رواية أسير العشق الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نور الهادي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية أسير العشق الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نور الهادي
البارت السابع والثلاثون والأخير
– هيكتب فلوسه لعيل مش ابنه لى
– بتقولى اى
-ده مش كلامي… ده كلام عاصم بنفسه.”
آدم ـ “إزاي يعني! عاصم ذات نفسه كان مرافق زياد… وبيحبه حب مش طبيعي! تيجي دلوقتي تقول مش ابنه؟”
النقيب ـ “ده كان رده يومها… فاكر التهديد اللي جاله بخصوص زياد؟ لما عرفوا مكان مدرسته، وبلغوه إنهم بيراقبوه؟ عاصم رد وقال: معاهمش، لأن الواد مش ابني.”
آدم ـ “عاصم قال كده عشان مايتأ.ذيش… عشان يحميه! مش معنى كلامه إنه مش ابنه.”
هز راسه ـ “أنا كنت فاكر زيك في الأول… بس حصل موقف أثبتلي إن عاصم كان بيقول الحقيقة. الواد كان عيان… ولازمله فحوصات مهمة. أمه ماقدرتش تعملها لأن مناعتها ضعيفة… فلجئوا للأب.”
آدم ـ “وبعدين؟”
النقيب ـ “عاصم ماقدرش يفيدهم… التحاليل كلها أثبتت إن مفيش علاقة بيولوجية بينهم… والموضوع اتقفل على كده.”
آدم سكت بصدمه واستغراب شديد ـ “مستحيل… زياد ابنه! أنا متأكد.”
النقيب برّد ببرود ـ “لو كلامك صح والواد فعلاً ابنه… يبقى عاصم غفلهم أكبر تغفلة. خلاهم يمسكوا هي… ويسيبوا اللي في إيده الفلوس الحقيقي.”
آدم كان صامت، قرب منه النقيب وقال ـ “بتفكر في إيه ها؟”
آدم ـ “تعرف مكانهم؟”
ـ “مَنا لو عارف كنت قولتلك عشان تمسكوهم… بدل منا نفسي مرعوب من اللي بقولهولك… ومش هيسيبوني حي لو عرفوا!”
آدم وقف ومشي النقيب ـ “مش هتخلّيهم يخرّجـــــــــوني!!”
بس آدم خرج من الأوضة من غير ما يرد خرج من القسم كله، ركب عربيته
كان ادم سايق بسرعه والى عرفه فى ناحيه وجوه دماغه كلمة واحدة بتتردد “اقرا الدفتر كله يا آدم… في حقايق تهمك.”
جملة عاصم الى بدأ بيها دفتره عشان عارف إن كرهه ليه مش هيخليه ميكنلش قرأه
العربية وقفت قدام بيته. نزل بسرعة دخل جوه البيت، الأرض ازاز مكسور،عقله على طول رسم صورة أسير وامه وهي لوحدها، غرباء بيكسروا البيت وبيهجموا عليها وهي من غير حماية
طلع شقته دخل الأوضة لقل واقع على الأرض، نفس المكان اللي رماه انحنى وخده قلب في صفحاته”زياد”.
خط عاصم المرهق كأنه بيصرخ من قلب الورق “غلطى ملهوش تكفير… ولا بشوف اللي بعيش فيه كتير على اللي عملته. أنا أستحق العذاب ده… عذاب بحقكم انتو الثلاثة… بحقك… وبحق أسير… وبحق زياد ابني…”
آدم توقف… عينه معلقة في الكلمة الأخيرة ابنه… إنه أبوه بس ليه اتبرى منه عشان فعلا يبعده عن الخطى
✦ فلاش ✦
عاصم كان ماسك قلمه”عارف يا آدم… أكتر وجع هيموتني مش مرضي… الوجع الحقيقي هو زياد.
مكنش ليه ذنب يبقى له أب زَيِّي، مالوش ذنب يشوف اللي شافه.هو بيحبني… وأنا كمان بحبه، بس أنا ضيعت صورتي جواه يوم ما مدّيت إيدي على أمه وهو طفل صغير بيبص عليّ. الدموع اللي شافها في عينيها… عمرها ما هتتمسح من مخيلته… من ساعتها وانا بعدت عن اسير بسببه زي ما كان سبب كبير ف فتره جنونى إنه يهدينى ويبعدنى عنها بحكم انها امه
كنت راجع سكران… وطلبت حقوقي بالقوة… بس اللي اتغير إن زياد كان واقف، ووقتها حسيت نفسي مش راجل، حسيت إني عريان قدامه… ضعيف… خايف من كرهه ليّا.
أنا واثق لما هموت… زياد هيفضل يدعيلي، يمكن ربنا يخفف عني عذاب قبري… عشان قلبه أبيض وأنا دمرته بإيديا…أنا السبب يا آدم… أنا السبب في كل حاجة.
أنا السبب إن أمه كرهته، السبب إنه اتحرم من معنى كلمة (عيلة)، وأنا السبب في إنه اتشوّه جوه…بس ارجوك يا آدم… متقولش لزياد إني كنت وحش… أوعى تخليه يفتكرني كده.خليه يفضل فاكرني أب… حتى لو الصورة ناقصة.
لأن الحقيقة… الحقيقة المرة… أنا عملت الأسوأ، والأسوأ إنه عمره ما هيعرفه… زياد مش ابني… بس هو ابني في قلبي.
أنا اللي سميته زياد عشان أفتكرك إنت… عشان أفتكر أخويا اللي كان نفسه يسمي ابنه كده…سميت ابنه زياد… عشان أعيش بعذابي كل مرة أنادي اسمه افتكرك انت.. انا سميته ومكنتش اعرف انى بسميلك ابنك انت بناء على رغبتك”
آدم حس قلبه بيتقبض عينه بتتسمر على كلمة واحدة… “ابنك”.
كلمة واحدة كسرت جواه ألف احتمال.هو بيقصد إيه؟ عن أي ابن بيتكلم؟هل يقصد زياد ماذا يحاول هذا الحقير ان يفعل هل يتلاعب حتى وهو على فراش الموت؟ ولا بيحاول يرمي سم جديد في حياته يخليه ينهار أكتر؟
“ابنك… ابنك يا آدم…”
الجملة اترددت في دماغه كأنها صدى، كأنه سامع صوت عاصم بيقولهاله بصوته.
فتح الصفحة اللي بعدها بإيده اللي فقدت قوتها، وكأنه خايف يشوف، خايف من الحرف الجاي:
✦ “أنا عارف إني جرحتك يا آدم… وجرحت كل اللي حواليّ… بس في جرح واحد عمرك ما كنت تعرفه.زياد… زياد مش ابني… هو ابنك.أنا خدت ابنك مني، وادّيته لنفسي… سميته زياد زي ما كان نفسك تسميه، وعيشته معايا تحت سقف بيت ملعون… أنا اللي سرقتك يا آدم، سرقتك من نفسك… سرقتك من ابنك.”✦
السطور وقفت قدام آدم زي رصاصه الصدمة كانت أقوى من أي حاجة مر بيها قبل كده.
✦ عاصم “كنت بغيب عن البيت… غرقان في خيباتي وخسايري… كل مرة برجع أعمل كارثة أكبر من اللي قبلها، فكنت أختفي وأبعد… أسيبهم زي ناس مالهمش حد.
وف يوم… جالي اتصال من المستشفى، صوت راجل بيقولي: ابنك حالته خطيرة… تعال فوراً
وقتها اتلخبط… قلت الرقم غلط، بس الراجل رد: حضرتك والد زياد عاصم
ساعتها الدم اتسحب من وشي… وعرفت إنه ابني.
رحت جري، من غير ما أخد نفسي. لقيت أسير هناك… قاعدة على الكرسي،ووشها شاحب، شايلة الهم كله على ملامحها… ومش قادرة حتى تتواصل معايا زى عادتها
الدكتور خرج… وقال– نسبة الدم قليلة في جسمه، محتاج نقل دم بسرعة.
اضايقت جدا وبصيت لاسير بحنق معقول هان عليها تسيب ابنى كده يمو.ت ومتفكرش حتى تتبرعله شوية دم
دكتور: كلمنا حضرتك عشان للأسف الام مش نفس الفصيلة، وكمان صحتها ضعيفة مش هتستحمل ناخد منها.
سكت وكأنه كان متوعد ليها بس ده كله اختفى لما عرف انها حاولت فقال– هنقله أنا! أنا موجود!
الدكتور هز راسه وقال – تمام… نعمل التحاليل دلوقتي.”
طلبت أبدأ في الإجراءات فوراً… وقلتله – طب الفواتير؟
: المدام دفعتها.
بصيت لأسير… صامتة كالعادة… عينين مقتوله، ولا كلمة خرجت منها ساعتها اسنغربت منين؟ جابت الفلوس دي منين؟،فضلت واقف مذهول… بس الأهم عندي كان زياد.
فـ المعمل…الممرضة تاخد العينة منه وتحطها قدام الدكتور.
الممرضة: دكتور… مش نافعة مع الطفل.
عاصم – ازاي مش نافعة! أنا أبوه! لو أسير مش نفس الدم يبقى انا
الدكتور يحاول يهدّيه – بص يا أستاذ عاصم، الموضوع مش بالسهولة دي… أحياناً الجينات بتلعب دور، ممكن يكون في حاجة من ناحية الجدود… وده معناه إن فيه مشكلة أكبر. لازم نلاقي دم مناسب بسرعة.
عاصم – زمرة الدم إيه؟
الدكتور – O موجب.
عاصم سكت وكان سكوته زي المصيبه افتكر مشهد ليه مع ادم وهما بيحللو التحاليل الدوليله للاطمئنان على المواطن وعدم خضوعه لاي ممنوعات والا توقف عن العمل، كان عاصمبيبص على تحاليل اخوه قال “لو كنت بتاع اكمال اجسام كان زمانك بتكسب اكتر من الورشه، قاله ادم”اسكت خلينا نمشي” قاله عاصم” زمرة دمك لى مش زي” قاله ادم” o دى زمرة دمى”
بيفتكر عاصم اليوم ده كأنه حاصل معاه امبارح مش عارف ليه افتكر ادم بس ازاي ابنه يكون نفس زمرة دمه اخوه مش هو والدكتور قال الجدود مش الأخوات
الدكتور- اتمنى تلاقى بسرعه لان الطفل مش هيستحمل
– أنا هجيب من بنك الدم دلوقتي! هعمل أي حاجة… بس زياد يكون كويس.
الدكتور – تمام… بس ما تتأخرش.
ماشي بسرعة يوقفه صوت الدكتور – لحظة يا أستاذ عاصم.
عاصم – في إيه؟
الدكتور – هنا في الملف الطبي، المدام كاتبة عمر الطفل سنتين.
عاصم – أيوة… سنتين.
الدكتور يرفع عينه ليه – يعنى انتو فاكرين كده فعلا مش غلطه
-ف حاجه
– معتقدش سنتين. حسب المؤشرات والتحاليل اللي اتعملت، جسمه بيدل إنه اكبر.
عاصم– اكبر ازاى يعنى؟!
– آه… الفحص الأولي بيقول عمره مش سنتين … بال سنتين وشويه.. بشهر أو شهرين كمان.
عاصم – إيه الكلام ده! زياد مولود في السابع اصلا… عمره من ساعة اتولد محسوب! إنت اكيد غلطان
الدكتور يسكت لحظة، يبصله بنظرة مش مريحة:– شهر سابع؟! الطفل مكتمل نموه بشكل طبيعي جداً… والأرقام واضحة. ده عمره المؤكد الحالي… الدكتور إلى كنت متابع معاه قالك كده
سكا عاصم وقاله- مكنش ف دكتوره متابعين معاه
الدكتور وهو بيكتب ملاحظة – اصلا… تمم بردو لو حضرتك عايز تتأكد، تابع مع دكتور أطفال متخصص هنا في المستشفى… أنا مش عايز أديك معلومة ناقصة
فضل واقف وسط تساؤلات كبيرة، عينه على عينة دمه اللي مش متطابقة لا مع زياد ولا مع أسير.صوت الطبيب بيرن جواه: عمر ابنه غلط، محدش من الأطباء قبل كده قال كده.. او هو اللي كان متجاهل تفاصيل ابنه بسبب أسير ما كانتش بتدي له فرصة يروحوا لدكتور من أول الحملها لعدم اهتمامها وتركيزها على ق.تله، حتى بعد ما خلّفت خرجت من المستشفى ومكنتش عايزه تعرف حاحه عنه ولا كلام الاكباء عن انها مكنتش بتاخد ادويه ف حملها… مكنش يعرف اى حاجه بسببها.. كانت بتقطع أي طريق بينهم وبين الأطباء بلامبالاتها… كأن زياد مش ابنها كأنها بتكرهه بسببه.
اتصرف عاصم في الآخر وجاب الدم بأبهظ تمن.رماه. المال ما بقاش ليه أي قيمة قدام حياة ابنه.كام بيطمن عليه وهو تحت الرعاية.لكن أول حاجة لفتت نظره… أسير.واقفـة زي ما هي. لا بتقترب ولا بتميل ناحيته.خطواتها دايمًا بعيدة.إيدهـا فاضية..لحظه..الخاتم.خاتم آدم.اللي عافر مرّة ورماه، وهي فضلت تضرب وتدور عليه وكأنه بيسلب روحها.إزاي النهاردة مش موجود في إيدها؟
آدم بيفتكر الى قولتله أسير عرف انها صادقه معاه بل لطالما صدقت معه
عاصم” يمكن نتيجة التحليل اللي عملته طلعت أسرع من لما صحى زياد. التحليل اللي عرفت الحقيقة كاملة عن نسب زياد. اتبلغت فى نفس الوقت إن زياد بقا كويس. روحت شوفته التحليل الى كان في إيدي، اللي يثبت إنه مش ابني. في ناحية تانية كنت لتطمن عليه طانى معرفتش حاجه… كنت ببصله بصدمه وهو نايم على إنه ابنك انت
ما شكّكتش في أسير ولا للحظة، لأني عارف إن أنا الوسخ مش هي. حطيت احتمال اكبر… يكون ابنك انت. رغم إني عارف إنك عقيم. فما سكتش. روحت شقتك لقيت التحاليل اللي تثبت إنك عقيم. ومن هنا… روحت على المستشفى يفسرولي التحاليل دي. إيه؟ إزاي شخص عقيم قادر يخلف؟
الدكتور ساعتها فاجئني قال “التجالليل قديمه
عاصم- عارف بس بعدها بشهور الشخص ده خلف”
– عادى يخلف دى ارادة ربنا هو حرام
-عاؤز التفسير العلنى يا ككتور الى انتو بنفسروه، مكتوب عقيم
– التحاليل تقول انه مش عقيم.. ده عقم مؤقت.”
عاصم: يعني إيه عقم مؤقت؟
الدكتور: “يعني… ليك أمل تخلف. مش عقم أبدي”
آدم كان بيقرأ والسطور كأنها بتتخنق جواه، كل كلمة بتخترق صدره. الصدمة اللي عاشها عاصم بيعيشها هو كمان،
عاصم ” لو كنت اهتميت يا آدم… كنت عرفت. لو مكنتش خوفت من الزعل والخذلان وصدّقت إنك عقيم للأبد عشان خايف تتجرح أكتر لو مكنتش وقفت وتابعت كان زمانك اكتشفت حقيقتك. لو فتّشت، لو دورت… كنت وصلت بدل الحزن الى عايش فيه وفاكر نفسك معيوب وكتمت جواك وانقبلت ونسيت
ولو شاكك في كلامي، روح حلل. بس متقرّبش من زياد… سيبه، متحطوش في اختبار يكسّر قلبه.. اختبار لو ادركه لما يكبر مش هيستحمل يعرف إن أبوه متشكك فيه. سيبه يا آدم… لو مش فارق معاك أو مش مصدقني، سيبه.. سيبه باسمى انا وكنيته موجوده وانا متخيلتش عنه.. ده ارحم ليه
بس أنا بكتب وأنا بموت… وبعترف بذنب ماليش طاقة بيه. أقل حاجة أسيبها ورايا، إني أقولك الحقيقة. أنا مش هكسب حاجة بالكذب، غير إن عذابي يزيد أكتر تحت التراب.
إيد آدم كانت بتقبض على الدفتر بعنف، عروقه بارزة
” يومها عاصم دخل البيت، ماستناش دقيقة. رجليه أخدته على أوضة زياد كأنه بيجري. فتح الباب بهدوء، لقى ابنه نايم… أو معدتش ابنه. دمعت عينه
خطواته كانت مترددة، وإيده المرتعشة مدت تتشال الولد. شاله بحرص غريب على واحد زيه، وبص في وشه. ملامح بريئة قصاد وجهه هو… وجه اتكسر من قسوته اتبخرت، وفضل واقف مهزوم قدام حقيقة ملامح بتفتّت جواه.شايف ابن اخوه؟ ولا شايف ذنبه؟ ولا شايف أخوه؟
الأجوبة كلها كانت في وش صغير نايم، ودموع نزلت من عين عاصم من غير ما يقاوم.، مرر إيده على الملامح الصغيرة، وافتكر آدم اخوه زمان وهما عيال. كأنه بيرجع له بعد غياب، كأن الروح اللي بين إيديه دي مش ابنه… دي ابن أخوه. الحقيقة خبطته بس في نفس اللحظة حضنه. حضن جامد، حضن غرقان ندم، حضن مليان خوف وحب مش عارف يوصله.
كان بيحضن أخوه من خلال ابنه. مش قادر يرجع الزمن، بس قادر يواجه وجع بيعاقبه كل يوم. في حضنه حس نفسه صغير، ضعيف، ذليل قدام غلطة عمره.
كتب عاصم بقلمه المنهالي بطلماته الواجعخ
“عارف إنك كل ما تكمل قراية هتتضايق منى أكتر، يمكن تلعن اليوم اللي شوفتنى فيه. عارف إن اللي عملته فيك أكبر من الغلط، أكبر من أي ذنب، أنا حرمتك من مراتك… ومن ابنك. أنا السبب في كل ده، وأنا اللي خليت حياتك كلها وجع.
بس والله لما عرفت إن زياد ابنك، حسّيت لأول مرة إن عندي فرصة… فرصة أكلمك. يمكن أرجعلك حتى لو بكلمة. صحيت من غيبوبة وأنا كله هم إني أوصل لك. ما اهتمتش لو شوفتني تانى وتنفذ وعدك وقتلتني، ولا حتى لو ده كان آخر يوم ليا، كنت شايف إن أقل حاجة أعملها إني أوصلك بالحقيقة، يمكن أكون كفّرت عن ذنب مش بيتكفّر.
جربت أوصل لك. كلمت فؤاد برغم انى قاطع تواصل معاه بس لما رجعت لنفسي روحتله اول حد…سالته لو عندك وسيلة، رقم، عنوان، أي حاجة توصلنى ليك بس هو كان بيرد ببرود مع فس لو بيطردنى وبيردلى الى عملته.. عرفته ان الموضوع مهم بس قاللي انك من ساعة ما سافرت ما يعرفش عنك حاجة. حسّيت إنه بيخبّي، بيتعامل معايا كأني خيانة، ماقدرتش ألومه وعرفت انه معهوش حاطه تفيدني ومشيت
آدم عقله يرجع صوت فؤاد… “عاصم جالي وطلب مني رقمك… كان باين عليه في حاجة تقيلة عايز يقولها. بس أنا ما فدتوش بحاجة. ما اديتوش رقمك ولا أي وسيلة معانه كان غريب عن اخر مره شوفته فيها لما طردنى من بيته”
عاصم”استخدمت كل اللي أعرفه، كل علاقاتى، أي حد كان ممكن يوصّلني ليك. فضلت ألف وأدوّر، أمد إيدي لأي باب يخليني أتواصل معاك.
لحد ما أخيرًا جبت رقمك… في نفس اليوم اللي حصلتلي فيه الحادثة. في اليوم اللي اتكشفلي فيه مرضي، واتفتح باب عذابي. ساعتها حسّيت إن ربنا بيقول لي خلاص… مفيش وقت، كل حاجة انتهت.
بس أنا ما وقفتش… كملت. فضلت أحاول، أدوّر، أرجّعك بأي طريقة. يا آدم، كنت عايز أجمعك بعيلتك قبل ما أموت. بس الوصول ليك كان أصعب من قوتي… أصعب من حالي وأنا ضعيف، وأنا عاجز، وأنا محطوط في أشد عذاب. وفي كل مرة، صورتك هي اللي كانت قدامي… صورتك وأنا بتألم”
“طلبت السماح من أسير… لكنها رفضت. ومعاها حق، أنا ما استحقش السماح.
برغم إنها سابتني لما قلتلها تقتلني… وبرغم إنها ما سلّمتنيش لما قلتلها إني هسلّم نفسي وأعترف بكل جرايمي فيها، وأخلّي القانون يجيب لها حقها.القانون اللي طول عمري ماسكه ضدها… وأقولها إنه مش هينفعها أي بلاغ، عشان في الآخر أخرج منه فورا.قولتلها تاخد حقها… لكن لأول مرة حسيت إن زياد هو اللي شفعلي عندها. رفضت مش عشاني… رفضت عشان زياد وأنا عارف ده، لكن يشهد ربنا… إن حُبي لزياد مكنش لهدف.
أنا حبيته…حبيته كإبني،وحبيته كذنب…وحبيته كآدم، أخويا اللي حرمت نفسي منه.”
بتدمع أعين آدم… إيده بترتعش وهو بيقلب الصفحة، يقرا سطور عاصم:
“كنت هقول لأسير وأعرفها بحقيقة زياد… عشان تعرفك لو ف يوم اتقابلتوا.
بس مكنتش عارف اليوم ده هييجي إمتى، فمقدرتش أخلّيها تكرهني فوق الكره كره أكتر إني حرمتها من جوزها وحبيبها وابنها… ودمرت عيلة بحالها.
يمكن تسميه الخوف… ولما لقيتني عاجز عن الوصول ليك ومش قادر أبلغ أسير ولا أمي… اضطريت أكتب.اضطريت أبوح… وأرمي كل اللي أنا عارفه.
كل الحقايق اللي المفروض تعرفها إنت الحقايق اللي برميها عليك وأنا ميت بتحلّل. أسير بريئة مني… أسير بريئة من أو.ساخي.أسير حبتك وفضلت مخلصة ليك عمرها كله، سواء بقلبها أو جسمها. أسير ملهاش ذنب يا آدم…لا زياد ليه ذنب ولا أسير.
خُد ابنك يا آدم… وخُد مراتك اللي عمرها ماهتكون لغيرك…سامحني… سامحني يا أخويا.”
بتسقط دمعة من عين آدم وهو بيقرأ آخر كلمات… إيده بتتقفل على الدفتر بقوة، زي ما يكون بيقفل عليه مقبرته بإيد متصلبة. وهو يهمس بصوت مبحوح”أنا… ليا ابن.زياد… يكون ابني.أنا… قادر أكون أب.أنا مش مريض… أنا بخلف.”
عقله بيرجع لسنين ورا، لكل لحظة تعذّب فيها، لكل مرة حس إنه معيوب…
بيسوق وكلام عاصم بيرن في ودنه… بيسوق وهو مش شايف الطريق، العربيات تزمر حواليه، الناس تصرخ، لكنه ما يسمعش…
بيتخطى الإشارات، بيعدّي كل حد، السرعة بتزيد أكتر وأكتر.كأنه هارب من نفسه… أو يمكن رايح لنفسه لأول مرة.
في المستشفى…زياد قاعد على الكرسي الصغير وفؤاد جنبه قال “متخافش… مفيش حاجة هتحصل.”
زياد “أنا مش بخاف… أنا خايف على ماما.”
الكلمة تسكت فؤاد… بص زياد لف فؤاد ولقى ادم قال”عملت اى”
لكن آدم عينه معلّقة بشخص واحد.زياد. اللي نزل من على الكرسي باندفاع نظرة آدم كانت نظرة مليانة دموع محبوسة
“ماما… لقيت ماما.”
يقع ادم على ركبتيه قدامه، كأنه اتهزم على ايد الطفل ده بل ابنه، بيبصله يمسح على وش زياد بإيده.زياد يبص له آدم… دمعة تسقط من عينه “إنت… زياد اللي خططتله زمان.
الغصة محشورة في حلقه، غصة أكبر من أي كلمة.الحرمان اللي عايش فيه كله اتجمع في اللحظة دي… قدامه طفل هو ابنه.ابنه من أسير… ابنه اللي اتحرم منه وهو في بطنها، ابنه اللي ما شافش أول ضحكة له ولا أول خطوة.ابنه اللي ما لوش ذكرى واحدة معاه… ما فيش كف صغير مسك إيده وقاله “بابا”.دموعه نزلت غصب عنه، قلبه بيتقطع كأن سكاكين بتغرز فيه.
سنين طويلة ضاعت، سنين عاشها بعيد عنه، سنين كان فيها جاهل بالحقيقة..حتى لما رجع، فضل جاهل.
سأل نفسه بصوت مكتوم جواه هل ده عقاب يا رب؟ هل إنت عاقبتني في ابني؟ولا ده جبر منك… جبر إن عندي ابن، جبر إني مش عقيم، جبر إني قادر أخلف.العقاب قاسي… والفرج ضبابي… مش قادر يحدد بييجي منين.
زياد، اللي كان لسه عينه معلقة بدموعه، قال بصوت طفولي
“ماما كويسة.”
رفع آدم عينه لزياد، قلبه بيرتعش وهو يرد عليه بصوت مبحوح لكنه واثق:
“هتكون كويسة… متخافش.”
قرب منه أكتر، إيده لسه مرتعشة، ونزلت الكلمة اللي كانت مدفونة جواه من سنين قال
– “بس ناديني… بابا.”
زياد وقف ينظر له بعيون متسائلة من اللي آدم بيقوله، لقى نفسه فجأة بين إيدين آدم اللي مسكه من رقبته برفق، قربه منه، عينه في عينه، وقال بصوت مبحوح متكسر:
“أنا أحق بالكلمة دي منه… ناديني بابا، مرة واحدة بس.”
شدّه آدم لحضنه بقوة، كأنه بيحاول يطويه بين ضلوعه، يشق صدره ويخبيه جواه… صوته نازل واهن وهو يهمس:
“أنا أبوك… عارف إنك بتكرهني، بس هنعمل صفقة. هساعدك، وأنت في المقابل… تناديني بس بابا، مرة واحدة. مش عايز منك حاجة تانية…”
وقبل ما يكمل كلمته، قطع زياد صمته وقالها بخفة وبساطة، لكنها قصفت قلب آدم:
“بابا.”
اتجمد آدم في مكانه، صمت كامل استولى عليه، كأن الدنيا كلها اختفت وهو بيسمع الكلمة اللي حُرم منها سنين. نبضات قلبه تسارعت بشكل مؤلم لكنه مفرح، عينيه دمعت أكتر وهو بيحضن زياد، الى رفع زراعيه وحضنه وآدم مصدقش إنه تقبله هل يفعل هذا من أجل أسير، زياد قال
“كنت مستنيك.”
آدم استغرب الكلمة، استغرب إزاي طفل صغير ممكن يقول جملة تقيلة كده…لكن الحضن ده مسح استغرابه كله. حضن مليان صدق، مليان دفء مايعرفهوش غير أب وابنه.، تنهد تنهيده عميقه قال
– يااارب….ياررررب كفايه
في اللحظة دي، لو كان لسه عنده أي شك في كلام عاصم، الحضن ده مسحها كلها… المشاعر اللي غمرته كانت أكبر من أي دليل، كأن حضن زياد بيأكدلهاللي حاضنك دلوقتي مش غريب… ده حتة منك
كان فؤاد واقف بعيد، عينه بتدمع وهو بيبص لصاحبه. عارف قد إيه آدم اتجرح قد إيه عانى ف حياته كلها، محروم من أبسط إحساس… وكان بيتمنى له لحظة زي دي من زمان، لحظة ياخد فيها نفس راحة حقيقي.
آدم مسك وش زياد بإيديه المرتعشتين، بعده شوية عن حضنه وهو بيبصله ف عينه قال
– “كنت قصدك إيه إنك استنيتني؟”
زياد – من بابا
آدم استغرب ومفهمش قصده
—–
على فراش الموت، كان عاصم بيحتضر. ما حدش بيدخل له غير المحامي اللي واقف عند راسه بأوراق الملكية. بص له وقال:– “أنا عملت كل اللي قولتلي عليه.”
عاصم رد بصوت متقطع، ضعيف:– “لما أموت… متقولش لأسير حاجة عن الفلوس. هي مش هتقبل مني جنيه… خليها لزياد، يمكن يوم يحتاج، يمكن يحميه ظرف وهو لوحده.”
المحامي– “ووالدتك؟”
عاصم هز راسه وهو بيكتم أنفاسه الأخيرة:– “رفضت تاخد مني حاجة… بس كتبتلها البيت هي وأسير. مع إني عارف إنها هترجع في الآخر بيتها القديم.”
المحامي قرب من عاصم وهو على السرير وقال له بهدوء:
– “تحب أوصي بحاجة لحد؟”
عاصم اتنفس بصعوبة، صوته مبحوح:– “زياد… فين زياد؟”
المحامي : “شفته بره في الجنينة وأنا داخل.”
عاصم غمض عينه لحظة وقال: “هاته… عايز أقوله حاجة.”
المحامي اتردد: “زياد؟ ولا…”
قاطعُه عاصم بإصرار ضعيف: “زياد… ده اللي ينفع أودعه.”
المحامي خرج وطلب من عبير تخلي زياد يدخل، وقال له “أستاذ عاصم عايز يشوفه.”
دخل زياد بخطوات صغيرة، ولما شاف أبوه مرمي على السرير جري ناحيته، قعد جنبه وكأنه كان محروم منه بقاله وقت طويل. عاصم مد إيده المرتعشة، مسك إيد زياد وضغط عليها، وبص للمحامي اللي خرج وسابهم وقفل الباب.
عاصم ما استحملش، سحب ابنه لحضنه وقال بصوت متقطع:
– “انت كمان وحشتني… عارف إن بعدك مش بحبه بس مضطر.”
زياد رفع الكورة الصغيرة اللي كان ماسكها وقال ببراءة:
– “هنلعب إمتى؟”
ضحكة حزينة كسرت ملامح عاصم وهو بيبص للكورة اللي علمهاله وقاله عايزك تبقى شاطر فيها… زي أبوك
زياد بحماس: “بلعب حلو… المس قالتلي كده.”
عاصم “عارف… عارف إن مفيش حاجة صعبة عليك.”
زياد بصله بعيون صافية وقال – “بابا… هو إنت هتموت؟”
بصله عاصم من كلام زياد وصمت، صمته كان زي صمت الموت، جسمه باين عليه الهلاك، ملامحه شبه المومياء من المرض، كأنه متعذب عذاب لا يقدر عليه إنسان،قال
– “زياد… في حاجة لازم تعرفها.”
زياد حاول يقاطعه ببراءة: “بابا ا…”
عاصم: “اسمعني يا زياد… متقاطعنيش.”
بص زياد لأبوه بعينه المندهشة، لقى عاصم بيبصله بعين هالكة مليانة رجاء وقال – “لو حد قالك إنه أبوك… صدّقه.”
الكلمات وقعت على زياد زي الصاعقة، فضل ساكت مش فاهم، لكن أثرها دخل قلبه من غير ما يعرف معناها.مسك عاصم إيد ابنه بقوة أكبر وقال بتأكيد:
– “لو جه وقالك إنك ابنه… مش بيكدب عليك يا زياد. هو بيقولك الحقيقة… فصدّقه فوراً.”
زياد بصله بعين مرتبكة وقال: “بتقول إيه يا بابا… إنت…”
قاطعه عاصم بسرعة وكأنه خايف الوقت يخلص قبل ما يوصل رسالته بيحفظهاله
– “فهمتني يا زياد؟ لو جه وقالك إنه ابوك… صدّقه.”
مسح ع راسه بحنان أبوي أخير وهو بيهمس – “بس… متنسيش… أنا بحبك… إنت ابني أنا برضه.”
——-
رجع زياد بذاكرته لآخر مقابلة مع عاصم… آخر مرة شاف أبوه فيها وهو بيحتضر. وقتها ما طلبش يشوف حد غيره
آدم طان ساكت بس فهم دلوقتي ليه زياد اتقبل الامر، الكلمة اللي قالها عاصم “لو حد قالك إنه أبوك… صدّقه” فضلت محفورة جواه، واللي مهّدتله النهاردة إنه يفتح قلبه لآدم، ويصدق، وما يجرحوش بالرفض أو الشك.
لولا كلام عاصم في اللحظة دي، كان ممكن زياد يفضل مش مقتنع حتى لو الدنيا كلها أكدتله إن آدم أبوه.
قاله فؤاد- وصلت لحاجه
ادم– “ملقيناش جديد… بس هرفت هما مين. بس لسه مش عارفين مكانهم.”
زياد شدد سؤاله – “ماما… ماما فين؟”
مد آدم إيده وربت على راسه برفق، رجّعه لحضنه وهو بيقول بصوت متماسك رغم رعشة قلبه – “والدتك هترجع يا زياد… أوعدك إنها هترجع سليمة. ثق فيا.”
صمت زياد، ما كررش سؤاله. كان كلام آدم كفاية… وجوده نفسه كفاية. لأول مرة ما حسش باليُتم ولا بالوحدة
خرجت الممرضة من الاوضه قالت:– “المريضة… فاقت.
بصولها وقف ادم وهي قالت – “مين فيكم ابنها؟”
بخطوات سريعة، اتحرك آدم مدت الممرضة إيدها توقفه:
– “استنى حضرتك—”
ادم-ابعدى لازم اكلمها
دخل وهي بصاله قال فؤاد– ده ابنها. هو بس في ظرف صعب.”
دخل ادم وشاف امه عينيها بتلمع كأنها مستنيـاه.اتحرك بسرعة ناحيتها “إيه اللي حصل؟! إيه اللي عمل فيكي كده؟!”
نظرت له بعينين غارقة في الألم، ما ردتش، قال– “أسير… فين أسير؟!”
لكنها فضلت صامتة، ما نطقتش بحرف. قال ادم – “ليه ما بتتكلمش؟!”
قالت الممرضة – “البنج… شال لسانها مؤقت. لسه مش قادرة تنطق.”
رجع آدم يبصلها قرب وشه لوشها وقال – “هما اللي عملوا فيكي كده؟”
اغمضت جفنها إغماضة خفيفة… بمعنى “أيوه”.شاف شفايفها وهي بتتحرك بصعوبة، صوت مبحوح واهن بيحاول يخرج انحنى أكتر، عشان يحاول يلقط أي كلمة.
قالت بصعوبه – “واااحد….”
استغرب قالت بصعوبة وهي بتقطع الكلام – “أر…بعة… ستة…”
كملت بصوت مشوش– “ع… ت…”
همست آخر حرف اخيرا– “م…”
ونظرت له نظرة كلها خوف، عينيها بتترجاه يفهم،قربت الممرضة بسرعة وقالت:
– “كفاية… حالتها ما تستحملش!”
وحاولت تبعد آدم عن السرير.بص لأمه نظرة أخيرة وخرج من الأوضة.فؤاد شافه قال– “عرفت تتكلم معاها؟”
آدم – “بتواجه صعوبة… بس قالت أرقام وحروف.”
– “إيه هما؟”
رد آدم ببطء كأنه بيكررهم لنفسه – “١…٤…٦… ع…ت…م…”
وقف لحظة، كررها بصوت أوطى سكت تمامًا.نظره اتغير فجأة، كأنه فهم أو على الأقل حس إن الموضوع خطير.سأله فؤاد – “عرفت حاجه؟
آدم رفع عينه له بسرعة وقال بصرامة– “خليك مع زياد… زياد تحطه في عينك يا فؤاد. متسيبوش لحظة لحد ما أرجع بأسير.”
آدم لمح زياد بيبصله رجع خطوتين احتضنه تاني بقوة، وكأنه مش قادر يسيبه.بيبوس راسه بحنان – “إسمع كلام فؤاد… متعملش أي حاجة تخليك تتأذى. إنت ذكي يا زياد، عشان كده بأكد عليك.”
زياد – “هستناك… أنت وماما.”
بصله في عينه قال– “مش هرجع غير بيها. أوعدك… إننا هنرجع.”
ضمّه مرة أخيرة، وربت على راسه كأنه بيحفر صورته جواه، وبعدها خرج مسرع.ركب عربيته، داس بنزين بقوة، والشارع كله صار مجرد خطوط بتهرب من تحت عينيه.مسك الموبايل ورن على وليد. قال-انت فيت
وليد بصوت مرهق– “إيه يا آدم؟ لسا مروح، مناوبتي خلصت.”
قال آدم “مين ماسك القضية دلوقتي؟”
وليد شد حيله وقعد على السرير – “عرفت حاجة؟”
آدم قال – “أسير… مخطوفة.”
وليد “عارف من الزفت الى كنت قاعد معاه بسالك عرفت حاجه جديده:
– رقم العربية اللي خدوها فيها.”
وليد – “إيه هو؟”
آدم – “١٤٦… ع ت م.”
وليد شد نفسه، صوته بقا حاد – “متأكد من الرقم؟”
آدم زعق – “آه يا وليد! متأكد… دلوقتي هتعرفلي العربية دي ماشية فين، عدّت منين، آخر شارع وصلتله كان فين. يا إنت… يا أنا هتصرف بمعرفتي.”
وليد حط إيده على وشه كأنه بيصحصح نفسه – “قابلني عند قسم المخابرات الوطنية فورًا… متتأخرش، دي خيوط متسربش منك ثانية واحدة.”
وصل آدم، فرامل عربيته احتكت قدام مبنى عملاق يلمع بأضواء الأمن.وليد واقف مستنيه،قال– “آدم! ادخل بسرعة… رئيسي مستنيك.”
آدم – “رئيسك هيساعدنا في إيه؟ إنت لقيت مكان العربية؟”
وليد – “حاليًا بيتتبعوها… وشافوها من خلال الكاميرات الأمنية. فعلاً العربية بالرقم ده عدّت من شارع عام… ورا بيتك.”
آدم – “راحوا فين… كمل.”
وليد – “لسه بيراجعوا الكاميرات الدولية في الشوارع المجاورة. العربية وقفت عند نقطة معينة… واحنا بنحددها دلوقتي.”
آدم – “أنا هروح… إنت بس عرفني أمشي منين.”
وليد مسكه من دراعه بقوة– “تروح فين يا آدم؟ استنى! دول وساخة… وممكن يخلصوا عليها في ثانية!”
آدم شد إيده بعنف – “مش هقعد هنا وهي هناك!”
وليد – “ولو حصلك حاجة وانت رايح لوحدك؟!”
آدم – “ولو اتأخرت عليها في الساعة دي وحصلها حاجة… مش هسامح نفسي! ولا هعدي من البلد دي إلا وحقها معايا!”
الصمت نزل بينهم لحظة. وليد شاف في عينه الإصرار مسكه ممنعهوش قال
– “خد ده معاك.”
استغرب لما لقى وليد بيحطله سماعة صغيرة جوه ودنه.وليد– “دي وسيلة اتصال مؤمنة… أأمن من التليفون. هنفضل متابعينك لحظة بلحظة.”
آدم سكت وداس على البنزين… والعربية اختفت في الظلام كالرصاصة.
وليد رفع جهازه اللاسلكي– “تمام… إبدأوا البث بالكاميرا وتواصلوا مع آدم فورًا.”
جرى ناحيـة المبنى، فتح الأبواب الإلكترونية بالبصمة وهو يلهث.القاعة من جوه ضخمة، مليانة أجهزة حديثة، شاشات عملاقة بتعرض خرائط وشوارع متشابكة، ورجال ببدلات رسمية قاعدين مركزين قدام أجهزة المراقبة.
رئيس وليد، راجل صارم بخطوط بارزة في وشه، قال– “فينه؟”
وليد – “مشي.”
– “إزاي تسيبه يروح لوحده؟ لو حصله أي حاجة… هنغرق في مشاكل أكبر منك وأكبر مني!”
وليد – “آدم محدش هيقدر يوقفه. أذيته أهون بكتير من أذية بنت خالته المخطوفة.”
– “الاتنين دول لازم يقعو في إيدينا… ده كفاية يخلي البلد تتحرق. إحنا مش بنتعامل مع مجرمين عاديين، دول… مننا يعنى هنتاذى.”
وليد – “مفيش وقت. آدم بيتواصل معانا دلوقتي.”
بص الرئيس ناحية فريقه، عمل إشارة قصيرة بإيده. الموظفين اتحركوا بسرعة، كل واحد في مكانه
موظفه – “البث شغال، تم ربط الاتصال. استاذ آدم، حضرتك سامعني؟
في نفس اللحظة، على الشاشة الكبيرة ظهر مؤشر أحمر بيتحرك على خريطة رقمية. خط سير العربية بيترسم لحظة بلحظة.
آدم – “سامع… قولولي أنا رايح على فين.”
طاخ سايق بسرعه، الموظفه– “حددنا مكانهم… بس إنت ماشي غلط، أوقف حالًا!”
آدم ضغط فرامل بشدة، الموظفة واقفة قدام شاشة ضخمة مليانة نقاط وألوان وخطوط متداخلة، قالت– “لف يمينك.”
آدم لَف الدركسيون فجأة والعربية انطلقت.صوتها تاني:– “كمل… كمل مستقيم.”
وفجأة صورة على الشاشة اتغيرت. الموظفة قالت بسرعة:– “تم التقاط صورة للعربية دي قبل يومين الساعة 7 ونص من سوبر ماركت… دلوقتي، امشي شمال.”
آدم لَف شمال من غير ما يبطّأ.وليد واقف ووشه مشدود:– “بس في عمارة قدام!”
آدم مش بيفكر… ضغط بنزين أكتر.العربية اندفعت لجوة حارة ضيقة ما بين العمارات، مواسير وأفرع بارزة على الجدران، لو مشي أي خطوة غلط العربية هتتكسر.
الموظفة بصوت متسارع:– “يمين… شمال… كمل بسرعة… الشارع الجاي يسار.”
آدم بينفذ حرفيًا كأنه جندي تحت أوامر عسكرية، الموظفة – “أقف.”
آدم ضرب فرامل – “إيه في إيه؟”
الموظفة – “الشارع اللي قدامك… مفيهوش كاميرات. انقطعت الصور هنا.”
آدم – “شوفي أقرب شارع عدو فيه قريب منى
الموظفة بصت لرئيسها، أومأ لها تنفذ،القاعة كلها اتوترت، كل الموظفين على شاشاتهم. واحد رفع إيده– “لقيتهم!”
الرئيس:– “اعرض الصورة.”
الصورة اتفتحت على الشاشة العملاقة.الموظفة – “تم التقاط صورة لرقم العربية على بعد شارعين منك… امشي يمين مع أول شمال وخد المنعطف وكمل.”
آدم مشي فورا ،الموظفة:– “دي آخر صورة اتاخدت… الساعة 12 ونص.”
آدم – “دوري كويس!”
– “المنطقة دي… صحرا، مفيهاش سكان، ومفيش كاميرات أمنية.”
وليد – “اهدى يا آدم، أكيد هنلاقي حل.”
آدم غمض عينه ثواني قال– “هاتولي كل العناوين هنا… أي مكان ممكن يخبوها فيه.”
وليد نظر لرئيسه، الرئيس أومأ ابتدى الفريق يعرض خرائط جوية على الشاشة.الموظفة – “المنطقة دي فيها أربع مصانع مهجورة… وشركة حديثة بدون تراخيص.”
وليد شاور – “المكان ده إيه؟ وليه ماقولتوش قبل كده؟”
الموظفة – “ده مصنع حديد قديم… اتحرق سنة 2020، واتساب مهجور.”
آدم – “العنوان… من مكانى الحالي.”
الموظفة – “مستحيل يكونوا هناك، المكان غير مؤهل أصلاً… مجرد عمدان حديد ومبنى محروق.”
آدم– “قولي العنوان، هدور في كل مكان… لو مش هناك، أكمل.”
الموظفة
– “المصنع… على بعد 754 متر من موقعك.”
وصلت رسالة على موبايل آدم، فتحها… لوكيشن محدد قبض إيده على الدركسيون وضغط بنزين بعنف.وييدعى تكون أسير بخير
وصل قدام المصنع.صوت وليد في السماعة– “قف هنا… لو دخلوا حسوا بيك هيموتوك قبل ما نوصل.”
آدم نزل من العربية، خطواته سريعة مش مهتم، وليد – “آدم، متتحركش! استنى الدعم، المكان خطر!”
آدم وهو بيخلع الجهاز من ودنه – “قولتلك… حياتها أهم من حياتي.”
وليد:
– “آآآدممم!! استنى مكانك!”
سكت الجهاز بص وليد لرئيسه قال– “مش بيرد.”
الموظفة – “هو شال الجهاز بنفسه… واضح مش عايز حد يشتته.”
وليد – “اظهروا موقعه حالًا… وابعتوا قوة تتحرك على المكان.”
قاله رئيسه: اجنا متعرفش هي هناك ولا لا.
قاله وليد: ولو هناك وحصلها حاجه وآدم اتعرضلهم هيتأذى هو كمان، هل حضرتك هتستنى ده يحصل؟
بيسكت رئيسه وبص لموظفه وقال: نفذى بسرعه، بلاش يصيبو حاجه، خليه يخرج من مصر سالم، مش عايزين مشاكل.
آدم قرب من المصنع وشافه عباره عن حديد متكسر، المكان مشوه ومليان فجوات وأسياخ حديد بارزه، مستحيل حد عاقل يخطف حد جواه. مفيش ضوء، مفيش أي صوت يوحي إن في حد موجود.معقول ضيع وقته وجه مكان غلط؟
بيتحرك حوالين المكان، بس فجأه وقف لما لمح مبنى تاني أبعد شويه في نفس المنطقه. راح ناحيته، ولما قرب اكتشف إن عليه علامه المصنع اللي وراه عرف وقتها إنه مستودع.بص حوالين لقى عربيه واقفه، قرب منها وراح يشوف الرقم… بس ماطلعش هو نفس رقم العربيه اللي بيدور عليها.
رن تليفونه، كتمه بسرعه، وقرر يدخل بما إنه حاسس في حد جوه. ركب الجهاز تاني ف ودنه وقال: ف مخزن جنب المصنع.
قال وليد: انت روحت فين؟
قال آدم: رد عليا، المخزن ده بيبقى فيه حد بيجى هنا
قالت الموظفة: لا، مهجور، من ساعتها المالك نقل كل حاجه صالحة لمكان آمن بعيد عن هنا.
قال آدم: في حد في المخزن… وفيه ضوء خفيف جدًا لمحته من تحت الباب.
قال وليد: تمام، خليك عندك.
قال آدم: أنا هدخل، وانتو شوفوا دوركم.
نادى وليد: ليه يا آدم؟
لكن آدم ما ردش، عينه متسمرة ع الباب وصوته ساكت.،وليد بص لرئيسه : خليك ع تواصل معاه، عشان لو حصل حاجه نكون عارفين.
—
على أرض قاسية، وفي أوضه مظلمة حالكة مليانة حشرات وزواحف صغيره، كانت قاعدة “أسير” مربوطة من إديها الرفيعة ورجليها الضعيفة الحبال غرزت في جلدها لدرجة إن أثرها مطبوع أحمر ومنتفخ.معدتها بتقرص من الجوع،ريقها ناشف من العطش، ولسه فاكره آخر حاجه قبل ما تتخدر…
فلاش—–
رجت أسير من أوضتها– زياد؟
لكن البيت كان ساكت بشكل غريب، شافت عبير الى قالت– زياد لسه مرجعش؟
– إزاي؟ المفروض يرجع من مدرسته من ساعتين.
-زمانه جاي
بتسطت لانه عمره مغابش عنها كده غير يوم ما هرب لما آدم كان هنا… فين راح دلوقتي؟،قبل ما تكمل كلامها، رن جرس الباب.عبير قامت تفتح وهي بتقول – ده أكيد زياد انو
أسير واقفه مكانها، قالت– زياد مش بيطوّل الحرس
عبير بصتلها باستغراب، بعد اما فتحت الباب وبتبص كان قدامها غرباء مخيفين
– ده بيت الأستاذ عاصم؟
ردت عبير بتوتر – إنتو مين؟
– زوجته موجودة؟
عبير – مين أنتو؟
الراجل رد بنبرة غامضة– إحنا جايين من طرف معرفه…
قفلت الباب بسرعة، لكن واحد منهم زقها بعنف لورا، وقعت على الأرض والباب اتقفل وراهم بقوة. أسير كانت واقفة عند باب الشقة خافت بصت لعبير الملقاة على الأرض وبعدين للغرباء اللي دخلوا عليها بخطوات تقيلة.قالت – إنتو مين؟
– إنتِ… أسير.
– بقولك… إنت مين؟ مين سمحلكم تدخلوا كده؟
قرب منها واحد – إحنا عايزينك معانا… وهتمشي دلوقتي.
وقرب واحد يمد إيده عليها، قامت تصر.خ بكل قوتها – أبعدوا عني! أوعى حد يقربلي!
– هاتوها!
رجعت أسير لورا بسرعة وبدأت تجري وهي بتصرخ، لكن واحد منهم لحقها ومسكها من دراعها.فجأة…ضر.بة قوية بعصاية نزلت على دماغ الراجل، وقع في ساعتها.أسير التفتت بدهشة، وشافت عمتها العجوز واقفة ووشها متغير… كأنها استردت شبابها فجأة، عينيها كلها خوف عليها وقالت بصوت مليان قوة رغم ضعفها:– أمشي يا أسير… محدش هيقربلك، أمشي بسرعة!
في اللحظة دي واحد تاني زق العجوز بع.نف، لكن عبير مسكت فازة تقيلة من الترابيزة وضر.بته على دماغه بكل قوتها. بصتلها وبصيت للباب فهل تتركها وترحل، عبير لمحتها وبصتلها نظرة كلها طمأنينة ورسالة صامتة “أمشي… أنقذي نفسك.”
بخطوات مترددة… جريت أسير بره، واحد من الغرباء يضر.ب عبير وحشية ويوقعها وتنز.ف صرخت أسير بصدمه
– هاتوها بسرعة! قبل ما حد ييجي… مفيش وقت!
جروا وراها، مسكوها بعنف من دراعها رغم مقاومتها بكل قوتها.كانت بتزقهم وتصرخ، لكن واحد فيهم طلع حقنة، وخدرها غصب عنها.قبل ما تسقط فاقدة وعيها، سمعت صوت:– حد يروح يشوف الولد
خافت من سؤاله عن زياد… لو جه دلوقتي هيمسكوه!، بيرجع الراجل قال– مفيش حد غيرهم.
– خلاص، يلّا… شيلوا أي أثر ليكم.
أسير كانت بتحاول تحرّك رجليها لكن مش عارفه فجأة، حسّت بواحد بيرفعها من الأرض على كتفه ويمشي لكن فى يد ضعيفة مسكت رجله ومنعته عبير لآخر نفس بتحميها زقها برجله جامد بتتالم وبيمشو باسير، لكن عينها كانت مثبتة عليهم من على فتحة الباب ،رموها في العربية وبينطلقو بيها عنها. دمعة ثقيلة نزلت من عينها وهي شايفة بتختفل معاهن
—باك
رجعت أسير لواقعها…تتنفس بصعوبة، مش فاهمة هي وصلت هنا إزاي، بس من ساعتها وهي بتتالم فى جسمها، سؤال واحد كان بيخنقها جواها…زياد فين؟هل أصابه مكروه؟هل قدر يهرب؟ هل هو لوحده، ومن هؤلاء الغرباء اللي كانوا عايزينها هي وابنها؟ وليه آذوا عبير؟ هل لسه عايشة… ولا راحت ومش هتشوفها تاني؟
بتمر ساعات قاعدة على الأرض، شافت ضوء من تحت الباب، ومعاه أصوات خطوات تقيلة اتفتح الباب ببطء، ودخل راجل شامخ، طويل القامة، لابس بدلة غالية وكأنها مفصّلة مخصوص. سيجارة فاخرة بين صوابعه، والدخان بيترسم حوالين وشه الخمسيني اللي مليان قسوة وغرور.وراه وقفوا رجالة ضخمين
قال– إزيك يا مدام أسير؟
ردت – انت مين؟
نفث دخان السيجارة – أنا حافظ… عضو مهم في المدينة اللي إنتي فيها. مش ضروري تعرفي تفاصيل أكتر… بما إن دي نهايتك، في الآخر دي أسرار شغل.
– عايز إيه مني؟
قرب منها خطوة – عارف إنك مخضوضة من اللي حصل، بس اعذريني… ده الحل الوحيد اللي لقيته عشان آخد فلوسي من عاصم.
– فلوسك؟!
– أيوة… أنا وجوزك كان بينا شغل. ادّيته فلوس علشان صفقة كبيرة، وهو ما عملش الشغل… ولا رجّع القرش اللي خدوا.شوفتِ بقى؟ فلوسي عنده… وجوزك حر.امي.
– عاصم مات.
ابتسم حافظ بسخرية وقال:– منا عارف إنه ما.ت. بس قبل ما يموت أنا كلمته… ورفض يديني فلوسي بالزوق.
– فقمت خطفتني أنا… عشان مقدرتش عليه. صح كده؟
بيضايق حافظ انها الى بتقلل منه.، اسير– فلوسك معاه مش معايا… يعني أنا مش هفيدك.:
– غلط… عاصم مات، بس فلوسه موجودة معاكي، وأنا بقى عايز الفلوس دي.
قرب منها خطوة، صوته بقى أوطى وأقسى – متبصليش كده… هو اللي حطك هنا، وهو اللي عرضك للخ.طر مع ناس زينا ميعرفوش غير الفلوس والسلطة. محدش قاله ياخد فلوس مش بتاعته.
– فلوس مش بتاعته برضه… ولا الفلوس فلوسه. وانت كنت عايز تاخدها عشان وقف شغله معاك، ومش عايز يكمللكم أشغالكم الغير شر.عية.
عينين حافظ ضاقت، كملت اسير– ولما لقيتوه مش هيفيدكم تاني… قولتوا تهددوه، بفلوسه، وبوظيفته، وبعيلته.مكنش هدفكم تعادوه… إنتو كنتوا محروقين إنه عايز ينضف. فحبيتوا ترجّعوه لديرتكم تاني… لأنه كان بيخلصلكم شغلكم الوسخ اللي كنتم شايلين همّ هتكملوه إزاي بعد ما سابكم. فقمتوا طالبينه بالفلوس اللي جمعها في حياته كلها… سواء من وظيفته أو من شغلكم معاه. لا… وطلبتوا كمان يتفصل… عشان تدمروه من كل حاجة.
بصلها بشده قالت – وعاصم مسكتش… وردلكم تهد.يدكم ليه… وهددكم هو كمان باللي ماسكه عليكم.انتو اتجننتوا لما عرفتوا إن عاصم… عاصم أذكى من إنكم تشغلوا دماغكم عليه، وانه مع أي شغل بيعمله… كان دايمًا بيمسك نسخة متوقّع غدركم. حسيتوا قد إيه انتو أغبيا قدامه، وإنه ذكي… ومعاه بلا.وي عنكم تمحيك إنت وأي حد يفكر يهدده.
حافظ ضرب الأرض برجله – جايبة الكلام ده منين؟!
– أنا كنت عارفة بشغل عاصم… وهو وقفه بسبب كلامي. وبسبب ابنه… ميشوفوش بصورة حقيرة زي ما أنا شوفته.
ضحك حافظ – ابنه؟! الولد اللي مش معروف نسبه؟ ولا واخدينه من ميتم مين؟
بصتله اسير من الى بيقوله، قال– عاصم نفسه… اللي اتبرى منه وقال إنه مش ابنه. ومكتبلوش جنيه… وحوّل فلوسه ليكي إنتي.
– انت… بتقول إيه؟
حافظ بص لها وهو بينفث دخان سيجارته وقال بسخرية تقطر سم:– مالك؟ مخضوضة ليه؟ جوزك ما.ت خلاص… مفيش خو.ف. هو عمتًا كان عارف إنه مش ابنه، ومعملش حاجة… وما.ت وهو لسا بيرعاه. ولا إنتي خايفة إن حد عرف إنه مدبّس ف واد مش ابنه؟أنا اللي أعرفه… إنه ابنك إنتي بس… من مين بقا؟! مش عارف.وايه اللي يخلي عاصم يكمل… وأنا عارف إنه فيه العبر… وميحبش واحدة تغفله؟ ولا ممكن استحملك عشان بنت خاله؟
أسير– أخرس!! إياك تتكلم عليا أنا وابني!… إحنا أشرف من الزبالة زيكم!
حافظ مسكها من شعرها بغضب قال– ز.بالة مين يا بت؟! متفوقوا بقا من ظن الجحر اللي إنتو فيه… وتعقدوا واثقين من العدالة والمثالية! ده نظام البلد دي.
أسير – أشكالكم… اللي وقعوا البلد هنا! وخلونا نغرق ف قرفكم وشغلكم المشبو.ه!
ضحك حافظ – البلد ماشية بقانون القوة… وأوعدك، هخليكي تعرفيه قبل ما تمو.تي… وتندمي على كل كلمة قولتيها.والفلوس… هترجعلي!
أسير رفعت عينيها رغم الوجع – عاصم… لما قالّي، عرفني إن الفلوس مش من حقكم… وإنكم شوية حرا.مية! ولو ليكم فيها حاجة كان اداها لكم وسكّتكم. بس هو بَعِد عن شغلكم عشان عيلته… فأكيد مش هيجيب لهم الأ.ذى. هو اللي وقف شغله عشانهم.بس كان عارف إنكم هتسوّقوا فيها… وطالما قال إن الفلوس مش بتاعتكم، يبقى عمركم ما هتاخدوها!
حافظ بيشد شعرها أكتر – مين دول اللي شوية حرامية يا بت؟! واحدة زيك كان المفروض تمسك لسانها… في ظل ده موتها أسرع. بس إنتي… بتسوقي فيها. عشان خدنا وادينا معاكي في الكلام… وخليتهم يستقبلوكي حلو. بس عنيا… أوعدك استقبلنا هيكون غير… مع الرجالة اللي برّه!
بصّ عليها من فوق لتحت بعينين كلها وقاحة تتفر.سها.وهنا… أسير بكل جر.أة تفت على وشه.غضب حافظ جدا ونزل عليها بقلم قوي خلى صوته يرن وقعاها على الأرض بقها بيتعو.ر
رجع مسكها من شعرها قال– وحياة أمك… لأطلّع عين أهلك النهارده!
مسك وشها جامد بغل وقال– إنتي فاكرة إن عندك خيار؟! لا تكوني فاكرة بخيرك ولا كلامك الجامد ده! أحب أأكدلك إن مفيش حد هينقذك… ولو وصلولك، هتكوني مجرد ج.ثة بيتنقل اسمها في قايمة الضحا.يا.
عين أسير دمعت، قال– ولا تحبي أجيبلك ابنك… تودّعيه قبل ما تمو.تي؟
اتألمت من قوة إيده على وشها، الباب اتفتح، ودخل حد تاني.صوت خشن – شيل إيدك من عليها يا حافظ!
اسير العشق
– شيل إيدك من عليها يا حافظ!
زقه بعيد عنها كان باين غنى زيه ويدل إنه شريكه قال– إيه اللي بتعمله؟! مكنتش أعرف إنك ممكن تتجنن للدرجة دي!
حافظ – ده كان اتفاقنا… البت اهي، معاها الفلوس كلها، هناخد اللي عايزينه ونخلص منها.
زعق فيه – “نخلص منها” بالسهولة دي؟! دي عرفت شكلك وشكلي يا غبي!
حافظ – وفيها إيه؟! ما بقولك هنقتلها!
– يبقى ساعتها تكون حفرت قبرك… وقبري معاك.أنا قولتلك نصبر… في طريقة تانية. بس إنت طول عمرك همجي! خلت رجالتك يتهجموا على ست كبيرة، ويخطفوها لحد هنا! وفاكر بقى لو خلصنا منها… هنخرج منها سليمين؟
– ف إيه يعني! إنت عامل كل ده عشان “بت يتيمة” مالهاش حد؟ حتى جوزها الفتوة مات… مالك إنت وخايف كده؟
شريكه اتنرفز – إنت عارف دي تبقى مين يا متخلف؟! دي خطيبة آدم المسلم!
حافظ – المسلم إيه بس؟! مش دي عيلة عاصم؟ مين آدم ده كمان؟
– آدم ده أخو عاصم… شخص مهم أوي برا ورجع مصر. واللي قدامك دلوقتي تبقى خطيبته. خطيبة آدم المسلم… صاحب أكبر شركة سيارات في روسيا، يا متخلف!
– جبت الكلام ده منين؟! يعني أخوه خطبها إمتى؟ وإزاي؟!
– أنا حاطط حد يراقبهم. وعارف كل حاجه أكيد عارف إنها اتخطفت، وساعتها… هنروح في داهيه.. إنت غبي… غبببببببببببببببببببي! اتفضل يا حافظ اتصرف وشوف هتخلصنا من المصيبة دي إزاي!أكيد البلد مقلوبة بسبب اختفائها، ولو حد وصل لها… انت حر! سمعتني؟
حافظ – خلي بالك من كلامك.
وخرجوا بغضب
كانت لسا مستلقية على الأرض، عينيها مدمّعة، افتكرت كلام الرجالة عنها: “دي خطيبة آدم المسلم.” ميعرفوش إن ده “سابقًا”… هل معقول تمو.ت قبل ما تشوف وشه تاني؟! هل نهايتها تبقى كده، لوحدها، ومنسية؟ ليتها فقط تراه مجددًا…
الليل اتحركت وقعت خشبه كانت هتيجى فيها سمعت صوت برا، خطوات على الباب واحد ،انفتح الباب اتراجعت أسير بقلق، واحد منهم مسكها من إيدها ورفعها غصب عنها قال– “قومي… وامشي وأنتي ساكتة.”
اسير– “خدني على فين؟”
شد إيدها اتوجعت ربط عينيها جامد، وخدها معاهدخلها أوضة تانية، وقعت بتحاول تسمع أي صوت حواليها قرب منها حافظ وهو ماسك ورقة بيده – “ورقة التنازل قدامك… أمضي.”
أسير فضلت ساكتة، شريكه كان قاعد على جنب، حافظ– “مش سمعاني؟! أمضي بالذوق… بدل ما صباعك يتقطع. وفي الآخر… هاخد بصمتك بالعافية. والفلوس… هتبقى معانا غصب عنك.”
أخيرًا قالت أسير بعد سكوتها– “لو اديتك اللي عايزينه… هتسيبوا ابني؟”
حافظ بصلها قال– “احنا عايزين الفلوس… عشان كده انتي وصلتي هنا. ولو ادتيها… ابنك مش هيكون لينا فيه غير إنه يبقى وسيلة تهديد. فـ أمضي يلا.”
عينها دمعت أكتر – “مش… مش هتأذوا زياد؟”
– “الفلوس مقابل السلامة… واضحة أظن.”خدي… أمضي.”
– “همضي إزاي… وأنا مش شايفة؟”
– “فعلاً معاكي حق… بس أنا معاكي، هعرفك تمضي فين. وبعدين التوقيع ده… متعودين عليه من صغرنا. يعني مش بطلب منك حاجة صعبة. “هنا… اكتبِ توقيعك… يلا.”
أسير ممضت، حافظ– “لا… لسه.”
غمس صباعها في الحبر غصب عنها، وخد بصمتها قال– “براااافو… كده تمام.”
أسير بعدت وشها عن إيده بقرف قام وهو ماسك الورقة، وراح لشريكه قال
– “الفلوس بقيت معانا.”
– “كويس… خلينا ننهى بسرعه ونمشي من هنا.”
رفع حافظ مسد.سه علي اسير، وصوت سلاحه وهو بيُسلّح اخترق ودانها، قلبها دق بخوف ف أي لحظة الرصاصة هتخترق صدرها.
قام شريكه – “انت هتعمل إيه؟”
حافظ – “مش قولتلك… ننهى.”
شريكه – “مش كده يا حافظ!”
– “أمال إزاي؟! دي شافت وشنا… وعرفت كل حاجة. متخيل إنها لو مشيت هتفضل ساكتة؟ أفضل حل ليها… المو.ت.”
رجع يصوّب المسد.س ناحية أسير، أسير صامته بتخيل مصيرها الى واقف قدامها، دوّى صوت
حافظ- إيه اللي بيحصل؟”
دخل واحد من رجالتهم – “اللي كنا حاطينهم على الباب… لقيناهم مغمى عليهم!”
حافظ اتجمد مكانه– “إزاي يعني؟! مين… اللي يقدر يدخل هنا؟”
شريكه – “خلي الرجالة تنتشر حوالين المداخل… بسرعة! والبت دي… لازم تختفي فوراً!”
مسكوا أسير من دراعها بعنف، رفعوها غصب عنها جروها معاهم بسرعة خارج الأوضة.عينها كانت مغطية، متشوفش حاجة،بتعرف إنهم مغطين عينها عشان متعرفش طريق الخروج
سمعوا صوت يجلجل في الممر الراجل – مين هناك؟”
بيشوفو حركه بعيد اتفجأو والى طان مسكها رماها بسرعه جوه أوضة وقفّل الباب وقعت على الأرض خدش في إيدها بتخاف لما تسمع صوت برا… خبط ورزع أجساد بتقع. كل حاجة سكتت فحأه، بتسمع صوت بابا حدبيظخل بس الباب مقفول فبيتكسر الباب انتفضت من الخوف
الباب اتفتح ودخل زحفت ورا بخوف قالت – “لا… لا… بلاش… سيبوني… سيبوني!”
صوت الخطوات بتقرب منها ضهرها خبط في الحيط.ايد قويه مسكها قال
– “سيبني!… أرجوك!… إديتكم كل حاجة… عايزين إيه مني تاني؟!”
لقيته بيفك الحبل من عليها استغربت جدا بتسم ريحه الى برزت.. ريحته عرفاها… ريحة مألوفة جدًا، لدرجة قلبها اتقبض، وعينيها دمعت تلقائي.
مستحييييل… يكون هو؟
اسير– “إنت… إنت مين؟”
جه راجل قال بغضب– “إنت مين يلا
وفجأة الراجل التاني هجم عليه من الخلف بس مسكه من دماغه وخبطها بكل قوه في الحيط… الراجل وقع على الأرض من غير حركة.
أسير سحبت الشريطة فورا من على عينيها، رؤيتها كانت مشوشة راجلين بيتخانقوا…عينها وقعت على هيئة ضهر مألوف، بدأت الرؤية تتضح أكتر… والصدمة خبطت قلبها.. آدم.
آدم بنفسه، واقف قدامها، ماسك الراجل وينزله أرضًا بضربة عنيفه متحركس،أسير اتجمدت مكانها، دمعة ثقيلة نزلت من عينها قالت– “آدم…!”
آدم لفّ عيناه وقعت عليها.هي واقفة على رجليها، عينيها بتنزف وجع وخوف، لكن جوة نظرتها نور… نور ماكانش غير ليه
قرب منها قال– “إنتي كويسة؟ حد عملك حاجة؟”
دمعة تانية نزلت من عين أسير، قربت خطوتين مترنحة وباندفاع رمت نفسها في حضنه…حضنته بكل قوة، كأنها بتتأكد إنه مش خيال ولا سكرات موت،
آدم نظر لها لحظة، وهي خايفه رفع ذراعيه وحضنها، بكل الشوق والحنين والخوف اللي كان جوة قلبه من لحظة اختفاءها.قربها منه أكتر، صدره بيتنفس بسرعة وقلبه بيدق بعنه حط إيده خلف راسها، مسد على شعرها
ادم – “اتأخرت عليكي… سامحيني.”
أسير – “كنت خايفة… خايفة أوي، خوفت مشوفكش تاني.”
بعدت بخطوة صغيرة عنه رغم ضعفها، عينيها مليانة قلق وهي بتقول بصوت مرتجف – “إزاي جيت لحد هنا؟… المكان ده خط.ير، معاهم رجالة وسلا.ح… آدم لازم تمشي، امشي فورًا!”
آدم – “متخيلة إني بعد ما لقيتك… هسيبك تاني؟”
– “آدم… أرجوك، لو حصلك حاجة هنا… أنا مش هسامح نفسي!”
– “وإنتي لو حصلك حاجة هموت وراكي.”
سكتت وافتكرت اليوم اللي جر.حته فيه.قالت– “نسيت؟ نسيت الكلام اللي قولتهولك يومها؟ لما جر.حتك وقلتلك امشي من حياتي؟”
آدم مد إيده ولمس بشرتها – “أنا عرفت الحقيقة… عرفت إنك أكبر كدابة قابلتها في حياتي.”
نظرت إليه خلاها تبصله ف عينها – “بتغلط دايمًا وتخبّي… والمفروض إني أجري وراكي عشان أكتشف بنفسي. ولو على الكلمة اللي قولتيها، فمش هتغيّر أي حاجة.”
أسير دموعها وقفت في عينيها – “آدم…”
آدم مسح بإبهامه على شفايفها المجروحة، قال بغضب مكتوم– “اذوكى، مدو ايدهم عليكز… وكانوا هيقتلوك.وعايزة مني أمشي وأسيبك؟ إزاي تطلبي حاجة زي دي مني؟”
شدها على صدره من تاني – “أنا عافرت عشان ألاقيكي… وأوعدك، الإيد اللي لمستك هتكون نفسها اللي هتكتب نهايتهم.”
بصيتله وهو ربت عليها قال– “هتخرجي من هنا سليمة… وهترجعي لزياد، ابننا.”
أسير رفعت عينيها عليه قالت– “ابننا؟!”
آدم – “أيوه يا أسير… زياد بخير… زياد ابننا.”
الدهشة سيطرت عليها، عقـلها بيعيد صدى الكلمة مرارًا فى ص،مه من كلامه
– “إيه؟!
آدم -كنتى شايله ابنى انا عيشتى معاه وربيتى ابنى انا خلفتى ابن واحد وهو ابنى انا
قرب منها قال ود،موع ف عينه – “مكنش ابنه… كان ابني أنا من الأول.”
عقـل أسير رجع على طول لكلام حافظ وهو بيقذفها بالاتهامات عن نسب زياد “الواد مش ابنه… عاصم عارف وساكت… وخايف يكتب حاجة لعيل مش من صلبه.” بتنظر لآدم من كلامه “مصدومه لى عاصم ما.ت خلاص مفيش خوف بس قولى ابن مين الواد دت”
رجعت ببصرها لآدم، آدم شد إيدها ناحيته– “بصّيلي… لازم تخرجي من هنا… ترجعي لزياد. لازم تعيشي المرة دي بجد… من غير خوف، من غير قيود.”
أسير وقفت متسمّرة، شدها بسرعة – “تعالي!”
سمعوا صوت جهوري وراهم – “بسرررعة! إياكم يهربوا منكم”
آدم جذبها من الطريق التاني حط إيده على ودنه – “وليد! سامعني؟… أنا وصلت لأسير.”
وليد– “آدم، إخرج فورًا! ما تبصش وراك… إحنا قربنا نوصل. المهم تخرجو عايشين… اسمعني! إنت وهي تخرجوا، والباقي علينا.”
آدم مسك أسير من كتفها، عيناه متصلبة بالعزم– “سمعتي؟… المرة دي، مفيش قوة في الدنيا هتفرقني عنك.
بترفع أسير عينيها ليه “مع مين بتتكلم؟”
“البوليس قرب يوصل… هناخد العربية ونمشي من هنا.”
لكن أسير فجأة تصرخ بخوف:”آدم… خلي بالك!”
بيكون واحد جاي من ورا آدم، لكن آدم يلف بسرعة ويديله بالكوع في مناخيره، وبعدها يركله برجله في صدره بقوة، فيطير الراجل ويقع على الأرض.بتبصله أسير بصدمة وعينيها متسعة:
“ما.ت؟!”
آدم “معتقدش… يلا بينا.”
بيسحبها تجري معاه، لكن فجأة بيقف مكانه. حافظ واقف قدامهم، ومعاه شريكه، الاتنين رافعين مسدساتهم، ووراهم رجالتهم
إيد أسير تشد على آدم “هما دول…”
بيبتسم حافظ “متفقناش يكون في ضيف يا مدام أسير.”
آدم خبا أسير وراه “اتكلم معايا أنا… وسيبها هي.”
شريك حافظ بيهمس له “إنت عارف مين اللي قدامك؟ ده آدم… آدم المسلم.”
رفع حافظ حواجبه “آدم المسلم؟ أعمل إيه يعني… خلاص عرفنا الحقيقة. للأسف هنوّدعهم الاتنين.”
ضحك بسخرية وأضاف:”مش غلط يكون شخص مهم زيك يحط نفسه في مشاكل زي دي.”
آدم “المشاكل دي هتقع عليكم إنتو. إرمِ رجالتك اللي وراك وتعالى واجهني أنا… أنا كنت مش همشي من هنا غير لما أشوفكم.”
بصوله من جرأته ف حضوره تخلى الواحد يخلف، ادم”إيه… خوفت؟ ولا إنت مش بتمد إيدك غير على مرة؟”
حافظ معملش كده لأنه خايف قال”معنديش وقت للكلام… هاتوه وهاتوها!”
أول ما رجاله بدأوا يقربوا، آدم ما استناش. لف رقبته بحركة سريعة وضرب أول واحد وقع قدامه أرضًا من غير ما يلحق يصرخ أسير بصتله بذهول… قلبها بيدق بخوف عليه وهو بيدخل وسطهم زي العاصفة، يضر.ب واحد برجله فيقع، ويشد التاني من دراعه ويطرحه أرضًا.
حافظ رفع مسد.سه وثبته عليه بغدر أسير شافته وصرخت
“آآآدم!”
آدم مسكها قفز بيها ورا الحيطة، صوت الطلقة دوّى والرصاصة اخترقت واحد من رجال حافظ، وقع على الأرض الرجالة كلهم اتجمدوا… لكن حافظ تجاهلهم تمامًا، وصوّب المسدس من جديد قال
-هتهرب منين يا آدم؟ الورق هنا مسدود… ومهما جريت، هتقع في إيدي. زمانك دلوقتي ندمان إنك جيت.”
ادم كان حاضن أسير بقوة، قلبها بيرتعش من الخوف، بصّت له والدموع بتلمع في عينها:”إمشي يا آدم… أرجوك أمشي… ياريتك ما جيت.”
آدم حط صباعه على شفايفها يهديها “شّشّ… هنخرج سوا، أنا وإنتي… يا بنخرج سوا، يا منخرجش خالص.”
-“إخرج… عشان زياد. هو محتاجك
آدم مسح على خدها “وزياد محتاجك إنتِ أكتر مني.”
بص في عينيها فك إيدها من عليه “خليكي هنا.”
وقف، وخرج يواجههم. قال “أعتقد الفلوس بقت معاك… صح؟”
حافظ “أيوه… بس لسه فاضل إنت وهي.”
آدم “الغلط… غلطك إنت. إنك ورّيتني خلقتك. وكأنك أول مرة تخطف حد.
حافظ “لا… مش أول مرة. بس عمري ما بلعب لعبة وأسيبها نص نص. اللي بيدخل معايا… مفيش أوبشن يعيش.”
آدم “كذلك… إنتو. مش هيكون ليكو فرصه تعيشو
ضحك حافظ بهستيريا “كنت فاكرك أذكى من كده يا آد
بص على شريكه قال”هو ده… هو ده اللي كنت خايف أاذيها عشانه؟ أهو جه… ويموت معاها. هيسبب دوشة؟ نخليها انتحار جماعي، ونخلص!”
آدم رمى عليهم حاجة… راجل من رجالة حافظ مسكها كانت كرة بيضا الكل كان مستني حاجة تنفجر.
حافظ”إيه يا ابني… بولينج؟”
لكن الكورة فجأة فرقعت… دخان أسود كثيف ملأ المكان بالكامل، كلهم انبطحوا على الأرض وهم بيكحوا بعنف.آدم ما ضيّعش ثانية… مسك أسير من إيدها وجري بيها وسط الدخان حافظ كان بيكح وبيصرخ وسط الرجالة:
” يا بن الـ… إياكم تخلوهم يهربوا! اتحركووو!”
بس محدش كان شايف حاجة، والرجالة بيتخبطوا في بعض.الدخان بدأ يخفّ شوية… فجأة راجل دخل وهو بيجري:”باشااا! البوليس… البوليس محاصر المكان كله!”
حافظ اتصدم، عينه فتحت على الآخر، قال”بوليس؟ إزاي…؟ منين؟!”
شريكه “هو في غيره؟!… آدم… أكيد هو اللي جابهم!”
مسك حافظ من هدومه بغضب قال”إنت السبب! ضيّعتني معاك… يا متخلف… يا غبببببببيييي!”
أصوات صفارات البوليس وطلقات التحذير بدأت تدوي حوالين المكان.
بيزقه حافظ “اخرس! أنا ما كنت بعمل كده عشان مين… عشانى انا بس؟!… الفلوس دي كنت هاخدها لوحدي مثلا.”
إسماعيل “فلوس إيه يا متخلف! إنت ضيعتني… ونهيتني! فاكرني هسيبك تمشي بالساهل؟ دنا هطلع روحك بإيديا.”
لكن حافظ فى لحظه رصاصة ضربه عليه ن،ار بصله بصدمه، زقه حافظ قال
“كنت ناوي أهربك معايا… بس شكلك مالكش نصيب.”
مشي من غير ما يلتفت وراه.
آدم كان بيجري ومعاه أسير، بيواجه الرجالة واحد ورا التاني، صوت جه من وراه”فاكر نفسك رايح فين؟”
حافظ رافع المسد.س، عليهم انطلقت فجأة عدة طلقات في اتجاههم.آدم شدها بجنون، ورمى نفسه معاها ورا قطعة حديد عملاقة، الرصاص بيتناثر حواليهم.
أسير، صدرها بيعلى ويهبط بسرعة، بصتله والدموع في عينيها بصلها وقال
“حصلك حاجة؟!”
آدم، وهو ماسك نفسه مسح على وشها بسرعة قالت “أنا كويسه… انت بخير؟”
آدم “اسمعيني كويس… الباب هناك على يمينك. أول ما أديكي إشارة… اجري. فاهمة؟”
أسير بدموع وهزت راسها رافضة “إنت بتقول إيه! عايزني أسيبك هنا؟! مستحيل يا آدم… مش هسيبك!”
قبل ما يكملوا الكلام، دوّى صوت حافظ من بعيد:”هتستخبى كده كتير يا آدم؟! ولا عايزني أفرغ المسد.س كله فيكم؟!”
آدم كان غضبان وعينيه بتولع نار، بص لأسير قال”أسير… لازم تمشي. إنتِ المهم، لازم تخرجي من هنا… وأنا جاي وراكي.”
اسير-“إزاي أمشي وأسيبك؟! ده معاه مسد.س… طلق.ة واحدة تقدر تخلص عليك!”
سكت آدم لحظة، عينيه معلقة بيها “طلقة… مش بتأثر.”
بصيتله بشده وافتكرت زمان لما اتصاب، اقترب منها آدم “طلقتين… مش بتأثر.”
لمست إيده المرتجفة وجهها، دموعها نزلت أكتر، وهو قرّب لدرجة تسمع أنفاسه وقال “٣ طلقات… مش بتأثر. روحي فداكي يا أسير.”
اسير”آدم…”
رد عليها بقوة “هكون وراكي علطول… أوعدك.”
فجأة انطلقت رصا.صات متتالية حواليهم، حافظ بيضغط على ز.ناد مسد.سه وهو بيضحك بسخرية.آدم بص لأسير قال “اتفقنا!
اسير “هتكون ورايا؟!”
“وحياتك عندي
كان ده حلفان كافى يخليها تسكت ، بعدت عنه ادم لمح مرايا مكسورة على الأرض.
أخذها بسرعة… واستعملها كـ”انعكاس”، ورمى المرايا بعيد بقوة.
حافظ سمع الصوت… لف بسرعة وضر.ب الطلقات ناحيته، متخيل إن ده آدم.
لكن في لحظة خاطفة… ظهر آدم من وراه ضر.به على رأسه ضر.بة ساحقة وقعت المسد.س من إيده على الأرض.
بصله حافظ بصدمة وخوف آدم مسك إيده بقوة رهيبة، ولوى ذراعه لورا كسره صرخ حافظ
آدم ما ضيعش وقت… سيبه واقع ومشى بسرعة
برا كان صوت الطلقات بيرج المكان كله، قال وليد “ادخلو فورا!”
اندفعوا رجال الشرطة، فتحوا الباب بسرعة، وقفو لمت شاف أسير ،الرئيس “اتفضلي، اخرجي بسرعة.”
أسير واقفة متجمدة، بتبص حواليها مش مصدقة إنها وصلت للباب… لكن رجليها رافضة تتحرك. عينيها بتدور وراها على “آدم”.
وليد “آدم فين؟!”
قبل ما ترد… شافت ادم خارج من الضلمة زى ما وعدها هيكون وراها
ولي “ادخلو… هاتو الزبالة اللي جوه قبل ما يهربوا! وإياكم تراعيوا حياة حد… خلاص الأسرى خرجوا!”
أسير كانت لسه بصصه لآدم، مسك ايدها قال٠”يلا بينا.”
خالشرطة بدأت تقتحم بقوة. الباب بيتضرب بجنازير والر.صاص بيشتعل بين الشرطة ورجالة حافظ. الرشا.شات بتر.ش نار
حافظ كان واقع على الأرض، مس سلت.حهه ورفع إيده بيصوب على ادخ انطلقت الرصاصة! لفو بصدمه حافظ نفسه اتسمر مكانه، عينه اتسعت بذهول.الرصاصة… جت في صدره هو
لف حافظ شاف اسماعيل ماسك سلاح اسماعيل إيده على جنبه المصاب،”فاكرني غبي أسيبك تعلِّم عليا وتفلت؟! قولتلك… نهايتك على إيديا… قولتلك إن البت دي هتكون نهايتنا يا حافظ!”
حافظ بغضب”يا حقير…!”
رفعوا مسدساتهم في نفس اللحظة…وانطلقت سلسلة رصاصات حادة، اخترقت جسد كل واحد فيهم، وصفو بعض
الشرطة اللي كانت لسه مصوبة أسلحتها وليد:”خَفّضوا السلاح… هاتوا المجرمين اللي لسه عايشين، والجثث يتنقلوا للبحث الجنائي.”
اسير واقفة خايف من الى شافته واقفه جنب ادم قالها”طول ما أنا عايش… مش عايزك تخافي.”
بصتله أسير، عينيها وقعت على وشه كان باين عليه غريب لون أزرق باهت،شاحب كأنه فقد د.مه.
قال”قولتلك… هنخرج إحنا الاتنين.”
ما استحملتش وحضنته بقوة، آدم انتفض في حضنها، صوت آه مكتوم طلع منه، لكنه فضل ساكت، مد إيده وربت على راسها بحنان.،لكن فجأة… أسير حست بحاجة.نزلت عينيها لتحت… وشافت نقط د.م بتنزل على الأرض ببطء.
وقفت متجمدة… بصت لدراع آدم اللي مش قادر يحركه وشافت الخيوط الحمرا نازلة منه بغزارة. أدركت ان الد.م ده من آدم.
رفعت عينها له برعب، شافت عيونه الحمرا وهي بتعافر عشان تفضل مفتوحة، جسده بيرتجف من قوة النز.يف.
اسير بصوت مبحوح من الصدمه”آدم!!”
وقع على ركبته بانهيار، جسمه اتهاوى قدامها… واتسعت عيونها وهي بتسقط معاه على الأرض
اسي “آاادم!!!”
عروقه بارزة، أنفاسه متقطعة، إيده بترتعش قربت منه بسرعة، حاولت تمد إيدها تمسكه… لقته بيتألم بشكل موجع. قلعته قميصه اتصدمت وهى شايفة الطلقة مستقرة عندصدره، الدم مغر.قه بلا رحمة.
افتكرت على طول اللحظة لما حافظ ضر.ب النار وهما بيهربوا… الصوت اللي افتكرته وقتها خبطه عادية… لكن الحقيقة إنها كانت طل.قة جت فيه، وده كان وجع آدم اللي أخفاه عنها.
صاح وليد “ده مصاب!! كلموا الإسعاف حالًا!”
بس صوت أسير كان أضعف “آدم… آدم.”
حاول يرفع عينه ليها، نظرته تقيلة وتعبانة… اترمى بجسمه عليها باستسلام حضنته بقوه “آدم!! افتح عينك!”
مسكت وشه بين إيديها، دموعها بتنزل على ملامحه:”افتح عينك يا آدم… قولتلك تخرج… قولتلك لو حصلك حاجة مش هسامح نفسي أبداً.”
نزلت دموع أسير بغزارة وهي ماسكة وشه بين إيديها “متسبنيش… أرجوك يا آدم.”
آدم بص لها بعينين تقيلة قال”مش… مش هموت دلوقتي. متقلقيش… أنا هفضل معاكي دايمًا.”
دموعها زادت وهي بتقرب أكتر، شفايفها بترتعش:”لو… لو مكنتش جيت… لو مكنتش جيت…”
قطع كلامها آدم وهو بيحاول يرفع إيده المرتجفة ويلمس خدها “مكنتش… هسامح نفسي لو حصلك حاجة. إيّاكِ تلومي نفسك… أنا… أنا بخير… طالما أنا بين إيدك.”
أسير برجاء”أرجوك… أرجوك متعملش فيا كده.”
آدم شد نظرته عليها، بعينين كلها عشق رغم وجعه وقال بصوت هادي:”امسحي دموعك… دموعك دي… أشد عليا من الوجع اللي أنا فيه.”هنرجع سوا… هنروح موسكو زي ما وعدتك… ومش همشي المرة دي.”
نظر اليها قال”انا وانتى وزياد
مسك ايدها وهي مسكته بكل حب قالها “مكنش… مكنش ابنه… كان ابني… ابني أنا.”
دموعها نزلت أكتر وهي شايفاه بينز.ف بين إيديها… قلبها بيتقطع من الاعتراف اللي جه وهو في أضعف لحظاته
قالها وهو بيتألمز– “بتعيطي… وانتي قتلتيني قبل كده.”
رفعت عينيها المرتجفة له – “قتلتك؟”
قرب منها بابتسامة – “قتلتيني… بحبك.”
كانبيحاول يشوف بسمتها قال– “لسه بتحبيني؟… قولتهالك كتير ، بس انتي…”
قاطعته بابتسامة مليانه حزن– “بحبك… حبيتك أكتر من روحي.”
نظر إليها لحظة طويلة، عينه تحبس الدموع
——-
أصوات ضجيج عالية بتهز المكان…الجمهور قاعدين في مدرجات استاد كبير، التصفيق والهتاف ما بيقفش، والأعلام مرفوعة.قدامهم مجموعة أولاد صغيرين، حوالى عشر سنين، بيلعبوا كورة كأنهم محترفين كبار. اللعب منظم، التمريرات دقيقة، والأجواء كلها تشبه مباراة دولية، مش مجرد دوري مدارس.
وسط المدرجات، قالت واحده– “لو الموهبة دي اتصقلت، الولاد دول هيبقوا نجوم المستقبل.”
– “صح فعلاً… المدرسة ساهمت كتير في تدريبهم وتأهيلهم، الماتش تحفة.”
تدخل واحدة تانية بابتسامة– “شايفة الولد اللي بيلعب هناك؟ ممتاز مشاء الله.”
ترد عليها التانية بسرعة وبغيرة – “لأ، ابني أحسن من أي حد هنا.”
وسط الزحمة دي، في واحدة قاعدة بهدوء، لابسة نضارة سودة، ملامحها مش باينة قوي… عينها مركزة على الملعب وبس
يدخل جون ثالث لصالح الفريق المدرجات كلها بتنفجر بالتصفيق والهتاف.
المذيع بحماس:– “الجون التالت من نفس اللاعب… زياد المسلم! باين إنه مالك الكورة ولا كأنها بتاعته!”
الجمهور كله يضحك من خفة المذيع، والتصفيق يعلى أكتر.
بعد صافرة النهاية، المذيع يعلن – “الفريق الفايز هو…”
ويصفق الجميع من غير أي حقد أو غيرة، الجو كله فرحة بريئة.زياد واقف في الصف الأول مع فريقه، اللجنة بتسلمه الكأس. قالوله بابتسامة:– “لو فضلت على كده، هتاخد زيها لما تكبر.”
زياد مد إيده بابتسامة واسعة وهو بيستلم الكأس.يلف بسرعة لصحابه اللي قفزوا حواليه وبيهللوا فرحانين زياد بيبص ويحرى ع الاستاد بحماس، الكل بيشاور عليه، والمصورين بيمسكوا الكاميرات ويصوروا اللحظة.
فجأة، زياد يخرج من أرض الملعب بسرعة ويطلع السلم بخطوات متلاحقة…
هناك، بتقف المرأة الصامتة – اللي كانت طول الماتش قاعدة تراقب.ترسم ابتسامة على شفايفها أول مرة.
زياد بصوت عالي وهو بيجري ناحيتها – “شوفتيني يا ماما؟”
تمد إيدها تربت على شعره المبلول عرق وتقول– “مشوفتش غيرك… أنا فخورة بيك.”
ضمته لحضنها، وهو يبادلها العناق بقوة الناس كلها تشاهد المشهد، وتعتبره رمز للدعم، صورة بتلخص معنى الأمان والحب.
كانت أسير واقفة في نص الملعب، والكل بيرحب بيها بحرارة بعد نهاية الماتش.
المذيع يقترب منها بابتسامة – “إزيك يا مدام أسير؟ أنا زميل معاكي بس ف المتشات… على فكرة قريتلك خبر حلو جدًا من أيام.”
ابتسمت – “أتشرفت بيك.”
الجمهور كان يعرفها مش بس كأم زياد، لكن كصحفية أسير كتبت في الجريدة اليومية أخبار ومقالات بلمستها الخاصة: نصائح، مقابلات، وثقافات عامة عن بلدها.سنة ورا سنة، ارتقت… النجاح ابتسم لها أكتر.معدنها ظهر بوضوح: قليلة الكلام، هادئة أغلب الوقت، لكن بفضل ده الكل بتفضل نفسها “أسير”… المرأة الطيبة الرقيقة، حتى لما تبقى حادة.
في اللحظة دى زياد كان واقف جنبها ماسك الكأس المصور جه بسرعة.اسير وقفت قريبة من ابنها، زياد شد إيدها بإيده الصغيرة، قربها منه أكتر…ابتسموا الاتنين للكاميرا.
العدسة تحفظ اللحظة: أم وابنها، في قلب ملعب مليان بالتصفيق، صورة بتتكلم عن حياة جديدة اتبنت فوق ركام الألم.
في بيت أنيق ودافي، كانت أسير تعيش فيها مع زياد من سنتين. جت ست أخدت شنطة زياد قالت “الأكل جاهز… وعلى فكرة، في رسالة مبعوتة لحضرتك، سبتها في نفس المكان.”
– “شكرًا. يصفاء
ردت أسير بهدوء دخلت الغرفة، لقت الرسالة، فتحتها… ابتسمت
في الوقت نفسه، كان زياد بيرص كؤوسه وميدالياته في المكتبة. الكأس الأخير حطه بجانب ميداليتين أخدهم قبل كده.أسير وقفت عند الباب وقالت:
– “يلّا يا زياد، الأكل برد… هتفضل تبصلهم كده كتير؟”
رد وهو خارج من أوضته بابتسامة واسعة– “سمعتي المذيع؟ قال إني بعرف ألعب كويس.”
ابتسمت أسير– “سمعت، بس ده ميخلكش تهمل مذاكرتك.”
زياد– “مش بهمل فيها… بس بهتم بتمرين أكتر. بابا قال إني هكون لاعب مشهور.”
سكتت أسير رن هاتفها فجأة، فقطعت شرودها قالت- يلا كل
قعد زياد بحماس ياكل قامت ردت – الو
كان الاتصال من الجريدة زميلتها على الخط قالت بقلق– “في خبر نزل… لازم تغطيه، الدنيا عندنا ضغط جدًا.”
– “المفروض إني طالبة إجازة تبدأ من النهارده.”
– “عارفة… بس الخبر ده مهم ليكي، وانتي بتعرفي تكتبي مقالات كويس جدًا.”
سكتت أسير لحظة، نظرت إلى زياد وهو منتظرها بعينيه المتحمسة.قالت بجديه
– “موعدكيش… أنا في إجازة ومش عايزة أشغل نفسي بالشغل.”
قفلت الخط، رجعت لابنها بابتسامة – “مديتلك إجازتك أسبوع كمان.”
قفز زياد بفرحة – “بجد؟”
وجرى على أوضته بسرعة وهو يضحك. ضحكت أسير وقالت ورا ظهره:
– “بس اسمع يا زيااد… مش هنلعب كتير
جت صفاء اشبك الأطباق اللي مخلصهوش زياد كالعاده، قامت أسير تشوله وراحت تدور عليه لقته واقف قدام صور معلقة على الجدار… صورة جدته وصورة تانيه لعاصم
اقتربت ببطء، شافته واقف ساكت رافع إيده بدعاء، صوته صغير لكنه مليان شجن – “ماما… تيته وحشتني. مر سنه بس.”
اقتربت أكثر، مدت إيدها وربتت على كتفه بحنان– “قولتلك… أي حد بنحبه بنقابله في دنيا تانية. ندعيلهم وما نزعلش.”
أومأ برأسه بخضوع رفع عينه قال– “طب… وبابا؟ هنقابله فين؟”
ربت على راسه بابتسامه قالت -قريب
——–
على أرضٍ أخرى…في قاعة فخمة داخل شركة كبيرة، كان يجلس على رأس الطاولة رجل ذو حضور قوي، يتحدث بصرامة وسط مؤتمر مع موظفيه:
– “الافتتاح الجاي لازم يكون أكبر بكتير… عايز شغل أعلى من كده.”
أحد الموظفين رد باحترام – “إحنا بالفعل شغالين بكفاءة يا فندم.”
أومأ الرجل وهو يضغط على كلماته – “بس المرّادى… الكفأه دي هتكون قليلة. مع الجهد العالي… المرتبات هتعلى.”
ساد الصمت لحظة قبل أن ترتسم ابتسامة خفية على وجوه الموظفين، كأن كلمات المالك أرضت طموحهم.ثم ردّوا بصوت واحد، حاسم وممتلئ بالاحترام:
– “مفهوم… مستر آدم.”
كان “آدم” هو ذلك الرجل، المالك الجالس على كرسي، رن هاتفه فجأة.تقدمت نحوه سكرتيرته الأنيقة “كلارا”، تفوح منها رائحة عطر قوة – “مكالمة لمستر آدم.”
سألها بهدوء وهو ينظر لساعته– “الساعة كام؟”
– “اتنين
– “تمام… عرفيهم إننا هنكون في القاعة ف نفس الوقت
نهض آدم من مكانه بخطوات ثابتة، وخرج خرجت كلارا هى كمان تنفذ، اصطدمت براجلٍ يقترب منها بابتسامة واسعة وكأن علي الى قال
– “كالعادة… جميلة يا ياحبيبتى.”
مدّ يده ليعانقها، ويبو.سها لكنها نزلت بالملف على رأسه بقوة! بصلها بشده وشاورت لف على ولقى ادم لسا واقف
احمرّ وجه علي قال– “انت عارف… إحنا مخطوبين… وهنّتجوز.”
قال آدم – “امسك حماسك لحد اما تتجوز… وهمدّلك إجازتك.”
ابتسم علي بخفة – “إنت أحسن صديق… وأحسن مدير عرفته.”
دخل آدم المصعد بخطوات ثابتة، قبل أن يغلق الباب، التقت عيناه بعيني كلارا التي لمحت علي وهو ما زال مرتبكًا.
قالت له بابتسامة – “حماسك عالي النهاردة.”
ردّ علي – “أبوك نسي يهددني النهاردة بخصوص الجواز.”
ابتسمت كلارا ابتسامة باهتة قالت – مش عارفه هتكونو عيله ازاى.
في المساء… كان آدم واقفًا في شرفة منزل الانيق الحديث، بيده فنجان قهوة عاد لشربه من جديد بعد انقطاع.
نظره شارد نحو السماء… نفس السماء المشتركة بينه وبين الجميع، لكنها بالنسبة له بدت كأنها تحمله أسرار لا يعرفها غيره.
رن هاتفه.رفع السماعة، فكان المتصل “علي”:– “بعتلك رسائل على الإيميل.”
تنهد آدم وهو يضع الفنجان على السور:– “نسيت إن أنا في إجازة يا علي.”
– “بس الإيميلات دي مهمة…”
قاطعه آدم ببرود – “مش هعمل أي شغل في إجازتي… حتى لو هتربحني ملايين.”
ساد صمت قصير، ثم قال علي باستسلام – “خلاص… ماشي.”
أغلق آدم الهاتف، وألقى نظرة أخيرة على السماء قبل أن يعود إلى الداخل.
جلس أمام مكتبه، فتح جهاز اللاب توب.بعد دقائق… ظهر إشعار على الشاشة مم بريده الشخصى
فتح آدم ليجد رسالة ضغط عليها فظهرت أمامه صورة واضحة لزياد وأسير في الملعب، والابتسامة تغطي وجهيهما.تحت الصورة كُتبت جملة بخط بارز:
“اللاعب زياد آدم المسلم.”
توقف قلبه للحظة وهو يقرأ الاسم على بطاقة ابنه المعلقة في الصورة.
ابتسم بخفوت غامض، ثم أغلق الرسالة بعد أن أرسل ردًا
قام من مكانه، دخل غرفته بهدوء، فتح الدرج الجانبي.
أخرج جواز سفره، بطاقته، وأوراق سفر مرتبة بعناية… ووضعها على الكمودينو بجانب سريره.
—
في شوارع القاهرة…كان زياد يترجل من السيارة بجانب صفاء.قال لها وهو ينظر حوله ببراءة:
– “ليه ماما موصلتنيش؟ هي مش عندها شغل النهاردة؟”
– “ماما عندها مشوار مهم.”
توقف زياد – “طب عايز أروح معاها.”
هزت رأسها نافية– “ماينفعش يا زياد… المدام قالت لازم تفضل هنا، ونخلص ونروح البيت سوا.”
اقترب زياد منها أكثر وهو يهمس بعناد طفولي– “بس أنا عارف إنها هتفرح لو رحت… خلينا نعملها مفاجأة.”
صمتت لوهلة، ثم ابتسمت باستسلام وهي تلمح نظراته الماكرة.
غمز لها زياد بخفة كأنهما عقدا اتفاقًا سريًا، وبدأ يتحرك مبتعدًا.لكن خطواته توقفت فجأة…عيناه اتسعتا حين لمح كلبًا ضخمًا يقترب من بعيد، عيونه تلمع قرب زياد منه
شهقت صفاء بفزع – “زياد! أبعد عنه… ده خطر!”
زياد وقف قدام الكلب بابتسامة عريضة، قال للخادمة وهو يمد ايده عليه– “متقوليش زى ماما… بصي، ده هادي خالص.”
لمس رأسه بحنية، ومد له قطعة الباتيه اللي كان ماسكها – “خد
هزت الخادمة رأسها بياس وقالت بضيق – “طب متلمسهوش، إيدك زمانها اتوسخت… يعع!”
ضحك زياد ببراءة وهو يطبطب على الكلب – “يا داده، شكله هرب من صاحبه… ده نضيف خالص.”
تنهدت بحيرة وهي تراقبه– “مامتك هتزعل جدًا لو شافتك معاه… يلا سيبه وادخل.”
لكن زياد نظر لها بعناد طفولي – “مش عايز أسيبه… ممكن آخده معايا؟”
شهقت وقالت بجدية– “إيه؟! لا بقى… انت كده بتهزر بجد!”
ظل زياد واقفًا، ينظر للكلب الذي اقترب أكثر
—
فى الجنينه الخصبه… كان الهوا ساكن وهادي، والطيور بتحلق حوالين السماد فى لحظة انسجامية نادرة، وكأنها لوحة مرسومة بعناية.
واقفه أسير بصمت، عينيها شارده، كأنها نسيت العالم وضوضاؤه، مستسلمة للهدوء.
قطع السكون صوت خطوات وريحة مألوفة،التفتت بخفة… ووقف جنبها آدم، بوجهه اللى ما زال محتفظ بنفس اللمعة.
اشير– “مقولتش إنك نزلت… ليه؟”
– “لسا جاي… حبيت أعملك مفاجأة.”
تنهدت أسير وقالتله بنبرة هادية– “إنت الوحيد اللى عارف إجازتي باخدها هنا.”
– “أتمنى ماكنتش قطعتها عليك.”
سكتت لحظة، وبعدين نظرتله بعينين صريحة وقالت:
– “هكون صريحة معاك وأقولك… إنك بتيجى لما بفكر فيك. وإنك جنبي، دايمًا بتقاطع تفكيري وتظهر، يا آدم.”
قرب منها خطوة وقال بنبرة عميقة – “لأني بحس بيكي أكتر من نفسي… بس ليه بتختاري ألمكان ده؟”
ابتسمت أسير – “عارفة إنك عارف… بس هجاوبك.”
مدت إيدها وأشارت لبعيد – “بُص وراك… شوف الفندق اللى ظاهر من بعيد، من قمته. ده نفس الفندق اللى حجزته لينا.”
نظر آدم للبعيد، والعينين اتقابلوا بعد ما لمحت ذكريات قديمة في المكان ده.
ابتسم ابتسامة مشوبة بالشجن وهو يقول:
– “وفيه شهر… شهر عسل، قضيناه هنا.”
سكتت أسير، وفضلت عينيها تتابع الطيور فى السماء، وكأنها بتهرب من مواجهة مشاعرها… بينما آدم وقف جنبها، وصمته كان أبلغ من أى كلام.
نظرت له أسير، وعينيها جات فـ عينه مباشرة، ملامحهم اتشابكت وكأن اللحظة حبست الزمن حوالين الاثنين.
اسير:– “الرحلة كانت طويلة عليك…”
– “كش أطول… من بعدك.”
سكتت أسير لحظة، ثم قالت بصوت – “ممكن تتابع الجريدة اللى أنا شغالة فيها… بس من غير ما تسألهم عني؟”
رفع آدم حاجبه باستغراب وقال– “حد ضايقك بحاجة؟”
هزت رأسها– “إنت مخوفهم مني… حتى المدير بيخاف يتكلم معايا بسببك.”
آدم بهدوء– “دي حاجة ما تزعجنيش.”
تنهدت أسير وقالت – “هتفضل كده… بتخاف عليا من الكلمة؟”
اقترب منها خطوة، صوته بقى أعمق – “ما عنديش مانع أفضل كده… بطبيعتك إنتِ رقيقة يا أسير، أقل كلمة ممكن تزعلك.”
نظرت له باستغراب، وهمست – “وإنت مش بتزعل؟”
اقترب أكتر، وصوته بقى خافت لكن صريح – “مجرد ما أشوفك زعلانة… بتحرق.”
شعرت أسير بارتباك، وقفت قدامه، وهو وقف أمامها وجهًا لوجه، المسافة بينهم تضيق.ابتسم آدم وقال:
– “قولتلك… أنا لسه جاي من سفر على هنا. وشايف مراتي… ما حضنتنيش ولسه سايبة بينا حاجز كبير من ساعة ما اتجوزنا.”
ابتسمت بخجل، ابتسامته زودت دفء اللحظة.قال لها وهو يميل برأسه:
– “أظن أنا بطلب حضن بس.”
قتربت منه بخطوات بطيئة… ثم مدت ذراعيها وحضنته.بادلها آدم العناق بشوق وحنين متراكم،وأسير حضنته بنفس الشوق، بنفس القوة، وكأنها كانت محتاجة اللحظة دي أكتر من أي حاجة.
قال آدم بصوت واطي وهو بيشدها أقرب لحضنه – “بيظهر ضعفك في حضني.”
– “لإني دايمًا ضعيفة قدامك.”
لكن فجأة صوت بعيد قطع اللحظة… صوت مألوف جدًا لأسير.التفتت بعينيها… واتفاجئت لما شافت زياد بيجري بكل سرعته ناحية آدم.
قالت باندهاش – “زياد؟!”
ابتسم آدم وهو يراقب ابنه يقترب وقال بخفة – “مبقاش أنا الوحيد اللي عارف المكان ده.”
قفز زياد في حضن والده، صوته مليان شوق – “بابااااا!”
ضمّه آدم بقوة، كأنه خايف يفلت منه، تنفس رائحة ابنه بعمق – “وحشتني قوي يا زياد.”
رفع زياد رأسه وهو مبتسم بعفوية – “رجعت إمتى؟”
رد آدم وهو ماسك وشه بين إيديه:– “لسه راجع.”
قال زياد بسرعة – “مش هتوديني معاك؟ إنت وعدتني.”
هز آدم رأسه بحنان وقال – “المرة دي… هنكون سوا. مش همشي.”
ابتسم زياد بحماس، قرب منه وقاله حاجة في ودنه…آدم سمع، ضحك ووشه نور فجأة.اسير بصّت باستغراب، وقالت بنبرة متوترة:
– “في إيه يا زياد؟”
آدم اكتفى بابتسامة وهو يبص لابنه، وزياد أومأ برأسه بحماس كأنه بيأكد كلامه.ازدادت حيرة أسير وقالت بحِدّة:
– “زياد… بتقول إيه؟”
مرظش عليها اضايقت قالت– “زياد… إزاي جيت هنا؟”
– “داده جابتني… ومعايا صاحبي.”
أسير استغربت أكتر – “صاحبك؟”
وفجأة سمعوا صوت نبيح كلب عالي، والتفتت أسير برعب…لقت كلب بيجري ناحيتهم بسرعة.
اتصدمت وهي شايفة زياد بيجري ناحية الكلب، قالت – “زياد! متهزرش… سيبه فورًا وابعد عنه!”
وقف زياد معاه وهو بيشاوره بحنان– “ماما ليه بتخافي منه؟ أنا بحبهم… وهو كويس، بصّي!”
ارتفع صوت أسير أكتر، خوفها واضح في نبرتها– “زياد، بقولك ابعِد عنهم حالًا!”
الكلب قرب بخطوات وعينيه مثبتة على أسير اللي بدأت أنفاسها تتسارع بصلها آدم قرب منها ووقف جنبها وقال بهدوء:
– “لسه عندك فوبيا منهم؟”
هزّت رأسها بخوف – “آدم… أبعده عني!”
مد آدم إيده من وراها حاوطها بذراعه، ضمها لجسده، وقال بصوت ثابت – “اهدي… هو بيشم ريحة خوفك. كل اللي محتاجاه إنك تهدي.”
الكلب بدأ يلف حواليهم،آدم قربها منه أكتر نستغل اللحظه وحط راسها على كتفه، صوته عميق – “خدي نفس عميق… معايا.”
زياد لمح نظرة الخوف في عيون أمه، فمد إيده وأشار للكلب وفعلاً الكلب بعد عنهم
رغم ابتعاد الخطر، آدم ما بعدش عنها، كان لسه ماسك إيدها، وصدره ملتصق بكتفها بص لتعب ملامحها وقال بنبرة جدية:
– عملتي إيه عند الدكتورة؟”
اتفجات من معرفته آدم شد إيده على إيدها أكتر وقال:
– “أنا عارف كل حاجة عنك. مش معنى إني بروح أشوف شغلي… تبقى عيني مش عليكم.”
– “بترقبني؟”
قرب منها آدم، صوته فيه دفء واشتياق:– “سميها مراقبة لو عايزة… لكن أنا بس شوق غلّاب، وقلبي لسه… مشتاقلك.”
دق قلبها بقوة، وفي لحظة ارتبك فيها جسدها، وقعت ورقة من يدها على الأرض كانت ورقة تحاليل،فى لحظه صمت قال – “عارفة إن النهارده… كان يوم جوازنا؟”
ردت أسير وهي ناظرة في عينيه– “عارفة يا آدم.”
اشار بإيده ناحية الفندق البعيد اللي قمتُه باينة وسط الأفق – “شايفة الفندق ده؟”
التفتت أسير وعبنهم الاتنين على الفندق رجعها لسنين ورا…
—
لما صحيت في أوضة غريبة، قلبها بيرتعش من القلق. قامت بسرعة، عينيها بتدور في المكان وهي بتنادي بخوف– “آدم… آدم، إنت فين؟”
فتحت الباب، لقت بنت واقفة مبتسمة وبتقول بلطف – “إزيك… يلا نبدأ تجهيز.”
أسير بصت لها باستغراب – “إنتي مين؟”
ضحكت البنت وقالت بثقة– “أنا الميكب… واللي هساعدك النهارده تطلعي بأحلى إطلالة.”
قلب أسير كان بيرتعش وهي لسه مش مستوعبة… لحد ما لقت نفسها نازلة بفستانها الأبيض، والعيون كلها عليها. وقفت قدام الباب، صوتها الداخلي كان بيرتعش وهي بتقول لنفسها – “أنا… أنا خايفة.”
لكن فجأة، الباب اتفتح… وظهر قدامها آدم ببدلته السودا الأنيقة. ابتسامته الدافية خففت كل ارتجافها قال لها وهو بيقترب – “في حد يعيط يوم فرحه؟”
اتسمرت مكانها، عينيها مش قادرة تبعد عنه.مد إيده في جيبه، وخرج منها خاتم، وقال بنبرة فيها شقاوة وصدق في نفس الوقت:– “تتجوزيني؟”
ارتبكت وضحكت وهي بتقول:– “إحنا متجوزين أصلًا!”
قرب منها أكتر، عينيه غارقة في عينيها– “عارف… بس النهارده هو جوازنا الحقيقي. وفرحنا… اللي هيفضل.”
مد إيده وخد إيدها، والاطمئنان غمر قلبها. لحظتها، كل خوفها اختفى، ومافضلش غير فرحة حقيقية وطمأنينة، أول مرة تحس بيها من قلبها.
—
رجعت أسير من شرودها، لكن عينيها لسه غرقانة في الذكريات.شايفة آدم قدامها، لكن عقلها بيرجع لأيام بسيطة…
—
فى يوم فترة استراحة ادم وزياره اسير ليه الى فجأته، كانت قاعدة جنبه على صندوق خشب صغير، في إيده مفتاح صليبة، وفي إيدها صندوق أكل فتحته، ومدت له سندوتش كأنها أم بتطعم ابنها.
قالت بجدية رقيقة:– “بص… لو نزلت من غير أكل، هاجيبلك الأكل لحد هنا. أنا مش بحب أقصر في واجباتي كزوجة.”
آدم رفع عينه لها بابتسامة دافئة، وصوتها بيوصل لقلبه أكتر من ودنه.قال وهو بيضحك بخفة – “واجِبات الزواج… عن الكل.”
احمر وشها خجلًا، ابتسم هو أكتر، وساب نفسه يستمتع بنظرتها دي.، قامت حاطة السندوتش في بقه بعفوية، وقالت – “كل .”
ضحك آدم وهو بيمضغ، وبصلها بعينيه اللي عمرها ما نسيتهن كان وقتها عارف… إن البساطة معاها أحلى من أي فرح كبير.
—–
تتعلق عيون أسير بآدم، والذكريات تسحبها من بين أنفاسها…تفتكر وهي قاعده مع عمتها بتعمل معاها الأكل وعاصم وآدم راجعين من برا، عاصم”الشيف الشربينى بنفسه”
قالت أمه “بس مضايقهاش على الاقل بتساعد مش زيكو”
عاصم”نساعد ف اي طيب نعملكم كوبايتين عصير”
اتغازت اسير ضربه ادم وقاله ” أسير بتحب النسكافيه ادخل اعمله”
بص عاصم لاخوه لقاه بيعقد معاهم ويلص لاسير ابتسم قالها ” عرفتى الشهاده بتتحط فين وإنك مكانك المطبخ”
اتغاظت أسير أكتر وقالت “ادددددم”
هنا انفجرو ضحكا
—-
كانت عينها سابحه فى السما فى ذكرياتنا بتفتكر زكان
ادم كان وجهه كله شحم من الورشة، واقف قدامها بابتسامة متعبة قالها بحذر وهو ماسك نفسه: “ماتقربيش… هتتوسخي.”
ضحكت أسير وهي بتبصله بعين كلها حب– “ده اعتقادك عني دايمًا، عشان كده بتبعد… أنا ينولني الشرف ألمسك يا آدم.”
قربت منه بخطوة صغيرة، مسحت خدّه بإيدها… وباست طرافه بابتسامة دافية.
هو ساعتها حس إنه الدنيا وقفت بس عشان اللحظة دي.
…
وبتسحبها الذاكرة أكتر، للحديقة… والمرجيحة.كانت قاعدة عليها زي طفلة، وآدم وراها بيهزها بخفة.صوتها جاله رقيق، فيه كسوف وصدق:– “ندمانة.”
ادم – “ندمانة على إيه؟”
بصتله من فوق كتفها وابتسمت:– “على غباي… بس دلوقتي بعيش لحظة كنت مخططلها في أحلامي مع زوجي.”
اقترب منها، صوته مليان دفء:– “وأنا بعيش مع حلمي نفسه.”
—-
تعود أسير للواقع، ترمش بعينيها كأنها بترجع من فيلم.تاخد تنهيدة عميقة، دمعة محبوسة على طرف عينها.
آدم وقف قدامها، عيونه متمسكة بيها، صوته جه واطي لكنه ثابت:– “كفاية بعد… ارجعي.”
كلمة “ارجعي” كسرت الحاجز اللي بين قلبها وقلبه، كأنها دعوة، وكأنها وعد.
آدم وقف قدامها، نبرته حادة لكنها مليانة صدق:– “أنا ما وافقتكيش عشان تكمّلي علاج… أنا وافقت قراراتك بالبعد من بعد جوازنا. لأنك اخترتي كده، وأنا احترمت قرارك. أنا مكنتش مستني منك تكوني كويسة… أنا كنت مستنيكي إنتي. وبما إنك مش قادرة تقوليها… فأنا بقولهالك تاني وتالت ورابع… ارجعيلي.”
نظرت له أسير، دموعها بتلمع، مش عايزة تبين ضعفها.
هو كمل: – “مش عايزانا نكمّل شهر العسل هنا ف الفندق.”
غصب عنها ابتسمت ابتسامة صغيرة، قلبها اتخطف منها قبل عقلها،لكن نباح الكلب قطع اللحظة، خلّاها تبص لزياد الى حضن الكلب بخوف من امه
قال زياد لأبوه ببراءة: – بابا
ادم- عايزه ولا أجيبلك غيره؟”
بصّت أسير لآدم بشده قال آدم بابتسامة هادية:– “لا يا زياد… ده جميل، وحبيته.”
زياد فرح وكمل لعب مع الكلب، وأسير فضلت واقفة بصاله قرب منها وقال بهدوء مطمّن:– “هيكون في الجنينة… له بيته ومكانه. ماتقلقيش.”
ابتسم زياد من غير ما يسمع كلامهم، وفضل مشغول باللعب، أما آدم، فثبت نظره على أسير وسألها بنبرة مختلفة – “ودلوقتي…؟”
قالت أسير – “ودلوقتي نرجع البيت… وتيجي معانا. المحامي كفاية ينام جنب زياد الليالي المتابعة… وترجع أنت للأوتيل.انت هتيجي البيت… بيتك، في استقبالك من سفرك.”
آدم – ماكنتش هاعترض لو اتقالتلي كده زمان… منك إنتي.”
في البيت كانت معموله حافله هاديه تورتة جميله محطوطة على الطاولة، وشمع منور بضوء دافي.زياد كان قاعد قدامها، يمد إيده بشغف عشان يطفي الشمع، لكن نظرة الدادة الحادة وقفت حركته، فسكت وقعد مكانه.
ظهر آدم من وراهم، التفتت صفاء له بابتسامة مجاملة، زياد” هتقعد معايا لحد ما ترجع؟”
آدم جلس جنبه، ونظر له بعينين صادقة وقال– “مفيش رجوع بقا يا زياد… يعني انت هتكون معايا على طول، ومفيش خيار بيني وبين ماما تاني.”
زياد فتح عينيه بدهشة – “بس ماما… مش هسيبها لوحدها!”
ابتسم آدم وربت على كتفه:– “فاكر إني هسيبها من غير راجل؟… طول ما انت معايا، هي هتكون معانا.”
ابتسم زياد براحة، وقال بسرعة:– “يعني هتاخدني أشوف روسيا؟”
الباب اتفتح وخرجت أسير…لابسة فستان رقيق بلون بنفسجي يميل للأحمر، شعرها منسدل بعناية، وجهها هادي ومليان أنوثة.
ضحكت أسير من عينهم وقالت:– “ف إيه؟”
زياد رد بسرعة وهو لسه مبهور:– “ماما… انتي جميلة أوي.”
ابتسمت أسير بحنان، ونظرت لآدم اللي لسه ساكت وما قالش كلمة.اقترب منها آدم بهدوء، مسك إيدها، ووقفها جنبه… كأنه يعلن قدام الكل إنها له وحده.
قالت أسير بابتسامة رقيقة:– “شكرًا على الفستان يا آدم
آدم نظر في عينيها وقال بثبات:– اللون مش بيفكرك في حاجه… عنّابي.”
وشها احمر وبصيتله بابتسامه قال– “ذاكرتك قوية.”
ابتسم وقال– “معاكي انتي بس.”
تدخل زياد بحماس طفل “ماما… يلا اتمني أمنية عشان ننفخ الشمع.”
وقفت أسير تنظر بين زياد وآدم، وأغمضت عينيها للحظة آدم اقترب منها أكثر، وكأن قلبه سامع ما لم تنطق به، وقال بصوت دافي:
– “القمر الليلة مكتمل.”
نظرت إليه تفهم قصده، عينها راحت للمرايا المعلّقه قدامها، مرسومه خصيصًا ليها، مختلفة عن أي لوحه، لأنها كانت مرآه تعكس صورتها ويظهر خلفها القمر كأنه واقف جنبها من النافذة. لحظتها حسّت إن المشهد معمول بس عشانها.
آدم مد إيده بهدوء، مسك يدها ومعاهم زياد، وقطعوا التورته سوا. زياد بعفويته الطفوليه مد القطعة الأولى لمامته، وأسير ابتسمت من قلبها من حنان ابنها، لكن بسرعه عشان ما يزعلش أبوه ادته له القطعة في الحال. زياد اتعلق في رقبة آدم عارف أبوه قوى بين أعين عاشقه واهنه للحب أعين، الحب الذى أخذته الدنيا هبائا ونثرا لكنه لم حلا بل كان دائا لا يزول داء عشق طفوله مميت، داء لا يعالج الى بدواءه
تحت سماء الليل، أسير قاعدة جنب آدم، قريبة آدم بص لها وقال بهدوء – زياد نام.
ابتسمت وقالت – سهر كتير النهارده عشانك.
رد عليها وهو بيعدل جلسته – المهم يحلم كويس.
بصيتله اسير على أيسر صدره بينزل آدم قميصه قليلا وتظهر ند.به من جر.ح قديم قالتله اسير
– أثر الطلقه مش هينشي
– زي أثر حبك
صمتت بصيلها آدم وبصوت أهدى من الليل نفسه سأل:– اتمنّيتِ إيه؟
سكتت لحظة، وبعدين همست– عيلة.
بصلها من الى قالته رفعت نظرتها ليه وقالت – اتمنيتك انت.
تبادلوا النظرات تحت سماء مرصعة بالنجوم، هبت رياح دافئة، حملت معاها نسيم ربيع
“النهايه”
بقلم نور الهادى
رواية أسير العشق
- لقراءة الفصل السابع والثلاثون : اضغط هنا
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية أسير العشق)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)