رواية السيدة الأولى الفصل الأول 1 بقلم سوما العربي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية السيدة الأولى الفصل الأول 1 بقلم سوما العربي
البارت الأول
ظن أنه قد استعبدها وأشتراها بأمواله حتى أمتلكها ليدرك في البعاد أنها هي من أمتلكته.
ماذا عن الخيبه بعد العشم وبعد الحب
+
ماذا عن حب ظنته أعظم إنتصاراتها لتصدم بأنه وهم عاشته وحدها
#السيدة_الأولى١
#سوما_العربي
-عايز البنت الي هناك دي.
-الله…هاشم باشا! طالب بنت!! مش مصدق نفسي
صاح بها أصدقاؤه ، “هاشم ثابت” عجبته فتاة وطلبها بعدما تحايلوا عليه كي يأتي معهم فقط
-انهي واحده؟!
نطق بها أحد الرجال قصيري القامة فرد عليه هاشم:
-أم شعر قصير الي واقفه تتلفت حوالين نفسها دي.
-بس ..دي سعرها هيبقى حراق شويه يا باشا.
رمقه هاشم بنظرة حادة تحذيرية وتدخل أحد الأصدقاء:
-جرى ايه يا أمين انت اتجننت؟! هاشم باشا يتقالوا سعر عالي ولا مش عالي!
-أا…لا مؤاخذة…لا مؤاخذة يا بهوات…أنا أسف يا هاشم باشا طول عمرك راجل فييس وفنجري و…
-شششش…مش عايز قالبة دماغ…روح هات البنت.
تحرك أمين الأمين وتقدم نحو فتاه ذات شعر أسود طويل وجسم رياضي ممشوق يردد:
-جدعه يا بت يا شروق…عجبني شغلك..شكلك هتعمري معايا.
التفت له الفتاه وهي تتشدق بعلقه كبيرة الحجم في فمها ورددت:
-حكم؟! من أمتى؟!
-البت الجديدة الي جبتيها النهاردة عجبت واحد من البشوات وطالبها.
-طيبة؟!
-هي أسمها طيبة؟! مش مهم، المهم روحي أسحبيها…الباشا ده بالذات لا انا ولا التخين في البلد يقدر يرفض له طلب أو يتأخر عليه
ثار فضولها وغيرتها فسألت:
-أميييين؟!! اول مرة يعني أشوفك حاسب حساب لحد!؟
-ماهو مش اي حد ياختي
-ليه مين يكون هو؟
-هاشم ثابت
شهقت شروق بغيرة:
-وطلب بنت؟؟ معقوله ؟ ده أديله كتير ماعملهاش!!!
-ما عشان كده بقولك هتعمري معايا، شغلك الحلو وسحبك لبنات على الفرازة عرفت تجيب رجل هاشم ثابت بجلالة قدره
-طب ما اروح له انا.
قالتها بغيرة شديدة، لازالت تغار حتى بعد تمام الدمار لكن أمين رفض بشكل قاطع:
-لأ طالبها هي بالخصوص وعينه عليها
-اقترح عليه؟! هتخسر ايه يعني؟!
-هخسر ايه؟! هو هاشم ثابت حد بيقترح عليه؟! عايزه تشمعي لي المكان ولا ايه؟؟ يالا انجزي اسحبي البت مش عايزين نتأخر عليه.
تقدمت شروق باتجاه طيبة حيث مازالت تقف عند الباب متيبسة مشدوهة ومأخوذة لا تصدق أين هي وما ان شاهدت صديقتها أو من ظنتها صديقتها حتى همست تلوذ بها:
-شروق أبوس أيدك مشيني من هنا.
-أمشي منين يا حبيبتي أنتي مفكرة دخول الحمام زي خروجه..يالا حلوة في زبون طالبك.
سقط قلب طيبة رعباً، اتسعت عيناها وارتجف جسدها وهي تتمسك بيدي شروق تردد:
-لا والنبي…أستحلفك بالله مشيني من هنا.
صدعت ضحكة رقيعه عن شروق ورددت:
-أستحلفك بالله؟! هنا؟! فوقي يا ماما انتي فين؟!
-انتي ضحكتي عليا قولتي لي هاجي اليخت أخدم على الحفلة الي فيه؟!
-طيب، انا ضحكت عليكي، ودخول الحمام مش زي خروجه، وانتي اتصورتي هنا خلاص يعني ممكن افضحك في الحته او اوصل صورك لأهل أبوكي في البلد، هااا قولتي ايه؟!
-حرام عليكي، حرام عليكي
-يوووه،يووه بت انتي انا مش فاضية لك انتي والنواح بتاعك ده…هو انتي مش كنتي عايزة شغل بفلوس كتير تكفي مصاريفك ومصاريف كلية الطب بتاعتك الي عماله تتعوجي بيها علينا، خلي كلية الطب تنفعك بقااا.
قالتها بضحكة رقيعه نبهت طيبة للفخ الذي نصب لها وهي وقعت فيه فصصرخت
-يااااه، كل ده عشان دخلت كلية طب، عملتي كل ده عشان أتساوى بيكي.
ضحكة رقيعة مجددة لكنها شامته من شروق التي ردت بكبر وهي تتخصر:
-تتساوي بميين؟! فشششششر قطع لسانك، أنا يا حبيبتي بت حره وشريفه وماليش في المشي البطال زيك، انتي حتى مابقاش ينفع تطولي انك تتساوي بيا، انا بشتغل مشرفه في مطعم وبالنهار مش بالليل كمان ولا ليش اي صوره كده ولا كده في اي مكان مش ولا وبد زيك كده يا نور عيني.
تقدم أمين منهم بغضب يردد:
-جرى ايه انتي وهي، الباشا بتاعنا مستني وهو عصبي أساساً مش عايزين نعصبه، يالا اتلحلحوا.
التفت شروق له تردد:
-معاك صورها والفيديو بتاعها هنا وهي وسط الرجالة؟
-معايا.
-ومعاك اسم عيلتها ورقم ابن عمها؟
اتسعت عنيا طيبة بذهول، كيف تحصلا عليه وهي تفسها لا تعرفه:
-جبتوه منين؟!
ضحك أمين وردد:
-انا اعرف القرد مخبي ابنه فين يا عسوله.
تبسمت شروق بشماتة وكملت:
-جدع يا أمين…هات بقا فلوسي.
ناولها أمين مبلغ مالي ضخم، ولك ان تتخيل موقف طيبة وهي تقف ترى ثمن شرفها يُدفع أمامها ولمن؟!!! لمن حاكت لها المؤامرة وهددتها، بل اجهزت عليها وهي تضع المال في حقيبتها تقول لأمين:
-لو عصلجت معاك، انشرلها الفيديو المتين على النت وتبقى توريني الغندورة الي بينضرب بيها المثل هتدخل الحته ازاي ولا مين هيرضا يسكنها في شقه، ومعاك رقم عيلتها دول صعايدة هييجوا يخلصوا عليها ونخلص، هيييح يالا انا لازم امشي دلوقتي يا أمين وارجع البيت انت عارف انا بنت ناس ومحترمة ماينفعش اتأخر برا عن كده…أوريڤوااااار.
قالتها بشماته كبيرة وهي تغادر منتصرة من كل الجهات وسعيدة وأمين من خلفها يصفق بيديه ويردد:
-أحلى من الشرف مافييييش.
التف يواجه طيبة التائهة في مصيبتها وردد مهدداً:
-هااااا …هاتيلا ولا افتح الباقه وأشير؟؟
كانت مرعوبة، تهز رأسها برفض، لكنه سحبها بغضب يردد:
-يالا يا ننوسه انا مش فاضي لك، ولا تحبي نشوف أسمك في كشف مصلحة زينهم بعد ما أهلك الصعايدة يعرفوااا…يالااا علقة تفوت ولا حد يمووووت..يالااااا.
سحبها لعند سيارة هاشم حيث كان ينتظرها مستغرباً لكنه لم يكن يبالي، بل قاد سيارته حيث شقته في أحد البنايات السكنية المفخمة المطلة على النيل.
_____السيدة الأولى_سوماالعربي_________
-هتفضلي تترعشي كده كتير، مش هفضل طول الليل مستني، اخلصي.
-عشان خاطر ربنا سيبني أمشي ربنا يكرمك.
-الله، انا بحب الجو ده، مثلي عليا كمان ، بس مش كتير عشان بزهق بسرعة، هتعمليهم عليا يا روح امك ده انا جايبك بالساعه ومن جرسونيرة.
نطقها بفظاظة من خلف قلبه يوراري ميله للتعاطف مع تلك الجميلة، كيف لها ان تصبح غانية تمتهن تلك المهنة؟! عجيب أمرها .
لم يهتم بكل ذلك، نزع يدها بعنف يقربها منه وهمس:
-بت…هتخلصي في يومك ده ولا ؟! اتصل باللي مشغلينك.
– لا لا خلاص ..حاضر.
تنهد بنفاذ صبر وهي وقفت بحيرة ورعب تتمنى لو تذوب حتى تختفي فأخذت تردد:
-طب هخلص هعمل ايه؟!
رفّع إحدى حاجبيه منهدهش تصرفها، لكن عقله ليس معه بتلك الليلة ولا طول باله فاقترب منها وهو يخلع عنه قميصه يردد:
-ماتعمليش أي حاجة، سبيلي نفسك وبس.
بقت ثابته لا يسعها غير ذلك، اقترب منها وضمها رائحتها كانت دافئة بطعم البيوت، غير مغوية كالغانيات.
ضمها فشعر بدفء تسلل له، كان يشعر بأرتجافها بين أضلعه، مال بشفتيه يقبل عنقها وهو يشعر باللذة وبدأ ينسى مشكلة اليوم التي صنعت فيه كل هذا.
شهقت عالياً كأنها تغرق، اغمض عيناه بضيق وتأفف:
-يوووه، بت، أمشي يالا سديتي نفسي
-بجد والنبي؟؟ امشي
رأى الفرحه بعيناها لذا همس، اه وانا ليا كلام تاني مع الي بعتك.
ارتعبت ملامحها وهي تتذكر حديث شروق وما تهددها به فعادت تقف مردده، لا خلاص هسمع الكلام..حاضر.
لا يعلم كيف صبر عليها وهو معروف بالملل وضيق صدره، أقترب منها ثانيه وقد بات معجب بجمالها، ضمها يقبلها رغم أنه لم يقبل بائعة هوى من قبل لكنه فعل للعجب.
كان صوت تنفسها عالي، كأنها تصارع أمواج وتصارع مصير معتم ومجهول
الأفكار تضرب عقله، أيعقل أن تلك الفتاة بريئة ولا تفقه شيء مما يحدث.
كانت تتفزز بين يديه ، ما ان لمسها شعرت بأنها أنتهت، علامات كتير تلاحقها، موت وديون وفراق .
أغمضت عيناها مستسلمة كلما تذكرت ما جرى معهما بأخر شهرين.
لا تعلم كيف ومتى سحبها للفراش كانت كجثة هامدة مستسلمة للموت،وصوت شروق تخبرها (بابت المحظوظة، طالعه واحدة من دول ومش هتضطري تشتغلي تاني)
أبتعد عنها مصعوق، قربها من أحضانه يمرر يده بحنان على شفتيها وردد بصدمه ممزوجة بحنان سخين:
-أنتي كنتي بنت؟!
لملمت شرشف السرير حول جسدها العاري وأخذت تهز رأسها ببكاء شديد منهارة.
اقترب منها بضياع يسأل نفسه بجنون ماذا فعل هو!!!!
-أهدي ..أهدي…خدي أشربي مايه.
تناولت منه كوب الماء الذي أخذ يتراقص في يدها من شدة إرتجاف أوصالها…شعر بالشفقه عليها ولا يعلم لما لكنها أقترب منها وأخذها بأحضانه وبداخله يصرخ:
-أنا كنت حاسس …كنت حاسس..دي تصرفات بنت اول مره تتلمس وأول مره تتباس..بس ليه؟! ليه بنت بريئة زيها تعمل كده؟! ليه؟
صرخ بأخر كلمه من شدة جنونه بالسؤال فزاد نحيبها، كرر سؤاله بصورة ألح وسألها:
-ليه عملتي كده؟ و أيه وصلك لهنا؟!
أسبلت جفناها وانسابت دموعها وهي تشرد في الماضي منذ ثلاث أشهر فقط
كانت ببيت أمن مؤثث بأثاث راقي تنظم ملابسها الجميلة للخروج نادتها والدتها التي كانت تسير بصعوبه بسبب ضغط الحمل عليها وهي بشهرها السادس.
-طيبة…يالا يابنتي تعالي ساعديني أحط الأكل بابا زمانه جاي.
خرجت طيبة ذات الوجه البيضاوي المنير وعيونها العسليه وكذلك شعرها يتطاير من حولها تردد وقد تأنقت في زي بسيط.
-يا ماما أنا متقفه مع صحابي نخرج النهارده سوا.
-يا حبيبتي أجليها الحمل شادد عليا وابوكي كان هيرجع بكره لكن خلص بسرعه وراجع النهاردة.
زمت طيبة شفتيها غير راضية وهي تردد بتبرم:
-يوووه بقا
-بطلي دلع يا طيبة ويالا تعالي ساعديني، والا هقول لبابا لما يرجع.
-قولي له
قالتها وهي تداعب لها حاجبيها فردت الأم:
-صحيح مانتي عارفه ان مش على الحجر غيرك وهو لا بيزعلك ولا بيعمل حاجة، هتيجي تساعديني ولا والله ادعي عليكي دعوة تتسخطي قرد دلوقتي
-خلاص هاجي.
ساعدتها في رص صنوف الطعام على السفره، كان الحال ميسر والوالد ينفق عليهم من وسع، حلست الام بجوار طيبة تضع يدها على معدتها وهي شاردة تفكر:
-تفتكري أبوكي جايب لنا ايه معاه المرة دي
-أكيد توابل وحنه بيضا انا طالبه كذا علبه لأصحابي أول ماعرفوا انه رايح أسوان شبطوا..
صمتت طيبة لثواني وسألت:
-تفتكري يا ماما ممكن يعدي على جدي والعيلة هناك ولا…
قضبت حديثها عندما لاحظت تلاشي البسمه من على ملامح والدتها وتحولت الى تجهم عالي ثم ردت:
-لا حرم خلاص، هو ياما حاول وهما قافلين الباب في وشه لحد ما يأس وبعدين أبوكي مع الفوج السياحي في أسوان و أهل أبوكي من قنا.
التفت طيبة تسألها متحينة الفرصة ربما جاوبتها:
-هما ليه اهل بابا قالبين عليه يا ماما؟ مافيش عداوة كده ابداً.
أسبلت الأم جفناها بألم وقالا:
-عشاني، عشان اتمسك بيا
-ايوه بس مش للدرجة دي يعني مهما كان، جوازة مش راضيين عنها مش هتخليهم يطردوا ابنهم ويتبروا منه كل السنين دي ومهما يروح يتمنع انه يدخل حتى.
-عشان أهل أبوكي عيله كبيرة ،كبيرة قوي،ماسكة زمام قنا كله، وانا…
صمتت الأم تتنهد بأسى وعجز تكمل:
-حلبية
-أيه؟!! يعني ايه؟!
-يعني من الحلب الي هما الغجر، انتي ماتوعيش على الكلام ده، بس زمان كانوا موجودين والقرب منهم عار، لما كانوا يحلوا على بلد كانوا بيعاملوهم زي الوبا، يسيبوهم على طروف البلد والغجر بردو سمعتهم مش الي هي، كانوا هليبة وحراميه يسرقوا الكحل من العين، بس انا مش ذنبي ان أمي حلبية لكن ابويا كان راجل شريف، أتجوز أمي بعد ما لافت عليه وشغلته، دي كانت البدايه بس بعد ما اتجوزها عقلت وبقت من ايده دي لأيده دي وماتت على سجادة الصلاة، لكن بردك الناس مش بتنسى واهل أبوكي فضلوا فاكرين، يوم ما فاتحهم بس في الموضوع….يااااه، نار بعيد عنك والبيت دب فيه الصوات وجدك حالف بأيمان المسلمين مايحصل…بس أبوكي صمم …و…
قاطع حديثها صوت اتصال فابتسمت باتساع:
-ده ابوكي، تلاقيه بيقولي انه قرب عشان أحمر الفرخه.
فتحت الاتصال بنفس البسمه لكن سرعان ما تلاشت وهي تسمع صوت غير صوت زوجها يخبرها انه قد أنصاب في حادث جسيم .
وصلوا للمشفى ركضاً كل منهما تستند على الأخرى بهلع.
سألت عنه طيبة بقسم الإستعلامات فأخبروها أنه في الطوارئ.
ركضت كل منهما والأم تلهس من شدة الحمل لكنها كانت تركض، وصلا لأحد الغرف حيث خرج الطبيب فسألته طيبة:
-لو سمحت يا دكتور بنسأل عن الحالة اللي جايه من شويه، الأتوبيس السياحي اللي اتقلب.
-اه السواح بخير والسواق بس عنده كدمات كتيره كسر في الحوض.
-طب…و …بابا…المرشد اللي كان معاهم.
سألت بتقطع وقلق فكلام الطبيب لم يكن مبشر وبالفعل صدق حدسها فقد تحولت ملامحه للأسف الشديد وردد:
-لا البقاء لله
انهارت الأم صراخاً وما عادت ترى أمامها بينما طيبة قد ذهب عقلها وتمسكت بتلابيب الطبيب الشاب الذي كان يهم بالرحيل، اخذت تهزي :
-البقاء لله ايه، لا…خده ..خده حطه في الإنعاش ولا…ولا اعمله بجهاز الصدمه ده، اعمل اي حاجه .
-وحدي الله يا انسه، والدك جاي خلصان أصلاً، وحدي الله.
حررت كفيها بصدمة من على قميصه وألتفت ترى والدتها تصرخ منهارة وبعدها صمتت نهائياً وسكن جسدها
ويلها ويلين، والدها جثة بالداخل و والدتها الحامل مغشي عليها بالخارج.
لم تكن تحسن التصرف ولا تعرف أين تذهب وتجيئ، وحيدة مكسورة الظهر وملكومة.
إجراءات الدفن تمت، وقفت تدفنه مع أهل حيها، الأم كانت تحت تأثير المنوم وهي لا تعرف رقماً للتواصل مع أهل والدها كي تدفنه في بلدته بمقاب العائلة، وقفت مع جارهم الحاج شوقي ترتدي الأسود وهي محتارة تردد:
-مانستنى ماما تفوق وتقولي رقم اكلمهم عليها.
-يابنتي إكرام الميت دفنه وابوكي ميت من إمبارح وامك الدكتورة بيقول ضغطها عالي وده خطر على وضعها فمديها منوم طويل المفعول، وانا ماعرفش غير ان أبوكي إسمه مهران الكاشف وعيلته في قنا لكن فين تحديداً ماعرفش.
-ندور على الفيسبوك.
-وده كلام يابنتي؟؟ ده على ماندور ونبعت وحد يردلنا خبر تكون الجته لا مؤاخذة اتحللت .
كرمشت ملامحها، متضايقة من الوصف الحقيقي فكمل الحاج شوقي:
-ما عشان كده بقولك إكرام الميت دفنه، وكلها دفنه ومتر في متر هتفرق ايه في الصعيد عن هنا…كلنا هنطلع منها نقابل وجه كريم، يالا يا بنتي يالا ربنا يكملك بعقلك.
تمت إجراءات الدفن كانت وحيده بطولها، شباب الحي الغرباء هم من حملوا جثمان والدها، كانت تنظر حولها، تبحث عن حضن ترتمي فيه لكنها لم تجد، يومها ذاقت مرار الفراق وكذلك علمت معنى الوحدة وتجرعت مرارتها.
عادت بجسد هزيل تسكن المشفى لجوار والدتها لم تذهب حتى للبيت، يوم جر أسبوع والوضع يزداد سوءاً، المال بدأ ينفد، لجأت لبيع مشغولات والدتها الذهبية التي اشترتها بأيام الرخاء لكنها لم تكن تتعدى الثلاث أساور.
مصاريف وتكاليف لم تكن تعلم عنها شيئ وبين عشية وضحاها باتت هي المسؤولة.
دلفت لعندها جارتهم السيدة محاسن وابنتها طيبة :
-هي عامله ايه دلوقتي يابنتي؟
-زي مانتي شايفه ياطنط؟ مش بتتحسن خالص.
-يعني الدكاتره ماحدش طمنك؟!
-لا دول خايفين يولدوها بدري بسبب الطلق المبكر الي بييجي لها.
-اه كله من الضغط لما بيختل قولي يا منجي….هييح …هنقول ايه، شدة وتزول.
اقتربت شروق منها تضمها من جانبها الايمن وهمست لها:
-مالك في ايه؟
-مش عارفه اقولك ايه بس، الفلوس خلصت والمستشفى طالبه مبلغ تحت الحساب عشان ماما شكلها هتولد بدري وكمان محتاجه فلوس كتير عشان الكلية.
-انا عارفة ايه الي كان مدخلك طب ياختي.
قالتها بمزاح تخفي فيه نقمها الشديد على طيبة التي تتفوق عليها دوماً بكل شيء بداية من جمالها الهادئ والقبول الشديد عندها وصولاً لأخلاقها الممتازة وقد أضحت مضرب مثل على لسان رجال وسيدات الحي في الأدب والأخلاق وجمعت معهم التفوق الدراسي، وباتت كل سيدات الحي يدعين لفتاياتهن ب(يارب أشوفك زي الدكتورة طيبة كده)
وشروق كانت ذات جمال مميز لكن الحقد يأكل منه كل يوم فلم تستثمر فيه على عكس طيبة التي زادها نقاء قلبها نوراً.
أكملت شروق تردد:
-أنا خدتها من قاصرها ودخلت معهد فني صحي.
-يعني لو كنتي جبتي مجموع طب كنتي هتقولي لا يعني يا شروق؟!!
نطقت طيبة وقد فاض بها الكيل، كلما رأتها شروق أنبتها لتصميمها على الإلتحاق بالطب الذي أكل عقلها وبلع كل أموال والدها بسبب كثرة مستلزماته ومصاريفه على كثرة السهر والتحصيل والمذاكرة، هذا ما كانت تقوله شروق لتخفي فيه أسباب حقدها على طيبة التي باتت دكتورة وهي لم تلحق سوى معهد وبأموال أيضاً وليس حكومي.
تغيرت ملامح شروق لثانية وقالت:
-بتعايريني اكمني جبت خمسين في الميه وشيلت مادتين يا طيبة؟!
-يوووه والله ما اقصد بس انتي كل ما تشوفي وشي تضغطي عليا بكلامك وتكرهيني في كليتي يا شروق بذمتك انا تاقصه، انا مش عارفة هدفع مصاريف المستشفى منين ولا إيجار البيت ولو ماما ولدت هعمل ايه، ومحتاجة مصاريف عشان الكليه وبجد الدنيا اسودت في وشي.
ابتسمت شروق وقالت :
-يبقى تشتغلي.
-أشتغل؟!
-أه الشغل مش عيب فيها ايه؟
-ازاي بس؟! أنا لسه مش معايا شهادة
-ومين في بلدك بيشتغل بشهادته يا طيبة يا حبيبتي وبعدين انتي هتشتغلي مؤقت جنب الدراسة عشان تكفي المصاريف بنات كتير بتعمل كده.
-طب هشتغل ايه؟؟
-أسمعي، واحده صاحبتي شغاله ويتر في مطعم كبير قوي على النيل وكانت قالت قدامي انهم طالبين ناس بس انا ما اهتمتش عشان شغاله في مطعم تاني، ايه رأيك أكلمها؟!!
انتظرت شروق رد طيبة بشغف وعلى أحر من الجمر، بينما طيبة تطلع على والدتها الغائبة عن الوعي بحسرة ومرارة كالعلقم بحلقها ثم نظرت لشروق التي تطالعها بطوق تتحين موافقتها لتشعر بمساواة الرؤس أخيراً….وبالفعل تبسمت بتنهيدة حااارة مرتاحه.
مرت ايام وذهب لأول يوم عمل، كان مطعم فخم جدا وساعات العمل ليلية لكنها ارتضت.
بالصباح تظل جوار والدتها وهي تحاول التحصيل والدراسة ، تنام ساعات معدودة كي تستطيع المواصلة.
المرتب كان معقول لو كانت بظروف عاديه لكن وضع والدتها كان غير مستقر وظلت محتجزة في المستشفى.
وذات ليلة هاتفوها وهي بعملها يخبروها ان والدتها أصيبت بتسمم حمل وعليهم إستخراج الجنين حالاً.
انهت عملها وذهبت راكضة، المشاكل تنصب فوق رأسها صباً، بمجرد وصولها تلقت الفاجعة الكبرى التي أكملت عليها ….لم يستطيعوا لحاق والدتها وماتت بالعملية بعدما ولدت فتاة لم تكمل شهور الحمل الطبيعية.
صرخت بأعلى صوتها، بين طرفة حين وانتباهتها تبدل الحال…من بيت ميسور كله امل وحنان لتشرد و وحدة وفقر وضياع.
نفس الموقف ونفس المشهد كانت تعيشه مع اهل الحي أمام المقابر الكل يواسيها ويرحل وهي لثاني مرة تقف وحيدة تبحث عن حضن تلقي نفسها فيه حتى ولو كان حضن بارد.
سقطت أرضاً تحتضن التراب هي تبكي لكنها لم تأخذ حتى وقتها في الحزن والبكاء فقد اتصلوا بها من المشفى يطلبوا أمولاً للصغيرة التي يتوجب وضعها بالحضانة لأشهر مع لبن وحفاظات أطفال وعناية مشددة وعلاج مكثف غالي كونها ولدت مبتصرة.
أيام وهي تعمل كي تتحصل على راتبها وتعود في الليل متأخرة في الوقت الذي أثارت فيه شروق إنتباه سكان الحي لتغير سلوك الفتاة المؤدبة بعدما إنفك زمامها بموت أهلها توشي بين الكلمات انها ربما تكون قد إتجهت لسلك طريق بطّال.
إلى أن واخيراً جاء يوم قبض الرواتب، لم يكن ليكفي، وقفت لجوار شروق تردد:
-أعمل ايه، دول مش هيغطوا تلات أربع فلوس المستشفى ولسه الإيجار ومصاريف مواصلاتي، أعمل ايه بس، أطلب سلفه؟!
-جربي ولو اني عارفه انه مش هينفع، صاحب المطعم بخيل جلدة، وانتي اصلا لسه اول شهر، مش هيوافق.
-طب اعمل ايه؟ اعمل ايه بس؟
-احممم، على فكرة، في حاجة كده كنت عايزة اقولك عليها بس مترددة لا ازعلك .
-ايه هي؟ في مصيبه تاني؟!
-يوووه، ماكنتش عايزه اقولك بس…بصراحة الكلام كتر وزاد والكل بقا يردده مش عارفة ازاي يصدقوا عليكي حاجة زي دي!
-حاجة ايه؟! في ايه يا شروق رعبتيني؟!
-بيقولوا عليكي في الحته انك من بعد موت ابوكي وبعده امك بقيتي ماشيه على حل شعرك وبترجعي في نصاص الليالي وانك ماشية مشي بطال.
اتسعت عينا طيبة بهلع وصرخت:
-ايه؟!! مين قال كده ؟ وازاي؟!
حاولت شروق ان تخفي بسمتها السامة الشامتة ورددت:
-مش عارفه والله كل الي اعرفه انه بالنسبه لهم خلاص مابقتيش الدكتورة طيبة المؤدبة الي بيتضرب بيها المثل وكله شاكك فيكي .
-ايه؟! ليه؟! طب قولي لهم، قولي اي حاجة دافعي عني.
كانت شروق تنظر لها بإستخفاف، فهي تطلب من الجاني الحقيقيّ مساعدتها، مثلت شروق التعاطف ورددت بينما ترقص داخلها:
-قولت يا حبيبتي قولت، بس ماحدش مصدق، ده لدرجة ان…ماتزعليش مني بس ماما مانعه اني اكلمك تاني.
-ايه؟!
-أمممم… والحاج صاحب العمارة اللي ساكنه فيها قالي انبهك ان اخرك معاه النهاردة وانه مش هيدخلك بيته تاني.
صفعة خلف صفعة جعلتها تشعر بالدوار، ضاق خناق الحبل عليها..حبل طوقته شروق صاحبة عمرها حو رقبتها ببراعة.
تقف خلف ظهرها تطهر بسمة الأفاعي ، شعرت انها اللحظة الحاسمة وهي تسمع طيبة تسأل ماذا أفعل، أقتربت منها كي تخبرها بما سيكن بمثابة اخر مسمار بنعشها وهمست:
-حلك الفلوس
-ايه؟!
-ايوه فلوس كويسه تجيب لك شقة تمليك أو حتى أوضة فوق سطوح تسترك انتي واختك الي لسه حتة لحمة حمرا دي ومالهاش غيرك لا حول ليها ولا قوة، لما تبقى الشقه تمليك ماحدش يقدر يقولك منين ولا على فين ولا حد يقدر يطلعك منها.
-وانا اجيب منين بس؟
-زودي ساعات شغلك، اقولك ياستي عشان بس تعرفي اني ببديكي على نفسي، كان في شغلانه بفلوس كويسه قوي بس هي من بعد اتنين بالليل؟
-ايه؟! شغلة ايه دي الي كويسه وبعد اتنين بالليل يا شروق؟
-يخت على النيل بيتعمل فيه كل يوم حفلة للناس العالية، محتاجين بنت تشتغل مع البنات الي هناك تخدم عليهم، والقبض بالدولار غير التيبس،في الليلة ممكن تتحصلي على نص مرتبك بالشهر هنا وانتي وشطارتك ولسانك مع الناس ممكن تاخدي تبس اكتر وبالدولار،تتعبي شويه وترتاحي بعدين، ها بقا يا ستي ايه رأيك؟ أنا كنت شايلاها ليا بس يالا ماتغلاش عليكي عشان ظروفك.
تردد طيبة كثيراً وسألتها:
-والمكان ده تمام يا شروق والناس تمام؟!
-طبعاً بقولك كنت هروح انه، عيب عليكي.
أحتضنتها طيبة تردد يإمتنان شديد جداً:
-شكراً..شكراً يا شروق مش عارفة اقولك ايه والله…أنا لو ليا أخت ماكنتش هتبديني على نفسها زيك كده.
نظرت لها شروق نظرة تمثل الطيبة الشديدة في خباياها ترقص فرحاً بإنهزام غريمتها أخيراً.
عادت من شرودها تنظر على ذلك الذي لازال يجلس لجوارها يحتضها وهي عاريه يلفها في ملائة السرير ينظر عليها نظرة مابين الشفقة والإستنكار.
ولاول مرة تركز عليه وعلى ملامحه ، جذعه كان عاري، عريض وقوي، شعره اسود كثيف وبشرته تميل للسمار، ملامحه رجولية شديدة الهيبة، تستذكر بتشوش صوت أمين البغيض وهو يحسها على التقدم معه ببعض التوتر والخوف مردداً ان هذا الرجل بالخصوص عصبي متقلب المزاج ولا يمكن لأحد التأخر عليه.
اسبلت جفناها تبعد عيناها عنه، يكفي لهنا، لملمت الملائة حول نفسها وحاولت النهوض تردد:
-أنا همشي حالاً.
حاولت الوقوف لكنه صرخت متألمة، أسرع يمد يده يساندها ويحسها على الجلوس من جديد:
-حاسبي.
-وجع رهيب.
أغمض عيناه بضيق شديد وحزن غير مبرر يردد:
-عشان أول مرة ليكي.
سقطت الكلمة عليها كالصاعقة، أكبر حتى من كوكتيل المصائب التي تعرضت لها في الشهر الماضي تباعاً..أول مره…كلمة بسيطة تخفي أوجاع ومصائب…أول مرعوبة مع غير زوجها، ضاع شرفها وباتت بلا شرف، أول مره؟؟ وهل ستصبح مره؟! هل ذهبت في طريق الشمال وانتهى أمر وقصة الدكتورة طيبة؟؟!! ماذا سيفعل معها أمين ؟ هل سيهددها من جديد لتظل تعمل معه؟!!
أغمضت عيناها تتلقى وتستوعب حجم الكوارث، شعر بها هاشم وحاول تهدئتها.
تمطأ بجسده ومد يده يفتح أحد الأدرج بجوار الفراش، أخرج منه حزمه من المال ثم ردد:
-خدي.
اتسعت عيناها…جنجر جديد سدد لها، ستأخذ ثمن الليلة مثل أجدع بائعة هوى.
بكت من جديد و وقفت تتحامل على ألمها تحمل ثيابها وتردد بحرج:
-تسمح لي أستخدم حمامك.
-اتفضلي.
رد بكياسة وما أن أختفت داخل المرحاض حتى ضرب يده في الحائط يردد:
-وانت مالك يا هاشم، انت ناقص؟!
مرت دقائق وقد شعر بتأخرها فتحرك نحو المرحاض ،هل شعر بالقلق عليها؟!!!!
دق الباب وردد:
-يا أن…
قطع حديثه كان سيقول يا أنسه واللقب على يديه لم يعد يناسبها.
شعرر مريب إحتاحه وهي بنفس اللحظه خرجت من المرحاض مرتدية ملابسها وقد استمعت لقطع كلمته فسقطت عليها كالرصاص الحي.
تستعد للمغادرة وهي لا تنظر له لكنه مد لها مبلغ مالي ضخم بورق أخضر وردد:
-خدي دول حقك، ماتعرفيش أنا أتبسط معاكي ازاي.
-ماتقوليش كده.
صرخت فيه بقهر صرخه أرعبته وهو من لم يصرخ في وجهه أحد من قبل لكنه تقبلها منها ولا يعرف لما..بموضع أخر ومع فتاة ليل أخرى كان سيصفعها.
لكن معها ردد بهدوء:
-طيب خلاص، أنا كنت بعبر عن الي عيشته معاكي مش أكتر، خدي فلوسك ده حقك.
نظرت للمال بقهر متذكرة حالة أختها الرضيعه بالمشفى التي تحتاج للبن والأدوية فمدت يدها تأخذ ثمن شرفها بقهر.
تقدمت لتخرج وهو يتابعها لكنه فجأة هتف:
-أستني
وقفت توليه ظهرها لتسمعه يردد بما صدمها حقاً….
يتبع
يُتبع
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية السيدة الأولى)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)