روايات

رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة الخولي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية هل من امان في بحور الاحزان الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة الخولي

 

البارت التاسع عشر

 

 

الحلقة 19

في منزلها كانت سلمى تجلس مع امنية ………
امنيه وبعد ان ارتشفت من كوب العصير: بس يا ستى……..فأنا قلت بقى اسيبلهم البيت باللي فيه واهج……انا مش ناقصة وجع دماغ……
سلمى: بس برضه ده مهما كان ابوكى
امنية: ابويا؟؟……..ده كان زمان ايام ما كان مهتم بينا………بس من ساعة ما الست دي دخلت حياته شقلبتها وغيرته علينا………
سلمى وقد تذكرت احزانها: اه ……انتى هتقوليلى على مراتات الابهات………بس برضه مش كلهم كده
امنية ماطة شفتيها : معظمهم كده……وبعدين خلاص بقى سيبينا من السيرة الهم دي وطمنيني……انتى عاملة ايه في حياتك بعد الجواز
سلمى وبعد ان اطلقت تنهيده: زي مانتى شايفة ….محبوسة بين اربع حيطان
امنية :طب وشغلك؟؟………مابقيتيش بتروحى المجلة ولا ايه؟؟
سلمى بملل: ادهم مش راضي…….بيقولى البيت اولى بيكي…..وبصراحة كده انا حاسة انى مابقاش عندى عزيمة
امنية: ليه يا بنتى؟
سلمى: يعني…الواحده طول ماهيا حاسة انها مابتخدش دفعات ايجابية …..وفيه اللى عمال يحبطها ويشحنها بطاقة سلبية……مابيبقاش عندها استعداد لأى حاجة…….زيي انا دلوقتي…حاسة اني خلاص طموحى اتدمر ومابقاش عندى اي دافع لتحقيق اي حاجة
امنية : بس انا بجد ماكنتش اتخيل ادهم يكون بعد الجواز كده……….كويس بقى انى ماتجوزتوش
سلمى وقد تعجبت من الكلمة: ها؟؟
امنية بمزاح: بصراحة ادهم كان عاجب كل اللى كانوا في الحفلة…….بس اهو طلع من نصيبك انتى…….
مطت سلمى شفتيها قبل ان تقول: وماحكتليش عن شغلك بقى…….ايه حكاية الشركة دى؟
امنية: ابدا يا ستى……دي شركة تأمين (……)…….فاتحين هنا فرع جديد في القاهرة……فقدمت السي في بتاعى على الايميل وبعتولى الموافقة …..وماكنش ناقص غير الانترفيو اللى انا كنت متأكده طبعا انى هقبل فيه…….عملته اول ما جيت واستقريت في سكنى الجديد
سلمى: وفين بقى السكن ده؟؟
امنية : في (……..)………ده انتى مش متخيلة لقيت السكن بسهولة قد ايه…….في التاكسي سألت السواق ان كان يعرف شقق مفروشة فرش خفيف كده……قال انه فيه واحده في نفس العمارة اللى ساكن فيها……..رحت شفتها…… عجبتني فخدتها…..
سلمى بابتسامة: كويس والله
امنية: عايزاكى تبقى تزوريني فيها بقى
سلمى : ان شاء الله
امنية وهى تنظر الى ساعتها: معلش يا سلمى انا مضطرة اقوم علشان ورايا لسه تنضيف في الشقة
سلمى: ما لسه بدري
امنية وهى تقوم: لا مش بدري….وبعدين خلاص جوزك زمانه جاي …..واكيد هيبقى عايز يتغدى بقى وياخد راحته……امشي انا بقى
سلمى وهى تقوم بدورها: ماشي يا حبيبتي…….بس ابقى زوريني باستمرار ….ماشي؟
امنية: ان شاء الله……..يالا مع السلامة
سلمى: مع السلامة
تبادلت الاثنتان المعانقات والقبلات قبل ان تخرج امنية……..تاركة سلمى وكالعاده ……..وحدها
********************************
عاد ادهم الى المنزل متأخرا…….بعد يوم عمل طويل……….وما ان دخل
سلمى وهى تستقبله امام الباب: ايه يا ادهم …….اتأخرت كده ليه؟؟
ادهم وهو يدخل: لا ده كان شغل زياده بس…….
سلمى : طب ادخل غير هدومك عقبال ما احضرلك الغدا
ادهم : لا انا مش هاكل دلوقتي
سلمى : ليه؟؟
ادهم وهو ينزع عنه جاكت البدلة: اصلي عندى النهارده عشاء عمل…….يعني شبه اجتماع كده في فندق(…….)
سلمى بنبرة حزن: كده؟؟……..ده انا عاملالك النهارده بوفتيك
ادهم وهو يدخل دوره المياه: معلش بقى …..كليه انتى….المهم انا عايزك تحضريلي بدلة فرحى
سلمى بتعجب: اشمعنى يعني؟؟
ادهم وقد وقف والتفت اليها: علشان زي ماقلتلك…..عشاء عمل…..يعني لازم البس حاجة فخمة……
سلمى: يعني البدلة كاملة؟؟
ادهم:اه……بالقميص كمان
سلمى : طيب………..اللى تشوفه
دخل ادهم دورة المياه …….في حين ذهبت سلمى لتحضير ملابس زوجها……….
مر اليوم سريعا بعدما خرج ادهم الى عشاء العمل …….وتاخر كثيرا………….فنامت سلمى بينما كانت تنتظره……….
*************************
في صباح اليوم التالى…….استيقظت سلمى لتجد زوجها نائم بجوارها……….فقامت لتحضير الفطور وايقاظه لتناوله…….وبعد الفطور ….بدأت سلمى في ترتيب المنزل……بينما كان ادهم يرتدي ملابسه استعدادا للنزول الى العمل
سلمى وهى ممسكة بقميص ادهم: ادهم…….فيه زرار من قميصك وقع
ادهم والذي كان منهمك في عقد رباطة عنقه: وريني كده………
سلمى وهى تناوله القميص:اهو
ادهم : اووووووه……..يا خسارته
سلمى هاتفة: لا انت لازم تدور عليه….شوفه ان كان وقع في عربيتك ولا حاجة..او حتى تسأل في الفندق……ده فص دهب في الماس مش اي حاجة
ادهم وهو يستكمل عقد رباطه عنقه: اه ماشي…..هبقى اشوف راح فين
سلمى وهى تتجه لوضع القميص في خزانة الملابس: انا مش عارفة …..حاجة زي كده المفروض يربطوا عليها جامد..دي مش اي زراير
ادهم بشئ من الحده: خلاص بقى ماكنش حتة زرار ده اللى عاملالى عليه قلبة
تعجبت سلمى من رد فعله فتمتمت : براحتك…….اهى حاجتك وانت حر فيها
ادهم وهو يتجه الى الباب لارتداء حذاؤه: اديكي قولتيها …….حاجتى…..يعني مالكيش دعوة انتى…….يالا سلام
سلمى بخفوت :مع السلامة
خرج ادهم ……تاركا سلمى تحاول السيطرة على عبراتها ………
*******************
مر اليوم سريعا قبل ان يدخل ادهم من باب الشقة ……..بصمته المعتاد……دخل الى غرفته ليجد سلمى نائمة فوق فراشها……ويبدو عليها علامات التعب………فتركها …وانهمك في نزع ملابسه عنه…….وفجأة تعالى صوت رنين هاتف الشقة…..فخرج ادهم للاجابة……ولم يدري ان سلمى قد استيقظت على صوته……تعالى صوت ادهم ….ويبدو ان المتحدث كان واحدا من اصدقاءه…………تشعر بهذا الهبوط مرة اخرى ……..فتغمض عيناها مجددا و………يتعالى صوت هاتفه المحمول معلنا عن وصول رسالة اليه…….نظرت سلمى الى الباب الموارب ……..محاولة تبين ادهم ….ولكنها فشلت..هذا الى جانب رغبة عارمة وفضول قاتل لرؤيه تلك الرسالة……مدت يدها بسرعة لالتقاط الهاتف من فوق الكومودينو بجانبها و…….
(وحشتني اوي من ساعة امبارح………امتى هشوفك تانى؟؟)
اتسعت عينا سلمى في ذهول وهى تحدق بتلك الكلمات القليلة التى تحمل بين طياتها الكثير……..
كانت ممسكة بالهاتف بيد مرتعشة .ومحدقه بالشاشة..بعينان زائغتان…….ونفس متقطع…………عندما دخل ادهم عليها ليجدها على تلك الحال..فيشحب وجهه بدوره وهو يتمتم: مالك يا سلمى؟؟
رفعت سلمى عيناها المتسعتان عن اخرهما والمتلألأتان بالدموع ….قبل ان تدير الهاتف ناحيته وتقربه من عيناه…..لتهرب الدماء من وجهه فيزداد شحوبا ………يبتلع ريقه بصعوبة قبل ان يتمتم بحروف متقطعة..: ده…ده……..ده ..دي واحدة…اه واحده بتعاكسنى ..وانا….انا مش مش بطيقها
سلمى وقد نجحت اخيرا في اخراج بعض الحروف من بين شفتيها: يعني ما ….ماكنش عشاء عمل
ادهم بسرعة: لا…لا ……كان عشاء عمل بس………بس
اما سلمى فقد بدأت تستوعب الموقف شيئا فشيئا قبل ان تقف هاتفه بصراخ باكى: اخرس خالص…..كفاية كدب بقى….كفاية…..
ادهم بحده محاولا ان يظهر بمظهر الاقوى: انتى اتجننتى .؟؟…….ازاي تكلميني كده؟
سلمى بنفس النبره : انت كمان ليك عين تزعق؟……..ده انا هفضحك .انا………….اااااااااااااااااااااااااااه
ادهم وهو حاكم قبضته الفولاذية فوق ذراعها ……..هاتفا بغضب هادر: قلتلك اخرسي خالص وماتعليش صوتك ده…..
تسمرت سلمى في مكانها …..محدقة بفزع في تلك العينان اللتان ينطلق منهما الشرر…..وقد بدأت دموعها في الانهمار…….شعر ادهم بالشفقة قليلا على حالها فخفف من حده ضغطه وهو يقول بنبرة اقل حده: اوعى تفتكري انى هسمحلك تتمادى في اللهجة دي……..فوق يا سلمى……ده انا ادهم المصري
سلمى بصوت مبحوح متقطع: انت خنتنى يا ……يا ادهم..انا….عـ.عملت ايه علشان….
ادهم بحدة غاضبة وهو يترك ذراعها ويديرها ظهره: المشكلة انك ماعملتيش………المشكلة انى حاسس طول الوقت انى قاعد مع ملاك……ملاك ايوة بس………
وهنا التفت اليها متابعا: بس قلبه مش معايا
ضيقت سلمى عيناها الدامعتين قبل ان تقول : ايه؟؟…..انت بتقول ايه؟؟
ادهم بنبرة مختنقة: بقول الحقيقة اللى عرفتها من اول يوم زفافنا…الحقيقة الى فضلت متعذب بيها من ساعة ماتجوزنا ….لغاية النهارده…..رفع يداه اليها متابعا: سنتين…..سنتين يا سلمى وانا بحاول اطرد من ذاكرتى شكلك في الفرح وانتى ملهوفة على اللى اسمه سيف ده…..قولتلي انه زي اخوكى..وابوكى قال نفس الكلام..وافتكرتوا انى بالغباء ده علشان اصدق كلامكو……ماتعرفيش انى فهمت كل حاجة من نظرتك دي…كانت مليانة لهفة وشوق…….حالتك انتى …….كنتى مش قادرة تتحركى من مكانك….عينيكي كانت كلها دموع….حاولتى تداريهم عني بس للاسف معرفتيش……..لانك كنتى مكشوفه اوي…
كانت سلمى تستمع الى كلامه وهى غير مصدقه ما يقال امامها….اذا فالموضوع لم يقتصر على رسالة او مقابلات منزلية او .او……فالموضوع كان كبيرا وبدأ منذ………
سلمى بنبرة ذاهلة وبعد ان ابتلعت ريقها بصعوبة: طب…..طب طالما انت ماصدقتنيش….ماطلقتنيش ليه؟……سيبتنى معاك طول السنتين دول تعذبني بكلام جارح ….وقافل عليا كل المناافذ…..ليه كل ده؟؟………كنت عايز تنتقم منى؟؟
ادهم بنفس النبرة العالية: اه كنت عايز انتقم…..وتعرفي ماسبتكيش ليه؟…..علشان كنت عارف انى ساعتها كنت هعمل فيكى اكبر جميل……كأنى كنت بسلمك ليه بإيديا…بقوله خد سلمى اهى…انا طلقتها علشان تعيش معاك…..
(ادار لها ظهره متابعا: اه عملت عليكي حظر تجول ……..ماتخطيش بره البيت الا مع عربية خاصة……ممكن اكون جرحتك بكلام كتير……كنت كتير بتعمد ارجع بدري عن ميعادي علشان اشوف لو…………وهنا صمت ليتابع بعدها: وللاسف عمري ما مسكت عليكي حاجة)
ثم التفت اليها مجددا وهو يتابع: انتى لو كنتى طلعتى مش كويسة انا كنت طلقتك من غير ما ابكى عليكي يوم واحد……بس اللي عذبنى انك كنتى دايما زوجة مخلصة ……بس للاسف….انتى بجسمك بس معايا…..لكن روحك وقلبك ..في مكان تانى خالص……حاسس ببعدك عنى علطول…….حاسس ان الفجوة ما بينا بتكبر يوم بعد يوم……انتى فاكرة انى انا اللي ببعد…..بس في الحقيقة كنتى انتى اللى بتبعدى وانا كل مدي ما نفسيتي بتتحطم اكتر …….)
سادت لحظات صامتة …….كانت سلمى خلالها تشعر بالذهول حقا……هى لم تتخيل ان كل هذه الافكار كانت متمكنة من ادهم طوال سنتين زواج……..لقد ظلمها حقا بتلك الاعتقادات…..لا …هو لم يظلمها..بل انها ليست باعتقادات……هي بالفعل حقائق….هى لا تنكر انها شعرت باللهفة لرؤيتها سيف…….هى تحبه…..ومازالت تحبه…..لن تستطيع الانكار…….انهمرت الدموع من بين عيناها وهى تتمتم: بس حتى لو كنت حاسس انى كان فيه حاجة بينى وبين سيف…..لازم تعرف انى من ساعة ما اتجوزتك وانا قطعت كل صلة بالماضي وعاهدت نفسي انى ابقى زوجة كويسة واحاول ادوب التلج اللى كل مدى ما كان بيتجمع بينا…..عمري ما حاولت افكر في الماضي……ودايما كنت عايزة اقرب.بس انت اللى كنت بتبعد…..عمري ما خونتك……مش علشان انا خايفة منك ومش علشان انت عامل احتياطاتك….انا ماخونتكش علشان الخيانة حرام….وعلشان انا متربية على الاخلاص والوفاء……..لكن انت عملت ايه…..؟.؟….انت استسهلت الخيانة…….لقيت الحال بينا متوتر بصيت بره….كدبت عليا وقلتلى هروح عشاء عمل في حين انك كنت مع واحده والله اعلم كنتوا بتعملوا ايه………ايوة انت خنتنى يا ادهم…..وخيانتك عمرها ما هتبقى مبررة…..انا احترمتك بس انت ذلتنى…..اديتك الامان ….وطلعت ماتستهلش..
وهنا هتف ادهم بغضب هادر: ايوة خنتك يا سلمى…خنتك وهفضل اخونك…..لازم ادوقك من نفس الكاس اللى دوقتيني منه…….لازم انتقم منك على اللى عملتيه فيا…..لازم انتقم لكسرك لقلبي وجرحك ليا في يوم زفافنا………هخونك وهفضل اخونك…….هشبع من واحده همسك في غيرها….وهشبع من التانية علشان امسك في التالتة …….وانتى مالكيش عندى اي حاجة غير انك تترزعى في البيت هنا ……
سلمى بغضب مكبوت: دايما كنت اسمع المثل اللى بيقول العرق يمد لسابع جد……….بس انت كان سهل عليك اوي انك تورث الخيانة…….تعرف ليه؟؟………لإن الست الوالدة………(وهنا لم تدري سلمى الا بصفعة قوية فوق وجهها ليتردد صداها في ارجاء المنزل مقترنة بصوت يهتف بغاضب هادر: اخرسي!!!!!!!!!!!!!!!!!)
وضعت سلمى يدها فوق وجهها …..وقد اتسعت عيناها في ذهول……لتبدأ العبرات المريرة في الهطول)
اما ادهم فقد بقى ناظرا اليها وقد تملك الغضب الهادر منه……….فالشرر منطلق من عينيه الحمراوتين……ووجهه قد برزت عروقه في حده واضحة……
فور رؤيتها لهذا المشهد……….شعرت بالارتياع …..تشعر انها الان ليست امام شخص ادمى…..انه بالتاكيد شيطان متجسد في صورة ادميه…….
اما ادهم فتابع بنفس الغضب الهادر: تلمى هدومك دلوقتي……..وتغوري في داهية….مش عايز ارجع والاقيكي
لم تنتظره سلمى حتى يتم جملته لاخرها …..فقد كان الخوف يتملكها الى درجة انها كانت تنتظر اللحظة المناسبة التى تغرب فيها عن وجهه بالفعل……..
خرج ادهم من المنزل ليصفق الباب وراءه في عنف…..وهو على نفس حالته..اما سلمى فأسرعت الى خزانة ملابسها…لتجمع ملابسها كلها في حقيبتها………وقد تملك الالم من كل جزء بجسدها……والخوف من كل نقطة في دمها……

في منزل فاروق كانت هناك طرقات متواصلة فوق باب الشقة…………
فاروق وهو يتجه مسرعا للفتح: حاضر ياللى بتخبط…….مستعجل على ايه……….
وما ان فتح الباب……….حتى اتسعت عيناه في ذهول هاتفا : سلمى!!!!!!!!!!!!!!!!
سلمى وهى ترتمى بين ذراعي والدها باكية: بابا………
فاروق وهو يحدق في الحقيبة الكبيرة وراءها: حبيبتي…….ايه اللي حصل؟؟
ولكن لم يأتيه جواب حيث انها كانت منهارة تماما…..فتابع هو مربتا فوق ظهرها: ادخلى يا حبيبتى …..ادخلي
دخلت سلمى …….في حين حمل فاروق حقيبتها لادخالها…….واغلق الباب ……ثم اتجه الى المقعد المجاور للمقعد الذي جلست فوقه متابعا بنبرة: مالك يا حبيبتى؟؟…….ايه اللي حصل خلاكى تسافري لوحدك كده؟؟
سلمى من بين دموعها: ادهم….ادهم بيخوننى يا بابا….(وهنا انفجرت مرة اخرى في البكاء)
ابتلع فاروق ريقه بصعوبة ….وتمتم مربتا فوق كتفها: طب اهدى يا حبيبتى بس………اهدى……………….تابع بصوت عالى: يا ناهد…….هاتى كوباية مايه لسلمى……
خرجت ناهد من المطبخ هاتفه: ايه ؟؟……….فيه ايه؟؟
فاروق : سلمى هنا…..
ناهد ببرود: اه……ازيك يا سلمى….
ولكن لم يأتيها جواب سلمى……..اما فاروق فتابع: هاتى كوباية مية وتعالي
دخلت ناهد ……..وعادت حاملة كوب ماء….لتجلس بجوار فاروق وتنظر الى سلمى لتتسع عيناها وهى تقول: هو فيه ايه؟؟…….بتعيط ليه دي؟؟
فاروق بنبرة حاده بعض الشئ: اقعدى انتى دلوقتي….
جلست ناهد في حين مد فاروق يده بكوب الماء…. متمتا:خدي يا حبيبتى
تناولت سلمى كوب الماء لترتشف منه رشفة ………وتنهمر دموعها من جديد
فاروق بقلق : مالك بس يا حبيبتى…….طمنيني عليكي……ايه اللي حصل؟
رفعت سلمى عيناها ……ومسحت دموعها وبدأت في سرد تفاصيل ما حدث…..ولكنها لم تأت على ذكر والدة ادهم وتلميحها على فعلتها..اذ ان والدها كان يجهل بالامر من الاساس…….وما ان انتهت
ناهد بشئ من الحده: بس كده؟؟………ده ايه الدلع ده؟؟
رمقها فاروق بنظرة ناريه قبل ان يلتفت الى سلمى قائلا: سلمى يا حبيبتى……بصراحة انا مش شايف ادهم غلطان
رفعت سلمى عيناها اليه هاتفه ببهوت: مش غلطان؟؟……….ازاي بس يا بابا؟؟
فاروق: بصي يا حبيبتي……مفيش حاجة اصعب على الراجل من انه يفتكر ان مراته اتجوزته وهى بتحب واحد تانى………ده غير انك ماتصرفتيش بذكاء…….المفروض كنتى تفهميه بالادلة كلها ان سيف مجرد اخ بالنسبالك
ابتلعت سلمى غصة في حلقها….وحاولت جاهده عدم النطق باعتراف حبها لسيف……….في حين قالت ناهد: وبعدين معظم الرجالة بيمروا بنزوات……..والواحده بذكاءها هي اللي تخلي جوزها يرجعلها تانى………ومش معنى انه خانك مرة يبقى هيخونك كذا مرة….لو انتى عرفتي تتصرفي الخيانة مش هتتكرر تانى
اما فاروق فتابع: اه يا سلمى…..وبعدين ماتنسيش ان ادهم طبيعته مش خاين…….هو خانك بس علشان كان حاسس ان فيه حاجة بينك وبين سيف……وبصراحة الراجل معذور في اللي عمله لو كان فاكر كده بجد
كانت سلمى تشعر بالذهول من تلك الردود……لقد ظنت انها ستجد الملاذ الامن عند والدها….ولكنها فوجئت ان والدها ليس مختلفا عن ادهم……..وناهد ليست مختلفة عن والدها…….اذا فالعالم كله يسير بعكسها……..هى لم تعد تفهم…….ما هو الصواب…….وماهو الخطأ…..كل ما تشعر به الان…..انها مجروحة……..جرحا غائرا يصعب التئامه……
-سلمى انتى معايا؟؟
افاقتها جملة فاروق من شرودها لتتمتم بخفوت: ايوة يا بابا………انا اسفة انى عملتلك ازعاج بمجيي هنا…….انا………
وهنا قاطعها فاروق هاتفا: اوعى كلامى يكون زعلك يا سلمى……انا بقولك رأيي ……..والحق يا بنتى…….انتى لازم ترجعى بيتك من بكرة
ناهد هاتفة: بكرة ايه؟؟……..النهارده لازم تكون في بيتها
هم فاروق بقول شئ الا ان ناهد غمزتله بمعنى انها تريده على انفراد…….
تنحنح فاروق قبل ان يقول: ثوانى وجايين يا سلمى…….
قام فاروق برفقة ناهد ……..ليدخلا الى غرفتهم …….
وبمجرد دخولهم ….تمتم فاروق: ها …….كنتى عايزانى في ايه؟؟
ناهد : انا عايزة انورك……سلمى لازم ترجع بيتها النهارده……ده بيتها وهى احق بالقاعده فيه…….وبعدين هى لو عودته على ان كل مشكلة تسيب بيتها…..يبقى بعد كده هيقول ده عز الطلب..ولو في يوم حب يخونها يزعلها علشان تسيب البيت …..
فاروق مفكرا: تصدقي عندك حق……خلاص….انا هلبس واروح اوصلها…..
ناهد ممسكة بذراعه: استنى بس……ماينفعش توصلها…هى لازم تروح لوحدها زي ماجت لوحدها..
فاروق هاتفا بحده خافتة: انتى اتجننتى؟………..دي الساعة 7…….وعقبال ما توصل هتكون 10……ده غير انها خطر تسافر لوحدها
ناهد بتهكم: يا نغة…….انت فاكر بنتك دي يتضحك عليها؟؟……دي يتفاتلها بلاد
فاروق بسرعة: بس برضه ماينفعش اسيبها تسافر لوحدها…..على الاقل دي الاصول……
ناهد:استنى بس وانا هقولك المفروض تسافر لوحدها ليه
فاروق: قولي……
وبدأت ناهد فيي اقناع فاروق بطريقتها الخاصة……..
*******************
كانت جالسة فوق المقعد وقد تملكت الرعشة من جميع انحاء جسدها……….وقد وجدت العبرات المحتبسة اخيرا متسعا فوق وجهها لتبدأ في الهطول معلنة حالة من اليأس والاستسلام…..اذا بعد كل هذا العذاب الذي تجرعته……..ليس هناك من ملجأ تلوذ اليه……فالعالم كله ضدها……….تمتمت بنبرة مختنقة ومن بين بكاء مرير: الله يرحمك يا ماما…….لو كنتى لسه هنا ماكنش اللي حصللي عمره هيحصللي……
نظرت حولها……ماذا تنتظرحتى الان؟؟………….هل تنتظر والدها حتى يخرج ويطردها من المنزل بنفسه…..ام تنتظر المزيد من الكلام عديم النفع الذي تنطق به زوجته……….ببطء حاولت ان تقوم ولكنها وللحظات لم تستطع الوقوف…….واخيرا وبعد عدة محاولات نجحت…….هاهو الهبوط مرة اخرى…….مشطت شعرها الحريري بيديها الى الوراء وكأنها تريد ان تفيق……ومسحت دموعها……..قبل ان تتجه الى باب الشقة بخطوات بطيئة لتفتحه…….وتجد كريم واقفا على عتبته وقد كان يوشك على قرع الجرس
سلمى بابتسامة باهتة: كريم حبيبي…….ازيك
كريم بلهفة وهو يطوق سلمى بذراعيه: سلمى……وحشتيني اوي…..
سلمى وهى تحتضنه لتنهمر دموعها من جديد: حبيبي……انت كمان وحشتنى اوي
كريم رافعا رأسه: انتى صوتك عامل كده ليه؟؟…….ايه ده؟؟…….انتى بتعيطي؟؟
مسحت سلمى دموعها بسرعة قبل ان تتمتم بصوت قد انهكه كثرة البكاء: لا يا حبيبي…….انا بس تعبانة شوية
كريم ماسحا فوق شعرها: الف سلامة عليكي
سلمى وبعد ان طبعت قبلة فوق خده: الله يسلمك يا حبيبي…….معلش يا كريم….انا لازم امشي دلوقتي
كريم بحزن: ايه ده؟…انا لسه مش قعدت معاكى
سلمى ماسحة فوق شعره الاسود الحريري: معلش يا حبيبي…….هاجى تانى ان شاء الله……..يالا ….مع السلامة
كريم وهو يقبلها وتقبله بدورها: مع السلامة يا سلمى
بدون كلمة اضافيه اتجهت سلمى الى الدرج ………لتنزل بسرعه و على الرغم من تعبها……..فقد كانت تريد الهروب من هذا المنزل ……….قبل ان تنفجر باكية……وعلى نفس الخطوات الواسعه سارت في الشارع محاولة الابتعاد بقدر الامكان………لتقف فجأة وتنظر وراءها…….ما من احد يعرفها يراها……….استندت الى جدار احدى العمارات براسها…….لتنهمر من بين عيناها الدموع المريرة …….قبل ان تنهار تماما في صراخ باكى …….لتفرغ به شحنة الضعف واليأس بداخلها……….
******************************
بعد ان انهت ناهد كلامها
فاروق مفكرا: اه…..يعني انتى عايزة تقولى انى لو رحت مع سلمى هرخصها
ناهد: ايوة……لان ادهم هيعرف انك مش سند ليها وانه لو زعلها في اي مرة وجاتلك هترجعهاله تانى
فاروق : اه..لكن لو راحت لوحدها…….هيبقى كأنها ماجتليش وبالشكل ده هيبقى لسه معاها كارت رابح…..اللى هو انا
ناهد بسرعة: بالظبط
فاروق : اه……انا مع كلامك فعلا………….بس برضه انا مقدرش اخليها تروح لوحدها………انا هلبس
اتجه فاروق الى الشماعة ليلتقط من فوقها ملابس الخروج اما ناهد فهتفت: طيب طالما اقتنعت بكلامى هتروح معاها ليه؟؟
فاروق وهو يرتدي ملابسه: انا لازم اوصلها الاسكندرية………واسيبها تروح لبيتها لوحدها….او اوصلها وماطلعش
شعرت ناهد ان الحجج الواهيه نفذت منها…….فمطت شفتيها متمتمة : براحتك
انتهى فاروق من ارتداء ملابسه………ففتح الباب ليخرج و: ايه ده؟؟………هى راحت فين؟؟
وهنا وجد كريم واقفا عند باب الشقة وقد انهمرت دموعه…فاتجه ناحيته بسرعه هاتفا بنبرة قلقة: ايه يا كريم؟؟…….سلمى راحت فين؟
كريم من بين دموعه: سلمى مشيت ……..وكانت بتعيط ….وانا زعلان علشانها
فاروق ببهوت: مشيت؟؟
وبدون كلمة اضافيه نزل فاروق بسرعه……….لينظر في الشارع المكتظ بالسيارات وبالناس وبالعديد من الاتجاهات………وبأقل نظرة ادرك جيدا ان البحث عن سلمى هنا……..بمثابة البحث عن ابرة وسط كوم من القش
***************************
في محطة الاوتوبيسات….وبالتحديد امام شباك التذاكر…….وقفت سلمى منتظرة دورها في الحجز……
وما ان وصلت: تذكرة في ميعاد 7 ونص
الموظف: انا اسف يا انسة…….اخر تذكرة هنا خدها الاستاذ اللى هناك ده
سلمى بحزن: خدها؟؟……..طب الميعاد الجاي امتى
الموظف بسرعة: كمان ساعة
سلمى بقلق: لا ساعة كتير…..نظرت حولها لتجد هذا الشاب يستعد للصعود ………فاتجهت نحوه مسرعة وهاتفه: انا اسفة يا……..ممكن بس ثانية
الشاب ملتفتا اليها: افندم ؟
سلمى بارتباك: لو سمحت ممكن تديني التذكرة اللى معاك؟؟
الشاب بنبرة حاده بعض الشئ: نعم؟؟
سلمى بسرعة: مستعده ادفعلك تمنها مرتين……بس ارجوك تديهالى………انت ولد وممكن ترجع متأخر لكن انا……
الشاب : طب ماتركبي ميكروباص
سلمى : الموقف بعيد…..وكده هضيع وقت……وانا والله تعبانة ومش قادرة امشي تانى
الشخص بسرعة:ممممممممم…..طب انا هاخد 50 جنية
هتفت سلمى: ايه؟؟…..دي التذكرة ب17
مط الشاب شفتيه قبل ان يقول: خلاص…..استنى الاتوبيس الجاي
سلمى بيأس: خلاص………امري لله…..
فتحت سلمى حقيبتها……..لتجد ان كل ما بحوزتها 50 جنيه….مدت يدها لتناوله اياها ليعطيها هو التذكرة…….فتستقل الاتوبيس……الذي ينطلق فور اكتمال العدد……
وبداخل الاتوبيس……….عاد شريط الذكريات برأسها……….منذ طفولتها وتعرفها على سيف……موت والدتها ومعلمتها وزياده تعلقها بسيف والرابطة التى كانت تزيد عمقا كل يوم عن اليوم الذي قبله……سفرها لاتمام دراستها الجامعية وتعرفها الى ادهم وزواجها ورؤيتها لحبها الذي لم يكن مصرحا به بعد…..واستكمال حياتها مع ادهم على الرغم انها تعلم ان قلبها مع سيف…….توقفت عند تلك النقطة……تشعر الان ان الحق مع ادهم……فهى من كانت تعذبه طوال الوقت بدون ان تعلم…….هي من اختارت ان تكمل طريقها معه فتجرحه وتؤلمه بقلبها المتحجر تجاهه……..كانت تعتقد انها كانت تقرب..في حين انها كانت تبتعد بدون ان تعلم…….اذا ……..فكلام والدها ربما يكون صحيحا…..ادهم هذا الرجل الشرقي لن يقبل ابدا ان تحب زوجته اخر……….ولكنه خانها ايضا……..ولكن هذا بعد خيانتها له……..هي تعلم انها لم تخنه بجسدها ……بل خانته بروحها وبقلبها وبعقلها الذي كان يفكر بسيف اكثر مما كان يفكر به…….وفي النهاية يسمح المجتمع بخيانة الرجل ويعتبرها نزوة لن تضر بشئ ان مرت بسلام……..اما خيانة الزوجة فهى لا تغتفر……..ولكنها لم تخنه بالفعل ….هى فقد……………اطلقت تنهيده عالية وكأنها تضع حدا للتفكير بهذه الامور…….ولكن عقلها لم يستجب لطلبها……لماذا لم تخبر والدها بأمر الصفعة؟؟……….لانها كانت ردا على كلمتها عن والدة ادهم………لماذا لم تذكر الامر لوالدها؟؟………….لانه لا يعلم بخيانة والدة ادهم……..لماذا اذا لم تخبره؟……..لان هذا سر ولن يرضى ادهم ابدا بافشاؤه…….هل هذا هو السبب ام؟…………ام لأنها كانت على يقين ان والدها سينقلب عليها اكثر عندما يعلم بهذا……كان من المحتمل ان تتلقى منه صفعة اخرى…..هي بالفعل كلمة جارحة…..وما من رجل على وجه الارض يرضى بأن يعايره احد بوالدته الخائنة………او ان يفصح حتى بالامر امامه…………..نعم…….لقد اخطأت…..اخطأت كثيرا…….هي حتى لا تعلم كيف لكلمة كهذه تخرج من بين شفتيها……ان لم يصفعها ادهم من جراءها ….فمتى سيصفعها اذا؟؟……هى حتى لن تحترمه اذا تجاوز عن هذا الامر…….من اخطأ فعليه الاعتذار……ولكن كيف تعود الى بيتها؟؟…….اذا كان هذا هو السؤال ……لماذا اذا استقلت الحافلة لتنطلق في طريقها الى القاهرة ؟؟…….لان لديها بالقاهرة اكثر ممالديها هنا……فهى لديها عمل بالمجلة يمكن ان تتابعه…..وايضا ليس بحوزتها مالا…….حتى ذهبها ………في ظل حزنها وخوفها نسيته…..لا تمتلك سوى قرطا في اذنها ….ودبلة في يدها……هذا الى جانب ان صديقاتها دعاء وامنية هناك…….وايضا….وايضا زوجها……..الذي اخطأت بحقه ويجدر بها مصالحته…….تخاف كثيرا من المواجهة……ولكن ما باليد حيلة…فالمواجهة هى اول خطوة في طريق الاعتذار…..تمتمت بخفوت: اه هعتذرله عن الكلمة وهحاول اقربه منى تانى…….حتى لو ماسمحش……على الاقل اكون ريحت ضميري…..وانا نفسي اكون ارتحت…..
عند تلك الكلمة اسندت سلمى رأسها المتعب فوق النافذه الزجاجية…..لتغمض عيناها المنهكتين وتذهب في نوم ليس بهادئ ….على الاطلاق…..

****************************
في باب شقتها ادارت سلمى مفتاحها……لتدخل…..فترى كل شئ هادئ….الانوار مغلقة…..يبدو انه لا يكون احدا بالمنزل……حسنا….لا مشكلة……فلتدخل وتنتظر موعد وصوله……اتجهت الى غرفتها لتجد بابها موصد…….ونور احمر مضئ…..كان يشتعل فقط في حالات خاصة…….تسرب الشك الى اعماقها…ابتلعت ريقها بصعوبة….امسكت مقبض الباب استعدادا لادارته و…….
-لا مش هينفع تباتى النهارده…….اي نعم انا حاسس ان سلمى عند والدها من نمرة المحطة اللى شفتها جنب التليفون……..بس برضه ماضمنش انه مايرجعاش تانى……..البسي يالا وامشي دلوقتي ونتقابل بعدين
سقطت يدها من فوق المقبض……..واتسعت عيناها في ذهول وذعر…….الهذه الدرجة بلغت وقاحته؟؟……..في منزلها؟؟…….وعلى فراشها؟؟……انهمرت الدموع فوق وجنتاها……اوشكت ان تصدر صوتا ……ولكنها كتمته بوضع يدها فوق فمها………..وهنا لمحت من زجاج الباب ان هناك من يتحرك بالداخل…….بيدين مرتعشتين مسحت دموعها بسرعة وامسكت بحقيبتها……..وبساقين كانت تجرهما جرا اتجهت الى باب الشقة لتفتحه وتغلقه وراءها في هدوء………وكأن شيئا لم يكن

 

 

0 0 votes
Article Rating
____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x