روايات

رواية وليتني لم ألتفت الفصل الأول 1 بقلم الاء محمد حجازي

رواية وليتني لم ألتفت الفصل الأول 1 بقلم الاء محمد حجازي

 

 

البارت الأول

 

لو سمحتي!
لو سمحتي!
مهتمّتش… يمكن بيكلم حد ورايا.
ثانيتين… وفجأة:
– لو سمحتي يا آنسه!
هنا بقى…
لفّيت.
ولأول ما لفيت…
اتجمدت.
اتصدمت.
اتسمّرت.
اتسمرت حرفيًا من جمال اللحظة دي.
قدّامي…
واقف زين.
زين اللي هو زين…
حب عمري، اللي كنت بدعيله أكتر ما بنام، واللي كنت بحبه من غير ما يعرف، واللي كنت فاكرة إن مجرد شوفته هيمسح همّ سنة.
.
زين بتاعي.
زين اللي قلبي بيرقص كل مرة أتخيله بس.
زين اللي كنت بحبه من ورا الزمن والناس والدنيا…
زين اللي كنت بدعيله من وانا طفلة تقريبًا.
ولوهلة…
افتكرت إن القدَر بيحضّرلي مفاجأة.
إن ربنا افتكر دعوتي اللي كنت بسرقها بين الصلوات.
إن اللحظة اللي بتمناها بقالها سنين وصلت أخيرًا.
كنت واقفة ببصّله وأنا حرفيًا مبقاش فيّ نَفَس.
هو… هنا؟
بينده عليّا؟
عايزني أنا؟
دلوقتي؟
ليه؟
إزاي؟
يا رب يكون اللي في بالي صح… يا رب يارب…
فُقت من خيالي على صوته وهو واقف قدّامي بكل وقار:
– لو سمحتي… حضرتك إستبرق؟
أول ما سمعت اسمي قلت خلاص…
يا جماعة السعادة ليها صوت، وده كان صوتها.
وأنا ببتسم، الابتسامة اللي بتطلع لوحدها لما القلب يهيص قبل العقل.
بس أي حضرتك؟
يا نهار أبيض…
ده بيقولّي حضرتك؟!
ده أنا كنت بحلم اليوم اللي يقولِّي فيه يا حبيبتي!
إيه الرسميات دي يا جدعااان؟ ده أنا كنت بقول عليه روحي الثانية وهو بيقول حضرتك؟!
بلعت ريقي وقلت:
– أيوه… أنا.
بص لشارع كده، ورجع بصلي وهو محرج جدًا:
– بصي… أنا آسف إني بكلمك في الشارع وكده… بس هو الموضوع مهم، وما كنتش لاقي غيرك.
قلبي وقع…
يا رب يا رب يقول اللي أنا عايزاه… يا رب يقول الكلمتين اللي مستنيهم من سنين… يا رب يصدّق قلبي.
قلبي بيرقص…
يا رب يقولها…
يا رب يقول اللي أنا مستنياه…
قول يا زين… متعذبنيش…
كمل بقنبلة ذرية خلّت روحي تطلع:
– أنا… انا بحب رحمة صحبتك من زمان.
وعايز أجي أتقدم لها.
ومش عارف أوصل لوالدها… فقولت أسألِك يمكن تجيبي لي رقمه.
بما إنك صحبتها وكده.
في اللحظة دي…
مفيش حاجة اتسمعت.
ولا حاجة اتفهمت.
ولا حاجة استوعبتها.
أنا حسّيت…
إن روحي اتسحبت من جسمي.
اتكسرت.
اتحدفت من الدور العاشر بدون باراشوت.
يعني إيه؟
يعني إيه زين… حبيب عمري…
عايز رقم أبو صاحبيتي…
عشان يتقدّم لها؟!
وبدأت أتكلم في سرّي بصوت عالي جوا دماغي:
إستبرق… استوعبي…
حبيب عمرك…
اللي بتحبيه من وانتِ طفلة…
اللي بتدعي ربنا يجمعك بيه…
اللي كنتي بتعيطي قدام صورته…
عايز رقم أبو صاحبتك…
عشان يتقدّم لها؟!
والله العظيم حسّه أن روحي بتنسحب مني.
ليه؟
ليه يا دنيا؟
أنا عملت إيه؟
أنا بدعي غلط؟
ولا بدعي بالمقلوب؟
ولا هوّ كان بيسمعني وأنا بدعي ويضحك؟
وقفت ببصلّه وأنا مش سامعة ولا كلمة…
كنت بس سامعة صريخ قلبي وهو بيتشرخ حته حته.
————————–
كنت واقفة قدّامه، ملامحي بايظة من الصدمة، عقلي فصل، ودنياي وقفت…
لقيته بيشاور قدّامه بإيده وبيقول بصوت متوتر:
– حضرتِك… رُحتي فين؟
صحّاني من الغيبوبة اللي وقعت فيها.
رمشت كذا مرة… وبصوت واطي قوي قلت:
موجودة…
قرب شوية وقال:
– طب تقدري تجيبيلي الرقم؟
أنا؟
أنا اللي أجيبلّك رقم أبو البنت اللي بتحبّها؟
أنا اللي أحبك وأكون السبب إنك تروح لصاحبتي؟
أنا اللي أبقى الكوبري اللي يوصّلك ليها؟
بلعت ريقي بالعافية… وطلعت كلمة محدش سمع فيها الروح اللي اتكسرت جوايا:
– حاضر… هجيبهولك.
بس… مش معايا دلوقت.
ومستنيتش رد…
مستنيتش أفكّر…
مستنيتش أتنفّس.
لفّيت… ومشيت.
ومشيت وأنا حاسّة إني ماشية على جروح، مش رجلين.
ومش سامعة حاجة… إلا صوت قلبي وهو بيتكسر واحدة واحدة.
كل خطوة كنت باخدها… كانت بتوجع.
كل نفس… كان بيقطع.
كل شارع… كل وش… كل عربية… أنا مش شايفاهم.
أنا شايفة كلمة واحدة:
بحب رحمة
وصلت البيت…
قفلت باب الأوضة…
ولمّا اتأكدت إن مفيش ولا حد سامع…
وقعت على الأرض.
وقعت فعليًا.
ركبي اتخضّوا.
قلبي وقع قبلهم.
وبدأت أعيط…
وأعيط…
وأعيط…
زي طفل اتاخد منه حضنه الوحيد.
مسكت وشي بإيديا وقلت بصوت مكسور:
– يعني إيه؟
يعني إيه زين… بيحبها؟
بيحب رحمة؟
إزاي؟
إزاي؟
إزاي وأنا بحبه من سنين؟
من سنين يا رب…
دموعي كانت نازلة كأن حد فتح حنفية وجع.
– أنا كنت بدعيله… كنت بدعيله يا رب يجمعني بيه…
كنت بفرح لما أشوفه…
وهو… هو بيحب غيري؟
وأكتر واحدة؟
صاحبتي؟
رحمتي؟
بنت قلبي؟
يا رب… ليه؟
كنت بكلم نفسي وانا مش شايفة حاجة قدّامي، كل اللي شايفاه كلمة:
عايز اتقدملها
وأنا كنت فاكرة… إنه لو نادى عليّا مرتين زي النهارده… يبقى دي إشارة…
طلعت الإشارة غلط…
طلعت نداء عشان حد تاني.
وقولتها بصوت مكسور، صوت يوجع اللي ملوش قلب:
– ده حبيب عمري…
حبيب عمري اللي معرفش يعيش في خيالي من غيره…
بيحب صاحبيتي.
بيحبها…
مش بيحبني.
وطولت وأنا بعيط…
لحد ما صوتي راح…
وعنيا وجعت…
وجسمي اتخدر…
بس قلبي؟
قلبي كان صاحي…
وبيتنزف.
ولحد ما فقدت الوعي وأنا بعيط…
نمت.
الصبح
صحيت على وجع…
وجع الصداع…
و وجع جسمي…
بس في حاجة تانية.
حاجة أعمق…
وجع قلبي … بيخبط في كل حتة فيا.
قمت بالعافية…
وأول ما وقفت…
رنّ التليفون.
بصيت…
رحمة.
ردّيت وأنا صوتي مبحوح من البكا:
– أيوه يا رحمة.
قالت بضحكه:
– انتي فين يا جزمة من امبارح؟ اختفيتي ليه؟
إستبرق ضحكت ضحكة مكسورة محدش يسمعها غير ربنا:
– يا حبيبتي… كنت كده كده هكلمِك أول ما أصحى.
عايزاكي…
عايزاكي أقبلك ضروري.
سكتت ثانيتين كأنها حسّت إني مش طبيعية:
– تمام… نتقابل عند الكافيه اللي على البحر… اللي دايمًا بنقعد فيه.
إستبرق قلت بصوت ميت:
– اشطا… هشوفِك هناك.
قفلت…
وقمت بالعافية.
روحت أتوضّى…
ولبست ووقفت قدّام ربنا.
وأول ما قولت:الله أكبر…
انهرت.
دموعي نزلت غصب عني…
ركبتي وجعت…
قلبي كان بيصرخ وأنا ساجدة…
وقولت:
– يا رب…
لو حب زين مش ليا…
شيله من قلبي.
يا رب شيل وجوده من روحي…
شيل تعلقي…
شيل الوجع ده…
خليني أنساه.
أنا… مش قادرة يا رب.
وقعدت تبكي…
وتدعي…
وتتعلق بربنا وهي بتنهار.
خلصت إستبرق من صلاتها وهي مش شايفة قدّامها من الدموع…
المصلية اللي كانت واقفة عليها مبلولة.
وهي نفسها مش فاهمة ازاي لسه واقفة على رجليها.
مسحت وشها بسرعة…
وخدت شنطتها ونزلت، ماشية من غير ما تشوف، كل خطوة كانت تقيلة…
ومخها عامل دوشة جواها:
حبّ صاحبتي؟
ليه؟
اشمعنى هي؟
هو انا وحشة؟
ولا هو عمره ما شافني أصلا؟
كانت ماشية في الشارع، تايهة…
عينينها محمّرة، ملامحها باينة عليها البكاء…
لحد ما قبل الكافيه بشوية خبطت في ست كبيرة.
وقعت شوية حاجات من يد الست.
إستبرق اتخضت:
– ياااه، أنا آسفة جدًا يا طنط! والله ما كنت واخدة بالي!
نزلت بسرعة تجمع الحاجات اللي وقعت…
الست قالت بابتسامة طيبة:
– عادي يا بنتي، حصل خير… ما تخديش في بالك.
إستبرق رفعت وشها…
وعينيها كانت حمرا قدّ الدم.
وشها شاحب، وروحها باينة إنها مش في الدنيا أصلاً.
بصتلها الست بقلق:
– مالك يا بنتي؟
إستبرق اتنهدت… وروحها وقعت أكتر:
– أنا… أنا ممكن أحضنك يا طنط؟
الست فتحت دراعتها من غير سؤال…
وإستبرق جريت عليها، حضنتها بقوة…
قوة حد اتكسرت روحه وعايز أي صدر يخبّيه من الدنيا.
الست مسكتها تهزّ فيها بلطف:
– مالك يا بنتي… مالك؟
إستبرق انهارت… دموعها نزلت بعنف:
– قلبي… قلبي وجعني… قلبي واجعني قوي يا طنط… قوي.
مسحت الست على ضهرها:
– سلامة قلبك يا بنتي… بس قولي، إيه اللي حصل؟
حبيبك هجرك؟
ضحكت ضحكة موجوعة، ضحكة تكسّر الحجر:
– يا ريت… يااا ريت كان هاجرني… ده ما حبّنيش أصلاً.
ده حَبّ أغلى الناس على قلبي…
حَبّ صاحبتي…
صاحبتي يا طنط… أنا!
أنا اللي كنت شايفاه حلمي، وهو شايف حياتي كلها مجرد وسيلة عشان يوصل لغيري!
هزّت راسها بحزن وقالت:
– عذراك يا بنتي… والله عذراك.
بس اسمعيني…
إنتِ غلطانة من الأول، آه والله غلطانة…
ما ينفعش تخلي قلبِك يتعقل بحد مش ليك.
الحب رزق…
ولو كان ليكي، كان زمانه جه يجري وراكي من غير ما تتعبي ده كله.
إستبرق مسحت دموعها بصباعها مرتعش:
– وأنا أعمل إيه؟
أنا مقدرتش أمنع نفسي…
حبيته من زمان… غصب عني.
الست هزت راسها بحنان:
– عارفة… عارفة إن مفيش حد ليه سلطان على قلبه.
لكن احنا نقدر نوجّه قلبنا…
ولو غلط… نرجّعه.
– عارفة يا بنتي… ربنا نزل غضّ البصر ليه؟
عشان ما نِبَصّش لحد ونتعلق بيه…
عشان نعرف إن مش كل اللي يلمع ده لينا…
أوقات بنشوف حد، فنتعلّق… وده بيبقاش حب، ده تمني… وتوهان…
إستبرق فضلت ساكتة، بتنهّد، وبتمسح دموعها اللي ما كانتش عايزة تخلص.
وهي كملت بحنية تخوّف:
– ربنا يا بنتي ما بيديش حد حاجة ويمنع عنه حاجة… إلا وهو عارف الخير فين.
ادعي بينا… ادعي إن ربنا ينسيك…
وإنه يرزقك اللي يستاهلك…
واللي يحبّك زي ما قلبك الطيب يستاهل.
نزلت دمعة بطيئة من عين إستبرق:
– طب أنا أعمل إيه دلوقتي؟
حياتي اتقفلت قدّامي…
أنا مش قادرة أشوف صاحبتي…
ولا قادرة أسمع اسمه…
ولا قادرة أصدّق إنه عمره ما حبّني… ولا حسّ بيا…
الست قربتها منها أكتر:
– هتعملي اللي ربنا قال عليه…
هتدعي.
وتقولي: يا رب…
يا رب اشيل حبّه من قلبي زي ما شلت رزقه عني.
يا رب اكتبلي نصيبي اللي يستاهلني…
يا رب قوّيني على فراقه…
وانسيني اللي مش ليّ.
إستبرق عضّت شفايفها من الوجع، ودموعها كانت بتنزل بغزارة:
– هو ليه قلبي بيحبه للدرجة دي يا طنط؟ ليه؟
الست سندت إيديها على خدّ استبرق ومسكتها كأنها بنتها:
– عشان الحب الحقيقي بيدخل من غير استئذان…
بس اللي مش نصيبك…
ربنا هيخلّيه يطلع من قلبك من غير ما يسيب أثر.
ثقّي في ربنا بس…
وقوليله: يا رب…
يا رب اشفيني.
يا رب اهـدّي قلبي…
يا رب بدل وجعي فرح.
حسّيت قلبي بينزف حرفيًا…
حسّيت إني مش قادرة أتنفّس…
بس في وسط ده كله… في وسط الوجع والبُكا والكلام اللي بيكسّر القلب…
مسحت دموعي بإيديا المرتعشة…
وبصيت للست وأنا بتنهد تنهيدة مكسّرة :
– بس أنا…
أنا مش هسيب حبّ عمري يروح من قدّام عيني…
وانا واقفة أتفرّج.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية ماسة الاركان الفصل التاسع 9 بقلم ميفو السلطان

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *