روايات

رواية وصية حب الفصل السابع عشر 17 بقلم نسرين بلعجيلي

رواية وصية حب الفصل السابع عشر 17 بقلم نسرين بلعجيلي

 

البارت السابع عشر

 

 

*وصيّة حب*
بقلم نسرين بلعجيلي
Nisrine Bellaajili
الروايه حصري
_الفصل السابع عشر_
النهار دخل بخيوط شمس ناعمة، بس البيت كان تقيل. سارة نايمة على الكنبة، النور بيلمس وشها الشاحب، والكهربا اللي كانت في عظمها بقت خمول في أطرافها. كل مرة تحاول تقوم، تحس إن جسمها مش بيسمع الكلام. صوابعها بتبرد، ورجليها تحسّها غريبة عنها، زي ما تكون بتتفرج على نفسها من بعيد.
ياسر كان واقف في المطبخ بيجهز القهوة، كل حركة بيعملها فيها تعب وسكوت طويل. حط القهوة على الترابيزة وقال :
– أنا قررت أرجع الشغل بكرة.
صوتها خرج واهي وهي تحاول تقوم :
– هتسيبني لوحدي؟
– لأ طبعًا، أنا هجيب بنت تساعدك في البيت.
– بنت؟
– أيوه، تنظّف، تطبخ، تفضى لك وقتك ترتاحي.
سكت لحظة وقال وهو بيهرب بنظره :
– وأنا هرجع من الشغل على طول.
سارة بصّت له، وعينيها فيها خوف صغير مش عايزاه يبان :
– يعني خلاص؟ حياتنا بقت بالورديات؟
– لأ يا سارة، بس لازم أشتغل، الدنيا مش واقفة.
– والدنيا اللي بينا؟ وقفت هي كمان؟
ياسر اتفاجئ بالكلمة، حاول يضحك :
– إنتِ بتقولي إيه؟
– بتكلم عنّنا، مش عن الشغل.
قامت بصعوبة، وقربت منه، لمست وشه بإيدها الضعيفة :
– بقالك شهور ما لمستنيش…
– سارة، بالله عليكِ، إنتِ عارفة إن ده مش وقت الكلام ده.
– وقت إيه؟ أنا عايشة على الوقت، ياسر. كل يوم بصحى مش عارفة إذا

كنت هكمّله ولا لأ. مش عايزة أموت وأنا ناسية حضنك.
نسرين بلعجيلي
ياسر مسك إيديها بحنان وقال بهدوء :
– أنا مش قادر…
– مش قادر عليّ ولا مش قادر ليا؟
– ليه تقولي كده.
– قل إنت بقى، إيه اللي مخلّيك تبعد؟ خايف أتعب؟ ولا خايف تشوفني مش زي الأول؟
صوته نزل درجة :
– أنا بحميكِ من نفسك يا سارة، جسمك مش مستحمل.
– وجسمي مش مستحمل الهجر كمان.
صرخت الكلمة، بس صوتها كان ضعيف، ضعيف زيها، بس بيطلع من وجع كبير.
– أنا ستّ، مش مجرد حالة طبية. عايزة أحس إن لسه فيا حياة، إنك لسه شايفني أنثى مش مريضة. أنا بحارب الموت كل يوم، بس نظرتك ليا هي اللي بتقتلني.
ياسر سكت، عينيه مليانة دموع، قرب منها وقال بصوت واطي جدًا :
– أنا بحبك يا سارة، بس لو حصلك حاجة وأنا السبب…
– ساعتها هاكون مبسوطة، لأني هموت وأنا حاسّة إنك لسه ليا.
سكتوا.. الهواء بينهما بقى تقيل، كأنه شاهد على حاجة أكبر من الكلام. مدّ إيده يلمس شعرها، بس سحبها تاني. دموعها نزلت على إيديها وهي تهمس :
– حتى اللمسة بقت حرام عليّا.
مشيت بخطوات متعبة للمطبخ، وقف ياسر مكانه مش قادر يتحرك، وفي ودنه صدى آخر كلمة قالتها :
“أنا لسه عايشة يا ياسر، بس لحد إمتى.”
سارة كانت قاعدة على الكرسي، إيديها متشابكة قدامها، وصوت نفسها متقطع من كتر الزعل. دخل ياسر بعد ما لفّ في الصالة عشر دقايق يحاول يهدى، لكن وشه كان بيقول كل حاجة.
قال بهدوء وهو واقف عند الباب :
– سارة، كفاية كده بقى…
– كفاية إيه؟
رفعت عينيها ليه، فيها وجع أكتر من العتاب وكملت :
– كفاية إني بقيت غريبة عنك؟ ولا كفاية إني بقيت بمد إيدي علشان حضن جوزي ومش بلاقيه؟
إتنهد وهو بيقرب منها خطوة بخطوة :
– يا سارة، بالله عليكِ إفهميني…
– أفهم إيه؟ إنك نسيتني؟ ولا إنك بطّلت تشوفني أنثى؟
صوته ارتجف، قال بحزن واضح :
– أنا مش ناسيكى، أنا بخاف عليكى.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية انتقام العشاق الفصل الخامس 5 بقلم نجلاء عبدالظاهر

 

 

– من إيه؟
– من نفسي…
صرخ الكلمة فجأة، وبعدين كمل بصوت مكسور :
– من نفسي لما أبوسك وأنا عارف إن ماينفعش أكمّل، من نفسي لما أقرب منك وأوجعك بدل ما أريحك، من نفسي لما جسمي يفكر وقلبك يتعب.
Nisrine Bellaajili
سكت لحظة، حطّ إيده على وشه، وقال :
– إنتِ متخيلة إحساسي لما أحبك وممنوع ألمسك؟ كل مرة بتقربي، بحس إني بخونك… بخون وجعك، بخون خوفك، بخون دعواتي إنك ترجعي سليمة.
سارة كانت بتسمع، بس دموعها كانت نازلة من غير صوت. قالت بهدوء موجوع :
– بس أنا محتاجاك، يا ياسر، محتاجاك مش كزوج، كأمان. أنا مش عايزة وجع، أنا عايزة حضن ينسّيني إني خلاص قربت أمشي. لما بتبعد كده، بتحسسني إن الموت أقرب منك.
مدّ إيده ناحيتها، بس وقّف نفسه تاني، قال بصوت مبحوح :
– يا سارة، أنا كل يوم بموت وأنا شايفك بتتألمي. بس اللي بينا مش ناقص لمسة علشان يثبت، اللي بينا خلاص بقى روحين مش أجساد.
رفعت وشها وبصت له بنظرة حادة لأول مرة :
– لأ، اللي بينا لسه جواز، ولسه حياة، ولسه حقي فيك. أنا مش هاقبل تبصلي كأخت ولا كمريضة. أنا مراتك يا ياسر… اللي بينا حب، مش رحمة.
كلامها وجعه أكتر من العتاب. قرب منها، قعد جنبها على السرير، مدّ إيده على وشها وقال بصوت رايح :
– مش عارف أعمل إيه. كل مرة تبصيلي بالشكل ده بحس إن قلبي بيتقطع، بس برضه ماقدرش أكمّل المشهد، ماينفعش ألمسك وأنا عارف إني مش هقدر أكمّله للآخر. هتبقى دي لحظة وجع، مش لحظة حب.
سكتِت، ونظرت له بنظرة فيها استسلام حزين، وقالت بخفوت وهي تبصّ في الأرض :
– يعني خلاص؟ بقيت أخاف أقرب من جوزي؟ بقيت أستأذن علشان حضن؟
ما قدرش يرد. هو نفسه كان عايز يصرخ، بس كل الكلام اتحبس في صدره.
قامت بصعوبة، وقفت قدامه وقالت آخر جملة قبل ما تدخل أوضتها :
– أنا ما طلبتش المستحيل، أنا طلبت حقي قبل ما أموت، وأنا حاسة إني مش مراتك .
دخلت الأوضة وسابت الباب مفتوح، بس اللي اتقفل فعلاً كان بين قلوبهم. كانت واقفة قدامه، عينيها فيها دموع مكبوتة وغضب مكشوف. هو كان بيحاول يهرب بنظره ناحية الشباك، لكن صوتها شدّه بالعافية :
ـ طب قولّي يا ياسر، هو إنت مش راجل؟ مش ليك رغبة؟ ولا خلاص؟
إتجمد في مكانه، بصّ لها بحدة :
ـ سارة، بلاش الأسلوب ده.
ـ لأ، مش هسكت المرة دي. كل يوم تبصلي كأني زجاجة هتتكسر، كأني مش مراتك، مش لحمك ودمك. هو أنا فقدت إيه بالظبط؟ أنوثتي؟ ولا نظرتك؟
مدّ إيده على شعره، وابتسم ابتسامة وجع :
ـ إنتِ مش فاهمة حاجة.
ـ لأ، فاهمة جدًا. فاهمة إنك بقيت تهرب مني كأني عيب. حتى البوسة، يا ياسر… البوسة اللي كانت بتفوقني من كل وجع، بقت مستحيلة ليك. مش عايز تبوسني ليه؟ مش بتشتهيني خلاص؟
إتنفس بصعوبة، صوته خرج عالي من كتر الكتمان :
ـ آه…. باشتهيكِ يا سارة، كل يوم، كل لحظة، وأنا بشوفك قدامي وبموت بالعجز. بس تعرفي إيه اللي بيمنعني؟ مش عدم رغبة.. الخوف. الدكتور قال إن الضغط عندك ممكن ينهار من أي مجهود، قاللي كلمة واحدة وأنا عمري ما نسيتها :
“العلاقة خطر على حياتها.”
يعني لو لمستك غلط، لو قلبك تعب، لو نفسك إنقطع… هتموتي في حضني، إنتِ فاهمة يعني إيه الكلمة دي؟
دموعها كانت نازلة، بس عنادها أقوى من الخوف. قربت منه خطوة، ومدّت إيدها على صدره :
ـ طيب موتني في حضنك. بس موتني وأنا حاسّة إني لسه أنثى ليك. مش عايزة أموت وأنا ناقصة حاجة.
رجع خطوتين لورا، صوته مبحوح، مليان وجع :
ـ بتطلبي مني إيه؟
ـ حقي.
ـ حقك؟ ولا حكم إعدامك؟
ـ يمكن الاثنين.. بس على الأقل أموت وأنا حاسّة إنك لسه راجلّي. مش مجرّد راعي بيمشي دوا لمريضة.
نسرين بلعجيلي
سكوت تقيل سيطر على الغرفة. كل كلمة نطقت بيها كانت زي طعنة في ظهره، بس هو كمان كان بينزف من خوف مش بيخلص.
مسك إيديها بإصرار، وقال بصوت مكسور وغاضب في نفس الوقت :
ـ سارة، أنا كل يوم بصحى على كابوس إنك ممكن تموتي، وانا مش ناقص كمان أكون أنا السبب. أنا بحبك… بس مش هسمح للحب ده يبقى سلاح ضدك.
قالتها وهي بتبكي :
ـ وأنا بحبك أكتر، بس إنت بتقتلني بالحرص ده. أنا مش هعيش كده، بين الخوف والحرمان. أنا ستّ يا ياسر، ومش هخجل من حقي.
سكت، وبصّ فيها بعينين فيها وجع ودموع وخوف وذنب في نفس اللحظة.
ـ يا سارة، إنتِ بتطلبي مني أختارك على حساب حياتك. وانا ماقدرش أختارك ميتة.
سكتت فجأة. الدموع على خدها، بس في عينيها كبرياء عنيد، قالت بصوت متكسر :
ـ يبقى خلاص، يا ياسر، ما تبصليش تاني كأنك بتحبني. اللي يحب ما يهربش.
خرجت من الأوضة وسابت وراها ريحة وجع ما بتتمسحش. هو قعد على الكنبة، دفن وشه بين إيديه وصوته خرج خافت كأنه بيكلم نفسه :
ـ يا رب، إزاي الحب يتحوّل لعقاب بالشكل ده؟
سكت البيت بعد صوت الباب ما اتقفل، كأن كل نفس في الحيطان وقف. الهدوء اللي نزل على المكان ما كانش راحة، كان وجع بينادي بصوت واطي.
سارة بعد ما ياسر طلع فضلت في الاوضه و قعدت على الأرض جنب السرير، صدرها بيطلع وينزل بصعوبة، دموعها بتجري من غير صوت، مش بكاء خناقة، بكاء ستّ حست إنها بتتسرق منها الحياة جزء، جزء، حتى من اللي بتحبّه.
على الناحية التانية، ياسر قاعد في الصالة، إيده على راسه، وصدره بيتهز من كتم الغضب والخوف. حاول يقنع نفسه إنه صح، إنه بيحميها، بس كل ما يفتكر نظرتها، يحس إنه هو اللي كسرها بإيده.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية ظلمها عشقا الفصل الخامس 5 بقلم إيمي نور

 

الدقيقة بقت ساعة، والساعة بقت وجع.
وفي نص الليل، قام بهدوء وراح عند باب أوضتها، وقف يسمع نفسها الضعيف من ورا الباب. فتح الباب على مهل، شافها نايمة على السرير، ملفوفة في بطانيتها، وشها باين عليه التعب والدموع اللي ما نشفتش.
قرب منها، قعد جنبها، مدّ إيده ومسح على شعرها بهدوء، وقال بصوت مبحوح بين بكاء ورجاء :
– سامحيني يا سارة، أنا مش عارف أكون راجل ولا ملاك، بس كل اللي عارفه، إني بحبك.
روايات نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
ما ردتش، بس إيديها تحركت خفيف، كأنها بتحسّه من بعيد. حطّ راسه على طرف السرير، وهي نايمة، والليل غطاهم هما الاتنين بصمت تقيل.
صوت المطر بدأ تاني على الإزاز، كل نقطة بتنزل كأنها بتعدّ وقت لحدث كبير جاي.
والسطر الأخير من الليلة دي كان بيقول :
“مافيش حب بينجو من الخوف، بس فيه حبّ بيعيش رغم الموت.”
وهنا…
خلصت الليلة..
وبدأ القدر يكتب فصل جديد من “وصيّة حب”.
ايه رايكم في اللي طلبته ساره ؟؟
يتبع …..

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *