رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الخامس 5 بقلم سارة الخولي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل الخامس 5 بقلم سارة الخولي
البارت الخامس
الحلقة 5
في مكتب فاروق…….وبينما كان يستعد للمغادرة…….اذا به يشعر بشخص ما يقف امامه….رفع فاروق عيناه. ليجد زميلة مكتبه ( ناهد)
ناهد بابتسامة : ازيك يا فاروق
فاروق بجديه: اهلا مدام ناهد
ناهد بشئ من الحزن: فيه ايه يا فاروق؟؟…………لازمتها ايه الالقاب دي……..هو انا بقيت غريبة عنك للدرجة دي……؟؟……الله يرحم العشرة
فاروق بجدية وهو ينظر الى زملاء عمله المغادرين…….: بعد اذنك يا مدام ناهد…….الزملا روحوا وماينفعش نكون في المكتب وحدنا
ناهد بغضب: ليه يعني هو انا هعضك؟؟…….انا بس فات اليوم من غير ما اقدر اسيب مكتبي واسلم عليك…….فقلت اسلم دلوقتي…ده جزاتي يعني؟؟
فاروق بتوتر: طيب تسمحييلنا نتكلم برة
ناهد بغضب: لا برة ولا جوة……..انا بس كنت عايزة اسألك عن حال المدام بتاعتك………سمعت انها تعبانة وفي المستشفى
فاروق : لا هي بخير الحمد لله
ناهد بابتسامة زائفة :طب الحمد لله
فاروق وهو يحمل حقيبة اوراق : انا اسف يا مدام ناهد انا مضطر امشي……
همت ناهد بالاجابة الا ان قاطعها صوت رنين هاتف مكتب فاروق…..
فاروق وهو يرد بسرعة: الو……….ايوة انا…..خير؟؟…………طيب انا جاي حالا
ناهد :خير يا فاروق؟؟
فاروق بقلق: عايزني في المستشفى ضروري…….انا اسف .لازم امشي حالا
همت ناهد بالاجابة الا ان فاروق لم يعطها فرصة… فبمجرد نطقه للجملة الاخيرة……ادار لها ظهره وغادر بخطوات مسرعة…….تاركا اياها تتمتم بغيظ: ان شالله تكون ماتت
************************
في منزل نهلة ………كان الجميع يجلس فوق مائده الطعام
نهلة وهي تضع الطعام امام سلمى: كلي يا حبيبتي ماتتكسفيش
سلمى بتوتر: انا خايفة يا ابلة لا بابا يجي ومايلاقينيش
نهلة: ماتخفيش يا حبيبتي انا سبتله ورقه على باب الشقة
سلمى : برضه……..انا مش بحب بابا يزعل مني……علشان بيزعقلي……..انا لازم انزل استناه تحت
كان سيف يراقبها وهي تتحدث ..ولكنها وما ان نطقت الجملة الاخيرة حتى هتف: لا متنزليش ……..كلي ونستاه في البلاكونة …….ايه رأيك
نهلة بابتسامة : اهو سيف قالك……..يالا كلي بسرعة
كانت سلمى تشعر بالجوع فهي لم تتناول شيئا منذ الامس………..ولكنها تمتمت: شكرا يا ابلة …..طنط كوثر اديتني اكل
نهلة: كوثر مين؟؟
سلمى: اللي حضرتك كلمتيها تحت,……ام طارق
نهلة: اه …اصلي ماكنتش اعرف اسها……..بس الاكل ده ليكي ولباباكي………سيبيه زي ماهو كدا وكلي معانا…….ولا انتي عايزاني ازعل منك…..؟؟………ماتعزم عليها يا سيف
ومجددا كان سيف سارحا يراقب حوار سلمى مع والدته……..يشعر ان طريقتها تجذبه…..فهي في غاية الجمال والرقة
نهلة: سيف…….انت مركز معانا؟؟
سيف وبعد ان افاق من شروده: ها؟؟……..اه……..كلي يا سلمى ……ده الاكل كتير والله
نهلة وبعد ان القت بنظرة شك على سيف: مممممممممم……….هو ده اللي طلع من ذمتك يعني؟؟………..ثم تابعت وهي تلتفت الي سلمى: اهو سيف طول عمره كده……هو في وادي والدنيا
في وادي
سيف بحنق: انا؟؟……..ابدا طبعا
ابتسمت سلمى في حين قالت نهلة: طيب بصي……تعالي ناخد الاكل ونقعد في البلاكونة .نستنى بابا ……….ماشي؟؟
سلمى بسرعه: اه ……كده كويس
………وخلال دقائق كانت جلسة الطعام قد انتقلت لشرفة المنزل…..
نهلة: اظن دلوقتي مالكيش حجة……كلي بقى
سلمى وهي تراقب الطريق: حاضر……..ثم جلست وبدأت في تناول الطعام…….وبعد انتهاءهم جميعا……..وقفت سلمى تتابع الطريق لانتظار والدها
**********************
في بهو المستشفى دخل فاروق مسرعا…………قاصدا مكتب الطبيب المتابع لحالة وفاء……..وما ان وصل اليه ..لم يجده بداخله………..
فاروق لاحدى الممرضات: لو سمحتي………الدكتور اسامه عبد العال
الممرضة وهي تشير الي احدى الغرف: هنا
وبسرعة اتجه فاروق ليفتحها …..ليجد الطبيب خارجا منها وهو يقول لاحدهم: عايز صورة الاشعة تبقى عندي على المكتب في اسرع وقت
الشخص: تحت امرك يا دكتور……..
ذهب الشخص…….اما فاروق فقال بتوتر:دكتور اسامه…….قالولي ان حضرتك
اسامه وهو يضع يده فوق كتف فاروق ومقاطعا: ايوة انا عايز اتكلم معاك شوية يا استاذ فاروق…….اتفضل معايا على مكتبي
فاروق: اتفضل
وفي المكتب………..كان فاروق يجلس متوترا امام الطبيب الذي بدأ يتفحص مجموعة من الاوراق امامه
فاروق: خير يا دكتور….قلقتني
الطبيب وهو يضع امامه الاوراق: دي كل التقارير والفحوصات اللي قومنا بيها علي مدام وفاء من حوالى الساعة 6 صباحا ولحد دلوقتي
فاروق بتوتر: حضرتك مدهالي ليه……..انا مش هفهم فيها حاجة
الطبيب: انا بديهالك علشان لو حبيت تعرضها على دكتور تاني علشان تطمن
فاروق وبعد ان ابتلع ريقه بصعوبة: مش فاهم
الطبيب بشئ من الاسف: استاذ فاروق ……انا مش هقدر اخبي عليك…..الحالة بتاعة المدام متأخرة جدا و
فاروق وقد بلغ معه القلق مبلغه فتمتم: و ايه؟؟
الطبيب وبعد ان اطلق تنهيده: للاسف الكيماوي مش هيعمل معانا حاجة دلوقتي…….احنا عملنا فحوصات كتيرة ……وعرفنا ان حالة مرضها مش متقبلة اي كيماوي…..انا بتكلم علشان مصلحتك
فاروق بشئ من الحده: مصلحة ايه ؟؟………انا مش فاهم حاجة
الطبيب: باختصار يا استاذ فاروق…..حالة الكانسر عند مدام وفاء متأخرة ورافضة علاج بالكيماوي….لان باختصار برضه الكيماوي بينفع مع حالات معينة لازم يكون المرض فيها ماعداش حد معين……فهمتني؟؟
فاروق بتوتر كبير: طب يعني انا افهم ايه من كده؟؟
الطبيب وبعد ان مط شفتيه: انا اسف اني اقولك …….ان المدام مش باقي في عمرها كتير……وممكن نقول ان العد التنازلي هيبدأ…….او بدأ بالفعل
وهنا لم يشعر فاروق بنفسه الا وهو يقوم ويهتف: انت بتخرف بتقول ايه؟؟
الطبيب: ارجوك ااهدى يا استاذ فاروق…..انا قبل ما اقول اي كلمة اديتك الفحوصات ورسم المخ علشان تقدر تتأكد عند اي مستشفى تانية …….بس من غير لف ولا دوران انا بأكدلك انهم كلهم هيقولولك نفس الكلام اللي بقوله
وهنا رمى فاروق بجسده فوق المقعد وهو يهتف من بين عينان مغرورقتان بالدموع: انا مش مصدق………يعني خلاص؟؟
الطبيب بشفقة: انا اسف اني اقولك انه فعلا خلاص…….بس انت راجل مؤمن……..لازم تصبر وتحتسب…..والاعمار بيد الله ……وفي النهاية كلنا هنموت ومحدش مخلد
لم يستطع فاروق الاجابة ……اذ ان الدموع المريرة بلغت مبلغها في عيناه لتبدأ بالهطول فوق وجنتاه
الطبيب: احنا قلنا ايه يا استاذ فاروق؟؟……..لازم تكون قوي علشان خاطر بنتك……انا عرفت من المدام ان عندكوا بنوتة امورة ما شاء الله
فاروق وهو يتمتم بمرارة وبعد ان ابتلع ريقه بصعوبة: ممكن اشوفها؟؟
الطبيب: اه طبعا ممكن……..اتفضل معايا…….
قام الطبيب وتبعه فاروق…….الي غرفة العناية المركزة…….. هم الطبيب بفتح الباب الا انه وقف ليلتفت الى فاروق ويقول: ارجوك يا استاذ فاروق……حاول تكون طبيعي قدامها وماتجيبش سيرة بالكلام اللي قلتهولك
فاروق وهو يمسح عيناه: حاضر…
دخل الطبيب وهو يحاول رسم ابتسامة على شفتيه: السلام عليكم……عندي ليكي مفاجأة يا مدام وفاء……استاذ فاروق جالك اهو……
ثم تابع وهو ينظر الي فاروق: المدام كانت كل شوية تسأل عنك النهارده……وتقول جه ولا لسه
وفاء بابتسامة هادئة: اكيد…مانا ماليش غيره
شعر فاروق ان هذه الجملة بمثابة سكين غرزت في قلبه مباشرة فتمتم بصوت حاول ان يبدو طبيعي: ولا انا ليا غيرك
الطبيب: طيب انا هسيبكم مع بعض……واستأذن
خرج الطبيب…وبمجرد خروجه
وفاء باعياء: وحشتني
فاروق بحب جارف وهو يتجه للجلوس بقربها: وانتي وحشتيني اوي يا وفاء
وفاء وهي تمسك يده وتحاول الجلوس: انا من امبارح وماكنتش عايزاك تمشي
فاروق وبعد ان اجلسها: ولا انا كنت عايز امشي……بس اعمل ايه……
وفاء: انا النهارده حاسة اني تعبانة زياده……..من الصبح وهما عمالين يعملولي حاجات مش فاهماها………حد بلغك بحاجة؟؟
فاروق بتردد: لا
وفاء بتعجب: ولا قالولي ………..المهم……طمني….سلمى اخبارها ايه؟؟
فاروق محاولا جاهدا تمالك اعصابه: قلتلها انك مسافرة زي ماقلتيلي
وفاء : يا حبيبتي………..نفسي اخدها في حضني زي زمان……واضفرلها شعرها بايديا
فاروق بنبرة مرتعشة: ان شاء الله تقومي بالسلامة
وفاء بحزن: حاسة اني مش هرجع البيت تاني
فاروق وهو يضع يده فوق شفتاها بسرعة: ابوس ايدك ماتقوليش كده تاني……..انا مقدرش اعيش من غيرك
وفاء ومن بين دموع متساقطة: ولا انا……بس انا بقولك احساسي……..انا مش عايزة اموت مش علشان خايفة منه ………….ثم تابعت وهي تخفض عيناها ……بس علشان الموت هيحرمني منكو……
وهنا لم يستطع فاروق تمالك اعصابه اكثر…….حيث انه دخل في نوبة من البكاء المرير
وفاء وهي تنظر اليه: فاروق………انا اول مرة اشوفك بتبكي بصوت
فاروق وهو ينظر في عيناها: ان ماكنتش ابكي على حبيبتي هبكي على مين؟؟
وفاء وهي تمسك بذقنه وتدير وجهه ناحيتها: دموعك غالية اوي يا فاروق……….انا ماستهلش ده كله……..ثم تابعت بلهجة حاولت ان تكون مرحة: و بعدين بدل ما تهديني تعيط؟؟
فاروق وقد امسك برأسها ليقبلها ..ويضمها الى صدره: انا بحبك اوي يا وفاء……ربنا يعلم قد ايه …….وعمري ما حبيت ولا هحب غيرك
اغمضت وفاء عيناها …….كم تشعر بالامان الان وهي بين ذراعي زوجها…….واضعة رأسها فوق صدره……….لتستمع الي دقات قلبه السريعة والتي تهتف باسمها وباسم حبها
وفجأة رفعت عيناها وهي تقول: انت جبت سلمى ولا نسيتها برضه؟؟
فاروق: ماتقلقيش…….زمانها روحت
وفاء: انت عملتلها نسخة من المفتاح؟؟
فاروق: هي مش معاها؟؟
وفاء: لا مش معاها يا فاروق…….زمانها مستنية على الباب……..روحلها بسرعة
فاروق وهو يقوم وينظر الى وفاء بتأثر: ينفع اجيبها تشوفك؟؟
وفاء: لا طبعا يا فاروق……..احنا اتفقنا…….
فاروق والذي لم يدري بماذا عساه يجبها………فهي لا تعلم حالتها ولو علمت لطلبت هي ان ترى سلمى للمرة الاخيرة……..فتمتم: اللي يريحك……..
وفاء بسرعة: يالا يا فاروق انا قلبي واكلني عليها
فاروق: حاضر يا وفاء…….(ثم مال ليطبع قبلة فوق جبهتها: مع السلامة يا حبيبتي)
وفاء وهو تربت فوق وجنته: سلام يا حبيبي
خرج فاروق……..وما ان خرج حتى شعر انه واخير قد تحرر من هذا الضغط الذي كان يشعر به في محاولته لكبت مشاعره……….ولكن هاهو الان وحده لاتراه وفاء…….يشعر ان قدماه لا تستطيع حمله اكثر…………استند الى الحائط……..وجثا فوق ركبتيه …….واخفض عيناه…….لتبدأ الدموع المريرة تتقطر لتسقط فوق ارض المستشفى…….تمتم بنبرة مرتعشة: يارب صبرني………….يارب صبرني………يارب صبرني……….كان المارة يرمقونه بتعجب…….ولكن هذا المشهد كان مألوفا وخصوصا اذا كان بداخل مستشفى
******************************
بداخل الشرفة كانت سلمى تقف لانتظار والدتها…….عندما دخل سيف فجأة وهو يقول: بخ
اصدرت سلمى رجفة وهي تقول: كده ؟؟……خضتني
سيف وهو يقف بجانبها ويناولها شيكولاته: انااسف…..خدي كلي الشيكولاته دي
سلمى: لا انا مش بحب الشيكولاته
سيف بتعجب وهو يتناول منها قطعة: ازاي بقى.؟؟…….دي احلى حاجة في الدنيا………
ثم تابع: ييييييييييي……..دي بالبندق………انا بكره البندق ده( وهم برميها الا ان سلمى استوقفته وهي تمسك بيده : لا اوعي………
ثم قالت وهي تأخذ البندقة وتتناولها: انا بحب البندق جدا
سيف وهو ينظر اليها بابتسامة واسعة: طيب كويس……بعد كده هبقى اكل انا الشيكولاته واديكي البندق…….ايه رأيك؟؟
سلمى بابتسامة رقيقة: ماشي
اشاحت سلمى بوجهها ……..في حين ظل سيف يراقبها والرياح الهادئة تعبث بشعرها الجميل لتطاير خصلاته…..فتقوم هي بجمعها .لتطاير من جديد
سيف بهدوء: سلمى
سلمى وهي تلتفت اليه: نعم؟؟
سيف: تعرفي ..شكلك احلى في الشعر المفرود…….
سلمى: لا انا بحب الضفيرة اكتر
سلمى: اه انتي كنتي عاملة ضفيرة لما شوفتك اول مرة……
سلمى بحزن: مش انا. ………دي ماما اللي كانت بتعملهالي………بس النهارده معرفتش اعملها لنفسي
سيف: طيب تيجي اعملهالك انا؟؟
سلمى بسعادة غامرة: انت تعرف؟؟
سيف بمرح: ممكن اجرب فيكي
سلمى وهي ترجع شعرها للوراء: طيب شوف كده لو تعرف……
جمع سيف شعرها بيديه….كان ملمسه حريريا جميلا……ورائحته زكية …..فصله نصفين…….واخذ يلفهم معا…….وما ان انتهى حتى هتف بابتسامة واسعة: اهو ضفرتلك شعرك………خلصت……..
سلمى وهو تمسك بشعرها: ايه ده؟؟……..بجد…..
ولكن وما ان ترك سيف شعرها حتى انساب من جديد ليكسو ظهرها فهتفت بحنق: ايه ده؟؟…………انت عملته ازاي
سيف بحرج: انا اعرف؟؟…….طب هاتي اجرب تاني كده
ومن جديد امسك بشعرها وهم بالمحاولة الا ان قاطعه نهلة وهي تدخل وتقول: بتعملوا ايه؟؟
سيف بتوتر وبعد ان ترك شعرها بسرعة: لا ….انا مش بعمل حاجة
سلمى: ده سيف كان بيضفرلي شعري
نهلة وهي ترمق سيف بتمعن: وانت من امتى بتعرف تضفر؟؟
سيف وهو يحك رأسه في حرج: عادي…..اتعلم علشان ابقى اضفر لبنتي
جلست نهلة وهي تطلق تنهيده……..
سلمى: ابلة نهلة..مالك..؟؟
نهلة بسرعة: ماليش يا حبيبتي
سيف: لا بجد مالك يا ماما ……..شكلك متضايقة……حضرتك كنتي فين؟؟
نهلة: كنت عند جيراننا…. بعمل اتصال
سيف: لمين؟؟
نهلة مشيحة بوجهها عنهم : لخالك
ثم التفتت الى سلمى وهي تقول بابتسامة مصطنعة: تعالي يا حبيبتي اضفرلك انا شعرك
التفتت سلمى في حين بدأت نهلة في جدل شعر سلمى ……وهي تحاول جاهده كتم دموع تناضل لكي تخرج من عيناها…….كان سيف يراقب وجه والدته ……كان يتفهم سبب حزنها جيدا……اذ انه كان من الواضح انها اتصلت على خاله لترى ان كان زوجها قد قام بالاتصال للسؤال عنها ……..ولكنها عادت مع خيبة امل ونفس مكسورة وقلب مجروح……
ما ان انتهت نهلة : خلاص يا حبيبتي …….خلصت….( ثم نظرت الى سيف وهي تقول بلهجة حاولت ان تكون مرحة: اهي دي يا استاذ سيف الضفيرة……
)
لم يجبها سيف بينما ظل ينظر اليها……وسؤال واحد يتردد بداخل عقله: هل سيكتب عليه العيش مجددا في ظل ابيه وامه ام…………..؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وفجأة ……وفي وسط هذا الجو المربك….اذا بسلمى تهتف: اهو …بابا جه
التفتت الى نهلة وهي تقول: بابا جه يا ابلة……..
افاقت نهلة من شرودها وهي تقول: طيب يا حبيبتي …….تعالي اوصلك
امسكت نهلة بيد سلمى ………ونزلت معها الى الاسفل……..لترى فاروق فاتحا الباب ………ولكنه واقفا يقرأ ورقه
نهلة : استاذ فاروق……..انا اللي كتبت الورقة دي علشان اقولك ان سلمى كانت معايا
فاروق بشرود: هو حضرتك مين؟؟
سلمى بسرعة: دي المدرسة بتاعتي يا بابا…….ابلة نهلة…….ساكنة فوقينا هنا
فاروق وهو يمد يده للمصافة: اهلا بيكي
نهلة وهي تصافحه بدورها: في الحقيقة سلمى كانت واقفة لوحدها…….فخليتها تقعد معانا فوق لغاية لما حضرتك تيجي………بس هي كانت خايفة لا حضرتك تزعل منها علشان كده انا نازلة بنفسي اقول لحضرتك بلاش تزعل منها.بس هي ماكنش ينفع تفضل ساعتين على السلم
فاروق: اه طبعا……….انا هبقى اعملها نسخة من المفتاح ……وشكرا لحضرتك كتير
نهلة: لا شكر على واجب…..انا بحب سلمى جدا …….هي اشطر بنت عندي………بعتبرها زي بنتيي واكتر
فاروق: اه طبعا……..شكرا يا مدام نهلة…….يالا يا سلمى ادخلي
سلمى وهي تلتفت الى نهلة: مع السلامة يا ابلة……
همت نهلة بالرد الا ان قاطعها صوت احدهم ينزل فوق الدرج
سيف وهو ممسكا بالصينية: سلمى……..انتي نسيتي الاكل بتاعك
نهلة بسرعة: اه …..معلش نسينا خالص
فاروق بتعجب وهو ينظر الى سيف: انا ……انا شفتك امبارح
نهلة مقاطعة: ده ابني الوحيد سيف ……في تالتة اعدادي
فاروق : تالتة اعدادي ……….بس انت قلت
سيف مقاطعا: انا اسف يا عمو ………بس انا كنت خايف احسن تزعقلي علشان انا خبطت سلمى بالعجلة
سلمى: سيف هو اللي وصلني النهارده بالعجلة يا بابا
نهلة: تسمح لي يا استاذ فاروق طول ما والدة سلمى مسافرة اخد بالي منها؟؟
فاروق : ياريت………انا عارف اني مقصر في حقها ……….بس الشغل وسلمى وغياب والدتها……….انتي عارفة
نهلة محاولة تفادي اي كلام عن المرض: اه ربنا يكون في عونك…………لو تسمح لسيف برضه يبقى يوصلها في سكته كل يوم…….بما ان مواعيد خروجهم واحده
فاروق: لا سلمى تروح لوحدها
نهلة: ماتخفش على سلمى يا استاذ فاروق………..سيف زي اخوها الكبير واوعدك انه هيحافظ عليها………ده غير ان الطريق مش امان اوي علشان المدرسة في حتة متطرفة شوية…..
سيف: ماتخفش على سلمى يا عمو انا هجيبها وارجعها في الميعاد بالظبط
فاروق بتردد: ماشي ……..ثم نظر الى نهلة وتابع: بس اي تصرف هيعمله سيف …….هواجه حضرتك بيه……..تمام كده؟؟
نهلة بابتسامة هادئة: تمام جدا…….
سيف وهو يتجه اليه بالصينيه: اتفضل يا عمو
فاروق لنهلة: ماكنش ليه لازمة التعب ده خالص
نهلة بابتسامة حرجة: في الحقيقة الحاجات دي من ام طارق الله يكرمها
فاروق وهو يتناول الصيية: برضه شكرا……..ثم تابع وهو ينظر الى سلمى : يالا يا سلمى ادخلى……
سلمى: سلام يا ابلة
نهلة: سلام يا حبيبتي
سيف: سلام يا سلمى……
سلمى : مع السلامة
فاروق: يالا السلام عليكم
سيف ونهلة : وعليكم السلام
دخل فاروق واغلق الباب وراءه……….وصعدت نهلة مع ابنها الى الاعلى
في غرفتها……….فتحت نهلة عيناها بتثاقل شديده ……تشعر بألم رهيب في عينيها……ليس بسبب النوم…….انما بسبب كثرة البكاء……..ها قد مر خمسة ايام كاملة منذ قدومها ……….ولم تسمع اخبارا عن زوجها……….الهذه الدرجة نسيها؟………الهذه الدرجه اعمته النقود فلا يرى غيرها؟……….يبيع زوجته وابنه بمنتهى السهولة……لا ….بالتأكيد هناك شيئا خاطئا……هل يحتمل ان يكون………؟؟.وهنا اتسعت عيناها عن اخرهما وهي تتمتم: جراله حاجة؟؟……..
وهنا سمعت طرقات فوق باب الغرفة………
نهلة وهي تمسح عيناها:ادخل
دخل سيف وهو يقول بابتسامة مشعة: صباح الخير
نهلة باعياء: صباح النور يا حبيبي
سيف وهو يجلس على طرف فراشها : برضه يا ماما؟؟
نهلة مشيحة بوجهها عنه: برضه ايه؟؟
سيف وهو يشير الي عيناها: عينك تعبتك من كتر العياط……..كل ما اجي اصحيكي الاقي عينيكي وارمة ومش ناايمة كويس……
لم تستطع نهلة كتم دموع غادرت من مقلتيها ……وهي تتمتم: غصب عني……
سيف باشفقاق: ان شاء الله بابا هيجي وهيرجعنا معاه……..بس ممكن تستنى شوية كمان
نهلة بتردد: سيف؟؟………..
سيف : ايوة
نهلة: انا خايفة لا يكون حصلله حاجة……….مش معقول يفضل كل ده مش بيكلم خالك……..اكيد فيه حاجة
سيف وقد بدأ التوتر يتسرب اليه: لا مفيش حاجة ان شاء الله……….(ثم تابع بلهجة حاول ان تكون حيوية: يالا يا ماما بقى علشان تروحي المدرسة)
نهلة بتعب: اروح عمل ايه؟؟
سيف بسرعة: تروحي علشان تشتغلي وتنسي اللي مزعلك…….
وبعد كثير من المحايلات
نهلة: خلاص يا سيف هقوم
سيف وهو ينظر الي الساعة: يا خبر …….ده الوقت اتأخر..
نهلة وهي تنظر الي الساعة بدورها: لا اتأخر ولا حاجة…….لسه بدري
سيف: لا اصل حضرتك مش فاهمة…….من ساعة ما اتفقت مع عمو فاروق اني اوصل سلمى ……..بقت هي اللي بتنزل بدري علطول وتقعد تغيظني……..فأنا كنت عايز انزل قبلها النهارده………بس خلاص بقى دي اروبة شكلها نزلت
نهلة: طيب يالا انزل بقى علشان ماتأخرش……..وانا هروح على الحصة التالتة علطول
سيف : بس تروحي يا ماما
نهلة محاولة اظهار ابتسامة زائفة: حاضر يا حبيبي
****************************
في منزله ……….وبينما كان يستعد للذهاب الى العمل,…………اذا برنين متواصل لهاتف المنزل………اسرع فاروق بالاجابة و: الو
صوت انثوي: استاذ فاروق الطوخي؟؟
فاروق: ايوة انا
الصوت:انا بتصل بيك من مستشفى ……… المدام عايزة تشوفك
وهنا انخلع قلب فاروق من مكانه فهتف مبحوح: وفاء؟؟…………خير؟؟
الموظفة: معرفش………واحده من الممرضات بلغتني انها طالبة تشوفك ضروري……….وكمان عايزاك تجيب بنتك معاك
سرت في جسده قشعريرة بارده قبل ان يبتلع ريقه في صعوبة ويتمتم: سلمى؟؟……….عايزة تشوف سلمى؟؟
الموظفة وبعد ان تحدثت الى احدهم: ايوة ……..طالبة انها تشوفك انت وبنتك………ارجوك ماتتأخرش
وبدون كلمة اضافيه اغلقت الموظفة الخط……….ليظل فاروق ناظرا الى الهاتف لدقائق………….وهو يتمتم : يعني خلاص……؟؟؟؟؟؟؟؟؟…لم يفيقه من شروده الا صوت سلمى وهي
تقول: مع السلامة يا بابا
فاروق محاولا تمالك اعصابه : استني يا سلمى ….ماتنزليش
سلمى : ليه ؟؟
فاروق مقاوما عبرة تناضل للخروج الى وجنتيه: انتي مش هتروحي المدرسة النهارده
سلمى ببهوت: ليه يا بابا؟؟
فاروق بشئ من الحزن: هنروح علشان نشوف ماما
سلمى وهي تصفق بحماس: ايه ده؟؟……هنسافر لماما اخيرا..؟؟
فاروق وهو يشيح بوجهه عنها في محاوله منه لكتم دموع قد بدأت تتقطر بالفعل: ايوة……
سلمى وهي تتجه الى غرفتها بسرعة: يا حبيبتي يا ماما
ثم خرجت تحمل ورقة
فاروق : ايه الورقة دي؟؟
سلمى بحيوية وسعاده تغمرها: دي الشهادة بتاعتي……….عايزة ماما تشوفها علشان تفرح………يالا بقى يا بابا( قالتها وهي تمسك بيداه لتجذبه……..)
للحظات لم يستطع فاروق السير…….وكأن قدماه تخشى السير لكي لا يواجه هو ما يخاف ان يواجهه
سلمى: مالك يا بابا؟؟
فاروق ممسكا برأسه : شوية صداع بس
سلمى ببهجة: هيروح اول ما تشوف ماما……….يالا بقى انا مش قادرة استن………….(وهنا قطع صوتها دقات فوق باب الشقة)
فأسرعت لتفتح لتجد سيف امامها وهو يقول بتهكم: هه هه ……..انتي لسه هنا؟؟……….خلاص كده تلاتة واحد ليكي
سلمى بابتسامة سعيده: لا انا مش رايحة النهارده المدرسة
سيف وهو ينظر الى ملابسها: ليه؟؟………..مانتي لابسة اهو
همت سلمى بالاجابة …الا ان قاطعها صوت والدها : سلمى هتيجي معايا علشان تشوف مامتها
سيف وهو ينظر الي سلمى: ايه ده؟؟……….بجد؟؟……….طيب سلميلي عليها عقبال مااشوفها
سلمى : الله يس( وهنا قاطعها فاروق وهو يقول بجدية: يالا يا سلمى مفيش وقت
سلمى بسرعة وهي تتجه الى الداخل: حاضر ……….هجيب الشهاده …….
وبسرعة دخلت سلمى ….لتخرج ممسكة بالشهاده……
فاروق وهو يغلق الباب : يالا بسرعة
سلمى وهي تنزل وتلوح لسيف: بااااااااااي
سيف وهو يلوح بدوره: باي……..(ثم تمتم بشئ من الحزن: يعني هتروح النهارده لوحدك يا سيف…….يالا بقى استعنا على الشقا بالله……..
ونزل سيف ليستقل دراجته ……وينطلق بها الى المدرسة
*********************
اوقف فاروق سيارته …….وقال باقتضاب ودون النظر الي سلمى : انزلي
كانت سلمى شارده تفكر في حجم السعادة التي تشعر بها الان وهي ذاهة لمقابلة والدها……ولكنها افاقت على صوت والدها……فنظرت من النافذة وهي تقول : هنا؟؟
فاروق مشيحا بوجهه عنها: ايوة………انزلي
سلمى : بس يا بابا احنا في مستشفى
فاروق بعينين دامعتان : انزلي بس وهتعرفي
شعرت سلمى بانقباضة في قلبها……….فتلاشت ابتسامتها وذهبت فرحتها ……..ولكنها ومازالت على امل ان ان ترى والدتها معافة …….
نزلت سلمى بخطوات بطيئة مترددة…….تشبثت في ذراع والدها كأنها وسط عالم تخشاه……..وبنفس الخطوات المترددة توجهت مع والدها الى احدى الغرف……….ولكنها وقفت امامها
فاروق : يالا يا سلمى..ادخلي
لم تستطع سلمى الاجابة بل اكتفت بتحريك رأسها ان لا
فاروق: مش انتي عايزة تشوفي ماما؟؟
سلمى وهي تحتمي بالحائط : بس ماما مش هنا
فاروق محاولا السيطرة على عبراته : لا هنا يا حبيبتي
وفتح لها الباب لتدخل ويدخل هو وراءها……..
……..دخل فاروق ليجد زوجته ممدة على فراش……وقد كسا وجهها الشحوب…..وازداد السواد حول عيناها……فكانت اقرب لجثة اقرب منها لشخص حي…..كان مشهدها كفيلا بأن تمتلأ عينا فاروق بالدموع………هل هذه زوجته التي تبلغ من الاعوام الثلاثين فقط؟؟………ام انها امرأة قد بلغ معها الكبر مبلغه …..فاتمت القرن ……..وأصبحت كما يقولون ( رجل في الدنيا ورجل
في القبر)……..اما سلمى فأمسكت بذراع والدها من جديد …….تشعر بالخوف…….فهي تشعر انها امام شخص اخر ……وليس والدتها الجميلة ذات الوجه المشرق والعينان السوداوتان والبشرة البيضاء الناعمة كلأطفال………….ولكنها وبينما هي على هذا الحال …..اذا بها تشعر بصوت وكأنه يأتي من بعيد………..فقد بدا انه ناضل كثيرا للخروج……صوت ينادي باسمها…….وعلى الرغم من ضعف الصوت الا ان سلمى ميزته في الحال……….هذا صوت والدتها التي افتقدته كثيرا ……ستة ايام كاملة مرت كأنها ستة اعوام…….
ركضت سلمى باتجاه والدتها وهي تقول : ماما ……….وحشتيني
فتحت وفاء ذراعيها بانهاك…….لتستقر سلمى بينهما ………وتبدأ دموعها في التساقط
لكم كانت تشتاق الى هذا الحضن……..وهذه الرائحة……..وهذا الشعور………
وفاء وبعد ان اطلقت تنهيده عالية: وحشتيني اوي يا حبيبة ماما
يا الله ………ما اقسى شعورها وهي تشعر انها تلفظ انفاسها الاخيرة وستحرم من ابنتها ومن زوجها خلال اليوم او اليومين ولربما الان………من يدري…………تقطرت الدموع من عينا وفاء ……ونظرت الى فاروق والذي وقف علي عتبة الغرفة متجهما يشعر ان الدموع قد جفت في عيناه من هول ما يرى …….وتمتمت بنفس الصوت المبحوح: فاروق……..تعالى قرب مني
بخطوات بطيئة اتجه فاروق ناحيتها ليجلس فوق المقعد المجاور ……بدون ان ينبس ببنت شفة……..فماذا عساه ان يقول في هذا الظرف………كان يشعر انه قد نسي طريقة الكلام…….ولغة الحوار……
سلمى وهي تنتزع نفسها من بين احضان والدتها…….وتمسح دموعها….: يالا يا ماما …قومي روحي معانا……..البيت وحش من غيرك
تقطرت بعض العبرات من بين عينا وفاء…..وتبادلت مع فاروق نظرة ذات معنى ………ففهم فاروق على الفور ان زوجته لن تستطيع الكلام…….
فاروق من بين دموع على وشك الانهمار: حبيبتي ماما احنا هنجيلها……….مش هتقدر تروح دلوقتي
سلمى وهي تنظر الى والدتها وتجذب يدها: لا يا ماما …..انتي لازم تيجي معانا……..ثم تابعت وهي تملس فوق شعر والدتها الحريري:……نفسي تصحيني كل يوم الصبح زي ماكنتي بتعملي……..تفطريني وتظبطي لبسي وتسرحيني………..( ثم تابعت وهي تمسك بشعرها: انا مش بعرف اعمل ضفيرة شبه اللي كنتي بتعمليهالي……….شوفي شعري..)
وفاء وهي تملس فوق شعر ابنتها…….وتتمتم بابتسامة باهتة: وبابا مش بيعرف يضفرلك شعرك؟
سلمى: لا مش بيعرف……..س ساعات ابلة نهلة بتضفرهولي……..صح يا ماما…….ابلة نهلة جت تقعد في نفس العمارة بتاعتنا
وفاء بتعجب حقيقي وايضا بصوت مجهد: فعلا؟؟………….طيب سلميلي عليها كتير…….
سلمى: لا حضرتك تيجي معانا تسلمي عليها علشان تفرح
وفاء باعياء: حبيبتي بابا قالك اني مش هقدر اجي معاكم البيت……..بس انا عايزاكي تقعدي معايا ……انا كلمت الدكتور ووافق انك تقعدي معايا هنا
سلمى وهي تنظر حولها: هنا؟؟……..
وفاء وبعد ان ابتلعت ريقها للتخلص من جفاف حلقها: ايوة يا سلمى……..نفسي اشبع منك قبل ما………….
وهنا مد فاروق يده بسرعة ليمسك يدها ويضغط عليها قليلا …………وهو يقول : سلمى هتقعد معاكي يا حبيبتي……..هي مش هتقدر تستغنى عنك…….
اغمضت وفاء عيناها وتقطرت منها بعض العبرات المريرة…..وما ان رأها فاروق على هذا الحال…..حتى اسرع للجلوس بقربها…….وضم رأسها الى صدره وتحسس شعرها وهو يتمتم من بين عينان دامعتان: ولا انا هقدر استغني عنك……….انا بحبك اوي يا وفاء…….اكتر مما تتخيلي
كانت سلمى تتابع هذا الحديث بصمت……..ولكن وما ان نطق فاروق جملته الاخيرة……حتى اقتربت هي ايضا من والدتها وامسكت بيدها وهي تقول: وانا كمان بحبك اوي يا ماما
وفاء بوهن: حبيبتي……..وانتي اغلى حاجة عندي في الدنيا……..وكنت اتمنى ربنا يمدلي في عمري علشان افرح بيكي وانتي عروسة …….بس.(قاطعها فاروق قائلا بتأثر: بس يا حبيبتي……..ماتجهديش نفسك في الكلام …..)
احكمت وفاء قبضتها على يد سلمى وقربتها منها …….لتقترب سلمى وتجلس بجوارها………
وفاء: دلوقتي بس انا حاسة اني مرتاحة وانا وسطكو……..افتكروني دايما بالخير………..وخد بالك من سلمى يا فاروق
فاروق وقد اجهش صوته بالبكاء لتخرج حروفه مرتعشة متقطعة: سلمى في عنيا يا وفاء…………في عنيا يا حبيبتي
كانت سلمى تراقب الموقف وهي لا تدري بماذا يمكنها القول……فهي لا تدرك بالضبط ما يحدث امامها……….ولكنها وبينما كانت قبضة والدتها تمسك بيدها…اذا بها ترى اصابعها تتراخى من حول يدها الرقيقة لتفلتها ………مدت سلمى يدها من جديد لتمسك بيد والدتها……..ولكن ايضا اصابع والدتها متراخية لا تمسك بها……….
فتمتمت سلمى: انتي مش بتمسكي ايدي ليه يا ماما؟؟……….
تنبه فاروق لجملة سلمى ……..فأتسعت عيناه في ذعر قبل ان يرفع رأس وفاء ليجد وجهها الشاحب الضعيف قد شع نورا وابتسامة باهتة فوق شفتيها…….
فاروق بيد مرتعشة وهو يتحسس وجهها ويربت فوقه قليلا.: وفاء………..وفاء
سلمى بتوتر وهي تنظر الي والدتها: ماما مالها يا بابا؟؟
فاروق بصوت مرتعش ونفس متقطع: ردي عليا يا وفاء
سلمى : يمكن نامت يا بابا ……نسيبها تنام
ولكن لم يدري فاروق بنفسه الا وهو يلقي برأسها فوق الفراش ويركض باتجاه الباب ليفتحه وينادي بصوت عالي: دكتور يا جماعة…….عايزين دكتور
وخلال لحظات ظهر دكتور اسامة وهو يركض باتجاه الغرفة وبسرعة يتجه الى وفاء ليمسك بمعصمها……ويتبع دخولة ثلاث ممرضات
كانت سلمى تتابع الموقف بصمت …….لا تعلم ما سر هذا التجمع المفاجئ …..
وهنا …….القى الطبيب بيد وفاء ورفع الغطاء فوق وجهها وهو يقول : البقاء لله
وضع فاروق يده فوق فمه ………واغمض عيناه لتستسلم الدموع اخير فتتحرر فوق وجنتاه انهارا
اما سلمى فاسرعت الى والدتها وازاحت الغطاء من فوق وجهها وهي تقول: ماما مش بتحب تغطي وشها وهي نايمة
تبادلت الممرضات نظرة متأثرة مع بعضهن البعض………….في حين كانت سلمى جالسة بجانب والدتها لتتحسس وجهها وهي تتمتم : انتي مابتحبيش تغطي وشك يا ماما…مش كده؟؟
كان الصمت يسود المكان…….فاروق وقد جلس ارضا في ركن الغرفة واستند براسه فوق الحائط ليذهب في نوبة من البكاء المرير الصامت
قطع الصمت صوت الطبيب وهو يقول: هاتوا ترولي بسرعة
مسحت واحده من الممرضات عيناها وهي تقول بصوت مكتوم: حاضر
وبدون كلمة اخرى خرجت الممرضة ……..في حين قام الطبيب من جديد بتغطية وجه وفاء……….لتكشفه سلمى من جديد وهي تقول بحده: قلتلك ماما مش بتحب تغطي……..
الطبيب : معلش يا حبيبتي…….لازم نغطي وشها ……….
سلمى وهي تتجه الى ابيها لتجلس ارضا بجانبه: بابا قول للراجل ده مايغطيش وش ماما علشان انا عايزة اشوفها
رفع اليها فاروق عيناه المغرورقتان بالدموع وهو يتمتم بخفوت: سيبيه يا حبيبتي
سلمى وهي تنظر اليه: بابا هو حضرتك بتعيط ليه؟؟…….
هم فاروق بالاجابة الا ان قاطعه دخول الممرضه وهي تجر الترولي……..وبسرعه يحملوا وفاء ليضعوها فوقها ………
فتقف سلمى فجأة وهي تهتف : انتوا اخدين ماما على فين؟؟………….
الممرضه وهي تبعدها من طريقهم: روحوا يا حبيبتي اقعدي مع بابا
سلمى وهي تزيحها وتمسك بالترولي : سيبوا ماما…..انتوا اخدينها ليه
الطبيب بنفاذ صبر: خديها من ادام الترولي يا هناء…….
ومن جديد تمسكها الممرضة وهي تقول: يا حبيبتي ماما لازم تمشي من هنا
سلمى وقد بدأت عيناها تدمعان: لا مش هتمشي………..ماما( وفجأة اتسعت عينا سلمى .فتركت الترولي وركضت الى المنضده الصغيرة التي وضعت الى جانب الفراش……لتلتقط شهادتها وهي تهتف: ماما ماشفتش شهادتي……
ولكنها وما ان التفتت لم ترى الترولي………..فركضت بسرعة الى الخارج………لتجد الممرضات وقد دخلت بالترولي الى احدى الغرف……فركضت بسرعة الى الغرفة………ولكن كان الاوان قد فات….فبمجرد بلوغها الغرفة كان الباب قد اغلق
دقت سلمى فوق الباب بقوة وهي تهتف من بين عينان دامعتان: يا مامااااااااااااااااااا………….ماما .افتحيلي ……….افتحوا الباب ……..ياماما انا طلعت الاولى……….شوفي الشهاده بتاعتي…….مامااااااا…………
الى ان خارت قواها……فاستندت برأسها فوق الباب وانهالت الدموع فوق وجنتاها …..( وهنا شعرت بشخص ما يمسك كتفيها……فاستدارت لتجد والدها)
سلمى بلهفة وبصوت متقطع وهي تمسح دموعها: بابا…….قولهم يفتحوا الباب ……….انا عايزة اوري شهادتي لماما
وهنا جثا فاروق فوق ركبتيه……..وقربها منه ليضمها الى صدره ويتحسس شعرها وهو يقول من بين دموع مريرة: ماما خلاص يا سلمى
سلمى وهي ترفع رأسها من فوق صدره: خلاص ازاي؟؟
فاروق وهو يمسح دموعها: ماما راحت عند ربنا
سلمى وقد بدأت دموعها تنهال من جديد: طيب انا عايزة اروحلها
وهنا ضمها فاروق اليه بقوة وهو بهتف: لا يا حبيبتي ………..بعد الشر عليكي
سلمى بصوت مرتعش وعينان دامعتان وهي مازالت في احضان والدها: بس انا عايزة اشوفها
فاروق بنبرة مرتعشة وهو يتحسس شعرها: هنشوفها………هنشوفها ان شاء الله………في الجنة…..
لم تدري سلمى بماذا يمكنها ان تجيب………فأحكمت ذراعها حول رقبة والدها ودفنت وجهها في كتفه…….ليبدأ سيل من الدموع ينهال فوق وجنتاها…
- بقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية هل من امان في بحور الاحزان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)