روايات

رواية روح الفصل الرابع 4 بقلم نور الشامي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية روح الفصل الرابع 4 بقلم نور الشامي

 

البارت الرابع

 

الفصل الرابع
روح
كانت روح تقف في مكانها، ملامحها متحجرة من الصدمة، عيناها لا تفارق الطفلة الصغيرة وهي تتشبث بركان بكل قوتها. وابتسامة غير مألوفة ارتسمت على وجهه، ابتسامة دافئة لم ترها روح من قبل، وهو يطوق الصغيرة بذراعيه ويهمس لها:
واحشتيني يا عيون بابا
ضحكت الطفلة ببراءة، ورأسها الصغير مستند إلى صدره، بينما عيناه تلمعان بلمعة نادرة لم يعرفها أحد من قبل. في تلك اللحظة، تقدمت المرأة الشابة وكانت صفا بنت خاله ميرا بخطوات مترددة، وعلى وجهها علامات التعب والسفر الطويل، ووقفت أمام الجميع، ثم نظرت إلى روح وهمست:
حمد الله على السلامة يا روح
تسمرت روح مكانها، تائهة بين ملامحها وبين الطفلة التي لا تزال في حضن ركان. سألتها بنبرة مرتعشة، لم تستطع السيطرة عليها:
انتوا… اتجوزتوا
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي صفا، وعلت ضحكة قصيرة وهي ترد:
صحيح، ما انتي مكنتيش تعرفي عننا حاجة… أيوه اتجوزنا، وخلفنا بنتنا اسمها جنه و
لكن قبل أن تكمل كلماتها، انقطع صوتها فجأة حين ارتفع صوت أمجد حادا كالسيف القاطع:
وهيطلجوا…. بيرتبوا كل حاجة علشان يطلجوا
ساد صمت مشحون، والمرأة أطرقت رأسها، مكتفية بالصمت، بينما ركان انحنى قليلًا نحو الطفلة الصغيرة التي لا تزال في حضنه، وأشار إلى ليان التي كانت تقف مترددة بجوار روح:
بُصي يا جنه… دي ليان. أنا عايزكم تبجوا أصحاب
ترددت الطفلة لحظة، قبل أن تبتسم بخجل، وتمد يدها الصغيرة نحو ليان. اقتربت الأم بخطوات هادئة، ووضعت يدها على كتف جنه بلطف، ثم التفتت إلى ركان بصوت منخفض:
احنا جايين من السفر تعبانين جوي… لو تسمح، نطلع الأوضة نرتاح شوية
أومأ ركان برأسه، بينما أخذت الأم يد جنه من حضنه برفق، واصطحبتها مبتعدة، لتصعد بها الدرج بخطوات بطيئة، تاركة خلفها صمتًا مثقلاً بالدهشة والأنفاس الثقيلة وبعد فتره قصيرع في منزل سالم كان مستلقيا على السرير، ملامحه شاحبة وصدره يعلو ويهبط بصعوبة من أثر التعب. فـ جلست رانيا إلى جواره، يدها تتحرك بحذر وهي تضع له الدواء على جرحه، وعيناها تتابعان كل حركة في وجهه جاي رفعت رأسها إليه وسألت بصوت منخفض، لكن في نبرتها بها قلق ظاهر:
عامل إي دلوجتي؟ التعب لسه جامد
فتح سالم عينيه بصعوبة، وزفر أنفاسا متقطعة، ثم قال بصوت خافت لكنه ممتلئ بالغل:
أنا لازم أجتلها… هجتل روح زي ما كانت عايزة تموتني… وهاخد بنتي… وهرجعها ليا غصب عن الكل
شهقت رانيا بخفة، وملامحها امتلأت غضبا وهي تضرب بكفها على حافة السرير مردده:
أنا جولتلك من زمان إنها مش كويسة…. مش بعيد كمان تكون علي علاقة بابن عمها، دا كلهم زي بعض
ارتعشت عينا سالم من الغيظ، وقبض يده على الغطاء وهو يقول بعزم:
انا مش هسيبها… أنا طلجتها خلاص… بس لازم آخد بنتي… وبتاري… لازم اجتلها
اقتربت رانيا أكثر وانحنت بجسدها حتى صار وجهها على مقربة من وجهه، ومدت يدها برفق على وجنته، تمسحها بلمسة ناعمة يكسوها خبث خفي وهمست له:
