رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة الخولي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سارة الخولي
البارت السابع والعشرون
الحلقه 27
في مطعم فاخر ..جلست ناهد برفقة ادم………
ادم وهو يمد يده ليمسك يدها: وحشتيني
ناهد وهي تسحب يدها في توتر: ادم ؟……..انا دلوقتي واحده متجوزة مايصحش اللي بتعمله ده
ادم عائدا بظهره الى الوراء: امال جيتي تقابليني ليه بقى؟؟
ناهد وقد تلعثمت حروفها: انا….انا .كـ كـ كنت خايفة و……..
ادم متصنعا الاندهاش: خايفة من ايه؟؟……..مني؟؟……..تابع بجدية وهو يعود بجسده الى الامام: ولا لقيتي اني انا الملجأ الوحيد ليكي بعد ما حياتك اتبهدلت؟
تظرت له ناهد في توتر ……كانت على وشك ان توافق على كلامه …..ولكن…
ناهد: انت ليه افتكرت تشوفني دلوقتي وانت خارج من 5 سنين
مط ادم شفتيه قبل ان يقول: لأني حسيت ان ده انسب وقت للظهور بالنسبالي
ناهد مضيقة عيناها: انسب وقت ازاي؟؟……..مش فاهمة؟؟
ادم: انا اعرف كل حاجة عنك من ساعة ما خرجت…….بيتك…..متجوزة مين؟؟………حتى كريم ابنك…….كان نفسي ارجعك ليا تاني …..بس قلت انك اكيد هترفضي طلبي…..لكن دلوقتي وبعد ما جوزك اتشل…ومابقاش يشتغل…….تابع ضاغطا على حروفه : ومابقاش يقدر يديكي حقوقك………قلت انك اكيد اتعس واحده في الدنيا ……..ولازم اقدم خدماتي
ناهد بتردد: خدمات ايه؟؟
ادم عائدا بظهره الى الوراء: بصي يا ناهد…….انا لفيت قد ما لفيت مفيش واحده سكنت قلبي وروحي غيرك…….طول الوقت كنت بفكر فيكي…..لما عرفت انك اتجوزتي انا جاتلي صدمة فظيعة….بس خوفي عليكي منعني اني اتدخل في حياتك……بس انا دلوقتي بقدم طلبي…..وكلي امل انك ماتخذلنيش
ناهد بتوتر اكبر: طـ طلب ايه؟؟
ادم ناظرا في عيناها مباشرة: تطلبي الطلاق………ونرجع نعيش سوا……
همت ناهد بقول شئ الا ان ادم تابع: صدقيني مش هتندمي……..معايا انتي هتعيشي ملكة……انا بعد ما خرجت من السجن رجعت اعمالي زي الاول واحسن كمان…..يعني ممكن اعملك فيلا ولا فلل الاميرات………
اتسعت عينا ناهد في جشع قبل ان تهتف : فيلا مرة واحده؟؟
ادم بسرعة: واللي انتي تختاريها بنفسك…..وغير كده انتي زي مانتي شيفاني دلوقتي ….سليم ومعافى …….يعني اعرف اتجوز ….
ابتلعت ناهد غصة في حلقها…….فهو قد اتي على اكبر جرح تشعر به
ادم متابعا: انما بقى لو قررتي انك تكملي مع جوزك………هتعيشي خدامة …..بتخدمي في راجل عاجز مش قادر يعمل حاجة…….وياريتك بتاخدي حاجة في المقابل……فقر…… و……واحتياج
للمرة الثانية بلعت ناهد ريقها في صعوبه قبل ان تتمتم: طـ طب ….ازاي؟؟…….اطلب الطلاق ازاي؟؟
ادم: اتطمني ……….لو جوزك مارضاش القانون هيطلقك منه غصب عنه…….لأنه واحد عاجز ومقصر في حقوقك الزوجية ……ساعتها المحكمة هتحكملك بالطلاق من غير اي مجهود…..كفاية بس انك تقوليله الكلمتين دول وهو يطلقك علطول
صمتت ناهد مفكرة ليتابع ادم: بس انا عندي شرط
رفعت ناهد عيناها اليه متمتة: ايه تاني؟
ادم عائدا بجسده الى الوراء………واضعا ساقا فوق الاخرى: تسيبي ابنك عند ابوه
اتسعت عينا ناهد في ذهول هاتفة : ايه؟؟
ادم: مالك اتخضيتي كده؟؟…..ابنك كبر ومابقاش صغير…….ممكن يزورك……وممكن تزوريه…….انا مش همنعك……..بس انه يعيش معانا في بيت واحد ……….(وهنا اومأ برأسه ان لا)
اخفضت ناهد عيناها مفكرة في كلماته الاخيرة……….الا ان قاطعها مجئ النادل ليضع امامهم اشهي الاطباق من لحوم ودجاج ……..سال لعاب ناهد بمجرد رؤيتها لتلك الاصناف………فهي منذ زواجها من فاروق لم تتذوق ربع ما هو موجود امامها ……..ظلت محدقة في الطعام بعينين متلهفتان……ليلاحظ ادم تلك النظرة…….فتتم بابتسامة شبه ساخرة: كلي يا ناهد……ولو عوزتي حاجة تاني قوليلي
وهنا مدت ناهد يدها بسرعة لتختطف قطعة دجاج …….وتأكلها في نهم شديد………في حين ظل ادم ناظرا اليها وابتسامة الانتصار على شفتيه
*******************************
عادت ناهد الى منزلها …….وعقلها مليئ بالافكار المضطربة…….ما ان فتحت الباب…..حتى ارتمت على مقعدها وعادت برأسها الى الوراء في محاولة لاسترجاع احداث اليوم ………اخر شئ كانت تتوقعه ان تفكر يوما في العودة الى ادم……..مطت شفتيها مفكرة في نفسها: وليه لا؟؟……..ماهو انسان ناجح……..وكان زوج كويس ….اقتضبت ملامحها عندما تذكرت فاروق ……هل سيوافق على الفور ؟؟……نعم بالتأكيد سيوافق وان لم يرضى بطلاقها سترفع قضية طلاق……لقد سئمت من هذه الحياة…..فهي مطلوب منها التواجد باستمرار في المنزل ومراعاة هذا العاجز……مساعدته في اقل حركة يقوم بها ومتابعه مواعيد تناوله للعقاقير التي لاتعد ولا تحصى…هذا فضلا عن تذمره عليها عند اقل كلمة تتفوه بها……ومع كل هذا لا تنال شيئا بالمقابل…….لا خروج برفقته……لا اهتمام …..لا ……….( وهنا قطع صمتها خروج كريم هاتفا: ماما ……..انتى جيتي امتى؟؟)
ناهد وقد تنبهت من شرودها: بابا نايم ولا صاحي؟؟
كريم: لا صاحي….هو حضرتك جيتي امتى؟؟
ناهد وهي تقوم: مالكش دعوة بيا……
وبدون كلمة اضافيه دخلت ناهد الى دورة المياه…..تاركة كريم وهو يفكر في تلك المعاملة الجافة التي يتلقاها دائما من والدته…….الا انه مط شفتيه قبل ان يدخل الي غرفة والده مجددا
في دورة المياه ………فتحت ناهد قبضتيها تحت الصنبور لتنهمر فوقهما المياه بغزارة قبل ان ترفعهما الى وجهها لتكسوه بها……في محاولة منها لتخفيف تلك الحرارة الملتهبة التى تشعر بها…..وهنا اصطدمت عيناها بتلك المرأة المخدوشة امامها……تنظر الى وجهها للحظات قبل ان تتحسس ملامحه…هاهي بعض التجاعيد قد بدأت تشق طريقها في وجهها…على الرغم انها مازالت في منتصف الاربعينات…….هل هي تجاعيد الفقر والشقاء ؟……ام تجاعيد الكبر؟؟…..لا تعلم بالتحديد……ولكن كل ما تعلمه انها فقدت رونقها وسحرها…..او هكذا ظنت…..فبعد ما شاهدته من ادم منذ قليل…..عرفت انها مازالت انثى تستطيع جذب قلوب….لا لن تبالغ ….ولكنها على الاقل استطاعت اسر قلبه ليتعلق بها ولا يرى غيرها ……حتى بعدما خرج من سجنه……هل حقا مازال يحبها؟…..بالتأكيد…والا لماذا طلب منها الطلاق لتعود اليه؟؟.وهو رجل الاعمال الكبير الذي يستطيع بماله ان ينال قلب وعقل اجمل فتاة؟؟….اذا هو الحب……ولكن كيف….تأملت وجهها للحظات اضافية لا تشعر ان به اي شئ يجذب……لا بالتأكيد هذا فقط شعورها….كيف لا وهي المقيمة دائما في منزلها مع شخص لم يعد يبادلها اية مشاعر بل ولم يعد يتحدث معها الا عندما يطلب شئ ما ……….لقد سئمت حقا من هذه الحياة ويجب ان تجد حلا سريعا في اسرع وقت……وهنا مدت يدها الى الباب لتفتحه وتتجه في خطوات واسعة الى باب غرفتها ..قبل ان تفتحه و…..
-كل ده في الحمام ؟؟
لم تجبه ناهد ……بينما اتجهت الى مقعد تسريحتها لتجلس ….قبل ان ترفع عيناها الى كريم لتتمتم بجدية: روح على اوضتك يا كريم
تبادل كريم نظرة مع والده قبل ان يحمل كتبه وادواته ويخرج من الغرفة في صمت…….وما ان اغلق الباب
فاروق ناظرا اليها في قلق: ايه؟؟…….في حاجة حصلت ولا ايه؟؟…..
ناهد بجمود: حاجة زي ايه؟؟
فاروق: نفس النظرة دي شفتها في عينك لما بلغتيني بطلاق سلمى و……
وهنا قاطعته هي لتهتف بحده: سلمى سلمى سلمى….هو مفيش في حياتك غير سلمى؟؟……مراتك اللي قاعده معاك دي مالهاش اي اهمية عندك؟
فاروق بحده: فيه ايه يا ناهد؟؟……انتي جاية تجري شكل ولا ايه؟
هبت ناهد من فوق مقعدها هاتفة: اه بجر شكل يا فاروق…….انا من سنين وانا مستحملاك انت وبنتك…..اكل ونضافة بيت واهتمام……عمري ما لقيت منك كلمة شكر….
فاروق: علشان ده دور اي ست في الدنيا
ناهد متابعة وبحده: وهو دور اي ست في الدنيا انها تستحمل بنت جوزها؟
فاروق بحده مماثلة:ايوة……..طالما هي اللي اختارت الوضع ده…..انا ماضحكتش عليكي وخبيت بنتي عنك…..انتي كنتي عارفة من الاول ……وانتي اللي عرضتي عليا الجواز…….وبعدين تعالى هنا قوليلي…….ايه اللي حصل يخليكي تقلبي فجأة كده وبعد 12 سنة جواز
ناهد بتوتر: اللي حصل….اللي حصل اني انا خلاص زهقت من العيشة دي…..انا حاسة اني عايشة لوحدي مابين اربع حيطان
فاروق: سبحان الله……كريم ابنك ومعاكي وجوزك ومعاكي………وسلمى انتي اللي كنتي فرحانة انها مشيت وسابتلك البيت……
ناهد بحده متوترة: بس برضه عايشة لوحدي…..كريم علطول في اوضته……..وانت وجودك بقى معدوم بالنسبالي….ادارت له ظهرها متابعة: انا خلاص حياتي مابقاش فيها جديد……محرومة من اقل حق من حقوقي الزوجية…..تابعت ناظرة الى فاروق: وانت عارف انا اقصد ايه
فاروق وقد شعر بالعجز فتمتم: مانا برضه ليا عذري……انا مش ممتنع بمزاجي
وهنا هتفت ناهد بعصبية: وانا ذنبي ايه اتحمل اعيش مع واحد مشلول؟؟
وقعت كلمتها على قلبه كالسكين الحاد……اتسعت عيناه عن اخرهما ولم يستطع النطق بأي شئ…..في حين تابعت هي بنفس العصبية: انا لسه في نص الاربعينات…….قدي لسه انسات ماتجوزوش…..طب انت تعبان ليه اتدفن انا معاك بالحيا……..لا خروج …..ولا فسح….ولا اهتمام…..عملت انا ايه في حياتي علشان استاهل منك كل ده؟؟
لم يستطع فاروق اجابتها…..بل تجمعت العبرات بداخل عيناه….فهو الان يتلقى منها الطعنات المتتالية وبكل اسف لن يستطيع الرد عليها……فهي محقة في كل شئ تقوله…..فلن يفهم الامه سوى زوجة محبة .حنونة…اما هي…………
-انا عايزة اتطلق يا فاروق
اتسعت عيناه عن اخرهما قبل ان يتمتم ببهوت: تتطلقي؟
-انا عايزة اتطلق يا فاروق
اتسعت عيناه عن اخرهما قبل ان يتمتم ببهوت: تتطلقي؟
ناهد بجدية وحزم: ايوة عايزة اتطلق…….رفعت رأسها متابعة: وخد بالك انك لو رفضت طلبي القانون هيحكملي بالطلاق…..تابعت بتحدي واضح: لأنك عاجز
ظل محدقا في وجهها للحظات……غير مصدقا ما تتفوه به……..تحجرت العبرات في عيناه قبل ان يبتسم…ثم تتسع ابتسامته شيئا فشيئا…..لتنقلب في النهاية الى ضحكة عالية …….في حين ظلت ناهد تتابعه بتوتر متمتمة: انت…..انت بتضحك على ايه؟؟
فاروق من بين ضحكة مريرة: بضحك….بضحك على غباءي……..وهنا اختفى الضحك فجأة ليتبدل بجمود تام قبل ان يتمتم بنبرة مريرة: بضحك اني رجعتلك للمرة التانية بعد مارميتيني ورا ضهرك واتجوزتي…..بضحك على غباءي اللي صورلي انك في يوم من الايام ممكن تخلصيلي وتتجوزيني فعلا عن حب
ناهد بتوتر: انا……انا بحبك و……
اومأ فاروق برأسه ان لا قبل ان يتسمر بعيناه عليها متمتما: انتي بتحبي نفسك وبس…….اتجوزتيني علشان كنتي مجرد واحده مطلقة ونظرات الناس ليكي بتضايقك….قلتي يابت ما تتجوزيه اهو راجل ارمل ومحتاج لواحده تراعيله بنته…….حاولت اتجاهل كتير نظرات الكره اللى كنت دايما بشوفها في عنيكي لما كنتي تبصي لسلمى ولا لما حتى كانت تيجي سيرتها…….حاولت ابررلك افعالك بأنك مرات اب……اللي مهما بلغت طيبتها هتفضل برضه غيرانة من عيال جوزها علشان من ريحة الست اللى كانت في يوم زوجة للراجل الي هي متجوزاه حاليا……وبعدين توالت الصدمات…..وانا كنت الساذج الى اي كلمتين بيأثروا فيه…لدرجة اني رفضت مد ايد المساعده لبنتي……علشان سمعت لكلامك واقتنعت بيه……عرفت بعدها ان محاولات اقناعك كانت غبية اوي……..كانت في ظاهرها خير بس مخبية شر كبير وكره دام لسنين…..عرفت ده من ساعة ما شككتي في شرف بنتي…..مش هتصدقيني لوقلتلك اني كرهتك من قلبي من ساعة اليوم ده……..
ناهد بحده متوترة: يا سلام؟؟…….طب طالما كل ده قلبك من ناحيتي….ليه ماطلقتنيش؟؟
فاروق بابتسامة ساخرة: كنت محتاجك جنبي في مرضي……زي مانتي في يوم احتجتيني……ماهي الدنيا هات وخد …..ولا ايه؟؟
لم تجب ناهد بل ازداد توترها………في حين تابع فاروق: ان كنتي فاكرة اني ممكن دلوقتي اعيط وامسك في رجلك واقولك ماتسيبنيش يا ناهد تبقى غلطانة..مش علشان انا عاجز ومقدرش اعمل كده…….صمت للحظة تابع بعدها بجمود: علشان انتي فعلا مابقيتيش لازماني……صمت للحظة اخرى قبل ان ينظر امامه متابعا: بس فيه حاجة واحده بس هي اللي تهمني
ابتلعت ناهد ريقها بصعوبة قبل ان تتمتم: ايه؟؟
فاروق ناظرا بعيناها: ابني………….تكتبيلي تنازل عن حضانة ابني……..
ناهد بصوت مرتعش: اتطمن…….انا هسيبهولك…وده وعد مني
فاروق بابتسامة ساخرة: وعد؟؟………..لا حلوة وعد دي؟؟…….انتي فكرك اني في يوم ممكن اثق فيكي تاني؟؟……….تابع بجمود: عايز تنازل عن حضانة ابني……..
ناهد بحدة وهي تتجه الى احد الادراج لتفتحه وتخرج منه قلما وورقه: انت جيت في جمل يعني؟؟……..هعملك التنازل……ثم صمتت فجأة لتتابع ناظرة الى فاروق: بس هيبقى من حقي اشوفه في اي وقت اطلبه…..
اومأ فاروق برأسه ان نعم……قبل ان يقول بسره: ده لو رضي يقابلك اصلا
-التنازل اهو…….
تناول فاروق منها الورقة ليقرأ ما بها قبل ان يرفع عيناه من فوقها ليتمتم وبكل ثقة: انتي طالق!!!!!!!!!!
وقعت الكلمة على رأس ناهد كالصاعقة……فهي وعلى الرغم من انتظارها لها……..الا ان وقعها على مسامعها كان ذو تأثير مختلف………غريب……..ومرعب
****************************
في منزله كان ممددا فوق فراشه…………شاردا ……..حزينا……..ها قد مر ثلاثة ايام منذ معرفته بمرضه……يتحمل الامه وحده ولا يصرح بها لأحد……حصل على اجازة لإراحة جسده…….وفي نفس الوقت للتفكير في مستقبله الذي يغشاه الضباب………وبينما هو على حاله ….اذا به يسمع صوت رنين هاتفه…..يلتقطه وينظر الى الشاشة ليرى هذا الاسم الذي يقشعر بدنه فور رؤيته على الشاشة…..وبمجرد مجيئ صورة صاحبته امام عينيه…….يضغط على زر الرنين الصامت ليلقى بالهاتف بعيدا……لا يعلم هل قراره بالابتعاد عنها صحيحا ام خاطئا…….فكل ما يشعر به الان انه لا يريد تحميلها بما ليس في طاقتها……لماذا عليها دائما تحمل الالام….الم يكفيها الامها ليزيد فوقها الامه؟؟……لا لن يصبح ابدا بهذه القسوة…….لابد ان يجد حلا ما……ربما يلجأ الى نقابة الاطباء للسؤال عن امكانية علاج الاطباء على نفقتهم…….او حتى المساهمة بجزء يسير……..حتى لو ساهموا بعلاجه……من اين سيحضر بقية المبلغ …..انه حقا مبلغا ضخما……….ربما يفعل اي شئ ولكنه سيحرص على عدم عودته اليها الا وهو سليما معافى…..وبينما هو على حاله.اذا برنين هاتفه يتعالى من جديد…….تجاهله لفترة ولكنه مالبث ان مد يده لالتقاطه …لتتسع عيناه عن اخرهما قبل ان يفتح الخط و: الو…….اهلا انسة سارا
سارا بحيوية: هاي دكتور سيف…..مومكين ائابل انت now؟؟
سيف بتعجب: اه ممكن..فين؟؟
سارا: smoohy cafe >>>>>>this is only place I know
سيف وهو يقوم: حاضر………مسافة السكة بس….
وبدون كلمة اضافية اتجه سيف الى خزانته لالتقاط ملابسه الجاهزة ليرتديها استعدادا لنزوله ………
*************************
خرجت سلمى من عملها ……….وهي تشعر ان العالم يدور من حولها….لقد اصبحت هذه هي حالتها منذ تجاهل سيف الكامل لها………عند اتصالها به لا يجيب……حتى عندما ذهبت الى منزله لم يفتح لها………وعندما تذهب لرؤيته بالمستشفى لا تجده ……والمفاجأة ان حسن ايضا لا يعلم عنه شئ…….او لنقل انه مأمور بهذا…..وصديقتها دعاء في بلدها……ماذا تفعل اذا……لا تجد مفرا من الذهاب الى المستشفى كل يوم للسؤال عنه………فالقلق بقتلها بعدما اصابه التعب المفاجئ ……كما ان امر تلك الفتاة التى طلبت رؤيته يثير ريبتها……..لوحت الى احدى سيارات الاجرة ……..لتستقلها وتنطلق بها في سرعة قصوي قاصدة وكالعاده المستشفى…….التي يعمل بها…….
******************
في منزل رشا كان هناك طرقات متواصلة على باب الشقة……اتجهت بسرعة لتفتح وتجد امامها شخص مهندم ……..وسيم الملامح…وقد ارتدى بذلة فاخرة ورباطة عنق انيقة …….
رشا بتعجب: اي خدمة؟
الشخص: لو سمحتى مش دي شقة استاذ خالد الشبراوي؟
رشا بتعجب: ايوة هي…..مين حضرتك؟؟
الشخص مادا يده اليها مصافحا: معاكي محمود القط من بنك القاهرة……..
رشا وقد تسرب اليها بعض القلق: خير يا استاذ محمود
محمود وهو ينظر حوله: طيب ممكن تسمحيلي ادخل ولا هنفضل واقفين كده
رشا وهي تفتح الباب على مصراعيه: لا طبعا….اتفضل…..
دخل محمود وهو ينظر حوله.في حين اغلقت رشا الباب……..واتجهت معه الى الداخل……….
*************************
*************************
كانت سلمى مستنده الى نافذه السيارة الزجاجية…….وقد تحجرت الدموع بداخل عيناها……..لماذا يفعل معها سيف هذا يا ترى؟؟……لماذا يتجاهلها على هذا النحو؟؟…….الم يكن معها ليلا .؟؟…….ما الذي جعله يتغير بعد مجئ الصباح التالي……بالتأكيد هناك سر ما ….وهي على يقين ان الفتاة المجهولة هي من وراء تغير حالته……..هل يعقل انها حبيبته……..هل يعقل انه احبها اثناء فترة زواجها…….تصاعدت الدماء الى وجهها وهي تفكر في هذا الامر ….لا ……..لا ……سيف ليس بتلك الوقاحة…….ان كان يحبها لماذا عاد اليها اذا؟؟……..هل يعقل ان تكون الفتاة هجرته فعاد الى سلمى …..ثم مالبث ان عادت اليه مرة اخرى فترك سلمى بين احزانها وذهب اليها………وهنا اتسعت عيناها عن اخرهما ……….ليس من مجئ تلك الفكرة بعقلها ولكن مما تراه الان امامها……..هتفت بأعلى صوتها ونظرها مازال متمركزا على سيف والذي كان يسير بخطوات متسعة سريعة في الجانب الاخر من الشارع: اقف هنا يا اسطي….اقف
السائق بارتباك : هنا …مش…
قاطعته هاتفة بحده وهي تفتح الباب بالفعل: قلتلك اقف هنا
وقف السائق في سرعة خوفا من حدوث اي حادث لها ……وكان عليه تلقى كلمات السخط من السائقين من حوله تعليقا على وقوفه المفاجئ…مدت يدها الى حقيبتها وعيناها مازالت على سيف والذي بدأ يبتعد في خطواته……اخرجت ورقة مالية لم تعلم انها من فئة ال50 جنية قبل ان تلقيها الى السائق وتترجل مهرولة …..في سرعة تزاحم السيارات الواقفة منها والسائرة وهي تهتف بأعلى صوتها: سيف
ولكن ما من مجيب حيث ان سيف كان يبتعد اكثر في كل لحظة……..واخيرا عبرت الشارع لتركض بأقصى سرعتها هاتفة:سيف…… يا سيف
ولكن صوتها يتلاشي مجددا بين اصوات الزحام والسيارات……ولكن لفت نظرها دخوله الى احد المحلات….ركضت بسرعة الى الباب حيث دخل لتجدها كافتيريا كبيرة ………نظرت حولها في سرعة وكانت تلك النظرة كافية بالنسبة لها لمعرفة ان ما من اثر له…….فتحت حقيبتها في سرعة …….لتخرج هاتفها وتدق ارقامه في سرعة…….ومجددا ليس هناك اجابة…..اتسعت عيناها عندما اتت تلك الفكرة الي عقلها فأسرعت الى نادل الكافيه ……….
سلمى بنفس ممتقطع: لو سمحت…..فيه .فيه دور تاني ؟؟
النادل مشيرا بعيدا: اه السلم ورا هنا
لم تجبه سلمى في حين اتجهت في سرعة الى حيث اشار لها……….
*************************
على الطاولة الصغيرة كانت سارا تتحدث عن سفرها اليوم…..بعدما تسلمت اخر دفعة من المبلغ من المشتري….في حين بدا سيف شاردا منها …..عندما انشغل في النظر الى تلك الشاشة التى تضئ وتطفئ …….وكان هذا للمرة الثانية…..
سارا وقد قطعت صمتها وتمتمت: …..there is a call saif…answer it >>>>>>>>no proplem
مد سيف يده الى هاتفه متمتما : لا ……اتصال مش مهم……
وهنا شعر بظل فوقه….رفع عيناه في سرعة ومالبث ان اتسعتا في ذهول هاتفا: سلمى؟؟
سلمى وقد امسكت بهاتفها لترفعه وتضغط فوق زر الاطفاء……..تتلاقى اعينهما التي تحمل كثيرا من الكلمات والمشاعر…….تمتمت بخفوت ومن بين عينان دامعتان : اتصالي انا…..بقى مش مهم؟؟
ابتلع سيف ريقه في صعوبة قبل ان يتعثر في الكلمات…….ولم يستطع اخراج ايه كلمة مفهومة……..تابع النظر اليها بتوتر……..ليرى تلك العبرة الساخنة والتى انحدرت من عيناها المتلالأتان……….قبل ان يتعالى صوتها بالبكاء ……فتغطي فمها بيدها………و تدير ظهرها اليه راكضة الى الدرج لتنزل في سرعة قصوى
كانت سارا تراقب الموقف بشك…….تابعتها الى ان نزلت …..ثم مالبث ان التفتت الى سيف متمتمة: who is this girl؟؟
سيف خافضا عيناه ومتمتما بخفوت: دي ……دي صديقة………
وهنا رفع عيناه المغرورقتان بالدموع الى سارا متمتما : لو سمحتى…….دقيقة واحده بس
اومأت سارا برأسها……ليقوم سيف ويتجه في خطوات واسعة الى دورة المياه….فهو الان بحاجة الى البقاء بمفرده للتفكير في هذا الذي حدث للتو…..ولتفريغ شحنة العواطف الهائجة بداخله بأيه وسيلة…….ولتكن انهمار الدموع المريرة من عيناه….
اما سارا فقد ظلت تفكر فيما حدث…….تشعر ان هناك خطئا ما….وربما تكون هي من تسببت به….نظرت الى دورة المياه …….قبل ان تنظر الى هاتف سيف الموضوع امامها…..وبدون مرور ثانية اخرى……مدت يدها اليه لالتقاطه…..لتنظر الى هذا الرقم الاخير ……..فتلتقط هاتفها بدوره لتقوم بتسجيل رقم سلمى به…..يفتح باب دورة المياة فتضع هي الهاتف بسرعة قبل ان تلتفت اليه مبتسمة: سيف……انا لازيم….امشي هالا……..مش ئايز اتأخر………
لم يكن سيف منتظرا جملتها…….اذ انه الان في امس الحاجة لمغادرة هذا المكان الكئيب….حمل هاتفه وهو يقول مشيحا بوجهه: يالا……..
ادار لها سيف ظهره لينزل الدرج في سرعة……….فتحمل سارا حقيبتها وتتبعه بنفس السرعة
*********************************
داخل منزل رشا كان جو كئيب……..ثقيل …….يخيم على المكان الا ان قطعه محمود متمتما: انا اسف جدا يا مدام رشا………..دي اجراءات لازم تتم علشان القرض يتسدد……..
رشا من بين دموع منهمرة: يعني تطلعوني من بيتي علشان خاطر قرض؟
مط محمود شفتيه قبل ان يقول : لأن للأسف المبلغ كبير ……زوجك اقترض من البنك لتمويل الالات الحديثة …..بضمان المصنع………….وبالرغم ان سياسة البنك عندنا بتمنع حصول العميل على قرضين في نفس الوقت الا ان صداقة استاذ خالد بالاستاذ عبد الرحمن مدير البنك سهلتله الحصول على قرض اضافي بقيمة 200000 لتمويل صفقة……والضمان كان الالات…….يعني احنا عندنا دلوقتي 6 مليون و200000 جنية قرض……المصنع البنك قدره ب3 مليون ونص….والالات مهما كان حالتها سواء جيده او سيئة البنك بيعتبرها كخرده…..وبيقدرها بنص التمن……يعني 2 مليون و800000……. يعني احنا عندنا 100000 جنية ده غير الفايده اللي لسه هنحسبها بدقة في انتهاء مدة القرض………باقية لحساب البنك……حضرتك يا اما تدفعيها يا اما…….( وهنا صمت….لتقاطعه رشا هاتفة: بس ده الالات لسه جديده……….المصنع ماشتغلش بيها شهرين على بعض)
مط محمود شفتيه قبل ان يتمتم: للأسف دي قوانين البنك…الالات طالما مستعملة بتتقدر كخرده…….بغض النظر عن حالتها…….صمت للحظة تابع بعدها: طيب بالنسبة للصفقة …..كانت خاصة بإيه؟؟
رشا بسرعة :لحوم مجمده
محمود: طيب هي وصلت ولا راحت فين؟
مطت رشا شفتيها قبل ان تتمتم: معنديش اي معلومات عنها……بس واضح انها ماجتش
محمود مفكرا: غريبة……طيب يبقى الفلوس راحت فين؟؟……………
رشا بصوت مختنق:معرفش…..صمتت للحظة لتتابع بعدها : طب ماينفعش تدوني وقت اكتر من شهر…..يمكن اقدر اشغل المصنع تاني و……
محمود مقاطعا: دي حاجة مش بإيدي …….البنك بيديكي الانذار الاول قبل تاريخ السداد بشهر واحد…..وفيه انذار اخير قبل التاريخ باسبوع………قبل ما يتم الحجز على المصنع……والبيت
رشا هاتفة: بس هو ماخدش قرض بضمان البيت
محمود: ولو……المبلغ لازم يتدفع ……..سواء حضرتك اتصرفتي فيه او بعتي حاجة……والا وقتها البنك هيضطر يحجز على اي ممتلكات …..الي هي في حالة حضرتك البيت ده…….تابع النظر حوله متمتما: شقة زي دي ممكن تجيب حوالى 300000 بالعفش بتاعها……يعني حضرتك هيكون عندك فائض….ممكن تجيبي بيه شقة تانية…….
رشا بخفوت:طب لو سمحت ثانية واحده
اومأ محمود برأسه ان نعم………فقامت رشا لتدخل الى احدى الغرف ……فترفع سماعة الهاتف وتدق ارقام تحفظها….. تنتظر بعض اللحظات قبل ان تهتف بتوتر: الو…..ايوة يا ايمن….الحقني….في مصيبة حصلت
يتبع….
- بقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية هل من امان في بحور الاحزان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)