رواية وتعانقت الأرواح الفصل السادس 6 بقلم الست ورد
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية وتعانقت الأرواح الفصل السادس 6 بقلم الست ورد
البارت السادس
..6..
“الحقيني يا ماما.”
“في إيه يا دنيا؟”
“جوزي يا ماما…”
صرخت زينب فيها وأردفت:
“حصل إيه؟ وقعتي قلبي! انطقي يا بت.”
“المحروس جوزي طلع متجوز عليا ومخبي، وعنده عيال يا ماما.”
قامت والدتها منفزعة وأردفت بعصبية شديدة:
“إزاي يتجوز عليكِ؟ هو اتهبّل في عقله ولا إيه؟”
ضحكت “ريم” بسخرية، نظرت لها زينب بغضب، لكنها أشارت على التلفاز بسخرية:
“المسرحية حلوة بشكل يا حماتي… عسل.”
لم تهتم زينب لها وأكملت حديثها مع ابنتها:
“لمي هدومك وحاجتك وتعالي، وإحنا هنعرفه مقامه كويس. مش دنيا الشافعي جوزها يتجوز عليها!”
ضحكت “ريم” هذه المرة بقوة وهي تترك لها الصالة بعدما انتهت من الفشار الذي تأكل منه.
“حاضر يا ماما هعمل كدا… منه لله وربنا ينتقم منه ويكسره زي ما كسر بخاطري كدا.”
_
في مكان آخر، بمركز الشرطة، كانت الشرطة تحقق مع مازن.
“والله يا فندم أنا معرفش مين اللي حط المخدرات دي في الدولاب.”
ضرب الضابط بقوة على مكتبه:
“إنت هتستعبط يا لا؟ فاكرنا عيال ولا إيه؟ الاكياس دي كانت دقيق”
“أمال حضرتك قصدك على أنهي؟”
اقترب منه الضابط على غفلة وهو يمسك بياقة قميصه:
“المخدرات… والسلاح… والعملات الأجنبية اللي كانت في الحيطة يالا!”
اصفرت ملامح “مازن”، وابيضّت مفاصل يده، وبرزت عيناه بقوة. فضحك الضابط:
“إيه القُطّة كلت لسانك يا نوغة؟”
شد ياقة قميصه بقوة وأردف بصرامة:
“هتعترف… ولا تشيل الليلة وتاخد سجن مؤبد؟”
“هعترف يا بيه… هعترف… بس أيوس إيدك متحبسنيش!”
الكلمة جننت الضابط، فبكف يده نزلت صفعة قوية على وجهه، ثم أمسك ياقة قميصه مرة أخرى:
“يا ابن ***، بسببك وبسبب اللي أشكالك، يا ***، الرجالة والشباب بتتدمر يا ***”
وبقبضة يده الثانية، كانت تنزل على وجهه بقوة مع كل كلمة:
“دمّرتوا الشباب… دمّرتوا البلد بسبب القرف اللي بتبيعوه.
بسببكم ماعدش في شباب، بقوا شوية مساطيل ماشية على الأرض.
الشباب بقوا مدمنين بسببك يا كلب… وبسبب أشكالك!”
مع كل كلمة كانت قبضته تنزل على وجهه.
الضابط فقد ابنه الوحيد بسبب طريق المخدرات، وأصبحت حياته لعنة لم تزُل.
أصبح وجه مازن ملطخًا بالدماء، وهو يستحق أكثر من ذلك.
تركه الضابط ونده على العسكري:
“شيل الزفت ده.”
أمسكه العسكري من يديه وأدخله الزنزانة، بينما مسح الضابط وجهه بعصبية.
_
بعد مرور أسبوعين، رفعت “جويرية” قضية طلاق على زوجها.
بحثت عن شركات تحتاج مترجمين، وقدمت في أكثر من شركة معروفة في السوق.
كانت حياتها هادئة خلال هذه الفتره ، لم تكن تتصور أن يأتي اليوم الذي تتخلص فيه من زوجها.
أما “منال”، السيدة الحنونة والراقية، فلم يتخيل أحد أنها كانت يومًا مشردة بسبب أولادها.
وخالتها “نوسة”، التي اكتشفت أن اسمها الحقيقي “فيروز”، لكنها بسبب مرض “الزهايمر” نسيت اسمها، وأطلقت على نفسها “نوسة”، فصار الجميع يناديها به.
أما ذلك الشخص الذي ساعدها كثيرًا… “قصي”.
لا تعلم جويرية ماذا فعلت لله حتى يوقعه في طريقها.
كان حنونًا، ورغم أنها لم تره إلا مرات قليلة، إلا أنه ترك أثرًا كبيرًا.
_
“مراتك رافعة عليك قضية.”
“جويرية؟”
أطلق المحامي الخاص بـ”مازن” تلك الكلمات، فأردف مازن بذهول:
“هل ستتركني حقًا؟”
أخذ المحامي نفسًا طويلًا:
“أظن المفروض إنك تطلقها يا مازن… كفاية كدا.”
اتسعت أعين “مازن” بقوة:
“بس أنا بحبها!”
“بتحبها؟ تقوم تتجوز عليها يا مازن وتحرق قلبها؟
طلّقها يا بني… وسيبها تشوف طريقها.
إنت وراك مشاغل مايعلم بيها إلا ربنا.
يلا، امضي.”
أخرج حينها أوراق الطلاق.
بلع مازن ريقه بقهر لم يشعر به إلا الآن.
“امضي.”
قالها مازن بشرود، فحثه المحامي على ذلك.
وبدون شعور منه، وقّع على أوراق الطلاق.
يبدو أنه سيكون اليوم عيدًا.
_
“أحلف”
“والله المحامي بتاعه جابلي الأوراق وهي ممضية.”
“يعني كده خلاص بقيت حرة؟” قالتها بدموع وهي تشعر بسعادة غامرة لم تشعر بها منذ سنوات كثيرة.
“أحمدي ربنا يا بنتي إنك خلصتي منه، والحمدلله بقيتي حرة وطليقة.”
“الحمدلله… الحمدلله لك يا رب.”
أغلقت معه وهي تصرخ من فرط فرحتها.
سمعت طرقات عنيفة على باب منزلها، فتحت الباب بترقب فرأته يقف أمامها مذعورًا:
“أنتِ كويسة؟ كنتِ بتصوتي ليه؟ في حد جوه؟ حد بعتلك رسالة؟ حد آذاكِ؟ أذيتي نفسك؟… أنطقي ساكتة ليه؟”
قال كلماته الأخيرة بغضب، فشعرت بشيء ما يدغدغ معدتها وأردفت بتذمر:
“هو إنت سايبني أرد؟”
ثم أكملت حديثها بحزن مصطنع:
“ده مازن موافقش على الطلاق.”
لعن تحت درسه وكاد أن يشتم بصوت مسموع، لكنه رأى ابتسامتها مرسومة على وجهها، فأردف بغيرة لم يعهدها من قبل:
“أنتِ مبسوطة إنه موافقش يطلقك؟”
“يوووه يا قصي.”
أكملت حديثها بحماس:
“بقيت حرة.”
رمش عدة مرات قبل أن يستوعب كلامها، فحملها بدون وعي منه ودار بها تحت صدمتها.
وعندما تركها، أمسك وجهه بكفيه وأردف بدون وعي:
“أنتِ مش عارفة أنا سعيد قد إيه.”
رمشت عدة مرات، وزاد دغدغة بطنها، فشعر بنفسه وأبعد عنها بإحراج:
“أحممم… أنا… أنا… السلام عليكم.”
قال كلماته وهو يذهب بسرعة ناحية شقته بدون أن يلتفت لها.
ضحكت بخفة وهي تبتسم بسعادة، فهي الآن تخلصت منه.
_
“أعمليلك مصلحة بدل ما أنتي قاعدة زي قلتك قاعده أربعة وعشرين ساعة على الشاشة.”
“في إيه يا حماتي؟ عروسة وبتتدلع… مش كفاية جوزي اللي سافر فجأة تبع شغل ومعرفلوش مطرح؟ وتلاقيه دلوقتي عند السنيورة.”
قالت كلماتها الأخيرة بحقد جواها.
“لأ في الشغل، متخافيش… لأنه طلقها.”
قامت من مكانها بسرعة “ريم” وأردفت بسعادة:
“يا بركة دعاكي ياما، الحمد لله خلصنا منها.”
“طب يلا قومي أعمليلك أي مصلحة.”
“بنتك أهي تعمل.”
“أنتي عايزة بنتي تخدمك؟”
“وأنتي عاوزاني أخدمك أنتي وبنتك؟ وبقولك إيه، لأ… متفكرنيش جويرية، أنا ريم اللي بتعمل اللي هي عاوزاه. هتقوليلي بقى اكنسي، روّقي، اعملي ده… عند مامي ماشي يا حماتي. وابعدي بقى من هنا علشان اللقطة دي حلوة أوي.”
جلست مكانها وهي تتمدد على الكنبة أمام الشاشة، وكانت “زينب” تنظر لها بضجر.
_
“عندنا فرح ولا إيه؟” قالتها “نوسة” وهي تسمع صوت الأغاني من شقة “منال”.
ابتسمت لها منال وأردفت:
“جويرية جوزها طلقها، فعاملين حفلة على الضيق.”
مطت نوسة شفايفها بحسرة وأردفت:
“كنت عارفة إن الحربوئة دي عينيها منه.”
رفعت منال أحد حاجبيها وسألت:
“من مين؟”
“من قصي… جوزي.”
اتسعت ابتسامة منال وأردفت بخبث:
“راسك أبوسها يا نوسة… تصدقي فكرة نجوزهم لبعض؟”
“تجوزي مين؟”
قالها “قصي” وهو يقترب منهم.
فأردفت “منال” بخبث:
“الواد عبدالله لما عرف إن جويرية اتطلقت، قال هبقى أخطبها بعد العِدة.”
“والله؟”
“والله.”
“ربنا يوفقهم ويهنيهم… بعد إذنكم.”
نظرت منال إلى نوسة بابتسامة ماكرة:
“شوفي يا نوسة… ملامحه اتغيرت إزاي؟ ابننا واقع من الدور العاشر.”
_
بعد مرور 4 شهور…
كان “قصي” يتجنب “جويرية” كثيرًا، فأغلب وقته كان في الشغل ولا يأتي إلى المنزل إلا متأخرًا في الليل. كانت مستغربة من تصرفاته.
عملت في شركة وافقت عليها، وخلال هذه المدة كانت تحت التدريب، ومنذ شهر تقريبًا تم قبولها بالعمل رسميًا. كانت متقنة في اللغة كأنها عاشت هناك.
أما “مازن” طليقها، فاتحبس 15 سنة.
زوجته رفعت عليه قضية خلع.
والدته أصابها المرض.
وأخته رجعت لزوجها بعدما هددها بأولادها.
كما كانت “زينب” تقول:
“لعنة وأصابتهم.”
_
“في عريس متقدملك.”
“والله يا خالتي؟ وأنتِ موافقة؟ أنا مش موافقة.”
“أيوه موافقة… ده زين الرجالة كلهم. ومش هتلاقي حد يحبك ولا يقدرك غيره يا هبلة، اسمعي مني.”
“ومن ده بقى؟”
“قصي.”
“ده اللي هيحبني؟ مش هلاقي حد يحبني قده يا خالتي؟ بقاله 4 شهور متجنبني ولا كأني واكلة ورثه.”
ضحكت “منال” بخفة وأردفت:
“أنا اللي قولتله إن في حد متقدملك، فهو بعد عنك.”
“وأنتِ ليه قولتيله كده؟”
أخذت منال نفسًا:
“علشان يقول أنا عاوزها.”
ثم أمسكت يديها وقالت بصدق:
“بصي يا بنتي… قصي لولاه العمارة دي ماكنتش موجودة. قصي من أجمل وأشهم الرجالة اللي هتقابليهم في حياتك.
قصي مش ابني اللي ربيته… اللي ربيته باع بيتي وبقيت أنتقل من البيت ده للبيت ده لغاية ما ابني الكبير رماني في دار مسنين.
لما بشوف شهامته بقول أنا عملت إيه غلط في حياتي علشان عيالي ميكونوش زيه؟ بس بحمد ربنا إن وقعني في طريق قصي .
كان عايش في شقة صغيرة وساعدني أشتري العمارة من تاني. اشتريت نصها، ولما شريكي التاني مات لقيته كاتب النص بتاعه باسمي. لولا قصي مكنتش هنا ولا العمارة بالشكل ده.”
مدت “جويرية” يديها ومسحت دموعها التي خانتها وهي تحكي عن معاناتها:
“طب وهو ساعدك إزاي؟”
ضحكت “منال” من بين دموعها:
“باع الشقة اللي كان عايش فيها، وكان محوش قرشين. وأنا بعت دهبي… كانوا غوشتين وحلق. وشغله وقتها كان مرتبه حلو بالنسبة لشاب زيه.
والحمد لله بسبب شهامة الراجل، قلل فلوس البيع واشتريتها.”
شعرت “جويرية” بلحظة فخر تجاهه… شعرت أنه سيغنيها عن كل ما مرت به من حياتها.
“ها… قولتي إيه؟”
ابتسمت “جويرية” بكسوف:
“هصلي استخارة… واللي ربنا رايده خير بإذن الله.”
