رواية نبض القلوب الفصل الخامس 5 بقلم آية طه
رواية نبض القلوب الفصل الخامس 5 بقلم آية طه
البارت الخامس
البارت 5
في الكلية..
كانت ليلى قاعدة في الكافيتريا مع مها، بتقلب في كتاب المحاضرات بدون تركيز حقيقي. مها كانت بتتكلم عن حاجة تخص مشروع التخرج، لكنها لاحظت شرود ليلى، فقربت منها وقالت بمكر:
مها: “ليه حاسة إنك مش معايا؟ هو في حد شاغل بالك ولا إيه؟”
ليلى رفعت عيونها بضيق مصطنع: “لا مفيش.. بس سرحانة شوية.”
مها قربت أكتر وهمست: “سرحانة في مين بقى؟ آدم؟”
ليلى شهقت بضيق وهي بتبص حواليها: “خفضي صوتك يا مها! إيه آدم ده!؟”
لكن لسوء حظها، صوت مها كان واضح بما فيه الكفاية لدرجة إن الشخص المعني سمع اسمه، وقرر يستغل الفرصة.
آدم (بصوت هادي من وراها): “آدم إيه؟ كنتوا بتتكلموا عني؟”
ليلى اتجمدت مكانها، مها حاولت تخبي ضحكتها وهي بتشوف ردة فعلها. ليلى استجمعت شجاعتها وبصت له بتحدي، رغم إن قلبها كان بيدق بسرعة:
ليلى: “أنت ليه دايمًا بتظهر فجأة كده؟”
آدم (بابتسامة خفيفة): “يمكن علشان بحب أشوف ردود فعلك الغاضبة، بتبقي ظريفة.”
ليلى رفعت حاجبها وهي بتحاول تبان متماسكة، لكن الحقيقة إنها حست بقشعريرة خفيفة من كلماته. مها قررت تديهم مساحة فانسحبت بلباقة، وسيبتهم لوحدهم.
آدم سحب كرسي وقعد قدامها براحة وكأن وجوده عادي جدًا، رغم نظرات الطلبة اللي كانت متجهة لهم.
آدم: “بصراحة، كنت مستني اللحظة اللي هنتكلم فيها لوحدنا.. في حاجة عايز أقولها.”
ليلى (بحذر): “حاجة زي إيه؟”
آدم بص في عيونها بتركيز، صوته كان هادي لكنه محمل بمعنى أعمق: “أنا مش من النوع اللي بيهتم بسهولة، بس معاكِ.. الموضوع مختلف.”
ليلى حست إن الكلام خرجها من منطقة الراحة بتاعتها، قلبها بدأ يدق أسرع، لكنها رفعت رأسها وقالت بثقة مزيفة:
ليلى: “وأنا المفروض أعمل إيه بالمعلومة دي؟”
آدم ابتسم، ابتسامة خلتها تحس إنها في مأزق، ثم قال ببساطة: “ولا حاجة.. بس كنت عايزك تعرفي.”
وبدون ما يقول كلمة زيادة، وقف وسابها قاعدة لوحدها، غارقة في أفكارها ومشاعرها المتلخبطة.
في البيت..
ليلى كانت قاعدة في سريرها، موبايلها في إيدها، ومحادثة آدم شغالة قدامها. ترددت لحظة، ثم كتبت:
“تقصد إيه بكلامك النهاردة؟”
ماكنتش متوقعة إنه يرد بسرعة، لكن شافته بيكتب. وبعد ثواني، وصلت رسالة قصيرة:
“مع الوقت، هتفهمي.”
في المستشفى..
بعد ما خلص يوسف فحص المريضة، خرج من الغرفة وهو بيحاول يركز في شغله بس دماغه كانت مشغولة بحاجة تانية. أول ما وصل لمكتبه، لقى نيرمين واقفة مستنياه، وكانت باينة عليها الجدية.
نيرمين:
“دكتور يوسف، عايزة أكلمك في حاجة.”
يوسف رفع حاجبه وقال ببرود وهو بيفتح باب المكتب:
“أنا سامعك.”
نيرمين دخلت معاه، وقعدت قدامه وقالت بصوت هادي لكن حاسم:
“أنا مش فاهمة ليه مصمم تفضل عايش بالشكل ده؟ دايمًا بتستخبى ورا الشغل، وبتبعد عن أي حد يحاول يقرب منك.”
يوسف زفر بضيق وقال وهو بيبص في الملفات اللي قدامه:
“مش شايف إن ده موضوع مهم نتكلم فيه دلوقتي.”
نيرمين ما استسلمتش وقالت بإصرار:
“بالعكس، مهم جدًا.. لأنك لو فضلت كده، هتلاقي نفسك لوحدك في الآخر، وساعتها مش هيبقى الشغل كفاية.”
يوسف سكت لحظة، بعدين قفل الملف وبص لها بجدية:
“وأنا لوحدي من زمان، ومش شايف إن ده شيء يستحق التغيير.”
نيرمين حركت راسها بعدم تصديق وقالت:
“إنت مش لوحدك، لكنك اللي بتدفع الناس بعيد عنك.”
يوسف ضحك بسخرية وقال:
“يعني إنتي شايفة إنك فاهماني أكتر من نفسي؟”
نيرمين ابتسمت وقالت بثقة:
“مش لازم أفهمك بالكامل، لكني شايفة حاجات إنت رافض تشوفها.. زي إنك بتعاقب نفسك بحاجة أنت مش مسؤول عنها.”
يوسف تصلب في مكانه، وكلامها أصابه في مقتل. بص لها بحدة وقال بصوت منخفض لكنه واضح:
“ما تتكلميش في حاجات متعرفيش تفاصيلها.”
نيرمين بصت له مباشرة وقالت بهدوء:
“يبقى احكيلي.”
يوسف حس إنه في لحظة ضعف، لكنه بسرعة استعاد سيطرته على نفسه، وقف وقال بحزم:
“انتهينا من الكلام ده، عندي شغل لازم أخلصه.”
نيرمين سابت كرسيها بهدوء وقالت وهي رايحة ناحية الباب:
“زي ما تحب، بس افتكر إنك مش هتقدر تهرب من الحقيقة للأبد.”
بعد ما نيرمين قالت كلمتها الأخيرة، يوسف حس كأنها سابت جرح جوا قلبه، لكنه حاول يخبي ده ويخلي ملامح وجهه باردة زي ما هو متعود. نيرمين وقفت على الباب لثانية، مدية ظهرها ليه، وكأنها مش عايزة تسيبه يهرب تاني. سكتت شوية، بعدين قالت بصوت أكتر هدوء:
“بلاش تستخبى ورا شغلك.. لو فضلت كده، هتكتشف إنك مش هتقدر تهرب من نفسك في يوم.”
يوسف حاول يسيطر على مشاعره ورفع صوته شويه، بس ما كانش فيه عصبية في كلامه:
“أنا مش ههرب.. بس لازم أركز في شغلي دلوقتي. ده اللي بيخليني أعيش.”
نيرمين حركت راسها، زي ما هي متأكدة من حاجة، وبصت له وقالت بجدية:
“التركيز في الشغل مش هيحل كل حاجة. بس هتفضل لوحدك في الآخر.. والشغل مش هيكون كفاية.”
يوسف نظر ليها بعمق، وكان فيه توتر في عينيه، حس إن فيه حاجات عميقة بتؤلمه، لكن رفض إنه يعترف بيها. وقف بجانب المكتب وقال بصوت أكتر حسم:
“إنتي مش هتغيري فكرتي،يا نيرمين.”
نيرمين زادت نظرتها إصرار وقالت:
“أنا مش جايه أغير فكرتك، أنا بس جايه أقولك إنك مش لوحدك. لو فكرت إنك هتهرب من الناس علشان تحميهم، هتكتشف إنك بتضرهم أكتر مما بتساعدهم.”
يوسف وقف، وأخذ نفس عميق، وابتسم بحزن:
“الحقيقة إنك مش فاهمة حاجة، ودي مش مشكلة الشغل اللي أنا فيه.”
نيرمين هزت راسها وقالت وهي بتقترب منه:
“اللي مش فاهمه إنك مش لوحدك، يا يوسف.. وإنت مش المسئول عن كل حاجة.”
يوسف بص فيها لثانية، وابتسم ابتسامة متوترة وقال:
“يمكن.. لكني مش جاهز علشان أواجه الحقيقة دلوقتي.”
نيرمين أخذت خطوة للخلف وقالت بهدوء:
“ويمكن الحقيقة هتواجهك لوحدها، من غير ما تكون جاهز.”
ثم خرجت من المكتب، سابته واقف وسط أفكاره المشتتة. يوسف رجع للملفات قدامه، بس قلبه كان مشغول بحوارها الأخير. لأول مرة حس إن الهروب مش هيكون الحل.
- لقراءة باقي حلقات الرواية أضغط على (رواية نبض قلبي)