رواية نهاية وعد الفصل الرابع 4 بقلم آلين روز
رواية نهاية وعد الفصل الرابع 4 بقلم آلين روز
البارت الرابع
– “بس أنا مش جاي أطلب الأنسة ورد…
أنا جاي أتقدّم لعيون.”
الكل سكت.
ثواني عدّت كأنها سنين.
“عيون” وقفت مصدومة، وأنا كمان حسّيت الأرض بتتهز تحت رجلي.
بس “مامت غيث” بسرعة حاولت تفكّ التوتر، وقالت بابتسامة مصطنعة:
– “استنوا يا جماعة… هو قصده أتلغبط!”
بصّت حواليها، وضحكت بخفة:
– “هو كان يقصد إنهم طالبين العروسين ليه ولأخوه… مش لعيون بس.”
ضحك بسيط طلع من اللي قاعدين، والجو بدأ يرجع طبيعي تاني.
بابا قام يرحّب، والدنيا رجعت للأسئلة المعتادة في أي قعدة خطوبة.
مامت غيث كانت بتسأل بابتسامة دافية:
– “بتحبوا السفر؟”
– “مين فيكم بتحب الطبخ أكتر؟”
– “وبالنسبة للشغل بعد الجواز؟”
كلام بسيط، بس فيه دفء… وطريقتها كانت مريحة جدًا.
حتى أنا، رغم وجعي، حسّيت للحظة إن الجو بقى طبيعي أخيرًا.
بعد شوية، خلصوا الكلام، وغيث قام يسلّم على بابا.
عيوني كانت بتلف من غير قصد، وقعت عليه، لكنه ما بصليش… ولا أنا كمان.
اتعلمت خلاص إن النظر ساعات بيكسرنا أكتر.
دخلت أوضتي قبل ما حد يلاحظ ارتباكي.
قفلت الباب بهدوء، وسندت ضهري عليه.
أخدت نفس عميق، وبصيت في المراية.
الوشّ اللي قدامي مش هو نفسه من كام أسبوع.
عيوني باهتة، بس جواها نور صغير… يمكن بداية راحة؟
يمكن بداية حياة جديدة؟
قعدت على السرير، وضحكت بخفوت وأنا أهمس لنفسي:
– “كفاية وجع يا ورد، كفاية دموع… يمكن فعلًا دي البداية.”
مدّيت إيدي على الصورة اللي على الكومود.
صورة ماما.
ولأول مرة، لما لمستها، حسّيت براحة مش وجع… مش وحدة… سلام.
رفعت عيني للسقف، وقلت في سري:
– “هغيّر حياتي يا ماما، حتى لو بالعافية.
مش هستنى حد يختارني… المرة دي أنا اللي هاختار نفسي.”
قمت، فتحت الشباك.
نسمة هوا باردة دخلت، حسّيتها بتطفي نار جوايا.
ولأول مرة من زمان… ابتسمت.
—
تاني يوم الصبح،
الشمس كانت داخلة من الشباك بخفة، وصوت العصافير غريب عليّ.
يمكن لأني نسيت إن الدنيا فيها صوت غير الصراخ والبكاء.
قمت من على السرير بهدوء، وبصيت في المراية تاني.
نفسيتي كانت مختلفة.
مش مبسوطة… بس هادية.
هدوء يشبه اللي بعد العاصفة.
غسلت وشي، لبست لبس بسيط، وقررت أخرج.
مفيش هدف واضح، بس كنت محتاجة أتنفّس برا الحيطان اللي خنقتني شهور.
نزلت الشارع، كل حاجة كانت شبه العادي… بس أنا كنت مختلفة.
قعدت في كافيه قريب من البحر، نفس المكان اللي كنت بقعد فيه مع “عمر” زمان.
المرة دي، مش علشان أفتكره، لكن علشان أواجه الوجع بدل ما أهرب منه.
طلبت قهوة، وفتحت النوتة اللي دايمًا في شنطتي.
كتبت بخطّ إيدي المرتعش:
> “أنا ورد…
والبداية دي مش عشان أنسى حد،
لكن عشان أفتكر نفسي.”
—
كنت قاعدة نص ساعة تقريبًا، وحسّيت إن فيّ حاجة اتغيّرت.
يمكن الناس تستغرب إن التغيير جه في يوم وليلة،
بس أنا كنت عارفة السبب…
المقابلة دي خلّتني أشوف الدنيا بشكل تاني.
بس ما ركّزتش، قلت أهم حاجة أكون كويسة.
خرجت، رحت المستشفى، خلصت شغلي، ورجعت.
وأنا طالعة، لمحت عمتي واقفة في الصالة،
تبصّلي بنظرة… أقرب ما تكون لاشمئزاز.
عدّيت جنبها عادي، لكن وقفت لما سمعت صوتها تقول:
– “مش تسلمي على عمتك برضه؟!”
لفّيت بهدوء، عقدت إيديا، وقلت:
– “عاوزة إيه يا عمتي؟”
– “هكون عاوزة إيه يعني؟ ابقي نزّلي عيون، علشان وحشتني وعايزة أقعد معاها.”
– “حاضر.”
بس وأنا ماشية، كان جوايا إحساس غريب…
كأنها بتحاول تزرع فيا غيرة من أختي.
وفعلًا، شبه نجحت.
بس كل مرة الإحساس ده يطلع، كنت أقتله…
وأفتكر إنها أختي، مش منافسة.
فتحت باب الشقة، وبلعت غصّة لما شفت المنظر قدامي.
بابا قاعد مع “عيون”، بيلعبوا شطرنج، بيضحكوا سوا.
وأول ما شافني… قام ودخل الأوضة.
كأن وجودي تقيل عليه.
“عيون” بصّت لي بفرحة وقالت:
– “حمد الله على السلامة يا حبيبتي.”
– “الله يسلمك، عمتك عايزاك.”
– “حاضر، بس فيه حاجة…”
– “إيه؟”
– “أبوكِ… وافق على العريس.”
اتجمّدت.
الكلمة وقعت عليا زي الصاعقة.
يعني حتى رأيي ما يهمّش؟
ولا حتى سؤال بسيط؟
– “إيه؟!”
صوتي ارتفع وأنا ببص لها بصدمة.
– “أنتِ أكيد بتهزّري، صح يا عيون؟!”
سكتت.
وسكوتها كان الجواب.
دموعي كانت خلاص على وشك تنزل.
خرج بابا على صوتي وقال بغضب:
– “إيه الصوت العالي ده؟ إنتي اتجننتي ولا إيه؟!”
صرخت ودموعي نازلة:
– “آه، اتجننت! عشان عرفت إن محدش بياخد رأيي في حياتي!
لو ده جنان، فأنا مجنونة يا بابا!
طول عمرك تكسرني بكلامك وبأفعالك! بس خلاص… كفاية!”
كان هيكلّمني، لكن صوت عمتي قطعنا وهي بتزعق:
– “ولو مفهمش؟! هتعملي إيه يعني؟!”
– “إياكِ تفكّري تتكلمي كده تاني! مش كفاية مستحملين قرفك!”
– “مهره!”
قالها بابا بصوت عالي.
– “اسكتي خالص، فاهمة؟!”
بصّيت لها بصدمة وأنا بقول:
– “تستحمليني؟! أنا عمري ما طلبت منك حاجة، ولا حتى فضلت وجودك!
عارفة ليه؟ علشان كنت دايمًا حاسة إنك بتكرهيني… عشان أنا شبهها، شبه أمي.
بس على فكرة، أنا كمان مش بحبك.
وطول عمري متأكدة إن أمي كانت أحسن منك.”
رفعت حواجبها بسخرية وقالت الكلمة اللي قتلتني:
– “لو كانت أحسن مني، ما كانتش مشيت على حل شعرها… وخانت أبوكِ!”
ساعتها حسّيت إن الأرض بتتهز تحتيا.
الكلمة دي وجعتني أكتر من أي ضربة.
فضلت أبص لها، وأنا مش قادرة أتنفّس…
كأنها قتلت أمي للمرة التانية.
يتبع….
- لقراءة باقي الفصول أضغط على (رواية نهاية وعد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)