رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الثالث 3 بقلم أميرة أحمد - The Last Line
روايات

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الثالث 3 بقلم أميرة أحمد

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الثالث 3 بقلم أميرة أحمد

 

 

البارت الثالث

 

 

رن هاتف حنين للمرة الثالثة على التوالي… رقم غير مسجل بسجل هاتفها… ترددت كثيرا قبل ان تضغط علي زر الهاتف و تجيب…. قالت بتردد: ألو..

جاءها صوته عبر الهاتف يهمس في حنان: وحشتيني يا حنين.

شهقت في تعجب: شادي!!!

همس بتردد: ممكن متقفليش الخط.

خرجت منها تنهيدة حارة: انت عارف مينفعش نتكلم…

قال بإغواء: يعني انا موحشتكيش؟

تنهدت حنين و قالت بحدة: لأ موحشتنيش…. و من فضلك متكلمنيش تاني…. انت عارف خطيبي لو عرف هيعمل ايه؟

ضحك بسخرية: هيعملي ايه؟ هينزل من السعودية مخصوص علشان يضربني؟

ازداد توتر حنين وهتفت بعصبية: ابعد عني يا شادي.

قال بضعف: مش قادر…. حنين انتي مش عارفة انتي عندي ايه…. انا لما شوفتك النهاردة كنت هاتجنن…..

صمت و هو يستمع لصوت انفاسها يتصاعد علي الجانب الأخر ثم همس بضعف: انا لسة بحبك يا حنين.

مسحت دمعة فرت من عينيها سريعا وقالت بحدة تتنافي مع ما تشعر به من مشاعر حب و حنين تجاهه: انا مش لعبة في ايدك …. انت اللي اخترت اننا نبعد.. متلومنيش انا دلوقتي.

همس بألم و هو يجاهد كلماته لتخرج من حلقه: مبسوطة معاه؟

تنهدت وقالت محاولة اثارت حنقته واستفزازه: جدااا

صاح بحدة وصوت عالي: انت مش هتتجوزيه… انتي سامعه… مش هتتجوزي حد غيري يا حنين.

جاهدت وهي تتصنع البرود في صوتها: انا كنت قدامك… متجوزتنيش ليه؟

ترقرقت دمعة في عينيه وهمس بصوت ضعيف: انتي عارفة ظروفي…. انا مقدرش اتجوزك دلوقتي….. انتي مش قادرة تفهمي يعني ايه يبقي عندي 24 سنة و انا اللي باصرف علي البيت…. أمي واخواتي مسؤلين مني انا…. اجي أقول لباباكي ايه…. بحب بنتك بس مش هاقدر اصرف عليها؟

علي نحيبها على الجانب الأخر من الهاتف: انت حتي محاولتش…. لو كنت جيت بابا كان هيقف جنبك ويساعدك.

عاد إلي الحدة مرة أخري وصاح: انتي مستنتيش…. محستيش بيا …. سبتيني مع أول عريس.

تكلمت بنبرة توحي بالقوة وصاحت : انت المفروض تقبل الوضع الحالي و تبعد عني يا شادي…. احتراما للصداقة اللي كانت بينا 4 سنين …. انا بقولك اهو ابعد عني.

ضحك بسخرية: صداقة!!…. حب 4 سنين يا حنين… و مش هاسيبك تروحي مني …. ثم همس بصوت كالفحيح: انتي بتاعتي.

سري الرعب في اوصالها و تذكرت كابوس الليلة الماضية…. سارعت وأغلقت الهاتف في وجهه….. دفنت وجهها في وسادتها وبكت…. تذكرت الماضي…. أهلها يضغطون عليها لتتزوج بأبن عمها … وشادي يقف مكتوف اليدين… تركها مع اول عقبة واجهتهم… لو كان بقي… لو كان بذل مجهود للحفاظ عليها… لما كانت الان مربوط اسمها باسم رجل أخر…… عمر……… ذلك الشهم الرقيق الذي لا يحمل لها سوي كل حب واحترام…. تشمئز من نفسها كلما سمعت صوته الحاني…… تشعر بانها تخونه وقلبها لايزال متعلق بشادي…. يفعل عمر كل شيء لإرضائها… لكن لا سلطان علي القلب…… قلبها أسير شادي….. تذكرت حين وقعت عيناها علي شادي لأول مرة في مدرجات الكلية…….. نظرت إليه بتعجب…… كيف لشخص واحد ان يجمع كل هذا الكم من الوسامة…. نظرت إليه بطوله الفارع وصدره العريض وعضلاته البارزة……. محال أن يكون هذا الشاب في التاسعة عشر من عمره…. اقترب منها وتعرف عليها…… لم تصدق نفسها انها هي من لفتت نظره بينما تتهافت الفتيات عليه، وجاء هو ليتعرف عليها.

اغمضت عينيها في ألم…. كم تمنت لو أمكنها ان تخرجه من ذاكرتها……..لو تمنح عمر بعضا من الحب الذي يغدق عليها به…… لو تمسح من ذاكرتها تلك الأربع سنوات المنقضية.

تزاحمت الأفكار داخل عقلها فراحت في سبات عميق.

———————————

وقف يوسف بارتباك امام الباب….. لا يدري هل يدق الجرس ام عليه ان ينصرف…… وبخ نفسه بأنه من باب الأدب كان لابد ان يتصل قبل ان يأتي….. لكنه خشي لو اتصل لعرف والده بالأمر وامتنع طارق صديق والده المقرب عن الكلام …. حاول ان يأخذ نفس عميق قبل ان يدق جرس الباب…. لحظات وفتح الباب طفل صغير عمره لا يتعدي الأربعة أعوام وانطلق يجري مرة أخري…. ظل يوسف واقفا على الباب في توتر لا يدري ما عليه فعله…. حتى وجد صياح من الداخل: فريدة …. ابنك فتح الباب و سابه مرة تانيه… هم فارس ان يغلق الباب لكنه وجد يوسف يقف امامه… تعجب فارس منه و هتف: ايه ده…. واقف على الباب كده ليه يا يوسف؟

تنحنح يوسف بإحراج: خبطت و في طفل فتح الباب و طلع يجري.

ضحك فارس: ده العفريت ابن اختي… تعالي تعالي.

جذبه فارس إلي الداخل وهو يسلم عليه و يتلو كل عبارات الترحاب بوجهه البشوش و طبعه المرح: اخبارك ايه يا يوسف و عامل ايه في الشغل؟

ضحك يوسف: والله يا دكتور انا شغلي بالنسبالك حاجة رتيبة… بس اهو الحمدلله باشتغل دلوقتي في مركز صيانة لتوكيل عربيات.

وكزه فارس في كتفه ممازحا وهو يجلس علي مقعد الصالون: هو انت كمان هتعاملني كا دكتور… انا هنا في البيت ده فارس و بس… انسوا يا جماعة اني دكتور.

قهقه يوسف: طبعا اكيد مطلعين عينك.

فارس: مجنني…. تيجي اختي تقولي بص كده ابني طالعله حبايه لونها احمر في ايده الشمال… وابويا يقولي تعالي بس شوف ضهري ماله مبقيتش قادر اقف…. مش معترفين بالتخصص باي شكل من الاشكال.

ضحك يوسف حتي دمعت عيناه: ربنا يعينك…. واخبار الماجيستير بتاعك ايه؟

أردف فارس بجدية لكن لازالت علي وجهه نفس الابتسامة: و الله الحمدلله قربت اخلص…. المهم طمني عليك بقالي كتير مشوفتكش وأونكل زياد اخباره ايه و طنط و اختك الضغنونة حياة.

ضحك يوسف: كلهم بخير الحمدلله…. بس حياة مبقيتش صغيرة خالص… بقت دكتورة حياة…. انت عارف اتخرجت من كلية صيدلة السنة دي واشتغلت في صيدلية جنبنا.

تعجب فارس من كلماته: مش معقول…. انا بقالي كتير كده مشوفتهاش…. انت عارف انا دايما باشوفك انت وعمو بس.

تنحنح يوسف في حرج: فارس… هو عمي طارق موجود؟

هتف فارس: اه يا حبيبي جوه كان بيصلي… هادخل ابلغه أنك هنا.

هم ان يقف فارس ليخرج من الباب… لكن دخلت اخته فريدة مسرعة تجر في يديها ابنها… ترتدي اسدال صلاة مليء بنقشة الورود الصغيرة و تحمل في يدها معلقة غرف من المطبخ و فوطة و ممسكة باليد الأخرى بيد ابنها كمن قبض توا علي حرامي غسيل…. وقفت علي الباب و صاحت: تعالي يا حبيبي خالو هيشوفك… ثم وجهت كلامها لفارس: الحق يا فارس الولد زوره واجعه اوي مش عارف يبلع حاجة.. رمقت يوسف بطرف عينها وهتفت: ازيك يا يوسف… ثم أكملت كلامها قبل ان يرد عليها يوسف: شوفه يا فارس ليكون كورونا ولا حاجة من الأدوار اللي منتشرة دي.

نظر لها فارس في ضيق بينما كتم يوسف ضحكته…… صاح فارس: انا اسف يا ابني على العبث اللي بتشوفوا ده…. با جماعة انتوا المفروض ناس متعلمة ومثقفة… وديه لدكتور يا حبيبتي.

صاحت فيه بحدة: امال انت ايه؟

قال فارس بوجه يحمل الجديه: معلش يا حبيبتي… أصل انا محضرتش المحاضرة بتاعت وجع الزور دي… فا علشان كده متلقينيش عارف اوي فيها.

لم يستطع يوسف ان يكتم ضحكة عالية خرجت منه رغما عنه، فنطرته له فريدة بازدراء وصاحت في فارس: انت بتتريق عليا.

فارس: اعمل ايه يعني… غلبت اقولكوا انا التخصصات دي مش بتاعتي.. مش طبيب العيلة انا….

جاء والدهما على الصوت وقف بجوار فريدة: في ايه يا ولاد؟

قالت فريدة بضيق: ابنك مش راضي يشوف الولد زوره واجعه ليه؟

ربت علي كتفها: معلش يا حبيبتي …. روحي انتي شوفي اللي على النار و انا هاخليه يكشف عليه حاضر و يكتبله دوا كمان.

دخل طارق إلي الغرفة… سلم علي يوسف بحرارة ونظر إلي فارس: يا ابني قولتلك قبل كده خليك زي ابوك و مشى امورك في البيت ده…. عادي بص في بق الواد واديله أي مسكن… قولها شربيه سوايل دافية… أي حاجة مش لازم تتفلحص وتعملنا فيها مجدي يعقوب يعني.

ضحك فارس: اوعدك يا بابا المرة الجاية… علشان لازم اروح العيادة

صاح طارق: لا دلوقتي… انت هتنزل وهي هتاكل دماغي… انت عارفها طالعه لامها … ادخلها المطبخ وقولها شربيه ينسون ٣ مرات في اليوم.

خرج فارس حانقا، بينما توجه طارق بكلامه ليوسف: ازيك يا يوسف عامل ايه… وزياد مجاش معاك ليه؟ ولا كبر و مبقاش قادر ينزل من البيت.

توتر صوت يوسف لكنه حاول ان يتمالك نفسه سريعا: الحقيقة انا جايلك لوحدي ومش عاوز بابا يعرف اني جيت… انا عارف يا عمو انك اقرب صاحب لبابا و زي الاخوات و متربين مع بعض من زمان و تعرفوا كل حاجة عن بعض… انا جيت علشان اسألك سؤال واحد بس هاعرف اجابته و امشي علي طول.

تغيرت ملامح طارق لجدية غير معهوده عليه: خير يا يوسف في ايه؟!

حاول يوسف ان يستجمع كل شجاعته وهتف: هو كان في ايه بين بابا وطنط سارة بنت خالته؟

رد طارق بنفس الجدية: ليه عايز تعرف حاجة زي دي؟

جاءت نبرة بوسف مليئة بالحدة: علشان انا عاوز اتجوز لارا بنتها وبابا مش موافق… ومش راضي يقولي ليه.

تنهد طارق: بص يا يوسف… انا ضد انهم يخبوا عليكوا… بس للأسف مش من حقي اني اقولك…

ثار يوسف: اعتقد على الأقل من حقي افهم ليه بابا رافض اني اتجوز اللي بحبها.

نظر له طارق قليلا في صمت… ثم كسر الصمت متساءلا: انت عرفتها ازاي؟

ابتسم يوسف: كانت معايا في الجامعة… أصغر مني بسنة.

اخرج يوسف هاتفه وناوله لطارق بابتسامة: دي صورتنا مع بعض.

نظر طارق إلي الصورة وهمس: دي شبه سارة جدااا… ثم نظر ليوسف وغمز بعينيه: حلوة يا ولد … ذوقك حلو.

ضحك يوسف: ما انا مش عارف اتجوزها اهو.

نطر له طارق بتمعن وللحظة شعر كأنه يري زياد امامه في صغره…. كان يوسف يشبه زياد كثيرا في الملامح … ابتسم له طارق: بتحبها؟!

ابتسم يوسف و كانه يري لارا امامه: بموت فيها.

ضحك طارق: انت مش بس طالع شبه زياد…. انت زيه في كل حاجة.

لم يفهم يوسف معني كلام طارق… لكن طارق أردف: انت ملكش ذنب انت وحبيبتك في الماضي يا يوسف…. انا هاتكلم مع زياد وهاقنعه يوافق… بس انت عارف ابوك دماغه ناشفة زي الحجر.

اتسعت ابتسامة يوسف: بس عارف برضه غلاوتك عنده وانه مش بيرفضلك طلب.

ابتسم له طارق بدوره: ربنا يقدم اللي فيه الخير.

انصرف يوسف وقلبه يخفق بشدة … يتمني ان يستطيع طارق حل اللغز واقناع والده بالموافقة علي الزواج…. بينما طارق بمجرد ان خرج يوسف من المنزل…. امسك هاتفه واتصل بزياد … ومجرد ان اتاه صوت زياد قال: زي ما اتوقعت … يوسف لسة ماشي من عندي دلوقتي.

تنهد زياد: كنت عارف انه هيلجألك… بس اوعي تكون قولتله حاجة يا طارق.

طارق: مقولتش حاجة…. بس انت لازم تقوله هو مش صغير…. انا من الأول ضد انكوا تخبوا على الأولاد حاجة زي دي… مش حاجة عيب ولاحرام علشان تخبوها.

زياد: انت عارف دي كانت رغبة عصام الله يرحمه وانا احترمتها…. وهو برضه عنده حق ان الأولاد ميعرفوش…. يعني هيقول لبنته ايه؟

قال طارق: انت مش من حقك ترفض سعادة ابنك… متبقاش اناني يا زياد… قوله الحقيقة… مش يمكن سارة نفسها اللي ترفض.

اخفض زياد صوته وهو يقول بصوت هامس: انت عارف نور حساسة للموضوع ده ازاي… مبتطقش تسمع اسمها…. أقوم أخليها تشوفها و تقعد معاها… لأ ونبقي عيلة واحدة نتجمع في المناسبات و الأعياد!! دي يجرالها حاجة فيها.

ضحك طارق: والله يا روميو محتاج تسيطر على جوليت اكتر من كده…. الكلام ده لما كنت صغير… الموضوع عدي عليه عمر.

زفر زياد: انا عارف… بس هي مش قادرة تتقبل الموضوع حتى بعد العمر ده كله… هي مش غيرة بس هو وجع جواها عمرها ما اتخطته.

قال طارق بضيق: انت مدلعها اوي يا زياد… طيب علي الأقل قول ليوسف الحقيقة واديله سبب مقنع للرفض.

تنهد زياد: حاضر

انهي زياد مكالمته مع طارق… ووجد يوسف يفتح باب المنزل ويدلف إلي الداخل في صمت… و علامات الحزن و خيبة الامل بادية علي وجهه… نادي عليه زياد.. توجه اليه يوسف بوجه وجل: نعم يا بابا.

اقترب منه زياد وربت علي كتفه: استني متغيرش هدومك…. هالبس وانزل انا وانت نقعد نتكلم في أي مكان شوية.

دقائق وكان يقف زياد بسيارته امام إحدى المقاهي.. دخل زياد وتبعه يوسف…. جلس كلاهما على طاولة منعزلة… ساد الصمت بينهم لحظات حتى تكلم زياد: عايز تعرف كان في ايه بيني و بين سارة يا يوسف؟

نظر يوسف إلي وجه ابيه… اول مرة يري هذا الانكسار في عينيه… كان دائما والده مصدر القوة له وللبيت بأكمله… كيف اصبح بهذا الضعف فجأة… كان يتعجب من شموخ والده و الان يجلس امامه كطفل صغير يشعر بالخزي من افعاله… تغلب يوسف علي أفكاره و اوماء رأسه بايجاب.

تنهد زياد وقال بضعف بصوت كله خزي: انا كنت متجوز سارة.

صعق يوسف مما سمعه للتو، قال وهو يكذب اذنيه: كنت خاطبها يعني قبل ما تتجوز ماما؟

نظر زياد اليه بعينين كلها ألم: لأ…. كنت متجوزها لمدة سنتين… كانت مراتي وكنت عايش معاها في بيت واحد… الشقة اللي انا اديتهالك.

وضع يوسف يده على فمه من الصدمة ونظر لوالده بعينين كلها غضب: كنت متجوز على ماما؟ ثم صاح يوسف فجأة: بابا اوعي تكون لارا اختي!!!

ضحك زياد رغما عنه: لا اطمن مش اختك.

اطرق زياد برأسه بعيدا كمن يحاول ان ينسي الماضي الأليم وقال وهو يسترجع الماضى: نور كانت جارتي… بحبها من يوم ما عرفت الحب.. بحبها قبل حتى ما اعرف يعني ايه حب…. و هي كمان كانت بتحبي زي ما بحبها و يمكن اكتر…..مكنتش اتخيل ابدا أي حاجة غير اني اما اكبر اتجوزها… كنت باعمل كل حاجة علشان أكون معاها و جدير بيها…. لحد اما جه اليوم اللي كلمت جدك الله يرحمه علشان اتجوزها… رد عليا وقالي انها مش موافقة… مكنتش فاهم…. دي بتحبني… ازاي مش موافقة؟ حاولت أكلمها كتير مكنتش بترد عليا….. كان جوايا غضب كبير من ناحيتها…. كنت شايف وقتها انها كانت بتخدعني بحبها….. حسيت بالغدر…. عماني الغضب، وفي لحظة متهورة قررت اتجوز …. دورت في اللي اعرفهم…. كنت عارف ان سارة معجبة بيا….. طلبت ايديها ووافقت… و في ظرف كام شهر كنت متجوزها… عشت معاها بس قلبي كان مع نور…. ظلمت سارة كتير لاني مقدرتش أحبها….. مكنتش بعاملها كويس وكنت مهملها…. وهي من كرم اخلاقها كانت مستحملاتي… عمرها ما اشتكت مني و لا من جفايا معاها…. لحد اما جه يوم وحسيت اني مش هاقدر افضل شايل ذنبها اكتر من كده و انا عايش معاها و قلبي مع واحدة تانية…. اقترحت عليها الطلاق ووافقت بسهولة… لان اللي بينا مكنش جواز وحياة طبيعية….. بعدين سافرت كام سنة ولما رجعت اتجوزت أمك…. غفرتلي كل حاجة … غفرت أنى بعدت عنها…. أنى كنت متسرع… و اني اتجوزت من سارة… بس عمرها ما قدرت تنسي ….. حجم الوجع اللي كان في قلبها لما انا اتجوزت سارة….. كان أكبر من انها تنساه حتي بعد مرور حوالي ٣٠ سنة علي جوازي من سارة.

ذهل يوسف مما سمعه للتو، لكنه جاهد أفكاره ونطق أخيرا: و ماما ليه موافقتش تتجوزك؟ و بعدين رجعت وافقت.

تنهد زياد وهو يعتدل في جلسته: علشان أمك مكنتش رافضة في الأول أصلا…. جدك ربنا يرحمه ويسامحه هو اللي رفض علشان….. صمت زياد وابتلع ريقه ثم أردف: مش مهم تعرف الباقي المهم انت عرفت انا رافض ليه.

احتد يوسف وهتف: بابا من فضلك بلاش ألغاز و قولي الحكاية كاملة.

زفر زياد وقال بألم: علشان ابن عمي و اللي كان صاحبي وقتها راح طلب من جدك انه يتجوز نور …. قبل ما انا أكلمه و من غير ما انا اعرف…. دلوقتي انت عرفت كل حاجة.

صمت يوسف قليلا: دي حاجة متتصدقش… قصة ولا حكايات الف ليلة و ليله.

وضع زياد كوب للقهوة من يديه ونظر الي يوسف: اعتقد دلوقتي عرفت انا ليه مش موافق…. أمك عمرها ما سامحتني اني اتجوزت سارة و سيبتها… هي عدت الموضوع… بس انا عارف حجم للوجع في قلبها قد ايه.

تنهد يوسف: طيب وخبيتوا علينا ليه؟

نظر له زياد بحزن دفين في عينيه: بعد ما اتجوزت نور…. سارة اتجوزت عصام…. كنت باتعامل معاها عادي… حتي عزمتني علي فرحهم… لكن في يوم بعد ما اتجوزوا اتفاجأت بعصام بيكلمني…. كان انسان خلوق جدا ومحترم…. قالي انه بيعشق سارة… و انه مش حابب انه يكون موجود في مكان انا و هي نبقي موجودين فيه مع بعض… لان ده بيخليه مش مرتاح و هو شايفني و عارف اني….. أنى كنت متجوز مراته…. قالي انه طلب من سارة متجيبش سيرتي تاني…. وطلب مني ان محدش تاني يعرف اننا كنا متجوزين لان ده بيشعره بالحرج… قالي يومها ان سارة حامل… ومش معقول ابنه او بنته يبقوا عارفين انا مامتهم كانت متجوزة واحد تاني…. وانا اديته كلمتي يومها واحترمت رغبته.

رفع يوسف عينيه في عين والده وقال بحدة: وانا ولارا ايه ذنبنا في حدوتة حبك الفاشلة دي؟

احني زياد رأسه في خزي: انا عارف يا حبيبي ان ملكوش ذنب… الغلط غلطي من الأول… انا اللي غلط لما اتجوزت سارة زمان… وبادفع تمن غلطتي لحد دلوقتي.

سكت يوسف قليلا، ثم انفجر ضاحكا: انا مش مصدقك يا بابا …. انت كنت متجوز طنط سارة القمر دي وسيبتها علشان ماما.. بابا انا شوفت صورة ليها مع لارا، هي لسة موزة لحد دلوقتي…..

رفع زياد حاجبه باعتراض: يا ابني أمك في عيني احلي ست في الدنيا…. سارة جميلة ومهتمة بنفسها، بس انا معرفتش أحبها لان قلبي متعلق بنور من يوم ما شوفتها…. بعدين انا لازم اخليك تبطل تقعد مع طارق لأنك اخدت الوقاحة منه.

ضحك يوسف: بابا بجد… أنت عارف ان كل اللي شاف لارا بيقول انها شبه مامتها.

اتسعت ابتسامة زياد حين رأي الحب داخل عيني يوسف وهتف: طيب ما توريني صورة لارا.

اتسعت حدقتي يوسف من السعادة واخرج هاتفه سريعا وناوله لوالده… كانت صورة الخلفية للهاتف صورة تجمع بين يوسف ولارا… جالسان جنبا إلي جنب… ينظر يوسف لها بكل حب ، بينما ضحكتها الواضح من الصورة انها ضحكة من القلب تملأ وجهها بسعادة.، نظر زياد إلي الصورة طويلا و ابتسم و هو يعطي الهاتف ليوسف مرة أخري و همس: بتحبها؟

نظر يوسف إلي والده بعينين مليئة بالحب و اوماء رأسه بالإيجاب… تنهد زياد: انت عارف اني مش معارض جوازكم لشخصها، بالعكس… انا عارف سارة و متأكد من تربيتها…. أقدر اتخيل تربيتها لبنتها عاملة ازاي…. بس مامتك يا يوسف…..

قاطعه يوسف مترجيا اياه: بس انت تقدر تقنعها يا بابا…. طول عمرك كلمتك بتمشي علينا كلنا من غير أي اعتراض من أي حد فينا…. ليه المرة دي يا بابا واقف ضد سعادتي.

زفر زياد زفرة حارة كادت ان تحرق ما أمامه: علشان المرة دي موقفي حرج… هاجرح قلب حد فيكوا… قلب أبني ولا قلب حبيبتي…. بس انت صغير يا يوسف… راجل تقدر تفهم وتتحمل…. انما نور ضعيفة… قلبها ميستحملش كسر….. بس اللي أقدر اوعدك بيه أنى هاتكلم معاها و أحاول اقنعها.

ابتسم يوسف: بابا انا عارف أنك هتقدر تقنعها….. انت تأثيرك زي السحر عليها.

ضحك زياد: انا بابقي كتكوت قدام نور…. مبقدرش على زعلها ابدا…. اول ما أحس ان في حاجة في الدنيا ممكن تزعلها بحس بوجع في قلبي… بس اديني فرصة ووقت و انا هحاول.

قام يوسف من مكانه واحتضن والده وهو يهمس: ربنا يخليك لينا يا بابا…. والله انتوا لو عرفتوا لارا هتحبوها أوي.

ضحك زياد: كفاية انت بتحبها…..

——————————–

عادا كلاهما إلى المنزل وهما يشعران بارتياح شديد… يستشعر يوسف بالأمل لحصوله علي موافقة والده انه سيستطيع ان يجعل قلب أمه يلين و توافق علي زواجه من لارا…. بينما زياد يشعر بالارتياح لأنه أخرج شبح الماضي ويتعامل معه الأن…. يعلم انه إذا ضغط علي نور ستوافق على زواج ابنهما من ابنة سارة…. لكنه لا يريد ان يحصل على موافقتها بالضغط… يريد رضاها….

دخل يوسف إلي غرفته، امسك هاتفه….. اخذ يبحث في جهات الاتصال المسجلة عنده… لحظات وأتاه صوت مالك علي الطرف الأخر.

ما ان سمع مالك صوته حتى هتف في حماس: عملت ايه؟

رد يوسف بصوت مجهد من كثرة التفكير: عرفت الحقيقة…. اللي بجد اغرب من الأفلام والروايات.

ضحك مالك: اموت في الدراما…. احكيلي.

قص عليه يوسف ما عرفه للتو من والده…. كان مالك يستمع إليه بإنصات ويؤازره في بعض الأحيان و يتعاطف مع في الأخرى… حتي أنتهي يوسف من قص ما حدث معه.

فهتف مالك: بس هو السؤال… باباك بيحب مامتها؟

ضحك يوسف: بقولك سابها علشان يتجوز ماما… مكنش بيحبها أصلا.

مالك: طيب يبقي كده خلاص سهلة… طالما مفيش مشاعر بينهم يبقي الموضوع سهل.

صمت يوسف قليلا ثم قال كمن تذكر شيء: بس عارف المشكلة فين؟ الشقة اللي المفروض بابا وافق اني اتجوز فيها … دي اللي كان متجوز فيها قبل كده.

ضحك مالك: بلاش الشقة دي لتكون شؤم … واضح ان الحاج مكنش ليه امجاد فيها.

قهقه يوسف: يا عم اتجوزها انا بس حتي لو في خيمة و هاكتب انا التاريخ متقلقش.

ضحك مالك حتي دمعت عيناه ثم هتف: بقولك ايه…. أنس أخويا بيزن عليا أروح أقعد عنده في الغردقة أسبوع …. فا كنت بافكر نطلع رحلة كلنا… نقول للجروب كله ونسافر سوا نفصل كام يوم… و تبقي حجة ظريفة اقعد بيها في فندق بدل ما أقعد مع أنس في البيت و أتقل عليه.

لمعت عيني يوسف: تبقي فكرة حلوة أوي… وطبعا جميلة أول واحدة هتقولها.

ضحك مالك: قولتلها أصلا قبل ما اقولك… و هي زمانها بتكلم البنات تظبط معاهم دلوقتي.

قال يوسف بغيظ: و تقولي مش بتحبها…. اعترف يا مالك بتكلمها كام مرة في اليوم؟

ابتسم مالك: مش عارف.. بس يعني كل كام ساعة.

ضحك يوسف بسخرية: كل كام ساعة!! …. انت عارف انا باكلم لارا مرتين في اليوم، و تقولي مبتحبهاش… ده انت بتموت فيها كمان.

تنهد مالك بضيق، فهو يعلم في قرارة نفسه ان يوسف علي صواب، لكنه يرفض ان يعترف حتى امام نفسه بذلك… لكنه أجاب منافيا لاحساسه: مبحبهاش يا يوسف… احنا أصحاب و بس.

يوسف: خلاص يا عم متضايقش… المهم شوف حجز الاوتيل وانا معاك… و بقولك ايه نقول لشادي؟

زفر مالك: جميلة أكيد هتقول لحنين…. بس خلينا نقوله… هما لازم يكسروا الحاجز اللي ما بينهم ده.

يوسف: عندك حق … لازم يتعلموا يتعاملوا عادي… خلاص يلا اقفل انت دلوقتي علشان اكلم لارا اقولها علي السفر.

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)