رواية وهم على هيئة قدر كاملة – جميع الفصول في مكان واحد | بقلم ميادة زكي
رواية وهم على هيئة قدر كاملة – جميع الفصول في مكان واحد | بقلم ميادة زكي
رواية وهم على هيئة قدر هي واحدة من الروايات الدرامية القوية التي صدرت في الفترة الأخيرة، ونوفرها لكم اليوم كاملة للقراءة والتحميل pdf من خلال موقعنا.
اقرأ ايضًا:

رواية وهم على هيئة قدر الفصل الأول
وهم على هيئة قدر ✨
بقلم: مِيادة ذكي
1
“بنام عشان مُرهقة شوية.”
كان ده ردي البسيط على سؤال أختي، كالعادة باختصر كل أسبابي في كلمتين، حتى لو مكنتش دي الحقيقة. أصل هقول إيه؟ ومين هيفهمني؟
الحقيقة إني بنام بس عشان أشوفه…
أشوفه وألمسه، حتى لو في حلم بسيط.
حبيب قلبي اللي صورته محفورة في خيالي وقلبي، رغم إننا عمرنا ما تقابلنا… ويمكن حتى ما يكونش ليه وجود!
أيوه، رسمت شخصية خيالية في دماغي، شخص يفهمني، يحتوي ضعفي، يهون عليّ، وكأنه خُلِق بس عشان يكون لي. معرفش ده جنون ولا مجرد هروب، لكني كنت مبسوطة كده، متمسكة بالوهم اللي صنعته لنفسي.
وفي يوم، وأنا بفتح الإنستجرام وبسكرول كالعادة،
لـقـيـتـه!
اتصدمت…
لقيت أكونت يشبهه بكل تفصيلة رسمتها في خيالي.
معقول يكون ليه وجود حقيقي؟
إزاي صورة في دماغي تتحول لشخص حي من لحم ودم؟
بدأت أخد نفسي ببطء، دي كانت أكتر حاجة بتمنّاها، لكن الغريب… إني خُفت!
مليون سؤال لف في دماغي:
أعمل فولو؟ أكلّمه؟ ولا أكتفي بوجوده في أحلامي؟
حاولت أهدي تفكيري، دخلت الأكونت، فضلت أتأمل صوره…
نفس الضحكة اللي كانت بتخطفني، نفس الكاريزما اللي أسرتني، نفس الملامح اللي رسمتها جوه عقلي… كل تفاصيله الجميلة كانت موجودة.
سرحت فيه، كأني في حلم جميل، تخيلت لحظة لقائنا على أرض الواقع، حسيت بنفسي فراشة طايرة في كل أرجاء الغرفة…
بس لحظة نشوتي ما طولتش.
فُقت من شرودي على خبر وقعني من سابع سما لسابع أرض..
—
ومن هنا تبدأ حكايتي…
أنا ميرنا، عندي ٢٣ سنة، خريجة كلية تجارة.
عايشة مع أمي وأختي “فريدة”، اللي لسه بتدرس في كلية تمريض.
بعد وفاة بابا، حياتنا اتشقلبت.
عمي ما ضيعش وقت، واستولى على كل حاجة باسمنا، بحجة إننا ستات ومش هنقدر نشيل مسؤولية.
ومع إن بابا كان عنده شركة صغيرة بتوفر دخل كويس، عمي استغل غيابه واستولى عليها، ومبقاش يوصلنا منها غير شوية فتافيت بيبعتهم من باب الذوق—أو بالأحرى من باب “الذُل”.
من ساعتها، أمي قررت تبعد بينا عن أي مشاكل أو صراعات، وسكنا في حارة بسيطة، يمكن الحياة مش مريحة، لكن على الأقل عايشين بكرامتنا.
أمي شايلة كل حاجة على كتفها لوحدها، ست جدعة وقوية، وأنا بحاول أساعدها بأي طريقة.
اشتغلت كذا شغلانة بسيطة، بس كنت دايمًا بحس إن في حاجة ناقصاني…
حد يحتوي أحلامي، حد أشوف فيه الأمان اللي فقدته، حد… زيه.
بس الظاهر إن القدر كان بيجهزلي مفاجأة…
والأيام الجاية كانت مليانة بحاجات عمري ما كنت أتخيلها.
رواية وهم على هيئة قدر الفصل الثاني
وهم على هيئة قدر ✨ (2)
بقلم: ميادة ذكي
“بيقولوا إن القدر ساعات بيسيبك تمشي في طريق، وأنت فاكر إنك عارف نهايته… لحد ما، فجأة، يوقفك قدّام حاجة ما كنتش تتوقعها أبدًا.”
—
خاطب؟!
ضحكت بخذلان، وكأن الدنيا بتأكد لي إن الحلم اللي بنيته في خيالي كان مجرد وهم.
أخيرًا لقيت الشخص اللي كنت بتمناه… بس طلع مش ليا!
الغريب إنه منزلش غير صورة واحدة تدل على خطوبته، وبس!
بس ولا دا فارق معايا قد فكرة إنه مش هينفع يكون ليا…
قمت توضيت وصليت الظهر، وسرحت في أفكاري:
“ليه ربنا ممكن يزرع في قلبك حب شخص هو مش ليك؟
ولا يمكن يكون ده وهم… وأنا اللي صدّقت؟”
وفُقت على صوت موبايلي بيرن باسم رنا.
(رنا صحبتي شبه الوحيدة، عرفتها صدفة في الجامعة، ومن ساعتها وهي مشاركاني كل حاجة.
باباها رجل أعمال معروف، وعايشة معاه هي ومامتها، وعندها أخ في كلية طب.
حياتهم مستقرة نوعًا ما، بس هي دايمًا كانت حنينة وواقفة جنبي.)
رنا: شوفتي البوست اللي بعتهولك؟
ميرنا: لا، ماله؟
رنا: طالبين بنات يشتغلوا محاسبين وسكرتيرات في فرع شركة لسه فاتح جديد.
ميرنا: أيوه يعني إيه؟
رنا: افتحي مخك معايا، إحنا خريجين تجارة… يعني إيه؟
ميرنا: فراخ بانيه؟ ههههه، بهزر، تقصدي نروح نعمل إنترفيو؟
رنا: بعيدًا عن دمك التِقل، أيوه يا أختي!
ميرنا: ماشي يا سُكرة، انزلي إنتي، لأني مفصولة ومش قادرة أتحرك.
رنا: بطّلي دلع، وقومي، خلينا نطلع بأي حاجة من الكلية دي.
ميرنا: حاضر، هجهز وأكلمك.
رميت الموبايل وأنا بتأفف.
معنديش شغف أروح أي مكان… بس هو معقول السبب راجل؟!
قُمت وقررت أبدأ من جديد… كالعادة.
لبست فستان بيبي بلو مزين بفراشات صغيرة زرقاء، فردت شعري، وحطيت توكة بسيطة في النص، وميكب خفيف.
خرجت من أوضتي، لقيت أمي واقفة بصينية الفطار.
الأم: إيه الحلاوة والجمال ده؟
ميرنا: بالله عليكي يا ماما، سبيني، أنا مش طايقة نفسي.
الأم: ليه كده، يا قلب أمك؟ كُلي السندوتشات اللي عملتها وهتبقي زي الفل.
ميرنا: لأ، لازم أنزل، عندي إنترفيو.
الأم: إنترفيو؟
ميرنا: آه، نسيت أقولك، لسه واخدة القرار. لما أرجع هفهمك.
الأم: طيب، حاولي متتأخريش، عشان عمك رن عليا وقال إنه جاي.
ميرنا: جاي ليه؟ جايب الملاليم اللي بيبعتهم كل شهر؟
الأم: مش عارفة، بس شكله جاي يتكلم في حاجة مهمة.
ميرنا: (بسخرية) مهمة؟ عمره ما جاب غير الهم!
الأم: مهما كان، هو عمك، ومش عايزة مشاكل.
ميرنا: مشاكل إيه يا ماما؟ بعد اللي عمله؟ عموماً، لو جه قبل ما أرجع، متدخليش معاه في أي كلام.
الأم: طب ما تستني محمد ابن خالتك يوصلك بالمرة، هو زمانه جاي.
ميرنا: لا لا، رنا هتعدّي عليّا، وانتي عارفة إني مش بحب أتعامل معاه.
نزلت من العمارة… ولسوء حظي، لقيته واقف قدامي.
محمد: صباح الخير يا رنون.
ميرنا: صباح النور.
محمد: على طول مستعجلة؟ حتى على ابن خالتك؟
ميرنا: مستعجلة على شغلي يا محمد.
محمد: لو مستعجلة على الشغل، كنتِ قبلتي أوصلك.
ميرنا: مش لازم توصيلات، رنا مستنياني.
مشيت بسرعة، لكني حسيّت بنظراته ورايا…
نظرات فيها حاجة مش قادرة أحددها، يمكن تعلق؟ يمكن إحباط؟
بس حاولت أقنع نفسي إني مش مهتمة.
ركبت المواصلات، وقابلت رنا عند باب الشركة.
رنا: جاهزة؟
ميرنا: ولا جاهزة ولا نيلة، وشكلي هترفض.
رنا: تترفضي إيه يا حلوة؟ ده مدير الشركة لو شاف الحلاوة دي، هيتجنن!
ميرنا: اتنيلي.
رنا: طب هتشوفي… يلا، دورنا قرب.
فضلنا قاعدين لحد ما دخلت واحدة شبه عارضات الأزياء، وقالت:
“رنا أحمد، وميرنا زكي.”
رنا: يلا يا ميرنا، دورنا.
مشينا ودخلنا المكتب، قلبي كان بيدق بسرعة.
رفعت عيني ببطء… وعيني وقعت عليه.
هو!
نظرتنا اتلاقوا للحظة… لحظة واحدة، بس الزمن فيها وقف.
أكتر حاجة كانت مُرعبة بالنسبالي مش فكرة إنه قدامي من غير شاشات ولا مسافات،
الرعب الحقيقي إنه شايفني زي ما أنا شيفاه!
يا ترى دي صدفة؟
ولا القدر لسه بيكمل لعبته معايا؟
رواية وهم على هيئة قدر الفصل الثالث
وهم علي هيئة قدر✨(3)
أحيانًا، نحاول الهروب من شيء معين، نحاول دفنه داخلنا ونقنع أنفسنا أنه لم يعد مهمًا… لكن القدر يملك طريقته الخاصة في إعادتنا إلى النقطة التي هربنا منها. لحظة واحدة كفيلة بتغيير كل شيء، وكأن الحياة تُعيد ترتيب أوراقها بطريقة لا نفهمها.
—
عارفين لما تحاولوا تبطلوا تفكروا في حاجة معينة، وفجأة تلاقوها قدامكم في وشكم؟
هو دا اللي حصلي بالضبط!
كنت داخلة الإنترفيو، متوترة وعقلي شغال بأقصى سرعة…
يا ترى هقبل ولا لأ؟ المكان دا مناسب ليَّ؟ المرتب كويس؟
لكن كل الأفكار دي طارت من دماغي في اللحظة اللي وقعت عيوني فيها عليه.
هو!
فضلنا باصين في عيون بعض، والغريب إنه كان سرحان فيا كأنه بيشبه عليا أو عارفني من سنين… ملامحه ثابتة، بس عيونه كانت بتتكلم. مش قادرة أحدد، هل دي نظرة اشتياق؟ ولا غرابة؟ ولا إعجاب؟ ولا يمكن هو بيبص لكل الناس كده؟
فُقنا من الشرود على صوت السكرتيرة وهي بتتكلم باحترافية:
– “يا فندم، نبدأ الإنترفيو معاهم دلوقتي؟”
هو اتجنبها تمامًا، وبصلي تاني بنفس النظرة اللي مش قادرة أفهمها، وقال بصوت هادي بس كان فيه حاجة مختلفة:
– “اسمك إيه؟”
رديت بكسوف ووشي في الأرض:
– “ميرنا… اسمي ميرنا ذكي.”
ارتسمت على وشه ابتسامة خفيفة:
– “اسمِك جميل يا ميرنا، و…”
لكن قبل ما يكمل، موبايله رن.
أخده ومشي بعيد وفضل يتكلم، ولما رجع قال بحدة لسكرتيرته:
– “وقفي كل الإنترفيوهات، مابقاش ليهم لازمة.”
السكرتيرة باستغراب:
– “مين اللي حضرتك اخترتهم يا أستاذ عمرو؟”
– “قدامِك أهو… خدي أوراقهم، ومن بكرا هيبدأوا شغلهم.”
السكرتيرة اتلخبطت شوية:
– “بس يا فندم…!”
بصلها بحدة:
– “بس؟ انتِ هتعترضي على شُغلي؟”
السكرتيرة بسرعة:
– “لا طبعًا، تمام يا فندم.”
خدت الـ CV بتاعنا ونزلنا.
—
في الطريق:
رنا كانت مستمتعة باللي حصل أكتر مني:
– “إيه يا بنتي! المدير مكنش شايل عينه من عليكي! قلتلك لو شافك هيتجنن.”
بصتلها باندهاش:
– “إيه دا! هو دا المدير؟”
رنا هزت كتفها:
– “مش متأكدة، بس غالبًا هو… بس مش مهم، شفتي كان سرحان فيكي إزاي؟”
ضحكت بسخرية:
– “أكيد شبه حبيبته اللي ماتت.”
لكن الحقيقة… أنا نفسي مش عارفة ليه قلبي دق بالمنظر دا. ليه حسيت كأني بعرفه بجد، رغم إن دي أول مرة أشوفه؟
—
في البيت:
فتحت الباب ودخلت:
– “السلام عليكم.”
الأم: “وعليكم السلام.”
العم: “أهلًا يا بنت أخويا، نورتي بيتي.”
بصتله بسخرية:
– “بيتك؟ من إمتى بقى؟”
ابتسم بثقة:
– “من ساعه ما أبوكي تنازل عن كل حاجة مقابل إنه يشاركني في الشركة.”
رفعت حاجبي بسخرية:
– “آه، والشركة اللي استوليت عليها وبتبعتلنا منها ملاليم آخر الشهر؟”
الأم بحزم:
– “استهدي بالله يا بنتي، خلينا نشوف هو عايز إيه.”
العم زفر بضيق:
– “كنت بطمن عليكم، أنا غلطان إني بعمل بوصية أخويا!”
بصيتله بنظرة كره:
– “لا، بالله عليك، متتعبش نفسك! أنا داخلة أوضتي يا ماما… نورت يا عمي!”
—
في الأوضة:
غيرت هدومي ونمت على السرير وأنا باصة في السقف… بفكر في اللي حصل، في الشغل، في نظرات عمرو، وفي نظرات عمي اللي كلها مكر.
“منك لله يا اللي اسمك عمي، عكرت مزاجي!”
قمت أشوفه مشي ولا لسه.
ولما تأكدت إنه مشي، رجعت وقعدت جنب أمي بفرحة مش قادرة أداريها.
الأم: “ربنا يديم الضحكة على وشك يا بنتي… خير؟ فرحيني!”
ابتسمت:
– “أنا اتقبلت في الشركة يا ماما!”
بس بصراحة… أنا كنت مبسوطة عشان شوفته وعشان هشوفه علطول.
الأم بفرحة:
– “ألف ألف مبروك يا حبيبة أمك!”
– “الله يبارك فيكي…، هيا فين فريدة؟ من ساعة ما دخلت الكلية وأنا بشوفها ساعة في الأسبوع!”
الأم وهي داخلة المطبخ:
– “ما انتِ عارفة إنها بتكون طول اليوم في المستشفى، بس زمانها جاية، هقوم أحضرلكم الغداء.”
– “أساعدك؟”
الأم بابتسامة:
– “لا، خليكي، أنا هسخن الأكل وخلاص.”
فضلت أقلب في قنوات التلفزيون…
الأم: “طب هتشتغلي إيه في الشركة دي؟”
– “هشتغل محاسبة، والمرتب كويس جدًا.”
الأم: “مش كان الأولى تشتغلي في شركة أبوكي؟”
نظرت بعيدًا وقلت بحزم:
– “مستحيل أبقى في مكان واحد مع اللي بيقولوا عليه عمي دا!”
الأم تنهدت:
– “ربنا يهديكي، يا بنتي… اسمها إيه الشركة اللي هتشتغلي فيها؟”
قلت ببساطة:
– “الزهار للاستثمارات المالية.”
لكن فجأة، سمعت صوت طبق بيقع على الأرض، التفت بسرعة…
لقيت أمي كانت واقفة في صدمة!
– “إيه؟!!”
—
عجلات القدر بدأت تتحرك ، والخيوط تتشابك بشكل غريب … ما سر هذه الشركة؟ ولماذا أصيبت أمي بالصدمه عند سماع اسمها ؟ ترى ، هل مجرد وظيفه جديدة قد تكون بابًا لأسرار الماضي؟ أم أن القدر يخطط لشيء أكبر لميرنا ؟!
يتبع…
بقلم: مِيادة ذكي
رواية وهم على هيئة قدر الفصل الرابع
وهم علي هيئة قدر✨(4)
(مَيـــــــادَة زكــــي)
أحيانًا، تكون الأقدار مكتوبة قبل أن نولد، مدونة في دفاتر الماضي، لكننا نعيش حياتنا غير مدركين أنها تنتظر اللحظة المناسبة للظهور… لحظة واحدة قادرة على قلب كل شيء، تغيير المسار، وإعادة ترتيب الأوراق التي كنا نظن أننا أحرقناها منذ زمن!
—
في بيت ميرنا:
جريت على المطبخ وقلبي بيدق بسرعة، صوت الطبق اللي وقع لسه بيرن في وداني، بصيت لماما بقلق وقلت بصوت مخضوض:
– “في إيه؟ إيه اللي حصل؟!”
لقيتها واقفة مكانها، ملامحها متغيرة ووشها احمر، سألتني بصوت فيه رجفة خفية:
– “هو صاحب الشركة دي اسمه إيه؟”
استغربت من السؤال ورديت ببساطة:
– “معرفش… مهتمتش أسأل عن التفاصيل دي.”
ماما بعصبية:
– “وإزاي تروحي شركة مش عارفة مين صاحبها ولا تعرفي عنها حاجة؟!”
رفعت حاجبي باستغراب من رد فعلها الغريب:
– “وفيها إيه يا ماما؟ مجاش في بالي! قولت لما اتوظف هسأل عن كل دا أكيد عشان أبقى عارفة أنا بتعامل مع مين… بس مالِك متعصبة كده ليه؟!”
بصتلي بحدة ولسه ملامحها متغيرة، وقالت بعبوس واضح:
– “هتروحي تستلمي الشغل إمتى؟”
– “بكرا.”
الأم: “طيب، بكرا تكوني عارفة كل حاجة عنهم، ولو طلع اللي في بالي صح… مش هتشتغلي في الشركة دي أبدًا!”
استغربت أكتر، كنت هرد، لكن فجأة لقيتها بتقول بحزم:
– “ولا أقولك! أنا هستنى ليه بكرا؟ مفيش شغل هناك، مفيش مرواح، ولا دخول الشركة دي أبدا! انتي فاهمة؟!”
بصتلها بذهول:
– “إيه؟! ليه؟! إيه اللي حصل لكل ده؟!”
ماما بحدة:
– “من غير ليه! أنا قولت مفيش يعني مفيش!”
حسيت بغضب، صوتي ارتفع شوية:
– “لا، مهو أنا مش صغيرة عشان تفرضي عليا رأيك! أنا مش فاهمة حتى السبب، وكمان أنا مَصدقت ألاقي شغل محترم في شركة كبيرة وبمرتب كويس!”
الأم زفرت بضيق، ثم نظرت لي بنبرة حادة مليانة مشاعر غريبة:
– “لا… انتي صغيرة! وهتفضلي صغيرة طول ما انتي عايشة في البيت ده! ومحدش غيري هيقول إيه اللي يحصل وإيه لأ! من ساعة ما أبوكي مات وأنا شايلاكم، وتعبت لحد ما كبرتك انتي وأختك، ومش هسمح إن كل ده يتهد بسببك!”
رميت كلامها بصراخ ودخلت الأوضة، وقلبي مليان مشاعر متلخبطة… خوف؟ غضب؟ فضول؟! مش عارفة، لكن اللي متأكدة منه إني لازم أعرف الحقيقة!
—
في بيت عمرو:
عمرو الزهار – 29 سنة، شاب وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، لكنه فقد أمه (سحر) في حادث أليم قلب حياته رأسًا على عقب. والده، حامد الزهار، رجل الأعمال القوي، لم يتحمل الصدمة، وأُصيب بالشلل منذ ذلك الحادث، تاركًا إدارة أعماله الضخمة على عاتق ابنه الأكبر.
عمرو ورث الذكاء والصرامة، لكنه ورث أيضًا جروح الماضي، وها هو اليوم يدير إمبراطورية والده، محاولًا أن يثبت أنه جدير بها.
كان قاعد على مكتبه في شركته، ماسك موبايله، وشارد في حاجة واحدة… ميرنا ذكي!
فضل يقلب في تفكيره، في ملامحها، في طريقة كلامها، في نظرتها اللي حسها غريبة… زي ما يكون شافها قبل كده!
قطع شروده صوت دخول أخوه الصغير ياسر الزهار – 22 سنة، طالب في كلية الطب، وبيمتلك روح خفيفة ودماغ متفتحة، عكس أخوه الجاد.
ياسر وهو داخل المكتب بابتسامة مستفزة:
– “خير يا سي عمرو! السكرتيرة بلغتني إنك عايزني، إيه الموضوع الخطير اللي عطلني عن حياتي؟!”
عمرو وهو بيركز في موبايله:
– “في بنت جت قدمت على شغل امبارح، وعايز ألاقي الأكونت بتاعها على السوشيال ميديا، وانت خبير في الحاجات دي أكتر مني!”
ياسر ضحك بمكر:
– “أوعى يعمور! يابن اللذينة، مين بنت المحظوظة اللي وقعتك دي؟!”
عمرو رفع عينه وضيقها بحدة:
– “أتلم يا ياسر، أنا عايز أعرفها علشان الشغل وبس!”
ياسر وهو بيغمزله بمكر:
– “مممم، هعديها لك، قولي اسمها إيه؟”
عمرو بشرود وهو بيتخيل ملامحها وطريقتها:
– “ميرنا… ميرنا ذكي.”
ياسر رفع حاجبه بدهشة خفيفة:
– “اسمها تقيل على وداني… تحس إنها مش مجرد بنت جاية تشتغل!”
عمرو بصله بحدة، لكنه في قرارة نفسه كان حاسس بنفس الإحساس… الاسم دا مش غريب!
—
في بيت ميرنا – تحديدًا في أوضة مامتها:
كانت الام واقفة جنب سريرها، ماسكة الموبايل، وبتتكلم مع خالتي ولاء… صوتها كان مزيج من التوتر والقلق.
الأم: “معرفش يا ولاء، ده اللي حصل… أول ما سمعت اسم الشركة حسيت كأن مسكني عفريت، قلبي وقع في رجلي! مش عارفة أتصرف إزاي دلوقت!”
ولاء بنبرة هادية لكنها قلقانة:
– “مكانش ينفع تعملي كده يا سميحة، بنتك كبرت وأكيد هتشُك في حاجة!”
الأم بضيق:
– “آهو هو ده اللي حصل!”
ولاء بعد تفكير:
– “بصي، مفيش غير حل واحد… خليها تشتغل في الشركة، وسبيها بظروفها. الحاجة دي قديمة، وأكيد اتنسيت دلوقتي!”
الأم بخوف:
– “تفتكري مش هيعرفها لو شافها؟”
ولاء بجدية:
– “حامد الزهار جاله شلل من ساعة الحادثة، يعني مش هيشوفها، وبيقولوا ابنه هو اللي داير كل الأعمال.”
الأم بقلق متزايد:
– “أنا قلبي مش مطمن، لو وافقت إنها تشتغل في الشركة دي يبقى أنا بفتح دفاتر قديمة بإيدي!”
وفجأة… دخلت ميرنا الأوضة، وعلامات الصدمة على وشها، وقالت بصوت مخضوض:
– “دفاتر إيه اللي مش عايزة تتفتح يا ماما؟!”
هناك أسرار يجب أن تظل مدفونة، لكنها إن ظهرت… فقد تُغيِّر كل شيء!
ما السر الذي تخفيه الأم؟ ولماذا يُصر عمرو على البحث عن ميرنا؟ هل هي مجرد صدفة، أم أن الأقدار تُعيد رسم مسار جديد لحياة الجميع؟!
يتبع…
رواية وهم على هيئة قدر الفصل الخامس
للحظات، عيونها سرحت بعيد كأنها رجعت بذكريات مش حلوة، وبعدين بصتلي ودموعها على وشك النزول: “زمان كان ليا واحدة صحبتي، كانت جميلة جدًا، بنت باشا، محدش يقدر يقربلها. عصت أبوها وقررت تعتمد على نفسها وتشتغل. راحت الشركة دي كموظفة… وهناك شافته… حامد الزهار.”
حست بارتباكي وأنا بسألها: “صاحب الشركه؟”
هزت راسها وأكملت: “آه… أعجبت بيه، بس غرورها منعها تعترف له. لكنه كان ماكر، بدأ يلاحقها في كل مكان، يقول لها أجمل الكلام، لحد ما خلاها تحس إنها أهم بنت في الكون. رفضت تروح له البيت ولما رفضت ، فطلب يتجوزها ، مكانتش تعرف انه متجوز ، ولما قالت ل ابوها رفض ، بس هيا كانت عنادية وبسبب حبها ليه الي كان عاميها عن كل حاجة وافقت رغم إن أبوها رفض، وعصته للمرة التانية واتجوزته في السر.”
سألتها بسرعة: “اتجوزها رسمي ؟”
هزت رأسها بحزن وقالت: “اتجوزها عرفي… وبعد ما خد اللي عايزه، رماها.”
قلبي وجعني من الحكاية، قلت باشمئزاز: “إيه البني آدم الحقير ده؟”
اتنهدت وقالت: “لما الدنيا سدت في وشها، واحد ابن حلال كان بيحبها بجد لاقاها قاعدة بتعيط، قعد جنبها، سمعها، وقرر يتجوزها وينقذها من اللي هي فيه.”
تنهدت وأنا بتمتم: “راجل جدع… ربنا يكتر من أمثاله. طب، مين هي؟ أنا أعرفها؟”
اتوترت ملامحها بسرعة: “لا، متعرفيهاش… سافرت مع جوزها من زمان.”
سكت شوية قبل ما أقول بحزم: “بصي يا أحلى ماما، صدقيني مستحيل ده يحصل معايا. متخافيش عليا، بنتك بـ١٠٠ راجل.”
لمحت الخوف في عنيها وهي تهمس: “أنا خايفة عليكِ، ميرنا.”
حاولت أطمنها بابتسامة: “متخافيش، عمري ما هعمل حاجة غلط. وبعدين، صاحب الشركة باين عليه شاب.
قالت بنبرة غير واثقة: “تقريبًا ابنه”
ضيقت عيوني وأنا بتمتم: “ممم… يعني هو الي بيدير شغله، ف معني كدا اني أكيد مش هقابله شخصيا يعني .
ردت والدتها وكانت تحمل تعبيرًا اخر ، تعبيرًا أخافها.
” متأكدة انك مش هتقابلية ؟ احيانًا الاقدار بتجمعنا بأشخاص كان المفروض نهرب منهم ”
سابتني ومشيت وأنا بفكر في كل اللي قالته… يا ترى في إيه ورا الشركة دي؟
دخلت أوضتي،
ورميت نفسي على السرير غرقانة في أفكاري. مسكت كتابي اللي بهرب بيه كل مرة من الواقع، كتاب
“الغريب”. لفت نظري اقتباس:
“الأحلام لا تأتي من العدم، إنما تولد من صورٍ خبأها الوعي عميقًا في الذاكرة.”
الاقتباس ده خلاني أفكر تاني… يعني إيه؟ يعني أحلامي مش مجرد أحلام؟ يعني أنا عمرو شوفته في مكان قبل كده؟ ولا ده إيه؟ حسيت إن عقلي كله بدأ ينهار. رميت الكتاب وفضلت أبص على السقف في فراغ.
—
في بيت عمرو:
كان قاعد قدام الكرسي المتحرك اللي أبوه عليه، صوته متوتر وهو بيقرأ الورقة بصوت عالي مخنوق: “مش قادر أفهم؟ يعني إيه؟ أيوه، ده خط أمي، هو فعلاً…”
قام يلف في الأوضة بعصبية وأبوه بيتابعه بنظرات جامدة. صرخ وهو بيكلم نفسه: “ظهرت إمتى؟ وليه جايّة تظهر بعد السنين ديه؟ رد عليا! يعني إيه الكلام ده؟!”
خبط الباب فجأة، قطع سيل أفكاره. فتح الباب، لقى ياسر واقف وعلامات الاستغراب مرسومة على وشه.
ياسر: “إيه يا عم مالك؟ ليه متعصب كده؟ هتقرف أبوك.”
بصله عمرو بحدة، ومديله الورقة: “بص إنت! اقرأ كده وفهمني، عشان أنا مخي هيطير!”
ضحك ياسر بسخرية: “يعني إيه؟”
عمرو، وهو مش مركز: “أنت جاي تسألني؟”
ياسر قعد بهدوء: “اقعد يا عم نقرأها تاني، يمكن في حاجة غلط.”
عمرو قعد وحط إيده على راسه، وهو بيحاول يلم نفسه. وياسر بدأ يقرا:
> “عمرو حبيبي، أنا ماما. ومعنى إنك بتقرا الرسالة ديه، يبقى أنا مت. أنا عارفة إنك ذكي وهتفهم قصدي. خليني الأول أحكيلك حكايتي…
أنا عشت حياة مش مستقرة مع أب مكنش بيهمه حاجة غير الفلوس، وأم طيبة بس أنانية. كانت بتمتلك كتب عن السحر ورثتهم عن جدتي ، وبتتعلم فيهم، وكانت خادمه ليهم دا الي فهمته متأخر وكانت لما حد ييجي عليها كانت بتعمله عمل.
لحد ما في يوم، سمعت أصوات غريبة طالعة من أوضتها… صراخ واستغاثة، وصوت عيل صغير بيعيط. وكنت لوحدي ف البيت ولما ابويا جيه حاولنا نفتح، لقيناها ميتة، والسلك ملفوف حوالين رقبتها… محدش فهم، وأنا لما حاولت أتكلم، لساني كان بيتربط.
لما كبرت، فضولي خلاني أقرا كتبها. وللأسف، دخلت عالمهم… وبقيت خادمة زيها.
أبويا باعني لأبوك… وعشت معاه أسوأ أيام حياتي. خيانة، وضرب، وإهانة، لحد ما ربنا رزقني بيك.
كنت عارفة إنهم هييجوا عليك، وإن الطريقة الوحيدة عشان أحميك، إني أربط روحك بروح بنت. لما تلاقيها وتحس بحبها… كل السحر هيتفك.
عملت كده فعلا… بس تمانه كان غالي.
كان لازم أموت.”
سكت ياسر لحظة، وبص لعمرو اللي كان عينيه مليانة دموع مش قادر يخبيها.
ياسر بكمل قراية:
> “كل حاجة مكتوبة، وكل شيء له معاد. يوم ما عينك تقع على عيونها، هتعرفها… ساعتها، يا تعافر وتحميها… يا تخسر كل حاجة.”
سكت المكتب كله، صوت أنفاسهم كان هو الصوت الوحيد اللي مسموع.
عمرو قام فجأة، ورمى الكرسي برجله، وصوته عالي: “يعني إيه؟ التخريف ديه صح؟!! ده كله كان مرسوم من سنين؟”
ياسر قام وهو مصدوم: “انا مش قادر افهم ازاي يكون روحك مربوطه بواحده انت عمرك ما قابلتها؟!”
عمرو بصله بنظرة تحدي لأول مرة، وقال بصوت متحشرج، بس مليان عزم: “لازم الاقيها !”
في بيت ميرنا – أوضتها
كانت نايمة على السرير، بتحكي لأختها رحمة عن يومها.
“اديلو يا عم… جبتي عريس قبل ما تشتغلي حتى.”
“بس يا بنتي، عريس إيه؟ أنا بس مستغربة كان بيبصلي كده ليه.”
رحمة غمزت لها وقالت بمرح: “وده عايز كلام؟ أكيد معجب، يا جميلة.”
“يوه، اسكتي بقى!”
قاطع كلامهم خبط على الباب.
“قومي شوفي مين، رجلك مش مكسورة!”
“أنا جاية من المستشفى تعبانة، قومي انتِ!”
ميرنا قامت بتأفف وهي بتتمتم: “أكيد محمد ابن خالتي، بخبطته المستفزة دي.”
فتحت الباب، لاقته قدامها.
“أهلًا، تفضل.”
ابتسم وقال: “يزيد فضلك، يا رنون.”
اتنهدت بضيق: “كذا مرة أقولك مبحبش الكلمة دي. اسمي ميرنا، ياريت تلتزم حدودك معايا.”
شاف الجدية في عيونها، فبلع ريقه وقال بصوت مكسور: “أسف… مكنتش أعرف إنه بيضايقك.”
كان هيكمل، لكن فجأة قال بصوت مخنوق: “أنا جاي أجيب حاجات أمي بعتها لمامتك… بس شكلي مش مرحب بيّ، عند إذنك.”
خرج بسرعة وقفّل الباب، فضلت واقفة مكانها، تنهدت ببرطمة: “نقصاك انت كمان!”
دخلت الأوضة لقيت رحمة نايمة، تمتمت: “نمتي؟ طب زحزحي شوية أنام جنبك.”
في مكان آخر…
كان عمرو الزهار مستلقي غارق ف احلامه .
“أمي، أنا حاسس بيها… البنت اللي عملتِ السحر علشاني، روحي مربوطة بيها، مش كده؟”
كان يتحدث إلى والدته التي جلست على كرسيها، عيناها غارقتان في الفراغ.
“كل شيء محسوب، يا فارس. هتشوفها… بس وقت ما يكون مكتوب لك إنك تشوفها.”
مرر يده في شعره بعصبية قبل أن يقول بحدة: “أنا زهقت! أنا مش مسيَّر، مش دمية في إيد القدر، أنا اللي بحدد طريقي! ليه عملتي فيا كده حرام عليكِ”
لكن والدته لم تُجب… فقط ابتسمت ابتسامة غامضة جعلت الدماء تبرد في عروقه.
استيقظ فارس وهو يقول ربنا يسمحك يامي ربنا يسمحك ——
اليوم التالي – أمام شركة الزهار
وصلت ميرنا إلى بوابة الشركة كانت مرتديه فستانها الوردي الذي كان يظهر انوثتها وبياض لونها وشنطه بيضاء وحزاء ابيض ، كانت أعمدة المبنى شاهقة، زجاجه العاكس يعكس الشمس بشكل مُبهر، لكنه لم يكن يُشعرها بالراحة.
أخرجت هاتفها واتصلت برنا: “أنا وصلت، إنتِ فين؟”
“أنا عند البوابة الخلفية، تعالي بسرعة!”
زفرت ميرنا بضيق وبدأت تتحرك، لكن فجأة…
شيء غريب حدث!
صوت الهواء تغيّر، كأن الفراغ نفسه ينذرها بالخطر.
خطواتها تباطأت… قلبها بدأ ينبض بشكل غير طبيعي.
وفجــــأة…
“ميرنااااااا!! خدي بالك !!”
التفتت بسرعة، لكنها لم ترَ شيئًا…
ثم جاء الصوت…
**”تاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
يتبع ….
رواية وهم على هيئة قدر الفصل السادس
رواية وهم على هيئة قدر الفصل السادس لا يزال قيد الكتابة، لو حابب تقرأ الفصل الثالث كامل بمجرد نشره أنضم لقناتنا على تليجرام واكتب تعليق على الصفحة دي عشان نقدر نبعتلك اشعار بمجرد نشر البارت.