رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة الخولي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة الخولي
البارت الثالث عشر
الحلقة 13
بداخل القطار كان سيف شاردا..سارحا…..يشعر ان قلبه يكاد ان يقفز خارج ضلوعه……هاهو على وشك ان يلتقيها ….ترى كيف سيكون اللقاء بينهم…..كيف ستتقبل كلامه؟؟……….هل ستسعد؟؟………ام ستتعجب؟…….ام ستنظر الى الاسفل في خجل……وتهمس ( و انا كمان بحبك اوي)……..سرت في جسده قشعريرة بارده عند تخيله لهذا المشهد…. قبل ان يبتسم وهو يمرر اصابعه خلال شعره الحريري…….ينظر عبر النافذة…..لقد توقف القطار كثيرا…..حان وقت اذان العصر…ولكنه مازال في الطريق……لم يكن يعلم انه سيستغرق كل هذه المسافة……يريد ان يراها امامه في الحال…..لقد اشتاق اليها كثيرا……مابال هذا القطار لا يتحرك…..يشعر انه لو قفز من النافذة وركض اليها سيصل اليها بسرعة اكبر…….. .تمتم في حنق: ماتخلصونا بقى………يارب صبرني….
– هو القطر ده زي الزفت……كل شوية يقف ماتفهمش ليه
نظر سيف الى الرجل الذي جلس بجانبه وهو يتمتم : بجد؟؟
الرجل بحنق: قعدت فيه قبل كده 5 ساعات عقبال ما وصلت……المشكلة اني نسيت وركبته تاني…..وبرضه ماشي يتمختر…….ربنا يهدهم
مجددا التفت سيف الى النافذة ليراقب الطريق وهو يتمتم: يارب يوصل قبل المغرب….نفسي الحق اقعد معاها
******************************
داخل مبنى المجلة… كانت سلمى منهكمة في العمل……لم تشعر بالكلل او الملل….كيف وهى تزاول اكثر هواياتها حبا…….وبينما هي منهمكة في كتابة واحدة من المقالات…..
-ايه يابنتي؟؟…..انتى مش ناوية تمشي؟؟
سلمى رافعة عيناها الى دينا صديقتها في العمل: هخلص بس اللي في ايدي
دينا وهي تجلس على حافة المكتب: يابنتى ده انتى بقالك ساعة بتقولي كده……الموظفين مشيوا وانتى لسه قاعده……وعم احمد ده نايملي بره وسايبك براحتك
سلمى بمرح: اه مانا بديله كل يوم 5 جنية علشان يسيبني قاعده شوية
دينا ببهوت: بتتكلمي جد؟؟
سلمى وهى تجمع ما امامها من اوراق وتقوم: جد ايه بس يا دينا؟؟…….يالا اديني خلصت يا ستي…..
دينا متجهة الى مكتبها لحمل حقيبتها: اخيرا…يالا بينا
خرجت سلمى مع دينا من مبني الشركة……وما ان خرجت
سلمى: ماتعرفيش محل ملابس كويس واسعاره حلوة؟؟
دينا مفكرة: ممممم..اعرف كتير..بس انتى عايزة ايه بالظبط؟؟
سلمى وهى تتلفت حولها محاولة ايجاد اي محل مناسب: يعني…..اصلي النهاردة رايحة فرح….ومش معقولة هروح بالبدلة السودا اللي لابساها دي…..
دينا: اه طبعا…..بصي انا اعرف محل كويس خاص بالسواريهات
سلمى: لا مش سوارية…هو يعني يكون طقم مناسب للحفلات بس سيمبل يعني
دينا: اه……يبقى مفيش غير محل(…..)…..تعالى نروحه….
وبدون كلمة اضافيه اشارت دينا الى احدى سيارات الاجرة ……ليستقلاها معا ….لتنطلق بهما الى احد المحلات الراقية بالقاهرة
**********************
وقفت احدى سيارات الاجرة امام المدينة الجامعية للفتيات مباشرة…….ليترجل منها سيف وينظر الى هذا المبنى الكبير…..حاول تبين اي شخص من الحراس……ولكن مامن احد……….تردد كثيرا في الدخول…ثم انه كيف سيدخل دون معرفة مكان سلمى؟؟………وبينما هو على هذا الحال…….اذا بأحد الحراس قد قدم نحوه راكضا هاتفا: تأمر بإيه يا اخ؟؟
التفت له سيف وهو يقول: انا………كنت عايز اسأل عن الطالبة سلمى فاروق الطوخى
الحارس وهو متجه الى مقعده ليجلس فوقه:لا والله انا معرفش……انا بحرس بس
سيف: وطبعا مش مسموحلى ادخل
الرجل محتدا: تدخل؟………..ده انا كنت اكسرلك رجلك ……اومال ايه؟؟
سيف ملوحا بيده: ياعم حيلك حيلك………وانا مش عايز ادخل
رفع عيناه الى البناية وهو يتمتم متابعا: هو انا اعرف هي في انهى اوضه علشان ادخل؟؟
الحارس: بتقول حاجة؟؟
سيف بملل: لا ابدا……….انا هروح استنى بعيد ولا دي كمان فيها حاجة؟؟
الحارس مشيحا بيده: لا مفيش ……بس تقف بعيد عن البنات خالص…….حاكم انا عارف الشبان اللى مقطعين السمكة وديلها زيك كده…….يجوا هنا ويقعدوا يبصبصوا على اللي داخلة واللى خارجة……..عيال صحيح…..ماهم لو رجالة كانوا هيحسوا على دمهم ويعرفوا انه كمان تدين تدان….وان اخته برضه او امه …….(سيف مقاطعا: حيلك يا عم……انت هتديني موشح……قلتلك هقعد بعيد……..)
ادار سيف ظهره الى الحارس وسار في خطوات واسعة مبتعدا……..وهو يتمتم بحنق: عاملى فيها خط الصعيد……ياشيخ روح….. تلاقيك انت اللي بتبصبص
**************************
مضت حوالى ثلاث ساعات وسلمى ودينا تتنقلان ما بين المحلات……لاختيار الفستان المطلوب واخيرا وجدت سلمى الزي المناسب فارتده فورا واقنعتها دينا بالذهاب الى احدى صالونات التجميل لتصفيف شعرها بطريقه تليق بزيها……وبالفعل ………خرجت سلمى من صالون التجميل واستقلت السيارة مع دينا ………لتقف بهم امام احدى النوادي المطلة على النيل
سلمى وهى تنظر من النافذة: اه النادي اهو……..امال القاعة فين؟؟
دينا مشيرة لها….اول ماتدخلي على ايدك اليمين…….انا كنت حضرت فيها فرح قبل كده
سلمى وهى تفتح الباب: ماشي……انا هنزل بقى علشان ماتأخرش..
دينا وهى تتزحزح في جلستها للاقتراب من النافذة: هشوفك بكرة ان شاء الله؟
سلمى بابتسامة هادئة: ان شاء الله……مع السلامة
دينا: سلام………
وانطلقت سيارة الاجرة بها…..تاركة وراءها سلمى تنظر الى النادى الكبير والذي بدا عليه الفخامة قبل ان تدلف عبر بابه للبحث عن القاعة…….
**************************
كانت القاعة فخمة……تتلألأ بها الاضواء لتكسوها كاملة…..وموسيقى هادئة راقيه يعلوا صوتها لتضيف على المكان سحرا خاصا………..قد جلس الجميع لانتظار العروسين…منهمكين في الاحاديث….البعض منهم قد ظهرت عليه الفرحة……والبعض ظل يتامل القاعة بشئ من الحقد…….ويتمنى لو انه اقام زفافه في مكان كهذا……ولكن كيف؟؟………فليس الجميع من ذوي الطبقات الراقية لتقام افراحههم في مكان فخم كهذا……….وفي منتصف القاعة تقريبا كانت هذه الطاولة التي جلست عليها امنية برفقة خالتها وبنات خالتها…….تنظر الى الساعة تارة والى باب القاعة………لقد تأخرت سلمى كثيرا…….
خالتها فاطمة: انتى بتدوري على حد؟؟
امنية : اه…….واحده صحبتي بعد اذنك يعني يا طنط عزمتها معانا…..
فاطمة: هي معاها دعوة؟؟
امنية بخجل: لا
فاطمة: طيب روحى استنيها على الباب لا الامن يوقفوها………..وخدى معاكى الاء علشان يسمحلها بالدخول
وبالفعل اتجهت امنية مع الاء ابنة خالتها للوقوف عند مدخل القاعة ……….ولم يكن عليهم الانتظار…..فلقد وجداو سلمى بالفعل وقد وقفت تتحدث الى احد الحراس وهو تقول: انا بنت خالة العروسة هى اللي عزمتني
هم الحارس بالرد الا ان امنيه سبقته وهى تقول: انا اللي عزمتها ………..ودي اخت العروسة
رمقهم الحارس بنظرة هادئة قبل ان يقول: اتفضلوا………
*******************************
على احدى الطاولات الجانبية بالفرح……….جلس مجموعة من الشباب .ولكنك عندما تنظر اليهم اكثر من يلفت نظرك…هذا الشباب الوسيم ذو البذلة السوداء والشعر البني المصفف الى الوراء..والعينان العسليتان…والملامح الهادئة الرزينة
طارق( احد الشباب): بس الفرح حلو …..يابختك يا معتز بأبوك…….منغنغك .
وافقه الجميع الا هذا الشاب فلم ينبس ببنت شفة وهو ينقل نظره الى القاعة حوله بهدوء
– ادهم
نظر الشاب وهو يقول: نعم؟؟
طارق: انت علطول في عالم تاني كده يا باشا؟
مط ادهم شفتيه قبل ان يقول: لا ابدا……..انا بس كنت سرحان شوية
عمرو: ياعم سيبه في حاله………ادهم بقى خلاص ادهم بيه صاحب اكبر شركة استيراد لحوم استرالية في مصر…….اكيد بيفكر في شغله طبعا
ادهم: انا والله كويس انى عرفت اجى الفرح …….ده انا ورايا شغل كتير عايز اخلصه
عمر : هو انت كمان كنت عايز تفوت فرح معتز.؟؟………….لا بجد ونعم الصداقة
ادهم بشئ من الحده: جرى ايه؟؟………مانا قاعد معاكم اهو
عمر: حيلك ياعم ..هو انت علطول خلقك في مناخيرك كده؟؟………..ده الواحد خلاص مايتكلمش معاك تاني
طارق: صلوا على النبي يا جماعة……احنا قاعدين في فرح…….وبعدين فعلا ادهم يشكر انه ساب شغله وجه ..ده معتز هيفرح خالص لما يشوفه
ظهرت علامات الحنق على عمر وهم بالاجابة الا ان طارق غمز له بمعنى ان يهدأ ولا يثور لتفادي المشاكل…..اما ادهم فقد كان في عالم اخر بعد ما رأه………..تلك الفتاة صاحبة الفستان الابيض الجميل…….كان طويلا ذو اكمام واسعة وقد نقش على صدره وخصره واطراف اكمامه بعض الورود الصغيرة اللامعة زهرية اللون……وقد صفف شعرها بشكل جميل فكانت خصلاته الحريرية ممزوجة ببعض الخصلات المموجة وقد تناثرت بعض الزهرات البيضاء القليلة بين تلك الخصلات……….ما ان رأها حتى سلبته قلبه وعقله……يشعر انها قادمة من عالم اخر ملئ بالنقاء والبراءه……فكانت مختلفة تماما عن باقي الحاضرات والتى حاولت كلا منهم ان تظهر اكبر جزء من جسدها لكى تجذب العيون ناحيتها…اما هذه فبراءتها هي سر اختلافها عن الاخريات…….يشعر انه يريد ان يقترب اكثر منها……يريد ان يتمعن جيدا في وجهها…..هل هو جميل كما يظهر من بعيد؟؟…………ام اجمل؟؟………..فهو لن يكون بالتأكيد اقل جمالا……التفت الى اصدقاءه ليراهم منشغلين بالتحدث الى بعضهم………هذا جيد………اذا لم يلحظ احدا منهم لهفته والعرق الذي اخذ يتجمع فوق جبهته……بهدوء شديد قام…….ليتجه ناحيتها
طارق هاتفا: انت رايح فين يا ادهم؟
لم يلتفت له ادهم ولم يعيره الانتباه……
طارق متابعا: هو رايح فين ده؟؟
عمر بحنق: ياعم سيبه…….ده خانقني من ساعة ما قعد معانا
طارق: عندك حق…….اتغير اوي بعد ما باباه مات وورث الشركة عنه
عمر: ايوة عامللى فيها رجل اعمال بقى وهو ولا بيفهم حاجة
طارق: لا في دي معندكش حق…….ادهم كويس اوي في شغله
عمر مشوحا بيده.: يا شيخ روح
هيثم: كفاية تقضيم في فروة الراجل……….بصوا…..ريحوا دماغكوا وماتتكلموش معاه تاني ……زيي كده…
عمر: والله عندك حق
………….
اما ادهم………..فمازال يقترب ويقترب ويقترب……الى ان جلس فوق الطاولة المجاورة لهم مباشرة……هاهي الصورة قد اتضحت امامه……..اجمل فتاة على وجه الاطلاق…….او على الاقل بالنسبة له……..لطالما تمنى هذا الشكل……وهذا الهدوء……..وهذه الرقة……تبتسم تارة وتضحك برقة تارة …….وتتحدث بخفوت…….تعود بجسدها الى الامام……ثم تستند على ظهر مقعدها مرة اخرى…….كل حركة من حركاتها……وكل سكنة من سكناتها….لها طابعا مميزا……وسحرا اخاذا……..لم يعد يستطيع الاحتمال…….يريد ان يحادثها الان…..ولكن كيف وهى تجلس في منتصف طاولة مكتظة بالفتيات من نفس جيلها…….لابد ان هناك احد الحلول……..ولكن ماهو …..ياترى؟؟
**********
على طاولة الفتيات…….حيث جلست امنية ودعاء مع سلمى….على طاولة ملاصقة تماما لطاولة شقيقات العروس ووالدتها
دعاء: بس قوليلي بقى يا امنية.العريس بيشتغل ايه؟؟
امنية: عنده معرض سيارات…
دعاء: وااااااااو……….ده على كده غني اوي بقى
امنية: طبعا يابنتى……انتى مش شايفة الفرح
دعاء: بنت خالتك دي سوسة…….ماكانتش بتكلمنى عنه خالص……..
امنية هامسة: هي طول عمرها كده…كتومة اوي خصوصا في الحاجات اللى فيها فلوس وكده
سلمى: يا جماعة ماهيا حرة .تحكي ولا ماتحكيش….احنا مالنا
وافقتها دعاء……اما امنية فقد تعلق بصرها بهذا الشاب الوسيم…….تراه ينظر ناحيتهم….ولكن لمن بالتحديد……لا تتبين جيدا….كان له طابعا خاصا……يبدو انيقا…جذابا …….ملفتا ……..والاهم من هذا كله……يبدو ثريا………..كانت هائمة في ملكوت اخر مع نفسها…….تشعر بسعاده داخليه…….لم لا وهو ينظر باتجاهها………من سينظر اليها باستثناءها هي صاحبة الفستان الموف اللامع عاري الظهر والكتفين…..والشعر المموج والذي استقر على احد الكتفين…بالتأكيد هى من تفتنه……تلاعب احدى خصلاتها وعلى شفتيها ابتسامة ساحرة…..وفجأة اتسعت عيناها..عندما وجدته يقف مزررا احد ازراره……متجها ناحيتهم في خطوات بطيئة…….. رزينة للعيان…..ولكنها في الحقيقة متوترة كثيرا…
-مساء الخير( قالها بنبرة حاول ان تبدو واثقة وابتسامة ساحرة فوق محياه)
رفع الجميع عيناه………
دعاء وسلمى: مساء النور
اما امنية فلم تنبس ببنت شفة حيث ان عيناها قد تعلقتا بهذا القمر المضئ الذي وقف امامها
ادهم ناظرا الى سلمى: ازيك يا رحمة
سلمى بتعجب: انا اسفة…..انا ماسميش رحمة
ادهم بسرعة: امال اسمك ايه…..(ثم بدا عليه التوتر وهو يتابع: ازاي؟؟……انتى شبه رحمة اخت هويدا )
سلمى بهدوء: انا اسفة……انا لا اعرف رحمة ولا هويدا
ادهم: بس انتى شبهها خالص و( قاطعته سلمى بشئ من الحده وهى تهتف: قلت لحضرتك انا ماعرفش حد بالاسم ده)
دعاء بسرعة: استنى يا سلمى…ثم تابعت وهى تنظر الى ادهم: احنا اسفين الظاهر انها تشبه حد تعرفه بس مش هي……ممكن تتفضل تمشي من هنا ؟؟
ادهم بنبرة اسف: انا اسف……بعد اذنكم
ولكنه وما ان استدار حتى ظهرت على شفتيه ابتسامة نصر وهو يقول: ادينا عرفنا اول الخيط…….اسمها سلمى…….
ثم اتجه الى مقعده ليجلس …وينظر اليها من جديد………..يا الله….رقيقة ..جذابة .جميلة……بريئة……..حتى صوتها…..ياله من صوت……وكأن كروانا يردد اعذب الالحان……..
دعاء ناظرة اليه: عمال يبصلك يا سلمى…….مش راضي ينزل عينه من عليكي
سلمى متحاشية النظر جانبا: انا عايزة اقوم من هنا
دعاء وهى تنظر حولها: ده تقريبا مفيش مكان فاضي….بس ممكن تقعدى مكاني وتديله ضهرك
سلمى وهى تقوم: طب تعالي
وبالفعل تبادلا الاماكن…….ليتبادلا الاحاديث مجددا……ولكن في هذه المرة لم تكن امنية مشتركة معهم…….حيث انها تشعر بكم كبير من الحنق لما حدث………كيف وبعد كل هذه النظرات والابتسامات تكتشف انه كان ناظرا الى سلمى وليس لها………….نظرت الى سلمى بغيظ قبل ان تقول بشئ من الحده: عن اذنكم
دعاء رافعة عيناها: على فين؟؟
سلمى: على فين؟؟
امنية: مش شغلك……..
وبدون كلمة اضافية قامت امنية ……تاركة وراءها سلمى تتمتم: هو فيه ايه؟؟
مطت دعاء شفتيها قبل ان تقول: ولا اعرف……بس شكلها متضايقة……ثم عادت لتتابع: سيبك منها…..كملي
وبسرعة عادت الاحاديث المتبادلة كما كانت عليه
حل الليل…..وبدأت برودة الجو تشتد……….وسيف مازال جالسا بالخارج …..لا تغفل عيناه عن بوابة المدينة الجامعية………تلفح البرودة وجهه …….فيشعر بالقشعريرة من جديد……..يدلك ذراعاه قليلا………لم يضع في اعتباره ان يكون الجو باردا هكذا لذا لم يرتدى الكثير من الملابس…….ينظر حوله وقد بدأ يشعر باليأس يتسرب الى اعماقه………ومن جديد يفرك قبضتيه وينفخ بهما………ينظر الى ساعته..ليجدها مشيرة الى التاسعة والنصف……حسنا…مازال الليل طويلا…….تمتم بشئ من الملل: يعني لا طلعت ولا نزلت……..مش معقول اضرب المشوار ده كله على الفاضي………يارب تظهر بقى……
امسك بمعدته…….انها تؤلمه كثيرا……فهو لم يتناول شيئا منذ الصباح ….اضف على هذا برودة الطقس……..تلفت حوله…..ليرى على الجهة الاخرى من الشارع احد بائعي سندويتشات السجق على عربته……
تمتم : ياه….ده انت نزلتلي من السما……
نظر الى باب المدينة من جديد…..قبل ان يدير ظهره ويركض الى الجهة المقابلة من الشارع……….ويذهب الى البائع لطلب السندويتشات…وعيناه مازالتا على باب المدينة
الرجل وهو يناوله الشطائر: 2 جنيه يا بيه
تناول سيف الكيس المغلق وعيناه مازالتا متعلقتان ببوابة المدينة ….اذ انه الان فقد رأى احدى سيارات الاجرة وهى تقف امام الباب…..لتترجل منها فتاتان……اتسعت عينا سيف قبل ان يتمتم بذهول: سلمى
– يابيه الفلوس
ولكن لم يشعر سيف بنفسه الا وهو يركض ممسكا الكيس وهو يهتف بصوت عالى: سلمى
ولكن قاطعه احد سائقي السيارات الكبيرة وهو يطلق زامورا عاليا ….مختلطا مع كثيرا من السباب ..ليجبره على النظر الى السيارة القادمة نحوه والرجوع بضعة خطوات من جديد وهو يردد الاعتذرات له وعيناه مازالتا على كلتا الفتاتين اللتان انشغلت احداهما بمحاسبة السائق قبل ان ينطلق بسيارته ………ليتجها هم مباشرة الى بوابة السكن…وفجأة يجد من يتعلق برقبته وهو يهتف بصوت عالى: انت رايح على فين يا حرامي؟…..هاتلي فلوسى
الان الطريق خاليا امامه……ازاحه سيف في عنف ليسقطه ارضا قبل ان يركض وهو مازال يهتف: سلمى……….سلمى!!!!!!!!!
ولكن الاوان كان قد فات…..حيث ان سلمى ودعاء كانتا الان بداخل السكن……فوقف وهو مازال ينهج وعلامات اليأس على محياه…..وينما هو على هذا الحال اذا بسيارة فارهة تقف امام الباب مباشرة ليركض الحارس اليها …….ويقف محدثا شخصا ما بالمقعد الخلفى
مسكتك يا حرامي( قالها البائع وهو يطوق رقبه سيف من الخلف بقوة)
التفت اليه سيف وهو يقول بحده غاضب: اتنيل خدهم( قالها وهو يلصق الكيس بوجه البائع)
البائع : اخدهم ازاي؟؟..ماهم كده مش هيتباعوا…..
لم يكن سيف منتبها اليه اذ انه وقف يراقب هذا المشهد
……انطلاق السيارة تاركة وراءها الحارس واقفا فرحا وهو يمسك بشئ يقبله قبل ان يلصقه بجبهته ويضعه بجيبه ….قبل ان يتجه للجلوس فوق مقعده………وبالطبع لم يكن هناك ما يحير بشأن هذا الشئ فلا احد يفعل هذه الحركة الا بالنقود
التفت سيف الى البائع ليجده مازال يقول: يابيه انا مش هينفع ابيعهم كده…….انا خلاص غلفتهم و……….
سيف وهو يقرب وجه الحارس منه ليقبله في جبهته: حقك عليا يا عم….انا اسف……خد فلوسك( قالها وهو يخرج النقود من جيبه……..)
وبدون كلمة اخرى اتجه سيف الى الحارس.تاركا الرجل يهتف: طب السندويتشات يابيه…….
-السلام عليكم….لو سمحت يا عم البنات اللى دخلوا من شوية……….تعرفهم؟؟ (قالها بنفس متقطع)
الحارس: انت تاني يا عمنا؟؟………..هو انت لسه هنا؟؟
سيف مبتلعا ريقه بصعوبة: لو سمحت بس رد عليا
الحارس: اعرف واحدة منهم…….
سيف بسرعة: اسمها ايه؟؟
الحارس بملل: دعاء…….
سيف: طب ممكن تندهلي التانية؟؟
الحارس بغضب: نعم ياروح امك؟؟
وهنا امسك سيف بياقته بعنف ورفع يده استعدادا للكمه في وجه …قبل ان يغمض عيناه محاولا السيطرة على اعصابه وهو يقول مربتا فوق كتف الحارس: معلش يابلدياتنا…….ادخل اندهلي التانية بعد اذنك
الرجل وقد هب واقفا هاتفا محتدا: انت كمان عايز تضربني؟؟………انت عارف عقوبة اللى بتعمله ده؟؟
سيف محاولا ابقاء صوته منخفضا: انا اسف يا سيدي……..ممكن بس تدخل تندهالي
الحارس بتهكم: ليه؟؟……هو انت فاكر نفسك اودم سينما…ده سكن طالبات يا بني ادم……وبيقفل الساعة 10
سيف ببهوت: ايه ده؟؟…..يعني هي مش ممكن تخرج تاني النهاردة؟
الرجل بملل: قلتلك لا……..الباب بيتقفل 10 ..مش مسموح بدخول او خروج حد دلوقتي ………..يالا ورينا عرض كتافك بقى
ادار له سيف ظهره استعددا لمغادرة المكان…….تاركا الحارس يتمتم بحنق: عيال هفأ صحيح
وهنا استدار سيف ليلكمه لكمة مفاجئة في فكه وهو يهتف بحنق: كان نفسي فيها من زمان……..مايرضكش برضه اني امشي وفي نفسي حاجة
وبدون كلمة اضافية غادر سيف المكان بخطوات مسرعة تاركا الحارس ممسكا فكه في ذهول وقد تملكت الرعشة من كل ذره بجسده
**********************
في صباح اليوم التالى………..وبعد الافطار…….جلست دعاء مع سلمى وقد تعالت اصوات ضحكهم…….
دعاء من بين ضحكها: اه اه يا قلبي..لا احلى حتة كانت رحمة وهويدا دول ………لا بجد مش قادرة امسك نفسي من الضحك….انتى تحفة يا سلمى…….طريقة تقليدك بتهلك من الضحك
سلمى من بين ضحكها: والله انا اللى مش قادرة…….ده انا من امبارح وكل ما افتكر الموقف اقعد اضحك……بالرغم انه يغيظ….بس برضه لما بفتكر منظره كده وهو مكبوس….ماقدرش امسك نفسي
دعاء: بس تعرفي؟؟…..ماتنكريش برضه انه جذاب
سلمى شارده قليلا: اه ……يعني…..ثم تابعت بجدية: بس طبعا ده مايدوش الحق انه يلعب ببنات الناس
دعاء: ومين قالك انه عايز يلعب…..على فكرة شكله ابن ناس اوي ومالوش في كده
سلمى بابتسامة ساخرة: ابن ناس اه……بس مالوش في كده مش حاسة بصراحة
دعاء باهتمام: طب افرضي لو اتأكدى انه نيته كويسة…….وعايز يتقدملك….هتوافقي ولا لا؟؟
مطت سلمى شفتيها وهى تقول: والله لو نيته كويسة هيدخل البيت من بابه
دعاء: ازاي بقى وانتى ماديتهوش اي معلومات عنك
سلمى وهى تقوم: مفيش حاجة في البلد دي بتستخبى…كله بيعرف كل حاجة عن كله
دعاء هاتفة: طب انتى رايحة فين؟؟
سلمى: هعمل كوباية شاي……تشربي معايا؟؟
دعاء وهى متجهه وراءها الى المطبخ: اه هشرب……بس انتى برضه ماجاوبتنيش…..لو اتقدم هتوافقي ولا لا؟
سلمى وهي منهمكة في ملء البراد بالماء: ياستي يتقدم الاول وبعدين………..
وهنا قطعت حديثها فجأة….لا تعلم لماذا ولكن عند هذه الكلمة تذكرت سيف……………
دعاء : وبعدين ايه؟؟
سلمى محاولة نفض الفكرة عن رأسها وهمت باشعال النار: وبعدين نبقى نشوف اذا كنت هوافق ولا لا
مطت دعاء شفتيها قبل ان تقول: طب انا هروح اقعد برة
سلمى: ماشي روحى وانا جيالك
وخرجت دعاء تاركة سلمى تعود الى نفس التفكير…….ترى ماذا سيكون ردة فعل سيف على كلام كهذا؟؟…………وهنا تابعت ولكن بصوت اعلى: انا بتكلم كانه خلاص اتقدم…………..حاجة غريبة
قامت سلمى باعداد الشاي …وخرجت الى الصالة ………لتبدأ جلسه الاحاديث المتبادلة من جديد
********************************
بداخل المطعم .كان الصمت يسود المكان…..كلا من سيف ومصطفى يتابعان عملهم بدون تبادل اي حديث……..كان سيف حزينا …….مكسورا…….يائسا……يفكر فيما حدث بالامس……لقد كانت امام عيناه ولم يستطع الوصول اليها……يشعر بالانقباض كلما تذكر امر السيارة الفارهة……..لا يعلم ماسره…….ولكن هذا هو احساسه…….يريد ان يذهب لها مجددا…..ولكن كيف؟؟……لقد تعب كثيرا في الحصول على عمل بمطعم شهير كهذا…….ثم ان عمله هو الضمان له بأن يقبل به والد سلمى…….فهو ان فقد عمله وان كان بسيطا .سيكون في نظر الجميغ عاطلا……اطلق سيف تنهيده عالية ……..تجعل مصطفى يلتفت اليه وعلى وجهه علامات الحزن على صديقه…….
مصطفى وبعد محاولات عديده للتحدث اليه: سيف
سيف وهو منهمك بتقليب البطاطس بالزيت: نعم
مصطفى : انت هتفضل كده ؟؟
سيف: ارجوك يا مصطفى…انا مش حمل كلام دلوقتي….ممكن نأجل اي كلام بعدين لو سمحت؟؟
مصطفى متفهما: حاضر
عاد مصطفى الى عمله ………تاركا سيف يعود الى احزانه والامه من جديد
***************
مرت الاجازة سريعا………….لتأتي الدراسة من جديد……….ليدخل هذا الشاب طويل القامة بني الشعر …..عسلي العينان…الى مبني كلية الاعلام…….بحثا عن جداول المرحلة الاولى لنصف الدراسة الثاني………..فهو سبق واتفق مع حارس المدينة الجامعية على معرفة كلية سلمى…..وفي اي صف هى؟؟………..وببحث الحارس في الامر……علم اخيرا بكليتها وبصفها…….ليخبره فورا بالاتصال على رقم هاتفه الذي اعطاه اياه…….
***************************
في قاعة المحاضرات
رانيا وهى تزفر بحده: يا ساااااااااااااتر ….دول بادئين في الحامي علطول…بلا نيلة دي الاجازة كانت رحمة والله
ملك: يا ستي كلله بثوابه……ولا ايه يا سلمى……
وتنظر الى سلمى لتجدها كالعاده منهمكة في الكتابة
ملك متابعة: يا اختييييييييييييييييييييييييييي……….انا خلاص قربت اموت منك يابت يا سوسة انتى…..
رانيا: شوفي ازاي…….من اول يوم وعمالة تكتب في المحاضرة اللى فاتتها……انا متهيألى انتى الوحيده اللى في الجامعة اللى مهتمة للدرجة دي بالدراسة
سلمى وهى تلوح بالكراسة امامها: لا فيه………بدليل ان فيه ناس بتكتب المحاضرات اهو ومن اول يوم……..
مطت رانيا شفتيها قبل ان تقول : بت يا ملك……
ملك وهى تنام فوق البينش: عايزة ايه؟؟
رانيا وهى تحركها بحدة: انتى هتنامي هنا؟؟……..قومي معايا على الكاافتيريا ناكل حاجة…….
ملك: لا انا عايزة انام..انا ماما صحتنى بالعافية علشان انزل الكلية
رانيا وهى تهزها بعنف اكبر: يابت بطلي بواخة بقى……انا هموت من الجوع
ملك وهى تقوم: يوووووه…انا عارفة……مش هخلص من زنك…….يالا
رانيا: عايزة حاجة يا سلمى؟
سلمى ودون ان تنظر اليهما: لا
ملك : ياستي سيبيها في اللي هي فيه…….يالا خلصيني
وبدون كلمة اخرى خرج الاثنان من قاعة المحاضرات……..ولم تعلما ان هناك من كان يراقب سلمى …..منتظرا اللحظة التى تتسني له لمحادثتها…….وها هي قد حانت
- بقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية هل من امان في بحور الاحزان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)