روايات

رواية ظلمات ال نعمان الفصل الأول 1 بقلم لادو غيم

رواية ظلمات ال نعمان الفصل الأول 1 بقلم لادو غيم

 

البارت الأول

 

 

نبحر بقواعد خيالنا الرحال إلى أحد القصور العريقه ببناء منذ عام 1920ورغم مرور الدهر إلا أنها مازالت تحمل من الأناقه و الجمال ما يخطف عيون الناظرين’ثمَ نخطوا فتفتح الأبواب لنا علي مصرعيها لنداهم مكتب هذا القصر العريق الذي حملا أقوى و أفضل العائلات علي الأطلاق نسل عائلة النعمان’حيث نشأ داخله رجالاً تربوا على الأصوال و التقاليد و عزة النفس و صلابة القلب التى جعلتهم يتربعواً على عرش الرجال:
و حينَ نترك أقدمنا للسير تاخذنا إلى حجرة المكتب حيث يقف داخلها أحد أبرز الأحفاد على مر العصور لتلك العائلة«خليل النعمان» الشامخ أمام دهر الحياه بـصلابه توارثها من أجدادهُ العظماء الذين نالوا شـرف الـخدمة بـجيشنا الـعريق’هؤلاء الأجداد الذينَ زرعوا بداخله بذرة القانون لـيصبح أول محامى بتاريخ عائلته’و ليس هذا فقط بلا أنه المتحكم بأدارة شئون عائلتهُ تـحت قيادة عمـه السيد«منذر النعمان» يـقف صاحب الأثنان و ثلاثون عاماً ببذلته السوداء التى تناسب معا هيئتهُ البارزه بـالشموخ’ممسكاً أحد كتب القانون يتفحص أحد بنوده’فـى تركيزاً تام و بمعصمه الآيسر يحاوط فنجال «قهوة بالزعفران»
قهوته الخاصه التى صادقته منذ كانَ بعمر السادسة عشر’ووسط هدؤ موضعهُ دارة خضرويتيه أتجاه صوت «السيد منذر»الذى دخلا إليه متحدثاً بستفهام:
“خليل” منزلتش المكتب ليه’!! أنتَ ناسي أن ورانا أجتماع مهم فـى الشركه و لإزم تبقي متواجد بصفتك مدير الشئون القانونيه و نائب المدير العام ووجودك مطلوب’؟

هـكذا عاتبهُ عمهُ”منذر”مما جعلهُ يـغلق الكتاب و يستدير لهُ بـحتراماً مجيباً:
متقلقش هخلص المشوار اللي عندى’و هبقا متواجد في الأجتماع قبل الكل’!

أقترب إليه الأخر يحادثهُ بـستفسار:
أنتَ لسه مصمم على ترشيحك لمجلس النواب’!

تناولا رشفه من قهوته تزمناً معا قوله:
مظنش فـى حد أحسن منى يستاهل يبقي
نائب يا عمى’!

«السيد منذر» بمناقشه:
أنا مقولتش حاجه يا “خليل” لكن أنتَ معندكش وقت’أنتَ وقتك كله بين المكتب و الشركه هتجيب منين وقت لمشاغل المجلس’؟

قطب جبهتهُ على عيناه بجواباً رآسى:
زي ما لقيت وقت للشركه و المكتب معا بعض هلاقي وقت للمجلس’متشغلش بالك عليا أنتَ عارف كـويس مين هـو “خليل” أبن أخوك’

حرك «السيد منذر» رأسهُ بـستسلامً قائلاً:
دماغك ناشفه زي أبوك الله يرحمه’بتفكرنى بيه كان حمقي و عصبي زيك و كلمته من دماغه مبيهموش حد و إلا بيخاف من حد لدرجة أنى كنت دائماً بقوله أنتَ بتفكرنى بالجندى اللي ماشي و شايل روحه علي أيديه و مش هموه حد’! و أنتَ نسخه من أبوك صحيح اللي خلف مَمتش’

طالا النظر إليه و كان الزمان ترك ملامح أخيه على وجه ذلك الأبن و الوريث لممتلكات أبيه’الذي ترك فنجال قهوته حينما قال بحزناً خفى خلف جدران حديثه:
الله يرحمه’ و يجمعنى بيه فى سلام’عن إذنك مضطر أمشى دلوقتى عشان الحق وقتى’
ـــــــــــــــــــ’
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم ????

بين طيات الفؤائد و حنين الأحتواء تمكُث “داليدا” داخل السياره بجوار زوجها صاحب الثلاثون عاماً يجلسان بـالمقعد الخلفى بنقابها الذي يستر نعمة الله سبحانه و تعالى فـى جمالها الذي يروي العيون’و خـلف ستار ذلك النقاب تلـمع مقلتيها مـثل غصن شـجرة أتاها شباب الحياه بـلونها الأخاذ تنظر من خـلف الزجاج لبعض قطرات الندا التى تساقطط بعد اوانها تداعب قلبها المشتاق للحظات الصغر’
فـقـررت أخذ دقيقه من حياتها العائمة فوق ضفاف الأحزان’و نـزعت جـونت يدها الآيسر و أخرجتها لتلامـس قطرات الندا فـشعرت بـالبسمه تـغزو شفتاها بـرحيق الحياه و أغمضت مقلتيها لتتناغم معا ذاك الشعور’فـاذا بـيد عابره تـمسك بيدها لـيهب القلب بنبضاً أضاء جفونها للتفتح على من يـمكث فوق دراجته بـجوار سيارتها و إلا يظهر منهُ سوا مقلتيه التى تشبه الشمس وقت الصباح’

داخلى أيدك جوه” العربيات جايه من وراكِ سريعه’
هتشيل أيدك من كتفك خالص’
قـذف الأحتواء داخل صدرها و هبا بالذهاب من جـوارها ليتفادى سيارتها بعدما تركها بين ضفاف النبض تحترق بـحيره أثار ذلك الغريب الذي أعطاها لحظه من الأحتواء الذي لم تجدهوا معا زوجها منذ أشهر و بين ذلك الشعور عادت إلى روشدها و ادخلت يدها تلبسها الجوانت تزمناً معا ذكر الله تعالي بهدؤ:
أستغفر الله العظيم’أستغفر الله العظيم’
أعوذه بالله من الشيطان الرچيم’

كانت تردد كلمات الله و لم تدرك أن بجوارها من يراقبها بـحنقاً غليظ يتوعد لها بـالهلاك حين عودتهم للمنزل’
ـــــــــــ”
يا رب العالمين اغفرلى و أغفر لكل مشتاق لمغفرتك يا رحيم????»
ذهبَ ذاك الغريب بدراجته قاصداً السيده «زينب» و حين وصوله توقفت الدراجه بأحد الشوارع العريقه الشعبيه ببشر يحملون قلوباً مثل الطير بيضاء’و ما أن تدلى من فوق دراجته ببنطالة الچينز السماوى و سترته الجلد السودا التى تليق معا ذاك التيشرت الأبيض بالأسفل’ و نزع الخوذه أمام قهوته رافعاً يده يلقى التحيه على الجالسين:
صباح الروقان يا رجاله’

أنتبه الجميع له يردون التحيه بحباً بارز من قلوبهم:
صباح الفل يا معلم«سلطان»
أجل أنهُ «سلطان النعمان» أحد أحفاد عائلة النعمان لكنه يمكث «بالسيد زينب» حيث نشاء معا والدته بها بعد وفاة والده حينما كانَ صغيراً’

«أنتَ بجى سلطان فينك من بدري ضهرى أتجطم من الجعده على الكرسى و أنا مستنياك’!!
التفت لمن تحادثه فكانت ترتدى ملابس تشبه البدو بذاك البرقع القماش الذى يستر وجهها’
فقطب جبينه بستفسارً:
و تستنينى ليه أن شاء الله كان فى بينى و بينك معاد’؟

ضيقة عيناها بستفهام:
وااه أنتَ لسه هتجف تتشاور معايا خلينا نطلعوا نريحوا فوج شويه عايزه أطس چسمى بشوية مياه صاجعه الچو حداكم حر جوى’!

ضيق عيناه بغرابه جرأ حديثها العارى من الحياء فتدلت العبارات منه بذات العري:
أنتِ واعيه على كلامك تطلعى فين إيه عادى كدا مفيش كسوف خالص’! بقولك إيه لو عايزه مساعده هاتى اللى عندك أنا من أمبارح منمتش و عايز أطلع أرتاح و مش فاضى لوجع الدماغ و الحركات ديه’!

وااه حركات إيه بس مش أنتَ بتجول تعبان تعاله نطلعوا و انجعلك رچليك بشوية مياه و ملح و نريحوا و أنتَ هتبقا زى الفل’

فرك لحيته الخفيفه ببتسامة ساخراً:
مياه و ملح كمان ناقص تقوليلي هقفلك علي باب الحمام با الفوطه:؟

أشاحت نقابها ببتسامه:
و مجفلكش ليه من عنيا’

ضرب كفتيه بزمجره:
لاء كدا كتير بقولك إيه يابت أنتِ حد ذقك عليا والا مبلبعه حاجه و جاية تهبى عليا’! يلا أمشى أنا مش فايق للهبل دا’؟

حاولا التفت فأمسكت بذراعه تزمناً معا قولها الذي أصبح مهتزاً:
أستنا بس متهملنيش أنا ماليش حد غيرك’مش أنتَ بردك «سلطان أبن عم حارس و أبن الحاچه صفيه»

تنهدا ببرود:
أيوه أنا أنتِ بقا مين’!

أنا «سمرا» بنت خالتك زبيدة أمى و أمك يبجوا بنات عم أنا چاتلكم مره و أنا صغيرا و لعبنا سوا و أنتَ چات حدانا مره معا عمى «حارس و عمَتى صفيه»

لمعت ذاكرته ببعض الذكريات التى جمعتهم صغاراً فحاولا التريس و التحدث برسميه:
ااه أفتكرتك أخبارك إيه و إيه اللى حدفك علينا’؟

تنهدة بحزن:
دي حكاية طويله چوى أمى ماتت و جبل ما تموت وصتنى أدلى ليكم و أعيش وياكم عشان مبجليش حد غيركم’!

قطب جبهته بستفسار:
تعيشى معانا أحنا’!

تدللت ببتسامة التمنى مثل الصغار:
أيواه معاكم و بجولك إيه بجا خلينا نطلعوا لاحسن خلاص الشمس كلت رأسي’!

أوقفها بحديثه الجاد:
أستنى بس تطلعى فين أنا أمى مش هنا فى الحج’و أنا عايش لوحدى’؟

رتبت على منكبه بذات الأبتسامه:
متجلجش أنتَ فى مجام أخويا و حد الله بينى و بينك و الشيطان لو جرب مننا هحرج هولك يلا بجا هات بهچة خلجاتى و حصلنى’الناس جلولى أن دى عمارتك ما شاء الله عينى عليها بارده’ياتره الشجه شكلها إيه على أكده’؟

تخطته و دخلت إلى البنايه فأمسك ببهجتها بستغراب:
دي مجنونه أكيد خدى يا بنتِ رايحه فين’

التفتت له حينما وصلت لنصف الدرج بعدما عربت عن جمال وجهها وحينما رفعت النقاب عن عيناها السودا التى تسرق قلوباً مشتاقه للغرام رفعت النقاب لتكشف عن ملامحها البارزه بجمال الأصوال الفرعونيه الأخاذه:
طالعه شجتك يا «سلطان» أكيد هتبجى زينه كيفك’؟

سحر عيناها التى تشبه الليل المعتم بنجوم تخطف القلوب جعلته يتريس بخطاه و كأن العالم توقف للحظات ثمٕ عاد إلى رشده محركاً رأسه ببتسامة ساخراً:
أنتَ حضرت أنا بقول تاخد أجازة اليومين دول عشان شكل اللي جاى منيل بستين نيله’
صمت لثوانى ثمَ تمتم بشموخاً قائلاً تلك المره:
أجمد يا«سلطان» مش حتت بت جايه من بدو الصعيد هتهزك يلا خلينا نشوف أخرتها إيه’؟
ــــــــــــــ”
يا حى يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لى شأنه كله.و إلا تكلنى إلى نفسى طرفة عين????

بـعد ساعه تتلقي داليدا صفعات متتاليه تلازمها منذ دخولها من باب المنزل حتى صعودها لحجرة نومها’
تستقبل صفعات الغضب من ذلك الزوج العاصي الذي ينعتها بأقذر الألفاظ و أبشعها’
يا زباله مقعده جانبك طرطور و مفكرانى مش شايفك و أيدك في أيد أبن الـــــــــــ* لوله أنه جري بالمتوسيكل كنت فرمت أمه’

تـراجعت برتعاش للواء بـخوفاً تجلى من بحتها الباكيه:
أقسملك بالله لمس ايدي بالصدفه’كان بينبهنى للعربيات اللي جايه’

أنهال عليها بصفعات لم تـخمد من ثورته’و سجن شعرها الغجري بـقوه بين أصابعوه يمزقهوا من الجذور:
لا وحياة أمك بينبهك’و الا حس أنك واحده شـمال فقال المسها و مالو’أصل عينتك باين الرخص عليها’

حـرام عليك دا ربنا شاهد و عالم و لو عملت حاجه تغضبوا قادر يـحرقنى حالاً قدامك أو يبين فيا’بـلاش تظلمنى دا ربنا قال”
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ”
بـلاش تتعاقب بسبب ظلمك ليا أنتَ مهما كان جوزى و يصعب عليا عذاب عظيم زي عذاب ربنا يأخى’

تصارعت الدماء لتظلم عيناه مـثل جحيم الحياه حينما القاها فـوف الفراش بقولاً:
أهو دا اللي أنتِ فالحه فيه بوقين الدين اللي حفظه هوملى’طب دين بدين أدينى حـقوقي اللي حرمانى منها بقالك شهر ياست الشيخه’

تـراجعت للواء برتعاشاً ذائد تكور جسدها مثل حينما قالت وسط بكائها:
مبقتش أخليك تـقرب منى من يوم ما عرفت بنزواتك و أنك كل يوم معا واحده شكل و كل يوم علي سرير جديد’أنتَ أعوذه بالله زانــى’ملعون عند ربنا و ربنا قال
(الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
و أنا مؤمنه يا “أدهم” و مش هقبل أنى أغضب ربنا بسبب مطالبك حـتى لو كنت جوزى’

لـو أنتِ مش هتقبلي أنا بقي هقبل عصيان بعصيان مش أنا في نظرك ملعون فخلينى اتلعن ذياده’؟!

بتلك الحظه الهائله بـالصعاب على كليهما لم يكف الهاتف عـن الأتصال فـنحنى و حملوه مجيباً بـحنقاً:
إيه يا “خليل” زن زن لقتنى مبردش تبطل زن’

واقف العربيه وأنزل دققتين يا “مسعد”
هتفَ “خليل” بامراً للسائق الذي لبئ الأوامر و أوقف السياره و نزلا منها’تاركاً “خليل” يجيب بحنقاً برزا من عيناه التى تماشت معا بحتهُ المضببه بـالغضب الخفئ:
أنا نزلت السواق عشان مهزقكش قداموه من أمتا بنعالى صوتنا على بعض يا “أدهم” أنتَ أتجننت و
إلا إيه أنتَ نسيت أنى أبن عمك الكبير و ترد عليا بحترام و إلا الجواز و عيشتك لوحدك معا العروسه نسيتك الأحترام”؟ قـولى يمكن عايز تتادب من أول و جديد’

أبتلع “أدهم” ذلك الغضب الذي يحاوطه متحدثاً بحتراماً يتناسب معا كون الأخر الأكبر منه سناً و مقاماً:
أسف يا “خليل” كنت متعصب و جأت فيك’أتفضل كنت متصل ليه’؟

هتفَ بحنقاً:
متصل عشان أشوف البيه مرحش الشركه الحد دلوقتي ليه أنتَ ناسي أن ورانا أجتماع مهم و لازملوه تجهيزات و تحضير أوراق من أختصاصك’

حرك رأسهُ بأيماء تزمناً معا بحته الجديه:
أعتبرنى وصلت الشركه كلها دقايق و هبقي هناك و هظبط كل حاجه متشلش هم’؟

أخرج تنهيده جافه تزامناً معا قوله الرسمى:
شـوية و هطلبك فـى الشركه القيك هناك سلام’
أغلق الهاتف ثمَ أنزلا زجاج السياره يأمر السائق:
يلا أركب خلينا نتحرك’

لبئ السائق الأوامر من جديد

أما لدى “أدهم” فنظرا إلى “داليدا” التى تراجعت لأخر الفراش تدعوا الله بإلا يقترب منها’بينما هـو حملا قميصه و سترته و أشاره لها بسبابته بـحنقاً:
لوله مكالمة” خليل”كان زمانى مش راحمك’ حسابك معايا لسه مخلصش’لما أرجعلك بالليل’

هبأ ذاهباً مثل العاصفه تارك الدموع تأكل من ثمار وجهها المتعب من الصفعات’
ـــــــــــــــــ”
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ????

أنتَ لـيه بتعمل معايا كدا أنتَ أخويا مـن الواجب تحافظ عليا مـش تفرط فيا’يـعماد!

ببكائاً مـرير حاولت«فلك» إمتلاك قلب أخيها الخائن صاحب الأربعون عاماً لـكن كيف يُجدى الحزن فـى حضرة الشيطان المتمكن من أبن أدم كما يتملك البحر مـن الأمواج’ فـنظرا لها بجفائه المعتاد يفرغ دخان شيشاتهُ التى أخرجها للتو من فمهِ’قائلاً ببسمه وضيعه:
أفرط فيكِ’و’فـى اللى خلفوكِ أنتِ عـارفه مـهرك كام عشر تـلاف درهم أماراتى يعنى بالمصرى مـبلغ محترم’

قابلة”فلك”الجفاء بـحصرتاً لإزمتها طـول السنين الماضيه’
إنفطرَ القلب الهاوى بـخيماً من الإحزان’و’جلست عـلى الحصيره أمامهِ تعاتبهُ:
أنتَ مشبعتش فلوس’؟

عـقد حاجبيه بـوضاعـه ذادة مـن أنحطاطهُ:
البـحر بيحب الذياده’جهزى نـفسك هنروح المشوار أياه عشان تـجهزى للعـريس’

تملكها الخـوف الذائد و كأنها على وشك مقابلة شبحاً يحاوطها بين الحين و الأخر:
لاء بـلاش المشوار دا يا “عماد” أبوس أيدك بـلاش
أنـا مـوافقه عـلى الجواز بـس بلاش نـروح عند عـم “صابر” المره اللى فاتت كنت همـوت’

مـحدش بيموت ناقص عُـمر’يـلا يأختى غـورى إلبسى الراجل مستنينا’و’مـجهز الأوضـه’!!

نـهضا و تركها تبكى بخوفاً من ذلك المشـوار الملغم بـالصعاب’

بـعد سـاعه كانت”فلك”ممدده فـوق سريراً بشع الهيئه بـأحد العيادة السريه بأحد شوارع أمبابه’تنظر من حولها بخوفاً لم يفارقها منذ أن دلفت إلى تلك الحجره الممتلئه بالقطن الملوث بالدماء و أدواة جراحيه قذره’و الأقذر من كل هذا ذلك الرجل البشع من الداخل قبل الخارج الذي يـجلس أمامها ممسكاً حقنه تلمع مثل السكين التى على وشك ذبحها’
يحادثها بمكراً و عيناه تتغلغل فـوق منحنيات جسدها الصغير:
خلاص بقي مش هسألك جاهزه و الا لاء’دي مش أول مره أعملك فيها العمليه ديه و أرجعك بنت بنوت و صاغ ساليم أنتِ عملتيها كتير أوى بس ياتره العريس المرادى منين مصري مقتدر و الا خليجى أصل “عماد” بيحب الخليجه عشان ملينين فلوس’

تدفقة الدموع من تلك العيون الباهته بخوفاً لازمها منذ سنوات أنقهرا بها القلب و فاض بجسدها المعافره بين أيادى زيجاتها من رجالاً لم يعاملوها سوا سلعه يتمتعون بجسدها حينما تتغنى لهم شهواتهم فقد نسوا يوماً أنها أنثى مكرمه عند الله سبحانه وتعالى’أنثى وصفها الله معا نساء الكون قال الله عنا في كتابه الشريف”فَاتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ؛ فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ). (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم).
نحن المؤنثات الغاليات لكن طمع البشر جعلنا سلعه هابطة الثمن بين أيادى تـجار الأعراض و الزواج السوري و العرفي تلك الزيجات المحرمه سماوياً فقد قال رسول الله ﷺ
«لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ.
كما نها الله ورسولهﷺ عن الزواج بالأكراه للمرأه و الغصب و أدله على ذلك بقولاً شريف”
“لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ” قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟.. قال “أن تسكت “وفي رواية” الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها”، وذكر الحارث فى مسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل زوج بنته دون أن يستشيرها “أشيروا على النساء فى أنفسهن”
فلا يجوز إكراه المرأة على الزواج ممن لا ترغب فى الزواج منه، وإذا أكرهها على النكاح فلا يصح هذا النكاح، مما يجعلوه “زنا” و زيجاتاً باطله’

نسوا البشر أوامر الله ورسوله و أصبحت النساء عديمات كرامه و دين و شرفاً بين أيادي أهلهم المهوسون بجمع المال’و من هؤلا النساء المظلومات تطل علينا”فلك”أحد ضحايا تلك التجاره البشعه والملوثه بعدم الضمير و الأخلاق و سلب حقوق البشريه’
فكانت تبكى دون جدوه فهى تعلم أنها بمفردها لا ملجئ لها و الا مأوى و الا رجلاً تتحامى بيه من ذلك الأخ الضال و الجزع المتعفن برواثب الزمن’لم يكن لها سوا الله تستنجد به داخلها ليخفف عنها تلك الأيام و تستغيث به من ذلك اليوم الشاق علي قلبها’
و لم تمر سوا لحظات و حقنها “صابر” صاحب الخمسون عاماً’بـالمخدر لتفقد الشعور بالعالم بينما هـو فوقفا و نـزعا سرواله و قتربا منها أكثر ينزع عنها ثيابها ليحصل علي جسدها دون وجه حق’

أنتَ بتعمل إيه ياراجل يا طفس’!
هكذا قاله”عماد”الذي دخلا إليه بعدما ترك ذلك الغافل الباب دون أغلقه بـالمفتاح’
أمسك بلايقة قميصه يصرخ عليه بقولاً:
كنت بتنيل إيه بتعملها العمليه و الا بتهيص معاها يا راجل يا طفس’

تبسم الأخر بهدؤاً عجيب و حرر قميصه من قبضته’من ثمَ تراجع لليسار و أحضر من أحد الأدراج مكعب يشبه الشكولاه و كيس أبيض ورفعهما أمام عين عماد الذي لمعتا بـشتياهاً حينما قال الأخر:
بلاش الحمقه الكدابه ديه يا “عماد” أنتَ بتيجى عندى بأختك عشان أرجعها بنت بنوت للعريس الجديد يعنى يا حبيبي في كل الأحوال بتبعها بالفلوس’

أشاح لهُ بـبروداً:
و أنتَ مال أهلك أختى و أنا حر فيها أبيعها ببلاش و إلا بفلوس أنا حر’

طب ما تتحمقش أوى كدا’أيه رأيك تسيب هالى شويه قبل العمليه و تاخد حتة الحشيـ ش و عليها كمان كيس بـودره أنما إيه معتبر’أنا عارف أنك صاحب مزاج و بتجوزها عشان تقبض تمنها و تشتري الحاجات الحلوه ديه’خدهم و أخرج روق علي نفسك و منها تبقي كسبت تظبيطها لدماغك و مزاجك فـوق عمليتها ها قـولت إيه’

غردت عيناه بينها و بين تلك المطلبات المزاجيه السامه’فربحت المطلبات العرض و أخذهم من يد “صابر” تزمناً معا قـوله:
هات بس متاخدش على كدا أنا هسيب هالك بس عشان عارف أنك راجل كبير و بكبيرك تملس علي وشها ياعم الشباب’تنجز حالك و تخلص و تعمل العمليه علي مروق علي نفسي و متنساش تقفل عليك الباب بدل ما المره الجايه تقفشك الست صباح و تطاهرك و أنتَ كبير’

ذهبا ذلك الحـقير الدنيئ عديم الرحمه و الضمير تاركاً أختهُ سلعه لهذا العجوز المتعطش لنيل بعض المتعه من فتاه نائمه لا حول لها و إلا قوه’
ـــــــــــ يتبع

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى