روايات

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الأول 1 بقلم أميرة أحمد

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الأول 1 بقلم أميرة أحمد

 

 

البارت الأول

 

مقدمة

ماذا لو لم تكن الحياة عادلة؟
ماذا لو لم تُعطنا ما نحب، بل ما يجب أن نتعلّمه؟
حين يخذلنا الماضي… هل نتحرر منه، أم نحمل ألمه معنا؟
وحين نسقط، هل نسحب الآخرين معنا، أم نُبعدهم عن الهاوية مهما كلّفنا الأمر؟

وإذا أدارت لنا الدنيا ظهرها… فهل نرد الخذلان بخذلان؟ أم نتمسك بما نريد؟

ماذا لو لم تكن الحياة سوى سلسلة من الخسارات المؤجلة؟ماذا لو اختبرت صبرنا بكل ما نحب… ثم انتزعته بهدوء؟حين نخطئ، هل نتحمّل وحدنا ثمن الألم، أم نشارك الآخرين في الندم؟وإذا أدارت لنا الدنيا ظهرها، هل ننتقم، أم نغفر؟

هل نُصبح مثلها… أم نكسر الدائرة؟

واذا خسرنا كل شىء…. من نكون حينها؟

….. هل نولد من جديد بقلوب لا تشبهنا؟ ام نصبح نسخة باهتة من انسان كنا يوما هو؟

 

 

نبضات لا تعرف المستحيل
الفصل الأول:

في إحدى المقاهي الهادئة، جلست حنين في إحدى الأركان الجانبية مبتعدة عن الزحام، بعينين حزينتين، يملؤها الصراع من داخلها، يداها ترتجف و تحاول ان تسيطر عليها، دخل شادي، عيناه مليئة بالغضب الممزوج بالحزن، سحب كرسي و جلس أمامها، يحاول أن يسيطر علي انفعاله، صمت قليلا، نظر إلي عينيها بإنكار وهتف: بجد؟ وافقتي؟

هربت بعينيها عنه، و حركت رأسها بإيجاب دون ان تنبث بكلمة.

ضحك بسخرية و قال و هو يقترب منها: وانا؟….. نسيتي أنك بتحبيني؟

رمشت بعينيها بتوتر تحاول ان تمنع دمعة كادت تفر منها، اطرقت برأسها بخزي و قالت بصوت بالكاد مسموع: غصب عني يا شادي…. الضغط عليا كان كبير، هو اتقدملي و أهلي وافقوا… مكنش ليا قرار.

تغيرت نبرة صوته وأصحبت أضعف وقال: حنين انا بحاول…. كل اللي محتاجة شوية وقت.

رفعت عينيها لتتلاقي مع عينيه أخيرا، تجمدت الدموع داخل مقتليها وقالت بصوت بالكاد مسموع: افهمني يا شادي…. انا ملياش قرار.

ارتفع صوته فجأة وقال: يعني خلاص؟ كل اللي بينا ضاع؟

نظرت له بعينين بلا حياة وقالت: شادي انا مستعدة أقف قصاد أهلي، بس تعالي اخطبني.

صرخ شادي بعصبية: حنين…. أعتقد اتكلمنا كتير في الموضوع ده، أروح أقول لباباكي ايه؟ جوزني بنتك بس انا مش معايا فلوس، ومش هاقدر أصرف عليها لأني بأصرف علي أهلي؟

دمعت عيناها و قالت بصوت مهزوز: انا بحبك، ولو جيت انا هاقول لبابا اني موافقة و مش عايزة عمر.

صمتوا لدقائق مضت وكأنها الدهر، بعينين حمراء من الغضب وقف شادي و هتف: كنت فاكرك ليا، كنت فاكر هتستني، بس انتي اللي اختارتي تبعدي يا حنين.

وضع حساب قهوتها علي الطاولة وأدار ظهره لها وانصرف.

شاهدته حنين يمضي مبتعدا و شعرت كأن جزء من روحها يخرج خلفه، وضعت وجهها بين كفيها وانفجرت في البكاء.

قامت حنين من مكانها، خطواتها بطيئة و كأن قدماها لا تقوي علي حملها، كان كل خطوة تبعدها عن شادي تبعدها عن حلمها، عن حبها، عن قلبها المعلق بشادي.

عادت إلي المنزل، دخلت إلي غرفتها، اضاء هاتفها بتنبيه رسالة جديدة، أمسكت الهاتف، رسالة جديدة من شادي ” كنت فاكرك هتفضلي… كنت فاكرك هتستحملي”

ألقت بالهاتف علي السرير بارتباك، وقفت أمام المرآة تنظر إلي عينيها الخاوية من الحياة وهمست لنفسها: لازم تجمدي يا حنين…. انتي أخترتي الصح…. قرار العقل أهم من القلب.

——————————————–

شعرت بيديه الباردتين تتحسس جسدها… انفاسه اللاهثة تكاد تحرق جلدها الناعم…. يداه يتحسسان يديها… جسدها…. ملامح وجهها…. ثم تستقر اليدين الباردتين كالثلج فوق عنقها…. يضغط علي عنقها الأبيض أكثر فاكثر…. تشعر بالاختناق من حرارة أنفاسه ويديه المطبقتان على عنقها… تحاول ان تبعده لكنها تفشل…. تحاول ان تصرخ لكن يخذلها صوتها فلا يخرج… الهواء يقل من حولها تدريجيا…. تلهث لتأخذ أنفاسها، بينما يزداد ضغط يديه حول عنقها، لا انه يعتصر قلبها داخل صدرها بيديه الباردتين….. تختنق تحت يديه بالبطيء….. تقاوم… تدفعه بكل ما اوتيت من قوة، يداها مربوطتين، لكنه يهمس في أذنها بصوت كالفحيح: بحبك يا حنين…… يزداد الضغط أكثر فيتحشرج الهواء داخل حلقها…. أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت يديه….. ثم فجأة……..

تستيقظ من نومها فزعه….. تنظر حولها وهي تحاول ان تلتقط أنفاسها كمن انهي لتوه ماراثون، يتساقط العرق من جبينها… تحاول ان تتمالك اعصابها و تهدأ من روعها…… اهدئي حنين…. لم يكن سوي كابوس أخر…. كابوس من الكوابيس المتكررة في الأشهر الأخيرة…. تتناول كوب المياه المستقر بجوارها بيد مرتعشة… ترتشف رشفة صغيرة… تحاول ان تعود للنوم مرة أخري…. لكن لازالت تشعر بتلك الغصة في صدرها…. ترتمي بجسد مرتخي على فراشها و عينيها مفتوحتان تنظر في اللا شيء متمنية ان يرسل الصباح اولي اشعته في اسرع وقت.

————————————————————

دخل يوسف إلي حجرة والده في تردد، يقدم قدم ويؤخر الأخرى… وجد والده يجلس خلف مكتبه يرتدي نظاراته الطبية ويمسك بين راحتيه كتاب منهمك في قراءته.

جلس يوسف أمامه تنحنح ثم همس: بابا… ممكن أتكلم مع حضرتك شوية؟

– نظر له والده من خلف نظاراته الطبية باستنكار: غريبة اول مرة اشوفك متردد كده أنك تيجي تتكلم معايا في حاجة يا يوسف.

قال يوسف بنبرة متوترة: بابا …. انت عارف اني باشتغل بقالي حوالي سنة و مرتبي الحمد لله كويس.. و …..

– قاطعه والده: ادخل في الموضوع يا يوسف من غير لف ودوران.

قال يوسف بجدية وكأنه يتلو كلمات كان يحفظها عن ظهر قلب: بابا انا بحب واحدة كانت زميلتي في الجامعة وعايز اتجوزها.

ضحك والده: وهو الموضوع محتاج كل المقدمات دي… و الله لو البنت و أهلها كويسين انت عارف انا مش ها عارض ابدا في سعادتك.

اضاءت عيني يوسف وقال: والله يا بابا لارا بنت كويسة أوي… وبالنسبة لأهلها فأنت عارفهم كويس أوي.

رد عليه في استغراب واضح: أعرفهم منين؟ أكيد مش عاوز تتجوز بنت طارق دي متجوزة.

– ضحك يوسف: لأ يا بابا…. لارا تبقي بنت طنط سارة بنت خالتك.

– تجهمت ملامح والده فجأة وتحولت للعبوس وقال بحدة: أنت مش ممكن تتجوز بنت سارة ابدا….. و متتكلمش في الموضوع ده تاني وبالأخص قدام مامتك.

هتف يوسف: بابا انا من حقي أفهم…

أردف والده في حزم: قولتلك الموضوع ده انتهي ومتتكلمش فيه تاني.

دخلت والدته عليهم في المكتب فهتفت في قلق: في ايه يا زياد صوتك عالي ليه؟

قال زياد بنبرة حنونة: مفيش يا حبيبتي.

جلست على المقعد المقابل ليوسف و نقلت عينيها بين يوسف وزياد وقالت: لأ شكلك مضايق… يوسف انت زعلت بابا في ايه؟

– لازالت ملامح يوسف في تجهم وهتف: بابا مش موافق يا ماما.

بدفء قلب أم هتفت: ليه يا زياد مش موافق انه يخطب البنت اللي بيحبها؟

– تغيرت ملامح زياد ونظر لها باستغراب: هو انتي موافقة يا نور؟

– اقتربت منه وجلست إلي جواره: و ماله يا حبيبي لو بيقول البنت كويسة و متربية نروح نشوف أهلها.

– نظر لها زياد في تعجب: هو يوسف قالك مين أهلها؟

هتفت نور: قالي ان باباها متوفي من سنة وان مفيش غيرها هي ومامتها واخواتها الصغيرين.

– نظر زياد في عينيها بخزي: وهو قالك مين تبقي مامتها؟

– نطق يوسف أخيرا وصاح: طنط سارة قريبة بابا يا ماما…. انا عارف إنك مش بتحبيها علشان كده مقولتلكيش هي مين… انا أصلا مش قادر افهم ليه مش بتحبيها كده….

– تعلقت عيني نور بعين زياد وهمست كمن يحدث نفسها: أبني أنا عاوز يتجوز بنت سارة!!!

– ابتعد بعينيه عنها وانتفض زياد من مكانه وهم بالخروج من الغرفة: يوسف انا قولت اللي عندي… مش هتتجوزها لو أخر بنت في الدنيا.

– نظر يوسف إلي والدته في استجداء وهمس: ماما من فضلك اتكلمي معاه.

– قالت نور في حدة: ملقيتش غير بنت سارة يا يوسف…. عاوز تكسر قلبي انت كمان!

هتف يوسف بعصبية: انا مش قادر افهم يا ماما ايه مشكلتها انها بنت سارة او بنت غيرها… انتوا حتى مشوفتهاش أدوني سبب مقنع لرفضكوا ده.

– قالت نور في حزم: سبب مقنع ان انا وباباك مش موافقين وبس كده.

خرج يوسف من غرفة المكتب في غضب وتوجه إلى غرفته وهو يحمل بداخله أطنان من الألم… أخرج هاتفه من جيبه فوجد رسالة من لارا…. أمسك الهاتف واتصل بها.

– هتخرج معانا بالليل؟

– مين هييجي؟

– كل صحابنا.

– لأ… انا مش عاوز اشوف حد.

– مالك يا يوسف في ايه؟

– انتي فاضية يا لارا …… ممكن نتقابل؟

– ماشي يا يوسف.

– قابليني في نفس الكافيه اللي هتتقابلوا فيه بالليل كمان نص ساعة.

أغلق يوسف الهاتف واستعد للخروج….. و بالفعل أقل من نصف ساعة و اقبلت عليه لارا بوجهها البشوش و عينيها البنيتين وشعرها الأسود القصير الناعم منسدل خلف ظهرها بخفة،وضحكتها التي تنير دربه…. استقبلها يوسف بابتسامة باهتة… جلست وبدأ يقص عليها ما حدث.

– انا مش قادر افهم في ايه بين أهلي واهلك؟

– انا كمان مش عارفة… ماما طول عمرها بتتحاشي ان سيرة باباك تيجي وخصوصا قدام بابا الله يرحمه … بس انا عمري ما فهمت ليه… حتي أصلا مشوفتش أونكل زياد غير في فرح قريبهم ده اللي كان من سنتين و حتي سلموا علي بعض من بعيد كده تحس ان في حاجة غريبة بينهم فعلا… بس مكنتش متخيلة الموضوع يوصل لكده.

– طيب ما تحاولي تسألي مامتك يا لارا… يمكن تقولك.

– سألتها قبل كده كانت بتتهرب من السؤال… بس انا هحاول اسألها تاني.

– صمت يوسف قليلا… ثم مد يده عبر الطاولة وأمسك بيد لارا في حنان: لارا انا بحبك و مش هاتخلي عنك ابدا… محتاجين بس نفهم ايه المشكلة اللي بين اهالينا و انا هحاول احلها.

– نظرت إلي عينيه في يأس: طيب و لو متحلتش؟

– ابتسم وهو يضغط على يدها: مفيش حاجة ملهاش حل….. وأكيد ربنا مش هيسيبنا.

– ان شاء الله يا حبيبي….. هو انت مش عايز تيجي بالليل ليه ؟

– متضايق يا لارا… مش عاوز اشوف حد.

– تنهدت وقالت: بس أنت لو مجيتش بالليل انا مش هاجي…. و لو انا مروحتش جميلة هتزعل… ازاي يعني محضرش عيد ميلادها و انا اقرب صاحبة ليها.

– عاوزة ايه يا لارا؟

– قالت في دلال طفولي: عاوزاك تيجي معايا نروح عيد الميلاد بالليل…. انا عارفة انك متضايق و انا كمان… و انا من دلوقتي لحد بالليل هاشغل الزن علي ماما لحد اما اعرف ايه السبب.

– ماشي يا لارا هاجي معاكي بالليل.

 

 

يُتبع ..

 

0 0 votes
Article Rating
____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x