حضنتها منال وكادت أن تزغرط، فضحكت جويرية:
“يا خالتي لسه هعمل استخارة.”
“قلبي حاسس إنك هتوافقي.”
_
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.”
كلمات أطلقها المأذون كانت بمثابة بداية جديدة وحياة جديدة برفقته.
علمت أن بعد الصبر عطاء، وكان عطائي قصي.
كان رجلًا بكلمة حق، رغم شهامته ووسامته إلا أني وقعت في حبه وما كنت أدري بهذا الشيء إلا حين أصبح حلالي.
أتذكر عندما أخبرني بعد خطوبتنا عن ذلك اليوم الذي انهرت فيه:
“كنت خايف ومرعوب، كنت عاوز أروح أقتله علشان وصلك للحاله دي… مكنتش عارف مالي غير إني كنت خايف عليكي. حتى خوفت عليكي من نفسي وندهت لطنط منال تجيلك.”
حينها علمت أن اختياري له لن أندم عليه طيلة حياتي.
واليوم، بعد مرور سنة، أمسكت في يدي اختبار حمل، وكانت المفاجأة… والعطاء خطين يزينون الاختبار.
شعرت بالسعادة، كنت أبكي من فرط فرحتي وحمدي لربي.
تذكرت عندما كانت حماتي تقول إن العيب فيني وليس في ابنها، حتى أصبحت تلك الكلمات تلتصق بعقلي كالصمغ… فرديت بالواقع.
“أنتِ بتعيطي؟”
ثم أكمل حديثه وهو يأخذني في حضنه ويطبطب علي ظهري بحنو:
“يا بنتي بقى أربعه وعشرون ساعة عياط؟ ده أنا تعبتلك والله.”
خبطته بخفة في كتفه، فتأوه باصطناع.
ابتعدت عنه قليلًا وأنا مازلت في حضنه، ورفعت يدي أمام عينيه بالاختبار.
وكانت المفاجأة:
“ده إيه ده يا جويرية؟ اختبار مخدرات؟!”
تدرون نظرات الصدمة والاستغراب والغضب والتفاجؤ في عين واحدة؟
هذه كانت حالتها.
“اختبار مخدرات؟!”
ثم أكملت حديثي وأنا أبتعد عنه:
“أنا خايفة عيالي ياخدوا الغباء منك.”
أمسك يدي وهو يضحك:
“طب إيه ده؟ فهميني.”
“اختبار حمل يا قصي… بوظت المفاجأة.”
“هي نوسة حامل؟ عملتها إزاي دي؟”
“قصي!”
“عيون قصي.”
“حاسه إني اتسرعت.”
“واللي في بطن…”
لحظة يا جماعة لحظة الحمد لله لقد تدارك الوضع.
“أنا حامل!”
ضحكت جويرية بخفة:
“أيوه.”
حملها على حين غفلة، ودار بها وهو يضحك ببلاهة حرفيًا ما بعد الغباء.
أنزلها وابتسامته واسعة:
“أنا أسعد إنسان في الدنيا.”
قال كلماته وهو يدور بها مرة أخرى تحت ضحكاتها.
_
“إيه يا حبيبي؟ مجمعنا ومقعدنا ليه ومحدش راضي يتكلم؟”
كان قصي وزوجته يجلسان في الحديقة، وأمامهم منال ونوسة.
نظر قصي لجويرية، والإثنان أردفا في نفس الوقت:
“أنا حامل.”
“أنا حامل.”
تدارك قصي الوضع وأردف:
“هي حامل.”
أطلقت منال الزغاريط، ثم أردفت نوسة بابتسامة:
“هي فيها صحة… أنا مفياش.”
ضحكوا جميعًا على حديثها، واقتربت منهم منال وهي تحضنهم بقوة.
في تلك الأثناء، تلاشت ابتسامة قصي، وحل الغضب على وجهه عندما رأى والديه يدخلان من العمارة.
لاحظت جويرية تجهم وجهه، وعندما دققت في ملامح والده علمت أنه والده لأنه يشبهه إلى حد كبير. وبالتأكيد التي معه هي والدته.
تركها قصي ووقف أمامهم.
اقتربت منه والدته بدموع، أرادت أن تضمه إلى حضنها، لكنه أوقفها بيديه.
“خير… جايين ليه؟”
اقترب منه والده وأردف بصرامة:
“مكناش نعرف إنك هنا، وأكيد لو كنا نعرف مكناش جينا هنا وشوفنا أشكالك.”
اقتربت منه جويرية ومنال ونوسة، فرأى والده اقتراب جويرية منه وهي تمسك يده لتطمئنه أنها معه.
ارتسمت ابتسامة على وجه والده بسخرية، وأردف:
“ودي واحدة طبعًا من اللي بتقضي معاهم ليلة ولا إيه؟ مانت *** معرفتش أربيك.”
رن صوت الكف في المكان.
والده وضع يده على وجهه بصدمة وغضب، ورفع أنظاره ناحية الفاعل…
كانت نوسة، التي رفعت حذاءها أمام وجهه، وأردفت بعصبية:
“ابنك أشرف من الشرف، أنت فاهم؟ أنت اللي ***.
لو ابنك مش هيعرف يرد عليك، أنا اللي هرد عليك يا راجل يا ***.
لو شوفتك هنا تاني، يا راجل يا ***، هخلي وشك شوارع. أنت فاهم؟ يلا امشي من هنا!”
كاد أن يرفع يده عليها، لكن قصي أوقفه عندما أمسك يده:
“لو سمحت، خد مراتك وامشي من هنا.”
“مش ماشي يا قصي… بصفتك مين هتمشيني؟ وشوف هتمشيني إزاي. ولا عاوزني أمشي علشان مشوفش فشلك؟”
اقتربت منهم منال وأردفت:
“بصفته مالك العمارة دي. العمارة بتاعة قصي ابني. والحمد لله قصي مش فاشل… عنده شركة صغيرة وبيكبرها، وهو صديقه، والعمارة باسمه، والناس بتحبه. ومسمحلكش تقول على ابني فاشل.”
صدمهم جميعًا حديثها، فاقتربت منه والدته وأردفت:
“وأنتي بتتدخلي ليه أصلًا؟”
“بتتدخل بصفتها أمي اللي ربتني في الست سنين اللي عدوا عليا. ولو سمحتوا، ملكوش مكان هنا.”
أخذته جويرية وصعدت به إلى طابقهم، وحين أغلقت الباب، أخذته في حضنها وربتت على ظهره.
شعرت بدموعه على كتفها، فبلعت ريقها بتوتر، فهي لم ترَ زوجها يبكي من قبل.
“كنت فاكرها هتاخدني في حضنها… كنت فاكرها هتعاند وتضمني أكتر لحضنها. خايف لأكون كرهم… لو كرتهم، هكون كده ابن عاق.”
قالها وهو يبعد عنها ببطء، فأمسكت وجهه بين كفيها ومسحت دموعه برفق وهي تبتسم:
“أنت أفضل ابن شوفته في حياتي. وبحسد ابني أو بنتي إن عندهم أب زيك يا قصي… أنا بحبك أوي.”
ضمتها مرة أخرى لحضنه، فابتعد عندما سمع طرقات على الباب.
فتح، فرأى منال، فاقتربت منه وهي تضمه:
“طول عمري بشكر ربنا إنه بعتلي ابن زيك يا قصي. أنت أفضل وأحن وأغلى نعمة في حياة أي إنسان يا قصي.”
“يوووه بقى! كل شوية ألاقي واحدة شكل بتحضنه.”
قالتها نوسة وهي تدخل الشقة.
ضحكت جويرية وضمتها:
“بس إيه الحلاوة دي يا نوسة؟ بجد الكف رن في المكان!”
“عاوزاني أسمع حد بيهين جوزي وأسكتله؟ وبعدين أنا كنت متضايقة أصلًا.”
“ليه كده؟”
“أصلك خطفتي جوزي.”
ضحكوا جميعًا بسعادة، فضمها قصي إلى حضنه:
“وأنا أقدر يا كوتي؟ إنتي دنتي الحتة الشمال.”
“بجد يا ولا؟”
“بجد يا عيون الولا.”
أردفت جويرية بعبوس مصطنع:
“قصي.”
“عيونه.”
ابتسمت بخجل، فأردفت نوسة وهي تمصمص فمها:
“شوف شوف يا ولاد… مكسوفة.”
ضحك قصي وأردف بهيام.
“إذا ما خَفَضتِ الطَّرفَ سِترًا لخَجْلِكِ
ظنَنْتُ النُّجومَ انْطفَتْ مِن جَمالِكِ
ويَحسَبُ بَدرُ اللَّيلِ أنَّ ضِياءَهُ
مُعارٌ، وقد أودَعتِهِ في وَصالِكِ
فلو أبصَرَتْكَ الشَّمسُ غارتْ ضياؤُها
وما ضَحِكَتِ الدُّنيا سوى لِخَيالِكِ”
.. تمت بحمد الله..
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية وتعانقت الأرواح)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)