روايات

رواية مغرم مجنون الفصل السادس 6 بقلم خديجة أحمد

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية مغرم مجنون الفصل السادس 6 بقلم خديجة أحمد

 

 

البارت السادس

 

 

#مغرم_مجنون
البارت السادس
قعدت تبص في إيدها، والدم لسه ناشف على أطراف صباعها، لكن قلبها كان مولع أكتر من أي وقت فات.
إحساس غريب… بين الصدمة والخوف والحزن.
ليه دلوقتي؟! بعد كل السنين اللي حاولت تنسى وتستحمل، ليه الدموع دي لازم ترجع دم؟
قلبها كان بينفطر، مش بس من وجع مصطفى والذكريات،
لكن كمان من إحساسها بالعجز، إنها مش قادرة تتحكم حتى في جسمها.
الدمعة التانية نزلت، ومعاها كأن كل وجعها القديم رجع ينبض في صدرها.
زعلت، زعلت من نفسها، من جسمها، من الحياة، من كل حاجة.
وكأنها اكتشفت إن بعض الحزن بيستمر حتى لو حاولت تهرب.
راحت هاجر لحمام غرفتها، غسلت وشها من آثار الدم، وحسّت كأنها بتمسح معاها كمان أثر كل التوتر والغضب اللي جوّاها.
قلبها كان مليان خوف وترقب، بس قررت تاخد بنصيحة الدكتورة، وتحاول تصالح راكان، حتى لو خطوة صغيرة.
نزلت من السلم بخطوات هادية، لكن الدنيا كانت ساكتة جدًا حوالينها.
مامتها في الشغل، وجوز مامتها برضه مشغول، والبيت كله غارق في صمت.

 

 

اتجهت نحو أوضة راكان، كل خطوة فيها إحساس مختلط بين القلق والخوف والأمل.
فتحت الباب بهدوء… ولقته نايم على السرير، وشه مرتاح، وأنفاسه ثابتة.
هدوءه كان شبه سكينه تقطع خوفها، لكنها حسّت كده لأول مرة… يمكن دلوقتي يكون وقتها تواجه نفسها وتواجهه.
قربت هاجر منه على السرير، قلبها بيدق بسُرعة.
ملست على شعره بهدوء،و بحذر شديد، عشان ما يصحّاش من النوم.
عيونها بدأت تدمع، والدموع سايبة أثرها على خدها، وهمست بصوت ضعيف مليان ندم:
– أنا… آسفة… آسفة على كلامي معاك اللي دايمًا دبش… آسفة على قلة ذوقي معاك… آسفة إني دايمًا بعاملك وحش…
(أخذت نفس عميق، ودموعها بتنزل أكتر)
– أنا بس… لما بتضغط أو بخاف، بعمل حاجات مش عارفة عواقبها… عارف؟ انا جبانة أوي… كنت جاية أعتذرلك… بس قبل ما أدخل الأوضة بالضبط، قولت هاجي أنكشك وخلاص… أنا آسفة لو جرحتك بكلامي أول مره اتقابلنا فيها.
قامت بسرعة، وهي حاسة بارتباكها كلّه بيطلع في خطواتها، ناوية تمشي بعيد عن السرير… عن اللحظة… عن كل حاجة.
وفجأة، حسّت بإيد بتمسكها!
شدّت عليها برفق، بس في نفس الوقت بحزم، وبصّ لها بعينيه اللي فيها مزيج من الغضب والحيرة، وصوته واطي لكنه حقيقي:
– ما تمشيش…
وكمل بضحكه: لسه معرفتش مين مصطفى.
قفّت، قلبها بقى متلخبط من التوتر والخوف والارتباك، مش قادرة تقول كلمة.
البسمة ارتسمت على وشها، كانت بسيطة بس طالعة من القلب، كأنها أول مرة تبتسم بارتياح من فترة طويلة.
بصّت له وقالت بصوت خفيف فيه شوية دعابة وشوية خجل:
– عندك وقت كفاية تسمع الحكاية؟
راكان، وهو لسه ماسك إيدها، ابتسم ابتسامة صغيرة فيها مزيج من الهدوء والحنين، وقال بنبرة هادية:
– معاكي للصبح.
ضحكت بخفة، دموعها لسه سايبة أثرها، وقالت:
– حيث كده بقى… كوبايتين شاي ونرغي للصبح.
ضحك هو التاني، والجو اللي كان متوتر من شوية بقى دافي ومليان راحة.
بعد شوية، كانوا قاعدين في المطبخ، على الكاونتر بتاع المطبخ الأمريكي.
الإضاءة كانت دافية، وكوبايتين الشاي قدامهم، البخار طالع منهم بهدوء كأنه بيحكي قصة هو كمان.

 

هاجر أخدت نفس طويل، وتنهيدة خرجت معاها كأنها بتطلع تعب سنين:
– بص يا سيدي… مصطفى دا كان خطيبي.
اتخطبت له قبل ما أسافر المنحة.
أنا… عصبية أوي.
بتعصب بسرعة وبتكلم بطريقة ممكن توجع اللي قدامي من غير ما أقصد.
هو الصراحة… كان بيستحملني.
سكتت لحظة، ومسحت دمعة خفيفة خانتها وهي نازلة على خدها:
– بس كل واحد ليه طاقته… وهو طاقته خلصت.
تعب، تعب مني ومن عصبيتي…
بدأ يقلّ اهتمامه، وبدأ يكلّمني قليل، ويبعد…
وأنا كنت… بشحت منه الاهتمام، بحاول أرجّعه بالكلمة، بالنظرة، بأي طريقة.
راكان فضل ساكت، عينه عليها، بيشوف الوجع اللي بتحكيه،… ما حاولش يقاطع، ولا يواسي.
هو بس… كان بيسمع.
تنهدت تنهيدة وجع، فيها استسلام أكتر من حزن، وقالت:
– لغاية ما في يوم… واجهته.
قولتله لو مش قادر تكمل، قولي، بس متسيبنيش كده…
وفجأة لقيته بيقولي: “أنا آسف… أنا مش هقدر أكمل.”
نظرت قدامها في صمت، والإيد اللي كانت ماسكة الكوباية بترتعش خفيف.
كملت هاجر بصوت واطي، فيه بقايا وجع مالوش ملامح:
– مكنتش متخيلة إنه ممكن يقولها…
بعد العِشرة اللي بينا، وكل حاجة حلوة عشتها معاه،
متخيلتش إننا نبعد كده، فجأة، من غير حتى ما نحاول.
عيونها لمعت وهي بتبص في الفراغ، كأنها شايفة الذكريات قدامها على شاشة المطبخ،
– كنت فاكرة إننا هنعدّي أي حاجة…
بس الظاهر إن الحب لوحده مش كفاية.
راكان حس بخنقة في صدره، مش عارف يقول إيه.
نظرة واحدة ليها كانت كفيلة توصله وجعها كله.
مد إيده ناحية كوباية الشاي، بس ما شربش.
كل اللي عمله إنه قال بهدوء:
– يمكن ربنا كان شايف إن وجع البُعد أهون من وجع الاستمرار.
هاجر وهي بتبص ف كوباية الشاي اللي قدامها، صوتها واطي جدًا:
– جايز.
سكتت ثواني، والهدوء بقى تقيل ف المطبخ لدرجة إن صوت المعلقة وهي بتخبط في الكوباية كان باين.
راكان بصّ لها بتردد، كأنه مش عايز يسأل بس السؤال خرج غصب عنه:
– لسه بتحبيه؟
هاجر خدت نفس طويل، وبصّت ف الأرض شوية قبل ما ترد:
– مش بحبه… ومش بكرهه.
كأنها كانت بتختار كل كلمة بعناية، كأنها بتحاول تفهم نفسها وهي بتتكلم.
– هو بقى بالنسبالي حاجة كانت… مش موجودة دلوقتي، بس سايبه أثر.
عارف لما وجع يخفّ بس يفضل مكانه ف القلب؟ هو كده بالظبط.
راكان بصّ لها، وهو حاسس إن الكلام ده مش عن “مصطفى” بس،
ده عن كل حاجة وجعتها وسكتت.
ابتسم بخفة وقال بهدوء:
– يمكن الأثر ده هو اللي بيعلمنا نحب صح بعد كده.
هاجر بسرحان: ممكن
بعد ما خلصت قعدتها مع راكان، اليوم عدى هادي… من غير أي أحداث جديدة، بس جواها كان في دوشة مش ساكتة، أفكار رايحة جاية ومش عايزة تهدى.
تاني يوم، صحيت على صوت المنبّه، جواها إحساس إنها محتاجة تبدأ من أول وجديد، يمكن الجلسة مع الدكتورة تساعدها تشوف نفسها بوضوح.
قامت، لبست لبس بسيط، شعرها سيبته على طبيعته، خدت شنطتها ونزلت، لكن قبل ما تطلع من باب الأوضة، موبايلها رن.
بصت ع الشاشة… “بابا”.
قلبها اتقبض لحظة، يمكن لأنها كانت محتاجة حضنه أكتر من أي وقت.
ردّت وهي بتحاول تخلي صوتها طبيعي:
– ألو يا بابا.
صوته جه دافي :
– إزيك يا هاجر، عامله إيه يا بنتي؟ طمنيني عليك.
ابتسمت بخفة، بس ابتسامتها ما وصلتوش، وقالت:
– الحمد لله يا بابا، أنا كويسه.
سكتت ثواني، وبعدين خرج السؤال اللي كان واقف في حلقها من يوم ما عرفت:

 

 

– حضرتك كنت تعرف إن ماما اتجوزت؟
الصمت اللي جه بعدها وجعها أكتر من أي إجابة.
عرفت من سكوته… عرفت إنه كان عارف.
حست بسكين بيدخل في قلبها ببطء، وقالت بصوت مهزوز:
– ليه؟ ليه يا بابا؟ ليه تخبي عني حاجه زي دي؟
صوته جه مكسور، فيه ندم وحنين وكسرة راجل اتعب من الدنيا:
– يعلم ربنا يا حبيبتي إني مكنش هدفي اني اخبي عليكي… أنا قولت ما ادخلش بينك وبينها. هي لو كانت عايزه تقولك، كانت قالت.
هاجر قعدت على أول كرسي قابلها، الموبايل في إيدها بس إيديها بتترعش.
الدموع كانت بتتجمع ف عينيها بس بتحاول تمسك نفسها، وقالت وهي بتهمس:
– بس أنا كنت محتاجه أعرف منك يا بابا… منك إنت. مش اكتشف لوحدي .
صوته جه حنين أوي، بس فيه تعب واضح:
– عارف يا هاجر، وعندك حق… يمكن كنت فاكر إني بحميكي، بس طلع إني وجعتك أكتر.
هاجر بابتسامه باهتة وهي بتمسح دمعة نزلت رغم عنها:
– أنا بس كنت محتاجه أحس إن في حد بيقولي الحقيقه، حتى لو هتوجعني.
باباها اتنهد وقال بحنيه:
– يمكن غلطت، بس عمري ما كنت عايزك تحسي إني بعيد أو بخبي عنك.
وبعدين بصوت واطي:
– وحشتيني يا هاجر مش هتيجي تزوريني تاني.
هاجر بصت ف المراية وهي بتحاول تمسك نفسها من العياط:
– وإنت كمان يا بابا، وحشتني أوي
هجيلك قريب حاضر.
قفلوا المكالمة، بس في قلبها حاجات كتير ما خلصتش…
كل اللي جواها كان خليط من وجع وحنين وخوف….
هاجر فضلت ساكته بعد المكالمة، ماسكه الموبايل في إيدها ومش قادرة تستوعب اللي حصل.
حست إن قلبها بيتكسر للمرة المليون، المرة دي لما عرفت إن حتى أبوها خبّى عنها.
وقفت قدام المراية، وشها باين عليه الإرهاق، عنيها فيها لمعة حزن مش بتروح، مسحت دموعها بسرعة وقالت لنفسها:
– كفاية ضعف يا هاجر… قومي.
نزلت من البيت بخطوات بطيئة،
ركبت العربية، وشغلت الراديو، بس أول أغنية طلعت كانت عن الفُقد… فقفلته فورًا.
طول الطريق كانت ساكته، بتفكر ف كل حاجه ومفيش حاجة مفهومة.
وصلت عند عيادة الدكتورة رقيّة، دخلت وهي بتحاول تبين إنها هادية، بس عينيها كانت بتحكي غير كده.
السكرتيرة أول ما شافتها قالت بابتسامة:
– اتفضلي يا أستاذة هاجر، الدكتورة مستنياكي.
فتحت باب الأوضة، لقت رقيّة قاعدة ووشها فيه طيبه واهتمام، رفعت راسها من الورق وقالت بهدوء:
– أخيرًا جيتي يا هاجر… كنت مستنياكي.
هاجر ابتسمت ابتسامة ضعيفة، وقعدت قدامها وقالت بصوت خافت:
– يمكن اتأخرت… بس كنت محتاجة أتكلم النهارده.
رقيّة مالِت لقدّام وقالت بلُطف:
– تمام يا حبيبتي، احكيلي… إيه اللي وجعك المرة دي؟
– حاجات كتير أوي يا دكتوره، تخيلي… رجعت من السفر ألاقي ماما اتجوزت، من غير ما تقولي!
أعرف كده بالصدفة! كأنّي غريبة عنها، كأنّي مش بنتها…
ولما سألتها عن الكلب بتاعي، “روي”، قالتلي مات… وأنا صدقت!
وهو طلع عايش!
كدبت عليا في حاجات كنت شايفاها بسيطة بس هي بالنسبالي وجع.
دموعها نزلت غصب عنها، مسحتها بإيدها بسرعة وقالت وهي بتكمل:
– حتى بابا… بابا اللي كنت فاكره مبيخبيش عني حاجة، كنت بفتكر إنه الوحيد اللي صادق معايا…
طلع هو كمان عارف إنها اتجوزت، وساكت!
خبا عني زيها بالظبط…
أنا مش عارفه هو أنا اللي غريبة؟ ولا هما اللي بعدوا؟
رقيّة قالت بهدوء وهي بتميل ناحيتها:
– اللي حصل معاكي مش بسيط يا هاجر، وإحساسك بالغدر طبيعي جدًا…
بس عايزاكي تفهمي حاجة، الناس ساعات بتخبّي مش عشان تأذي، بتخبّي عشان خايفة تكسرك، بس للأسف بيكسرونا أكتر لما يسكتوا.
هاجر رفعت عينيها ليها، وقالت بصوت مخنوق:
– يعني أعمل إيه؟ أكرههم؟ ولا أكمّل كأني مش شايفة؟
رقيّة ابتسمت ابتسامة هادية وقالت:
– لا تكرهي، ولا تتجاهلي… واجهي، بس المرة دي مش بالكلام، واجهي بإحساسك.
لما تشوفيهم، ما تلبسيش وش البنت القوية، خليكِ طبيعية، يمكن ساعتها يحسّوا قد اي إنتي كنتِ محتاجة حب مش أسرار.
هاجر سكتت، وبصت ف الفراغ.
عيونها نزلت دموع، دموع خفيفة في الأول، بس فجأة اتبدلت بحرارة غريبة،
والدم بدأ يختلط بيها، ينزل بهدوء على خدها زي وجع ساكت مش لاقي طريق غير كده.
هاجر بصوت مبحوح من الألم:
– بدأت أعيّط دم من تاني… كان بقالي كتير معيطش كده، كنت فاكراه راح خلاص.
رقيّة بصت لها بهدوء، ملامحها مفيهاش خوف، فيها فهم عميق للحالة دي، وقالت بنبرة حازمة بس حنينة:
– دا معناه إنك مضغوطة جدًا يا هاجر… الـ Haemolacria رجعت لأنك مش بتطلّعي اللي جواكي.
لازم تهدي، تبعدي عن أي توتر أو زعل.
اعملي حاجات جديدة، شوفي شغلك، حياتك، نفسك… بس أهم حاجة تبعدي عن أي ضغط ممكن يكسرِك أكتر.
هاجر مسحت الدم من على خدها بإيديها المرتجفة، وقالت بنبرة فيها وجع واستسلام:
– بحاول يا دكتوره… بس حتى وأنا بهرب من الضغط، بيجيلي لحد عندي.
رقيّه قربت منها وقالت بهدوء:
– ما تهربيش، واجهيه بس بهدوء.
لما تبطّلي تقاومي كل حاجة لوحدك، جسمك هيرتاح… وعينك كمان.
هاجر سكتت، عنيها لسه فيها لمعة الدم والدموع، بس جواها حسّت إن فيه حاجة صغيرة بدأت تتنفس.
رقيّة مدت إيدها بهدوء ناحية المكتب، جابت نضارتها ولبستها، وبدأت تكتب في الملف قدامها.
هاجر كانت لسه قاعدة، ممسكة منديل بتضغط بيه على خدها، بتحاول تمسح أثر الدم اللي كان بينزل من شويه.
الدكتورة بصت لها وقالت بصوت هادي وواضح:
– بصي يا هاجر، أنا هكتبلك على شوية أدوية تساعدك ترجّعي توازنك النفسي.

 

مش علاج سحري، بس هيساعدك تهدي وتقدري تتعاملي مع الضغط.
هاجر كانت بتسمعها باهتمام، وهي تهزّ راسها ببطء.
رقيّة كملت:
– العلاج دا لازم تمشي عليه لمدة شهر على الأقل، ومعاه جلسات منتظمة.
بس أهم من الدوا يا هاجر… إنك تدي لنفسك فرصة ترتاح، تبطّلي تحاربي كل حاجة لوحدك.
هاجر خدت الورقة منها، بصّت فيها شويه وقالت بنبرة فيها امتنان صغير:
– حاضر يا دكتوره… هحاول.
رقيّة ابتسمت وقالت:
– وأنا هنا دايمًا يا هاجر، مش بس كدكتوره، كحد شايفك بجد.
هاجر ابتسمت ابتسامة ضعيفة، فيها شكر أكتر من ألف كلمة، وقامت بهدوء تمشي، والورقة في إيدها ….
يتبععع

 

 

 

0 0 votes
Article Rating
____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x