اهدى… أنا بحبك… ومجدرش أشوفك اكده، لا تعبان ولا زعلان… أنا موجودة جمبك، ومش هسيبك مهما حوصل
أغمض سالم عينيه للحظة، وكأن كلماتها سكبت على قلبه شيئًا من الراحة، ثم فتحهما لينظر إليها بعاطفة مشوشة، وقال بصوت متكسر:
وأنا كمان… بحبك يا رانيا… بحبك جوي والله
ابتسمت بانتصار، وقربت شفتيها من أذنه، ثم ارتمت في حضنه، تلف ذراعيها حوله بإحكام. لكن داخل نفسها، كان الصوت مختلفا تمامًا، همست في سرها بكلمات تغلي بالسم:
والله… لـتموتي يا روح… واخلص منك خالص، وأخلي سالم ليا وحدي
في تلك اللحظة، تلاشت ملامح الحنان من عينيها، وحل محلها بريق بارد قاتم، يخفي وراءه نوايا سوداء لا يعرفها سوى قلبها المليء بالحقد. وفي المساء كان الليل ساكنا، والبيت غارقا في هدوء ثقيل لا يقطعه سوى صوت الرياح التي تتسلل بين الأشجار. في غرفة واسعة في الطابق العلوي، وقف ركان أمام نافذته، عاري الصدر، وسيجارته مشتعلة بين أصابعه. دخانها يتصاعد ببطء، بينما عيناه معلقتان بالأسفل، حيث كانت روح جالسة في الحديقة، منكبة على مقعد خشبي، رأسها محني وكتفيها يهتزان من شدة البكاء… ظل يتأملها للحظات طويلة، تعبيرات وجهه متناقضة بين صرامة يحاول الحفاظ عليها وبين وخزة ألم لا يستطيع الهروب منها حتي عض على شفته بقوة، وكأنه يمنع نفسه من النزول إليها، من مد يده ليمسح دموعها ولطن فجأة، شعر بيد ناعمة تلتف حول خصره من الخلف، وجسد يلتصق بظهره، ثم شفاه دافئة تطبع قبلة سريعة على رقبته. جاءه صوت صفا هامسا ومختنقا بالشوق:
واحشتني جوي يا ركان
تجمد في مكانه، وأمسك يدها بسرعة، ثم دفعها قليلًا بعيدا عنه، ليستدير إليها بوجه عابس وصوت منخفض لكنه حاد:
إحنا مش اتفقنا خلاص على الطلاج؟… أنا هروح أنام في أوضة تانية
مدت صفا يدها بسرعة تمسك كفه بقوة، وكأنها تخشى أن يفلت منها، وعيناها مغرورقتان بالدموع وهي تتوسل:
لا… استنى… أنا بحبك يا ركان… يمكن علاقتنا يبجى ليها فرصة تانية
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة قصيرة، ثم قال بحدة:
لا… لا تانية ولا تالتة إحنا خلاص… انتهينا مع بعض. وكل حاجة اتفقنا عليها واضحة
اهتزت شفتاها بالبكاء، وأطلقت شهقة متقطعة قبل أن ترد بصوت مبحوح:
بس أنا… أنا مش هجدر أعيش من غيرك!”
أدار وجهه عنها بغضب، وصوته ارتفع لأول مرة:
بلاش كدب يا صفا! إنتي عمرك ما حبيتيني… إنتي كل ال يهمك مصلحتك وبس
اقتربت منه فجأة، دون أن تمنحه فرصة للابتعاد، وألقت بنفسها في حضنه، ذراعاها تطوقان عنقه بقوة، وشفتيها تلهثان على رقبته وهي تبكي وتتمتم بجنون:
والله بحبك… متسبنيش… أنا ضعيفة من غيرك… جسما بالله بحبك. جوي والله العظيم
أغمض ركان عينيه بضيق، وزفر بشدة، كأن أنفاسها تثير داخله خليطا من الغضب والملل، لكن قبل أن يتكلم، فتح باب الغرفة فجأة، وظهر أمجد واقفا مترددا وصوته محرج وهو يقول:
آسف… مكنتش أجصد
تحرك ليتراجع إلى الخارج بسرعة، لكن ركان رفع يده وأوقفه:
استنى… أنا جاي معاك.
أبعد ذراعي صفا عنه بقوة، دون أن يمنحها حتى نظرة أخرى، ثم خطا خارج الغرفة مع أمجد، تاركا إياها واقفة وسط المكان، وجهها غارق في دموع ممزوجة بالقهر فسقطت على طرف السرير، ويدها تمسح دموعها بعصبية، لكن حين رفعت عينيها، وقعت على النافذة… ومن خلالها رأت روح، لا تزال جالسة في الحديقة، والدموع تغطي وجهها فـ اشتعل الغضب في عروق صفا، وضربت بقدمها على الأرض بقوة، وصوتها انطلق كالصاعقة وهي تهمس من بين أسنانها:
ناجصاكي إنتي كمان؟! طلعتيلي منين يا روح؟… هو أنا ناجصاكي فوق كل ال فيا
ثم مالت للأمام، والشر يتطاير من عينيها، وهي تتمتم بحقد أسود:
بس… ماشي… إنتي سهلة… وأنا هخلص منك بسرعة
ومع آخر كلمتها، كان وجهها قد تحول إلى قناع من الجنون، خليط من الحزن والغل، لكن عينيها لم تترك النافذة، حيث ظلت تراقب دموع روح بعطش غريب، وكأنها وجدت هدفا جديدًا سيشفي كل حقدها وفي صباح اليوم التالي، كانت الشمس قد بدأت تتسلل بين أغصان الأشجار، لتبعث الدفء في أرجاء الحديقة. وكانت روح تركض بخطوات متعثرة خلف ليان، التي كانت تجري ضاحكة وصوتها يعلو بالبراءة:
تعالي امسكيني يا ماما… مش هتعرفي
ضحكت روح رغم إرهاقها، قلبها يتقافز مع خطوات طفلتها، حتى تمكنت أخيرا من الإمساك بها بين ذراعيها. وضمتها بقوة، وهي تلهث من الجري:
ينفع اكده يا ليان؟ تعبتيني… مش كل يوم جري جري اكده يا بنتي
ضحكت الصغيرة، ووضعت ذراعيها حول رقبة أمها، قبل أن تقول بعينين لامعتين:
ماما… أنا عايزة أشتري شيبسي… وكمان شوكولاته.”
تنهدت روح، وأخفضت رأسها قليلا وهي تقول بصوت حازم:
مينفعش نخرج دلوجتي… خليكِي تلعبي اهنيه وأنا أجيبلك ال انتي عايزاه
أشاحت ليان بوجهها، ونظرت إليها برجاء طفولي، وشدت على يد أمها وهي تكرر:
لو سمحتي يا ماما… عايزة أروح أنا أجيبهم… بلييييز.
ترددت روح وقلبها مثقل بالقلق، لكن إلحاح الصغيرة وعينيها المتوسلتين كسرتا مقاومتها، فابتسمت باستسلام وقالت:
خلاص… ماشي. نروح بسرعة ونرجع على طول
قفزت ليان من الفرح، وصفقت بيديها:
هااااي ماما حلوة… ماما احلي واحده في الدنيا
خرجتا معا من باب البيت الكبير ويد روح مشدودة على يد ابنتها، وقلبها ينبض بلا سبب واضح بالقلق. وما إن تجاوزتا البوابة بخطوات قليلة، حتى توقفت سيارة سوداء فجأة أمامهما، كأنها خرجت من العدم فـ اتسعت عينا روح وتجمدت في مكانها للحظة، ثم انفتح الباب الأمامي بعنف، وخرج منه سالم فـ شهقت وهي تتراجع للخلف، صوتها مخنوق بالرعب:
إنت؟!
وقبل أن تجد فرصة للصراخ أو الهرب، كان قد اقترب بخطوات سريعة، يده ترتفع وفيها أداة معدنية حادة. وضربها بقوة على جانب رأسها، فارتطم جسدها بالأرض، وارتجف صراخها المكتوم وارتجفت ليان وهي تبكي، لكن سالم انحنى بسرعة، انتزعها من يد أمها، وحملها رغم مقاومتها الصغيرة وصرخاتها:
ـ “ماماااا!”
انطلقت السيارة بعدها مسرعة، وغبار الطريق يتطاير خلفها… فيما جسد روح بقي مطروحا على الأرض أمام البوابة، ساكنا، والدماء تسيل من جرحها و
توقعاتكم ورايكم وتفاعل ويا تري اي ال هيحصل

 

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *