رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الثاني 2 بقلم سارة الخولي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الثاني 2 بقلم سارة الخولي
البارت الثاني
ما ان دخل الطبيب ومعه فاروق الي غرفة العناية ……حتي وجدا وفاء وقد افاقت وبدأت في الصياح ……..وقد امسكت بهما ممرضتان ……وكانت هي تحاول التملص من بين قبضتهما………وتهتف: سيبوني بقي ………انتوا ماسكيني كده ليه؟؟……………
فاروق وهو يركض ناحيتها: وفاء…..اهدي يا حبيبتي……..
وفاء وقد رفعت رأسها ونظرت له بعينان دامعتان ملهوفتين : فاروق………انا هنا بعمل ايه؟
احدي الممرضات وهي تتجه الي الطبيب: يا دكتور ……دي من ساعة ما فاقت وهي علي الحال ده……. نديها حقنة مهدئة؟
الطبيب وهو يتجه الي وفاء ويحاول التبسم في وجهها: لا هي مش محتاجة حقنة مهدئة………احنا بس ممكن نسيبها مع جوزها شوية وهو يهديها
كانت وفاء تتابع هذا الحديث بعيون دامعة………..ونفس متقطع ……وجسد مرتعش………..تنظر الي الطبيب والممرضات تحاول قراءة تعابير وجوههم…………ولكن ملامحهم الباردة لا توضح اي شئ ………….تنظر الي فاروق علها تفهم من صمته وحزنه شيئ……….ولكنها لا تستطيع تبين الامر ايضا…….ولكن كل ما حولها يجعلها علي يقين ……….ان في الامر سوء
الطبيب بشئ من الحزم: استاذ فاروق ……..احنا هنخرج……..وارجوك حاول حضرتك تهدي المدام……..
هم الطبيب بالخروج …….في حين هب فاروق من فوق مقعده واتجه ناحيته ليهمس بصوت متوتر خفيض: طيب هتسيبوني معاها ليه؟؟…………انا مش هقدر اواجهها بالحقيقة
الطبيب وهو يربت فوق كتفه: للاسف المدام لازم تعرف الحقيقة………في الحالات دي بالذات لازم المريض يكون متعاون معانا في العلاج…….ده غير اني ماينفعش ابدأ علاج بالكيماوي وهي مش عارفة……لازم تكون عارفة وراضية كمان
فاروق من بين عينان دامعتان: يعني فيه امل يا دكتور؟
الطبيب وهو ينظر الي وفاء: كله بإراده ربنا ينفع………بس اهم حاجة الدعاء
فاروق بخشوع: يارب اشفيها
الطبيب: امين……….يالا …….اسيبك معاها دلوقتي
فاروق بقلق: ماشي
خرج الطبيب …….في حين تابعه فاروق الي ان اغلق الباب ……ثم نظر الي وفاء ليجدها محدقة في الباب بملامح شارده جامدة…..
فاروق بخطوات متردده وهو يجلس بقربها: وفاء حبيبتي…………….(ثم مد يده ليمسكها………لتفاجأه هي بسحب يدها وهي تقول بجمود: انا هنا ليه؟؟
فاروق محاولا السيطرة علي اعصابه……ورسم ابتسامة زائفة على شفتيه: وفاء…….ماتقلقيش……….ان( قاطعته وفاء وهي تهتف بشئ من الهيستيرية: مش عايزة مقدمات……….قوللي انا بعمل ايه هنا؟؟
فاروق وقد انتقل بسرعة ليجلس بجانبها علي طرف السرير ويضمها اليه قليلا وهو يهمس: اهدي يا حبيبتي……….ارجوكي اهدي
وفاء وقد وضعت راسها فوق كتفه……وبدأت دموعها في الانهمار: قولي الحقيقة يافاروق……….انا عندي ايه؟؟
فاروق مربتا فوق كتفها ومحاولا السيطرة علي عبراته: انا عايزك تبقي قوية يا وفاء……..ولازم تعرفي ان كل حاجة ليها علاج………
وفاء وقد رفعت رأسها ومسحت دموعها وهي تقول بلهجة اقرب الي الحزم: انا عمري ما هكون قوية قد النهارده……..مش علشان خاطري………علشان خاطر بنتي………لازم اعيش علشان اربيها……بس قوللي وماتخبيش عليا………
فاروق محاولا السيطرة علي نبرة صوته المرتعشة: انتي عندك….عندك كانسر
اغمضت وفاء عيناها لتتقطر منها العبرات المريرة ……..ولتصدر من بين شفاها اهة مكتومة
فاروق محتضنها بقوة: امسكي اعصابك يا وفاء…….احنا اتفقنا انك تكوني قوية
وفاء بتوجع ومن بين دموع لم تكف عن الهطول….: كنت حاسة………..والله كان قلبي حاسس بس ماكنتش عايزة اقولها
فاروق بالم: اجمدي يا وفاء……..انتي قلتي بنفسك………علشان بنتنا هتكوني قوية……..
وفاء بالم اكبر: بس صعب اوي الاحساس اللي انا حاساه………غصب عني يا فاروق……..انا مش خايفة من الموت……..بس خايفة علي سلمى ……..
فاروق وقد رفع رأسها ومسح دموعها: انتي هتبقي كويسة………….الدكتور هيبدأ علاج من بكرة……وان شاء الله هتقومي وهتبقي كويسة……وهتعيشي يا وفاء………هتعيشي علشاني وعلشان نربي بنتنا سوا
وفاء وهي تنظر الي عيناه الدامعتين: قد كده بتحبني يا فاروق؟؟
فاروق وهو يضمها اليه بقوة: انا عمري ما حبيت ولا هحب غيرك يا حبيبتي
وفاء بشئ من الجدية وهي ترفع رأسها من فوق كتفه: طب اوعدني………اوعدني اني لو حصللي اي حاجة هتاخد بالك من سلمى
فاروق وهو يملس فوق شعرها: اوعدك اننا هناخد بالنا منها سوا
وفاء بشئ من الحدة: انا عايزاك انت توعدني انك تاخد بالك منها
فاروق بسرعة: يا حبيبتي سلمى بنتي ……..اوعدك اني هاخد بالي منها وانتي معايا
وفاء وقد اخفضت رأسها وتمتمت: يا عالم……ثم رفعت عيناها فجأة وتمتمت: سلمى…….ثم نظرت الي فاروق وهتفت: انت جبت سلمى ؟؟
فاروق بتلقائية وتفكير مشتت: جبتها منين؟؟
وفاء بسرعة: جبتها منين؟؟………..سلمى زمانها مفحومة من العياط………..روح بسرعة جبها من حديقة ……..
فاروق بسرعة: وهي ايه اللي وداها هناك؟؟
وفاء وهي تزيحه لتجبره علي الوقوف: كانت في رحلة……وبعدين بسرعة يالا روحلها……مش وقت اسئلة
فاروق بسرعة وهو يرتدي معطفه: طيب طيب…….هجبها وارجعلك
وبدون كلمة اضافية اتجه فاروق ناحية الباب ليفتحه……….ولكن توقفه وفاء وهي تهتف: فاروق
التفت فاروق اليها بسرعة…..فتتابعت وفاء من بين عينين دامعتين: اوعى تقول لسلمى اني في المستشفى
فاروق بتوتر: امال …..امال اقولها ايه؟؟
وفاء: قولها اي حاجة………قولها اني رحت ازور ناس قرايبي وهغيب شوية
فاروق بتردد: بس سلمى ذكية ومش هتصدق الكلام ده
وفاء بحده: قولها اي حاجة يا فاروق……….اي حاجة……..انا مش عايزة بنتي تشوفني وانا بتألم……
فاروق بعينان متأثرتان: حاضر……حاضر يا وفاء
وبدون كلمة اخرى خرج فاروق من الغرفة…………ليخرج من المستشفى ويستقل سيارته منطلقا الي …….الحديقة………
***************************************
انها الساعة السادسة الا عشر دقائق…….ومازالت سلمى جالسة فوق السور تنتظر…….وقد بدأت دموعها في الهطول معلنة حالة من اليأس وفقدان الامل في مجئ والدتها……..نظرت الي الساعة مرة اخرى ثم نظرت الي السماء..لتري نورها قد بدأ يخفت ليعلن اقتراب موعد الغروب……..تذكرت كلام معلمتها عن ضرورة مغادرتها عند الساعة السادسة…..قامت سلمي ومسحت دموعها……..وضمت معطفها الجميل المصنوع من الفراء…..وحملت هديتها ……..واستعدت لمغادرة الحديقة
…….. خرجت سلمى لتجد الطرقات بدأت تنار بالكهرباء ……وكانت هذه بالنسبة لها علامة ان الليل قد حل….وبالفعل…ها هو صوت اذان المغرب يعلوا في الاجواء….تلفح البرودة وجهها الجميل فتضم معطفها من جديد وتنفخ في قبضتيها……..ان الجو شديد البرودة الان….ولكن عليها السير بسرعة حتي تستطيع بلوغ المنزل قبل العشاء…….نظرت سلمى يمينها ويسارها لتتأكد من خلو الطريق امامها من السيارات……ثم عبرت الطريق…….وبدأت في السير بخطوات مسرعة ……..كانت السيارات تسير بسرعة شديدة معلنة ضججا وصخبا……يكاد يصم الاذان………وفجأة وبينما هي تسير…….وبدون ايه مقدمات……تشعر بشئ ثقيل يزيحها ليجبرها علي الوقوع بجانب الرصيف……لم تهتم سلمى بمعرفة من الذي ازاحها………يل كل ما شغل بالها في هذا الوقت ان تقوم وتري الزهرية الصغيرة التي بالتأكيد قد تحطمت من جراء هذه الصدمة العنيفة بالارض……وبينما هي تحبو لتمسك بالهدية وتفتحها ………اذا بصوت ذكوري ولكنه طفولي قليلا يصيح بها: انتي يابت انتي مش تفتحي وانتي ماشية…….
لم تجبه سلمى بينما ظلت ممسكة بحطام الزهرية وهي تبكي………
نفس الصوت: انتي يا بت ياعميا انتي…….انتي كسرتيلي العجلة بتاعتي……اروح انا ازاي دلوقتي
رفعت سلمى عيناها وصرخت في وجهه: وانت كسرتلي الهدية بتاعة ماما
الصبي: يا سلام…….انا كنت سايق العجلة بسرعة …….وعمال اضربلك الزمارة……..وانتي ولا انتي هنا…..لغاية لما خبطتي العجلة ووقعتيني بيها واتكسرت
سلمى وقد وقفت ومدت يدها بسرعه لتزيحه وهي تصرخ ايضا في وجهه: يعني هو انا سليمة؟؟…….مانا كمان وقعت
الصبي وهو يمسك كتفيها: انتي يابت انتي اتجننتي؟؟……مابقاش غير مفعوصة زيك اللي تضربني
وبدون كلمة اضافية ازاحها في عنف ليجبرها علي السقوط من جديد…….بينما صرخت هي في الم وهي ممسكة بقدمها……..
وهنا لاحظ الصبي ان سيلا من الدماء كان قد غطى ساقها بالكامل من جراء صدمة الدراجة…………فاقترب منها في اشفاق وهو يتمتم: ايه ده؟؟……..انتي اتعورتي
اخرج منديلا من جيبه وهم بامساك قدمها لربط الجرح…….ولكنها ازاحته عنها وهي تصرخ به: ابعد عني…….
وهنا تفاجأت بصوت مألوف يهتف بشئ من الحدة: هو فيه ايه؟؟
رفعت سلمى رأسها بسرعة وهي تهتف: بابا……..
فاروق وهو ينظر الي الصبي : انت مين انت؟؟
الصبي بخوف: انا …….انا سيف
فاروق بحدة: انا مش بسألك عن اسمك ……انا بسألك انت مين وبتعمل ايه مع سلمى؟؟
سيف بتوتر وهو يلوح بيده: انا ماعملتش …….ماعملتش حاجة
نظر فاروق الي سلمى ….وهو يصيح: مين الواد ده؟؟
سلمى وهي تحاول الوقوف جاهده وتزيح شعرها الحريري عن وجهها الجميل: ده ……..ده زميلي في المدرسة…..وكان عايز يوصلني
فاروق وهو ينظر اليه: انت يالا انت في ابتدائي؟؟………..شكلك شحط علي كده
سيف وهو ينظر بامتنان الي سلمى: اه ماهو…….ماهو انا عدت سنتين
فاروق وهو يزيحه من كتفه برفق: عموما ياسيدي………احنا متشكرين……..بس ابقي وفر خدماتك لنفسك…….يالا امشي
سيف بسرعة وهو يتبادل نظرة متوترة مع سلمى: طيب …….
واتجه الي دراجته ليوقفها ويبدأ في محاولة اصلاحها لكي تستطيع السير…….وفي نفس الوقت كان يتابع سلمى ووالدها
فاروق بحزم : يالا يا سلمى ادامي علي العربية
سلمي وهي تميل ارضا وتلتقط حطام الزهرية: حاضر…
فاروق بحده: يالا يا سلمى سيبي اللي في ايدك ده
سلمي بسرعة وهي مازالت تجمع الحطام”: حاضر يا بابا هلم بس (وهنا قطع صوتها والدها وهو يمسك بها ليجبرها علي الوقوف …..ويزيل من يدها الحطام ويلقيه ارضا وهو يهتف بحدة مبالغ بها: لما اقولك يالا يبقي يالا…….
وبدون كلمة اضافية سحبها من يدها ليجبرها علي السير….. …….الي ان وصلت الي السيارة فاستقلتها بجانب والدها…..والقت نظرة اخيرة علي سيف والذي وقف يحدق بها في صمت متوتر……الي ان انطلقت السيارة
تمتم سيف في غيظ: طب مش كان يشوف التعويرة اللي في رجلها الاول بدل ما يزعق فيها كده…….
نظر سيف الي حطام الزهرية…….فاتجه ناحيته وجمعه كله واخرج كيسا وضعه به……..ثم ركب دراجته وغادر…….
في منزلها………كانت نهلة جالسة مع حسين علي مائده الطعام………..
حسين وهو يرجع بظهره الي الوراء: الحمد لله
نهلة وهي تنظر الي الطعام: ايه ده؟؟……….انت كده خلصت؟؟
حسين: اه خلاص خلصت………..تسلم ايدك
نهلة بابتسامة واسعة: بالهنا والشفا يا حبيبي
حسين وهو يمسك يدها ليقبلها: بس ايه بقي الرومانسية اللي معيشاني فيها الايام دي
نهلة بابتسامة: بصراحة من ساعة ما رجعت اسكندرية وانا حاسة اني روحي ردت فيا تاني
حسين: ياسلام؟؟……..مش في اول جوازنا انتي اللي قلتيلي اروح معاك في اي حتة ان شاء الله المريخ…………
نهلة: اه بس برضه هوا اسكندرية يرد الروح…………مش زحمة القاهرة وقرفها
حسين: ماتغلطيش في بلدي…………وبعدين انتي جاية تقولي الكلام ده دلوفتي؟؟……….ده احنا جايين من شهرين
نهلة : بس صدقني لو قلتلك ماحستش اني عايشة الا في الشهرين دول
حسين: يا سلام؟؟………..ازاي بقي……….يعني طول ل15 سنة اللي عشنا فيهم سوا………ماحستيش بالسعاده الا دلوقتي؟؟
نهلة : بصراحة اه……….احنا اتجوزنا وعيشنا مع امك واختك ……ماكنوش بيسيبونا ساعة واحده مع بعض……….مش فاهمة كانوا بيغيروا عليك ولا ايه
حسين وبعد ان اطلق ضحكة عالية: اه الولد الوحيد بقي………ثم تابع وقد ارتسم علي وجهه علامات الحزن: الله يرحمك يا امي……ماتت من سنتين بس حاسس انها لسه ميتة من يومين
نهلة: الله يرحمها…….
حسين : بس خلال السنتين دول انا ماكنتش اقدر اسيب اختي لوحدها……
نهلة: الحمد لله اديها اتجوزت براجل شايلها فوق راسه……….يارب يخليهم لبعض…….
حسين وقد يمسك ذقنها: ويخليكي ليا يا قمر
نهلة وهي تخفض رأسها: الله بقي……….ماتكسفيش
حسين وهو يقوم : طيب……….انا داخل بقي اخد دش…….وحضريلي هدومي
نهلة بشئ من الحزن: ايه ده؟؟……….انت برضه مصمم علي الخروج؟؟
حسين: معلش بقي يا حبيبتي…………والله مقابلة مهمة مع راجل اعمال كبير ……..هيعمل معانا صفقة كبيرة
نهلة وهي تقوم: ماشي ………امري لله………..تحب تلبس انهي بدلة؟؟
حسين بسرعة: البدلة البني ……….
وبدون كلمة اضافيه اتجه الي الحمام…..ثم وقف فجأة والتفت الي نهلة ليقول: نهلة……..هي الجزمة البني الشمواه اللي اشتريتها من……….فين؟؟
نهلة بعد تفكير: اه الجزمة اللي جبتها ومالبستهاش ولا مرة دي؟؟
حسين : ايوة……….مانا مالبستهاش علشان انتي خبتيها لغاية ما نسيت اني جبتها اصلا
نهلة : ماهي فضلت ادامك شهر بحاله وماعبرتهاش ………وانت عارفني اني مابحبش الكراكيب
حسين بنفاذ صبر: طيب هي فين يعني؟؟
نهلة: ادخل انت وانا هدورلك عليها
حسين وهو يدخل: بس بسرعة جهزيلي هدومي احسن اتأخر
وبدون كلمة اضافية دخل حسين………..في حين اتجهت نهلة الي الداخل لتحضير ملابس حسين والبحث عن حذاؤه…….
**************************
بداخل السيارة ………كان يسود جو من الصمت الكئيب………كانت هناك عدة اسئلة ترغب سلمى في الحصول علي اجابة لها………….ولكنها لا تقدر علي النظر في وجه والدها……….كانت حزينة بداخلها……..ترغب في البكاء والصراخ …………اكثر من شئ كان يحزنها………..هديتها التي تحطمت……..ماذا ستهدي والدتها في هذا اليوم؟؟………ولماذا لم تأتي والدتها من الاساس………….ولماذا تعصب عليها والدها الي هذا الحد؟؟……….ولكن هذا هو والدها………..لقداعتادت منه سلمى علي هذه المعاملة…………لطالما كانت مقربة لوالدتها بشكل اكبر……..اذا فلتصبر وتحاول حبس دموعها بداخل مقلتيها ………ثم يمكنها الانفجار في البكاء في حضن والدتها عندما تعود الي منزلها……….ولتفرغ كل ما بقلبها من احزان ولتعتذر لها ايضا عن عدم احضار هدية ……….
فاروق باقتضاب: يالا انزلي
تنبهت سلمى الي صوت والدها ……..وافاقت من شرودها لتنظر من زجاج السيارة وتتأكد انها امام باب عمارتها مباشرة………
فتحت سلمى باب السيارة………وترجلت منها في صمت………دخلت العمارة بخطوات بطيئة…………فمازال الجرح يؤلمها……
سبقها والدها الي الاعلي……………..وتبعته هي ………..
دخلت سلمى الشقة …………واول ما فعلته …….دخلت الى حجرة والدتها وهي تنادي: ماما……..( ولكنها فوجئت بعدم وجودها في حجرتها………..خرجت لتبحث في باقي الغرف وهي تنادي: ماما……..انتي فين؟؟………..انا زعلانة منك اوي علي فكرة………..يا ماما………
ولكن ما من اجابة ولا من اثر لوالدتها في ايه غرفة………..اتجهت من جديد الى الصالة وهي مازالت تنادي……….
فاروق وهو يخرج من المطبخ: الاكل عندك جاهز في المطبخ…………..ادخلي اغرفي واتغدي
تجاهلت سلمى كلامه وتمتمت بقلق: هي ماما فين يا بابا؟؟
فاروق بتوتر وهو يحاول تجنب النظر في وجه سلمى: ماما مش هنا……….ادخلي اتغدي يلا زمانك جعانة
سلمى وقد ازداد قلقها فتمتمت بصوت قرب علي البكاء: طيب هي ماما فين
فاروق بشئ من الحدة: قلتلك ماما مش هنا………اقعدي كلي يالا……
فزعت سلمى من صياح والدها…….فتمتمت في رعب: طيب ……وحضرتك….
فاروق:انا ايه؟؟
سلمى بعيون دامعة: مش هتاكل معايا؟؟
فاروق وهو يتجه الى باب الشقة: لا انا نازل………وراجع كمان شوية……….
همت سلمى بقول شئ ……….الا انه لم يعطيها فرصة………فبمجرد نطقه بالجملة الاخيرة…….كان قد فتح الباب واغلقه وراءه
نظرت سلمى الي الباب وهي مازالت غير مصدقة ان والدها قد خرج بدون اخبارها بأي شئ عن والدتها………اسرعت الي الباب لتحاول فتحه…..ولكن هيهات ان يترك لها والدها الباب مفتوحا……..كان مغلقا بالمفتاح
جلست سلمى وراء الباب وغطت وجهها بيديها الرقيقتين……….لتدخل في نوبة من البكاء المرير
************************
قامت نهلة بتجهيز ملابس زوجها………..وبعد ان انتهت تمتمت: فاضل ايه تاني؟؟…………..اه………..الجزمة………في ن يا نهلة ؟؟………فين؟؟………ممممممممم……….متهيأل ي افتكرت
اتجهت نهلة الي خزانه حائط عميقة…….كانت قد خصصتها للاشياء الغير مستعملة في الوقت الحالي………تذكرت انها قد وضعت حذاء زوجها بها مع بقية الاشياء الغير مستعملة
فتحت نهلة الخزانة ولم يكن عليها البحث كثيرا……..اذ ان الحزاء كان في حقيبته وراء اشياء بسيطة ………اخرجته نهلة وهمت باغلاق باب الخزانه………الا ان لفت نظرها شيئا بداخلها……….كان مخبئا وراء اشياء كثيرة……….ولكن لونه جذب انتباهها وعلمت بمجرد لمحه انه شئ لم تعتاد وجوده في بيتها……..فتحت نهلة الباب مجددا…….ونظرت الي هذا الشئ برتقالي اللون……….مدت يدها لتخرجه من وسط الاشياء التي غطته بالكامل تقريبا………..واذا بها حقيبة بلاستيكية رديئة………مطت نهلة شفتيها وهي تتتم: ايه دي؟؟……….بتاعة مين دي؟؟
لم تكن الحقيبة خفيفة………كان من الواضح ان بداخلها شئ……….حاولت فتحها………لم تستطع……..اسرعت باحضار سكين …..وحاولت مرة وثانية وثالثة……….واخيرا فتحت الحقيبة لتندفع الاشياء الموجودة بداخلها الي الخارج وتسقط لتقطي الارض امامها ………
ما ان رأت نهلة هذا المشهد حتي اتسعت عيناها عن اخرهما……..وتمتمت : يانهار اسود……..
مالت نهلة الي النقود الكثيرة المبعثرة ارضا……….كانت في صورة بواكي كثيرة من الدولارات الامريكية……….تحسست نهلة النقود بيديها وهي غير مصدقة ما تراه امامها…….فتمتمت بذهول: ايه كل ده؟؟…………بتاعة مين يا……..(وهنا تنبهت الي حقيبة قماشية بيضاء اللون كانت مع النقود…….مدت يدها لتفتحها…..وهنا لم تدري بنفسها الي وهي تلقيها ارضا في خوف وتهتف يالهوي؟؟…….مخدرات؟؟
وقفت نهلة في سرعة واتجهت الي باب الحمام……….لتجد حسين امامها مباشرة وهو يهتف : فيه ايه؟؟…………كتي بتصرخي ليه؟؟
نهلة بنفس متقطع …….ووجه اصفر شاحب …….وعيون متسعة عن اخرهما ……..: ايه ده؟؟………اي
حسين بسرعة وبقلق شديد: ايه ده ايه؟؟
نهلة بذعر وهي تلوح بيدها باشارات غير مفهومة: ايه ……ايه…..ايه اللي
حسين وهو يزيحها بسرعة ويذهب الى الصالة: انا لسه هستناكي عقبال ما………(وهنا تفاجأ بهذا المشهد الذي كان كفيلا بأن يرجع الي الوراء بضعة خطوات وهو يهتف: مش بتاعتي……….والله ما بتاعتي
نهلة وهي تتجه ناحيته وقد بدأت تستوعب الامر اكثر: ايه اللي جاب الحاجات دي هنا؟؟
حسين وهو ينظر اليها بوجه متعرق وجسد مرتعش: قلتلك مش بتاعتي يا نهلة……….مش بتاعتي
نهلة بحدة وقد بدأت تفقد اعصابها: طيب قوللي……….بتاعة مين؟؟……..ومين اللي جابها عندنا؟؟
حسين وهو يمسك بذراعها: طيب اهدي واقعدي بس وانا هشرحلك كل حاجة
نهلة وهي تجذب ذراعها من بين قبضته: مش ههدى الا لما تجاوبني……..الحاجات دي بتعمل ايه عندنا؟؟
حسين وهو يلوح بيده: انا ……….انا مجرد وسيط بس
نهلة مضيقة عيناها: يعني ايه وسيط؟؟
حسين: يعني كل اللي حصل ان واحد صاحبي جالي مرة في الشغل وكان مستعجل اوي……….اداني شنطة وطلب اني اوديها لأهله…..ولما سألته وماودتهاش انت ليه …….قاللي اصل فيها حاجات لسه جايبها حالا……وفهمني اني انا مكتبي قريب من المكان اللي هو جاب منه الحاجة………وعقبال ما يروح لأهله هيقعد ساعة في المواصلات وهو وراه طيارة لازم يلحقها………ورحت العنوان…..واول ما وصلت حسيت ان فيه حاجة غريبة………الناس اللي استقبلوني كان شكلهم شبه المجرمين……..لغاية لما فتحوا الشطة ادامي وعرفت اني طول الوقت ده كنت شايل مخدرات ……كنت عايز ابلغ عنهم……..بس لقيت صاحبي جاي وطلع ولا كان مسافر ولا حاجة………واتفق معايا اني اشتغل معاهم واوصللهم الشنط علشان انا نضيف وهما العين عليهم…….رفضت طبعا وقلتله الغلطة اللي غلطتها قبل كده مش هتتكرر….المرة اللي فاتت ماكنتش عارف……..هددني بفيديو متسجللي مع الناس اللي رحتلهم……..قاللي الرجالة اللي رحتلهم اعضاء في عصابة كبيرة اوي والبوليس قالب البلد عليهم………ولو الفيديو ده وصل للشرطة……..ساعتها هدخل السجن ……لكن لو سمعت كلامه هيقبضوني 5000 جنية علي كل عملية ……..
نهلة ببهوت: يعني الفلوس اللي كنا عمالين نصرف منها دي …..كانت فلوس حرام!!!!!!!
حسين بسرعة : ماكنش فيه حل تاني غير ده………..كان ادامي طريقين يا نهلة……..واحد هيوديني السجن…….والتاني هيعيشني في العز………كنتي عايزاني اختار ايه يعني؟؟
نهلة بهيستيرية: اختار طريق النار يا حسين………..ادخل النار برجليك ودخلني انا وابني معاك
حسين بسرعة وهو يمسكها: اهدي يا نهلة………انا عملت كل ده علشان خاطرك انتي وسيف……….احنا هنفضل عايشين في الفقر لغاية امتى بقى؟؟……..وافرضي لو سيف مشكلته اتطورت هعالجه ازاي ؟؟
نهلة وهي تشعر ان كلمته طعنتها في قلبها مباشرة: ربنا هو الشافي…….حتى المليونير ممكن ابنه يضيع منه في اي لحظة ولا كنوز الدنيا تقدر تشفيه
حسين بعصبية متوترة: طب واحنا؟؟……………كنوز الدنيا ماتقدرش تسعدنا؟؟……….
نهلة : بالحرام يا حسين؟؟………مش خايف؟؟
حسين بسرعة: لا مش خايف……..هما هيسكتوا طالما انا ساكت………وعمرهم ما هيكشفوني لأني بخلصلهم حاجات كتير
نهلة ببهوت: يعني اول ما جبتلك سيرة الخوف كل اللي جه علي دماغك خوف من الناس اللي شغال معاهم
حسين: يعني اخاف من ايه تاني؟؟
نهلة بصدمة: ربنا يا حسين……….تخاف من ربنا……..ولا خلاص نسيت كل حاجة …..نسيت الاخرة والحساب وكل اللي هامك الفلوس وبس
حسين بعصبية متوترة محاولا الدفاع عن موقفه: يعني هو ربنا يرضى بالظلم اللي الواحد كان عايش فيه؟؟……….اشتغل 8 ساعات في اليوم زي الطور اللي مربوط في ساقية……..وفي الاخر اقبض ملاليم؟؟………ادخل ابني اسوا مدرسة………اشوف مستواه في الدراسة بيقل ومش عارف اديله دروس…..نلبس اسوأ لبس…….ناكل اسوأ اكل …………اشوف الناس عند الجزار بيشتروا لحمة…….وانا اروح اشتري العضم ولو اللحمة دخلت بيتنا في شهر نقول ربنا كرمنا في الشهر ده……….هو ده بقى اللي يرضي ربنا
نهلة بنبرة باكية وهي ترتمي فوق المقعد: انا مش فاهمة احنا بنتناقش في ايه………انا مش مصدقة ان اللي واقف ادامي ده انت……..مش مصدقة انك في يوم من الايام قبلت علينا اننا ناكل حرام……….مش متخيلة اني طول ال15 سنة اللي فاتت كنت مخدوعة فيك……….مش مصدقة( وهنا اسندت جبينها بيدها وانخرطت في البكاء..)
جثا حسين امامها علي ركبتيه وهو يتمتم: والله غصب عني دخلت في كل ده……..وللاسف مش هقدر اخرج منه من غير خساير…….يعني لو اتسجنت هتعيشي سعيده؟؟
نظرت له نهلة نظرة خالية من اي معنى………فهي لا تدري ماذا عساها تقول له وهي تراه يرتكب خطأ شنيع كهذا,,,,,,,فأحياناا من عظم الخطأ يعجز لساننا عن الاقناع……..عندها نشعر ان ما نقوله اشياء مفروغ منها ولا تحتمل نقاشا من الاساس……….
حسين وقد وجدها صامتة: اقعدي يا نهلة احسبيها مع نفسك……..وساعتها هتعرفي اني عندي حق……..ربنا مايقبلش اننا نضر نفسنا……….والرسول قال لا ضرر ولا ضرار……..تبقي ازاي عايزاني اضر نفسي وادخل السجن
نهلة بسرعة وبغضب هادر: ماتجبش سيرة الدين على لسانك………هي دي الحجج اللي بتقنعوا بيها نفسكوا علشان تحللوا الحرام………الضرر اللي بتتكلم عنه واللي ديننا نهى عنه هو الاشتراك في توصيل السموم للناس…….وتشجيعهم علي الادمان……….
حسين وهو يخفض عينه: ماهما اللي اختاروا الطريق ده………..محدش ضربهم على ايدهم
وهنا هبت نهلة من فوق مقعدها وهي تصرخ: كفاية بقى يا اخي…………كفاية الحجج الواهية اللي عمال تبرر بيها موقفك………..مهما كان حالنا ومهما كانت الحجج اللي بتقولها……….لازم تعرف ان مفيش مبرر ليك ابدا انك تجيب فلوسك من الحرام ……….وتحاول كمان تقنعني بكده……….اللي بتعمله حرام شرعا وقانونا ……..وعقابك جايلك جايلك……..سواء في الدنيا او في الاخرة……..
وهنا ادارت له نهلة ظهرها واتجهت الي الغرفة…….فقام حسين بسرعة ليمسك بذراعها وهو يقول: اهدي بس يا نهلة………انتي رايحة فين
نهلة وهي تجذب ذراعها من بين قبضته: هسيبلك البيت وهروح لأخويا……..ولما تعقل ابقى تعلالي هناك…….
حسين بسرعة : لا يا نهلة ما تسيبنيش لوحدي وتمشي……….انا بحبك ومقدرش اعيش من غيرك
نهلة بحده ومن بين عيون دامعة: وانا كمان بحبك……..وعلشان كده مش هقدر استحمل اشوفك بتضيع ادام عيني وبتضيعنا معاك
حسين : بس اللي بيحب بيسمع كلام حبيبه
نهلة:….خلاص لو بتحبني اسمع كلامي وابعد عن السكة اللي انت فيها دي………..وتعالى نعيش زي الاول في الحلال والبركة اللي في مرتبك ومرتبي
حسين بسرعة وبشئ من الحده: ارجع؟؟………..وادخل السجن؟؟………..مستحيل
نهلة بهدوء: ومين قالك بس انك هتدخل السجن……..لو رحت بلغت عنهم مش هيقبضوا عليك………ده مش بعيد يدوك مكافأة
حسين بتهكم : مكافأة مرة واحدة؟؟………والمكافأة بقي هتطلع كام؟؟
نهلة بحدة: وتهمك في ايه المكافأة ………اهم حاجة انك ماتغضبش ربنا……
حسين وهو يمسك كتفيها: يا حبيبتي طب وليه اقفل باب رزق جايلي……انا مش بعمل حاجة غير اني بوصل من هنا لهنا………مش انا اللي اشتريت المخدرات ومش انا اللي بوزعها ……..يبقي اللي بعمله حرام في ايه
نهلة بأسف: مفيش فايده……( ثم رفعت يدها لتزيح يداه من فوق كتفها وهي تتمتم : وانا قلتهالك كلمة …….يا انا وابنك……يا القرف اللي بتعمله…..
حسين : اسف يا نهلة………قراري خدته خلاص……..وزي ماقلتلك فكري زي مانتي عايزة………وانا متأكد انك مش هيهون عليكي تسيبيني لوحدي وتمشي………صعب الحب اللي بينا وعشرة العمر يروحوا هدر
كانت نهلة محدقة به في صمت……….وهي تشعر انها استنفذت كل محاولات اقناعه……اذا فليقول ما يشاء ……….فقد اتخذت قرارها النهائي………
حسين وهو ينظر الي الساعة: معلش يا حبيبتي……..انا لازم انزل حالا……….هسيبك فترة تفكري زي مانتي عايزة……….ولما ارجع هنبقى نكمل كلامنا……….
وبدون كلمة اضافية دخل حسين……وبدأ في الاستعداد للخروج…….اما نهلة فقد ارتمت فوق المقعد وهي غير مصدقة الحال الذي وصل اليه زوجها……فتمتمت: حسبي الله ونعم الوكيل في اللي كان السبب…….
غادر حسين………وما ان اغلق باب الشقة حتي اتجهت نهلة الى الداخل……….واحضرت حقيبة كبيرة……..وبدأت في رص ملابسها وملابس ابنها……….استعدادا لمغادرة البيت
- بقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية هل من امان في بحور الاحزان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)