روايات

رواية حين تبتسم الغيوم الفصل الخامس عشر 15 بقلم داليا محمد

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية حين تبتسم الغيوم الفصل الخامس عشر 15 بقلم داليا محمد

 

 

البارت الخامس عشر

 

الفصل الخامس عشر و الاخير :
الفترة دي كانت أصعب فترة عدّت عليّ في الكلية. الامتحانات قربت بسرعة، والمذاكرة كانت مكثفة جدًا. حمزة كان جنبي طول الوقت، مش بيخليني أحس لوحدي ولا للحظة. رغم إننا من يوم ما اتخطبنا ماخرجناش خالص، لكنه كان بييجي البيت دايمًا، يجيبلي شوكولاتة أو ورد أو أي حاجة صغيرة ويقولي:
“خلصي امتحاناتك بس… وبعدها هتكون أول خروجة لينا.”
الكلام ده كان بيخليني أطير من الفرح. كنت مبسوطة إنه واخد باله إني مضغوطة، ومش بيزود الحمل عليا.
الحمد لله عدّى وقت الامتحانات، وأنا خلصت أخيرًا، وحمزة كمان كان مخلص قبلي بشوية. وبكدا خلص صيدلة أخيرًا! فرحنا جدًا إنه أنهى الأربع سنين الصعبة، وأنا كنت شايفة قد إيه تعب.
آخر يوم امتحانات ليا، وأنا طالعة من الكلية مرهقة جدًا، فجأة لقيت حمزة واقف بعيد ماسك بوكيه ورد شيك. أول ما شفته قلبي وقع من الفرح. قرب مني وهو مبتسم وقال:
“مبروك يا طالبة! أنا استأذنت من باباكي النهاردة… هاخدك نخرج.”
ركبنا مع بعض وروحنا كافيه هادي قوي، قعدنا فيه فترة طويلة نتكلم عن كل حاجة: عن فرحنا اللي قرب، وعن إن باقي سنة واحدة وهنكون تحت سقف بيت واحد. فضل يحكيلي إنه ناوي يفتح صيدلية قريب وإنه خلاص بيرتب كل حاجة.
اليوم كان جميل وخفيف على قلبي، زي الأيام اللي النفس تتمنى إنها ماتخلصش. وإحنا راجعين، أول ما قربنا من البيت، بصلي وقال:
“مفيش حاجة تشغلك عني بقى خلاص… كلميني أول ما تدخلي.”
ضحكت وقلتله:
“أكيد.”
دخلت البيت، أكلت مع ماما وبابا وأنا فرحانة جدًا، وبعدين دخلت أوضتي. لقيت مريم بتتصل بيا، كنا ماكلمناش من زمان علشان هي كمان كانت في امتحاناتها. في نص الكلام لقيتها بتقولي بصوتها المتحمس:
– “تعرفي الجديد؟”
– “جديد إيه يا بنتي؟”
– “محمد ابن عمتك كلم منه كدا امبارح بينهم و بين بعض انه عايز يتقدملها!”
قولتلها منه بتاعتنا؟ قالتلي: “أيوه يا حبيبتك.” وضحكت قولتلها:
– “تصَدّقي؟ لايقين قوي على بعض… الطيور على أشكالها تقع.”
– “أنا قلت كده برضه!”
وبعدين فجّرت القنبلة:
– “عندي ليكي خبر بمليون جنيه!”

 

– “خير يا ربي؟!”
– “في عريس متقدملّي… وجايين كمان أسبوع!”
– “احلفي!”
– “والله.”
فضلنا نضحك ونهزر:
– “مين اللي أمه دعيا عليه دا يا بت؟”
– “واحد شافني في الكلية وقال إني رقيقة وهادية ومحترمة.”
– “رقيقة وهادية؟ مين اللي ضحك عليك وقال كده؟”
– “إيه يا ماما؟ أنا رقيقة وهادية طبعًا!”
– “آه أكيد… رقيقة موت!”
ضحكنا جامد وقفلت معايا وأنا مبسوطة لها جدًا.
بعدها لقيت رسالة من حمزة:
“أنا زهقان مش لاقي حاجة أعملها… ما تيجي نرغي شوية؟”
ضحكت وكتبتله:
“نرغي يا عم!”
قعدنا نتكلم شوية، وهو كالعادة يرخّم عليا ويقولي:
“يا طالبة…”
وأنا أضحك وأقوله:
“يا دكتور… مبروك التخرج!”
قفلنا على ضحك وخفة دم، واليوم خلص بروقان، لكن كان واضح إن الفترة اللي جاية كلها تجهيزات جديدة وخطوات أكبر.

بدأ فصل جديد في حياتي أنا وحمزة. الفترة دي كنا في دوامة من التحضيرات: تجهيز الشقة، اختيار العفش، ومشاوير ما بتخلصش بين المعارض والورش. كنت بروح مع بابا وماما نشوف حاجات كتير، وحمزة كان دايمًا موجود وبيحاول يساعدنا في كل حاجة.
كنا ساعات بنقعد في الشقة وهي لسه تحت التشطيب، نخطط مكان كل حاجة: السرير فين، السفرة شكلها إيه، ونضحك على أحلامنا اللي بقينا بنشوفها بتتحقق قدام عنينا.
حمزة كان دايمًا هادي وبيسيبلي حرية الاختيار، يقولي:
“دي مملكتك يا ليلو… اللي يعجبك أنا موافق.”
وأنا أضحك وأقوله:
“يعني هفضل أفرش وأختار كل حاجه لوحدي؟ انت فاكر نفسك ضيف؟”
فيرد وهو مبتسم:
“أنا ضيف في بيتك بس ملك في قلبك… كده متفقين.”
وفي وسط كل ده، لقيت نفسي مشغولة كمان مع مريم. رحتلها البيت بتجهز للخطوبة بتاعتها بعد ما العريس اللي حكيتلي عنه جه واتفق مع أهلها بسرعة. قعدنا يوم كامل نختار فستانها ونشوف إكسسوارات، ونضحك على كل تفصيلة صغيرة. مريم طول اليوم بتقوللي:
– “يا ست ليل… إنتي بتجهزي شقتك وأنا بجهز خطوبتي… مش مصدقة إننا كبرنا كده!”
– “كبرنا آه… بس شكلنا لسه زي العيال اللي بيلعبوا في الشارع.”
– “إنتي اللي لسه طفلة.”
– “وأنتي اللي مش رقيقة!”
يوم خطوبتها كان جميل جدًا، بسيط وخفيف زي ما بتحب، وأنا كنت واقفة جنبها طول الوقت. بعد ما خلصت قولت لحمزة عايزة أقعد معاها شوية فقال لي إنه قاعد مع أصحابه ولما أعوز أروح أرن عليه ييجي ياخدني. قعدت أنا ومريم في أوضتها نحكي ونضحك ونستعيد كل الذكريات.

يوم مختلف تمامًا… الشقة أخيرًا خلصت! كل حاجة كانت راكبة في مكانها: الأثاث اتسلّم، الستائر اتعلّقت، حتى اللمبات اتجربت. وأهم حاجة: الشمسيه اللي حمزة كان مديهالي أول مرة شوفته فيها، اتعلقت كديكور قدام باب الشقة. كل ما أنا وهو نشوفها نبص لبعض ونضحك.
روحنا أنا وبابا وماما وحمزة نشوف الشقة. أول ما فتحنا الباب ريحة الخشب الجديد والدهانات كانت عاملة جو مش طبيعي. وقفت في نص الريسيبشن وبصيت حواليّ: السفرة مكانها، الكنب مكانه، الركنة اللي اختلفنا عليها أسبوع كامل طلعت في الآخر أشيك مما توقعنا.
حمزة وقف ورايا وقال بابتسامة كبيرة:
“يا ليلو… مملكتنا جاهزة.”
لفينا الشقة أوضة أوضة. قعدنا على السرير الجديد في أوضة النوم، وقال لي:
“مش مصدق إننا خلاص قربنا نسكن هنا مع بعض.”

 

– “أنا كمان مش مصدقة… كنا لسه في الكلية ومذاكرة!”
– “ودلوقتي بنختار شكل الدولاب اللي هحط فيه بدلتي.”
– “بدلتك؟ ده الدولاب دا كله بتاعي يا بيه!”
– “البيت كله بتاعك يا ليلو.”
قفينا في البلكونة وبصينا عالشارع. حمزة بص لي فجأة وقال:
“يا ليل… البيت ده هيبقى مليان ضحكك… وأنا هتجنن من الفرحة.”
قعدنا شويه على الأرض وسط الكراتين نشرب عصير ونأكل شيبسي ونضحك على نفسنا:
“بص يا حمزة… بعد كل التعب والشوبينج، أول أكلة في البيت شيبسي!”
“الدليفري اللي اتأخر أنا أعمل إيه!”
قبل ما نمشي، وقفت في نص الريسيبشن وقلت له:
“يا ترى البيت ده هيشيل كل ذكرياتنا الحلوة؟”
قال لي وهو بيبصلي:
“مش هيشيلها… هيصنعها.”

اليوم جه بسرعة… كتب الكتاب، مش بس ورقة تتكتب وخلاص، دي بداية حياة جديدة رسميًا.
صحيت من بدري جدًا مش قادرة أنام من التوتر. مريم دخلت عليا وهي ماسكة كباية قهوة وقالتلي:
“قومى يا مدام… النهارده مش بس كتب كتاب، النهارده هتروحي بيتك مع حمزة.”
قعدنا أنا وماما ومريم نجهز البيت. علقنا شوية ورد أبيض وبمبي حوالين الصالون، وجهزنا ترابيزات الضيافة. الميكب كان بسيط قوي زي ما أنا بحب، خمار أوف وايت، وفستاني كان جميل جدًا. حتى بابا وهو بيعدي من الصالون قال ضاحك:
“هو كتب كتاب ولا درس خصوصي؟ أنا مش شايف أي دوشة.”
دخل حمزة، أول ما شافني وقف مكانه كأنه بياخد لقطة بعينه وقال بهمس:
“مش عارف أشوف حد غيرك.”
رديت وأنا بخفض عيني:
“بلاش كلام قدام الناس يا حمزة.”
جلسنا قدام الشيخ، قلبي كان بيدق بسرعة وأنا بمضي، والكل بيزغرد ويقول “مبروك”. خلص كتب الكتاب، وبعد السلامات، بابا مسك إيدي وقال:
“خلي بالك من نفسك… ومن بيتك الجديد.”
مشيت مع حمزة وأنا مش راجعة بيتنا زي كل يوم… أنا رايحة بيتنا إحنا الاثنين.
دخلنا شقتنا اللي كنا بنجهزها سوا من شهور. كانت متزينة بورد بسيط، ريحته مالية المكان، والأنوار هادية. حمزة بص حواليه وقال:
“أهو دا بيتنا بجد يا ليلو… خلاص اتحقق الحلم.”
قعدنا نضحك ونهزر ونفكر في كل تعب التحضيرات اللي راح خلاص، وازاي بدأنا صفحة جديدة من حياتنا بهدوء وحب.

عدى سنة ونص على بداية جوازنا كأنهم يوم واحد. كل يوم كان بيضيف لحبنا معنى جديد. ضحكنا، تعبنا، اتخانقنا وتصالحنا، بس عمرنا ما سبنا إيدين بعض.
ولما جه يحي… يويو اللي قلب البيت فرحة، حسينا إن حياتنا اكتملت فعلاً. أول مرة حمزة شاله، كان بيبص له بنفس الانبهار اللي بصهولي بيه يوم الخطوبة. بس المرة دي الانبهار أكبر… لأنه شايف جزء مننا إحنا الاتنين في كائن صغير بيتنفس وبيتحرك بين إيديه.
بيتنا بقى مليان ضحكة يويو وصوته وهو بيعيط، واللحظات الصغيرة بقت أعظم حاجة في الدنيا. بنصحى الصبح على صوته وننام وهو مطمّن وسطنا.
دلوقتي وأنا وحمزة قاعدين بنلعب مع يويو، بنبص لبعض ونضحك من غير كلام. ولا كلمة ممكن تشرح قد إيه إحنا مبسوطين.
رحلتنا بدأت بشمسيه صغيرة… وبقت دلوقتي مليانة حب ودفا ومسئولية حلوة.
وبيتنا؟ بقى كامل. مش بس بينا إحنا الاتنين، لكن بصوت ضحكة يويو اللي مالى قلبنا قبل ما يملأ البيت.
تم لولولولولي

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *