رواية وتعانقت الأرواح الفصل الثالث 3 بقلم الست ورد
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية وتعانقت الأرواح الفصل الثالث 3 بقلم الست ورد
البارت الثالث
..3..
وبسبب معيشتهم الفقيرة، التي أجبرتهم على السكن في حارة لا ترحم أحدًا من نساء أو رجال، كثرت الأحاديث حولها والافتراءات… حتى ظهر عمها في ذلك اليوم الذي دمّر حياتها إلى اللحظة التي هي فيها.
كان والدها دائمًا يشكو لها من أخيه المتعجرف، لذلك كانت تتجنبه طوال حياتها. أما والدتها فلم تستطع منعه، لأنها وحيدة، والناس لا يرحمون بالكلام. وفي ليلة جاء عمها ومعه عريس لها.
ـــ Flashback ـــ
بعد آخر امتحان لها في المرحلة الأولى بالجامعة، وبينما كانت عائدة إلى منزلها بعد أن ودّعت صديقاتها، تفاجأت بوجود عمها ومعه شاب في منتصف العشرينات، جالس في صالة البيت، ووالدتها تنظر إليها بحزن.
“تعالي سلّمي على عريسك يا جويرية.”
“عريسي؟”
قالتها بدهشة واستغراب.
“إيه يا عمي، أنت مش قايل قولت للعروسة وموافقة؟”
ضحك عمها باصطناع، ثم نظر إليها نظرة حادة جعلتها تبتلع ريقها بخوف.
“هي بس مكسوفة شوية، أنت عارف البنات… مش صح يا جوجو؟”
قال كلماته الأخيرة بحزم، جعلها تهز رأسها بخوف. اقترب منها وهو يحتضنها، وهمس في أذنها:
“أقسم بالله لو حسيت بأي حركة غدر، هقطم رقبتك. فاهمة؟ هتتجوزيه ورجلك فوق رقبتك، علشان ما أفضحكيش وأقول للناس إنك كل يوم مع شاب.”
اتسعت عيناها من وقع كلماته. كان شعور القهر يخنقها، فعمّها على استعداد أن يطعن في شرفها كذبًا.
أمسك بيدها وأجلسها أمام العريس، الذي ابتسم ابتسامة لم تُشعرها بالراحة.
“بُص يا بني، خير البر عاجله. السبت الخطوبة، والخميس كتب الكتاب. علشان كلام الناس، ما ينفعش تفضل رايح جاي كده.”
أرادت أن تعترض، لكنها فكرت: ماذا سيحدث إن تكلم عمها في شرفها؟ كيف ستُبرّئ نفسها أمام الناس؟ يا الله…
تمت الخطوبة، وفي نفس الأسبوع كان الزواج. ومنذ ذلك اليوم بدأت ترى ما لا يطاق. الشيء الوحيد الصحيح الذي فعله معها، أنه سمح لها بإكمال تعليمها، حتى أصبحت مترجمة.
ـــ Back ـــ
نامت مكانها، واستيقظت على صوت القطار. حملت حقائبها وتوجهت نحوه، جلست بجانب النافذة وأغمضت عينيها.
شعرت بيد توضع على كتفها وصوت يناديها:
“يا آنسة… يا آنسة.”
فتحت عينيها على صوته، كان محصل القطار. أخرجت النقود من جيب بلوزتها وأعطته ثمن التذكرة، ثم عادت تنظر إلى النافذة وغفت قليلًا.
بعد فترة طويلة، استيقظت لتجد شخصًا يجلس بجوارها، وكانت مسندة على كتفه. شعرت بإحراج شديد وقالت بخجل:
“أنا آسفة جدًا حضرتك.”
ابتسم لها برقة وقال:
“ولا يهمك يا آنسة.”
لم تصحح معلومته، ولن تصححها بعد اليوم. ابتسمت فقط، ثم عادت بنظرها إلى النافذة لترى العالم من خلالها.
“حاطين جُملة صيني في أم الكتاب ليه… مش عارف.”
هل يخاطب نفسه؟ ربما يخاطبها، فهذا أهون من أن يكون مجنونًا يحدث نفسه.
“أفندم؟”
ابتسم بحرج، وهرش لحيته المصُففة بعناية.
“كنت بكلم نفسي.”
“لو عايز تترجم حاجة أو أي مساعدة قولي.”
“مش عاوز أزعجك.”
“لأ خالص، أصل أنا قاعدة فاضية ما بعملش حاجة.”
مد يده إليها بالكتاب وأشار إلى جملة مكتوبة بالصينية. قرأتها وأخبرته بمعناها. وكلما صادف كلمة بالصينية، كانت تترجمها له.
“ما شاء الله عليكِ، طلعتي بروفيشنال في اللغة.”
ضحكت بخفة، وقالت بخجل:
“يعني طلعت بروفيشنال من ترجمتي لكام جملة بسيطين؟”
“دول بسيطين؟ مش بقولك بروفيشنال.”
“شكرًا لحضرتك.”
مد يده إليها بابتسامة:
“أنا قصي.”
صافحته بابتسامة وردّت:
“وأنا جويرية.”
“أنتِ مسافرة لحد؟”
هزت رأسها نافية:
“لا.”
“شُغل يعني؟”
هزت رأسها نافية:
“هربت.”
“جدعة والله، شابو علي… إيه؟!”
أردف كلماته الأخيرة بصدمة، ثم أكمل حديثه وهو يشعر بإحراجها:
“أنا آسف لو بدخل… بس لو عاوزة تفضفضي، فضفضي. كده كده مش هنتقابل تاني، والطريق طويل.”
معه حق، لن تراه ثانية. فلن يحدث شيء إن أخبرت شخصًا لا تعرفه. أخذت نفسًا، وحكت له ما حدث بالتفصيل، تحت وقع صدمته واستغرابه وإعجابه بقوتها.
“أنتِ قوية أوي يا جويرية، إنك استحملتي راجل زي ده وأم زي أمه… بجد شابو عليكِ.”
ابتسمت بابتسامة بسيطة، فأكمل:
“رنيتي على الشرطة؟”
أخذت نفسًا وقالت كأنها تذكرت للتو:
“تصدق… نسيت.”
كادت أن تُخرج هاتفها، لكنه أمسك يدها بحركة لا إرادية.
“هكلمهم أنا… قوليلي العنوان والشقة.”
أخبرته بالعنوان، فأخرج هاتفه واتصل بالشرطة:
“السلام عليكم…”
.. يتبع..
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية وتعانقت الأرواح)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)