روايات

رواية نوح الباشا الفصل الثامن 8 بقلم ندى الشرقاوي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية نوح الباشا الفصل الثامن 8 بقلم ندى الشرقاوي

 

 

البارت الثامن

 

#الفصل_الثامن

#نوح_الباشا
صمت لحظة ،أخذ نفسًا متقطعًا ،ثم نطق بصوت عالي
-نتجوز
عقدت موج حاجبيها ،كيف نتزوج وأنت تقول إنك زوجي ؟أنا من قفد عقلي أم أنت ؟
-هو أنا اللي فقدت الذاكره ولا أنت يا ….
اقترب من الفراش وجلس على طرفه وهتف
-كل دا ومتعرفيش اسمي …أنا نوح يا موج …نــوح
ظلت تردد الاسم في عقلها ..نوح …يالله اسمه جميل وهيئته اجمل ،فاقت على حديثه
-موج أنا وأنتِ قبل كتب الكتاب بيومين أنتِ عملتي حادثة ،وكان لازم اقول كده للمستشفى لان أنتِ ملكيش حد تقدري تقولي مقطوعه من شجرة ،فا أنا الوحيد اللي معاكِ وعلشان لازم ليكِ راحه تامة فا هتيجي معايا الفيلا
قاطعت حديثه بغرابه
-فيلا ..أنت مين يا نوح ؟أنا كل اللي فكراه اني قاعده في اوصت فوق السطوح ببيع سمك وبس ،عرفتك ازاي وازاي قدرت احبك ،واحنا الفرق بينا زي اللي على الشط واللي في المحيط ،إزاي ممكن افهم
رفع انامه يضعها علو مقدمه انفه بتوتر وهتف
-حبتيني يا موج وأنا كمان حبيتك،ادي نفسك فرصه طيب تحبيني من الأول بس وأنتِ مراتي ،تكوني جمبي علشان اخد بالي منك أنتِ شايفه حالتك وفي نفس الوقت مينفعش تكوني معايا من غير جواز ولا اي
شردت قليلا وهتفت
-عندك حق
في صباح اليوم التالي، وقف نوح أمام بوابة المشفى، يحمل بين يديه وردة بيضاء، كأنها رمزية لبداية جديدة، نقية كصفحة لم يُكتب فيها شيء بعد،كان وجهه يحمل ملامح الترقب والقلق، وكأن قلبه يخشى من ردٍّ لا يشتهيه.
خرجت موج بخطى مترددة بمساعدة المرضى ، تتلفّت يمينًا ويسارًا، كأنها تبحث عن ذاتها الضائعة بين أروقة الذاكرة الممزّقة،وحين وقعت عيناها على نوح، ارتجف شيء بداخلها، لا تعرف له اسمًا، لكنه مألوف… دافئ.
ابتسم نوح ومدّ يده بالوردة نحوها، وقال بنبرة هادئة
-مستعدة نبدأ من جديد
أخذت الوردة ببطء، حدّقت فيها لحظة، ثم همست بصوت خافت، أقرب إلى حديث القلب
-معرفش بس هدي نفسي ونفسك فرصة يمكن أنت صح معرفش واثقه فيك ليه !!؟
لم يجبها، فقد كانت نظراته كافية، نظرات امتلأت حنانًا وصدقًا، كأن عينيه وحدهما تتكلمان نيابة عن كل الكلمات.
فتح لها باب السيارة، ساعدها على الجلوس، ثم استدار إلى مقعده وانطلقا سويًّا نحو الفيلا
كان الطريق صامتًا، لكن داخل كلٍّ منهما ضجيج من الأسئلة والمشاعر المتراكمة… رغبة في الفهم، وخوف من الحقيقة،حين وصلا، هبط سريعًا من السيارة ليقوم بفتح الباب لها وقام بحملها بين يده ،نظرت له بدهشه من فعلته لكن نظرت إلى المكان ،تحدّق بذهول في فخامتها واتساعها، كل شيء فيها يبدو بعيدًا عن عالمها القديم. همست بدهشة
-أنا هعيش هنا !؟
أجاب نوح وهو يسير إلى الداخل

 

 

-من اللحظة دي ،دا بيتك
دلف بخطوات بطيئة، تنظر حولها كما ينظر غريب إلى مدينة لا يعرفها،كان نوح صامت ينظر إليها فقط
وقف نوح وهو ينظر إلى المعتصم الذي يطالعه بغضب وبجانبه المأذون
التفتت إليهم باستغراب، وقالت ببطء
– في أي…؟
اقترب منهم بخطوات واثقة، لكن صوته جاء هادئًا، متماسكًا
– المأذون والشهود جاهزون، يا نوح بيه
رمشت موج بعينين تملؤهما الحيرة، نظرت إلى نوح تبحث في ملامحه عن تفسير، لكنه لم يجبها، بل اقترب من اقرب مقعد اجلسها عليه وأمسك بكفّها برفق، ثم قال بنبرة منخفضة
-زي ما وعدتك مش هتقعدي معايا الا في الحلال
ثم نظر إلى المعتصم وأومأ برأسه:
– نبدأ.
جلس الجميع، وبدأ المأذون يتلو ما يلزم، والأصوات تتداخل، والقلوب تنبض بتسارع…موج ما تزال في حالة من الذهول، لكنّها لم تسحب يدها، ولم تعترض، كأن قلبها سبق عقلها بخطوات
سألها المأذون السؤال المعتاد، فنظرت إلى نوح، فابتسم لها ابتسامة تحمل الطمأنينة كلها، فأومأت بالموافقة
وفي لحظات… كُتب الكتاب…أصبحت موج رسميًا زوجة
وحين انتهى كل شيء، وقف نوح أمامها، همس وهو يضع يدها بين يديه:
-من انهارده احنا سوا
بعد أن انتهت مراسم كتب الكتاب، وتبادل الحضور التهاني والمباركات، صمت ثقيل بين العيون، كأن الكلمات تُخفي خلفها شيئًا لم يُقال بعد.
كان معتصم واقفًا إلى جوار أحد الشهود، يراقب نوم وهو يهمس بكلمات رقيقة لموج، وتلك الابتسامة الهادئة التي ارتسمت على وجهه… كانت كافية لإشعال نيران الأسئلة داخله
اقترب المعتصم منه ببطء، ثم قال بصوت خافت لا يسمعه سواهما
– ممكن نتكلم كلمتين… على انفراد، يا نوح بيه؟
رفع نوح رأسه، نظر إليه بصمت لحظة، ثم أومأ بخفة، وتوجها سويًا إلى ركنٍ هادئ من الفيلا، بعيدًا عن العيون.
وقف المعتصم مكتف اليدين، ونظر إلى نوح نظرة فيها أكثر من سؤال، ثم قال بنبرة جامدة
– أنا مش فاهم… ليه كل ده؟ ليه من غير ما ترجعلي، من غير حتى ما تقوللي؟!فجاه تكلمني تقولي هات مأذون على البيت كده يا نوح من امته حد فينا بياخد قرار من غير التاني
أجابه نوح بهدوء
– ماكنش وقت كلام يا معتـصم… كنت محتاج أتصرف بسرعة…حقك عليا بجد
رفع حاجبيه بدهشة مستنكرة
– تتصرف؟! تتجوزها فجأة؟ وأنا فين من اللي بيحصل؟ أنا أكتر واحد واقف جنبك، عارفك من سنين… وإنت تخبي عني ليه؟
سكت لحظة، ثم تابع بصوت منخفض مليء بالمرارة
– بتحبها للدرجة دي؟
نظر نوح في عينيه مطولًا، ثم تنفّس ببطء وقال
– آه… بحبها…بس الموضوع أكبر من كده. البنت دي ماعندهاش حد، وفاقدة الذاكرة، ولو ماوقفتش جمبها دلوقتي، محدش هيقدر يحميها أنا ماكنتش بس بكتب كتابي… كنت بديها أمان،تقدر تقولي لو قولتلها الحقيقة هتروح فين ؟حتى لو لسه موصلتش لدرجة الحب كفاية إني مرتاح
– وأنت شايف إني كده صح تقرر بسرعة؟
نوح ابتسم ابتسامة حزينة
– بعض القرارات… ماينفعش تتشارك،كنت محتاج أختار، واخترت.
سكت معتصم للحظة، ثم أومأ برأسه ببطء، وقال
– تمام يا نوح… بس افتكر إن الموضوع صعب ،البنت دي لما ترجع لها الذاكرة صدقني الدنيا هتتشقلب
ربت نوح على كتفه وقال بصوت خافت
– عارف يا صاحبي… وعارف كمان إني مديون لك بكتيـر
-متقولش كده يا نوح احنا اخوات،طب واهلك هتقولهم؟
رد نوح سريعًا

 

-لا لا محدش المفروض يعرف الفترة دي ،هيقولوا عليا ايه ،خليه بينا لحد حتى لما ترجع العلاقة بينا كويس
بعد انصراف معاصم ،عاد نوح إلى الداخل، حيث كانت تجلس تحمل في عينيها ملامح الإرهاق، والتشتت، والدهشة التي لم تهدأ بعد منذ لحظة دخولها هذا العالم الجديد
نظرت إليه أن اقترب، فابتسم، تلك الابتسامة التي بدأت تألفها، وبدأ قلبها يستكين لها رغم كل الغموض
قال لها بصوت خافت، كأنما يخشى أن يثقل على قلبها
– تعالي… ترتاحي شوية، يوم طويل واكيد تعبتي
هزّت رأسها بخفة، لكنها لم تتحرك. كانت قدماها ثقيلتين، كأن جسدها لا يزال غير مصدّق لما حدث
اقترب منها خطوة أخرى، ثم همس بنبرة دافئة
– تعالي، أنا هوصّلك
ثم دون أن ينتظر إذنًا، انحنى نحوها برفق ،مد ذراعيه ،ورفعها عن المقعد بخفة كما تُرفع زهرة خشيت عليها من السقوط
شهقت موج بخفة، تملّكها الارتباك، لكنها لم تعترض، بل وجدت نفسها تستسلم بين يديه، وكأن حضنه وطن مؤقت، تحتمي فيه من الضياع
قالت بصوت خافت وهي تنظر إليه
– أنا مش متعودة على كده…
أجابها بابتسامة صافية:
– وأنا مش متعود أشيل حد غيرك
صعد بها الدرج ببطء، كل خطوة تحمل داخلها وعدًا خفيًا بالأمان لم يكن الأمر جسديًا فقط… كأن روحًا تُسند روحًا أخرى أنهكها الحياه
وحين وصلا إلى جناح واسع يطل على الحديقة، فتح بقدمه الباب، ودلف بها، ثم وضعها فوق السرير الكبير بلطف، كأنها شيء ثمين يخشى عليه من الكسر
عدّل الوسادة خلف رأسها، ثم جلس على طرف السرير، نظر إلى عينيها طويلًا، ثم قال بصوت أقرب إلى الهمس
– نامي شوية، ولما تصحي… نبدأ حكايتنا سوا
همست موج، بعينين مبللتين بشيء لا تدري إن كان دموعًا أم حنينًا:
– معاك
مدّ يده وربّت على يدها برقة، ثم قال

 

– وأنا وعدت إني أكون أمانك… ومش هخلف وعدي.
ثم تركها لترتاح، بينما قلبه كان ممتلئًا برغبة صادقة… أن يجعلها تنتمي لهذا المكان.
هبط إلى الأسفل بخطوات متثاقلة، ودلف إلى مكتبه بصمت. جلس على المقعد الجلدي الوثير، لكن الراحة لم تعرف طريقها إلى قلبه،كان هناك شيء ثقيل يُطبق على صدره… شعور لم يعتده، ربما لأنه لم يكذب يومًا… واليوم كذب.
كذب في أكثر شيء تمنى لو كان صادقًا… في أكثر شيء تمنى لو كان حقيقة
مدّ يده إلى الهاتف الموضوع على الطاولة، عندما لمعت شاشته بإشعارٍ جديد،فتح الهاتف بتوجّس، وما إن رأى ما فيه حتى تسارعت أنفاسه…لم يكن ما رآه في الحسبان.
ظل يحدّق في الشاشة طويلاً، عينيه لا ترمش……

 

 

 

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى