روايات

رواية نجوت بك الفصل السابع عشر 17 بقلم مي مصطفي

رواية نجوت بك الفصل السابع عشر 17 بقلم مي مصطفي

 

البارت السابع عشر

 

 

 

الفصل السابع عشر “كتب كتاب”

قبل أن تغوص في هذا الفصل…
توقّف لحظة، خذ نفسًا عميقًا،
و-بكل خشوع-ردّد معي:
اللهم صلِّ على محمد، عددَ ما خطّت الأقلام، وما رفرف السلام، وما تنفّس الأنام.
صلِّ عليه حتى يُطمئن القلب، وتُفتح الأبواب، وتُروى الأرواح.

+

بسم الله نبدأ…
وبنور الصلاة عليه، نُزيّن الحروف ونُغلف المعاني…
فما طابت الكلمات إلا حين اقترنت باسمه، وما سكنت القلوب إلا حين صلّت عليه.
صلِّ على الحبيب… ثم اقرأ.✨

+

————-
استيقظت رُفيدة في صباحٍ جديد، يملؤه النشاط والتفاؤل، كأنّ نور الشمس قد تسلّل إلى قلبها قبل غرفتها، فغسل عن روحها كلّ ما مضى. جهّزت نفسها بحماسة هادئة، وارتدت ابتسامتها، ثم نزلت إلى الشركة، وشيء ما بداخلها يخبرها أنّ هذا اليوم ليس كغيره.
في ذات الوقت، كان سليمان يجلس إلى مائدة الفطور، وبين يديه كوب من الشاي، وفي عينيه لمعة غريبة من السعادة… لم تكن مجرد سعادة، بل كانت الطمأنينة التي تسكن القلب حين يُلامسه حبّ خالص، لا تشوبه نية ولا تعكّره رغبة. كان ينظر إلى هاتفه، كأنّه ما زال يقرأ تلك الكلمة… “موافقة”
كلمة بدت له كأنها غزلٌ صامت، يحمل في طيّاته كل رسائل الحب الممكنة.
ابتسمت رباب وهي تراقبه، لم تكن بحاجة لأن تسأله، فعيناه تفضحان ما يسكن داخله من فرحٍ خفي. ابتسمت بحنان الأم التي ترى ابنها يُزهر، وقالت:
– “أنا كنت ناوية أكلم رُفيدة النهارده عشان نبدأ نجهز ونرتّب.”
رفع سليمان نظره إليها، وكأنّه استيقظ من حلمٍ جميل، وقال باهتمام صادق:
– “آه يا أمي… معلش، كلّميها في موضوع إنها تقعد عندنا الفترة دي. أنا والله مش مرتاح وهي لوحدها في السكن. فوق اللي هي فيه، كفاية شعور الوحدة. مش عايزها تتحرج مني ولا تحسّ بأي ضغط… بس وجودها هنا هيخليها أهدى وأكتر أمان.”
ابتسمت رُباب ابتسامة تفهم ورضى، وردّت بهدوء:
– “أنا كنت ناوية أعمل كده أصلًا، وهنشوف ردّها.”

+

وبالفعل، هاتفَت رُباب رُفيدة، وبكلماتٍ ناعمة لا يُمكن رفضها، وبقلبٍ أمومي لا يُقاوَم، وافقت رُفيدة، ولم تستطع أن تُخفي ارتباكها وسعادتها في آنٍ واحد.

+

سليمان، حين علم بموافقتها، انتظرها سليمان أمام الشركة، لكنها المرة الأولى التي يقف فيها منتظرًا قلبه قبل أن تنتظره عيناه، وما إن رآها حتى خفق قلبه بقوة لم يألفها.
فتح لها باب السيارة بابتسامة دافئة وقال:
– “إزيك؟ عاملة إيه؟”
ردّت بخجلٍ لا تخطئه العين:
– “كويسة الحمد لله… وحضرتك؟”
ابتسم وقال بنبرةٍ تنبض صدقًا:
– “أنا… في أحسن حال الحمد لله.”
انطلقا معًا، وخلال الطريق، تكلّم سليمان دون أن ينظر لها، كأنّه يخشى أن تحترق كلماته بنار نظراته:
– “بلاش تقلقي من الوضع هيكون زي زمان عادي… هو بس كده مؤقت، لحد ما تبقي مراتي إن شاء الله. ساعتها كل حاجة هتتغيّر… للأحسن.”
لم تجد ما تقول، خجلها كان أكبر من قدرتها على الرد. اكتفت بأن تمسح كفّيها ببعض توتر، وتهمس:

+

 

 

 

– “ربنا يسهل… إن شاء الله.
وصل السكن، وقال لها:
– “”اطلعي جهزي شنطك، ولما تخلصي ابقي رنيلي أطلع أخدهم.”
نفذت كلامه، وما هي إلا دقائق حتى كانت الشنط بين يديه، يتفقدها كأنها كنزٌ لا يقدّر بثمن، ثم توجّها إلى بيته.

+

في بيت سليمان، كانت رُباب على الباب تستقبلها بذراعين مفتوحتين وصوتٍ يفيض بالدفء:
– “نورتِ البيت يا حبيبتي.”
وسلّمت عليها رنا برقة ومرح، ثم نادت رباب الجميع:
– “يلا يا ولاد، الغدا جاهز.”
جلسوا حول المائدة، وكان الغداء عامرًا، لا بالطعام فقط، بل بالأُلفة والحنان. وحين فرغوا من الطعام، رفعت رُباب صوتها بلطف قائلة:
– “بُصوا بقى… إن شاء الله ننزل مصر نعمل الفرح هناك وسط أهلنا وحبايبنا.”
اعترض سليمان بهدوء مدروس:
– “ده هياخد وقت، ممكن يوصل لشهر على ما أظبط شغلي وآخد إجازة… فخلينا نكتب الكتاب هنا، علشان رفيدة تبقى مرتاحة، وأنا كمان أبقى على راحتي. ودي فرصة نتعرف على بعض أكتر.”

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية مهمة زواج الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم دعاء فؤاد

+

ثم التفت نحو رفيدة:
– “وفي الأول والآخر، الرأي رأيها… إنتِ رأيك إيه؟”
تورد وجهها، ولم تستطع أن تنطق، فبادرت رنا بمرحها المعتاد:
– “السكوت علامة الرضا!”
ثم التفت إليها، بنظرة تسأل وتنتظر وتُراعي.
رفعت نظرها إليه بخجل وقالت:
– “رنا قالت أهو…”
زفر سليمان نفسًا طويلًا كأنّه تحرر من حمل ثقيل، بينما على وجهه راحة ورضى.
ثم قطعت رباب اللحظة بكلماتٍ كان لها وقع الزلزال:
– “بُص بقى يا ابني… ما تفتكرش إن خلاص كده! أنت لازم تيجي تطلب إيد بنتي مني الأول. رفيدة بنتي دي مش قليلة…”
صُدمت رُفيدة، عيناها امتلأتا دموعًا، وكأنّها لم تكن تنتظر هذا الاعتراف. قفزت في حضن رُباب، وبكت بشدّة، وضمّتها رُباب كأمٍّ حقيقية، تبكي معها وتقول:
– “من النهارده، أنا مامتك… ماشي؟”
أومأت رُفيدة برأسها وهي تبكي، ثم قالت من بين شهقاتها:
– “كنت بحلم أقول الكلمة دي… من أول مرة حضنتيني، حسّيت بحضن كنت محرومة منه طول عمري. نفسي… نفسي أقول يا ماما وأحس بيها.”
ردّت رباب ببكاء صادق:
– “قوليها يا قلبي… أنا أمّك بجد، وربنا يعلم قد إيه بحبك. بحس إنك بنتي اللي مخلفتهاش… ربنا زارع لك حب في قلبي مش طبيعي.”
احتضنتها رُفيدة، وبدأت تكرر الكلمة كأنّها تتذوقها للمرّة الأولى…
– “ماما…”
همسةٌ أولى.
– “ماما…”
نغمة فيها شوقُ طفلةٍ كانت تفتقد صدرًا حنونًا.
الجميع بكى… حتى سليمان، مسح دموعه خفيةً، ثم أغمض عينيه ودعا في سرّه:
– “يارب… قدرني… واسعدها.”

2

جلست رنا على الأريكة تلوّح بيديها بحماسٍ طفوليّ قائلةً بمزاحها المعتاد:
– يعني خلاص؟ أبيه هيشوف رفيدة من غير نقاب النهارده؟ في الرؤية الشرعية؟ هيشوف جمال رورو يسسس!

1

 

 

 

تجمّدت قسماتُ رفيدة، واتسعت عيناها بدهشةٍ وخوف، كأنّ الكلمات قد صفعَتها على حين غرّة.
لكنّ سليمان، الذي كان يجلس بهدوء، قال بنبرةٍ جمعت بين الحسم والحنان:
– لأ، أنا مش عايز أشوف وشها غير يوم ما تبقى مراتي… علشان أعرف أتأمل كويس، ومن غير حرمانية.
أنا اخترت رفيدة من غير ما أشوفها… قلبي شافها قبل عيني.

1

رفيدة احمرّ وجهها بشدة، وغلبها الخجل، فقامت مسرعة إلى غرفتها وهي تُخفي وجهها بكفيها، فيما تعالت الدعوات الطيبة من القلوب الملتفّة حولها:
الله يتمم بخير… ربنا يسعدكم يا أولاد.
سليمان انحنى على يد والدته، وقبّل رأسها بعرفانٍ عميق:
– أنا أكتر واحد في الدنيا محظوظ بأم زيّك، يا أمي.
ثم غادر إلى شقّته، قلبه يسبق خُطاه.

+

الساعة الثامنة مساءً…
رنّ جرس الباب.
كانت رنا قد انتهت للتو من تجهيز رفيدة بأمرٍ من رباب، وكأنها عروسٌ بالفعل ستقابل عريسها، جلست ترتّب النقاب على وجهها وهي تسمع صوت الجرس.
قالت رنا بلهجةٍ سريعة وهي تقوم من مكانها:
– أكيد ده أبيه… يلا يا رورو جهزي بسرعة، لحد ما أفتح له.
فتحت الباب، فدخل سليمان… رجلٌ كأنه جاء يخطب بروحه لا بملابسه فقط.
كان يرتدي بدلة رمادية أنيقة، تفصيلها دقيق يُبرز اتّساع كتفيه وهيبة حضوره. القميص الأبيض الناصع يتناغم مع ربطة عنق بلونٍ كحليّ رصين، ولمعة الحذاء الأسود تُكمل وقاره. عطره، بنفحاته الخشبية الهادئة، ملأ بهو المنزل كأنه إعلان صامت عن رجولةٍ لا تحتاج صخبًا.
استقبلته رنا بترحابٍ، وأجلسته في الصالون، ثم أسرعت تُنادي:
– ماماااا… أبيه وصل.

+

رباب دخلت إلى غرفة رفيدة، عيناها تغمرهما دموعٌ صافية من الفرح، وقالت:
– ما شاء الله، يا بنتي… زي القمر،وأحلى.
يلا بقى، الواد برّه خلّل من القعدة!
ضحكتا سويًا، ورفيدة نظرت إليها بامتنانٍ صامت، وقالت :
– أنا محظوظة، وبحمد ربنا على نعمة أم زيك… أنتم أكبر نعمة ورزق في حياتي.
ضمّتها رباب بحنانٍ أموميّ صادق، ثم قالت بحزمٍ لطيف:
– يلا بقى، ادخلي المطبخ هاتي المشروبات… قعدتلك سليمان في الصالون، مش هيشوفك.

+

رفيدة دخلت بخطى خجولة، تحمل صينية عليها مشروبات.
كانت ترتدي عباءة حريرية ناعمة باللون البيج الفاتح، مزينة بتطريزات خفيفة على الأطراف، تعكس هدوء شخصيتها ورقتها. النقاب كان سميكًا، لكنه مرصّع بخيطٍ ذهبي بسيط على الحافة، مما زاد حضورها وقارًا وخصوصية.
سليمان حين رآها، وقف بابتسامةٍ كبيرةٍ تُخفي بين طياتها امتنانًا وسعادة:
أخذ منها الصينية بلطف، ووضعها على الطاولة، ثم جلس بهدوء.
رباب جلست بجوار رفيدة، وأمسكت يدها بتشجيعٍ رقيق.
بدأ سليمان يعرف نفسه بثقةٍ وودّ
أومأت رباب برأسها، وابتسمت:
– توكلنا على الله… ربنا يجمع بينكم على خير.
بدأوا الحديث في تفاصيل التجهيزات، وقال سليمان:
– إن شاء الله في الويكند هيكون كتب الكتاب.
هعمله على البحر… هحجز شاطئ خاص، ونعمل قعدة جميلة، يحضرها الناس اللي نعرفهم هنا… بسيطة، دافية، وتليق بيها…ووقت ما أمور الشغل تظبط ننزل مصر نعمل الفرح.
أيامٌ تمضي سريعًا، سليمان منشغل في التجهيزات،
ورفيدة تقضي أيامها مع رباب ورنا في التحضير لكل شيء، من فستانٍ إلى أبسط التفاصيل.
سليمان منحها إجازةً كاملة من العمل، وكان يفعل كل ما في وسعه ليجعلها تشعر بأنها عروس، وبأن لها أهلًا وبيتًا وفرحةً تستحقها.
كانت رفيدة تعيش أجمل أحاسيسها، قلبها يرقص في صمت، والضحكة تسكن ملامحها.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية جاسر وشربات - قصة لا تنتهي الفصل الاول 1 بقلم دينا

+

 

وفي أحد الأيام…
بين جدران أحد المولات الكبيرة، كانت رباب ورنا تبحثان مع رفيدة عن فستان كتب الكتاب.
قالت رباب:
– كده جبنا فستان كتب الكتاب… فاضل بقى فستان القعدة مع سليمان بعد ما نخلص.
رفيدة نظرت إليها بدهشة:
– فستان تاني؟ ليه يا ماما؟ما أقعد معاه بنفس الفستان عادي يعني.
ابتسمت رباب برقةٍ وحنان:
– لأ، يا حبيبتي.
فيه قعدة كده بعد كتب الكتاب، بتقعديها مع جوزك، وبتكوني بشعرك.
والفستان ده تقيل ومش هيريّحك، عايزين حاجة مناسبة وناعمة، تبقي مرتاحة فيها وتليق بالمناسبة.
رفيدة وقفت مصدومة عند الكلمة الأخيرة:
– بشعري؟ لأ… أنا مش مستوعبة إن هيشوفني من غير نقاب.
ضحكت رباب وقالت وهي تهدهدها بحنوّ:
– بُكرا تتعودي يا بنتي… هو جوزك، مش غريب.
بدأت رحلة البحث…
لكن رفيدة لم تكفّ عن الاعتراض:
هذا مكشوف الصدر…
وذاك قصير…
وذاك يكشف الذراعين…
حتى قالت رباب بحزمٍ أموميّ:
– بنت! هتسمعي كلام ماما ولا لأ؟
اللي هختاره، تاخديه من غير اعتراض.
ده جوزك يا هبلة… مش حرام.
وأخيرًا… اختارت لها فستانًا أوف وايت ناعمًا، بأكمام طويلة من الشيفون، وتنورة منسدلة بانسيابية، وقماش خفيف لا يشفّ ولا يصف.
قالت لها:
– ولا كلمة يا رفيدة. مناسب، محتشم، وهايل… يلا.
ثم رنّ هاتف رنا:
– أبيه بيتصل… شكله وصل.
ردّت لتخبره بمكانهم،
سليمان في طريقه إليهم…
يأتي، لا ليشتري بدلة فحسب،
بل ليكمل حلقة من الحلم الذي بدأ… برؤيةٍ بلا نظرة، وبحبٍّ بلا شرط.

+

كان الغروب يرسم على الأفق لوحةً من سكينةٍ ووقار، وكأن السماء تتوضأ استعدادًا لحضور حفلٍ من نوعٍ آخر… ليس فيه بهرجة، ولا مبالغة، بل فيه وعدٌ بالطمأنينة، وعهدٌ أمام الله.
أوقف “سليمان” السيارة أمام الفندق القريب من القاعة، ترجل أولًا، ثم فتح لها الباب بعناية، وكأنها شيء لا يجوز لمسه إلا بخشوع. نظر في عينيها من خلف النقاب، وهمس:
“الأوضه جاهزة… خدّي وقتك، وانا هكون في الأوضة اللي جنبك.”
هزّت رأسها بخجل، ودخلت الفندق بخطى هادئة، ويدها تقبض على طرف فستانها الأبيض المُعلّق على يد “رنا”، التي كانت ترافقها كظلها.

+

وبينما كانت رفيدة تتهيأ في الغرفة، بكل هدوءٍ وتأمّل، كان “سليمان” في الغرفة المجاورة، يرتدي بدلته بخطواتٍ بطيئةٍ متعمّدة، كأنه لا يريد أن يسبق قلبه في الاستعداد. كل حركةٍ منه كانت تُخبر عن رجلٍ يُقدّر اللحظة، ويخشاها في الوقت ذاته، خشية من أن تمرّ سريعًا… أو أن تكون أعظم من احتماله.

+

كان الفستان أبيض ناعمًا كالحلم، بهيًّا كالنقاء، ملكيًا دون تكلف.
تفصيله يُشبه الحكايات القديمة، تلك التي تبدأ دائمًا بـ “كان يا ما كان”،
فستان واسع ذو تنورة منسدلة تنساب برقةٍ على الأرض، تتحرك مع خُطى العروس كأنها ترقص فرحًا.
الصدر مرصّع بتطريزات دقيقة من اللؤلؤ والكريستال الأبيض، تزداد كثافتها كلما اقتربت من ياقة العنق العالية التي تحتضن رقبتها برقيّ.
والحزام حول الخصر مزيّن بخيوط لامعة، يُبرز نحافتها ببساطة وأناقة.
أما الكمّان، فكانا الأجمل… أكمام من الشيفون الشفاف، منسدلة على الذراعين كأجنحة ملاك،
تتمايل مع النسيم، وتُعانق الضوء كأنها ترتدي هالة نور.
وفوق هذا الجمال، ارتدت نقابًا ناعمًا من التول الأبيض، خفيف كهمسة،
يُغطي وجهها برقة، لا يُخفي ملامحها بل يُزيدها سحرًا وغموضًا،
نقابًا ينسدل برقة فوق صدرها، يزينه خط خفيف من التطريز عند الحواف ليتناغم مع أناقة الفستان.
كانت رفيدة في تلك اللحظة، أشبه بلوحة لا تحتاج إطارًا…
الحياء يتوشحها، والسكينة تنبع منها،
تبدو كأنها عروس من الجنّة… هادئة، محتشمة، جميلة بما يفوق الوصف.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية عتاب وسراج - حب الضحية للجلاد الفصل السادس عشر 16 بقلم زهرة الهضاب

1

أرسلت “رنا” رسالة إلى سليمان:
“الأميرة جاهزة… الكاميرا هتصور… الفيرست لوك دلوقتي ❤️”
لم ينتظر ثانية، واندفع بخطى واثقة نحو باب الغرفة.
وما إن فتح، حتى شهق قلبه قبل صدره…
كان يرتدي بدلة بلون الكُحلي الداكن، لون البحر في سكونه، والليل في هدوئه،
تفصيلها دقيق، تتبع خطوط جسده كأنها خُلقت له وحده،
ياقة السترة مستقيمة وراقية، تلمع منها دبّوس صغير من الفضة، بسيط لكنه يُعلن ذوقًا رفيعًا.
قميصه الأبيض كان ناصعًا كصفحةٍ أولى في قصة حب،
وربطة عنقه الحريرية بلون النبيذ العميق، تشي برجلٍ يعرف كيف يكون أنيقًا دون تكلّف،
قويًّا دون استعراض.
حذاؤه الأسود اللامع يعلن عن رجلٍ لا يترك تفصيلة،
وساعته المعدنية تلمع على معصمه
وفي عينيه تلك النظرة… نظرة رجلٍ جاء ليُكمِل نصف دينه، لا ليظهر… بل ليستقر.
اقترب منها بخفة، ثم همس، وصوته يرتجف رغم ثباته الظاهري:
“دقايق… وتكوني حلالي، بإذن الله… وأعرف أمسك إيدك”

+

حين نزلا سويًا، كانت رفيدة تُمسك طرف فستانها بيد، وذراعها الأخرى في ذراع سليمان.
القاعة كانت كالحلم… مُزينة بالورد الأبيض، والأرض مفروشة بألوانٍ ناعمة كأنها من نسج السماء،
والبحر خلفهم، يُرسل تموجه كأنشودة تُبارك العروسين.
كل الحضور وقفوا…
وصفّقوا بحرارة، وزغردت “رباب” من قلبها،
أما “رنا”، فكانت تصور اللحظة من عدة زوايا، لا تترك تفصيلة إلا وتوثقها.
هتف أحدهم أول ما دخلا:
“ما شاء الله!”
وتبعتها تصفيقات المعازيم، وعيون مدهوشة بجمال العروس، تلك الجميلة التي أخفت ملامحها بنقاب، لكنها كشفت للعالم عن جمالٍ أعظم… جمال الحياء.

1

جلس المأذون أمام طاولة مُزينة بالورود، في صدر القاعة.
سليمان أمسك يدها ليساعدها على الجلوس، وعدّل طرف فستانها بحرصٍ،
ثم جلس بجوارها… وكل الأنظار عليهما،
والدعوات ترتفع إلى السماء.
وحين نُطق العقد، ارتجف قلب رفيدة، وارتفعت نظراتها إلى وجه سليمان،
كان يبتسم لها… لا كبشر، بل كمُحبّ أدرك أنه بلغ ذروة الأمنية.
مرت اللحظة كما الحُلم…
“تمّت الإجراءات…”
أمسك يدها أمام الجميع، وهمس بهادوء:
“مبروك عليّا يا حلالي…”
ثم بدأت الأغنية:
“صاحبة الصون والعفاف… أحلى واحدة في البنات…”
وقف معها، وضمّها إليه في رقصة هادئة،
يردد كلمات الأغنية في أذنها:
“تسمحيلي برقصة هادية، تسمحيلي بقربي منك؟
حلم عُمري تكوني راضية عن وجودي بس جنبك…”

+

كانت رفيدة في حضنه… تنسى الدنيا.
أغمضت عينيها، ووضعت رأسها على صدره،
فاحتواها، وأسند جبينه فوق رأسها…
والناس تصفق، تبتسم، وتُبارك.
في عيونهم قصة عشق، وفي قلبهم فرحة حقيقية.
استمرت الحفلة بأغنياتٍ ناعمة، ورقصٍ بسيط لا يُخدش حياء،
وتصوير لا يترك لحظة إلا ويخلدها.
وعند الختام، رافقها إلى السيارة، حمل طرف الفستان،
فتح لها الباب، وأغلقه بعد أن اطمأن أن كل شيءٍ على ما يرام.

+

وفي البيت، ساعدها على النزول، ورفع الفستان عن العتبة، كأنما يحمل قلبه بين يديه.
وما إن دلفا إلى الداخل، حتى سبقتهم “رباب”، أمسكت يد رفيدة برقة، وقالت:
“تعالي يا عروسة يلا”
ودخلت بها الغرفة، تاركة سليمان في الصالون…
جالسًا، يضع يده على قلبه، كأنما يقول له:
“استرح… فقد وصلت.”

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *