رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل العشرون 20 بقلم سارة الخولي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل العشرون 20 بقلم سارة الخولي
البارت العشرون
الحلقة 20
لا تدري كم مضى من الوقت وهى جالسه فوق هذا المقعد امام النيل…..وقد اخذت عبراتها تنهمر انهمارا………تشعر بمرارة في حلقها …….وبطعنة في قلبها…….وبرجفة في جسدها…….لا تصدق ما سمعته بأذنها للتو………هل بلغت وقاحته الى هذا الحد؟؟……..هي لا تصدق ما حدث ابدا…….لا تحزن عليه فهى لا تكن له ايه مودة منذ اليوم…….او لنقل منذ زواجهم……ربما كانت تحترم ( عشرة سنتين)…..ولكنها تعلم ان الحب الحقيقي لم يكن موجودا من الاساس…….ربما تعود…….ولكن قلبها لم يكن ابدا معه……اذا فهى تحزن على حالها الذي وصلت اليه………زواج وخيانة وربما طلاق ولم يتجاوز سنها الثانية والعشرين عاما…..تلوم نفسها على عدم مواجهته……ولا ترى لهروبها بدون مواجهة سببا محددا……..ربما خشيت ان ترى مشهدا لن تستطيع محوه من ذاكرتها ابدا ما حيت………وربما لخوفها منه في حال فعله لشئ لا يحمد عقباه……وربما لأنها كانت متعبة وتخشى ان تودى بها المواجهة الى تدهور حالتها……لا تعلم بالضبط…….ولكن كل ما شعرت به في هذا الوقت……ان الهروب هو افضل خيار…….تنظر الى تلك السيده المسنة التي جلست لتبيع الذرة بالقرب منها……كم هي بسيطة حياتها…….تعمل لكى تكسب خبزها اليومى……هي فقيرة وبالتأكيد ليست بمتعلمة…وعملها بسيط …..وعلى الرغم من ذلك فهى تري فوق شفتيها ابتسامة رضا….تراها سعيده ….لا تعبأ
بشئ…….تشوي الذرة وتبيعه وتأخذ النقود لتقبلها وتلصقها بجبينها قبل ان تفتح كيسا قماشيا تضعها به…….وبين الحين والاخر تنادى بصوت ذو نبرة مميزة….(الذرة المشوي)……..مسحت دموعها ….وظهرت على شفتيها ابتسامة باهتة وهى ترى هذا المشهد…….عادت لتنظر الى النيل مجددا………تزيح شعرها المتطاير الى خلف اذنها…..لتعود الى التفكير مرة اخرى……..بعد رؤيتها لهذه السيده تشعر ان هناك شحنة من الامل دخلت الى قلبها…….هناك من يعيشون وحدهم في هذه الحياة..لا يأبهون بشئ سوى توفير لقمة عيش لانفسهم…..ومكان بسيط
يأويهم……..اذا لم لا تكون مثلهم……تعمل بالمجلة…….وتسكن في مكان بسيط……..ولكن حتى تحقق كل تلك الاحلام…لابد لها من مكان يأويها …..على الاقل حتى الصباح…..بدأت برودة الليل تسري……افاقت من تفكيرها على صوت ارتطام بعض الاشياء..نظرت الى السيده العجوز بجانبها لتراها تلملم اشياءها وتستعد للمغادرة……..نظرت الى ساعتها…..لقد مر الوقت سريعا وقاربت الساعة على منتصف الليل….تلفتت حولها….بدأت الشوارع تهدأ والمحلات تغلق ابوابها .وهى مازالت جالسة…..اين تذهب الان؟…….وهنا اتسعت عيناها عن
اخرهما وهى تهتف: امنية…….انا ازاي نسيتها؟؟
وبدون كلمة اضافية اخرجت هاتفها لتدق رقم امنية في سرعة ثم يأتيها الجواب و: الو…..ايوة يا امنية……انتى فين؟؟………طيب كويس..انا عايزة اجيلك دلوقتي………لا ……هقولك لما اجي…..انتى ساكنة فين بالظبط؟؟………اه …..اه……….اه ماشي خلاص……لا ده سهل اوي……مسافة السكة واكون عندك..مع السلامة
اغلقت سلمى الخط لتقوم بسرعة وتحمل حقيبتها وتقف ملوحة الى احدى سيارات الاجرة…لتستقلها وتنطلق بها في سرعة
************************************
في منزل امنية ……كانت سلمى جالسة على اريكة متواضعة ..قبل ان تأتى امنية حاملة صينية قد وضع فوقها كأس من العصير وبعض الفاكهة………وبالطبع لم تتناول سلمى شيئا منذ الصباح……ومع مجهود السفر…..تشعر بالعطش الشديد…..وايضا الجوع الشديد……..لذا بدأت على الفور بتناول كوب العصير بأكمله ….لتبدأ في تناول الفاكهة
امنية وهى تراقبها بقلق: سلمى؟؟…………ممكن اعرف ايه اللى حصل بقى؟؟
سلمى بخفوت: ممكن ماجاوبش؟؟
امنية متمتمة: براحتك…بس انا برضه عايزة اتطمن عليكي
سلمى رافعة عيناها الدامعتان اليها ومتمتمة: كل اللي اقدر اقوله……انى مش هقدر اعيش مع ادهم يوم واحد تانى…….وهحتاج اقعد معاكى لغاية لما ادبر امورى
امنية وقد اتسعت عيناها في ذهول:ليه بس كده؟؟
لم يأتها جواب سلمى…..اما هى فتابعت: عموما……البيت تحت امرك
سلمى محاولة كتمان دموعها: شكرا يا امنية
امنية وهى تقوم: لا شكر على واجب…انا هدخل ارتبلك الاوضه علشان تنامى فيها
دخلت امنية الى احدى الغرف …وماهى الا دقائق وعادت لتقول : الاوضه جاهزة يا سلمى…..ادخلى ريحى جسمك فيها…وانا كمان هدخل انام علشان تعبانة شوية………ولو احتجى اي حاجة اعتبري البيت بيتك
سلمى بامتنان وهى تقوم: انا مش عارفة اشكرك ازاي يا امنية …..انا
امنية مقاطعه: احنا اصحاب يا سلمى……يالا ….تصبحى على خير
سلمى بسرعة: وانتى من اهله
دخلت امنية …..تاركة سلمى تحمل حقيبتها لتدخل الى غرفتها وتغلق الباب وراءها في هدوء…….
**************************
في منزل خالد كان الجميع يجلسون لتناول طعام الفطور,,,,,,,,,عندما تعالى صوت رنين جرس باب الشقة……
احمد وهو يقوم بسرعة من فوق مائده الطعام: انا هفتح
ذهب احمد للفتح…..في حين تمتم خالد: الواد اتخوت بالجامعة بتاعته….مصر يفتح كل مرة على امل تكون موافقة الجامعة وصلت
رشا ماطة شفتيها: كويس…..اهو بيريحنا من فتح الباب
ابتسم خالد وهم بقول شئ الا ان قاطعه صوت احمد يهتف بسعاده غامرة: مش ممكن !!!!!!!
التفت رشا اليه هاتفه: ايه يا واد ؟…….خرعتنى
احمد بسعاده تغمره وهو يتجه ناحيتهم: انا قبلت في جامعة سياتل يا ماما…انا مش مصدق نفسي
خالد بفرحة: بجد والله؟؟……..وريني كده
ناوله احمد الجواب ليدقق خالد به قبل ان يتمتم: ايه ده؟؟…ده كله بالانجليزي
احمد بسرعة: جواب جاي من جامعة في واشنطن…..هيبقى بأنهى لغة يعنى يا بابا؟؟
خالد وهو يفتح ذراعيه ليرتمى احمد بينهم: الف مبروك يا حبيبي……ربنا يوفقك يارب
اما رشا فقد ظهرت علامات الحزن عليها…….قبل ان تتمتم: يعني كان لازمته ايه السفر ووجع الدماغ؟؟
رمقها خالد بنظرة مغتاظة قبل ان يقول: لازمته ان ابننا هيلاقي مستوى تعليم افضل من اللى هيلاقيه هنا
احمد بسعاده: اه طبعا..ثم التفت الى رشا ليطبع قبلة فوق وجنتها قبل ان يقول: وبعدين اتطمنى يا ماما..انا هبقى اتصل بيكي كل يوم….وهحاول انزل في الاجازات
خالد: لو حاسس ان ده هيبقى مجهود عليك مش مشكلة……اهم حاجة تذاكر كويس علشان توصل للدرجة اللى بتتمناها
احمد: ان شاء الله
خالد: دلوقتي وبعد الجواب….لسالك ايه في الاجراءات؟؟
احمد بسرعة: لسه الفيزا اللى هاخدها من السفارة الامريكية في القاهرة
خالد مربتا فوق كتفه: ربنا يوفقك يا حبيبي…….
احمد بسرعة: انا هقوم ابلغ رامي……
وبدون كلمة اخرى قام احمد…….اما خالد فقد نظر الى رشا ليجد عيناها تدمعان………امسك يدها وضغط عليها قليلا قبل ان يتمتم: انا عارف ان حياتنا مش هيبقى ليها طعم من غيره…..بس معلش…..الواحد لازم يضحى علشان مستقبل عياله
اومأت رشا برأسها قبل ان تقوم وتلتقط الاطباق من فوق المائده …..لتتجه بهم الى المطبخ …….تاركة خالد يفكر في حالهم بعد رحيل احمد………
********************************
في الصباح استيقظت سلمى من نوم عميق……يبدو ان جسدها كان بحاجة ماسة الى الراحة وما ان تيسرت لها الفرصة حتى غاصت في اعماق النوم غير عابئة بكل تلك الافكار التى كانت تدور برأسها………..اتجهت الى باب الغرفة لتفتحه وتتجه الى غرفة امنية لتجدها مفتوحة وما من اثر لها……وهنا وجدت طاولة صغيرة قد وضع فوقها طعام افطار بسيط …….وبجانبه ورقة التقطتها لتجد مكتوب عليها(سلمى….انا نزلت الشغل .ومارضيتش اصحيكي……الفطار عندك…..كلى كويس علشان انا بتأخر في الشغل ……والغدا هيجي متأخر…..لو حبيتى تنزلى تروحى اي حتة…..من حسن الحظ معايا مفتاحين …….النسخة التانية عندك تحت طبق الجبنة…)
رفعت سلمى طبق الجبن لتجد تحته وبالفعل المفتاح….بدون ان تفكر في اي شئ جلست لتأكل……..حيث ان الجوع قد بلغ مبلغه معها…….ليعتصر معدتها بألم شديد……..وما ان انهت فطورها .حتى اعادت الاطباق الى المطبخ……وجلست تفكر في حالها….عليها ان تفعل العديد من الاشياء……بماذا ستبدأ؟…..في البداية وقبل اي شئ……لا يمكنها ان تعيش بدون مال…….لابد ان تحصل على ذهبها الذي نسيته…..ولكن كيف؟……نظرت الى ساعة الحائط لتجدها مشيرة الى السابعة والنصف…وضعت خطة بسيطة بعقلها…….واستعدت لتنفيذها……..ذهبت بسرعة لترتدى ملابسها..وتلتقط مفتاحها ……..لتنزل في سرعة وتستقل احدى سيارات الاجرة ………وتنطلق بها مسرعة الى شقتها…..)
وما ان وصلت…..
سلمى وهى تنظر عبر النافذه: بس هنا يا اسطى……….ثم فتحت الباب لتترجل منها في حين هتف السائق: الاجرة يا انسة
سلمى بسرعة وهى تلتفت اليه: معلش ممكن بس تستناني هنا بتاع 10 دقايق كده؟؟
السائق بملل: يا انسه انا ورايا شغل
سلمى بسرعة: اتطمن انا هعوضك بمبلغ كويس……بس معلش استناني
مط السائق شفتيه متمتا : امرنا لله……بس بسرعة وحياة ابوكى
سلمى وهى تسير: حاضر…..
ركضت سلمى في سرعة الى باب العمارة.وما ان وصلت حتى هتفت بنفس متقطع: عم عبده
افاق هذا الرجل المسن من نومته المعهودة فوق الكرسي ليهتف واقفا: الست سلمى……..
سلمى واضعة يدها فوق صدرها محاولة التقاط نفسها: ادهم…ادهم بيه…نزل ولا لسه؟؟
عبده: اه نزل من الساعة سابعة يمكن…..بس كان شكله غريب .خرج بسرعة كده من غير سلام ولا كلام
سلمى بسرعة: معلش يا عم عبده…انا هطلع فوق اعمل شوية حاجات……بس ياريت ماتقولش لادهم انى جيت …ماشي؟؟
عبده مبتسما:اه اكيد حضرتك ه تعمليله مفاجأة .صح؟؟
سلمى محاولة مجاراته: ايوة ….عليك نور……..خلاص مش هتقوله؟؟
عبده مشيرا الى عيناه: من عينيا الاتنين….انتى تؤمري يا ست سلمى….
سلمى بابتسامة: تسلم عينيك يا عم عبده
وبدون كلمة اضافيه ……اسرعت سلمى بالدخول لتستقل المصعد..وتتجه الى باب شقتها لتفتحه….بدون ان تنظر الى ارجاءها ……..ركضت بسرعة الى حجرتها لتفتح احد الكومودنيات…….لتطلق تنهيده قبل ان تتمتم: الحمد لله….
فتحت حقيبتها لتضع بداخلها علبة ذهبها كاملة…….هذا الى جانب بعض النقود المدخرة من مالها الخاص…….مابين مصروف كانت تأخذه من ادهم.ونقود المواسم التى كانت تأخذها من والدها….وبعض المدخرات الشخصية…..حملتها كلها في حقيبتها لتغلق عليها ….وبسرعة تتجه الى الباب لتفتحه….وتغلقه وراءها بدون ان تلقى على الشقة نظرة توديع واحده……..نزلت بسرعة لتستقل سيارة الاجرة وتنطلق بها الى المجلة…نعم…فكلما اسرعت كلما كان هذا افضل………حاسبت السائق وتركته يذهب…….لتصعد هي بسرعة الى مبنى المجلة…….على امل ان تجد بداخلها عملا مدرا للربح لها…فهى الان في امس الحاجة اليه)
***************************
في المنزل…..كانت سلمى جالسة مع امنية لتناول طعام الغداء
امنية وهى تلوك الطعام في فمها: يعني هتاخدى مرتب ولا لا؟؟
سلمى وهى منهمكة في تناول الطعام بدورها: لا…..دكتور عادل قاللى هتحتاجى شهر تانى تدريب…يعني علشان بعدت عن مجال الكتابة فترة طويلة….فهيحتاج يختبر قدرتى على الكتابة لسه زي ماهيا ولا اتغيرت……
اومأت امنية برأسها قبل ان تقول: وبعد الشهر لو اسلوبك رجع كويس هيعينك بمرتب
سلمى مبتسمة: صح كده…..نفسي بقى اليوم ده يجى…واتثبت وابقى موظفة رسمى
امنمية متمتمة: ان شاء الله
سلمى: مالك يا امنية؟….حساكى مكتئبه كده ……..هو فيه حاجة ولا ايه؟؟
امنية محاولة رسم ابتسامة مصطنعة: لا ابدا………انا كويسة
مطت سلمى شفتيها قبل ان تضع الملعقة وتقوم….وهى تتمتم: الحمد لله……
امنية بسرعة: ايه ده؟؟..انتى ماكلتيش
سلمى بسرعة: لا ده انا كلت كتير اوي الحمد لله……هروح اغسل ايدي علشان عايزة اعمل مكالمة مهمة
دخلت سلمى لتغسل يدها……وما ان خرجت حتى وجدت امنية تجمع الاطباق فساعدتها…..وبعدما انتهت…….التقطت هاتفها المغلق لتفتحه وتدق بعض الارقام في سرعة و: الو
فاروق بلهفة: ايوة…ايوة يا سلمى
سلمى بسرعة: ايوة يا بابا……اخبارك ايه؟؟
فاروق: طمنيني عليكي انتى يا حبيبتي..انتى رحتى فين امباارح…….اتصلت عليكي كتير وموبايلك كاان مقفول
سلمى: انا رجعت القاهرة
فاروق بسعاده: خلاص..اتصالحتى مع ادهم؟
سلمى بخفوت : لا
فاروق ببهوت: ليه؟؟
سلمى: بابا ارجوك.انا مش متصلة احكي تفاصيل….انا بس كنت عايزة اطمن حضرتك عليا
فاروق: طب انتى فين في القاهرة دلوقتي؟؟
سلمى: انا في مكان امان ماتخافش عليا
فاروق : ياحبيبتى طب تعالى اقعدى معانا
سلمى: لا يا بابا………للاسف مش هقدر
فاروق ببهوت: ليه يا بنتى؟..انتى زعلتى منى؟؟
سلمى مطلقة تنهيده: لا يا بابا..انا……انا بس اكتشفت ان فيه سلبيات كتير في حياتى هحاول اصلحها
فاروق: انا ابوكى يا سلمى ومن حقي اعرف هتعملى ايه؟؟
سلمى: انا هعمل اقصى ما في وسعى علشان اتطلق من ادهم.
فاروق بفزع: ايه ؟؟؟؟….ليه؟؟
سلمى: كده هبقى مرتاحة اكتر وهقدر ابنى نفسي من جديد
فاروق بسرعة: بس يا سلمى بع…
قاطعته سلمى متمتمة: ارجوك يا بابا……..انا مش عايزة اقول انا هعمل ايه علشان لغاية دلوقتي انا معرفش………بس غرضي من الاتصال انى اطمن حضرتك عليا………وتأكد انى عمري ما هعمل حاجة تغضب ربنا ……..او تزعلك منى……وان شاء الله هرجعلك تانى……..بس بعد ما احس ان ثقتى في نفسي رجعت زي الاول واحسن…..ولغاية ما اللحظة دي تيجي……انا هكون قافلة موبايلي…..مش عايزة اي اتصال بينى وبين اي حد……عايزة اجرب اعيش لنفسي شوية……..وارجو ان حضرتك ماتقلقش……..
هم فاروق بقول شئ ………الا ان الخط قطع ……….حدقت سلمى في هاتفها للحظات قبل ان تتمتم : الرصيد خلص…………ودلوقتي انت مالكش اي لازمة………….ضغطت على زر الاغلاق……….لينطفئ ضوء الهاتف……شردت للحظة في كلامها الاخير قبل ان يفيقها من شرودها خروج امنية حاملة صينية قد وضع فوقها كوبين من الشاي لتضعه امام سلمى ….متمتمة: كنتى بتكلمى مين؟
سلمى بابتسامة هادئة: بابا بيسلم عليكي
امنية: الله يسلمه
وبدون كلمة اخرى امسكت سلمى بكوب الشاي……لتتناوله في هدوء……وشرود
*************************
في مكتبه كان ادهم جالسا يقاوم رغبة عارمة للاتصال على منزل فاروق……….ولكنه يشعر انه بهذا التصرف سوف يتنازل عن كرامته……سلمى المخطئة……في الحقيقة لقد جرحته جرحا غائرا……..ولكن ماذا يفعل في حبها الذي استقر بداخل قلبه يأبى الخروج……لا يعلم كيف صفعها على وجهها بهذه القسوة…..ربما لانه يحبها لم يحتمل منها كلمة كتلك…..لم يعد يعلم اي شئ باسثناء انه يشعر بالحزن الشديد والانكسار بعد ذهابها …….لقد كانت تضئ منزله.على الرغم من جفاء حياتهم…..الا انها لم تخلو من بعض السعاده الناتجة عن رؤيته لها باستمرار……..وبعد ذهابها تحولت حياته الى حطام…مامن شئ سعيد بها…….جاء الى عمله هربا من منزله الكئيب ليس اكثر……وبينما هو على تلك الحالة اذا بسكرتيرته تدخل هاتفه: الاستاذ سعد بره …..
ادهم بلا مبالاة: دخليه
دخل سعد ببهجته المعتاده هاتفا: سلامو عليكو…….ازيك يا ادهوم
اشار ادهم لسكرتيرته لتخرج وتغلق الباب قبل ان يشير الى سعد بالجلوس متمتما: ازيك يا سعد………اتفضل
سعد: يا ساتر يا ساتر على التكشيرة……وانا اللى كنت جاي وفاكر انى هلاقيك طاير من الفرحة
مط ادهم شفتيه متمتا : ليه؟؟
سعد : ليه ايه؟…….يابنى انت ماشوفتش الارباح اللى حققتها الشركة الشهر ده؟؟
ادهم بلا مبالاة: شفت
سعد: علشان تعرف بقى انى لما اقولك على حاجة تسمع كلامى………قللك اشتغل في اللحمة البرازيلي…….وادينا اهو.كسبنا دهب من بيعها…..في ظل الغلاء اللى البلد فيه ده…….وخصوصا ارتفاع سعر اللحمة …….تبقى اللحمة المستوردة انسب اختيار
ادهم: انا كنت لسه بفكر اوقف اي حركة استيراد لاى حاجة تاني باستثناء اللحوم
سعد بسعاده: عين العقل والله………اللحوم اولى بالتلاجات من الجبن والذي منه..بس قوللى صحيح……مفيش اخبار عن السرقة اللى حصلت من المخازن؟؟
ادهم متأرجحا بكرسيه يمينا ويسارا: لا لسه…..بس التحقيق شغال
سعد: تخيل كل المكاسب دي على الرغم من السرقات اللى حصلت…مابالك بقى لو مفيش
مط ادهم شفتيه وهم بقول شئ لولا سماعه لضجيج بالخارج…فهب واقفا ليهتف: ايه الاصوات دي؟؟
سعد وهو يقف ويتجه الى الباب: معرفش……تعالى نشوف..ولكنه وما ان فتح الباب حتى وجد السكرتيرة وقد اوشكت على فتحه وهى تهتف: ادهم بيه…..تعالى شوف اللى بيحصل ده
خرج ادهم ليجد الموظفين قد تجمعوا …وقد ترك جميعهم عمله….ووسط هذا الجمع كان يوجد احد الحراس وقد امسك بأحدهم
ادهم هاتفا بحده: ايه اللى بيحصل هنا؟؟….ايه الدوشة دى؟؟
من جديد تعالت الاصوات ليصرخ بهم ادهم مجدداا وهو يهتف: واحد بس اللى يتكلم
الحارس بتوتر:ادهم بيه……انا عرفت ان شحاته هو اللى كان بيسرق اللحمة وبيبيعها لحسابه بره
ادهم مضيقا عيناه وناظرا الى شحاته والذي بدا انه يكاد ان يموت من فرط الخوف: انت مش بتشتغل حارس للتلاجات في فترة الليل برضه؟؟
اومأ شحاته برأسه ان نعم…….اما الحارس فتابع: يا ادهم بيه …….انا وعبد الله وشحاته مسئولين عن حراسة التلاجات…..كل واحد 8 ساعت…….بس لقيت شحاته جاي بيعرض عليا انى اشتغل معاه في خروج اللحمة من المخازن..قاللى هنكسب دهب…ومحدش هيعرف مين اللى سرق بالظبط علشان احنا تلاتة…….
ادهم بازدراء: اخس عليك…راجل ناقص صحيح……
الحارس بسرعة: انا بصراحة يا ادهم بيه الشيطان لعب بدماغى شوية ووافقته بس بعد كده رجعت لعقلي وقلت لا …..عمري ما هعض الايد اللى اتمدت لى …..وقررت انى هبلغ حضرك واللى يحصل يحصل……..
ادهم: اصيل يا حنفى……
التفت ادهم الى موظف الحسابات الذي كان واقفا لمتابعه تلك الجلبة مع باقي الموظفين ليهتف: اصرفله مكافأة 500 جنية يا محمود……
الحارس بسعاده: ربنا يخليك لينا يا ادهم باشا
ادم متجها الى شحاته قابضا على ياقته ليجبره على رفع عيناه اليه: اما انت بقى…..فانا خسارة اصلا اتكلم معاك ولا اعاتبك……..انا هراعى انك راجل كبير وعندك عيال عايز تربيهم……علشان كده انا مش هبلغ عنك.مش علشان خاطرك……علشان خاطر عيالك اللى مالهومش ذنب……بس انت هتخرج من الشركة دلوقتي ومش عايز اشوف وشك ابدا………..وقسما عظما لو شفتك حتى عن طريق الصدفة…. ساعتها هتلاقي نفسك محطوط في الحبس مع المجرمين اللى زيك……
ترك يا قته ليهتف بغضب هادر: يالا غور من وشى
ابتلع شحاته ريقه بصعوبه قبل ان يدير لادهم ظهره ويهرول مسرعا الى الخارج
في صباح احد الايام……….استيقظت سلمى على الم في معدتها………فهبت من فوق فراشها……….لتركض الى دورة المياه……….فتستفرغ كل ما ببطنها…….وما ان خرجت حتى وجدت امنية تعدل من هندامها استعدادا للخروج……وما ان رأتها: صباح الخير……
سلمى بإعياء: صباح النور
امنية وهى ترتدى حذاؤها: غريبة………اول مرة الاقيكى متأخرة عنى في النزول
سلمى وهى تتجه الى مقعد الاريكة للجلوس: لا ماهو انا شكلى مش هروح المجلة النهارده……..
امنية : ليه؟؟
سلمى مبتلعة ريقها: لا…. بس تعبانة شوية
امنية: سلامتك……..عندك الفطار اهو كلى بقى علشان ماتتعبيش اكتر
اومأت سلمى برأسها لتتابع امنية وهى تفتح الباب: يالا……مع السلامة بقى
بدون ان تتلقى ردها خرجت امنية ………لتغلق الباب وراءها ……اما سلمى فنظرت الى الطعام باعياء قبل ان تقول: متهيألى النوم هيريحني اكتر….
وبدون ان تستغرق في التفكير مرة اخرى..اتجهت الى حجرتها لتنام……..
************************
امام مبنى الثلاجات…….كان مجموعة من الرجال قد انهمكوا في تفريغ شحنات اللحم المجمد لوضعها بداخلها…تحت اشراف ادهم وسعد………
سعد مبتسما: بصراحة شحنة زي الفل………انا ماعرفش فكرة اللحمة دي كانت تايهة عننا فين
ادهم بشرود: اه……..فعلا فكرة حلوة
سعد مدققا النظر به: ايه؟؟…….مالك مسهم كده؟؟
ادهم مفيقا من شروده: لا ابدا……..المهم…….انا عايزك تعمل اعلانات عن اللحوم هنا………الشحنة دي لازم تخلص وتتوزع…..انا دافع فيها دم قلبي
سعد : ياعم اتقل شوية……..استنى السوق الفترة الجاية سعر اللحمة فيه هيوصل لكام..دي اللحمة بقت شبه الدهب كل يوم بسعر…ده غير انى بفكر في مزاد
ادهم بسرعة: لا مزاد ايه؟؟…….انا مخى مش رايق لمزادات…انا عايزها تتباع واخلص
سعد :ايه يابنى مالك كده الايام دي مش عايز تتعب…..انت ناسي ان فكرة المزاد دي كانت علطول فكرتك
ادهم مشيحا بوجهه: مش عارف…..حاسس ان مالهاش لازمة
سعد: ازاي بقى ؟؟…….دي……
ادهم مقاطعا: خلاص يا سعد……اللى قلته هيتنفذ…….ويالا بقى نمشي من هنا احسن مش قادر اقف
سعد: بس انا عايز اتطمن على نقل اللحمة بنفسي…….اقولك…..روح انت
ادهم بسرعة: اه…….عندك حق والله……….يالا سلام
وبدون كلمة اضافيه ارتدى ادهم نظارته الشمسية واتجه الى سيارته ليستقلها فينطلق بها السائق …….تاركا وراءه سعد يتمتم: مع السلامة……..ثم التفت الى احد العمال ليهتف: اللهم طولك ياروح…….يالا شيل كويس….انت علطول ايدك سايبة كده؟
العامل بخوف: حاضر يا بيه….بس معلش اصلها ساقعة اوي
سعد : طب اخلص يا اخويا خلينا نمشي بقى……..
ومجددا انهمك العامل في حمل اللحم……..وانهمك سعد في المراقبة…….
***************************
بداخل السيارة كان ادهم مستغرقا في تفكير عميق……..لقد مر حوالى الاربعة ايام..ولم تتصل به لا هى ولا والدها……..لا يعرف عنها شيئا بعد ان غادرت منزله في هدوء………يفتقدها حقا…….ليته تمالك اعصابه امامها قليلا…….لا يعلم ماذا عساه يفعل؟؟………فليتصل هو بوالدها…..ولكنه ليس المخطئ ……..اذا اتصل به ستهدر كرامته…….ايه كرامة تلك التى تسبب تعاسة صاحبها……..
ادهم هاتفا: اقف هنا
شعبان السائق: هنا؟؟
ادهم بنفاذ صبر: ايوة
اوقف شعبان السيارة ليترجل ادهم منها………فيستند الى سور النيل مباشرة……قبل ان يخرج هاتفه المحمول ويدق رقما مسجلا عنده و: الو……ايوة يا عمى…..انا ادهم
فاروق بخفوت: ايوة ………عايز ايه؟؟
اضطرب ادهم من لهجة فاروق قبل ان يتمتم: انا……..انا عارف ان انا غلطان يا عمى ……….بس هي اللى غلطت الاول يرضيك……..
وهنا قاطعه فاروق متمتما بنفس النبرة: وفر كلامك لنفسك……….سلمى مش هنا
ادهم : مش مهم تكون في البيت انا كنت عايز اكلم حضرتك…..انا
فاروق مقاطعا وبنفس النبرة الخافتة المختنقة: سلمى مش عندى اصلا
ابتلع ريقه في صعوبه قبل ان يتمتم: امال …امال فين؟؟
فاروق باقتضاب: في القاهرة
ادهم بسرعة: طب كويس….فين بقى؟؟
فاروق: معرفش
ادهم هاتفا: نعم؟؟……يعنى ايه ماتعرفش؟؟
فاروق بشئ من الحدة: يعنى معرفش……..كل اللى اعرفه انك انت السبب في بعد بنتى عنى..اتصلت طمنتنى وماقلتش هي فين..حتى موبايلها قفلته….انا هتجنن عليها والسبب انت…….حسبي الله ونعم الوكيل فيك
ادهم بحده مماثلة: والله اللى اعرفه انك لو خايف عليها بجد هتنزل مصر وهتدور في شبر شبر لغاية ما تلاقيها………زي مانا هعمل
هم فاروق بقول شئ الا ان ادهم اغلق الخط في عصبية….للحظات شعر ان الدنيا تدور من حوله…لقد ازداد الامر تعقيدا الان……تمتم بخفوت: ياترى انتى فين يا سلمى؟؟……….بس برضه…هوصلك يعنى هوصلك
وبدون كلمة اضافيه اتجه ادهم الى سيارته ليستقلها ……فتنطلق به في سرعه……وبداخلها
ادهم ناظرا الى النافذه: وديني على البيت
شعبان ناظرا له في المرأة: مش حضرتك قلتلي الشركة؟؟
ادهم بشرود: غيرت رأيي
شعبان محركا رأسه: امرك يا بيه
انحرف شعبان بسيارته لتغير اتجاه سيره……..اما ادهم فقد بدا انه مستغرقا في تفكير عميق……وسؤال واحد يتردد في ذهنه………في اي مكان سيبدأ بحثه عن سلمى؟؟…………
**************************
فتحت سلمى عيناها ………..يبدو انها استغرقت كثيرا في نومها…….ولكنها تشعر ببعض التحسن الان……قامت من فوق فراشها لتفتح باب غرفتها وتنظر الى الساعة لتجدها مشيرة الى الواحده والنصف..اتجهت الى دورة المياه ….فتوضأت لتصلي الظهر ……..ودعت الله في سجودها وكالعادة بأن يفك كربها …..ويظهر لها الامور على حقيقتها…حتى لا تخدع مرة اخرى في اي شخص كان……اتجهت الى المطبخ لصنع كوبا من الشاي………وجلست لتتناوله بهدوء في الصالة…..وبعدما انتهت……نظرت حولها……..كان المنزل مليئا بالفوضى……..فيبدو ان امنيه تهتم لعملها بشكل اكبر………لها عذرها بالطبع……لطالما كانت فتاة مدللة ……..لا تهتم كثيرا لاعمال المنزل بعكس سلمى التى تكره ان ترى المكان حولها غير مرتب…….لذا فكرت ان تقوم لترتيب منزل امنية…فهى ايضا مقصرة في حقها…..لقد استضافتها امنيه حوالى خمسة ايام……..اذا لابد لها من مشاركتها اعباءها……..قامت واستعدت للتنظيف والترتيب والتلميع…..مضت حوالى الساعتين قبل ان تدخل الى غرفتها لتجدها في حالة فوضى عارمة………علقت الملابس الملقاة فوق فراشها على الشماعات واغلقت ضلفة خزانة ملابسها المفتوحة.وقامت بتلميع كل الاسطح التى كـساها التراب ليخفى معالمها ………حسنا ….انتهى الامر…..حان دور كنس الارضية…بدأت بالفعل بالكنس بتلك المكنسة اليدوية……….لتخرج من غرفتها كم هائل من المخلفات……..جمعتهم لتضعهم في هذا الكيس البلاستيكى……..وهنا وقع بصرها على شئ لامع قد اندس بين تلك المخلفات….مدت يدها لتلتقطه وترفعه امام عيناها………التى مالبثت ان اتسعتا بشده …….فالشئ اللامع لم يكن سوى زر بدلة ادهم المفقود……..بلعت ريقها في صعوبة قبل ان تهب واقفة وتدقق النظر اليه.تفتح وتغلق عيناها……ربما هى في حلم…..وربما ليس هو الزر..لا ..بالتأكيد هو……..لا يخفى عنها ابدا …هو بعينه…….لقداخبرها ادهم انه احضر بذلته من باريس…….كيف جاء الى هنا؟؟…………وهنا اتسعت عيناها عن اخرهما وابتلعت ريقها بصعوبة متوترة…….ايعقل ان تكون امنية هى…………….شهقت واضعة يدها فوق فمها قبل ان تتلألأ عيناها بالدموع……وهى تتمتم: مش ممكن…….امنية ؟؟!!!!!!!!!!!!
وهنا شعرت بهذا الهبوط اللعين يجتاح عقلها كعاصفة هوجاء……استندت الى حافة الباب …….ثم حاولت رفع يدها من فوقه والاتجاه الى اقرب مقعد لها لترتمى بجسدها فوقه…….دارت سلسلة الاحداث من البداية
غضب امنية الغير مبرر وقت الحفل عندما تحدث اليها ادهم…….لم تفهم سلمى وقتها ما حدث ولكنها الان ادركت ما كان يغضبها حقا…….لقد اعجبت بأدهم وغاظها ان يتحدث الى سلمى
وجهها الشاحب عندما حضرت الى خطبتها.وعدم زيارتها لها طوال مده مكوثها برفقة ابيها بالاجازة
عدم حضورها لفرحها
التفكير بالاتصال بها فقد لكى………مهلا…….قدومها الى القاهرة من الاساس لم يكن ابدا للعمل .انه…………….
انهمرت دموعها المريرة…….تشعر بنفس الغصة في حلقها….مجددا ظهرت لها حقيقة اخرى جعلتها تتأكد من مدى غباءها ………وربما لأنها لم تتربى على الخبث والظهور بمظهرين……والنتيجة …….تتلقى الطعنة وراء الاخرى من اقرب الاقربين…..زوجها ……..والدها……..والان صديقتها…….مال هذه الدنيا……كثر فيها الطالح ليخفى معالم الصالح……….الان فقط تشعر بمدى قساوة تلك الحياة……..كثر فيها الغدر والخداع وتفشت بها الخيانة…………تشعر بالمرارة حقا ….فقد تلقت طعنة مصيبة قلبها في مقتل…….ماذا عساها تفعل الان؟؟……….لابد لها من مغادرة تلك الشقة …….فلتتمتع بها الخائنة…….مسحت دموعها المنهمرة ……لتحاول الوقوف من جديد…….تتجه الى غرفتها…….لتجمع اشياءها بداخل حقيبتها…..وتغادر ……الن تواجهها؟؟…………لاهي لن ترهق نفسها مع خائنة مثلها……فلتذهب الى الجحيم هي وامثالها…….
نزلت بخطوات مترنحة…فهى لم تعد ترى ما امامها …تكاد لا تشعر بقدماها…….لقد تحمل قلبها الكثير..تعجب انه لم يتوقف حتى الان……..ياله من قلب صامد جلد…..فلتتحمل يا قلبي المزيد من الالام……ففى النهاية الانهيار هو مصيرك……
سارت في الشارع خطوات بطيئة .تنظر حولها كما لو كانت تائهة……نعم هي بالفعل تائهة….لم تعد تدري ما الصواب وما الخطأ……من الفاسد ومن الصالح……الان جميعهم غدارون…….لا تعلم اين عساها تذهب الان……تبحث عن شقة للايجار……..نعم….ولكن كيف وهى في تلك الحالة…وقد ازداد الم رأسها…..ومؤخرا ظهرت تلك الالام القاسية في بطنها……امسكت بطنها لتغمض عيناها في الم …..وتنحنى بجسدها قليلا……..عاودت الوقوف من جديد….لتسير وتسير…..يزيد هذا الصداع برأسها…..تشعر بعيناها تزوغان وبنفسها يتقطع ……وهنا تعالى صوت انحراف سيارة في الاجواء مقترنة بصوت احدهم يصيح: حاسبي يا انسة ….خدى بالك من الطريق …..حاسبي!!!!!!!!………ولكنها بالفعل وقعت قبل ان تلامسها السيارة لتقذف بها بعيدا ببعض الامتار…..لا تدري ماذا حدث فعقلها يقاوم غيبوبة شديدة ……..شعرت بجمع من الناس قد التف حولها….وكان احدهم يشاجر الاخر……ويهتف: حرام عليكو بقوا …….كل يوم حادثة بسببكو
واحدهم مبرئا نفسه: الطريق سريع وهى كانت ماشية في النص…….واديتها كلاكسات وهى كانت واقفة…وبعدين والله هي وقعت من قبل ما المسها حتى
واخرهم يصيح: انتوا هتفضلوا وواقفين كده……ماتعملوا اي حاجىة
ثم اعقبها فتاة تواجهها بوجها الشاحب وهى تهتف: يا انسة …..انتى كويسة ؟؟
وهنا انتهى العرض…..حيث انها اغمضت عيناها بالفعل لتغيب عن الوعى بالفعل
********************************
في مكتب دكتور ناجى عبد العظيم……….كان حسن منهمكا في اعداد بعض الشاي في الغلاية عندما هتف: تشرب معايا يا دوك؟؟
سيف بسرعة: اه ياريت
حسن بهدوء مستفز: ماكلمتكش انت
دكتور ناجىى: بس بقى……انا لما بقعد معاكم بحس انى قاعد مع عيال كل همها الخناق
سيف بابتسامة : ما احنا ولادك برضه يا دكتور.ولا ايه؟؟
حسن : اه اه….كل بعقله حلاوة ……..يا دكتور سيف بيقعد كده يعمل نفسه بقى بيحبك من ادامك…لكن من وراك بيقول عليك بقى اييييييييييييييييه
ناجى وهو ينظر الى سيف: إيه يا سيف؟؟
سيف بسرعة وهو ينقل بصره الى حسن بتوتر: بالخير طبعا……..بس يا حسن لا الدكتور يصدق
حسن وهو يحمل صينية قد رص فوقها كوبين من الشاي: لا يا دكتور ده انا عبيط…..هتاخد على كلامى برضه؟؟…….ده سيف بيحبك جدا..وانا كمان طبعا
دكتور ناجى ناظرا للصينية: انت ماعملتش شاي لسيف ولا ايه؟؟
سيف : لا اعفيني يا دكتور..انا لما بشربه بصراحة دماغى بتتعود عليه.واليوم اللى ماشربش فيه ابقى حاسس انى مش على بعضي
ناجىى وبعد ان ارتشف من كوبه: اه والله……. .ده انا كمان نفسي ابطله….بس اعمل ايه بقى……اتعودت وخلاص
هم سيف بقول شئ الا ان الباب فتح فجأة ليظهر احد التمرجية على عتبته هاتفا بفزع: يا دكتور فيه حالة دخلت دلوقتي العناية…..حادثة وفيه نزيف جامد
ناجى وقد هب من فوق مقعده: يالا يا دكاترة
حسن ناظرا للكوب: طب والشاي؟؟
سيف بشئ من الحده وهو يقوم: هاته علشان نفسي اصبه فوق راسك
حسن بسرعة وهو يقوم: لا وعلى ايه؟؟……اقوم احسن
قام سيف وحسن وراء الدكتور ناجى………ليسيرا في تلك الطرقه المؤديه الى غرفه العناية…….وقبل ان يصل اليها سيف شعر بوخزة في قلبه فتوقف للحظة ليضع يده فوقه………ليقف حسن بدوره وهو يهتف: مالك يا سيف؟؟
سيف بشرود: لا ابدا انا كويس…..بس مش عارف حاسس انى شميت ريحة اعرفها كويس……
حسن: لا والنبى؟؟…….لا غريبة اوي تكون شغال في المستشفى وتستغرب لما تشم ريحة الاوضه دي
سيف : لا مش الاوضه….ثم عاد ليتابع: يالا يالا……خلينا ندخل
حسن بسرعة: يالا
دخل حسن ووراءه سيف…ليجدا الدكتور هانى وقد ارتدى قفازاته وبدأ في فحص الشخص امامه…..حاول سيف ان يتبين الشخص من وراء الطبيب…..
ناجى: عقموا ايديكم يا دكاترة……عندنا حالة اجهاض هنا
سيف بأسى: لا اله الا الله
اما حسن وبعد انتهاؤه من التعقيم….نظر الى سلمى ليهتف: ايه ده؟؟…..البنت دي انا شفتها قبل كده….بس مش فاكر فين
ناجى بنظرة مؤنبه : مش وقته ده…..سيف هاتلى حقنة Propofol
سيف متجها الى ركن من اركان الغرفه وملتقطعا احدى حقن المخدر الكلى: حاضر
حسن ومازال مدققا النظر في وجه سلمى في محاوله لتذكره: يا دكتور احنا كفاية كده؟؟…انا اول مرة اعمل عملية تفريغ رحم
دكتور ناجى بحده: ماتنساش انك بتكلم دكتور نسا
حسن بسرعة: انا اسف يا دكتور……
ناجى بعصبية : بسرعة يا سيف الحقنة
سيف وهو يتجه ناحيتهم ويناوله الحقنة: اهى يا دك…………(وهنا اتسعت عيناه عن اخرهما…وشحب وجهه بشده…..وهو ينظر الى هذا الوجه الملائكى الذي لطالما افتقده……..اما حسن فكان يتابع دكتور ناجى اثناء حقنه لوريد سلمى……..)
مازال متسمرا مكانه….يخفق قلبه بشده….يكاد يخرج من بين ضلوعه…هاهى حبيبة عمره امامه……..وهى ليست على ما يرام ابدا.ترى ماذا اصابها…….يدقق بها بذهول تام……في هذا الوجه الشاحب…..وعيناها الذابلتان……وشعرها الحريري الذي تناثرت بعضا من خصلاته فوق وجهها…….يريد ان يرى عيناها اللامعتان الساحرتان……..يريد ان يضمها الى صدره ليشبع رغبته العارمة في ذلك………يريد ان يتحسس وجهها المصفر……يريد ان يخفف عنها الامها ……..يريد ان يكون هو فقط طبيبها………..هل يعقل هذا…..انه حقا في حلم……..بالتأكيد انه حلم…….من تراه يصدق انه وبعد حوالى اربعة اعوام يراها…….لقد رأها قبل سنتين وكانت تزف الى اخر……..مهلا…..ماذا دهاك يا سيف؟…..هل نسيت انها متزوجة وانها لم تعد حبيبتك الصغيرة التى تربت على يدك………ليس من حقك ان تبادلها ايه مشاعر .ليس من حقك ابدا…..زوجها فقط هو من له كامل الحق عليها..ولكن مهلا……..اين هو زوجها……لماذا اتت بمفردها واغراب هم من جلبوها الى هنا؟؟
-ارفع يا حسن
افاقته جملة دكتور ناجى من شروده ليهتف بارتياع ومن بين عيون دامعة.وهو ممسك بطرف فستانها في محاولة منه لاثناءهم عن رفعه: لا!!!!!!
تبادل حسن مع ناجى نظرة متوترة قبل ان يهتف ناجى: مالك يا سيف…….سيب هدومها
حرك سيف رأسه بأن لا…قبل ان تنهمر بعض عبراته فوق خده ……..ليتركهم ويفتح الباب بسرعة ليركض الى الخارج بخطوات واسعة
حسن وقد هم بملاحقته: سيف.انت رايح فين؟؟
ناجى بحده: سيبه يا حسن…….واقفل الباب علشان التعقيم
اغلق حسن الباب ………وعاد لمتابعة عمله………وعقله يحمل مئات الاسئلة…….الان فقد قد تذكر اين رأي هذا الوجه…….انها عروس الفرح الذي سبق وحضره سيف ليخرج منه في حالة انهيار…….ترى ماذا يربطهما سويا؟؟…….
-المشرط
افاقته جملة الطبيب من شروده ليناوله المشرط…….ويتابع طبيبه اثناء ممارسته لعمله
- بقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية هل من امان في بحور الاحزان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)