روايات

رواية وجه في القلب الفصل الثالث 3 بقلم جويرية أحمد

رواية وجه في القلب الفصل الثالث 3 بقلم جويرية أحمد

 

البارت الثالث

 

 

ضعيفة مستسلمة ساكنة وصامتة, أكتم أحلامى وطموحاتى وأحاسيسى ورغباتي, أريد أن أحطم قيودى وأخرج من سجنى الجميل, ولكن سجنى لم يعد يحوطنى من الخارج, تقلص ليحطم عظامى ويقبع داخل قلبى وعقلى أصبحت أخاف من حلمى وأملى ومشاعرى, حياتى كانت ألوان, فأصبحت باهتة بلا حياة, حتى لا أجرح عن غير قصد قلب كل جريمته أنه وقع في الحب
هل أنا إنسانة ضعيفة مستسلمة, أم رقيقة لا أتحمل أن أكون سبب حزن وألم الأخرين؟

شاهى : ازيك يا هدى عاملة ايه؟

هدى : الحمد لله بخير

شاهى : إلحقينى يا هدى

هدى : خير إيه اللى حصل؟

شاهى : معتز ؟

هدى : ماله ؟

شاهى : طلب إيدى من بابا وبابا وافق

هدى (بدهشة ) : ألف مبروك

شاهى ( تنتظر أن ترى نظرة حزن ): الله يبارك فيكى عقبالك

هدى : فين المشكلة ؟

شاهى : المشكلة إنه متسربع أوى على الخطوبة بيحبنى قوي وبيعد الأيام علشان الخطوبة تتم

هدى : ألف مبروك, ربنا يتمم بخير

شاهى : محتجاكى ضرورى, أختار الفستان وشكل القاعة وكل التفاصيل, إنتى عارفة كل حاجة لازم تكون مظبوطة جداً جداً جداً

هدى : من عيوني حبيبتى, الخطوبة هتكون إمتى؟

شاهى : بعد الإمتحانات على طول

هدى : الوقت ضيق جداً, امتحانات سنة تالتة فاضل عليها أسبوعين بس, يا دوب أستعد

شاهى : إحنا إخوات, مش كنت بتقولى كده دايماً, ما تتخليش عنى وأنا محتاجة لوجودك جنبي ضوروي في المرحلة الجاية ؟ ولا ساعة الجد تتخلى عنى؟

هدى (تحضن شاهى وتقبلها ) طبعاً أخوات وأنا تحت أمرك, قولى إنت بتفكرى في إيه؟

شاهى : عايزة أكون أحلى عروسة, الألوان ايه الألوان اللي بتليق عليا أكتر, وأحدث التسريحات والمكياج, والفستان لازم يكون جديد ورائع وتحفة تليق بي. وأهم حاجة إنه يليق عليا, وأكون فيه ولا أحلى أميرة, اما القاعة “الكوشة” وشكلها, لازم تكون جديدة وتحفة وماتعملتش قبل كده, وألوان المفارش على التربيزات, والورد وفساتين البنات وكل حاجة, لازم تختارى معايا وتفرحيني, سمعت إن فيه في الفندق مهندسة متخصصة تنفذ الافكار, ايه رأيك لما نستعين بيها تساعدنا أكيد عندها أجدد الأفكار

هدى تحتضن شاهي بقوة
هدى: ماشي كلامك يا أحلى عروسة, أنت تأمري.

مرت عشر أيام تجتمع هدى وشاهى لساعات طويلة تفكر هدى وترسم ثم تعرض الرسومات على شاهى لتطورها وتعدل منها ثم تطرح فكرة جديدة لتعود هدى تفكر وترسم من جديد, عشرات المجلات عن الموضة والمكياج., تختار منها الكثير ثم لا يعجبها لا هذا وذاك, عشرات التصميمات والألوان والأفكار قامت بها هدى لترضى ذوق شاهى صعبة الارضاء, وبعد الاستقرار على الفستان وفساتين البنات الوصيفات وشكل القاعة والديكور والكوشة وكل هذه الأشياء أعطت هدى لشاهى كل الرسومات والتصورات لتدخل مجال التنفيذ .

 

 

هدى : حفلة الخطوبة كانت حلوة أوى, عقبالك يا جميل

بسمة : عقبالك أنت كمان, بصراحة أنا مش مصدقة اللى حصل

هدى : في إيه؟

بسمة : بتسألى في إيه؟ بعد كل التعب والوقت اللى ضيعتيه مع شاهى علشان التجهيزات, تكون الحفلة شكل تانى خالص

هدى : الغلطة مش غلطتها, هى جت من أسبوع وقالتى إن باباها جاب لها فستان من إيطاليا كان عامله مفاجأة ليها, والتصميمات للقاعة كمان صممها مهندس إيطالى كبير أوى

بسمة : بصراحة اللى حاجات اللى كنت عاملاها أحلى وأرق بكتير

هدى : ماما برضه قالتى كده وزعلت أوى علشان ضيعت وقتى على الفاضى

بسمة : مش عارفة إنتى إستحملتيها إزاى, أنا كنت بقعد معاكم ساعة واحدة بحس إن روحى هتطلع مفيش حاجة عجباها وكل كلمتين تقولك, أصل معتز بيحبنى أوى, أصله بيموت فيا, بيتمنى رضايا بابا هيدفع وبابا مستعد يعملى كل حاجة وطريقتها اللى تنقط وتشل دي

هدى : كنت أعمل إيه؟ أقولها لأ مش هساعدك وهى اللى طلبت منى؟

بسمة : خليكى كده على نياتك, ولا معتز اللى ضيعتيه من إيدك .

هدى : بلاش الكلام ده

بسمة : عنيه كانت عليكى كل الوقت, أكيد لسه بيحبك

هدى : ما ينفعش تقولى كده, ده خطيب شاهى وهى زى أختى بالظبط

بسمة : هدى هسألك ولازم تردى عليا بالصدق

هدى : أسألى

بسمة : إنت بتحبيه؟

هدى : لأ لأ لأ, ومش بحب حد, وإنت عارفة السبب كويس, في كل مكان بتجنب الناس وبتعامل رسمى جداً وبصد أى واحد بيحاول يتقرب منى, أنا مش عايزة أكون السبب في حرج وألم لأي إنسان أنا طبيبة بعالج الناس من الألم ومش ممكن أكون سبب لألم أى إنسان حتى لو غصب عنى

بسمة : بصراحة معتز إنسان ممتاز ما يتسبش ولولا شاهى وحكاية الشقة اللى فضلت ست شهور تعملها الديكورات وتقريبا أقامت عند بابا في المكتب . كنت أنا غيرت الديكورات واتجوزت معتز هههههههههههههه

هدى : يلا إحنا فيها, ما تنزلى المكتب وتشتغلى أى حاجة علشان نكون مع بعض

بسمة : يا بنتى هوه أنا زيك, طول السنة مذاكرة عايزة أريح دماغى وأفرفش شوية من نفسي

 

 

صفاء (زميلة هدى في كلية الطب ) : انتى السنة دى مش عجبانى خالص, حزينة وسرحانة ومش مركزة في المذاكرة

هدى : خلاص يا صفاء مش متحملة أكتر من كده . حاسة في الكلية إنى مخنوقة مش قادرة أتنفس, فى المحاضرات مش بسمع ولا كلمة, ولما بفتح الكتب بتوه في الحروف وتضيع من أدامى

صفاء : أكيد عين وصابتك .

هدى : عين, عين إيه بس الله يهديكى

صفاء : الأولى تلت سنين, أكيد اتحسدتى

هدى : عارفة يا صفاء في الاجازة وانا بشتغل في مكتب عمى بحس بالدنيا والحياة وإنى عايشة, الوان وأشكال وتصميمات وأفكار وخيال, الشقة بتكون طوب وتراب, أبتدى أتخيل وأرسم وأدخل الألوان وأعمل التصميمات, أستغل المساحة الكبيرة, أو أوسع الضيقة وأحول العيوب إلى مميزات, وبعدين ندخل على الواقع تجهيزات وتركيبات وعمال, ألوان الأرضيات والحوائط الإضاءة المباشرة وغير المباشرة واللعب في بالاضواء بيعطى إحساس مختلف, السجاجيد والنجف والستاير التبلوهات والأبليكات والتحف, دى مودرن ودى كلاسيك ودى خليط, أذواق مختلفة, كل مكان بيكون ليه شكل وطابع وطريقة للتفكير, لحد ما تخرجي من تحت إيدك شركة أو مكتب أو شقة لعرسان جداد, إحساس جميل إنك تعملى من لا شىء حاجة جميلة تبهر الناس. أنا حاسة إنى مشتتة بين الكلية والمكتب, نفسى أرجع تانى وأكمل في الشغل اللي بحبه

صفاء : هانت كلها تلت سنين وتخلصى وتعملى اللى إنت عايزاه

هدى : تلت سنين حرام عليكى كتير قوي, كل ما أدخل الكلية أتخنق’ اللون الأبيض الباهت اللى في كل مكان بيقتلنى ويمسح الألوان من حياتى, كل الجدران والأرضيات أبيض باهت كل اللبس للدكاترة والممرضات والمساعدين والمرضى أبيض والسراير حتى الآلآت والأجهزة الطبية كلها أبيض x أبيض ريحة الفورمالين والفنيك والديتول خنقتنى, الآهات والشكوى اللى مش بتنتهى, تعبت مش لاقية نفسى, والسنة دى مش قادرة أفهم أو أركز في حاجة, عارفة لسه ما كملت عشرين سنة, وحاسة إن عندى ميت سنة, هفضل لحد إمتى وعمرى بيتسرب من بين إيديا, خلاص قررت أسيب الكلية .

صفاء : تسيبى الكلية ؟؟؟؟ إنت اتخبلت يا بت, ومستقبلك وسنين المذاكرة والتعب وأنا, أنا أعمل إيه من غيرك؟ تسيبنى, إنت صحبتى الوحيدة وإنت إللى بتذاكري لى

هدى : ما تصعبيش القرار عليا, وبعدين أشرحلك إيه ؟ أنا مش فاهمة حاجة أصلا

صفاء : في حد يسيب كلية الطب ؟ دا أنا مستنية أتخرج بفارغ الصبر علشان أشتغل دكتورة في بلدنا, دا الطب ده أحسن مهنة وبيخدم الناس, كفاية إنك تنقذى مريض من الموت, وتسمعى دعوة حلوة من المريض وأهله . دانا سايبة بلدنا ومتغربة علشان كلية الطب.

هدى : كل الكلام اللى بتقوليه مظبوط وجميل وعلى عينى وراسى, بس أنا مش طايقة الكلية, بقعد في المدرج وعينى على الشباك نفسى أخرج, وبستنى بفارع الصبر المحاضرة تخلص علشان أخرج من المدرج أنتى مش قادرة تحسى بيا, إنت حلمك كلية الطب وحققتيه لكن أنا لأ.

صفاء : كل حلمى أكون دكتورة في بلدنا, بعد وفاة أمى الله يرحمها خدت عهد على نفسى إنى أكون دكتورة وشاطرة كمان, إنت عارفة الستات في بلدنا بتتكسف من الدكاترة الرجالة, وأمى كان عندها سلطان في الثدى وفضلت ساكتة لحد ما وصل لمراحل متأخرة جدا . ولما كشفت كان فات الوقت, الله يرحمها,وإنت كمان عايزة تسيبنى؟ إنتى صحبتى الوحيدة وبتشرحي لى كل الحاجات الصعبة, يهون عليكى أشيل المادة بسببك؟

هدى : الله يرحمها, وإنت يا حبيبتى أكيد هتلاقى صديقة جديدة ,واشرحلك إيه هو هانا فاهمة حاجة إنت كمان؟

صفاء : ركزى واستهدى بالله وإنت هتفهى كل حاجة .

هدى : سبحان الله اللى يشوفك النهادرة ما يشوفكيش أول يوم عرفتك فيه

صفاء : ما يبقاش قلبك أسود, كلهم كان بيقولوا عليكى مغرورة وطالعة فيها ومش بيهمك حد, بنت رئيس قسم المخ والأعصاب والرابعة على الثانوية العامة, وبتيجى الكلية بعربية أحدث موديل ولبسك آخر شياكة, ولوحدك مش بتكلمى حد, وأنا صعيدية ودم حامى جيتي حضرتك بهدلتى هدومى بعربيتك اللى طرطشت عليا طين, فرطنت لك واديتك من المنقي خيار اللى فيه القسمة من البهدلة والزعيق ههههههههههه

هدى : وأنا فضلت أعتذرك وأتأسف لك, وعرضت عليكأوصلك المدينة الجامعة بالعربية أنضف لك هدومك, واشتري لك غيرهم لو عايزة وإنت مش ساكتة ولا حتى عايزة تسمعى

صفاء : ما محبة إلا بعد عداوة ..وبقينا زى السمن على العسل, وعرفتك على حقيقتك, طيبة ومتواضعة .

هدى : مش عايزة أحضر المحاضرة الأخيرة تعالى نخرج من المدرج ونقعد في الكافتريا شوية

صفاء : إلا محاضرة الدكتور سعيد فهمى ده صعب جداً ولازم نحضر

هدى : بصراحة مش بفهم منه ولا كلمة ودماغى مش مستحمله النهاردة ولا جايب معايا

صفاء : أسكتى أهوه جه ومين إللى معاه ده, شكله معيد جديد

لا أهتم بالوجوه وأرسم الطبيعة, الورد والشجر والسماء والماء والطيور, لا أعرف متى خرجت أقلامى وأوراقى, ترسم أناملى, الوجه الأبيض البيضاوى الذى اكتسب بعض السمرة من الشمس والذقن البارز والأنف الحاد, جبهة عريضة يقطعها سواد الحاجب, وعيون بنية واسعة وقوية فيها نظرة ثابتة تخفى الكثير, والشعر الأسود القصير ناعم ولامع ومصفف بعناية, ملامح تحمل الرجولة والوسامة والاعتزاز بالنفس, يجلس باعتدال منصت ومنتبه, يوزع النظرات ويتابع الكلمات في ثبات, يخلو الوجه من التعبيرات ولكن تحمل العيون الكثير من الحزن الدفين .

دكتور سعيد : هدى إشرحي المعادلة إللى قلتها دلوقتي

 

 

صفاء : هدى فوقى دكتور سعيد بيسألك

هدى (بارتباك ) : حضرتك بتسألنى

دكتور سعيد : بسألك ؟ ما أنت حضرتك سرحانة مش حاسة إنك في محاضرة, منتهى الاستهانة والاستهتار. على حد علمى إنك الأولى في السنين اللي فاتت مش كده, بس يا آنسة, التربية قبل العلم وأنت لازم تتعلمي الأدب والاحترام للمحاضر اللي تاعب نفسه وواقف علشان يوصلك معلومة ممكن تفيدك في الامتحان ولازم تعرفى إزاى تنتبهي في المحاضرة, وأقل عقاب للأولى على الدفعة إنك حضرتك محرومة لآخر السنة من حضور محاضراتي ودرجات الشفوي, صفر

صفاء : كفاية يا حبيبتي هدى نفسك

هدى تحول وجهها إلى اللون الأحمر وعيناها أصبحت مثل ثمرة الطماطم الناضجة تبكى بصوت مسموع وتصدر شهقات متتالية

صفاء : يا ريتني سمعت كلامك وخرجنا قبل المحاضرة

هدى (تقوم وتجمع كتبها وأوراقها بسرعة ) : مش جاية الكلية دي تاني خلاص كفاية كده

صفاء ( تجرى خلف هدى لتلحق بها ): يا بنتى استني واستهدى بالله, ما ينفعش تسوقى وأنت في حالتك دى.

تخرج هدى بسرعة من باب قاعة المحاضرات لتصطدم بشخص وتسقط الكتب والأوراق من بين يديها على الأرض وتنحني معه في وقت واحد لتجمع الكتب والأوراق ومن بينهم صورة الوجه الذي رسمته في المحاضرة تمسك بالصورة وفى نفس الوقت يمسك بها الشخص فيراها فتسحبها هدى بسرعة لتضعها بين الأوراق ثم تعتدل وتأخذ باقى الكتب وترفع وجهها لتعتذر عن الاصطدام لتصدم بنفس الوجه الذي رسمته من قليل نفس الملامح ولكن نظرة العين الثابتة تغيرت إلى نظرة تحمل التعجب والكثير من الشفقة, تتسارع دقات قلبها وتنخفض حرارتها الملتهبة من الانفعال لتصبح كتمثال من الثلج لا تقوى على الحركة, مرت لحظة الصمت وكأنها دهر تريد الهروب وتأبى الأقدام التحرك

صفاء : استنى يا هدى أنا جاية معاكى

هدى (التي ما إن سمعت صوت صفاء حتى عادت إلى الواقع ولم تجد غير الهروب والاستمرار في الهرولة إلى أن تصل للسيارة وتركته بين التعجب والذهول من تصرفاتها الغريبة

صفاء : كفاية جرى تعبت ونفسى اتقطع حرام عليكي

تتعثر هدى وتكاد تسقط, فالرؤية غير واضحة من الدموع, ورأسها يدور من الأفكار التي اختلطت داخل رأسها, الاختناق وكلمات الإهانة والصورة وصاحب الصورة, كل هذه الأفكار تتزاحم لتشوش على عقلها فتلحقها صفاء قبل أن تنهار وتمسك يدها وتأخذ منها الكتب والأوراق وتقودها بهدوء إلى الكافتريا
لم تمر غير دقائق قليلة وصفاء تحاول تهدأت هدى حتى رأت صاحب الوجه يتقدم نحو الفتاتين ممسك بيده كوبين من عصير البرتقال

الشخص : ممكن تشربي العصير علشان تهدى شوية

هدى (تخفى وجهها الذى عاد إلى التوهج باللون الأحمر بين يديها فهى لا تريد أن يراها أو تراها وهى تعلم أنه رأى الصورة وعرف أنها له, كل ما تفكر فيه, هو ماذاالذي سيقوله عنها؟ لماذا رسمت صورته ؟ كيف تهرب من أمامه مرة أخرى؟)
الشخص : بصراحة رد فعلك زيادة أوى, ليكى حق تزعلى وتتنرفزى بس مش للدرجة دي

صفاء : أصلها كانت مخنوقة شوية وعايزة تسيب الكلية

الشخص : تسيب الكلية مرة واحدة, ليه كل ده ؟

صفاء : أصلها بتحب الرسم وبتكره كلية الطب والدها هو اللى غاصب عليها

هدى تنزل يدها من وجهها وتنظر لصفاء شذراً لتتوقف عن الكلام ويراها الشخص ويفهم قصدها

الشخص : أحب أعرفكم بنفسى, دكتور يوسف, معيد في قسم العظام

صفاء : صفاء عبد المقصود صالح وهدى شاكر عبد اللطيف

دكتور يوسف ( وقد تغيرت نبرة صوته الى الحزم ): إشربي العصير بلاش دلع بدل ما شربهولك بالعافية ضغطك بينخفض وممكن يغمى عليكى ونضطر ننقلك للمستشفى ونركبلك محاليل,( وفى اللحظة يتقدم النادل ومعه طبق به عدة سندوتشات طلبها يوسف من قبل ) و كمان تاكلى السندوتشات دي كلها وإلا هأكلها لك برضه بالعافية

لا تجد هدى أمامها غير شرب العصير وأكل السندوتشات فهى لا تقوى على السير أو الكلام أو حتى أن ترفع رأسها لتجادله, وفى هذه الأثناء كانت صفاء تحكى للدكتور يوسف عن هدى وحالتها النفسية وأنها غير قادرة على الفهم والتركيز, حتى هدأت هدى وتوقفت الدموع عن الهطول وعاد لون وجهها إلى الابيض المشرب ببعض الحمرة ولكن تشعر بالبرد فنحن في شهر نوفمبر وكانت تتصبب عرقا من البكاء والانفعال وعندما هدأت شعرت بالبرد وتسببت نسمة من نسمات الخريف في أن تعطس

يوسف : يرحمكم الله, أنت هتتعبى ولا إيه,( وهم بخلع الجاكت وإعطائه لها)

هدى (أخيرا وقد طاوعها لسانها على الكلام أخيراً ): لأ شكراً مافيش داعي الجاكت بتاعى في العربية
يوسف ( بحزم ) : عقبال ما توصلى العربية يكون جالك نزلة شعبية ترقدى فيها شهر, بلاش تجادلى وقام بهدوء ووضع الجاكت على كتفها

وبعدها لا تدرى هدى الدفء الذي دب في جسدها من الجاكت أم من الخجل

يوسف (وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامه جميلة وارتسمت في عينيه نظرة حانية وتكلم بصوت يملؤه الحنان) : أنت كده شكلك بقي أفضل وشك رجع للونه الطبيعى وشفايفك احمرت كنا فين شوية وشك يحمر زى الطماطم وشفايفك تزرق وشوية وشك يصفر وشفايفك تبيض .

صفاء : ربنا يكرمك يا دكتور مش عارفين نشكرك ازاى؟

هدى ( نهضت ووجهت كلامها لصفاء ) : يلا علشان نروح إحنا أتأخرنا أوى وماما هتقلق

ثم وجهت كلامها ليوسف : شكراً يا دكتور وآسفة أوى إنى عطلتك, وهمت بخلع الجاكت ولكن يوسف أوقفها

يوسف: العفو خلى بالك من نفسك, وخلى الجاكت معاكى وهاخده منك بكره

هدى : معلش خده دلوقتى, لأنى مش جاية الكلية تانى

يوسف : هتيجى وهتكملى وهتنجحى بامتياز زى كل سنة

هدى تتغير ملامح وجهها للضيق

يوسف : بلاش تاخدى قرار وأنت غضبانة ومنفعلة .استهدى بالله واتوضى وصلى ركعتين لله وكل مشاكلك هتتحل, وأنا مستعد أشرح لك كل الحاجات اللى مش فهماها وأما دكتور سعيد فمشكلته ممكن تتحل إن شاء الله

أخرجت هدى نفس طويل, ولم ترد

يوسف : هنتظرك بكرة,و… تجيبى الجاكت معاك, أنا محتاجه, وإلا جالي نزلة برد أنا كمان, يرضيكي

هدى تجمع الكتب والأوراق من فوق الطاولة لتظهر صورة وجه يوسف مرة أخرى فيراها ويبتسم ابتسامة تضىء الحياة وتعيد الألوان حول هدى, ويدق قلبها دقات متتالية وترتكبك ويحمر وجهها.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى