
مرعوبة تخسره.
مرعوبة من رد فعله.
مرعوبة من السر.
مرعوبة من العواقب.
بس… هل ده طبيعي؟
هل الحب يبقى خوف؟
هل الفرحة تبقى رعب؟
وعد حسّت دموعها على حواف عينيها… ووشها ارتجف.
إيه ردها؟
– تدافع عن علي؟
– تعترف إنها فعلاً مرعوبة؟
– ولا تنهار وتقول كل حاجة؟
قالت وعد بحُرقة:
– الموضوع حساس يا دكتورة… أنا عارفة علي.
رفعت الدكتورة حواجبها باستغراب:
– عارفاه إيه؟ هو خطير؟
سكتت وعد، توترها واضح، فقالت الدكتورة بنبرة أهدى:
– اتكلمي يا وعد… يمكن أقدر أساعدك. إنتِ دلوقتي في ورطة ولو رفض يعترف بالطفل… هتكوني لوحدك.
بصتلها وعد بحدة:
– مستحيل! علي عمره ما يعمل كده.
هزت الدكتورة راسها:
– لا… يعمل ويعمل. وخوفك ده أكبر دليل إنه ممكن جدًا يحصل.
اتنهدت وعد:
– بس علي بيحبني… وجوازنا السري دليل.
الدكتورة – دي حجة بيقولها أي راجل عشان يوقع البنت في شبكته ويقعد معاها يومين.
اتسعت عيون وعد:
– يعني إيه؟
قالت الدكتورة بجدية تقيلة:
– يعني مش بعيد لو ضغطتي عليه… يسيبك فورًا. يا إمّا…
سكتت لحظة، ثم قالت الكلمة اللي كسرت قلب وعد:
– يموّ..تك.
ارتجفت وعد:
– يموّ..تني؟!
قالت الدكتورة:
– يا بنتي، هو خد اللي هو عايزه… والحمل ده فضيحة بالنسبة له. هيخاف على نفسه… وممكن يخلص عليك عشان يمسح دليل عملته. فلازم يا تبلغي عنه… يا تهربي… يا تقولي لأهلك يساعدوكي. لأنك حاليًا في خطر… وخصوصًا لو ليه نفوذ… مش هيتردد إنه يقتلك يا وعد.
تسمرت وعد مكانها، الرعب مالي عينيها، حطت إيدها على رقبتها بخوف وهي تهمس بصوت مبحوح:
– يقتل..ني…؟
في العربية، كانت وعد ساكتة طول الطريق، وعينيها تايهة.
ياسمين كانت قاعده جنبها، حاولت تكسر الصمت:
– ألف سلامة عليكي يا وعد.
لكن وعد ما ردتش… مجرد نظرة خايفة ووشها شاحب.
الدكتورة متكلمتش قدام ياسمين، قالت لها بس إن عندها شوية برد…
لكن ملامح وعد وهي خارجة من عندها كانت تقول غير كده تمامًا.
كانت طالعة كأنها خارجة من مصيبة… مصيبة بين الحياة والموت.
⬥⬥⬥
رجعت البيت، ودخلت أوضتها من غير ولا كلمة.
قعدت على السرير، عينها زايغة، عقلها مش معاها.
دخلت الخدامة بهدوء:
– وعد هانم… الأكل جاهز.
ردت وعد بصوت واطي:
– مش جعانة.
سابت الخدامة وخرجت، والوحدة سدّت عليها الأوضة.
بعد لحظات، قامت ببطء… وقفت قدام المراية.
بصت على بطنها… تتخيلها بتكبر يوم بعد يوم.
صوابعها لمست بطنها بخفة، وكأنها بتحس الروح اللي جواها.
كان المفروض تفرح.
كان المفروض تحس إنها أم.
لكن الفرحة اتخنقت جوا الخوف.
كلام الدكتورة بيرن في ودنها:
“ممكن ياذيكي… ممكن يخفيكى… او يمو..تك.”
هل ممكن علي يعمل كده؟
هل ممكن يسيبها؟
أو يفكر يأذيها هي وابنها؟
دموعها اتحبست في عينيها…

 

 

هي حتى مش عارفة هتقوله إزاي.
خايفة من رد فعله…
يا إمّا ينصفها ويحضنها…
يا إمّا يقطع حبهم من جذوره…
وينهار كل شيء فوق رأسها.
وقفت قدام المراية…
بين قلب بيتعلق بالحياة اللي جواها…
وعقل بيرتعش من الخوف.
تحت على العشا، كان بدران قاعد صامت، ملامحه جامدة والتفكير شارده بعيد.
قربت رانيا ومدّت إيدها، مسكت إيده بهدوء وقالت: – خلاص اللي حصل حصل… بلاش تضايق نفسك. أكيد البوليس هيلاقي اللي عمل كده، وساعتها هياخد عقاب عسير… يندم إنه لعب معاك.
بدران – لعبة وسخة… بس هلاقيه… وهندمّه.
رانيا تنهدت: – أول مرة أشوفك كده يا بدران… خلاص بقى.
سكت للحظة، وبعدها سحب إيده من يدها وتنهد بعمق: – فين يوسف ووعد؟
رانيا ردت: – يوسف بايت في الشركة من امبارح… هو وعلي.
وعد رجعت من الكليه، بس ما خرجتش من أوضتها… بتذاكر.
بدران استغرب: – ده وقت أكل مش مذاكرة.
دخلت الخدامة: – وعد هانم بتقول إنها شبعانة.
رانيا أشارت لها: – تمام… روحي إنتي.
لما خرجت الخدامة، رانيا حاولت تهدي الجو: – كل يا بدران… هي شكلها واكلة مع صحابها.
رفع بدران حاجبه: – من الصبح؟!
رانيا بسرعة: – أنا هخلي الخدامة بعد نص ساعة تطلع لها طبق أكل.
قطعت قطعة ستيك، وحطتها في طبقه قدامه وهي بتبتسم: – كل إنت.
بدران سكتزبدأ ياكل بصمت.
رانيا فضلت تبص له بهدوء… تحاول تطمنه من غير كلام.
في الليل، كانت وعد قاعدة على السرير، ماسكة موبايلها وبتبص على سجل المكالمات…
“من امبارح… ولا النهارده كلمني.”
قلبها بدأ يدق بقلق.معقول يكون عرف؟معقول بيتجنبني؟رغم إنها لسه ما فتحتش موضوع المقابلة بينهم.
قامت من سريرها بخطوات مترددة… خرجت من أوضتها وراحت قدام أوضته.
مسكت المقبض… وفتحت الباب بهدوء وهي بتتسحب.
لكن…الغرفة فاضية.نظرت حوالينها ، يعني ما رجعش من امبارح؟
دخلت أكتر، بصت على أغراضه…كانت عارفة إنه بيضايق جدًا لما حد يدخل أوضته من غير إذنه، خصوصًا هي… زمان كان الموضوع حساس.
لكن رغماً عنها… قربت من الدولاب بدأت تقلّب في الهدوم من التوتر… فجأة لمست حاجة صلبة وسطهم.سحبتها ببطء…مسد..س.
اتسعت عينيها بصدمة…إيديها اتلجت… كلام الدكتورة ضرب في ودنها زي صفعة: “مش بعيد يقتلك لو بقيتي تهديد عليه.”
اتراجعت خطوتين ودماغها بتولع: معقول… علي خ..طر؟ معاه سلا..ح؟ممكن يأذيني؟ممكن يكون ق..تل قبل كده؟
الحبيب اللي كانت بتحس معاه بالأمان…ممكن ياخد روحها وينسى حبهم بسهولة؟
عقلها جاب لحظة قديمة…كانت بتبص له بعين مليانة ثقة وبتقوله: “أنا بثق فيك يا علي… بحياتي إنت بس الأمان.”
وكان رده هادي… عميق… مطمئن: “عايزك كده على طول.”
والنهارده…هي لأول مرة…مش عارفة إذا كانت فعلاً في أمان…ولا على حافة الخ..طر.
افتكرت وعد عيون حبيبها… العيون العاشقة اللي عمرها ما تقدر تأذيها. قلبها كان بيهمس لها بالحب، بس عقلها بيصرخ بالمنطق والخوف والتهديد اللي عايشاه.
سمعت صوت فجأة، اتخضّت! رجّعت كل حاجة مكانها بسرعة، قفلت الدولاب وخرجت، وقبل ما تلحق تهدى… لقت رانيا واقفة قدامها.
رانيا ببصّة مستغربة:– بتعملي إيه هنا؟
وعد بتلجلج:– سمعت صوت… فكنت ببص على إيه اللي بيحصل.
رانيا غيرت الموضوع:– كلتي ولا لسه؟ أخليهم يعملولك أكل؟
وعد بهدوء:– شكرًا… لو جُعت هطلب. بس إنتِ لسه صاحية ليه؟
رانيا تنهدت بضيقة:– مضايقة من اللي حصل مع شركتنا.
وعد:– هو الوضع حساس فعلًا.
رانيا بجدية:– سنين وأبوك بيحاول يوصل للوصلة، والضربة دي كفيلة تخليه يبدأ من الأول ويخسر ملايين! إنتِ مدركة حجم الكلام اللي بقوله؟
وعد أومأت بخفوت:– يوسف في الشركة برضه.
رانيا:– آه… هو اللي ماسكها حاليًا، عشان بدران مش موجود.
قالت وعد باهتمام وفضول:– و… وعمي هناك برضه؟
رانيا فكرت لحظة:– أعتقد آه، أو يمكن عنده حاجة بيخلصها.
وعد:– شغل يعني؟
رانيا بتنهد:– علي من كتر الشغل اللي بيشتغله مبقيناش بنشوفه أصلاً… يمكن رجعته الأخيرة ارتاح شوية، بس قبل كده إنتِ عارفة… مكانش بيظهر.
وعد أومأت بتفهم.رانيا ضيّقت عينيها بخبث بسيط:
– بس… بتسألي عليه ليه؟
وعد بسرعة:– عادي!
رانيا ابتسمت بخبث أكتر:– طيّب… تصبحي على خير يا وعد.

 

 

وعد:– وإنتِ من أهله.
رانيا مشيت، ووعد دخلت أوضتها وقفلت الباب بإحكام.
سندت ضهرها عليه وهمست بحرقة:– يارب… أعمل إيه في اللي أنا فيه؟أتصرف إزاي؟

في بيت تاني…
سهير قاعدة ومش عارفة تهدى. كل شوية تفتكر “علي”… قلبها يتشد.
كانت خايفة يظهرلها تاني… خايفة تكون قالت حاجة ماينفعش تتقال.
هي عارفة كويس أوي إن الموضوع كبير… وخطر.
جرس الباب رن فجأة!
قامت بسرعة، وهي بتلبس الروب بإيد وترتب نفسها بالإيد التانية.
قربت من الباب وبصّت من العين السحرية…
يوسف.
اتلخبطت لحظة… خدت نفس عميق، وشدّت نفسها وفتحت الباب.
يوسف وهو بيبص لها:– اتأخرتي ليه؟
سهير بهدوء مصطنع:– كنت نايمة.
يوسف رفع حاجبه – من امتى وإنتي بتنامي بليل؟ حياتك كلها ليل أصلاً!
سهير حاولت تتماسك:– مروحتش الشغل النهارده.
يوسف:– عرفت… بس ليه؟
سهير : تعبانة شوية.
يوسف استغرب:– مالك؟
سهير قربت منه بخطوة… صوتها بقى أهدى:– مفيش… انت وحشتني بس.
قامت وحضنته، ولفت دراعيها حوالي رقبته بحنان واضح.
يوسف اتفاجئ لحظة، وبعدين رجّع الحضن وقال بصوت هادي:
– وإنتي كمان.
سهير لمست رقبته بأناملها… عنيها كانت شاردة قوي.كانت عايزة تقوله… كانت لازم تفهم… بس فجأة ذكرى قديمة ضربت عقلها بقوة.

(فلاش)
سهير مصدومة، عينيها مليانة خوف:
– يـــوسف!! إنت… إنت عملت فيه إيه؟!
يوسف ببرود قاتل:– وطي صوتك.
سهير تصرخ بخوف:
– إنت… إنت خلّصت عليه!
يوسف قرب منها بحدة:– قلتلك وطي صوتك! أنا ما عملتش حاجة!
سهير شهقت:– الخمرة… كانت متلعبة فيها… فيها حاجة! وانت اللي مدهاله!
يوسف شد نَفَسه:– بس هو ما… ما حصلوش حاجة من الموضوع ده.
(وكأنه بيبرر…)– اللي حصل له كان من الحادثة… مش من اللي في الكاس.
سهير– السـ…م كان السبب إنه يعمل الحادثة! هو فقد السيطرة بسبب اللي في الكاس… وده اللي خلاه يتصدم بالعربية!
بمجرد ما خلصت الجملة…يوسف مسكها من رقبتها برفق بس بصرامة، وقربها منه لحد ما بقت عينيها في عينه مباشرة.
يوسف بنبرة هادية بس مخيفة:– سهير… مفيش حاجة حصلت.
– ولا إحنا أذينا حد. مفهوم؟
سهير بعين مليانة دموع:– يمكن أنا مش ملاك… بس كده أبقى مجر…مة!
يوسف شدها أكتر:– مفيش الكلام ده!– ركّزي معايا… كل اللي حصل كان حادثة. حادثة وبس.– من هنا ورايح… تنسي.– تنسي إنه كان في حد اسمه حسن أصلاً.
سهير بصوت ضعيف:– هيجيـ… يجيبوني في التحقيق… أنا…
يوسف قطعها بسرعة:– مفيش حاجة هتحصل لك طول ما إنتِ معايا… وبتسمعي الكلام.
نظرت له بشك:– انت… خدت الملف إزاي؟ كنت سامعنا؟
يوسف بابتسامة صغيرة خطيرة:– أنا بعِتك ليه؟
– عشان أسمع كل حاجة.
– وبعدين… إنتِ بتسألي عن الملف ليه أصلاً؟
سهير بتوتر:– قضية منى… دي تطلع مين؟ وإيه علاقتها…؟
يوسف بصّ لها بطرف عينه… وبجدية قاتلة:– اسمعي يا سهير…– أنا مش عايز أسمع منك كلمة تاني عن الموضوع ده.– ولا اسم حسن… ولا منى… ولا أي حاجة من زمان.
صوته هبط أكتر… بقى أخطر:– مفهوم؟
سهير حاولت تتماسك، وبصوت منخفض قالت:
– فهمني… على الأقل افهم.
يوسف تنهد ببرود محسوب:– الملف رجع لصاحبه… والتهديد انتهى بعد اللي حصل لحسن.
بص لها بعين ثابتة وأضاف:
– دورك انتهى يا سهير… لكن كلامك ممكن ينهيك إنتي للأبد.
سهير بصوت مبحوح:– يوسف… أنا…
يوسف قطعها بحسم– خلاصنا.
ومد إيده وربّت على راسها بهدوء فيه سيطرة.
سهير أومأت بتفهم… ومدركة إن الموضوع أكبر منها، وخطره حقيقي.

(عودة للحاضر)

 

 

رجعت من شرودها وهي لسه حضناه… سهير بصوت رقيق:– مجتش اليومين دول… ليه؟
يوسف بهدوء:– كان في مشكلة في الشغل.
سهير:– سمعت عن اللي حصل…
يوسف ابتسم بسخرية مرّة:– واضح إننا اتشهرنا…مع إن بابا حرص إن خالته تهتم بالصحافة عشان الموضوع مايتعرفش.
سهير بهدوء:– الموضوع كبير أوي إنه يتغطى…وانتو أعدائكم كتير… بس إزاي تحصل عملية سرقة ضخمة بالشكل ده؟
يوسف شد فكه:– مش عايز أتكلم في الموضوع…أنا جاي لك… عشان تنسيني.
ابتسمت سهير بخفة، وبعدت عنه ببطء…إيدها لمست رقبته بأظافرها لمسة دافية، وعينيها غرقت في عينه.
قالت بنعومة فيها دلال وخطر:
– جيت المكان الصح
——-
في طريق مهجور… ظلام… وصوت ريح.علي واقف مسنود على عربيته، سيجارة في إيده، ملامحه هادية بس عيونه حادة.
يظهر ضوء عربية تانية… تقف قدامه.ينزل منها رضوان.
رضوان وهو بيقرب:– ما توقعتش النتيجة دي!
علي بدون التفات:– السفن جاهزة عندك؟
رضوان:– جاهزة… بس فين رجالتك؟
علي بص في ساعته بهدوء قاتل:– جُم.
رضوان استغرب الكلمة…لكن قبل ما يسأل… لمح من بعيد أضواء شاحنات جاية ورا بعض بدقة عسكرية.
الدهشة ظهرت على وشه:– التوقيت… ثواني!الشاحنات وقفت صف واحد.نزل مالك وسيف من عربية علي، واقفين جنبه كحُرّاس صامتين.
علي أشار لمالك إشارة صغيرة…مالك فهم فورًا.رجالة علي نزلوا من العربيات وبدأوا يفتحوا أبواب الشاحنات…البضاعة ظهرت.
سبائك ذهب… خالصة. منوّرة حتى في الضلمة.رضوان اتجمد لحظة:– … !!!
علي ببرود– أنجز… وحمّل.
رضوان أومأ بسرعة، وشوّر لرجالته يساعدوا رجالة علي.الكل شال صناديق الذهب بعناية وكأنهم شايلين قنابل.
اتجمّع كل الذهب عند رضوان.رضوان بص لعلي وهو مش مصدق:– قادر تستغنى عنهم بسهولة دي؟– ده يكفي يغري أي حد في العالم!
علي شرد ثواني… وبصله بنظرة عميقة:– المال ما يهمنيش.– دي كانت خطوة… لهدفى الحقيقى
رضوان ضحك ضحكة قصيرة:– أنا عارف إيه اللي يهمك يا علي…– بس الإنسان يقدر ينسى يوم ولادته… قدّام مليارات زي دي لو اتحطت قدامه.
علي قال بهدوء: – في حاجات… أثمن من كل ده.
علي بص لرضوان بحدة:– لو اتأخرت… المليارات دي هتتبخر يا رضوان.
رضوان عقد حواجبه:– يعني إيه تتبخر؟
علي بثبات:– يعني تبعت واحد من رجالتك اللي في الحكومة… يجيب لي سجلات حسن.
رضوان :– الملف اللي إنت بتدور عليه مع يوسف؟
علي هز راسه:– مش مع يوسف.
رضوان مستغرب:– مش هو خد الملف من حسن؟
علي ببرود:– يوسف حرقه.
رضوان اتصدم خطوة لورا:– إييييه!!– دي كارثة أكبر!
علي بص له بنظرة كلها ذكاء:– يوسف مش غبي عشان يسيبه موجود.– تخلص من الملف… زي ما تخلّص من حسن.– بس أنا واثق… إن حسن كان معاه أكتر من نسخة.
رضوان:– وإنت واثق إن الملف ده فيه كل اللي إنت عايزه؟
علي بجدية – الملف الأسود… فيه قضية وبيبان حرب كاملة.
في الخلف… رجالة علي ورجالة رضوان بيخلصوا نقل الذهب.سيف رجع واقترب من علي:– خلصنا.
علي أومأ له:– جه دورك دلوقتي… تنفّذ.
رضوان بثقة:– متقلقش… كله هيكون تمام.
مشي على قال رضوان بابتسامة جانبية:– بس… قولي… وعد عاملة إيه؟
في ثانية…ملامح علي اتبدلت.مالك بص بسرعة بين علي ورضوان… الجو اتقل.
علي بص لرضوان بنبرة منخفضة تحذيرية:– مغزى سؤالك إيه؟
رضوان حاول يعدل كلماته:– بطمن عليها بس… وبصراحة… أتمنى تكون علاقتكم أحسن حاجة.
علي رد ببرود محسوب، وصوته هادي لكن فيه تحذير خفي:– متقلقش… كويسة.. علاقتنا… كوووويسة.
مشي وسابه رضوان ابتسم باقتناع – وده المطلوب.
مشوا كل واحد ناحية عربيته قبل ما يركب، مالك سأل علي بهمس:– بيسألك عليها ليه؟
علي قال بهدوء… وهو فاهم كل حاجة: – عرف
مالك اتصدم:– عرف؟!
بص على لسيف اللي واقف وراهم:– كافئ سيف يا مالك. اللي عمله… يستحق مكافأة.
سيف ابتسم بفخر. علي ركب عربيته وانطلق.
مالك بص لسيف الى قال – مكافأة إيه؟
تنهد نالك منه

اليوم التالي في الكلية آخر اليوم…وعد خلصت محاضراتها. قاعدة مع صحابها، بس ساكتة… ذهنها مش معاهم خالص.
واحد من زمايلهم قال:– المشروع مش سهل… والدكاترة حطّونا تيم واحد.
بنت ردت:– معاك حق… بس طالما وعد معانا، مفيش قلق! دي متفوقة.
كله بص لوعد… مستني ضحكة، رد… أي حاجة.
لكن وعد ما ابتسمتش حتى.
هي أصلًا… مش سامعة هم بيقولوا إيه.
ياسمين لمحت شرودها:
– في إيه يا وعد؟ شايلة هم الامتحانات؟
وعد ما ردتش.
فجــأة…رِن تليفونها.وعد فوقت… بصت للموبايل…الاسم ظهر على الشاشة: “علي”.
قلبها دق… بقوووة.
البنات بصوا لها باستغراب.
وعد وقفت بسرعة، خدت شنطتها ومشت من غير ما تقول حاجة.
واحد من الشباب قال مستغرب – مالها؟! نظرة غريبة!
ياسمين حاولت تغطي:– تعبانة شوية…
وعد وقفت في ساحة الكلية، بعيد عن الزحمة.موبايلها بيرن… علي.
دق قلبها بعنف.اترددّت لحظة… لكنه رن تاني.
ردّت بصوت واطي:– ألو…
علي مباشرة، بنبرة ثابتة:– انتي فين؟
وعد:
– ف الكلية.
علي بدون شرح:– تعالي الفيلا.
سكتت…هو قفل.وعد فضلت ماسكة الموبايل، قلبها مضطرب.خمس أيام… لا شافته… ولا كلمها… ولا حتى عرفت فين.كانت جاهزة تواجهه… تناقشه… تسأله.
لكن بمجرد ما سمعت صوته… كل كلامها تبخر.

فيلا علي وعد وصلت… قلبها قلق.طلعت الدور فوق… دخلت الأوضة.
كان واقف، بيحط تليفونه على الترابيزة.لما شافته… قلبها خفق بخوف وتوتر… وافتكرت كلام الدكتورة…
علي لف فجأة… عينيه وقعت عليها.– اتأخرتي ليه؟
وعد بلعت ريقها بهدوء وتعب– الطريق…
علي ما استناش. قرب منها… وسحبها لحضنه مرة واحدة.
صوته هادي لكنه متملك: – الشغل خدني شوية… بس أول ما فضيت… كلمتك.
وعد سكتت حست بلاشتياق… وبالوجع.بادلته الحضن… بصمت،عينيها لمعت بدمعة صغيرة.
– عـ… علي…
هو بعد عنها شوية… ورفع إيده يلمس رقبتها بنعومة خطيرة.
– نعم؟
وعد حاولت تتكلم… الكلمات خانتها.قرب أكتر… عينه في عينها مباشرة:
– عايزة تقولي إيه؟
وعد بصوت مكسور:– كنت فيـن؟
علي بهدوء:– لسه قايلك… كنت في الشغل.
قرب أكتر… سحبها من وسطها… مسكها بقوة.ونبرة صوته تغيرت… بقت أخف… أعمق:– وحشتيني.
قلبها بدأ يدق بسرعة وهي حاسة بأنفاسه قريبة من شفايفها… لمس أنوثتها برجولة وكاد يقبّلها، لكن وعد فجأة حطت إيدها على صدره وزقّته بعيد.
قالت بخفوت مضطرب:ــ علي…
كان ضعيف قدامها كالعادة، صوته هادي:ــ نعم؟
قالت بتوتر:ــ أبعد.
مد إيده يلمس رقبتها وهو فاكر إنها بتدلّع، لكن وعد شدت نفسها وشالت إيده وقالت بجدية:ــ يا علي… أبعد.
اتسحب الاستغراب على ملامحه ووقف قدامها:ــ في إيه؟
تنفست وعد بعمق وقالت بصوت واطي:ــ متقربليش… معدش ينفع.
عقد حواجبه:ــ يعني إيه معدش ينفع؟ إنتي تعبانة؟
سكتت… رفعت عينيها له، نظراتها مهزوزة، وهو قرب منها بهدوء:ــ اهدي… مالك فيكي إيه؟
رجعت خطوتين لورا بإصرار:ــ لا يا علي!
اتضايق صوته علي: ــ مالك يا وعد؟ في إيه؟
ابتلعت ريقها… جمعِت شجاعتها، وبعد تردد قالت ــ أنا… حامل.
تجمّد علي مكانه.رجله اتصلبت في الأرض.الصدمة ضربت ملامحه.
وعد شافت عيونه… عيونه اللي بتحبها، واللي دلوقتي بتسألها ألف سؤال.
قال ــ إيه… اللي إنتي قولتيه ده؟
سكتت بخوف.قرب منها خطوة، صوته أعلى شوية:ــ ردي عليا يا وعد!
اتراجعت خطوتين تاني بدوخه قالت ــ خليك بعيد… يا علي.
قال علي بنبرة غير مصدّقة:ــ قولتي إيه يا وعد؟ إنتي بتهزري… بتكدبي، صح؟
بصّت له بصمت.قربها منه غصب عنها، صوته بدأ يعلو:ــ مش عايزاني أقرب منك؟ عشان كده اختلقتي الكذبة دي كحجّة تبعديني؟
عيون وعد امتلأت قرف ودوخة من قربه، لكن هو ما لاحظ.اتقدم أكتر، صوته أخف لكنه حاد:ــ قولي الحقيقة… وأنا أوعدك مش هقربلك، هبعد دلوقتي.
همست بضيق:ــ علي…
قال بحزم:ــ قولي يا وعد الحقيقة!
اتعصبت من طريقته، بدأت تزقه وهي بتقول:ــ بقولك ابعد!

 

بس هو كان مصرّ يقرب، كأنه عايز يسمعها تعترف قدامه غصب.فجأة…وعد زقّته بقوة، وبمجرد ما اتفتح له مجال خطوة… ركعت على الأرض واستفرغت قبل حتى ما تلحق تجري على الحمام.
وقف علي مصدوم، متحجر مكانه عيونه اتسعت، وأنفاسه تقطعت.وعد حطت إيدها على بقها بتعب وغثيان، مش قادرة حتى تتكلم. علي… سكت.مفيش ولا كلمة خرجت منه.كل اللي حصله إنه فهم.فهم إن اللي قالته… حقيقي.
قالت وعد بإحراج وخجل، صوتها مكسور:ــ أنا آسفة… على الى عملته…
بس علي ماردش.بصلها نظرة طويلة مش مفهومة…وبدون ولا كلمة… أخد نفسه وخرج من الأوضة، سايبها لوحدها.
علي واقف تحت، ملامحه جامدة وصوته مكبوت.نزلت وعد السلم بهدوء… عينيها عليه بخوف.وقفت قدامه، همست:ــ ع… علي.
رفع عيونه لها، صوته كان غريب… مش علي اللي تعرفه:ــ إزاي ده حصل؟
تنفست بصعوبة: ــ غصب عني…
فجأة مسك دراعها بقوة، صوته انفجر: ــ يعني إيه غصب عنك؟! يعني إيييييه؟!
ارتجفت، أول مرة تشوف الغضب ده في عيونه.قال علي بصوت غاضب متقطع، مش مصدق:ــ ساكتة ليه؟! إزاي ده حصل يا وعد؟!
قالت بصوت مكسور:ــ قدر ربنا…
ــ قَدَر؟! أنا كنت واخد حذري كويس… وحذّرتـك….الحبوب اللي كنتي بتخديها دي إيه؟!
بصت له بخوف، بعينين مبلولة.قال بحدة:ــ جاوبيني… متسكتّيش!
همست:ــ نسيت…
شد عليها أكتر:ــ نسيتي إييييه؟!
بلعت ريقها، قلبها هيسقط:ــ مرة… كانت الحبوب خلصت… وأنا… ضعفت… معرفتش أقولك لا…
اتسعت عيونه بدهشة وغباء من الكلام.كملت بخوف:ــ والله غصب عني… قولت مرة مش هتأثر… وجبت تاني يوم غيرها… الليلة دي بس اللي…
رزع علي بإيده في الحيطة بقوة، الصوت رجّها من جواها. وقفت تتنفس بسرعة، الخوف ماليها.علي عيونه مولّعة:ــ قولتلك دي أههههم حاجة!!! قولتلك مفيش فـ مرة تتنازلي عنهاااا!!!
دموع وعد نزلت ــ أنا آسفة
علي كان واقف، ساكت… بس الصمت ده كان أخطر من الصريخ.
الغضب مولّع في عيونه.
قال بصوت مبحوح من الضغط:ــ عملتي أكبر غباااء… غباء عمرى ما توقّعته منك!!!
اتصدمت:ــ ع… علي؟!
قال ببرود يخبي تحته نارــ اطلعي فوق.
خطت خطوة ناحيته:ــ هنعمل إيه يا علي؟
كرر بصوت أخشن:ــ اطلعي فوق يا وعد… سبيني أفكر.
دمعت:ــ تفكر في إيه يا علي؟
قربت بخوف:ــ يعني… ناوي تعمل إيه؟ــ هتسيبني؟
بص لها… شاف الرجفة في عينها.دمعة نزلت من خدها من غير ما تحس.
همست بصوت مكسور:ــ رد عليا يا علي… إنت مش هتأذيني صح؟
قربت أكتر، قلبها بيخبط:ــ أرجوك… رد…ــ إنت مش هتسبني لوحدي…
إيديها مسكت إيده من غير وعي، جسمها بيرتعش.ــ علي… بالله عليك… انت مش هتسبني… صح؟ـ أرجوك…
تنهد علي بقوة، صوته خف شوية:ــ اهدى.
هزت راسها:ــ عارفه إنك مضايق… بس متسبنيش أنا… متخلينيش أواجه ده لوحدي…
نظر لها، شاف الفزع الحقيقي…وشاف إنها حتى وهي خايفة… بتيجي له هو.
قال بهدوء حاسم:ــ مش هسيبك.
الكلمة دي… حررت قلبها.شهقت براحة… دموعها وقفت.
كرر علي وهو ماسك عيونها:ــ مش هسيبك.ـ هلاقي حل…
تنتد ومسح جبينه قال- هتصرف.
تنفست وعد بارتياح:ــ يعني هتكلم بابا عننا… مش كده؟
أومأ علي بهدوء، عيناه جدّيين:ــ متقلقيش.ـ ثقي فيّا.
ابتسمت وعد… واندفعت تحضنه بقوة ــ كنت واثقة… إنك مش هتخذلني.
شكت على لكن راي ازاى انفرجت اساريها من رده، بادلها العناق… لكنه ماكانش حاضر فعلاً.عينيه كانت مليانة تفكير… خوف… حسابات.
وعد حست بده، فشدت عليه أكتر وقالت بصوت مرتعش ــ متبعدش عني… أرجوك… متسيبناش!
بص لها علي:ــ خايفة؟
هزت راسها بسرعة:ــ جــداً.ــ إنت متعرفش أنا سمعت إيه…ــ خوفت… يكون الكلام صح… وتسيبني.
رفعت عينيها له بتوجع:ــ خوفت أوي يا علي…ــ إنك تأذيني… أو… تقتـ.ـلني.
رمش علي بدهشة:ــ أقتـ.ـلك؟!
أومأت ببطء، دموع في عينيها:ــ خوفت تعتبرني غلطة… وتخلّص مني.ــ خوفت من رد فعلك… خوفت تسيبني لوحدي.
علي حرك إيده بهدوء… مسح على راسها بحنان، ثم مسك وجهها بين كفيه ونظر في عينيها بجدية قوية:ــ محدش… محدش يقدر يؤذيكي يا وعد. حتى لو كنت أنا.
الكلمات دخلت قلبها زي الأمان…ابتسمت بخفوت… بضعف… بعشق:ــ يعني… إنت مش مضايق مني؟
علي ماجاوبش. كان ساكت… بيفكر… وعينيه ثابتة عليها.قلبها اتوتر… قربت أكتر، بصوت مكسور:
ــ أنا آسفة.
قبل ما يفتح بوقه… حضنته بسرعة، كأنها بتحمي نفسها من أي كلمة ممكن توجعها.سندت راسها على صدره، وقالت بصدق:ــ بحبك.
علي بادلها العناق…بس عيناه فضلت شارده في الفراغ…مشاعره معقدة…عقله بيغلي…وقلبه لسه محتاج يقرر.
في عمق الليل…كان علي واقف في البلكونة، والهوا البارد بيعدي على وشه.
في إيده قنينة الخمرة اللي بقت جزء من يومه… ملاذه الوحيد من التفكير.
رفعها لشفايفه… لكنه وقف.قفلها بهدوء… وحطها في جيبه.
رجع للغرفة بصمت.
عينه وقعت على وعد…كانت نايمة بهدوء… بريئة… غارقة في أمان ما تعرفش إنه وهم.”مش مدركة المصيبة اللي حطتهك فيها…”
مر الكلام ده جواه من غير ما ينطق. اقترب منها.اتقلبت وعد في النوم…
فتحت عينيها ببطء، ولما شافته همست باسمه كأنه أحن كلمة في الدنيا:
ــ علي…
كان يحب اسمه من فمها.مدت إيدها له… فمسكها وقعد جنبها.
قربت منه بلا تردد… لفّت دراعها حوالين رقبته… وسندت راسها على صدره
ــ قومِت لي.
هو ما ردش… لكن صوته خرج داكن هادي:ــ قلقتِك؟
هزت رأسها بخفوت:ــ لا…وغمضت عيونها تاني… كأن وجوده مخدة أمان.
علي استلقى جنبها…ضمها أقرب…وصار يتأمل بطنها…المكان اللي فيه روح بتنمو… هتربطه بيها للأبد…كل يوم هتكبر…كل يوم هتذكّره إنه مش لوحده.
بص لها…هي بالنسبة له دلوقتي قنبلة موقوتة…
سلاح ذو حدين…. سلاح في إيده… ممكن يدمر اللي ضده.
وسلاح في قلبه… ممكن ينهيه هو شخصياً.
وعد تحركت في حضنه كأنها بتحتمي بيه.علي شدها أكتر…قرب وجهه من شعرها…أخد نفس عميق من ريحتها اللي مدمنها.
همس بتنهدة تقيلة وهو بيراقبها:ــ وعد…
——-
رجعت وعد الصبح للفيلا…في مدخل البيت قابلتها فاطمة.
رفعت فاطمة حاجبها وقالت بنبرة قلق:ــ بيتّي برّة تاني؟ البيه سأل عليكي.
وعد ما ردتش…كانت ملامحها هاديه… وفيها لمعة فرح صغيرة مش قادرة تخبيها.عدّت من جنبها وهي طايرة.
استغربت فاطمة… تبعتها فوق:ــ يا وعَد!
التفتت وعد بابتسامة واسعة:ــ في إيه يا طنط فاطمة؟ أنا مبسوطة… متنكديش عليا.
ابتسمت فاطمة غصب عنها:ــ ربنا يبسطك دايمًا يا بنتي… بس ده ليه؟!
تنفست وعد براحة وقالتــ كنت مضايقة… وخايفة… وقدري تقولي الخوف ده… اتشال.
انقبض قلب فاطمة:ــ خوف إيه؟ بعد الشر!
ضحكت وعد بهدوء:ــ خلاص يا طنط… خلاص.
دخلت أوضتها، ارتمت على السرير بإحساس راحة واضح.
فاطمة دخلت ووقفت عند الباب تبص عليها بتمعّن.
ــ انتي فعلاً بقيتي أحسن من امبارح… خفيتي!
وعد أغمضت عينيها بسعادة وهمست:ــ خفيت يا طنط فاطمة… خفيت.
فاطمة ابتسمت وخرجت، سايباها تستريح.سكت البيت لحظات… ثم رن موبايل وعد.فتحت عينيها… بصت في الشاشة… “علي”.
ضغطت رد بسرعة:ــ علي…
صوته جه عميق وجاد:ــ روحتي؟
ــ آه… وصلت من ربع ساعة.سكت لحظة… وبعدين قال بنبرة فيها حرص:
ــ متروحيش الكلية النهارده.
وعد ابتسمت تلقائيًا…هو مش عايزها تتعب.
ــ طيب…ــ هتكلم بابا إمتى؟ الوقت…
قال علي ــ أنا مش قولتلك متقلقيش؟ هكلمه النهارده.
هزّت وعد رأسها بابتسامة هادئة:ــ مش قلقانة يا علي… طول ما إنت معايا.
أنهت المكالمة على كده…لكن قلبها كان شغال دق،النهارده اليوم الحاسم.
كانت فرحانة… مش بس لأنه هيتكلم مع أبوها، لكن لأنه أخد الموضوع بجد… مش بيأجل… مش بيتحجج.هيعمل المستحيل عشانها… وعشان ابنهم.هيثبت لها إنه مش هيتخلى…وإن حبهم هيظهر قدام الكل…وهيتجوزها بالفخر… مش في الخفاء.
ابتسمت وهي تتمتم:ــ يا رب… الليلة تيجي بسرعة.

قعدت وعد قدام الكتاب… عينها على الصفحات لكن عقلها في حتة تانية.
هي مش بتذاكر… هي بس بتعد الساعات.
فجأة سمعت صوت عربية قدام الفيلا.
قامت بسرعة من على السرير… خرجت من أوضتها… نزلت السلم بخطوات سريعة.
لكن…
مش عربية علي.كانت عربية يوسف.
نزل من العربية… لمّا شافها واقفة عند الباب رفع حاجبه باستغراب:ــ واقفة برّه ليه؟
بلعت ريقها وقالت بهدوء:
ــ مفيش… كنت هقف في الجنينة…
قعدت في الجنينه كتير… الهوا كان بارد، بس قلبها كان مولّع من كتر ما هي قلقانة ومشغولة بعلي. كل دقيقة تبص ناحية الجراچ، وكل ثانية تسأل نفسها: هو فين؟ ليه اتأخر كده؟
الوقت عدّى…الليل بيجري…الساعة بقت ١١…وهو لسه مرجعش.
عينيها راحت ناحية مكتب أبوها. كان قاعد مع يوسف بيتكلموا في الشغل، ويبان إن كلامهم قرب يخلص. بعد شوية، يوسف خرج… نظر للجنينة، شاف وعد لسه قاعدة بنفس الوضع، عينيها معلقة بباب الجراج.
يوسف – مستنية حد.
وعد اتلخبطت، قامت بسرعة وقالت بارتباك:– ل..لا! انت خارج ولا إيه؟
يوسف:– آه، محتاجة حاجة؟

 

 

هزّت راسها بسرعة:– لأ.
مشي يوسف… وسابها مع قلقها. الساعة بقت ١٢…اليوم خلص، ويوم جديد بدأ…
وعلي برضه مارجعش.
زفرت… قامت تدخل الفيلا.وقفت لحظة عند الباب، بعدها طلعت موبايلها وبصّت فيه.
همست لنفسها بنبرة محاولة إقناع:– يمكن نسي… أو عنده شغل… هييجي بكرة أكيد.
لكن قلبها… كان شايف غير كده تاني يوم…على الفطار علي ماجاش.
وعد كانت بتحاول تتصرف عادي… بس قلبها وقع.مش بس علي اللي اختفى… يوسف وأبوها كمان مش موجودين.
سؤال واحد كان بيلف في دماغها:هو فين؟ حصل إيه؟
كانت عايزة تسأل…كانت عايزة تعرف…بس لسانها اتعقد.
ماقدرتش تروح الجامعة.قعدت في البيت، وكل شويه تبص على الموبايل.
وأخيرًا… قررت تتصل. بس اتصدمت لما تليفونه مغلق.
دقات قلبها زادت.كتبت له رسالة:“إنت فين؟”
ومافيش رد. فضلت طول اليوم قاعدة…مستنية تسمع صوت عربيته…مستنية ييجي بليل زي كل مرة…لكن الليل جه…وهو ماجاش.
مافيش حتى صوت خطوات، ولا حتى رسالة، ولا حتى كلمة.
الخدم كانوا بيسألوها:– تحبي تفطري؟
-تتغدي؟
-العشا جاهز؟
كانت بتاكل لقيمات صغيرة… مش قادرة.مخها تايه… قلبها قلقان بشكل مرعب.
البيت هادي… الكل نايم.بس هي… واقفة في البلكونة، عينها على الفراغ، وروحها بتناديه.
رفعت راسها للسماء…وأخدت نفس عميق..وهمست بصوت مليان خوف واشتياق: “علي… إنت فين؟”
وعد صحيت العصر… من كتر السهر والقلق، نومها كان تقيل.
فتحت عينيها ببطء… حاولت تقوم، بس حست بألم في جنبها.
اتعدلت على السرير…وبصت حواليها باستغراب.
نومتها كانت غريبة..راسها مش على المخدة…جسمها في نص السرير.
ومتغطية…بس هي مش فاكرة إنها غطت نفسها!
لحظة صمت… وقلبها دق. مين غطاني؟!
تنهدت تهدّي نفسها، وقامت تمشي.. لكن فجأة وقفت مكانها! رجعت بسرعة عند الشباك…
وشافته. عربيته.العربية اللي حافظه صوتها ولونها…عربية علي!مركونة تحت… وكأن ولا حاجة حصلت.قلبها وقع.إيده بردت.عينها دمعت من غير ما تحس.
نزلت بسرعة من أوضتها…خطواتها شبه جري. وأول ما وصلت تحت…لمحت نادين واقفة مع يوسف بيتكلموا بجدية.
نادين:– علي مهد طريق كبير… في فرصة لسه ندخل الافتتاح.
يوسف مستغرب:– بس جاب توكيل من شركات التأمين إزاي؟
نادين بهدوء:– من شركته.علي عنده شركة أساسية كبيرة بتساند شركة بدران، والكل عارف اننا واحة… بس شركة علي مستقلة. وهو خد توكيل باسمه…عشان يساهم في مساعدة الشركة في الافتتاح.
يوسف بان عليه الانبهار:– فاجئني الصراحة…
وعد ما استحملتش… قربت وقالت بقلق واضح:– بابا فين؟
نادين بصتلها بهدوء:– مع بدران… ف المكتب.**
خرج بدران… وخلفه علي.وقفت وعد مكانها،عينها اتعلقت بعلي فورًا،نظرة مليانة لهفه… ودمعة لامعة في طرف عينها.هو بخير… عايش… قدامها.
وعلي…بصّ لها هو كمان.نظرة سريعة… فيها شيء غريب… برد… وجفاف… مش هو.
بدران بيكلمه – الموضوع لسا على المحك بس مش هيكون في أي غلطة تاني.
اومأ على بتفهم جت رانيا قالت – الفطار جاهز يبدران كفاية كلام شغل
بدران:– نكمل بعدين.
تحركوا كلهم ناحية السفرة…ووعد استجمعت شجاعتها وراحت ناحية علي قبل ما يقعد.
وعد بصوت منخفض فيه عتاب وقلق– اتصلت عليك كتير… تليفونك كان مقفول.
علي ببرود – كان في حاجة.
كلمة قصيرة… بلا شرح. قالت وعد – كنت عايزة أشوفك… كنت قلقانة عليك.
علي سكت…وبصّ في عينيها لحظة…لكن من غير ما ينطق.
وعد قالت باهتمام وحب: – كلمت بابا؟
علي، بنبرة آلية شبه خاوية: – هكلمه النهارده.
ثم… مشي. وسابها واقفة. وعد فضلت تبص وراه…نبرته كانت غريبة.جافة… باردة… كأنه شخص تاني.ومع ذلك… وجوده بس طمّنها شويه.
جلسوا كلهم على الفطار…وعد قعدت في مكانها…وعينها راحت تلقائيًا على نادين…الى كانت قاعدة جنب علي. قريبة جدًا.بتتكلم معاه عادي، النار اشتعلت في قلب وعد. الغيرة ضربت فيها زي العاده، نَفَسها اتحبس.إيديها مسكت الشوكة بقوة.
لكنها كبَت الغضب بتصبر لانه لما يطلبها من ابوها،،هيبقى ليها هي وبس…
ومش هتسمحله يكلم ولا يبص لواحدة غيري. وهي بتفكر كده.
كانت بتبصله طول الوقت…قلبها متعلق بنظرة منه.بس عين علي… جامدة مش بتبصلها طانه ميعرفهاش.
“يمكن مرهق؟يمكن مش واخد باله؟بس ليه… ليه مبصليش؟ فين اللمعة اللي كانت بتطلع في عيونه لما يشوفني؟”
القلب بدأ يقلق ..شيء مش طبيعي.
وفجأة، قال علي بصوت هادي لكنه حاسم:
– عايز أتكلم معاك يا بدران في موضوع.
قلب وعد دَقّ بعنف.نظرتها راحت بسرعة بين علي وأبوها…
هي اللحظة! اللحظة اللي استنتها!
بدران: – اتفضل يا علي.
وعد حبست أنفاسها عينيها بتلمع…“هيقولها… دلوقتي… هيطلبها…”
علي – أنا طالب القرب منك.
الكلمة دي… كسرت الهدوء. الكل ركّز معاه.
بدران بصله بدهشة… ثم ابتسم
– ده يوم المُنى إنك هتتجوز يا علي…بس طالب القرب مني أنا… فـ مين؟
وعد قلبها هينط من صدرها مستنيه تسمع اسمها
علي بهدوء قاتل: – نادين.
انقطعت أنفاس وعد بصدمه والدم توقف فى عروقها
قال على بتأكيد – طالب إيد نادين… أخت مراتك
بين الحب والانتقام

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *