روايات

رواية نوح الباشا الفصل الأول 1 بقلم ندى الشرقاوي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية نوح الباشا الفصل الأول 1 بقلم ندى الشرقاوي

 

البارت الأول

 

في اسكندرية
كانت تقف موج في خلفها البحر وأمامها طاولة تعم بالاسماك وهي تهتف قائلة “اوزن يا مدام ،دا بتاع انهارده طازة تحبي تشوفي “قامت بفتح السمك بحترافيه من اخر راسها وهيا تشير إلى التي تقوم بالشراء وتهز راسها بمعنى اتري لكن قاطعها هجوم رجل يدعى على نفسه “مُعلم السوق ” هتف وهو يشير لها بعصاه ويرفع احد حاجبه الغليظة
_يالا يابت من هنا مفيش بيع سمك هنا
هبطت موج عن الحجر الكبير الذي تقف عليه هاتفه بهدوء ما قبل العاصفة
_ليه بس يا معلم احنا زعلناك في حاجة
هتف الرجل الجشع وهو يضع يده اليمنى على مقدمه بَطْنُه ،بعد ما بصق ما في جوفه على الارض بكل قذاره
_اه يا روح امك مبتدفعيش زيك زي الناس ياختي وكل برغوت على قد دمه
قامت بعدل حجابها على رأسها وعبايتها التي تفوح منها رائحة السمك
_ولية الغلط يا معلم بس أنا لحد دلوقتي مغلطش فيك اقف معوج واتكلم عدل ولا علشان وليه
رد عليها بكل قسوة وعصبيه
_أنا يا بت تقوليلي كده مكنوش يومين يا روح امك اللي قعدتِهم هنا والكُل بيشتكي منك امال لو قعدتي شهر هتعملي اي إن شاء الله
تمتمت وهى تحاول مجاريته وعدم الوقوع في المصائب من أول أيامها في هذا السوق
_يا معلم استهدى بالله بس هنروحوا فين أنت عارف ملناش اللي البحر والكام السمكة اللي رزقي منها
رد بغلاظه وجشع
_خلاص يبقا تدفعي
_ادفع يا معلم ،الفرفشه بكام؟
وضع يده في جيبه واليد الاخرى مسح على شاربه
المعلم وحط ايده على صدره والايد التانيه بيعدل شاربه
_150 جنيه كُل يوم
وضعت يدها على صدرها كان نوع من الدهشة والاستغراب
_لية إن شاء الله قاعده في مطاعم اسكندرية ولا اي هو أنا ببيع كام كيلو علشان تاخد 150 جنية
رد بقلة صبر
_هتدفعي ولا تغوري
ودت بهدوء
_يا معلم الكلام أخد وعطى برده أنا زي بنتك عاوزة أكلها حلال، حرام عليك
تمتم بعصبية
_يالا ياختي من هنا بقا مش ناقصين قرف
اقترب بعصاه، تخبطها الأرض بخفة لكن بصوتٍ يحمل التهديد، وجميع رجاله التفّوا حوله كالسياج، يملؤون المكان بالعتمة رغم ضوء الشمس.
نظر إلى طاولة السمك بعينٍ ضيقة، وكأنها تحدٍ شخصي، ثم هتف بصوتٍ أجش:
-خلوها ما تقومش تاني!
تقدّم خطوة، رفع عصاه، وأشار بها إشارة حاسمة، فتحرّك الرجال كأنهم ذئاب جائعة.
كانت تقف بثبات غريب رغم الارتجاف في أطرافها، مدت يدها بسرعة نحو الطاولة، وقفت أمامها كأنها جدار، نظرت إليه بعين فيها خوف بس كمان فيها نار:
-على جثتي… الطربيزة دي رزقي، وإنت أول واحد عارف ده.
لكن المعلم ابتسم، ابتسامة لا يوجد بها رحمة، وعدّل شاربه بطرف سبّابته، وقال:
-والحياة إلا سوق… اللي مش دافع، ملوش مكان فيها يا عنيا.
تصلّبت في مكانها، وكأنّ الأرض التصقت بأقدامها. رغم اضطراب أنفاسها، لم تتزحزح. نظرت حولها للحظة، والناس صامتون، عيونهم تنظر ولا تتدخل.
أحد الرجال تقدّم بخطى سريعة، مدّ يده نحو السمك المتناثر، فصرخت:
-ما تلمسش حاجة مش بتاعتك، دا عرقي أنا حراام عليكم
ارتبك لحظة، لكنه نظر نحو المعلم ينتظر إشارة.
المعلم لفّ العصا في إيده، وضرب بيها الأرض من جديد، ثم قال:
-قلبك جامد أهو… بس جامد على الفاضي، السوق ليه قوانينه، وأنتِ بقيتي زيادة على اللزوم.
ردت بصوت مرتعش لكنه متحدي
-زيادة؟أنتوا جايين تستقوا على بنت لوحدها عاوزه تاكل لقمة حلال ولا اقطع من جسمي وادي كلاب السكك ! سيبوني وأنا عمري ما هاخد من حد ولا هابص في رزق حد بس إنتو بتموتوا الضعيف فاكرين إن مفيش اقوى منكم .
لم يهتم أحد لكلامها واقترب احد الرجال جذب الطاولة من طرفها بعنف فتأرجحت اندفعت موج تمسكها بقوة ،لكن كتفيها ترتعش ،نظرت لهم نظرة طويلة وقالت
-لو هتوقعها… توقعني أنا معاها!
هتف المعلم بغضب
-ملناش في ضرب الحريم ،اخلصوا
في أقل من دقيقة، أبعدوا “موج” عن الطاولة، ثم هدموها بعنف حتى تناثر السمك على الأرض.
كانت تنظر إليهم ودموعها تملأ عينيها، عاجزة عن التدخل.
نظرت إلى السمك الذي كان يسبح قبل لحظات بجانبها، وهو يرتطم الآن بالأرض، يتخبط محاولًا النجاة، لكن لا حيلة له… ولا لها.
اصطفّوا بجانب معلمهم بعد أن أنهوا عملهم
نظر المعلم إلى “موج” الجالسة على الأرض، لا تقوى على الحراك، ثم هتف بصوتٍ قاسٍ
-علشان تتعلمي المره الجاية متكابريش مع الكبير يا حليتها ….ثم هتف للجميع..يلا يا عم أنت وهو كُل واحد على فرشته
………………..
“في ڤيڤي، على ضفاف بحيرة جنيف، غرب سويسرا”
كان يوجد مبنى ضخم، لا تعلم كم عدد الأدوار فيه أو الغرف، من شدّة ضخامته واتساعه. بدا وكأنه نُحت من قلب الزمن، يلامس الغيم من علوه، وتنعكس صورته كاملة على صفحة الماء الهادئة أمامه.
خلف نوافذه الزجاجية، كانت الحركة لا تهدأ. رجال ونساء يدخلون ويخرجون، وجوههم تحمل ملامح الجدية والانشغال، وكأن كل خطوة منهم تُغيّر شيئًا في هذا العالم.
ذلك المبنى كان مقرًّا لأكبر شركة أزياء في العالم”Valmira”.
لكن خلف هذا الضخامة والثراء الفاحش
كان هناك طابق لا يصل إليه أحد بسهولة،وغرفة لا تُفتح إلا بمفتاحٍ واحد، لا يحمله إلا شخص واحد من يثق به رئيس هذه المجموعة
في داخل هذه الغرفة نجد شاب في أواخر العشرينيات يجلس على مقعده في يده قلم كُل من بنظر إليه يقوم “قلم” لكن عندما يقع القلم في يده يصبح سحر مثلا عصاه الساحر ،أمامه ورقه بيضاء في داخلها فستانًا من كثر جمالة ينطق ويخرج من الورقه ،كان من غير أكمام ذو فتحة صدر واسعه يصل إلى بعد الركبة بقليل يتميز بفتحة من الجنب الايمن تصل إلى أعلى الركبة كان باللون الأحمر الناري يتوسطه عند الخصر حزام رقيق جدا مرصع بقطع من الألماس
وضع القلم على المكتب وامسك الورقة ورفعها لاعلى وهو ينظر إليها بعمق ثم قهقة بقوة وهو يتذكر ليلة أمس
“عودة للماضي”
كانت غرفة الاجتماعات مكتظة بأهم الشخصيات في البلاد، فالكل اجتمع لتوقيع واحدة من أكبر الصفقات، والأنظار كانت تتجه نحو من سيظفر بها. في صدر القاعة جلست لجنة التحكيم، وعلى رأسها الشخص المخوَّل باتخاذ القرار النهائي.
رفعت اللجنة رؤوسها عن الأوراق وقد بدت عليها الحيرة؛ فالتنافس بين الشركتين كان شديدًا والدقة في التفاصيل تكاد لا تُصدَّق.
هتف رئيس اللجنة بلهجته:
— شو معقول! التنافس بينكم عالي جدًا، بس التصميم الأخير هو اللي راح يحدد المالك.
تم فتح التصميم الأخير… وفي لحظة صمت مهيبة، بدت علامات الدهشة على الوجوه. التصميم أبهر الجميع بسعته، تنسيقه، وقوة ألوانه الجريئة التي عكست رؤية مبتكرة وشجاعة.
ابتسم رئيس اللجنة وأعلن:
— صفقة اليوم، وكما في كل مرة… تذهب لشركة “Valmira”، المملوكة لرجل الأعمال والمصمم العالمي نوح الباشا.
“عودة للحاضر”
كان يستعيد الذكريات وهو يهتف لنفسه “لا أحد يقدر على نوح الباشا”
أضاء ضوء خافت شاشة اللابتوب أمامه، وهو يتابع بثبات رسائل مشفرة وصلت لتوه.
صوت رسالة جديدة دخل، فتحها بتركيز، وكانت تحذيرًا مبطّنًا:
-إياك تستهين، في عيون تراقبك أكثر مما تتخيل.
قفل اللابتوب بقوة، ونهض واقفًا، يمشي بخطوات طويلة في الغرفة الفسيحة، وعيناه تحملان عاصفة من الأفكار.
ثم أخرج هاتفه، واتصل بصوت حازم:
-أريد تقريرًا كاملاً عن كل تحركات المنافسين خلال 24 ساعة القادمة… ولا تترك شيء للصدفة.”
نظر إلى المرآة الكبيرة، وتحدث لنفسه بصوت منخفض لكنه قوي:
-نوح، ده مش بس تصميم، دي لعبة… واللعبة دي لازم ألعبها بذكاء أو أموت في المحاولة……

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى