روايات

رواية وجه في القلب الفصل الخامس 5 بقلم جويرية أحمد

رواية وجه في القلب الفصل الخامس 5 بقلم جويرية أحمد

 

 

البارت الخامس

 

 

تنصت إلى الأمواج لعلها تعرفه فتحكى لها قصته طفولته وصباه وسر الحزن الذي يملأ عيونه هل كان يجلس هنا ليرى الغروب, أراه في خيالي طفل صغير يسابق الأمواج ويلعب مع الأصدقاء ويضحك فتبسم الأمواج, أراه صبى يافع وقد بني قصراً على الرمال ثم أتت الأمواج فهدمت قصره, وأراه شاب يجلس على الشاطئ يشاهد الغروب يرسم على الرمال قلب ويضع بداخله سهم, فهل جرح السهم قلبه وجعله حزين, ليت الأمواج تبوح بما يخفى من أسرار فهو مثل البحر هادئ وصافى ولكن يخفى بداخله الكثير من الغموض, أشعر أنه قريب أتمنى أن أراه

بسمة : هدى,هدى أنت على طول سرحانة كده ؟

هدى : ياه يا بسمة فيه إيه؟ شايفة الغروب قد إيه جميل

بسمة (تضحك ) : أكيد نفسك يكون معاك قلم وورقة وترسمي

هدى : أنت بتقولي فيها؟ ياه وحشني المكتب عند عمى, الرسم والتصميمات بلاقي فيهم نفسي وبحس براحة وسعادة وأنا بذاكر وأتعلم واشتغل, شهور الصيف بتعدي كأنها حلم جميل

بسمة : بمناسبة مكتب بابا, أنت عرفت إن شاهي فسخت خطوبتها من معتز

هدى : يا خبر لأ معرفش, دي كانت فرحانة بيه أوي وكانت بتغير عليه جدا, ومتقدرش تبعد عنه وطول الوقت كانت في المكتب

بسمة : كترت بينهم الخلافات وفسخوا الخطوبة

هدى : زعلتيني يا بسمة, أول ما نرجع مصر لازم نروح لها ونشوف حل يرجعوا لبعض تا…. “تتوقف هدى عن الكلام” وتنظر من هذا الذي يقترب منها وعلى وجهه ابتسامة هل أصابها الجنون من كثرة التفكير فيه فأصبحت تراه في كل الوجوه حولها يكاد قلبها يخرج من بين أضلاعها ليناديه ويسلم عليه )

بسمة : في إيه أنت سكت فجأة كده ليه؟

يوسف (بابتسامة ): اسكندرية نورت, إيه الصدفة الحلوة دي

هدى “تبتلع غصة في حلقها بصعوبة وتبتسم ” : اسكندرية منورة بأهلها

يوسف : بس النور النهاردة زيادة حبتين, شايفة حتى الشمس اتكسفت منك وراحت تستخبى في البحر

هدى : “نظرت لبسمة وهمست بعدم تصديق” دكتور يوسف” اللى كلمته عنه . “ثم نظرت ليوسف” بسمة بنت عمى

يوسف : إزيك يا بسمة منورين اسكندرية

بسمة : الحمد لله إزيك يا دكتور .

يوسف : أنتم لوحدكم ولا إيه ؟ فين دكتور شاكر

هدى : بابا في مؤتمر في فيينا ويرجع بعد يومين وماما في البيت بتشتغل في بحث مهم

بسمة “بابتسامة”: عيلة عمو شاكر عيلة علمية معملية فذة

يوسف : هى والدتك دكتورة في الجامعة

هدى : أيوة دكتورة اقتصاد, وأنت رايح فين؟

يوسف : أبداً, فاضل على ميعاد القطر ساعة قلت أتمشى على البحر شوية بس حظي حلو إني شفتك

هدى : أنت بقالك كتير في اسكندرية؟

يوسف : لأ . جيت النهاردة الصبح

هدى : ولحقت تشوف عيلتك وتسلم عليهم ؟ ده أنت بقالك فترة كبيرة ما جتش اسكندرية

يوسف : زرت أختي واتغديت معاها هى وولادها وزرت أخويا ولسه نازل من عنده
“يشير الى احدى العمارات العتيقة المطلة على البحر ”
هو ساكن هنا في العمارة دي

بسمة : ياه معقولة موقعها جميل أوى على البحر دي تحفة

يوسف : فعلا أحلى أيام قضيتها فيها

بسمة : هي شقة العيلة ؟

 

يوسف : أيوه الشقة دي هي اللي إتولدت وعشيت فيها

هدى : طب باباك ومامتك مش هتزرهم هم مسافرين ولا إيه ؟

يوسف “أطلق نفس عميق ووجه نظره إلى البحر واختفت ابتسامته وحل مكانها نظرة الحزن وتكلم بنبرة هادئة حزينة”: والدي ووالدتي ماتوا من أربع سنين والدي اتوفي الأول ووالدتي لحقته بعدها بشهرين
“ثم ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه وكأنه تذكر ذكرى جميلة”
أصلها كانت بتحبه أوى وما استحملت الحياة من غيره
ثم اختفت البسمة ولمعت عيناه من الحزن وكادت تفر دمعه لتسقط في بحر أحزانه ولكنه منعها وظل ينظر إلى الغروب وكان آخر جزء من الشمس يختفي في البحر ولم يبقى منه غير بعض الأشعة التي تقاوم المغيب قضيت هنا أجمل أيام حياتي لكن دلوقتي بحس إنى غريب وخصوصا بعد أخويا ما تجوز في الشقة ماعاد ليا مكان

هدى “بإحراج” : أنا آسفة أوى أنى فكرتك

يوسف ” وقد تنبه وأدار وجه لهدى ورسم ابتسامة على وجه” ليزيل عنها الحرج”” : مفيش حاجة أنت بتتأسفي على إيه؟ ياه الساعة 7.5 يا دوب الحق القطر, أنتو مش مروحين ؟ أرجعكم البيت وأروح المحطة

هدى: أنا معايا العربية تعالى أوصلك المحطة

بسمة : طب ما تسافر معانا إحنا مسافرين النهادرة على الساعة 11 بليل

يوسف : شكراً أنا معايا التذاكر وحاجز من الصبح ذهاب وعودة . بس أنتو بتسافروا متأخر أوى كده ليه ؟

بسمة : يعنى علشان الزحمة بناخد في طريق اسكندرية ساعتين وعلشان نوصل البيت ساعتين تاني

يوسف : توصلوا بالسلامة أسيبكم علشان ألحق القطر, وأنتوا يلا روحوا علشان ما تتأخروش

اختلطت مشاعر هدى الفرحة باللقاء وتحقيق الحلم في رؤيته والحزن من أجله فقد لمست حزنه وإحساسه بالغربة والوحدة
ولكن ظل الشعور الجميل في قلبها ومدت يدها وأمسكت بقلمها فرسمت وجهه ونظرة الحزن في عينه ومشهد الغروب من خلفه

 

انتهت الامتحانات وعادت هدى إلى مكتب الديكور تتهيأ كل صباح لتذهب للمكتب لتعمل مع عمها المهندس كمال تقضى أجمل أوقاتها فتعود لها الحياة وتشعر بقيمتها وقدرتها على الابتكار والإبداع ولكن اليوم هو الاثنين لم تنزل مرحة سعيدة كعادتها, كلما اقتربت الساعة من الساعة الثانية عشر زاد اضطرابها وقلقها ودق قلبها ولم تستطع منع نفسها من الاستئذان من العمل واستقلت سيارتها وذهبت للجامعة يحملها الشوق إلى رؤية صاحب الوجه المحفور في القلب, توجهت إلى مكانهم المعتاد وجلست تنتظر مرور الدقائق كالسنين, فالانتظار نار يجعلها تحترق وتذوب شوقا وأملا لرؤية من تريد تنظر لساعتها وتراقب الطريق يمين ويسار تنتظر ولكن طال الانتظار فأخرجت الورقة والقلم ترسم صاحب الوجه لعله يأتى ليراها كيف تفكر به في غيابه وأفكارها تدور في فلكه وحده, هل يبادلها نفس الشعور ؟ أم لا يشعر بها و هي مجرد طالبة في الفرقة الرابعة, ربما يعاملها برفق لأنه أشفق على حالها, لماذا لم يسألها عن وجهه الذي رسمته؟ تنتظر بين الألم والأمل وتمر الدقائق لتقتل أملها في اللقاء, تنظر لساعتها مرت ساعتين من الانتظار, تجمع أشياءها وتذهب لسيارتها وتعود للمكتب

من طرف بعيد يقف ينظر إليها جاءت في الموعد وجلست في نفس المكان تنتظر يراها قلقة متوترة ساهمة اختفت ابتسامتها وزاغت عينها على الطريق جميلة رشيقة رقيقة تتطاير خصلات شعرها على وجهها فتبعدها برقة يكاد أن يخرج عن صمته وتخذله قدماه فيتحرك صوبها ولكن هناك شىء يمنعه يزيد حزنه وألمه فلا يتحرك يكتفي برؤيتها من بعيد, وظل على حاله واقفاً في مكانه يراقبها وهى ترسم بأناملها الرقيقة فهي تمتلك أصابع رقيقة يزينها خاتم ماسي بفص رائع مضئ, تنظر إلى الصورة التي رسمتها, تبتسم فيشعر بالأرض تدور وكأنها تدور لتطلب المزيد من ابتسامتها العذبة الرقيقة ولكن هذه الابتسامة غير قادرة على أن تذيب السبب الذي يمنعه من الحركة والتوجه إليها, ومر الوقت حتى جمعت أشياءها ومضت يريد أن يلحق بها ولكن هناك شئ يقيده يعلم أنها تنتظره ولكن شئ ما يعيقه أكبر منه, ومن إحساسه نحوها.

بسمة : ألف مبروك يا حبي هو ده الكلام ولا بلاش خمس سنين الأولى على الدفعة عقبال السنة الجاية تخلصي وتخدي البكالوريوس, امتياز مع مخدة الشرف

هدى : الله يبارك فيكي, باحسب عدد الأيام والليالي إمتي أخلص الكلية

بسمة : بقولك ايه السنة دى أنت هتتفرغي لي, أنا أجلت كل حاجة لحد ما تخلصي امتحانات, عايزاكي معايا في كل حاجة, ديكورات الشقة والعفش والفرش والستاير والسجاجيد وتعملي حسابك عليكي كل ترتيبات الفرح والكوشة والديكور وطبعا لبسي ومكياجي وكله, وكل ده في زمن قياسي, معاد الفرح في شهر أكتوبر وكل نادر ما يقول أنتي متأخرة أقوله لا, أنت متعرفش هدى سريعة وشاطرة وماحصلتش, وهتخلص لنا كل حاجة في زمن قياسي.

هدى ( تضحك ) : شبيكى لبيكى كل خبرتي بين ايديكي, أحلامك أوامر, تطلبى إيه؟

بسمة ( تحضتنها وتضحك ): أنت عارفة أنت بنت عمى وأختي وصحبتي وبثق في ذوقك جدًا جداً جداً

هدى : وأنت أختي حبيبتي ومش ممكن أسيبك, ولا أنت فاكرة إنى هسمح لحد غيري يكون معاك ويختار لك حاجتك

بسمة : عقبالك يا هدى, كنا زمان بنقول لازم يكون فرحنا في يوم واحد بس أعمل إيه أنا خلصت الليسانس واشتغلت كمان وأنت لسه رايحة البكالوريوس

هدى “صمتت ورسم عقلها صورة شخص تشتاق لنسائم طيفه”

بسمة : هو أخبار الدكتور يوسف إيه ؟

هدى ” شعرت بحزن وارتباك”: الحمد لله كويس .

بسمة : يعنى مفيش أى جديد ؟

هدى : ولا جديد ولا قديم, بشوفه في الدراسة يوم الإتنين الساعة 12 بيشرح لى انا صفاء وبس

بسمة : يعنى…

هدى “قاطعتها لتغلق باب الحوار في هذا الموضوع” : خلينا معاك أنت, فين الشقة ؟ وليك طلبات معينة أنت ونادر ولا إيه؟

مرت ثلاث شهور بذلت هدى طاقتها لتجهز لبسمة الشقة تشرف في كل شىء لتصل إلى التناسق والتناغم والذوق الرفيع وفى نفس الوقت العملية والاستفادة من المساحة كما تشرف على تصميم القاعة والألوان وكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة وتذهب مع بسمة لتصميم الفستان ومتابعة التفصيل و التطريز واللمسات النهائية للفستان والمكياج حتى انتهت من كل شئ في الوقت المحدد ولكن مهما كان انشغالها كانت تذهب لنفس المكان في نفس الميعاد من كل أسبوع تنتظر وفى أحد المرات

هانى “ابن عمها كمال”: هدى أنت هنا بتعملي إيه ؟

هدى : أنتم اللى هنا بتعملوا إيه ؟

عمرو “ابن عمها”: أنت عارفة إننا خلاص بقينا زمايل . وجينا نخلص ورق مطلوب مننا

هدى : زمايل حتة واحدة, أنتم يا دوب داخلين سنة أولى وأنا خلاص في البكالوريوس, خلصتوا ولا لسة؟

هانى : خلصنا وكنا بنستكشف الكلية

هدى : طب روحتوا مستشفى الجامعة ؟

عمرو : لأ

هدى : طب تعالوا شوفوها على الواقع, تمشى هدى وهى تعرف طريقها في المستشفى تتوجه إلى قسم معين في دور معين لترى وجه تفتقده

يوسف “بدهشة”: هدى إيه اللى جابك هنا ؟

هدى : ازيك يا دكتور, عامل إيه ؟ ثم نظرت له وقدمت هاني وعمرو ولاد عمى في سنة أولى طب ونظرت لأولاد عمها: دكتور
يوسف أشطر نائب في الجامعة

يوسف : والدهم بشمهندس كامل صاحب المكتب الهندسى

هدى : أيوة ووالد بسمة

يوسف : أهلا بيكم في الكلية, وأنت عاملة إيه في المكتب؟

هدى : الحمد لله كنت مشغولة جدا في فرح بسمة والتجهيزات صممت لها كل حاجة في الشقة وفى قاعة الفرح

يوسف : ألف مبروك, باركي لها بالنيابة عنى

هانى : يا ريت حضرتك تشرفنا فى الفرح الخميس الجاى في فندق “اسم أحد أشهر الفنادق”

يوسف : إن شاء الله

مضت وقلبها يطير من الفرحة أخيراً تراه بعد ثلاث شهور لتعود لها ابتسامتها وروحها وقلبها وانتظار للقاء يوم الخميس في فرح بسمة تغمض عينها على صورته وتخفى بسمتها وتحلم بالفرح

 

بسمة : أه الأخبار يا هدى, كل حاجة جهزت

هدى : يا حبيبتى ما تقلقيش, اطمأنيت على كل حاجة, كله تمام والحمد الله

بسمة : مقلقش, دا أنا هموت من الخوف

هدى : بعد الشر عليكى ما تقوليش كده يا حبيبتى, إن شاء الله هتكوني أحلى عروسة وأحلى ليلة

بسمة : كل الأفلام السودا بتدور في دماغي, العريس ما يجيش أو النور يقطع أو… أى حاجة تحصل والليلة تبوظ

هدى : لا إله إلا الله, بقولك إيه بلاش الأفكار الحلوة دى دلوقتى العريس من الصبح وهو بيجهز نفسه في الأوتيل وفيه مولد كهربا احتياطي , ومش هنخرج من الفندق , إهدى كده وربنا يتمم بخير . واثبتى علشان الكوافيرة تعرف تشتغل

بسمة : وأنت مش هتجهزي ؟

هدى : حاجتي جاهزة المهم أطمن عليك, وبعدين هلبس بسرعة.

انتهت الكوافيرة من اللمسات النهائية للمكياج ووضعت الطرحة ثم نهضت بسمة بعد أن أصبحت كالشمس الساطعة تختفى بجوارها كل النجوم لتطلق لأشعتها المبهرة العنان لتضئ المكان وتخطف العيون وتمتلك قلب شخص محب ولهان, فاليوم هو يومها تبدو رائعة الجمال في ثوبها الأبيض البراق فقد تم تصميمه بمهارة فائقة يجمع بين الرقة والأناقة, وضعت عليه الماسات البراقة بشكل جميل وأخاذ وطرحة من التل طويلة لتحملها خلفها البنات الصغيرات’ وجزء قصير يتدلى من الأمام ليرفعه نادر في مشهد رومانسى جميل ويطبع على جيبنها قبلة وقد جمعت شعرها ورفعته من الخلف ووضعت تاج ماسي رقيق مع بعض اللمسات الرائعة للمكياج أصبحت ملكة متوجة وتخلى عنها الخوف وامتلأت بالفرحة والزهو, يشع من وجهها نور رباني يزيدها جمال, وتتلألأ عيناها من السعادة تمسك بباقة رائعة من الورد مرتب ومنسق بعناية تتصدره ورود الحب الحمراء وقليل من الأبيض والوردي والبنفسجي.

هدى (تقطر من عيناها دمعات استطاعت الفرار لتسقط على خدها ) : ما شاء الله, تبارك الله, ربنا يحفظك حبيبتي ويسعدك وليلتك تبقى زي الفل إن شاء الله

بسمة : إنت بتبكي يا هدى

هدى : دى دموع الفرح, عمرى كله فات دلوقتى قدام عينى وأنت كنت في كل لقطة أختي وصحبتي وحبيبتي

بسمة : أنا مش عارفة أقولك إيه إحنا طول عمرنا مع بعض في المدرسة وفى البيت والنادي وكل مكان, هفتقدك قوي, وتلتمع عيينها بالدموع

هدى : تمسح دموعها بسرعة لألألألأ كده مش هينفع المكياج هيبوظ

يدخل والد ووالدة بسمة إلى الحجرة وتمر لحظة صمت وتترقرق الدموع في العيون وتتركهم هدى لتذهب لتعد نفسها لحفلة الزفاف فهناك الكثير والكثير من المشاعر والكلام في قلب والد ووالدة بسمة, وهم بحاجة للحظات خاصة بهم كعائلة.

تبدأ مراسم الزفاف تطل العروس بصحبة والدها فتنطفئ الأضواء الا المسلطة على بسمة لتسطع بجمالها الأخاذ وتنزل السلالم تتعلق الأنظار بكل خطوة من خطواتها وبجمالها الباهر, وتتثبت عيون نادر على بسمة كأنه يراها لأول مرة يدق قلبه يريد الصعود ليخطفها ويطير بعيد عن كل العيون ولكن عليه الصبر والانتظار حتى يسلمها والدها له وتضاء الأنوار وتبدأ الحفلة.
السعادة والفرحة على وجوه الحضور تشعر بالسعادة والراحة في المكان فقد اعتنت هدى بكل التفاصيل وتناسق الألوان الحوائط والأرضيات والمقاعد والمفارش وصنعت كوشة راااااااااااااااائعة من الزهور وزينت القاعة بالورود التي تضفي الراحة والجمال على المكان, وتعبق بعبيرها رائحة طبيعية تنعش القلوب وتدخل البهجة في النفوس

تتحرك هدى بخفة فى كل مكان لتطمئن على سير الأمور التي تبدو على ما يرام, ترتدي فستان بلون العقيق الأحمر الداكن, يتعدى الركبة بقليل من السنتيمترات, قماشته من الستان تزينه وردات من نفس اللون صنعت بإتقان وعلى كل وردة فصوص صغيرة من الماس, وهو ضيق حتى الوسط وينزل على اتساع, وترتدي حذاء عالي من نفس اللون تزينه نفس الوردة وجمعت شعرها لأعلى وزينته ببعض فصوص الماس وتركت لبعض الخصلات العنان ويزين صدرها ويدها طقم رقيق جداً من الماس وبعض لمسات رقيقة من المكياج جعلتها تبدو كأميرة خرجت من إحدى القصص الخيالية تبتسم في سعادة فتضئ الحياة ببسمتها وتنطلق من عيونها نظرة بريئة ورقيقة تثير الإنتباه برقتها وعذوبتها تبدو كالقمر ليلة تمامه

 

 

تتلقى التهاني وتقدم الابتسامات والكلمات الطيبة تشعر بسعادة فالحفل يمر على خير ما يرام وبدأ الحضور بالإشادة والإعجاب من تنظيم الحفلة والقاعة وأناقة العروس التي تبدو كملكة متوجة تلتف البنات حول هدى لتأخذ منها وعد بالإشراف على حفلاتهن في المستقبل تسمع كلمات الإطراء “تحفة” “ذوقك حلو أوى” “كنت مخبية كل ده فين” ترد الابتسامات وكلمات الإطراء وتتعرف على الحضور وتجامل أفراد العائلة ومع كل الإنشغال كان قلبها ينتظر, تمر الدقائق وعيون هدى مصوبة تجاه باب الدخول تنتظر صاحب الوجه المحفور في قلبها ستنسى العالم عند حضوره وتتوقف الساعات

شاهى “بغيظ” : هو الفرح ده مفهوش غير الست هدى, مفيش ترابيزة إلا وكل اللي عليها بيتكلموا على جمال الفرح والقاعة وجمال العروسة وطبعا هدى اللي مختارة كل حاجة, شطارتها وذوقها وشياكتها, زهقت جداً وعاوزة أمشى

صفية “والدتها”: مش معقول يا شاهي تمشى إزاي من فرح بنت خالك الناس يقولوا إيه بس؟ إهدي حبيبتي وإفرحي وعقبال لما أشوفك أحلى عروسة

إبراهيم بيه “والد شاهى” : رامي مش ده مراد ابن محمد بيه الأسيوطي صاحب
“أكبر شركة مقاولات في مصر”

رامي “أخو شاهى الكبير”: أيوه يا بابا, هو معزوم ولا إيه؟

ابراهيم : روح استقبله أنتوا اتقابلتوا قبل كده, . ويا سلام لو عرفنا نعمل صفقة مع شركتهم هتكون نقلة كبيرة لينا وتقوى مركزنا في السوق

مراد شاب في العشرينات طويل وسيم ورياضي تلمع عيناه بالذكاء, درس إدارة الأعمال في أمريكا يعرف قدراته وقدرات والده و يتمتع بقدر كبير من الجاذبية والأناقة البارسية ويدير شركة والده باقتدار وفى عالم رجال الأعمال الوقت يقدر بالمال عقد صفقة سريعة مع والد شاهي

مراد “يقترب بثبات نحو هدى وعينيه مصوبة على عينيها”: ممكن أشكرك على ذوقك الرائع في الحفلة

هدى: مرسى أوي لذوقك

مراد : أعرفك بنفسي مراد الأسيوطي ابن خالة العريس

هدى : أهلا وسهلاً بحضرتك

مراد : أنت ماتعرفينيش ولا إيه ؟

هدى : الحقيقة لأ, أول مرة أسمع اسم حضرتك

مراد : صاحب شركة “اكبر شركة مقاولات في مصر” أكيد شركتى ممكن تستفيد بخبرتك, احنا بنقدر الجمال والذوق

هدى “تريد أن تنسحب من الحوار الذي طال”: الحقيقة أنا بشتغل في شركة عمى ومش بفكر أسيبها عن أذن حضرتك

عيون شاهي تراقب الموقف كانت تجلس بقرب مراد ولكن لم تجذب انتباهه, كان مشغول بعقد الصفقة والآن يتكلم مع هدى ويبتسم ويقترب وترى لمعة الإعجاب في عينيه, مراد ذلك الشاب الوسيم الأنيق الغنى الذي يدير أكبر شركة مقاولات درس في أمريكا تتقد نار الغيرة في قلبها وتتخذ قرارها أنه لها ولن يكون أبداً لهدى, تتحرك إلى الجهة المقابلة بفستانها الفضي الضيق صناعة إيطالية مكشوف الكتفين وارتدت عقد من الماس الثمين, تزينت وتجملت لتبدو غاية في الجمال والأناقة ولكن ينقصها الإطلالة الساحرة والابتسامة الجميلة والروح الطيبة اصطحبت والدتها لتتعرف على والدة مراد تسلم عليها تجلس بجوارها ويدور حوار تحاول فيه أن تكون رقيقة مجاملة وتعرض رأيها في الزواج وتقديس الحياة الزوجية وأنها ستتفرغ لبيتها وأولادها بعكس هدى الطبيبة المهندسة ثم نهضت واقتربت من أخيها وهو يتكلم مع مراد فقضت الليلة تقريبا في صحبة مراد تحاول أن تعرف عنه اكبر قدر من المعلومات وتتقرب منه إلى أقصى حد وتقتحم حياته بسلاسة وهدوء ودهاء فهي تمتلك الجمال والأنوثة والذكاء

وصل يوسف إلى الفندق في سيارة أجرة يرتدى بدلة سوداء أنيقة وقميص وردى فاتح ورابطة عنق وردي غامق بها وردات دقيقة بلون العقيق صفف شعره بعناية يمشى بهدوء مشيته الرياضية يمر من بين السيارات الفارهة المتراصة التي تخص ضيوف الحفل دخل من البوابة وسأل عن القاعة فقام المسئول باهتمام وصحبه حتى باب القاعة فضيوف الحفل شخصيات هامة وتعاملهم الإدارة بمنتهى الذوق والاحترام شكر الرجل ووقف للحظات يتأمل المكان غاية في الروعة والجمال ذوق فنان حساس تعج الحفلة بالمدعوين, نساء ورجال مجموعة رائعة من الفساتين الغالية ترتديها الجميلات اللاتي تفننت كل منهن في إبراز جمالها وهذا الكم من المجوهرات الثمينة التي تتلألأ فتبهر الأبصار ومضت أمام عينه صورته طفل صغير يقفز في الهواء ويحاول أن يلمس السماء ليخطف منها القمر تلألأت عيناه بحزنه الدفين الذي يزيد وأحس بوخزة في قلبه وأراد الرجوع ولكن وقعت عيناه على القمر الذي ينتظر تتحرك هنا وهناك تتابعها العيون بإعجاب تبدو كلؤلؤة تشع نور وبهاء يمكن أن تنير البحار المظلمة تبدو كماسة تضوي فتختفي الشمس من ضياءها تبدو كالقمر جميل ورقيق ووحيد تبدو كزهرة ناعمة وحالمة تنشر عطرها الأخاذ يتمنى أن يخفت الضوء لتضئ بنورها الكون ويختفي الناس فلا يبقى غيرها يتمنى لو يخطفها من بين الحضور ويبتعد بها عن كل العيون المعجبة, ليشبع عينيه من جمالها ويسعد قلبه بقربها ويحكى لها عن حبه وشوقه وهيامه بها ولكن من ذا الذي يقترب منها ويبتسم ويطيل الوقوف والكلام يبدو شاب وسيم وغنى ومعجب بها يشعر بالنيران تشتعل في قلبه أوشك على الاقتراب والإطاحة بذلك الشاب الذي يكاد يلتهمها بعينيه, ولكن انسحبت في الوقت المناسب قبل أن يفسد حفل الزفاف لم يعد يتحمل الانتظار وأوشك على الرحيل لولا أن رأته هدى فأسرعت الخطوة ونادت عليه

هدى “تهلل وجهها ودق قلبها ليعزف أجمل لحن ليستقل صاحب الوجه المحفور بداخله”: دكتور يوسف, أنت أتأخرت أوى كده ليه؟ أنا مستنياك من بدري

يوسف “يبتسم فمن يرى وجهها الجميل وابتسامتها “الأخاذة ويتذكر الألم ”

هدى “بفرحة”: عجبك شغلي

يوسف : رائع كله رقة وجمال وذوق,عاملة جو رائع وتناسق مبهر, بجد فنانة

هدى “تضحك”: ياه مش أوى كده لحسن أتغر وأعمل طاووس

يوسف “ينظر لعينيها الجميلتين نظرة تشبعت بالحب: أنت من حقك كل حاجة النهاردة

هدى تصمت من الخجل

يوسف : أنا كده حاسس بالذنب

هدى : حاسس بالذنب ليه ؟

يوسف : لأنى أقنعتك تكملي في الكلية وتسيبي الرسم والديكور اللي بتحبيهم, بعد اللي شوفته النهاردة أشهدلك أنك فنانة بجد

هدى : فنانة مرة واحدة

يوسف : أنت فنانة وجميلة ورقيقة و…. وتوقف فقد أحس أنه أخرج من قلبه الكثير أكثر بكثير مما يجب أن يظل مختبأ داخله

يوسف : ممكن أبارك للعرسان

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى