رواية جنة النسور الفصل الثاني 2 بقلم رحمة أيمن - The Last Line
روايات

رواية جنة النسور الفصل الثاني 2 بقلم رحمة أيمن

رواية جنة النسور الفصل الثاني 2 بقلم رحمة أيمن

 

 

البارت الثاني

♕ مخطوبة ♕
« إنتي يا هانم؟ كل ده نوم! اصحي بقى مهو ده اللي ناقص، تحبي أحضر الفطار ياختي كمان عشان تكون كملِت!»
غمّضت عيني بتعب، جسمي سخن، مصدّعة، صاحية من بدري زي ما تعودت لكن جسمي مش مطاوعني ولا راضي يقوم.
تقلبات الجو الأيام دي تعباني جداً، قرّبنا على الخريف الحمد لله الشتا جي..
«مش بكلمك يا زفت’ة ولا إيه! اطرَش’تي كمان!»
غمّضت عيني وأنا بستغفر ورفعت جسمي شوية وأنا حاسّة إنه كل عضمايه فيه مكسو’رة ، وبعد محاولات عدّلت نفسي ونطقت بصوت حاولت أخليه مسموع:
«صحيت يا مرات أبويا، دقيقتين بس هغيّر هدومي واخُد دوش واطلع حاضر»
«طيب بسرعة يا نحنوح’ة بصوتك ده، عايزة أروح الشغل وحضرتك كمان اتأخرتِ ولا ناوية تقعدي في البيت النهارده؟»
اتنهدت بتعب وأنا ببلع ريقي وزوري بيطلب مني الرحمة من شدة جفافه وآ’لمه، مش قادرة حاسّة إني هيغمى عليا.
ولما حسيتها فقدت الصبر وهنبدأ خناق’ة جديدة سمّيت الله بصبر وتحرّكت من السرير لـلحمام وأنا بترنح لكن بصوت ثابت قولتلها:
«هلبس وأحضر الفطار، ياسمين صحيت؟»
«لسه ياختي انجزي»
« حاضر»
“ضرّية”
& مرات أبويا، ست قادرة ومفتر’ية وعلى قد لسانها اللي زي المد”ب إلاّ إنها شايلة البيت معايا في المصاريف منكرش ده.
المصاريف بس وأنا اللي شايلة الباقي على راسي غير طبعاً المعاملة الزفت’ منها.
لكن أعمل إيه أهي عيشة والحمد لله متيّسرة، عندها ياسمين ومعتز، أبويا اتجوزها بعد أمي بشهر، كان باين إنه زعلان عليها ولا يبين أكتر.
الوش المدور والجسم المتكدّس بالدهون، بشرتها خمرية وعندها 55 سنة وبتشتغل مُدرّسة ابتدائي في مدرسة جنبنا. &
فتحت المِرش وأنا برجف، سقعة الميّه مع جسمي الدافي كهربوني، والماية بتنزل على دماغي تفوّقني، وتعيّشني يوم جديد معاهم وأنا فايقة.
قعدت يمكن ربع ساعة تحت الميّه لحد ما حسيت إني هفوق شوية. طلعت ولبست هدومي البسيطة:
بنطلون جينز اسود واسع عليه شميز بيچ واسع وطرحة طويله قطن.
بصيت في المراية، وشي شاحب وعيوني حمرا من قلة النوم والتعب فتنهدت وانا بحط كونسلر أداري هلاتي السوده ومرطب علي شفايفي الناشفه وحمدت ربنا ونزلت اصحي الست ياسمين.
«صباح الخير يا عسل، قومي الفطار يلا، ورانا دروس لآخر النهار بسرعة يلا!»
«صباح الخير يا جنتي، شوفي أمي صحتني، لكن استنيتك تيجي تصحيني بصوتك القمر ده وشكلك اللي بدوبني أنا شخصياً وبخلي صباحنا ينور يا عسل انتي!»
«شكلك ألو’ان يا بت وهتودينا في داهية»
«لأ خلي بالك أنا ليا في الشباب عادي»
«شوفي البنت المهزق’ة! طب قومي يا بكاشة، أمك هتقطعنا، يلا عبال ما أجهز الفطار تكوني خلصتي نفسك، ياسمين!»
سمعت تذمرها وهي بتقلب نفسها على السرير وتحركت لبره، وأنا بمسك راسي بآ’لم وعيوني بتحرقني من الوجع.
لكن خدت دوا من الضرفة كالعادة ولبست المريلة وتوكلت على الله.
“ياسمين”
& أقرب حد ليا في البيت، وأول ما جت من 5 سنين كان عندها 13 سنة فحبيتها زي أختي وأكتر، هي بشرتها خمريه زي طنط ضرّية لكن الحمد لله شبه أبوها أكتر الله يرحمه.
عيونها زي لون القهوة، طولها متوسط، وعندها دلوقتي 18 سنة علم رياضة، وهي اللي مصبراني على البيت ده كله من أوله لآخره والله. &
“جنّة.. اللي هي أنا”
نسيت أعرفكم بنفسي، أنا جنّة عندي 24 سنة.
كلية تجارة قسم محاسبة، شغّالة كشير في محل هدوم هنا وبدي دروس في سنتر بعدها لحد ساعة 2 الضهر.
أمم بالنسبة لشكلي، أنا شايفة نفسي عادية جداً، لكن صحابي وياسمين بشوفه جمالي مختلف عنهم شوية.
أنا أخدت من أمي كل حاجة، ولما بشوف نفسي بستغرب إزاي طلعت شبهها لدرجة دي وبسبب ده بحب هيأتي أوي وبحس ديماً لما بص في المرايا إني شايفاها وحواليا.
شعري بني فاتح زيها، عيوني زيتونية وبشرتي بيضا، وده للأسف مش لصالحي عشان بيبان فيها التعب والإرهاق بسرعة، وشفايفي متحدده وحمرا ديماً فالحمد لله اخرها مرطب ولما يجي الشتاء واقشرها بسناني بتحمر أكتر.
وزني مناسب مع طولي ولأني مش طويلة أوي كان متوازن ومرسوم عليا، اكتافي، وسطي، وعندي خدود لا بأس بها، وشي المدور المكور المبطبط ده عملي مشاكل في المجتمع!
بلبس حجاب يستر جمالي ولأني اتعرضت لمضايقات كتير قبل كده بفكر البس النقاب قريب.
عمري ما شفت جمالي فتنة لأني شايفة عادي جداً بالعكس، أنا بحب البنت اللي شعرها أسود أوي وبشرتها خمريه وعيونها بني غامق زي كل المصريين وأقول يا رب ليه مخلقتنيش شبهم بجد، بيكونوا عسل ودمهم شربات.
لكن برجع وبحمد ربنا وبقول إني كفاية لقيتها فيا.
لقيت ليلى.. أمي.
«على السفرة»
«هروح أنا ومعتز نشوف الموضوع اللي تكلم عليه إيهاب جوز أختي ده تاني ونتحايل عليه شويه، وانتي تاخدي ياسمين معاكي توصليها وتخلصي شغلك على طول، وحاولي تبّدري ساعة قبلنا تعملي الغدا عبال ما ياسمين ترجع بعد المغرب»
«طيب يا طنط ضرّية، ما تخلي زي ما هو.
ابنك دبلوم صنايع وفاهم في الورش والعربيات وبيحب المجال ده وكسيب فيه أوي، صدقيني لو فضل زي ما هو وطوّر من نفسه هيكون في حتة تانية خالص والله»
«جرا إيه يا بنت ليلى، انتي هتنصحيني كمان وتعملي علىّ بتفهمي؟! إيه رأيك تركبي دماغه وتخلي يسمع كلامك كمان؟ ما انتي اللي أمه وأدري بمصلحته، خليكي في حالك يختي، ومسمعش صوتك ورأيك خلي في جيبك مش لازمنا»
بلعت ريقي وأنا بحفر ضوافري في كفي من ردها، واللقمة وقفت في زوري من ردودها الباردة، فنطقت ياسمين جنبي بضيق من تصرفات أمها:
«جرا إيه يما، جنّة بتقول كلام زي الفل، ومعتز كمان حابب ده، سيبي يما يكرر اللي هو عايزه بالله عليكي»
«لأ وحيات أمك! انتي كمان طلعلك صوت! طبعا ما قعدتك مع البت البجح’ة اللي عينيها مكشوفه دي تعلمك قلة الأدب وزيادة، أطفحي وانتي ساكتة يا بنت بطني، وإلا والله هقطع عنك المصروف والدروس»
«يوه بقى، شبعت شبعت!!!»
وقفت ياسمين تنفض إيديها واتحركت عشان تلبس الكوتشي، وأنا شايفه عيون ضرّية عليا وهتنهشني بأسنانها، أنا عملت إيه طيب؟
«إلا قوليلي، هو بابا لسه مج…»
«متلقح ياختي جوه، جي مدهول ومضروب على راسه وشكله عامل عاملة وبيقول ضعنا خلاص ضعنا ويهرتل في الكلام، هسيبك انتي لما ترجعي تشوفي إيه حكايته المرادي ومصيبة إيه الجديدة اللي هيحدفها علينا سبع البرومبة أبوكي!»
سمعت كلامها وأنا عيوني على أوضته، ربنا يتوب عليه من القرف ده بقى يا رب!
«شيلي الأكل، أنا شبعت خلاص، هنزل أشوف نوال وأرجع، عبال ما عين أمه يجي، خدي ياسمين وانزلي على طول بعد ما تغسلي المواعين.»
حرّكت راسي «بتمام»، بتعب لأن جسمي مرهق لأبعد حد وعايزة أقع من كتر التعب أو أنام أسبوع، فشهقت بسخرية وضيق، وللأسف مش هنخلص النهاردة.
«ردي عليا عدل يا منحنح’ة يا مسهوك’ة انتي وعاملة نفسك ديما تعبانة، ردي يختي»
«حاضر يا طنط ضرّية، حاضر!»
قعدت تبرطم لحد ما نزلت واخدت ياسمين ونزلت وراها، وأنا بستغفر في سري، نفسي أفرج عليها الناس واقعد فوقها ماقومش، لكن هعمل إيه بقى؟ لويا دراعي بأبويا وكمان…
«أحلي مساء على الست البنات كلهم، إيه الصاروخ اللي بيتمغتر ده بس!»
«معتز! طنط عند نوال فوق، ومستنياك بسرعة»
«متستنى طنط! إيه يعني، إلا قوليلي إيه الحلوة دي!»
قرب عليا وحاوط دراعه بوسطي، فشهقت بصدمه ونفور وبعدته عني وأنا بنطق بعصبية:
«معتز! لو سمحت، قلت مبحبش طريقتك دي، أرجوك!»
«طريقة إيه يا يابت؟ أنا خطيبك! فهمه يعني إيه خطيبك! خطيبك يا مجنونة!»
رصاصة ضربت في راسي وأنا بحرك عيوني اتجاه الراجل اللي قدامي.
«وأنا موافق… أنا موافق.. وأنا موافق.»
“جنّة من عائلة النسور… جنّة من عائلة النسور… جنّة من عائلة النسور”
اتنفست بتعب وحسيت بصوت طنين عالي في ودني وأنا بترجاه بآ’لم من طعنة الغد’ر ومن و’جع قلبي.
«صدقني ماينفعش! عايزة أقولك حاجة مهمة الأول»
عدّل نفسه بهدوء وقلل المسافة بين حاجبه بقلق مستني ردي، وهقوله إيه؟
لكن بصيت حوّليا بقلق وخوف، فلقيته فهم رسالتي وضرب بعصايته بهيبة ونطق بصوت ثابت:
«كلو يخرج من المكان، سيبونا لوحدنا»
«هه، انت بتهزر يا حج صح!»
حركت عيوني على العيون الرمادية اللي بتحرقني بعصبية، وبعدها اتنهد بضيق واتحركوا بإحترام ورا بعض بسبب حمحمته ورد فعل وشه الجدي، وخدوا بابا معاهم كمان.
«خير يا صغيرة، عايزة تقوليلي إيه؟»
بلّيت شفايقي الجافة بتوتر ونطقت بهدوء:
«حضرتك مينفعش، لأني مخطوبة!»
ثبات عيونه فجأني، كأنها معلومة مش مهمة أو معروفة بنسباله، فأكدت عليه، جايز ما يكونش سمعني كويس:
«أنا مخطوبة زي ما قلت لحضرتك ومقدرش أكون جزء من عائلة تانية»
«وانتي إيه اللي عرفك إني عايزك في العائلة كزوجة؟ ما جايز عايزك أسيرة أو عجبتني؟! يمكن أكون عايزك خدامة في البيت مثلا تحت إيد سلسبيل مقابل ديون أبوكي؟! مش كل دي احتمالات برضه؟!»
راجل ذكي ومروّغ ومفروض يكون أحراجني بعد جملته دي، لكن إحساسي عمره ما طلع غلط، فنطقت بثقة أدافع عن إحساسي وشكلي قدامه اللي بقى في الأرض:
«عينك مكانتش بتقول كده! عينك فيها انتصار وكأنك بدوّر على حاجة من زمان ولقيتها! أنا متأكدة من كلامي»
ثبت عيونه الفضية في عيني وابتسم ابتسامة واثقة، فأخدت نفسي وأخيراً، عيونه مُدمرة للأكسجين..
ضحك بخفة ولف ظهره ليا عشان يتكلم، فخطفت نظرة على الساعة لقيتها قربت على المغرب، إن شاء الله مرات أبويا ومعتز يوصله دلوقتي، يا رب ساعدني!
شد انتباهي بصوته وبحته المميزة ونطق:
«تعرفي يا جنّة، من وقت ما شفتك وأنا أعجبت بيكي وبدماغك، لقيت فيكي شجاعة النسور والعيون اللي تقف في وش الر’صاص ومتهبوش.
لكن ناقصك حاجة واحدة، إنك متسرعة، كشفتي ورقك كله وده غلط، القادة مينفعش ورقهم يبقى مكشوف.
افتكري كلامي كويس»
«حضرتك ورق إيه ومكشوف مين! أنا واحدة مخطوبة، جايين يقتل’وا أبوها في بيته، ومن الخوف ربطوها في حد’يد، يا أستاذ… معرفش اسمك إيه حتى!»
«ههه عجبني ثقتك أوي، عجبني إنك شبهها يا بنت الإيه انتي!»
كرمشت وشي من كلامه المجهول ولسه هنطق بـ «تقصد إيه» لقيته جمد وشه ونطق بجديه:
«عايزة أعمل معاكي صفقة، لأن تخمينك في محله. انتي هتدخلي البيت ده وانتي زوجة لنسور، ومش أي نسر، نسر السلطة والقيادة والحكم لبلد النسّايرة كلها، ابني داود»
«على جث’تي الها’مدة إنه ده يحصل!»
«اتقلي يا صغيرة، هه مش قولتلك متسرعة»
قلبي بدأ ينبض بسرعة لما ضر’ب بعصا’يته من تاني ونطق بصوت خافت وواثق قدام وشي:
«ابني داود اللي مبخلفش!»
جمدت عيوني عليه بصدمه وكتمت أنفاسي، فكمّل من غير ما يسمع ردي:
«مقابل حياة أبوكي وديونه كلها.
ومقابل حياتك برضه اللي هتدمر من النهارده لو مجتيش معايا، وفي ياسمين صح! مش كان اسمها ياسمين باين؟!»
بصتله بكل كره وضيق الدنيا على وشي من تهد’يده الصريح ليا، فضمّ كف فوق كف على العصاية وانحني من جديد واتكلم بنفس النبرة الهادية:
«بس عشان كنتي صريحة وجدعة معايا استجدعتك، وصدقيني، وإلا أني لما أقول كلمة مبرجعش فيها كنت خليتك هنا، بس اعمل إيه، مينفعش أسيبك هنا بعد ما لقيتك وأخيراً.
فكري بعقل وجهزي نفسك وحاجاتك عشان نتحرك على طول تمام؟؟ عزام هو اسمي بالمناسبة»
كان بيتكلم وأنا ساكتة بحرقه بعيوني اللي بدمع لحد ما خرج، ومع خروجه طفالي آخر شمعة وآخر أمل كنت مستنياه بمنتهى الجحو’د والقسو’ة.
« آه، بنسبة لمعتز وضرّية، هما مش هيوصلوا قبل ما نمشي، متحطيش أمل يا صغيرة، وانجزي نفسك بسرعة عشان نمشي آخر الليل، أبوكي ساوم بيكي وأنا بقبل الصفقات المربحة»
خرج مع آخر حروفه اللي بترن في ودني وقفل الباب بحدّه وراه، فخسِرت رابطة جأشي وانهرت في العياط على كل حاجة، علي ضعفي وعجزي وكسر’تي، وقبل ما أصرخ بضعف وقلة حيله دخلت طنط سلسلبيل تتكلم بقلق وتفكّ احصاري:
«انتي كويسة يا هانم؟ أنا آسفة والله، البيه الصغير هو اللي طلب مني أعمل كده»
مسحت دموعي من غير ما أرد عليها، يكفيني كل الصوت اللي في دماغي دلوقتي، يكفيني صوت الوجع والخذ’لان الغرقان فيهم قلبي وعقلي دلوقتي..
«هجيب هدومي وأطلع وراكي، روحي انتي»
حرّكت راسها بإحترام وخرجت، وانا خرجت الشنطة من تحت السرير ونقلت فيها أي حاجة تخصني بسرعة ودموعي على خدي، وبعد ما خلصت خرجت الصالة لقيت أربع عيون رصاصية بيبصولي، وآخر كلمات وصلتلي كانت من الشخص اللي عيونه أقل تجاعيد
“مش هعمل فيها كده يا حج ومش هيحصل هي…”
ولما خرجت سكتوا و طبعا منطقتش بكلمة ومسالتش ولا استغربت الباقي فين، ولقيت عمو عزام بيقول بسعادة وانتصار ماحاولش يخبيهم
«اتفضلي يا صغيرة من هنا »
نزلت السلم وأول ما وصلت لتحت انصدمت
«ينهار أسود !!!»
يتبع…

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *