روايات
رواية أسير العشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نور الهادي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية أسير العشق الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نور الهادي
البارت الثاني والثلاثون
دخل وحط شنطته على الكنبة، وبص حوالين الشقة…مبقتش متكسره زى مسبها آخر مره، مرتبه المكات فيه روح كان حد كان عايش هنا، وقف بص على أوضة نومه كانت الصورة لسه هناك،صورته مع أسير يوم فرحهم، انها الوحيده المتربه من يوم مساب كل حاجه هنا وسافر
خرج من الأوضة،عنيه وقعت على المكتب،وكان في حاجة شدّت انتباهه،
دفتر شكله غريب،مش فاكره انه بتاعه
قرب،مسكه فتح أول صفحة…والمفاجأة وقعت عليه تقيلة زي صخرة كان مكتوب بخط واضح، عارف صاحبه كويس إيده اتشدت لانه كان خط عاصم
“بمجرّد ما تشوف الدفتر ده…يبقى انت رجعت.معرفش لو هتشوفه وأنا لسه عايش،ولا بعد ما أمشي،بس أتمنى تشوفه بدري،قبل ما الزمن ياخدك أكتر من كده.”
آدم في لحظة، حس بصمت الدنيا كلها…إيده شدت على الدفتر،وصباعه ضغط جامد على الورق،كأن الجملة خنقته:
> “برغم إن نفسي أشوفك قبل ما أموت،بس عارف إن حاجة زي دي هتكرهك فيا أكتر…يا أخويا.”
كان هيرمي الدفتر،يقفله،يكتم الوجع جواه،بس…جملة تحتها شدته،جملة كأن عاصم لسه عايش وبيكلمه.
> “أتمنى تقرأ الدفتر كله يا آدم،لإنه يهمك أوي،في حقايق كتير هتوصلك الصورة اللي مشيت وإنت فاهمها غلط…. آخر حل وصلتله،إني أكتبلك،لأني فشلت أوصلك،حتى التواصل مبقاش بينا.فأهو…آخر حاجة ممكن أعملها،إني أكتب…
لعلك تشوفه في يوم من الأيام،وأكون مت وانا قايل اللي كان نفسي أقوله
.”آدم حس إن قلبه بينزل تحت رجله،اتكعبل في كرسي وهو بيقعد تاني وعنيه مثبتة في الصفحه
خرج من الأوضة،عنيه وقعت على المكتب،وكان في حاجة شدّت انتباهه،
دفتر شكله غريب،مش فاكره انه بتاعه
قرب،مسكه فتح أول صفحة…والمفاجأة وقعت عليه تقيلة زي صخرة كان مكتوب بخط واضح، عارف صاحبه كويس إيده اتشدت لانه كان خط عاصم
“بمجرّد ما تشوف الدفتر ده…يبقى انت رجعت.معرفش لو هتشوفه وأنا لسه عايش،ولا بعد ما أمشي،بس أتمنى تشوفه بدري،قبل ما الزمن ياخدك أكتر من كده.”
آدم في لحظة، حس بصمت الدنيا كلها…إيده شدت على الدفتر،وصباعه ضغط جامد على الورق،كأن الجملة خنقته:
> “برغم إن نفسي أشوفك قبل ما أموت،بس عارف إن حاجة زي دي هتكرهك فيا أكتر…يا أخويا.”
كان هيرمي الدفتر،يقفله،يكتم الوجع جواه،بس…جملة تحتها شدته،جملة كأن عاصم لسه عايش وبيكلمه.
> “أتمنى تقرأ الدفتر كله يا آدم،لإنه يهمك أوي،في حقايق كتير هتوصلك الصورة اللي مشيت وإنت فاهمها غلط…. آخر حل وصلتله،إني أكتبلك،لأني فشلت أوصلك،حتى التواصل مبقاش بينا.فأهو…آخر حاجة ممكن أعملها،إني أكتب…
لعلك تشوفه في يوم من الأيام،وأكون مت وانا قايل اللي كان نفسي أقوله
.”آدم حس إن قلبه بينزل تحت رجله،اتكعبل في كرسي وهو بيقعد تاني وعنيه مثبتة في الصفحه
كان عاصم قاعد في ركن مكتبه،في بيت ضلمة،كله ساكن،وكأنه هو الوحيد اللي عايش فيه.الأنوار خافتة،ووشه شاحب،هدومه واسعة عليه
كان بيكتب وهو بيكتم كحة بتقطع صدره،وعنيه حمرا،والهالات سودا،كأن النوم خسره من سنين،وكل حرف بيكتبه…كأنه بيطلعه من روحه.
– “أنا مش عارف لو هيوصل لك الكلام ده،بس لو وصل…ابقى سامحني،واسمعني…أنا مش هبرر،أنا هاحكي.”
آدم وعينه بتجري على السطور الجاية،وكل كلمة بتطعن جواه،بيقرأ بصوت داخلي،وصوت عاصم كأنه بيقراهاله بإيده المرتعشة…
> “من أول ما سافرت يا آدم،وهي كانت معاك…مجروحة، مكسورة،بس لسه بتحبك،وأنا كنت شايف ده…وبكل أنانيةاستغليت كل لحظة ضعف جواها علشان أخدها منك.”
آدم حس إن نفسه بيتسحب،أول مرة يسمع الحقيقة من غير تجميل.كمل…
> “بعد ما خلفت واتجوزت انا واسير ومع اول ملاحظه جاده بينا وخروجه من المستشفى اكتشفت انها مكنتش عايزانى هي بس عايزه تتخلص من ابننا ومنى، قالتلى طلبت الطلاق مع اقرب فرصه إنها تتخلص منى
> بعد محولاتى انى أحببها فيا بكل الطرق،حاولت أكون حنين،كريم،سند.بس جواها… كان في حد تاني،إنت يا آدم.”
ادم بيشد في حرف الدفتر،مستني القنبلة الجاية…
> “بس أنا كنت غبي…غبي وحقير…وافتكرت إنها ممكن تسامحني،تنساني،
تحبني.نسيت إن أنا…أنا اللي اغتصبتها… اه يا ادم جر.يمتى ةتعمىت غثب عنها عم. ما اسير كةتة موافقه عليها او شاركت فيها، نا اللي خدت منها كل حاجة بالقوة… خدت روحها وحبيبها وحياتها
قت.لتها واكتشفت ان الضحية عمرها ما بتحب اللي ق.تلها.”
“بس الغلط الأكبر من اول لما طلبت منها نتمم جوازنا بعد كل الكرق وتحنلها الشهور ده وهى بتبعد عنى مع اول طلب ليها بحقى رفضتني،لما قالت لأ…أنا…
أنا ماستحملتش،وعملت اللي عملته تاني…اعت.ديت عليها،وض.ربتها، ومارضيتش أسمع صوت بكاها،ولا وجعها…كنت شايفها ملكي…ونسيت إنها بني آدمة،مكسورة،وبتنزف مني،مش فيا.”
آدم بص للصفحة،ولقى نقطة حبر كبيرة في آخر الجملة،كأن عاصم وهو بيكتبها،دمعت عينه أو نزف قلبه
” الرضيع كان يبكى ولا احد يجيب عليها شفاه الزرقاء من جفاف حلقه بالحليب
عاصم واقف قدامها، عنيه حمرا،نَفَسه تقيل، بيقولها بصوت منخفض لكن كله تهديد: “اللي بتعمليه ده مش هينفع…إحنا اتربطنا خلاص،انسي إنك تخرجي من حياتي…انسي إنك تكوني حرة.”
أسير سكتة، بتبص له من فوق لتحت،نظرة كلها قرف، كأنها شايفاه طين،
كأنها بتحاول تمسك نفسها من إنها تتقيأ:– أنا بكرهك بتمنى اموت ولا انى احس بأي مشاعر ناحيتك
بيقرب منها بخطوات تقيلة،وبيكمل بصوت واطي فيه خنقة:– “عيفيدك بأي غير الاهانه… اسمعينى لو اتقيتي شرّي…أنا أقدر أخليكي أسعد واحدة في الدنيا…بس انتي اللي بتجبري الواحد يعمل كده.”
أسير بصوتها المكسور لكن ثابت:– “أنا كنت بخير، وانت حاسنى هنا بس لما بتيجى انا بتعذب احبسنى بس مشفش وشك شوفت حجم كرهى ليك،هييجي اليوم اللي هتحرر فيه منك،وأنت هتفضل تتعفن في وساختك.”
العاصفة بتقوم جواه،وبيقول بغضب– “يبقى هتموتي على إيدي!!”
بضربة مفاجئة،بيمد إيده يضربها،تترنح…يسحبها من شعرها،ويجرّها للأرض،
يبص لها بعين مفيهاش رحمة،ويكرر:
– “هتموتي…بس بعد ما تذوقي كل لحظة قهر،كل لحظة وجع،عشان تعرفي يعنى اى تقوليلى انا لا
أسير بتحاول تدفعه،تزقه،لكن ضعيفة،بتصرخ:
– “ابعد عني… كفاية… كفاية بقى!”
عاصم:”كل اللي اتمنّيته تبقي ليا…بس حتى كده مش عارف آخده منك؟ يبقى آخده بالقوة!”
لكنه بيتحوّل لشيطان،كل عقده، كل غله،بيصبّه عليها،والرضيعة في الخلفية بتبكي،صوتها بيزيد،بيشقّ الصمت،بيشقّ القلب…اسير بتصرخ،والطفل يبكى بزعر،
—-
غرفة مظلمة، نور خافت من الأباجورة،عاصم قاعد على المكتب،الورق قدامه متبهدل، بيكتب… وبيتكلم بصوت داخلي مسموع.
عاصم -“حاولت تهرب منى…كتير…كل مرة كنت بحسها بتفلت،كنت أرجع أسحبها…بأي طريقة… بأي وسيلة. لحد ما قررت أقفل الباب وأرمي المفتاح.
حبستها… وأنا عارف إنها مش ليا، بس ماكنتش قادر أسيبها تبقي لحد غيرى.”
بيتنهد، عينه بتلمع بلمعة كأنها ندم… كتب “حتى لما حاولت تبلغ عنى…تطلبي حد يساعدها كنت دايمًا بسبقها بخطوة.مارست سلطتي،استغليت كل نقطة ضعفك،ومنعِتها تاخد حقها كنت شايفها ملكي…مش إنسانة.”
كان بيكتب وهو بيكتم كحة بتقطع صدره،وعنيه حمرا،والهالات سودا،كأن النوم خسره من سنين،وكل حرف بيكتبه…كأنه بيطلعه من روحه.
– “أنا مش عارف لو هيوصل لك الكلام ده،بس لو وصل…ابقى سامحني،واسمعني…أنا مش هبرر،أنا هاحكي.”
آدم وعينه بتجري على السطور الجاية،وكل كلمة بتطعن جواه،بيقرأ بصوت داخلي،وصوت عاصم كأنه بيقراهاله بإيده المرتعشة…
> “من أول ما سافرت يا آدم،وهي كانت معاك…مجروحة، مكسورة،بس لسه بتحبك،وأنا كنت شايف ده…وبكل أنانيةاستغليت كل لحظة ضعف جواها علشان أخدها منك.”
آدم حس إن نفسه بيتسحب،أول مرة يسمع الحقيقة من غير تجميل.كمل…
> “بعد ما خلفت واتجوزت انا واسير ومع اول ملاحظه جاده بينا وخروجه من المستشفى اكتشفت انها مكنتش عايزانى هي بس عايزه تتخلص من ابننا ومنى، قالتلى طلبت الطلاق مع اقرب فرصه إنها تتخلص منى
> بعد محولاتى انى أحببها فيا بكل الطرق،حاولت أكون حنين،كريم،سند.بس جواها… كان في حد تاني،إنت يا آدم.”
ادم بيشد في حرف الدفتر،مستني القنبلة الجاية…
> “بس أنا كنت غبي…غبي وحقير…وافتكرت إنها ممكن تسامحني،تنساني،
تحبني.نسيت إن أنا…أنا اللي اغتصبتها… اه يا ادم جر.يمتى ةتعمىت غثب عنها عم. ما اسير كةتة موافقه عليها او شاركت فيها، نا اللي خدت منها كل حاجة بالقوة… خدت روحها وحبيبها وحياتها
قت.لتها واكتشفت ان الضحية عمرها ما بتحب اللي ق.تلها.”
“بس الغلط الأكبر من اول لما طلبت منها نتمم جوازنا بعد كل الكرق وتحنلها الشهور ده وهى بتبعد عنى مع اول طلب ليها بحقى رفضتني،لما قالت لأ…أنا…
أنا ماستحملتش،وعملت اللي عملته تاني…اعت.ديت عليها،وض.ربتها، ومارضيتش أسمع صوت بكاها،ولا وجعها…كنت شايفها ملكي…ونسيت إنها بني آدمة،مكسورة،وبتنزف مني،مش فيا.”
آدم بص للصفحة،ولقى نقطة حبر كبيرة في آخر الجملة،كأن عاصم وهو بيكتبها،دمعت عينه أو نزف قلبه
” الرضيع كان يبكى ولا احد يجيب عليها شفاه الزرقاء من جفاف حلقه بالحليب
عاصم واقف قدامها، عنيه حمرا،نَفَسه تقيل، بيقولها بصوت منخفض لكن كله تهديد: “اللي بتعمليه ده مش هينفع…إحنا اتربطنا خلاص،انسي إنك تخرجي من حياتي…انسي إنك تكوني حرة.”
أسير سكتة، بتبص له من فوق لتحت،نظرة كلها قرف، كأنها شايفاه طين،
كأنها بتحاول تمسك نفسها من إنها تتقيأ:– أنا بكرهك بتمنى اموت ولا انى احس بأي مشاعر ناحيتك
بيقرب منها بخطوات تقيلة،وبيكمل بصوت واطي فيه خنقة:– “عيفيدك بأي غير الاهانه… اسمعينى لو اتقيتي شرّي…أنا أقدر أخليكي أسعد واحدة في الدنيا…بس انتي اللي بتجبري الواحد يعمل كده.”
أسير بصوتها المكسور لكن ثابت:– “أنا كنت بخير، وانت حاسنى هنا بس لما بتيجى انا بتعذب احبسنى بس مشفش وشك شوفت حجم كرهى ليك،هييجي اليوم اللي هتحرر فيه منك،وأنت هتفضل تتعفن في وساختك.”
العاصفة بتقوم جواه،وبيقول بغضب– “يبقى هتموتي على إيدي!!”
بضربة مفاجئة،بيمد إيده يضربها،تترنح…يسحبها من شعرها،ويجرّها للأرض،
يبص لها بعين مفيهاش رحمة،ويكرر:
– “هتموتي…بس بعد ما تذوقي كل لحظة قهر،كل لحظة وجع،عشان تعرفي يعنى اى تقوليلى انا لا
أسير بتحاول تدفعه،تزقه،لكن ضعيفة،بتصرخ:
– “ابعد عني… كفاية… كفاية بقى!”
عاصم:”كل اللي اتمنّيته تبقي ليا…بس حتى كده مش عارف آخده منك؟ يبقى آخده بالقوة!”
لكنه بيتحوّل لشيطان،كل عقده، كل غله،بيصبّه عليها،والرضيعة في الخلفية بتبكي،صوتها بيزيد،بيشقّ الصمت،بيشقّ القلب…اسير بتصرخ،والطفل يبكى بزعر،
—-
غرفة مظلمة، نور خافت من الأباجورة،عاصم قاعد على المكتب،الورق قدامه متبهدل، بيكتب… وبيتكلم بصوت داخلي مسموع.
عاصم -“حاولت تهرب منى…كتير…كل مرة كنت بحسها بتفلت،كنت أرجع أسحبها…بأي طريقة… بأي وسيلة. لحد ما قررت أقفل الباب وأرمي المفتاح.
حبستها… وأنا عارف إنها مش ليا، بس ماكنتش قادر أسيبها تبقي لحد غيرى.”
بيتنهد، عينه بتلمع بلمعة كأنها ندم… كتب “حتى لما حاولت تبلغ عنى…تطلبي حد يساعدها كنت دايمًا بسبقها بخطوة.مارست سلطتي،استغليت كل نقطة ضعفك،ومنعِتها تاخد حقها كنت شايفها ملكي…مش إنسانة.”
بيسكت لحظة… وبعدين صوته بينكسر “وبرغم رفضك ليا…كنت بحاول…
أحرّكك ناحيتي،أولع فيها شوق كاي ست بس عمري ما شفت في عينها غير القرف.”
بيرجع براسه لورا، عينه بتدمع وهو بيكمل “أنا كنت بشر…بشر مشوه،كنت برجعلها سكران،بضيع فى المخدرات عشان أنسى،عشان أكتم صوت الخسارة جوايا،عشان أنسى الخساره الكبيره الى سببتها ليا ولحياتى واخويا… إحساس إنك عملت كل القرف وف الاخى متوقعتش نتيجه دى أو افتكرت انى ممكن اخد السماح أو النسيان.. بس انا افعالى مستحقش نسيان على حاجه واحده
بيشد على القلم بعصبية وكلامه يتسرّع:”الخيانة…الخيانة اللي بجد مش كانت منها بتفكيرها فيك …كانت مني.أنا اللى خنت نفسي،خنت أخويا…آدم…
اللي عمري ما شفت منه غير خير،ولا حب،ولا حنية.لحظة شيطان…غلطتي الأكبر،اللي سابت علامة مش هتروح…هدت كل حاجة.”
صوته بيخفت، وبيكتب ببطء:”كنت بحاول أغطّي الخيبة،أخبّي خسارتي…
في شُرب أكتر،وضياع أكتر…علاقات ملهاش معنى،وخيانات مقصودة…كنت بكسر بيها كرامتها،بكسرها هي… يمكن عشان كنت متكسر أكتر منها بقيت عايز المس مشاعر الكبرياء حتى ولو زوجه اتخانت
يسيب القلم،ينزل راسه على الورق،وصوته بيهمس:
“بس الحقيقة؟أنا اللى مكسور…أنا اللى ضيّعت كل حاجة،وانتهيت فاضي…
تمامًا.”
خطوات تقيلة على السلم…الباب بيتفتح بهدوء… عاصم داخل، ملامحه جامدة، وعينه معلقة في السقف كأنه بيطرد أفكار تقيلة من دماغه أسير قاعدة على طرف السرير، ظهرها للحائط، عينيها مفتحة… بس مافيهاش حياة. بتتابعه من غير ما تتحرك.
عاصم دخل وشافته ف حالته قالها ـ عملتي اللي عايزاه يا أسير…خلتيني أخونك.
ما بتردش.بيتحرك ناحيتها بخطوات أبطأ، يقف قدامها ويقرب وشه منها
-بصيلي… شوفي إيه الذنب اللي حطيتيني فيه…أنا… أنا خنتك، ونمت مع غيرك…كنت سكران… ومش فاكر حاجة غير إني كنت عايز أكسر جواكي حاجة… أنتِ السبب!
أسير، ببرود وملامح حجر:ـ حياتك كلها معصية…
عاصم بانفجار غضب ـ اخرسي… تحبى تش فى المعصيه تحبى أجيب واحدة هنا قدامك، وأخليكِ تشوفيني وأنا معاها!
أسير، بنفس النبرة الميتة ـ مش هيفرق… ولو فاكر إني السبب في معصيتك، فأنت بتمارسها معايا كل يوم.
اللحظة بتولّع جواه، بيرفع إيده ويضربها بعنف، صوته بيصرخ وهو بيهزها:ـ أنتِ مراتي… حقي… حَقِّي… حَقِّققّي!!!
هي ما بتردش، ما بتصرخش… بتفضل زي ما هي، كأنها اتعودت على الجحيم ده، كأن الألم بقى مجرد هواء حواليها.
—
إيد آدم بتضغط أكتر على حواف الدفتر، أصابعه بتتجمع في قبضة، والحبر على الورق قدامه بيهتز من دموعه اللي بتقع عليه. الكلمات مش بس حروف… بقت مشاهد قدام عينه، أصوات، وخبط، وصمت بارد بيمزق قلبه.،يقلب الصفحة. الحبر باهت في بعض السطور، وكأن اللي كتبها كان بيصارع دموعه أو روحه وهي بتنزف.
عاصم”كنت مريض…”
صوت عاصم في مخيلة آدم بيطلع مشوش، بين شهقة وتنفس تقيل
“ده كان زقّة مرضي الحقيقي يا آدم…لا كنت في وعي… كنت مجرد ظالم، مجرم، متوحش… بيؤذي اللي حواليه. كنت أمنعهم يتواصلوا مع أي حد برّا، كأني خايف يستنجدوا بحد مني. كنت أمنع ضوء الشمس يدخل أوصلها، وحابِسها في الشقة عشان ما تخرجش… لحد ما محاولاتها بقت يأس لانها عارفه النهايه هتكون ليا ولما بطلت تحاول… وهنا عرفت إنها ماتت فعليًّا.
ما بقَتش أسير… ما بقِتش بتقاوم… حتى ما بقَتش بتحاول تاخد حقها. بقت ساكتة… وأنا كنت بغيب عن البيت، غرقان في ضياعي… ضياع أنا كنت السبب فيه.”
آدم بيحس نفسه بيغوص أعمق مع كل جملة…
*”كنت أزبل حد ممكن تشوفه. يمكن دي حقيقـتي من الأول… إني مجرد إنسان قذر، متسلّط عايزكل حاجه ليا …مدّيت إيدي على أمي… أمي اللي كانت بتحاول تحمي مراتي وابني… ومدّيت إيدي على أسير، نسيت إنها كانت حبيبتي وأختي اللي اتربّيت معاها.
أنا دلوقتي… بتمنى يوم واحد من وإحنا صغيرين… يوم نقعد فيه إحنا التلاتة ونضحك… يوم واحد بس يصحيني من الكابوس اللي عملته بنفسي.لكن كنت دايمًا بصحى على الواقع… وهو خسارتك.خسارتك الكبيرة بالنسبة لي… وخسارة عيلتي.
لما جالي المرض… زعلت، مش عشان هسِيب الدنيا، لكن لأن رحلتي إني أدور عليك هتكون أقصر
بعد أربع سنين… حاولت أوصلك… حاولت أدور عليك يا آدم… لحد ما قدرت أوصل لرقم الشركة اللي كنت بتشتغل فيها وسافرت عشانها.وأنا سايق… كنت رايح أتواصل معاها… عملت حادثة.
هناك فى المستشفى… اكتشفت ابتلاء ربنا ليا… اكتشفت اقتصاصه مني…اكتشفت إني عندي ورم في المخ.
في المستشفى الضوء الأبيض بيخبط في عينيه، كأنه بيكشف كل حاجة حاول يخبيها طول سنين. عاصم قاعد على طرف السرير، عينه بتتبع حركة الدكتور وهو بيقلب في الأشعة والتقارير.
الدكتور رفع عينه وقال بهدوء رسمي، لكن فيه ظل أسف:ـ “واضح إن الورم موجود من فترة طويلة… وده مؤسف جدًا. هنبدأ نتابع ونحاول نعمل عملية استئصال، لكن لازم تكون عارف… المسألة معقدة.”
الكلمات دخلت في أذن عاصم لكن عقله كان في حتة تانية… كان ماسك ورقة قديمة فيها رقم تليفون. الرقم اللي قبل الحادثة كان بيخطط يتصل بيه عشان يسأل الشركة عن أخوه الورقه مليانه دم من اصابته بس لسا قابض عليها كان عنده امل يروحله امل يلحقه ويحرى وراه
لكن لما عرف مرضه… الإحساس اتقلب. بقى حاسس إن نهايته بتتعلن ومش هيلحق يخلص ذنبه
بيكمل فحوصات وكشف وكأن فاكر إنه هيتخلص من الورم ده بسهوله وبيمر الايام والدكتور بيقوله
“أنا مش هكدب عليك… حالتك صعبة. المؤشرات اللي كنت بتاخدها قبل كده أثّرت على جسمك وخلاياه
بيقوله عاصم-مؤثرات
-الخمر.ه والمخد.رات دى كفيله تقت.لك… وده بيخلي الشفاء شبه مستحيل. ادعي ربنا… لأن التدخلات اللي نقدر نعملها دلوقتي ما تضمنش أي نتيجة.”
الكلمات دي سكنت جوّه عاصم كرصاصة باردة. حس كأنه بيشوف قدامه خط النهاية مرسوم بوضوح، ومع كل نفس، بيعدّ معاصيه زي سبحة مكسورة: أسير… زياد… أمه… وأدم.
من ساعة كلامه مع الدكتور وهو ساكت واول خطوه خدها يكمل بحثه عن اخوه، حاول يتواصل مع الشركة لما رقم اخوه الروسي ملهوش بيرد ولما جاله رد مت الشركه إلى كان شغال فيها اتصدم منه
“اللي حضرتك بتسأل عنه سب الشركة بقاله سنة.”
ساعتها حس إن الدنيا بتقفل في وشه. روسيا مش أوضة وصالة… دي بلد غريبة، واسعة، حتى لو راحها مش مضمون إنه يلاقيه. والمرة دي، مش بس المرض اللي بيطارده… لكن إحساس إنه مفيش وقت.
كانت القاعة ساكنة إلا من صوت أنفاس متقطعة. أسير جالسة على الكرسي، ظهرها مستقيم، عينيها متسمّرتين في الفراغ، وكأن وجود عاصم أمامها مجرد ظل ثقيل.
جلس هو قبالتها، وجهه شاحب، وعينيه يلمع فيهما دموع لأول مرة تراها. حاول يتكلم، صوته كان واطي، كأنه بيحكي سر:ـ “أنا… بحاول ألاقيه بدور عليه والحادثه اخرتنى بس كملت واتواصلت مع الشركه بتاعت… بس عرفت إنه ساب الشركة.”
أسير ما حرّكتش حتى جفنها. الصمت كان أقسى من أي رد.
ـ “مرة واحدة يا أسير… ردّي عليّ. أنا مش هعمل حاجة… مش همد إيدي عليكي. لو عايزة تضرّبيني… لو عايزة تقتليني… حتى لو عايزة تسجنيني… مستعد. هخلّيكِ تعملي فيّ اللي إنتي عايزاه. هسلّم نفسي، وأعترف بكل حاجة… حتى لو الحكم إعدام.”
كلماته كانت بتتكسر في حلقه. فجأة نزل على ركبتيه قدامها، إيده بتترعش وهو بيبص في الأرض:ـ “عارف… أنا اللي دمّرتك. أنا السبب في الحالة اللي إنتِ فيها. أنا اللي كسرتك. هسيب البيت… هسيبك تعيشي.”
مدّ يده بسكين صغيرة، حطها قدامها على الأرض وكانه مجهز اللحظه دي
ـ “خدي… خدي حقكِ مني.”
لكن أسير ما ارتعشتش ولا حتى شفتيها ارتسم عليها أي تعاطف. نظرتها كانت ثابتة، باردة… نظرة إنسانة شايفة قدامها القاتل اللي سرق حياتها وأخذ حبيبها.
رفع راسه، دموعه بتنزل وهو بيقول:ـ “سامحيني يا أسير.”
ردّت بصوت جامد، خالي من أي دفء:ـ “لا موتك ولا حَبسك هينفعوني. انت هترجع عليّ بالسلب عشان زياد.”
حاول يسألها، لكن صوتها قطع عليه:ـ “كمل دور الأب… واتعذب. خلي العذاب ينهش فيك لحد ما تكمل حسابك في الآخرة. الموت ده رحمة… وأنا مش عايزاها ليك.”
قامت ومشت، خطواتها تقطع الصمت.عاصم فضّل قاعد على الأرض، ظهره منحني، تنهيدة تقيلة خرجت منه، وكلامها بيتردد في ودانه زي سكاكين بتغرز أعمق وأعمق. ومع ذلك… انكسر جوّاه واستسلم لفكرة إنه هينفذ وصيتها، ويعيش بعذابه. لمره
أحرّكك ناحيتي،أولع فيها شوق كاي ست بس عمري ما شفت في عينها غير القرف.”
بيرجع براسه لورا، عينه بتدمع وهو بيكمل “أنا كنت بشر…بشر مشوه،كنت برجعلها سكران،بضيع فى المخدرات عشان أنسى،عشان أكتم صوت الخسارة جوايا،عشان أنسى الخساره الكبيره الى سببتها ليا ولحياتى واخويا… إحساس إنك عملت كل القرف وف الاخى متوقعتش نتيجه دى أو افتكرت انى ممكن اخد السماح أو النسيان.. بس انا افعالى مستحقش نسيان على حاجه واحده
بيشد على القلم بعصبية وكلامه يتسرّع:”الخيانة…الخيانة اللي بجد مش كانت منها بتفكيرها فيك …كانت مني.أنا اللى خنت نفسي،خنت أخويا…آدم…
اللي عمري ما شفت منه غير خير،ولا حب،ولا حنية.لحظة شيطان…غلطتي الأكبر،اللي سابت علامة مش هتروح…هدت كل حاجة.”
صوته بيخفت، وبيكتب ببطء:”كنت بحاول أغطّي الخيبة،أخبّي خسارتي…
في شُرب أكتر،وضياع أكتر…علاقات ملهاش معنى،وخيانات مقصودة…كنت بكسر بيها كرامتها،بكسرها هي… يمكن عشان كنت متكسر أكتر منها بقيت عايز المس مشاعر الكبرياء حتى ولو زوجه اتخانت
يسيب القلم،ينزل راسه على الورق،وصوته بيهمس:
“بس الحقيقة؟أنا اللى مكسور…أنا اللى ضيّعت كل حاجة،وانتهيت فاضي…
تمامًا.”
خطوات تقيلة على السلم…الباب بيتفتح بهدوء… عاصم داخل، ملامحه جامدة، وعينه معلقة في السقف كأنه بيطرد أفكار تقيلة من دماغه أسير قاعدة على طرف السرير، ظهرها للحائط، عينيها مفتحة… بس مافيهاش حياة. بتتابعه من غير ما تتحرك.
عاصم دخل وشافته ف حالته قالها ـ عملتي اللي عايزاه يا أسير…خلتيني أخونك.
ما بتردش.بيتحرك ناحيتها بخطوات أبطأ، يقف قدامها ويقرب وشه منها
-بصيلي… شوفي إيه الذنب اللي حطيتيني فيه…أنا… أنا خنتك، ونمت مع غيرك…كنت سكران… ومش فاكر حاجة غير إني كنت عايز أكسر جواكي حاجة… أنتِ السبب!
أسير، ببرود وملامح حجر:ـ حياتك كلها معصية…
عاصم بانفجار غضب ـ اخرسي… تحبى تش فى المعصيه تحبى أجيب واحدة هنا قدامك، وأخليكِ تشوفيني وأنا معاها!
أسير، بنفس النبرة الميتة ـ مش هيفرق… ولو فاكر إني السبب في معصيتك، فأنت بتمارسها معايا كل يوم.
اللحظة بتولّع جواه، بيرفع إيده ويضربها بعنف، صوته بيصرخ وهو بيهزها:ـ أنتِ مراتي… حقي… حَقِّي… حَقِّققّي!!!
هي ما بتردش، ما بتصرخش… بتفضل زي ما هي، كأنها اتعودت على الجحيم ده، كأن الألم بقى مجرد هواء حواليها.
—
إيد آدم بتضغط أكتر على حواف الدفتر، أصابعه بتتجمع في قبضة، والحبر على الورق قدامه بيهتز من دموعه اللي بتقع عليه. الكلمات مش بس حروف… بقت مشاهد قدام عينه، أصوات، وخبط، وصمت بارد بيمزق قلبه.،يقلب الصفحة. الحبر باهت في بعض السطور، وكأن اللي كتبها كان بيصارع دموعه أو روحه وهي بتنزف.
عاصم”كنت مريض…”
صوت عاصم في مخيلة آدم بيطلع مشوش، بين شهقة وتنفس تقيل
“ده كان زقّة مرضي الحقيقي يا آدم…لا كنت في وعي… كنت مجرد ظالم، مجرم، متوحش… بيؤذي اللي حواليه. كنت أمنعهم يتواصلوا مع أي حد برّا، كأني خايف يستنجدوا بحد مني. كنت أمنع ضوء الشمس يدخل أوصلها، وحابِسها في الشقة عشان ما تخرجش… لحد ما محاولاتها بقت يأس لانها عارفه النهايه هتكون ليا ولما بطلت تحاول… وهنا عرفت إنها ماتت فعليًّا.
ما بقَتش أسير… ما بقِتش بتقاوم… حتى ما بقَتش بتحاول تاخد حقها. بقت ساكتة… وأنا كنت بغيب عن البيت، غرقان في ضياعي… ضياع أنا كنت السبب فيه.”
آدم بيحس نفسه بيغوص أعمق مع كل جملة…
*”كنت أزبل حد ممكن تشوفه. يمكن دي حقيقـتي من الأول… إني مجرد إنسان قذر، متسلّط عايزكل حاجه ليا …مدّيت إيدي على أمي… أمي اللي كانت بتحاول تحمي مراتي وابني… ومدّيت إيدي على أسير، نسيت إنها كانت حبيبتي وأختي اللي اتربّيت معاها.
أنا دلوقتي… بتمنى يوم واحد من وإحنا صغيرين… يوم نقعد فيه إحنا التلاتة ونضحك… يوم واحد بس يصحيني من الكابوس اللي عملته بنفسي.لكن كنت دايمًا بصحى على الواقع… وهو خسارتك.خسارتك الكبيرة بالنسبة لي… وخسارة عيلتي.
لما جالي المرض… زعلت، مش عشان هسِيب الدنيا، لكن لأن رحلتي إني أدور عليك هتكون أقصر
بعد أربع سنين… حاولت أوصلك… حاولت أدور عليك يا آدم… لحد ما قدرت أوصل لرقم الشركة اللي كنت بتشتغل فيها وسافرت عشانها.وأنا سايق… كنت رايح أتواصل معاها… عملت حادثة.
هناك فى المستشفى… اكتشفت ابتلاء ربنا ليا… اكتشفت اقتصاصه مني…اكتشفت إني عندي ورم في المخ.
في المستشفى الضوء الأبيض بيخبط في عينيه، كأنه بيكشف كل حاجة حاول يخبيها طول سنين. عاصم قاعد على طرف السرير، عينه بتتبع حركة الدكتور وهو بيقلب في الأشعة والتقارير.
الدكتور رفع عينه وقال بهدوء رسمي، لكن فيه ظل أسف:ـ “واضح إن الورم موجود من فترة طويلة… وده مؤسف جدًا. هنبدأ نتابع ونحاول نعمل عملية استئصال، لكن لازم تكون عارف… المسألة معقدة.”
الكلمات دخلت في أذن عاصم لكن عقله كان في حتة تانية… كان ماسك ورقة قديمة فيها رقم تليفون. الرقم اللي قبل الحادثة كان بيخطط يتصل بيه عشان يسأل الشركة عن أخوه الورقه مليانه دم من اصابته بس لسا قابض عليها كان عنده امل يروحله امل يلحقه ويحرى وراه
لكن لما عرف مرضه… الإحساس اتقلب. بقى حاسس إن نهايته بتتعلن ومش هيلحق يخلص ذنبه
بيكمل فحوصات وكشف وكأن فاكر إنه هيتخلص من الورم ده بسهوله وبيمر الايام والدكتور بيقوله
“أنا مش هكدب عليك… حالتك صعبة. المؤشرات اللي كنت بتاخدها قبل كده أثّرت على جسمك وخلاياه
بيقوله عاصم-مؤثرات
-الخمر.ه والمخد.رات دى كفيله تقت.لك… وده بيخلي الشفاء شبه مستحيل. ادعي ربنا… لأن التدخلات اللي نقدر نعملها دلوقتي ما تضمنش أي نتيجة.”
الكلمات دي سكنت جوّه عاصم كرصاصة باردة. حس كأنه بيشوف قدامه خط النهاية مرسوم بوضوح، ومع كل نفس، بيعدّ معاصيه زي سبحة مكسورة: أسير… زياد… أمه… وأدم.
من ساعة كلامه مع الدكتور وهو ساكت واول خطوه خدها يكمل بحثه عن اخوه، حاول يتواصل مع الشركة لما رقم اخوه الروسي ملهوش بيرد ولما جاله رد مت الشركه إلى كان شغال فيها اتصدم منه
“اللي حضرتك بتسأل عنه سب الشركة بقاله سنة.”
ساعتها حس إن الدنيا بتقفل في وشه. روسيا مش أوضة وصالة… دي بلد غريبة، واسعة، حتى لو راحها مش مضمون إنه يلاقيه. والمرة دي، مش بس المرض اللي بيطارده… لكن إحساس إنه مفيش وقت.
كانت القاعة ساكنة إلا من صوت أنفاس متقطعة. أسير جالسة على الكرسي، ظهرها مستقيم، عينيها متسمّرتين في الفراغ، وكأن وجود عاصم أمامها مجرد ظل ثقيل.
جلس هو قبالتها، وجهه شاحب، وعينيه يلمع فيهما دموع لأول مرة تراها. حاول يتكلم، صوته كان واطي، كأنه بيحكي سر:ـ “أنا… بحاول ألاقيه بدور عليه والحادثه اخرتنى بس كملت واتواصلت مع الشركه بتاعت… بس عرفت إنه ساب الشركة.”
أسير ما حرّكتش حتى جفنها. الصمت كان أقسى من أي رد.
ـ “مرة واحدة يا أسير… ردّي عليّ. أنا مش هعمل حاجة… مش همد إيدي عليكي. لو عايزة تضرّبيني… لو عايزة تقتليني… حتى لو عايزة تسجنيني… مستعد. هخلّيكِ تعملي فيّ اللي إنتي عايزاه. هسلّم نفسي، وأعترف بكل حاجة… حتى لو الحكم إعدام.”
كلماته كانت بتتكسر في حلقه. فجأة نزل على ركبتيه قدامها، إيده بتترعش وهو بيبص في الأرض:ـ “عارف… أنا اللي دمّرتك. أنا السبب في الحالة اللي إنتِ فيها. أنا اللي كسرتك. هسيب البيت… هسيبك تعيشي.”
مدّ يده بسكين صغيرة، حطها قدامها على الأرض وكانه مجهز اللحظه دي
ـ “خدي… خدي حقكِ مني.”
لكن أسير ما ارتعشتش ولا حتى شفتيها ارتسم عليها أي تعاطف. نظرتها كانت ثابتة، باردة… نظرة إنسانة شايفة قدامها القاتل اللي سرق حياتها وأخذ حبيبها.
رفع راسه، دموعه بتنزل وهو بيقول:ـ “سامحيني يا أسير.”
ردّت بصوت جامد، خالي من أي دفء:ـ “لا موتك ولا حَبسك هينفعوني. انت هترجع عليّ بالسلب عشان زياد.”
حاول يسألها، لكن صوتها قطع عليه:ـ “كمل دور الأب… واتعذب. خلي العذاب ينهش فيك لحد ما تكمل حسابك في الآخرة. الموت ده رحمة… وأنا مش عايزاها ليك.”
قامت ومشت، خطواتها تقطع الصمت.عاصم فضّل قاعد على الأرض، ظهره منحني، تنهيدة تقيلة خرجت منه، وكلامها بيتردد في ودانه زي سكاكين بتغرز أعمق وأعمق. ومع ذلك… انكسر جوّاه واستسلم لفكرة إنه هينفذ وصيتها، ويعيش بعذابه. لمره
واحده يعملها الى عايزه
مع أول دقة ألم، كان عاصم بيشهق وكأن مسمار من نار بيغرز جوه دماغه. صرخة مكتومة خرجت منه، وبعدها صرخة أعلى، جسمه بينفض، وبيحاول يقوم من مكانه وهو ماسك راسه بقوة، عروقه في رقبته ووشه متشددة لدرجة إنك تحس إنه بيتحوّل لحاجة تانية.
أسير سمعت الصوت، وزياد كان أول واحد يتحرك ناحيته، لكن هي وقفت قدامه ومدت إيدها تمنعه.
ـ “بابا؟”
قالها زياد بصوت متلخبط، وهو سامع صراخ أبوه اللي مالي البيت لكن بعدته من هناك ودخلته الاوضه وقفلت عليه وخرجت
الألم كان بيحفر جوه مخ عاصم كإن حد بيحط مثقاب جواه. كان. حسّ كأن دماغه محتاجة عربية تدوس عليها عشان ترتاح.اتكعبل وهو بيجري على درج الأدوية، بلع شريط كامل، كأنه فاكر إن الجرعة المهلكة دي هتطفي النار في دماغه. لكن الوجع كان عنيد… فضل يزيد، يزيد، لحد ما وقع على الأرض، صدره بيعلو ويهبط بسرعة، وعينه نص مفتوحة، وإيده بتترعش.
بعد لحظات، الألم بدأ ينسحب، لكن ترك وراه فراغ مرعب، وإحساس غريب لأول مرة حسه… إنه بيتمنى من قلبه يموت قبل ما يجرب الوجع ده تاني
لكنها كانت مجرد البداية.
ورغم انتظامه عند الأطباء، وتجربة كل دواء يكتبه له أي دكتور، وبرغم الأسئلة الكتيرة عن العملية—هل ينفع تتعمل له ولا لأ—فضل عاصم يعاني في بيته اللي بقى سجنه.
ما بقاش يخرج. ما بقاش يختلط بأسير. ما فيش كلام بينهم، ولا حتى محاولة. لكن لما كان يلمحها بالصدفة، كان فيه صوت داخله بيصرخ… نفسه يحضنها، نفسه يقول لها كلمة اعتذار، أو حتى يلاقي حد يحنو عليه.
ويمكن الحنان الوحيد اللي لسه وصله كان من زياد… زياد اللي خاف يخسره وأفعاله ثمرت، حافظ عليه لحد ما بقى يحبه رغم كل حاجة. حتى بعد موته، فضل حب زياد ثابت، برغم الذكرى المرة اللي سابها له، وبرغم إن أسير نفسها زمان كانت بتبغضه وهو طفل بسببه وانه اسوء شخص ف حياته لكنه حبه حب حقيقى،ولو عرف حقيقته لكرهه لكن يتمنى الا يعرف يتمنى يفضل بصوره حلوه ف عينه العمر كله
عاصم كان بيحبس نفسه في أوضته وبيحى وقت ما الوجع يشتغل ينهار ارضا
النوم بقى نادر، ولو عينه أُغلقت للحظة، كان يصحى على صراخه المميت. يقوم فجأة، كأنه بيتطعن، ويخبط راسه في الحيط بجنون، وشه محمّر، وصوته بيشق جدران البيت.
كانت أسير تسمع وتشوف… وتشوف لحد فين ممكن يوصل اليأس بإنسان… إنه يضرب دماغه بنفسه عشان يوقف النار اللي جوه.
وفي مرة، جابت د.م من قوة الضرب. لكنه استمر، وكأن الألم اللي جواه أكبر من أي جر.ح خارجي.كان يصرخ لحد ما ينهار على الأرض مغمي عليه. وبمجرد ما يحس بهدوء لحظي، يتمنى يطول. لحظة الراحة كانت عنده كنز… لكن في نفس الوقت، كان بيدعي يموت قبل ما يرجع الألم تاني.
صدره كان بيعلو ويهبط بعنف، وعينيه مشدودة من وجع مش مفهوم، وملامحه بتقول إن العذاب اللي عليه كبير… وكبير لدرجة إنه فاهم دلوقتي إنه مش هيخلص بسهولة.
—–
بيكتم آدم غصته، وعينه بتتحرك على السطور اللي بخط عاصم، كأنه بيسمع صوته جوه دماغه.
> “حاولت، في أي لحظة يقف فيها الوجع، أكمل بحثي عنك. لحد ما سمعت عن اسم شركة اسمها المسلم للسيارات، وإن المالك ليها اسمه آدم… آدم المسلم.
آدم المسلم، المعروف هنا، مهندس، وبداية شركته كانت ورشة صيانة وقطع غيار، لحد ما بقيت شركة كبيرة لتصنيع أحدث سيارات
دورت عليها، لحد ما شوفت صورتك في أحد الأندية. وقتها… ابتسمت. ابتسامة فيها ندم، وافتخار، وحزن.واشتياق….
آدم… نجحت. وحققت اللي نفسك فيه. بقيت أعلى مني، وأبعد من مجرد وظيفة حكومية بتتنازل فيها عن ضميرك.أنت دلوقتي صاحب شركة.
حبيت تعرف… إني شوفت نجاحك. شوفت بعيني، وحاولت أوصلك لما لقيتك. بس كل مرة أحاول أتصل بالشركة وأطلبك، كانوا يقولوا إنك مشغول، وإن التواصل لازم يكون من رقم تاني غير المالك، وإن مش أي حد يعرف يكلمك… لازم يكون معاه رقمك الشخصي.”
> “كنت بتأكد من نجاحك من بعيد، حتى وأنا مش قادر أوصلك من شدة انشغالك.كان عندي كتير أقولهولك… كان نفسي ترجع بلدنا وأحكيلك كل كلمة.
كنت عايز أقولك… إن أسير لم ولن تخونك.وبرغم كل اللي عملته ومحولاتى انى اخدها منك امحيك من جواها بالحب او بلاجبار عملت كل حاجه فى غرض انها تنساك بس هي كانت متمسكة بيك إنك أنت الوحيد اللي تقدر تلمسها برضاها.
أنا غلطت… وفوق غلطتي، عملت غلط أكبر، وكنت السبب في فرقتكم.،كنت نقطة سودة كبيرة في حياتك من زمان… لكن كنت دايمًا عارف إن مهما أغلط، أنت بتحبني وبتنصحني.بس ماعرفتش إن هييجي يوم أغلط فيه غلط يخسرني أخويا العمر كله… هيجى اليوم إلى اعمل فيه كده وافكر ببشاعه واطون سبب انى احرمك من الإنسانة اللي حبيتها من وأنت صغير.”
آدم حس بكلمات الرسالة وهي بتحفر جوه صدره، وكأنها مش مكتوبة بالحبر، لكن بدم.
—-
كان عاصم قاعد على طرف الكنبة، ضهره محني، وإيده بتعصر نفسها في حجره. أمه قدامه، نظرتها تقيلة، والسنين اللي فاتت رسمت خطوط حزن حوالين عينيها.
قال بصوت مبحوح:– “سامحيني يا ماما.”
نزلت من عينيها دمعة… برغم بغضها لأفعاله، وبرغم صراخ العذاب اللي بتسمعه منه كل يوم.
هو كمل، وكأنه بيحاول يطلع نفسه من تحت ركام الندم:
– “أنا بحاول… والله بحاول. بس محاولاتي بتفشل. دلوقتي… أنا بقيت أضعف. يمكن عقلي رجع لي… بس في وقت مش في صالحي.”
رفع عينه لها، وصوته ارتعش وهو يقول:– “ماما… أنا ضيعت كل حاجة.”
كانت نبرة صوته مختلفة… نبرة ابنها الصغير وهو بينادي عليها برجاء:
– “لو مش قادرة تسامحيني… بلاش تضغطي على نفسك. أنتِ عملتِ كتير عشاني… وعمرك ما كنتِ وحشة. كنتِ بس ضعيفة… زي أي أم لما تيجي عند ولادها وتضعف. اياكى تشوفى نفسك وحشه بسببى
عبير رمقته بنظرة فيها وجع، وقالت– “أنا حذرتك… ما تفكرش فيها.حذرتك ان نكون هنا
أطرق رأسه وقال بهدوء مثقل:– “كنت مغصوب… لأني حبيتها. حتى يومها لما شربت… كان بسببها.”
عبير رفعت وجهها ناحيته، وكأنها تضربه بكلمة:
– “آدم لما اتجوزها… ما قربش منها إلا لما تأكد إنها اتخانت وسابته بإرادتها.”
رفع عاصم عينه لها، وصوت أنفاسه ارتجف مما سمعه، فأكملت وهي تبكي:
– “أخوك كان محافظ عليها لحد ما رجعت وعرف انك سايبها بارداتك وخونتها… عمره ما قربلها لما اتجوزها، ولا عمل اللي أنت عملته، برغم إنه بيعشقها من وهو صغير. أخوك عمره ما فكر فيها وهي معاك… وانت خاطبها.”
عاصم – “عايزه تقولّي إيه؟… مش كان بيفكر فيها وأنا خاطبها؟”
قالت عبير، والدموع تتساقط من عينيها:
– “أسير كانت حب حياة آدم من وهو صغير… من وهي معاك، وهو بيحبها. بس لما أعلنتوا جوازكم… بعد تمامًا، عشان ما يخلقش أي مشاكل أو يبوّظ الأخوة اللي بينكم، أو يخليها تعيش بينكم بغيرة ووجع. هو اختار يبعد… عكسك.”
عيني عاصم امتلأت بالدموع وهو يبتلع الكلمات، فواصلت عبير:
– “أخوك ما حطش عشقه ليها عذر للخيانة اة انه يقرب من شر،فه..اسير كانت شرفه وشرفك… برغم إنه ما كانش يقدر يعيش من غيرها. استحمل فكرة جوازكم غصب عنه… وفضل صاينها كأخ وحبه دفنه ليه هو بس
تذكرت ملامح ابنها الى مشي وهو متبرى منهم كلهم حتى منها وتنزل دموعها وهي تتخيله قدامها واشتياقها الجنونى ليه قات-أنا ما خلفتش غير ابن واحد اسمه آدم… وخسرته.”
انهار رأس عاصم على الأرض، كأن وزن الحقيقة كسر رقبته.الدموع نزلت من عينيه بغزارة، وصدره ارتجف وهو يتمتم:– “كان بيحبها سنين دى كلها…”
الذنب تضاعف… كان غافل عن حجم خطيئته، حتى اكتشف أنه ما خانش خطيبته بس… ده خان حب أخوه الوحيد.انغمس في الذكريات… حبها اللي عاشه سنين، ثم لحظة ما أخذها منه، أخذها بأبشع الطرق.
جلس عند قدمي أمه، يبكي بحرقة، كأن دموعه محاولة يائسة لغسل جريمة لا تغتسل.
***
تحت أسير كانت لسه ماسكة التليفون بعد ما خلصت مكالمتها، بتتنهد وهي بتلف عشان تمشي. فجأة سمعت صوت بيناديها:
– “أسير…”
التفتت لقت عمتها عبير جاية ناحيتها بخطوات هادية، وابتسامة صغيرة في وشها
قالت عبير:– “قهوة آدم نسيها هنا… ممكن تطلّعيهاله؟”
سكتت أسير لحظة وهي تبص لفنجان القهوة
– “هو فوق فين؟”
قالت عبير:– “في شقته… طلع من شوية، وقال انه عايز قهوة.”
سكتت أسير ةخدته منها ومشيت بصتلها عبير وهى تغادر وفى اعينها نظرة شفقه وحزن
باب الشقة كان مفتوح، دخلت وهي بتبص حواليها… مفيش حد كان موجود، اتحركت لجوه، لحد ما لمحِت نور ضعيف جاي من عند المكتب. قربت بحذر،ولما وصلت، شافته…
-القهوه
آدم قاعد، ظهره منحنٍ، وإيده قابضة على دفتر قديم مش غريب عنها، دفتر كانت دايمًا تشوفه مع عاصم قبل ما يموت كان بيكتب فيه أكتر ما بيعيش.
خطواتها كانت بطيئة، وقلبها بيخبط،لكن صوتها اختفى فجأة لما شافت عينيه…
عيني آدم كانت مجمّعة دموع، ملامحه مشدودة، وصوته مكتوم.
آدم – “كان بييجي هنا…”
سكت، وعينه سابت الورق لحظة وبصّت لأسير، اللي عينيها صامته قالت بهدوء وهي بتحاول تبتلع غصة في حلقها:
– “في أي وقت كان قادر يتنفس فيه… كان بيكتب. على قد ما يقدر… مكنش بيعمل حاجة غير إنه يتوجّع ويصرخ يا يكتب، ويحاول يكمل آخر حاجة باقي عشانها.”
رجع ادم عينه لدفتر وكانت جملة واضحه اوى أخوه كاتبها بوضوح “سامحني يا آدم… سامحني يا أخويا.”
عينيها لمعت بالدموع، بينما آدم شد نفسه وقال بمرارة: “أسامحه… على إيه؟ مسامحة إيه على اللي عمله فيا؟”
أسير رفعت عينيها عليه وقالت بصوت مكسور:– “آخر حاجة قالهالي… وهو على السرير بيموت… طلب المغفرة. كان عارف إن العذاب عليه في قبره هيكون أكبر من عذابه هنا.”
دموع آدم بدأت تنزل، والجرح اللي حاول يدفنه سنين بدأ ينزف من جديد. رمى الدفتر على المكتب، وصوت الورق تفرّق في الهوا، كأن اللحظة كسرتهم هما الاتنين.
خطت أسير نحوه خطوة، وقالت – “سامحه يا آدم.”
هز رأسه، وعينيه تلمع بغضب وألم:– “مش هقدر يا أسير… مستحيل أسامحه على اللي عمله فيا.”
مدت إيدها ناحية قبضته بتردد، لكنه مسكها بقوة كأنه بيتشبث بيها، وقال بصوت متقطع:- “هو السبب في كل اللي أنا فيه… السبب إني كنت محتاج أتعالج… السبب إني مش قادر أثق في حد.”
أسير حاولت تتمالك نفسها، لكن عينيها فضحتها. قربت أكتر وضمت إيده برفق وبتحس ايدها على كتفه فجأة، آدم سحبها ناحيته، وحضن خصرها بشدة،وكأن سنين الغضب والحزن اتحولت للحظة احتياج صريح.هي ردت العناق من غير ما تتردد، ودموعها بتنزل بحرقة على كتفه
ادم- عمل كل حاجه كل حاجه عملها
همست وهي بتشد عليه: – “اتعذّب كفاية يا آدم… آخر حاجة كان عايزها، حاجة تشفع له… وإنك تسامحه.”
دموع آدم كانت بتنزل ببطء، صوته مبحوح وكأنه بيحكم على عاصم غيابيًا – “خليه يتعذّب… خليه يعيش في الجحيم اللي أنا عشته.”
انحنى رأسه، ونبرة الحزن اتسربت وسط الغضب:– “مش هقدر أسامح الشخص ده… مستحيل.”
أسير فضلت ساكته وهي حاضناه، حاسة كأنه هو بس اللي بيغرق في موجة الألم، وهي واقفة تتفرج والالم الى بينهم مشتؤك، انها تبكى لاول مره تعبر عن حزنها غير الصمت ،موعها بتنزل وتتحرر من قربه.. كأن ده القرب الى دورت عليه كتير واستنيته
خفف ادم إيده خفّت على ضهرها، ورفع راسه بهدوء، وقبّل عنقها جسدها انتفض من اللمسة، وقلبها خبط بقوة:– “آدم…”
لكن هو ما ابتعدش، ورفع ايده لرقبتها وهو يمسكها بكفيه ويبصلها ولم تبعده عنها واستعرت انفاسه عينيه تنزل على شفايفها. اقترب منها ببطء، وقبّلها إيدها مسكت إيده تلقائيًا، وحست بضعف قوي قدام اللمسات اللي كانت مفتقداها من زمان. مع كل ثانية، كانت بتقرب أكتر وتبادله.
آدم وقف وتقدم منها، وهي بترجع لورا، لكن القبلة اتعمّقت واشتعلت، مزيج من الحنين والشغف، كأنهم بيرقصوا رقصة ثنائية اتولدت من جديد.
بتقف عند الحيطه وبايد آدم مدها وأقفله عليهم، أسير بدأت تفك أزرار قميصه وهي في حضنه، وهو شالها عن الأرض. لم يدع لها مجال تتنفس، وهي حاوطت عنقه بكل قوتها، لحظة جنون نابعة من الاشتياق المكبوت. آدم أمسك ببلوزتها وفكها عنها، فسقطت على الأرض. إيده رجعت لوجهها، وقبلاته تنهبها كانه يقتلع شفاها من مكانها. دمعة نزلت من عينيها، لكنه ما توقفش…
لحد ما فتح عينيه، وبالصدفة، وقع بصره على المرايا اللي وراها. انعكاس ضهرها ظهر بوضوح… وهناك، شاف شيء غريب.
آدم وقف مكانه، حرارة اللحظة انطفأت فجأة، وحل مكانها لهب تاني، لهب جاي من المنظر اللي شافه في ضهرها.رجع يبصلها، شاف دمعة بتنزل ببطء من عينها وتلمس صدره، قال بصوت هادي وهو بيحضنها
– “اهدّي…”
لكن دموعها نزلت أكتر، وكأنها بتغرق نفسها، وهي بتلعن ضعفها… وتلعن عمتها اللي رمتها هنا، قدامه قالت-ابعد
آدم لمح نشيجها ودموعها بتلمس صدره حضنها أكتر لما حس إنها بتعيط قال
– “ممكن تهدي…”
-ابعد
نظر لها ادم ساعتها هي بعدت فجأة ومشيت مدت إيدها تاخد البلوزة من على الأرض وتلبسها تظارى ملابسها الداخل.به بتحاول تحصّن نفسها من نظرته.
هو واقف بيتابعها، قال بهدوء مصطنع:- “أسير… اهدّي، محصلش حاجة.”
التفتت له بعينين لامعين من الدموع، صوتها كان فيه قهر: “محصلش؟! عايز تعمل إيه؟” عايز يحصل
مشت ناحيته بخطوات سريعة، وقفت قدامه وقالت بحرقة:
– “كمل! خد اللي انت عايزه! ليه وقفت يا آدم؟ يلا… انهيني انت كمان! انتقم مني… ومنه… انتقم فيّا!”
هو سكت، ملامحه كانها شعرت بحقيقة الداخليه وقبتله المتملكه كأنه بيقول لعاصم شوف بقيت معايا لسا انت ميت وهي معايا دلوقتى مراتك
هي ثبتت عينيها في عينيه، ودموعها بتنزل بحرارة:
– “دي… عمرها ما كانت لمستك. ولا عمر آدم… يقرب مني ويخليني أوصل لده. عايز تشوف ضعفي؟! عايز تشوف لحد فين ممكن أعمل إيه؟”
صوتها انخفض لكنه كان مسموم بالشجن- “قرب مني… وانت تعرف إنك ممكن تاخدني معاك للجحيم… أكتر… وأكتر. انت… بس… اللي قادر تعمل فيا كده.”
ادم – “جحيم…
ردت أسير-خلاص يا آدم خلاص
نظرته اتعلقت بيها وهي بتقفل البلوزة بسرعة. فجأة… رن جرس الباب.أسير التفتت بخوف ناحية الباب، كانت الخبطة خفيفة.
آدم تحرك بخطوات ثابتة، ولما قرب… سمع صوت زياد من بره:
– “ماما…”
الخوف زاد في عيني أسير، بصّت لآدم، وهو أشار لها بإيده بمعنى “مكانك… ما تتكلميش”، وبدأ يلبس قميصه بهدوء قبل ما يفتح.فتح الباب، شاف زياد واقف بيبص له بتركيز.آدم قال بنبرة طبيعية:– “عايز حاجة
– “ماما هنا؟”
أسير كانت واقفة في الصمت، تكاد تحبس أنفاسها.
آدم رد بسرعة:
– “لا… مفيش هنا حد غيري.”
زياد سكت، لكن عينه فضلت تتفحص الشقة وكأنه بيكذّب كلامه، مش واثق.
بعد لحظة، مشي وهو لسه بيبص وراه.
آدم قفل الباب، وأسير حسّت بثقل في صدرها… إحساس بالذنب كأنها عملت جريمة بتحاول تخفيها.،قالت بصوت واطي وهي مش قادرة تبص له:
– “لو مصدقش كلامك… وإنّي كنت هنا… هتبقى مشكلة أكبر.”
– “بتخافي عليّ أوي كده؟”
نظرته له قال – “متقلقش لو كان شاكك انك هنا كان دخل… هو نزل. لو هتمشي، أمشي دلوقتي قبل ما يطلع يدور عليك.”
أسير مش ردّت، بدأت تتحرك ناحية الباب، لكنه وقفها فجأة:– “الحرق اللي في ضهرك… من إيه؟”
سكتت، هو بيكرر بحدة:– “مين عمل فيكِ كده؟”
أسير رفعت عينيها لعينيه، وصوتها كان متكسر بين الغضب والحزن: “عايز تعرف يا آدم؟… اسأل نفسك سؤال اهم… مين السبب إن كل ده يحصلى.”
لمعت العيون بينهم لحظة، قبل ما تفتح الباب وتخرج… وتسيبه واقف، كأن كلماتها ضربته في قلبه أكتر من أي جرح
أسير نزله بتحاول تمسح دموعها قبل ما حد يلاحظ.،فجأة سمعت صوت ابنها:
– “ماما…”
التفتت ردّت بنبرة هادئة:– نعم”
زياد وقف قدامها، عينه بتلمع بشكوك خفية: “كنتي فين؟”
– “مخرجتش… كنت في البيت.”
قال بشك-دورت عليكي… ملقتكيش.”
سكتت لحظة، وكأنها بتدور على الكلمات، وبعدين قالت:– “كنت فوق.”
– “فوق فين؟”
– “عند شقة باباك.”
زياد سكت بيسحبها من أي مواجهة، ودخل بيها على أوضتهم.
– “نامي… إنتي تعبانة.”
فضلت تبص له وهو بيرفع رجليها على السرير وبيغطيها.دمعة انسابت من عينها غصب عنها، حاولت تمسحها بسرعة، لكن زياد لمحها.
– “إنتي بتعيطي؟ حد زعلك؟”
– “لا… عيني وجعاني بس.”
بصتله وسالت– “روحت إزاي؟ أنا قولتلك ما تركبيش تاكسي لوحدك.”
– “عمو أحمد وصلني.”
– “إيه اللي جاب أحمد عند مدرستك؟”
– “معرفش… خرجت شوفته وسلم عليّا.”
آدم نزل من فوق بهدوء، لكن خطواته كانت تقيلة. لقى كلارا واقفه تنظر إليه قالت– “اختفيت فين؟
ردّ ببرود:– “شقتي فوق.”
سكتت كلارا لحظة قربت منه بابتسامه قالت
– “هنتكلم جد ف موضوعنا امتى
آدم ما جاوبش، بس قال وهو بيعدي جنبها:– “نتكلم بعدين.”
وقف يبص لها ثواني، وبعدين مشي، وعينه راحت أوّل ما دخل على أوضة أسير، بس ما دخلش…
اتجه ناحية البلكونة، لقى أمه قاعدة هناك. بصتله كانها عرفت بوجوده قالت– “في إيه يا آدم؟”
نظرته كانت ثابتة عليها:– “إنتِ اللي حاطّة الدفتر ده فوق؟”
– “دفتر إيه؟”
– “بلاش كدب… كوني صريحة معايا لمرة واحدة.”
سكتت عبير، الحزن ارتسم على ملامحها، وبصوت مخنوق:– “والله ما أعرف… وحياتك عندي.”
آدم شدد النبرة:– ” تاني… بتحلفي بحياتي؟”
دموعها بدأت ومتكلمتش آدم اقترب منها– “لو مكنتيش تعرفي… طلّعتيه فوق ليه؟”
– “عشان أخوك وصّاني… قال إنه سايبلك حاجة مهمة فوق، هتخليك تعرف الحقيقة كلها… وواضح من عينيك إنك عرفت كل حاجة.”
سكت آدم قامت عبير بالعافية، قربت منه، وحطت إيدها على كتفه:
– “أتمنى يكون عمل حاجة صح… لمرة واحدة.”
– “اعترافه مش هيمحي ذنبه.”
– “وذنبها هي؟ ذنب أسير إيه؟”
آدم شدد صوته أكتر:– “وذنبي أنا؟ ذنبي إيه تعملوا فينا كده؟”
– “أيًّا كان اللي فات… المهم إنك عرفت الحقيقة عنها، وعرفت إنها بتحبك أنت. بلاش تيجي عليها أكتر من كده، يا آدم… متخليش رجوعك اللي هي كانت بتتمناه يتحول لعذاب ليها… خليه جبر.”
ادم هزّ راسه ببطء، وصوته كان مبحوح:
– “علاقتنا بايظة، يا أمي… لا أنا ولا هي نقدر نكون نفس الاتنين اللي كنا زمان.”
عبير اتسعت عينيها خوفًا:– “ليه يا آدم؟ ليه مينفعش؟”
– “لأن اللي اتكسر… كبير. كل واحد فينا عبارة عن جرح للتاني.”
– “بس حبكم باقي… وعمره ما مات. ولو قلت غير كده، تبقى كدّاب يا آدم.”
آدم سكت، وعيونه زاغت، لكن دمعة كانت واقفة في طرفها.
عبير واطت تبص في عينه:– “قدرت تسكت قلبك عنها كل ده؟ أنت يا آدم… اللي عمره ما كان ليك سلطة عليه؟ لو كانت أسير السبب…”
– “أنا تعبت… تعبت عشان أقف ثابت، عشان تشوفوني واقف هنا النهاردة.”
:– “بس أنت عشت فاهم حاجة عكس الحقيقة.”
آدم ضيّق عينيه ونبرته غلظت:– “إيه اللي عمله فيها؟ كنتِ تقصدي إيه لما قولتي إنها اتعذبت في غيابي؟”
عبير شهقت نفس قصير– “بلاش نتكلم في اللي فات… قلبي بيوجعني.”
آدم خطا خطوة أقرب، صوته حاد– “اللي فات يهمني… عشان أفهم إحنا في إيه دلوقتي. عشان أفهم العمر اللي اتسرق… راح في إيه!”
كانت عينيه مليانة نار، وعينيها مليانة خوف وذنب
كانت أسير قاعدة في المطبخ لوحدها، سمعت صوت رجل رفعت عينها لقت كلارا داخلة من غير سلام ولا مقدمات، وسحبت كرسي وقعدت قدامها. ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت:– “باين إنك بتحبي جوزك أوي… لدرجة كل يوم تبكي عليه، وأوقات تغمي عليكي من الزعل عشانه.”
أسير بصتلها بصمت، عينيها ثابتة لكن ملامحها ما نطقتش بكلمة.
كلارا – “أنا كمان لما حبيت بجد… اكتشفت إن الشخص ده مش بيحبني.”
ارتفعت نظرة أسير ليها للحظة، لكن مفيش انفعال واضح.
ابتسمت كلارا بمرارة وقالت:– ايوه آدم.”
أسير ما اتصدمتش، كأنها كانت حاسه الكلام ده قبل ما يتقال.
كلارا كملت:– “باين إنك الوحيدة اللي عرفتي إني بحبه.”
ردت أسير بهدوء مشوب بالبرود:– “ليه ما اتجوزتوش؟”
كلارا زفرت وقالت:– “آدم مقتنع إن العزوبية أفضل. لو حد غيره، كنت هقول عليه مش قد المسؤولية، بس هو… كان ليه أسبابه. وقريب… هنولها.”
نظرت لها أسير باستفهام قالت-بعنى اى مقتنع بالعزوبيه يعنى ف بيمكم حب متبادل
، فقالت كلارا:– “دعوة آدم إني أجي معاه هنا… كانت كبيرة بالنسبة لي.”
أسير عقدت حاجبها:– “مش فاهمة بتقولي الكلام ده ليه.”
:– “يمكن عشان عايزة أفضفض… زي ما بتقولوا بالمصري. وملقتش حد أتكلم معاه هنا غيرك. أنتِ هتفهمي إحساسي أكتر.”
أسير – “اختارتي الشخص الغلط.”
كلارا– “ليه يا أسير؟ أنتِ ما حبيتيش قبل كده؟”
أسير التزمت الصمت. وقفت كلارا، بابتسامه لطيفه– “ادعي الرب نكون سلايف قريب.”
أسير تابعتها بنظرة صامتة، لكن في قلبها شعلة غضب وحقد بتشتعل.
مشيت طلارا وسابتها
في الصبح، آدم كان واقف قدام باب أوضة أسير، إيده مرفوعة علشان يخبط، لكن قبل ما يلمس، الباب اتفتح فجأة وطلع زياد.
وقف الولد قدامه، نظرته حادة، وصوته مليان تحفظ:
– “عايز إيه؟”
آدم شد نفسه وقال بهدوء:– “فين والدتك؟”
زياد رد بنفس النبرة، وكأنه بيحمي جدار قدامه:– “عايز إيه من ماما؟”
نظرة آدم ثبتت عليه وضاق صدره قبل ما يرد، ظهرت عبير من آخر الممر، وقالت:– “أسير خرجت… لسا خارجة حالًا.”
آدم اتجاهل زياد قال– “خرجت راحت فين؟”
عبير – “قالت إنها عندها مقابلة شغل.”
كلمة “شغل” افتكر كلامها القديم إنها ناوية تشتغل وتبعد عن هنا. لحظة صمت مرت، ثم مشي ناحية الخارج.
عند البوابة، السواق عدّل جلسته أول ما شافه، وكأنه كان منتظر.آدم وقف عنده وقال بنبرة فاحصة:– “إنت هنا من امبارح؟”
السواق اتوتر:– “حضرتك ما قلتليش أمشي.”
آدم ضيق عينيه قليلًا وسأله:– “شُفت أسير وهي خارجة؟”
أسير كانت واقفة على طرف الطريق، عينها بتدور على تاكسي فاضي، وقفت قدامها عربية أنيقة، ونزل منها أحمد صاحب عصام.
ابتسم وهو بيقترب منها بخطوات واثقة:– “جهزتى كل حاجه
-بتعمل اى هنا
– باين انى قلقت تروح المقابله عليكى معرفش انط ملتظمه بمواعيدك
أسير أومأت بهدوء:– “آه… شكرًا إنك رجّعتلي الوظيفة.”
أحمد هز راسه بابتسامة خفيفة: “عادي. لما عرفت إنك كنتِ مقدمة، وراحت عليكِ بسبب ظروف… كلمت المدراء. يعرفوني، وملفك كان كويس. قالولي تقدري تبدأي معاهم.”
أسير – “متشكرة.”
هو أكمل بابتسامة أكبر:– “ما عملتش حاجة. أنا بس عايز أساعدك قد ما أقدر… وتعتمدي عليا لو في أي حاجة.إنت كنى زوجة عاصم… يعني أخويا لتاني
سطتت وبصتله قلبلا قالت– “رحت مدرسة زياد ليه؟”
– “كنت معدي من هناك… قولت أعدّي عليه زي ما كان عاصم بيعمل، عشان ما يحسش بحاجة.”
أسير ترددت لحظة، ثم قالت:– “أنا مش عارفة أقولك إيه…
مد يده ناحيتها وهو بيشير للعربية:– “ولا حاجة… اركبي، عشان ما تتأخريش.”
بصتله من عرضه قالت– “أنا ما بركبش عربيات مع حد.”
نظر لها بثواني وقال:– “أنا قصدي… مش انتي مستنية تاكسي؟”
– “آه.”
ابتسم بحذر:– “أنا عارف الشركة فين… وعشان ما تتأخريش…”
قاطعت كلامه بنفس النبرة:– “قولتلك… مش بركب مع حد. متشكرة لاهتمامك.”
سكت أحمد قال باحترام -تمام الى يريحك هقف لحد ما تركبى وتوصلى عل. الشركه
اسير-ملوش لزمه عشان معطلكش عن شغلك
أحمد بابتسامة- فى اعتراض عليا ولا عشان وقوفى معاكى
مع أول دقة ألم، كان عاصم بيشهق وكأن مسمار من نار بيغرز جوه دماغه. صرخة مكتومة خرجت منه، وبعدها صرخة أعلى، جسمه بينفض، وبيحاول يقوم من مكانه وهو ماسك راسه بقوة، عروقه في رقبته ووشه متشددة لدرجة إنك تحس إنه بيتحوّل لحاجة تانية.
أسير سمعت الصوت، وزياد كان أول واحد يتحرك ناحيته، لكن هي وقفت قدامه ومدت إيدها تمنعه.
ـ “بابا؟”
قالها زياد بصوت متلخبط، وهو سامع صراخ أبوه اللي مالي البيت لكن بعدته من هناك ودخلته الاوضه وقفلت عليه وخرجت
الألم كان بيحفر جوه مخ عاصم كإن حد بيحط مثقاب جواه. كان. حسّ كأن دماغه محتاجة عربية تدوس عليها عشان ترتاح.اتكعبل وهو بيجري على درج الأدوية، بلع شريط كامل، كأنه فاكر إن الجرعة المهلكة دي هتطفي النار في دماغه. لكن الوجع كان عنيد… فضل يزيد، يزيد، لحد ما وقع على الأرض، صدره بيعلو ويهبط بسرعة، وعينه نص مفتوحة، وإيده بتترعش.
بعد لحظات، الألم بدأ ينسحب، لكن ترك وراه فراغ مرعب، وإحساس غريب لأول مرة حسه… إنه بيتمنى من قلبه يموت قبل ما يجرب الوجع ده تاني
لكنها كانت مجرد البداية.
ورغم انتظامه عند الأطباء، وتجربة كل دواء يكتبه له أي دكتور، وبرغم الأسئلة الكتيرة عن العملية—هل ينفع تتعمل له ولا لأ—فضل عاصم يعاني في بيته اللي بقى سجنه.
ما بقاش يخرج. ما بقاش يختلط بأسير. ما فيش كلام بينهم، ولا حتى محاولة. لكن لما كان يلمحها بالصدفة، كان فيه صوت داخله بيصرخ… نفسه يحضنها، نفسه يقول لها كلمة اعتذار، أو حتى يلاقي حد يحنو عليه.
ويمكن الحنان الوحيد اللي لسه وصله كان من زياد… زياد اللي خاف يخسره وأفعاله ثمرت، حافظ عليه لحد ما بقى يحبه رغم كل حاجة. حتى بعد موته، فضل حب زياد ثابت، برغم الذكرى المرة اللي سابها له، وبرغم إن أسير نفسها زمان كانت بتبغضه وهو طفل بسببه وانه اسوء شخص ف حياته لكنه حبه حب حقيقى،ولو عرف حقيقته لكرهه لكن يتمنى الا يعرف يتمنى يفضل بصوره حلوه ف عينه العمر كله
عاصم كان بيحبس نفسه في أوضته وبيحى وقت ما الوجع يشتغل ينهار ارضا
النوم بقى نادر، ولو عينه أُغلقت للحظة، كان يصحى على صراخه المميت. يقوم فجأة، كأنه بيتطعن، ويخبط راسه في الحيط بجنون، وشه محمّر، وصوته بيشق جدران البيت.
كانت أسير تسمع وتشوف… وتشوف لحد فين ممكن يوصل اليأس بإنسان… إنه يضرب دماغه بنفسه عشان يوقف النار اللي جوه.
وفي مرة، جابت د.م من قوة الضرب. لكنه استمر، وكأن الألم اللي جواه أكبر من أي جر.ح خارجي.كان يصرخ لحد ما ينهار على الأرض مغمي عليه. وبمجرد ما يحس بهدوء لحظي، يتمنى يطول. لحظة الراحة كانت عنده كنز… لكن في نفس الوقت، كان بيدعي يموت قبل ما يرجع الألم تاني.
صدره كان بيعلو ويهبط بعنف، وعينيه مشدودة من وجع مش مفهوم، وملامحه بتقول إن العذاب اللي عليه كبير… وكبير لدرجة إنه فاهم دلوقتي إنه مش هيخلص بسهولة.
—–
بيكتم آدم غصته، وعينه بتتحرك على السطور اللي بخط عاصم، كأنه بيسمع صوته جوه دماغه.
> “حاولت، في أي لحظة يقف فيها الوجع، أكمل بحثي عنك. لحد ما سمعت عن اسم شركة اسمها المسلم للسيارات، وإن المالك ليها اسمه آدم… آدم المسلم.
آدم المسلم، المعروف هنا، مهندس، وبداية شركته كانت ورشة صيانة وقطع غيار، لحد ما بقيت شركة كبيرة لتصنيع أحدث سيارات
دورت عليها، لحد ما شوفت صورتك في أحد الأندية. وقتها… ابتسمت. ابتسامة فيها ندم، وافتخار، وحزن.واشتياق….
آدم… نجحت. وحققت اللي نفسك فيه. بقيت أعلى مني، وأبعد من مجرد وظيفة حكومية بتتنازل فيها عن ضميرك.أنت دلوقتي صاحب شركة.
حبيت تعرف… إني شوفت نجاحك. شوفت بعيني، وحاولت أوصلك لما لقيتك. بس كل مرة أحاول أتصل بالشركة وأطلبك، كانوا يقولوا إنك مشغول، وإن التواصل لازم يكون من رقم تاني غير المالك، وإن مش أي حد يعرف يكلمك… لازم يكون معاه رقمك الشخصي.”
> “كنت بتأكد من نجاحك من بعيد، حتى وأنا مش قادر أوصلك من شدة انشغالك.كان عندي كتير أقولهولك… كان نفسي ترجع بلدنا وأحكيلك كل كلمة.
كنت عايز أقولك… إن أسير لم ولن تخونك.وبرغم كل اللي عملته ومحولاتى انى اخدها منك امحيك من جواها بالحب او بلاجبار عملت كل حاجه فى غرض انها تنساك بس هي كانت متمسكة بيك إنك أنت الوحيد اللي تقدر تلمسها برضاها.
أنا غلطت… وفوق غلطتي، عملت غلط أكبر، وكنت السبب في فرقتكم.،كنت نقطة سودة كبيرة في حياتك من زمان… لكن كنت دايمًا عارف إن مهما أغلط، أنت بتحبني وبتنصحني.بس ماعرفتش إن هييجي يوم أغلط فيه غلط يخسرني أخويا العمر كله… هيجى اليوم إلى اعمل فيه كده وافكر ببشاعه واطون سبب انى احرمك من الإنسانة اللي حبيتها من وأنت صغير.”
آدم حس بكلمات الرسالة وهي بتحفر جوه صدره، وكأنها مش مكتوبة بالحبر، لكن بدم.
—-
كان عاصم قاعد على طرف الكنبة، ضهره محني، وإيده بتعصر نفسها في حجره. أمه قدامه، نظرتها تقيلة، والسنين اللي فاتت رسمت خطوط حزن حوالين عينيها.
قال بصوت مبحوح:– “سامحيني يا ماما.”
نزلت من عينيها دمعة… برغم بغضها لأفعاله، وبرغم صراخ العذاب اللي بتسمعه منه كل يوم.
هو كمل، وكأنه بيحاول يطلع نفسه من تحت ركام الندم:
– “أنا بحاول… والله بحاول. بس محاولاتي بتفشل. دلوقتي… أنا بقيت أضعف. يمكن عقلي رجع لي… بس في وقت مش في صالحي.”
رفع عينه لها، وصوته ارتعش وهو يقول:– “ماما… أنا ضيعت كل حاجة.”
كانت نبرة صوته مختلفة… نبرة ابنها الصغير وهو بينادي عليها برجاء:
– “لو مش قادرة تسامحيني… بلاش تضغطي على نفسك. أنتِ عملتِ كتير عشاني… وعمرك ما كنتِ وحشة. كنتِ بس ضعيفة… زي أي أم لما تيجي عند ولادها وتضعف. اياكى تشوفى نفسك وحشه بسببى
عبير رمقته بنظرة فيها وجع، وقالت– “أنا حذرتك… ما تفكرش فيها.حذرتك ان نكون هنا
أطرق رأسه وقال بهدوء مثقل:– “كنت مغصوب… لأني حبيتها. حتى يومها لما شربت… كان بسببها.”
عبير رفعت وجهها ناحيته، وكأنها تضربه بكلمة:
– “آدم لما اتجوزها… ما قربش منها إلا لما تأكد إنها اتخانت وسابته بإرادتها.”
رفع عاصم عينه لها، وصوت أنفاسه ارتجف مما سمعه، فأكملت وهي تبكي:
– “أخوك كان محافظ عليها لحد ما رجعت وعرف انك سايبها بارداتك وخونتها… عمره ما قربلها لما اتجوزها، ولا عمل اللي أنت عملته، برغم إنه بيعشقها من وهو صغير. أخوك عمره ما فكر فيها وهي معاك… وانت خاطبها.”
عاصم – “عايزه تقولّي إيه؟… مش كان بيفكر فيها وأنا خاطبها؟”
قالت عبير، والدموع تتساقط من عينيها:
– “أسير كانت حب حياة آدم من وهو صغير… من وهي معاك، وهو بيحبها. بس لما أعلنتوا جوازكم… بعد تمامًا، عشان ما يخلقش أي مشاكل أو يبوّظ الأخوة اللي بينكم، أو يخليها تعيش بينكم بغيرة ووجع. هو اختار يبعد… عكسك.”
عيني عاصم امتلأت بالدموع وهو يبتلع الكلمات، فواصلت عبير:
– “أخوك ما حطش عشقه ليها عذر للخيانة اة انه يقرب من شر،فه..اسير كانت شرفه وشرفك… برغم إنه ما كانش يقدر يعيش من غيرها. استحمل فكرة جوازكم غصب عنه… وفضل صاينها كأخ وحبه دفنه ليه هو بس
تذكرت ملامح ابنها الى مشي وهو متبرى منهم كلهم حتى منها وتنزل دموعها وهي تتخيله قدامها واشتياقها الجنونى ليه قات-أنا ما خلفتش غير ابن واحد اسمه آدم… وخسرته.”
انهار رأس عاصم على الأرض، كأن وزن الحقيقة كسر رقبته.الدموع نزلت من عينيه بغزارة، وصدره ارتجف وهو يتمتم:– “كان بيحبها سنين دى كلها…”
الذنب تضاعف… كان غافل عن حجم خطيئته، حتى اكتشف أنه ما خانش خطيبته بس… ده خان حب أخوه الوحيد.انغمس في الذكريات… حبها اللي عاشه سنين، ثم لحظة ما أخذها منه، أخذها بأبشع الطرق.
جلس عند قدمي أمه، يبكي بحرقة، كأن دموعه محاولة يائسة لغسل جريمة لا تغتسل.
***
تحت أسير كانت لسه ماسكة التليفون بعد ما خلصت مكالمتها، بتتنهد وهي بتلف عشان تمشي. فجأة سمعت صوت بيناديها:
– “أسير…”
التفتت لقت عمتها عبير جاية ناحيتها بخطوات هادية، وابتسامة صغيرة في وشها
قالت عبير:– “قهوة آدم نسيها هنا… ممكن تطلّعيهاله؟”
سكتت أسير لحظة وهي تبص لفنجان القهوة
– “هو فوق فين؟”
قالت عبير:– “في شقته… طلع من شوية، وقال انه عايز قهوة.”
سكتت أسير ةخدته منها ومشيت بصتلها عبير وهى تغادر وفى اعينها نظرة شفقه وحزن
باب الشقة كان مفتوح، دخلت وهي بتبص حواليها… مفيش حد كان موجود، اتحركت لجوه، لحد ما لمحِت نور ضعيف جاي من عند المكتب. قربت بحذر،ولما وصلت، شافته…
-القهوه
آدم قاعد، ظهره منحنٍ، وإيده قابضة على دفتر قديم مش غريب عنها، دفتر كانت دايمًا تشوفه مع عاصم قبل ما يموت كان بيكتب فيه أكتر ما بيعيش.
خطواتها كانت بطيئة، وقلبها بيخبط،لكن صوتها اختفى فجأة لما شافت عينيه…
عيني آدم كانت مجمّعة دموع، ملامحه مشدودة، وصوته مكتوم.
آدم – “كان بييجي هنا…”
سكت، وعينه سابت الورق لحظة وبصّت لأسير، اللي عينيها صامته قالت بهدوء وهي بتحاول تبتلع غصة في حلقها:
– “في أي وقت كان قادر يتنفس فيه… كان بيكتب. على قد ما يقدر… مكنش بيعمل حاجة غير إنه يتوجّع ويصرخ يا يكتب، ويحاول يكمل آخر حاجة باقي عشانها.”
رجع ادم عينه لدفتر وكانت جملة واضحه اوى أخوه كاتبها بوضوح “سامحني يا آدم… سامحني يا أخويا.”
عينيها لمعت بالدموع، بينما آدم شد نفسه وقال بمرارة: “أسامحه… على إيه؟ مسامحة إيه على اللي عمله فيا؟”
أسير رفعت عينيها عليه وقالت بصوت مكسور:– “آخر حاجة قالهالي… وهو على السرير بيموت… طلب المغفرة. كان عارف إن العذاب عليه في قبره هيكون أكبر من عذابه هنا.”
دموع آدم بدأت تنزل، والجرح اللي حاول يدفنه سنين بدأ ينزف من جديد. رمى الدفتر على المكتب، وصوت الورق تفرّق في الهوا، كأن اللحظة كسرتهم هما الاتنين.
خطت أسير نحوه خطوة، وقالت – “سامحه يا آدم.”
هز رأسه، وعينيه تلمع بغضب وألم:– “مش هقدر يا أسير… مستحيل أسامحه على اللي عمله فيا.”
مدت إيدها ناحية قبضته بتردد، لكنه مسكها بقوة كأنه بيتشبث بيها، وقال بصوت متقطع:- “هو السبب في كل اللي أنا فيه… السبب إني كنت محتاج أتعالج… السبب إني مش قادر أثق في حد.”
أسير حاولت تتمالك نفسها، لكن عينيها فضحتها. قربت أكتر وضمت إيده برفق وبتحس ايدها على كتفه فجأة، آدم سحبها ناحيته، وحضن خصرها بشدة،وكأن سنين الغضب والحزن اتحولت للحظة احتياج صريح.هي ردت العناق من غير ما تتردد، ودموعها بتنزل بحرقة على كتفه
ادم- عمل كل حاجه كل حاجه عملها
همست وهي بتشد عليه: – “اتعذّب كفاية يا آدم… آخر حاجة كان عايزها، حاجة تشفع له… وإنك تسامحه.”
دموع آدم كانت بتنزل ببطء، صوته مبحوح وكأنه بيحكم على عاصم غيابيًا – “خليه يتعذّب… خليه يعيش في الجحيم اللي أنا عشته.”
انحنى رأسه، ونبرة الحزن اتسربت وسط الغضب:– “مش هقدر أسامح الشخص ده… مستحيل.”
أسير فضلت ساكته وهي حاضناه، حاسة كأنه هو بس اللي بيغرق في موجة الألم، وهي واقفة تتفرج والالم الى بينهم مشتؤك، انها تبكى لاول مره تعبر عن حزنها غير الصمت ،موعها بتنزل وتتحرر من قربه.. كأن ده القرب الى دورت عليه كتير واستنيته
خفف ادم إيده خفّت على ضهرها، ورفع راسه بهدوء، وقبّل عنقها جسدها انتفض من اللمسة، وقلبها خبط بقوة:– “آدم…”
لكن هو ما ابتعدش، ورفع ايده لرقبتها وهو يمسكها بكفيه ويبصلها ولم تبعده عنها واستعرت انفاسه عينيه تنزل على شفايفها. اقترب منها ببطء، وقبّلها إيدها مسكت إيده تلقائيًا، وحست بضعف قوي قدام اللمسات اللي كانت مفتقداها من زمان. مع كل ثانية، كانت بتقرب أكتر وتبادله.
آدم وقف وتقدم منها، وهي بترجع لورا، لكن القبلة اتعمّقت واشتعلت، مزيج من الحنين والشغف، كأنهم بيرقصوا رقصة ثنائية اتولدت من جديد.
بتقف عند الحيطه وبايد آدم مدها وأقفله عليهم، أسير بدأت تفك أزرار قميصه وهي في حضنه، وهو شالها عن الأرض. لم يدع لها مجال تتنفس، وهي حاوطت عنقه بكل قوتها، لحظة جنون نابعة من الاشتياق المكبوت. آدم أمسك ببلوزتها وفكها عنها، فسقطت على الأرض. إيده رجعت لوجهها، وقبلاته تنهبها كانه يقتلع شفاها من مكانها. دمعة نزلت من عينيها، لكنه ما توقفش…
لحد ما فتح عينيه، وبالصدفة، وقع بصره على المرايا اللي وراها. انعكاس ضهرها ظهر بوضوح… وهناك، شاف شيء غريب.
آدم وقف مكانه، حرارة اللحظة انطفأت فجأة، وحل مكانها لهب تاني، لهب جاي من المنظر اللي شافه في ضهرها.رجع يبصلها، شاف دمعة بتنزل ببطء من عينها وتلمس صدره، قال بصوت هادي وهو بيحضنها
– “اهدّي…”
لكن دموعها نزلت أكتر، وكأنها بتغرق نفسها، وهي بتلعن ضعفها… وتلعن عمتها اللي رمتها هنا، قدامه قالت-ابعد
آدم لمح نشيجها ودموعها بتلمس صدره حضنها أكتر لما حس إنها بتعيط قال
– “ممكن تهدي…”
-ابعد
نظر لها ادم ساعتها هي بعدت فجأة ومشيت مدت إيدها تاخد البلوزة من على الأرض وتلبسها تظارى ملابسها الداخل.به بتحاول تحصّن نفسها من نظرته.
هو واقف بيتابعها، قال بهدوء مصطنع:- “أسير… اهدّي، محصلش حاجة.”
التفتت له بعينين لامعين من الدموع، صوتها كان فيه قهر: “محصلش؟! عايز تعمل إيه؟” عايز يحصل
مشت ناحيته بخطوات سريعة، وقفت قدامه وقالت بحرقة:
– “كمل! خد اللي انت عايزه! ليه وقفت يا آدم؟ يلا… انهيني انت كمان! انتقم مني… ومنه… انتقم فيّا!”
هو سكت، ملامحه كانها شعرت بحقيقة الداخليه وقبتله المتملكه كأنه بيقول لعاصم شوف بقيت معايا لسا انت ميت وهي معايا دلوقتى مراتك
هي ثبتت عينيها في عينيه، ودموعها بتنزل بحرارة:
– “دي… عمرها ما كانت لمستك. ولا عمر آدم… يقرب مني ويخليني أوصل لده. عايز تشوف ضعفي؟! عايز تشوف لحد فين ممكن أعمل إيه؟”
صوتها انخفض لكنه كان مسموم بالشجن- “قرب مني… وانت تعرف إنك ممكن تاخدني معاك للجحيم… أكتر… وأكتر. انت… بس… اللي قادر تعمل فيا كده.”
ادم – “جحيم…
ردت أسير-خلاص يا آدم خلاص
نظرته اتعلقت بيها وهي بتقفل البلوزة بسرعة. فجأة… رن جرس الباب.أسير التفتت بخوف ناحية الباب، كانت الخبطة خفيفة.
آدم تحرك بخطوات ثابتة، ولما قرب… سمع صوت زياد من بره:
– “ماما…”
الخوف زاد في عيني أسير، بصّت لآدم، وهو أشار لها بإيده بمعنى “مكانك… ما تتكلميش”، وبدأ يلبس قميصه بهدوء قبل ما يفتح.فتح الباب، شاف زياد واقف بيبص له بتركيز.آدم قال بنبرة طبيعية:– “عايز حاجة
– “ماما هنا؟”
أسير كانت واقفة في الصمت، تكاد تحبس أنفاسها.
آدم رد بسرعة:
– “لا… مفيش هنا حد غيري.”
زياد سكت، لكن عينه فضلت تتفحص الشقة وكأنه بيكذّب كلامه، مش واثق.
بعد لحظة، مشي وهو لسه بيبص وراه.
آدم قفل الباب، وأسير حسّت بثقل في صدرها… إحساس بالذنب كأنها عملت جريمة بتحاول تخفيها.،قالت بصوت واطي وهي مش قادرة تبص له:
– “لو مصدقش كلامك… وإنّي كنت هنا… هتبقى مشكلة أكبر.”
– “بتخافي عليّ أوي كده؟”
نظرته له قال – “متقلقش لو كان شاكك انك هنا كان دخل… هو نزل. لو هتمشي، أمشي دلوقتي قبل ما يطلع يدور عليك.”
أسير مش ردّت، بدأت تتحرك ناحية الباب، لكنه وقفها فجأة:– “الحرق اللي في ضهرك… من إيه؟”
سكتت، هو بيكرر بحدة:– “مين عمل فيكِ كده؟”
أسير رفعت عينيها لعينيه، وصوتها كان متكسر بين الغضب والحزن: “عايز تعرف يا آدم؟… اسأل نفسك سؤال اهم… مين السبب إن كل ده يحصلى.”
لمعت العيون بينهم لحظة، قبل ما تفتح الباب وتخرج… وتسيبه واقف، كأن كلماتها ضربته في قلبه أكتر من أي جرح
أسير نزله بتحاول تمسح دموعها قبل ما حد يلاحظ.،فجأة سمعت صوت ابنها:
– “ماما…”
التفتت ردّت بنبرة هادئة:– نعم”
زياد وقف قدامها، عينه بتلمع بشكوك خفية: “كنتي فين؟”
– “مخرجتش… كنت في البيت.”
قال بشك-دورت عليكي… ملقتكيش.”
سكتت لحظة، وكأنها بتدور على الكلمات، وبعدين قالت:– “كنت فوق.”
– “فوق فين؟”
– “عند شقة باباك.”
زياد سكت بيسحبها من أي مواجهة، ودخل بيها على أوضتهم.
– “نامي… إنتي تعبانة.”
فضلت تبص له وهو بيرفع رجليها على السرير وبيغطيها.دمعة انسابت من عينها غصب عنها، حاولت تمسحها بسرعة، لكن زياد لمحها.
– “إنتي بتعيطي؟ حد زعلك؟”
– “لا… عيني وجعاني بس.”
بصتله وسالت– “روحت إزاي؟ أنا قولتلك ما تركبيش تاكسي لوحدك.”
– “عمو أحمد وصلني.”
– “إيه اللي جاب أحمد عند مدرستك؟”
– “معرفش… خرجت شوفته وسلم عليّا.”
آدم نزل من فوق بهدوء، لكن خطواته كانت تقيلة. لقى كلارا واقفه تنظر إليه قالت– “اختفيت فين؟
ردّ ببرود:– “شقتي فوق.”
سكتت كلارا لحظة قربت منه بابتسامه قالت
– “هنتكلم جد ف موضوعنا امتى
آدم ما جاوبش، بس قال وهو بيعدي جنبها:– “نتكلم بعدين.”
وقف يبص لها ثواني، وبعدين مشي، وعينه راحت أوّل ما دخل على أوضة أسير، بس ما دخلش…
اتجه ناحية البلكونة، لقى أمه قاعدة هناك. بصتله كانها عرفت بوجوده قالت– “في إيه يا آدم؟”
نظرته كانت ثابتة عليها:– “إنتِ اللي حاطّة الدفتر ده فوق؟”
– “دفتر إيه؟”
– “بلاش كدب… كوني صريحة معايا لمرة واحدة.”
سكتت عبير، الحزن ارتسم على ملامحها، وبصوت مخنوق:– “والله ما أعرف… وحياتك عندي.”
آدم شدد النبرة:– ” تاني… بتحلفي بحياتي؟”
دموعها بدأت ومتكلمتش آدم اقترب منها– “لو مكنتيش تعرفي… طلّعتيه فوق ليه؟”
– “عشان أخوك وصّاني… قال إنه سايبلك حاجة مهمة فوق، هتخليك تعرف الحقيقة كلها… وواضح من عينيك إنك عرفت كل حاجة.”
سكت آدم قامت عبير بالعافية، قربت منه، وحطت إيدها على كتفه:
– “أتمنى يكون عمل حاجة صح… لمرة واحدة.”
– “اعترافه مش هيمحي ذنبه.”
– “وذنبها هي؟ ذنب أسير إيه؟”
آدم شدد صوته أكتر:– “وذنبي أنا؟ ذنبي إيه تعملوا فينا كده؟”
– “أيًّا كان اللي فات… المهم إنك عرفت الحقيقة عنها، وعرفت إنها بتحبك أنت. بلاش تيجي عليها أكتر من كده، يا آدم… متخليش رجوعك اللي هي كانت بتتمناه يتحول لعذاب ليها… خليه جبر.”
ادم هزّ راسه ببطء، وصوته كان مبحوح:
– “علاقتنا بايظة، يا أمي… لا أنا ولا هي نقدر نكون نفس الاتنين اللي كنا زمان.”
عبير اتسعت عينيها خوفًا:– “ليه يا آدم؟ ليه مينفعش؟”
– “لأن اللي اتكسر… كبير. كل واحد فينا عبارة عن جرح للتاني.”
– “بس حبكم باقي… وعمره ما مات. ولو قلت غير كده، تبقى كدّاب يا آدم.”
آدم سكت، وعيونه زاغت، لكن دمعة كانت واقفة في طرفها.
عبير واطت تبص في عينه:– “قدرت تسكت قلبك عنها كل ده؟ أنت يا آدم… اللي عمره ما كان ليك سلطة عليه؟ لو كانت أسير السبب…”
– “أنا تعبت… تعبت عشان أقف ثابت، عشان تشوفوني واقف هنا النهاردة.”
:– “بس أنت عشت فاهم حاجة عكس الحقيقة.”
آدم ضيّق عينيه ونبرته غلظت:– “إيه اللي عمله فيها؟ كنتِ تقصدي إيه لما قولتي إنها اتعذبت في غيابي؟”
عبير شهقت نفس قصير– “بلاش نتكلم في اللي فات… قلبي بيوجعني.”
آدم خطا خطوة أقرب، صوته حاد– “اللي فات يهمني… عشان أفهم إحنا في إيه دلوقتي. عشان أفهم العمر اللي اتسرق… راح في إيه!”
كانت عينيه مليانة نار، وعينيها مليانة خوف وذنب
كانت أسير قاعدة في المطبخ لوحدها، سمعت صوت رجل رفعت عينها لقت كلارا داخلة من غير سلام ولا مقدمات، وسحبت كرسي وقعدت قدامها. ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت:– “باين إنك بتحبي جوزك أوي… لدرجة كل يوم تبكي عليه، وأوقات تغمي عليكي من الزعل عشانه.”
أسير بصتلها بصمت، عينيها ثابتة لكن ملامحها ما نطقتش بكلمة.
كلارا – “أنا كمان لما حبيت بجد… اكتشفت إن الشخص ده مش بيحبني.”
ارتفعت نظرة أسير ليها للحظة، لكن مفيش انفعال واضح.
ابتسمت كلارا بمرارة وقالت:– ايوه آدم.”
أسير ما اتصدمتش، كأنها كانت حاسه الكلام ده قبل ما يتقال.
كلارا كملت:– “باين إنك الوحيدة اللي عرفتي إني بحبه.”
ردت أسير بهدوء مشوب بالبرود:– “ليه ما اتجوزتوش؟”
كلارا زفرت وقالت:– “آدم مقتنع إن العزوبية أفضل. لو حد غيره، كنت هقول عليه مش قد المسؤولية، بس هو… كان ليه أسبابه. وقريب… هنولها.”
نظرت لها أسير باستفهام قالت-بعنى اى مقتنع بالعزوبيه يعنى ف بيمكم حب متبادل
، فقالت كلارا:– “دعوة آدم إني أجي معاه هنا… كانت كبيرة بالنسبة لي.”
أسير عقدت حاجبها:– “مش فاهمة بتقولي الكلام ده ليه.”
:– “يمكن عشان عايزة أفضفض… زي ما بتقولوا بالمصري. وملقتش حد أتكلم معاه هنا غيرك. أنتِ هتفهمي إحساسي أكتر.”
أسير – “اختارتي الشخص الغلط.”
كلارا– “ليه يا أسير؟ أنتِ ما حبيتيش قبل كده؟”
أسير التزمت الصمت. وقفت كلارا، بابتسامه لطيفه– “ادعي الرب نكون سلايف قريب.”
أسير تابعتها بنظرة صامتة، لكن في قلبها شعلة غضب وحقد بتشتعل.
مشيت طلارا وسابتها
في الصبح، آدم كان واقف قدام باب أوضة أسير، إيده مرفوعة علشان يخبط، لكن قبل ما يلمس، الباب اتفتح فجأة وطلع زياد.
وقف الولد قدامه، نظرته حادة، وصوته مليان تحفظ:
– “عايز إيه؟”
آدم شد نفسه وقال بهدوء:– “فين والدتك؟”
زياد رد بنفس النبرة، وكأنه بيحمي جدار قدامه:– “عايز إيه من ماما؟”
نظرة آدم ثبتت عليه وضاق صدره قبل ما يرد، ظهرت عبير من آخر الممر، وقالت:– “أسير خرجت… لسا خارجة حالًا.”
آدم اتجاهل زياد قال– “خرجت راحت فين؟”
عبير – “قالت إنها عندها مقابلة شغل.”
كلمة “شغل” افتكر كلامها القديم إنها ناوية تشتغل وتبعد عن هنا. لحظة صمت مرت، ثم مشي ناحية الخارج.
عند البوابة، السواق عدّل جلسته أول ما شافه، وكأنه كان منتظر.آدم وقف عنده وقال بنبرة فاحصة:– “إنت هنا من امبارح؟”
السواق اتوتر:– “حضرتك ما قلتليش أمشي.”
آدم ضيق عينيه قليلًا وسأله:– “شُفت أسير وهي خارجة؟”
أسير كانت واقفة على طرف الطريق، عينها بتدور على تاكسي فاضي، وقفت قدامها عربية أنيقة، ونزل منها أحمد صاحب عصام.
ابتسم وهو بيقترب منها بخطوات واثقة:– “جهزتى كل حاجه
-بتعمل اى هنا
– باين انى قلقت تروح المقابله عليكى معرفش انط ملتظمه بمواعيدك
أسير أومأت بهدوء:– “آه… شكرًا إنك رجّعتلي الوظيفة.”
أحمد هز راسه بابتسامة خفيفة: “عادي. لما عرفت إنك كنتِ مقدمة، وراحت عليكِ بسبب ظروف… كلمت المدراء. يعرفوني، وملفك كان كويس. قالولي تقدري تبدأي معاهم.”
أسير – “متشكرة.”
هو أكمل بابتسامة أكبر:– “ما عملتش حاجة. أنا بس عايز أساعدك قد ما أقدر… وتعتمدي عليا لو في أي حاجة.إنت كنى زوجة عاصم… يعني أخويا لتاني
سطتت وبصتله قلبلا قالت– “رحت مدرسة زياد ليه؟”
– “كنت معدي من هناك… قولت أعدّي عليه زي ما كان عاصم بيعمل، عشان ما يحسش بحاجة.”
أسير ترددت لحظة، ثم قالت:– “أنا مش عارفة أقولك إيه…
مد يده ناحيتها وهو بيشير للعربية:– “ولا حاجة… اركبي، عشان ما تتأخريش.”
بصتله من عرضه قالت– “أنا ما بركبش عربيات مع حد.”
نظر لها بثواني وقال:– “أنا قصدي… مش انتي مستنية تاكسي؟”
– “آه.”
ابتسم بحذر:– “أنا عارف الشركة فين… وعشان ما تتأخريش…”
قاطعت كلامه بنفس النبرة:– “قولتلك… مش بركب مع حد. متشكرة لاهتمامك.”
سكت أحمد قال باحترام -تمام الى يريحك هقف لحد ما تركبى وتوصلى عل. الشركه
اسير-ملوش لزمه عشان معطلكش عن شغلك
أحمد بابتسامة- فى اعتراض عليا ولا عشان وقوفى معاكى
وفى لحظه بتيجى عربيه وتوقف عندهم نظرو اليها وكانها كادت تدهسهم وتفاصيل العربيه فاخر للغايه اتفتح الباب ونزل آدم اتفجات أسير من رؤيته
أحمد اتجمّد لحظة وهو شايف آدم بينزل من العربية. قلبه دق أسرع، خوفه من إن آدم يكون لسه فاكره من آخر مواجهة بينهم ظهر في عينيه.
آدم قرب بخطوات سريعة من أسير، مسك إيدها– “امشي.”
أسير رفعت عينيها عليه باستغراب:– “بتعمل إيه هنا؟”
أحمد خطا خطوة للأمام– “في حاجة يا بشمهندس؟”
آدم وقف في مكانه، ورفع عينه على أحمد بنظرة باردة:– “بتقول حاجة يا أحمد؟”
أحمد حاول يخفف الموقف:– “إنت ماسك إيدها جامد… يمكن بتوجعها.”
أسير قاطعت الكلام بسرعة، وهي تحاول تخفف التوتر:– “مفيش حاجة… حصل خير.”
لكن آدم تجاهلها، وبدأ يقترب من أحمد، صوته حاد:–سكعت قالتلك اى ولا اسمعك انا..فاكر نفسك من العيله وبتحاول تدخلها اوى
– “أنا مقصدش حاجة… بس مدام أسير رقيقة على المعاملة دي.”
آدم رمقه بنظرة مريبه تكاد تق.تله ونظرت أسير إليه بتلاقيه بيسيب ايدها ويروحله
– “بتقول إيه؟ يلا… سمعني بتقول إيه.”
شكلها هتبقى عاركه🦍🙈
اسير العشق
أحمد اتجمّد لحظة وهو شايف آدم بينزل من العربية. قلبه دق أسرع، خوفه من إن آدم يكون لسه فاكره من آخر مواجهة بينهم ظهر في عينيه.
آدم قرب بخطوات سريعة من أسير، مسك إيدها– “امشي.”
أسير رفعت عينيها عليه باستغراب:– “بتعمل إيه هنا؟”
أحمد خطا خطوة للأمام– “في حاجة يا بشمهندس؟”
آدم وقف في مكانه، ورفع عينه على أحمد بنظرة باردة:– “بتقول حاجة يا أحمد؟”
أحمد حاول يخفف الموقف:– “إنت ماسك إيدها جامد… يمكن بتوجعها.”
أسير قاطعت الكلام بسرعة، وهي تحاول تخفف التوتر:– “مفيش حاجة… حصل خير.”
لكن آدم تجاهلها، وبدأ يقترب من أحمد، صوته حاد:–سكعت قالتلك اى ولا اسمعك انا..فاكر نفسك من العيله وبتحاول تدخلها اوى
– “أنا مقصدش حاجة… بس مدام أسير رقيقة على المعاملة دي.”
آدم رمقه بنظرة مريبه تكاد تق.تله ونظرت أسير إليه بتلاقيه بيسيب ايدها ويروحله
– “بتقول إيه؟ يلا… سمعني بتقول إيه.”
شكلها هتبقى عاركه🦍🙈
اسير العشق
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية أسير العشق)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)