روايات

رواية منعطف خطر الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم ملك ابراهيم

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية منعطف خطر الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم ملك ابراهيم

 

 

البارت الحادي والخمسون

 

 

 

#الحلقة_51
#رواية_منعطف_خطر
#بقلمي_ملك_إبراهيم
ادخلوا غيروا بسرعة عشان نروح المستشفى.
ياسمين كانت واقفة مكانها متجمدة.. عقلها مش مستوعب.
سالم زعق فيها بصوت عالي عشان يفوقها:
– ياسمين! فوقي! خالد هيبقى كويس إن شاء الله!
ياسمين بصت له وهزت راسها بسرعة، وطلعت تجري على أوضتها.
لبست بسرعة، وهي مش عارفة لبست إزاي أصلاً، حطت الحجاب على شعرها وهي قلبها بيصرخ،
ونزلت جري، ومهاب أخدهم بالعربية على المستشفى.
………
بعد وقت في المستشفى.
ياسمين دخلت مع سالم وبهيرة، وقلبها بيجري قبل رجليها، سابقها على غرفة العناية.
خطوتها كانت سريعة، بس تقيلة.. وكأن كل نفس بتاخده بيكلفها عمر.
أول لما قربت، شافت معتصم واقف ومعاه زمايلهم، ملامحهم باهتة وعنيهم فيها تعب وخوف.
جريت على باب العناية، وهي منهارة، دموعها مغرقة وشها.
الممرضة وقفتها بهدوء وقالت:
– ممنوع الدخول.
ياسمين قالت لها برجاء بيخرج من قلبها قبل لسانها:
– عايزة أشوفه بس من بعيد.. أرجوكي.
سالم قرب منها، بيحاول يتمالك نفسه، صوته ساكت بس عينيه كانت بتنهار.
معتصم وزمايله قربوا منهم، حسّوا بحرقة المشهد.
بهيرة ماقدرتش تسكت.. صوتها خرج من قلب موجوع بيصرخ:
– أنا عايزة أشوف ابني!! فين مدير المستشفى دي؟؟
معتصم بص لها وحاول يطمنها بصوت هادي بيحاول يكون عقلاني وسط كل الانهيار اللي جواه:
– خالد بخير الحمد لله ، الدكتور طمنا عليه.. بس ممنوع عنه الزيارة لمدة ٢٤ ساعة بعد العملية.
بهيرة صوتها اتكسر، واتكلمت بنهيار الأم اللي قلبها بيتقطع:
– مين اللي منع الزيارة!! أنا هدخل لابني غصب عنهم كلهم!
اتحركت في جنب وهي بتسحب تليفونها بإيد بترتعش، كأنها بتتشبث بأي أمل.
اتصلت بأبوها عشان ييجي ويكون جنبها في اللحظة دي، بس الخط كان خارج الخدمة.. اتصلت بأختها عبير وقالتلها وهي مش قادرة توصل الكلام من كتر البكا.
ياسمين وقفت قدام باب العناية، دموعها بتنزل بهدوء قاتل.
حطت إيديها على الباب.. كانت حاسه إن قلبها ساب مكانه ودخل جوه..
كأن في حتة منها اتحبست ورا الباب ده.. وبتتنفس بالعافية من غيرها.
سالم كان بيكتم انهياره بصعوبة.. شايل في قلبه نار عشان يقدر يسند بهيرة وياسمين.
وقف مع معتصم وزمايل خالد، وسألهم بصوت مليان قلق ورجفة:
– إيه اللي حصل؟
وفي اللحظة دي.. الممرضة قربت من ياسمين، وهي واقفة بتبكي ، ملامحها مصدومة والعبرات مخنوقة في حلقها.
الممرضة كانت ماسكة كيس شفاف فيه لبس خالد.. كله غرقان دم.
وفي إيدها التانية.. كانت ماسكة الدبلة اللي كانت في أيديه وعليها نقط دم لسه منشفتش.
قالت لها:
– دي المتعلقات الشخصية اللي كانت مع المصاب.
ياسمين بصت على اللبس بعيون متجمدة..
ثواني بسيطة كانت كفاية تخطفها من اللحظة وترجعها لورا..
افتكرت لما دخلت الأوضة لقيته لابس نفس اللبس ده، وقالها إنه نازل عنده مأمورية.
خدت منها اللبس والدبلة بإيدين بترتعش.. وكأنها بتلمس جرح مفتوح.
بصت على الدبلة..
دم حبيبها كان لسه عليها،
والدموع اتحجرت في عنيها،
وعقلها بيفتش جواها على صوته،
على ضحكته،
على آخر كلمة قالها قبل ما يخرج.
“دي دبلة جوازنا.. علشان كل الدنيا تعرف إنك مراتي، وحبيبتي، وملكي أنا وبس.
لبسها الدبلة في إيديها، وقلبها بيرف من الفرحة.
ولبس دبلته وقال وهو بيهزر:
ـ ودي بقى عشان أرتاح من البنات اللي بيعاكسوني.
ضحكت وضربته في صدره بخفة وقالت:
ـ مين دول بقى؟
قال وهو بيضحك:
ـ كتير يا بنتي.. مش ملاحق.
اتكلمت بغيرة حقيقية:
ـ اسكت بقى، أنا بغير بجد.
قرب منها ومسح على خدها بحنية وقال:
ـ يسلملي اللي بيغير عليا.
فجأة انهارت ياسمين على الأرض، وكأن رجليها ماعدتش شايلة حزنها.
قعدت تبكي بصوت عالي، شهقاتها كانت طالعة من قلب مكسور،
وضمت لبس خالد والدبلة المليانة بدمه لحضنها..
كأنها بتحاول تحتضن ريحته، صوته، وجوده، تحميه في حضنها من أي أذى.
صرخت باسمه من جوه وجعها:
– يا خاااالد!!
صوتها شق سكون المستشفى، وملأ المكان برعب.
سالم، ومعتصم، ومهاب، وكل الظباط اللي واقفين اتصدموا..
الانهيار جه مفاجئ، بس لما شافوها ضامّة هدومه الغرقانة في دمه، فهموا.
فهموا إن الجرح اتفتح، وإن الوجع بقى أقوى من طاقة احتمالها.
سالم جري عليها، صوته كان بيحاول يفضل هادي،
بس نبرته كانت فيها رعشة:
– ياسمين.. قومي يا بنتي، عشان خاطر خالد.. مينفعش كده.
ياسمين رفعت وشها، ودموعها مغرقة وشها،
وردت بصراخ ووجع بيشق القلب:
– خالد هنا.. ده دم خااالد!!
صوتها كان بينزف:
– ده دم حبيبي!!
– ياريت كانت الطلقة دي جت في قلبي أنااااا!
قامت فجأة، وجريت على باب العناية،
خبطت عليه بإيدين بترتعش وبتنزف ألم،
وصوتها اتكسر في صرخة:
– يا خااالد.. رد عليّا!
بهيرة كانت واقفة تبص عليها بقهرة،
قلبها محروق علي ابنها،
مش قادرة تعمل أي حاجة توقف وجع مرات ابنها ولا وجعها.
الممرضة قربت من ياسمين، وقالت بهدوء مهني:
– يا مدام، مينفعش كده، حضرتك في مستشفى.
لكن ياسمين ردت بصوت مبحوح، بين البكا والرجاء:
– أبوس إيدك خليني أشوفه.. مش هعمل صوت، والله هشوفه من بعيد بس!
معتصم قرب منها، صوته كان مكسور،
بيحاول يمسك خيط من عقلها وسط الغرق:
– ياسمين.. ياسمين اسمعيني..
أنا هكلم الدكتور عشان تشوفيه،
بس اهدي.. اهدي عشان خاطر خالد.
ياسمين بصت له والدموع نازلة من غير توقف،
وضمت لبس خالد والدبلة لقلبها كأنها بتستغيث بيهم وهي بتنزل علي الارض بنهيار:
– مفيش حد فيكم هيحس بيا..
خالد ودّعني قبل ما يمشي..
كان قلبه حاسس..
معتصم حس بكلامها، قلبه اتقطّع،
هو كمان مش ناسي منظر صاحبه وهو واقع على الأرض،
ولا صراخه في اللاسلكي وهو بيطلب إسعاف عشان ينقذه،
ولا الرعب اللي شافه في عيون زمايله.
كان واقف وسطهم بس عقله لسه هناك.. في مكان الحادث.
مهاب قرب، أتكلم معاها ، صوته كان أهدى من أي وقت:
– طب ممكن تهدي؟
وإحنا هنروح للدكتور دلوقتي نطلب منه يدخلك تشوفيه بسرعة وتخرجي..
بس لازم تهدي.. تمام؟
ياسمين هزت راسها، دموعها نازلة،
بس جواها كان بركان.. مفيش حاجة هتهدي قلبها غير لما تشوفه.
سالم ماقدرش يفضل متماسك اكتر من كده،
دموعه نزلت رغمًا عنه، من وجعه وخوفه على ابنه الوحيد،
ومن قهره وهو شايف ياسمين مكسورة بالشكل ده.
مد إيده ليها وقال بصوت هادي، بس من جوه موجوع:
– قومي من على الأرض يا ياسمين..
خالد هيزعل منك لما يعرف اللي إنتي بتعمليه ده.
لكن ياسمين كانت في عالم تاني..
عالم مفيهوش غير ريحة خالد، ودمه، وألمه.
كانت حضناه في هدومه.. شايفاه في الدبلة،
وكأنها بتحاول تثبّت روحه في حضنها،
عشان مايضيعش منها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في مكان تاني.
كانت فيلا فخمة وفيها صمت مريب،
اللوا وحيد قاعد على كرسي جلد، بيحاول يخبّي توتره،
بس كل حاجة حواليه كانت بتشد أعصابه.
بص في ساعة إيده للمرة العشرين،
صوته خرج قلقان، وكأنه بيستعجل الطمئنينة:
– مفيش أخبار عن خالد من المستشفى؟
الشخص اللي قاعد قدامه،
كان هادي بشكل يزود القلق،
رد عليه بنبرة فيها لا مبالاة مرعبة:
– الأخبار اللي وصلت إن العملية نجحت..
لكنه دخل في غيبوبة.
ادعي يموت.. لأنه لو فضل عايش.. إنت اللي هتموت.
الكلمات دي خبطت في ودن وحيد زي رصاص.
بصله بصدمة، وعينيه وسعت من الرعب،
لكن الراجل كمل بثقة مرعبة، وكأنه بيحكي عن إجراء روتيني:
– أيوه.. جالي أوامر إن لو حفيدك عاش بعد ما كشفك..
إنت لازم تموت.
يا إما هو يموت قبل ما يتكلم ويجيب سيرتك مع أي حد.
وحيد بلع ريقه بصعوبة..
إيده اللي كانت لسه ماسكة الساعة بدأت ترتعش.
الصدمة كانت أكبر من إنه يخبيها،
رد بصوت مبحوح ومتلخبط:
– يعني.. يا إما أنا أموت..
يا إما حفيدي يموت؟
الراجل رد بنفس البرود:
– إنت عارف نظامنا..
اللي بيتكشف.. بيموت.
بس لو اللي كشفك مات..
يبقى فداك بعمره.
سكت.. ووش وحيد اتغير،
وش كان دايمًا ثابت ومسيطر،
دلوقتي كله توتر وخوف..
عينيه كانت بتدور في الفراغ وكأنها بتدوّر على مخرج.
الشخص التاني قال بنبرة محسوبة:
– اطمن.. واضح إن حفيدك هيموت.
التقارير اللي جت من المستشفى بتقول إن حالته صعبة.
والقلب وقف أثناء العملية، ودخل في غيبوبة.
يعني احتمال انه يعيش ضعيف جدًا.
بس لحد ما يموت أو يفوق من الغيبوبة دي..
مش مسموح لك تتحرك من هنا.
الكلمات الأخيرة خبطت في قلب وحيد زي قيد حديد اتقفل على عنقه.
كان عارف إن رجله اتحبست في دايرة مالهاش مخرج..
والاختيار دلوقتي ما بقاش بينه وبين غيره،
بقى بين حياته.. وحياة حفيده.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في النيابة.
راشد كان واقف ووشه شاحب، جنبه مراته سهام اللي عنيها كانت حمرا من كتر البُكا، ومايا بنتهم كانت ساكتة بس عنيها مليانة خوف وقلق.
التلاتة واقفين مستنيين المحامين اللي دخلوا مع يحيى، قلبهم متعلق في الهوا.
بعد دقايق تقيلة كأنها ساعات، خرجوا المحامين.
خطواتهم كانت بطيئة، ووشوشهم مكسورة وكلهم باصين في الأرض..
ووراهم طلع يحيى، متكلبش، متبهدل، هدومه مش مظبوطة وشعره مبهدل، وعنيه مفيهاش أي بصيص أمل.
كان باين عليه إنه مهزوز ومكسور بشكل أول مرة يشوفوه بيه.
سهام قلبها وقع، جريت على ابنها بلهفة، بس وقفت مكانها لما شافته بالشكل ده.
راشد سابهم واتجه ناحية المحامين وسأل بصوت مضطرب:
– طمنوني.. إيه الأخبار؟
المحامي الأكبر فيهم رفع عينه بالعافية وقال بنبرة حزينة:
– للأسف الشديد.. المرة دي اتمسك متلبس.
وكل إجراءات الضبط سليمة 100%، مفيش غلطة نعرف ندخل منها.
راشد اتجمد مكانه، حس كأن حد خبطه على راسه،
رد بصدمة مش مصدّق:
– يعني إيه؟!
المحامين سكتوا، ماحدش فيهم قادر يواجهه..
كل واحد فيهم رجّع عينه في الأرض تاني، والسكوت كان أبلغ من أي كلام.
راشد بص لابنه اللي واقف بعيد، والكلبشات في إيده بتلمع، وشه باهت، والدموع على وشه مش باينه إذا كانت ندم ولا غضب ولا انهيار.
قرب منه بصوت مخنوق بالزعل:
– ليه كده يا يحيى؟
ليه تعمل في نفسك كده يابني؟
شوفت آخر طريق جدك وصلك فين؟
رد يحيى وهو مهدود من جواه، صوته باين فيه التكسير واللاوعي:
– قول لجدي يطلعني منها زي كل مرة..
أنا مش هتسجن.
وهنا العسكري شدّه من دراعه وسحبه وهو بيحاول يقاوم،
ويحيى لف وشه وهو ماشي وبص لراشد وقال بصوت مليان تحدي وخوف في نفس الوقت:
– عرف جدي إن أنا لازم أخرج..
لو ما خرجتش، مش هتسجن لوحدي.
الكلمة دي خبطت في قلب راشد زي سكينة،
كان بيبص لابنه وهو بيتسحب من قدامه ومش عارف ينقذه ولا يرد عليه.
سهام بدأت تنهار وتعيط وهي مش قادرة تبص في وش ابنها،
ومايا كانت باصة عليه بصدمة وكأنها أول مرة تشوفه بالشكل ده،
سألت أبوها بصوت مرتعش:
– هو يحيى مش هيخرج ولا إيه يا بابا؟
سهام بصت لراشد والدموع مغطية وشها، وقالت بصوت كله وجع:
– إحنا السبب يا راشد..
إحنا اللي ضيعنا ابننا بإيدينا.
خوفنا من أبوك هو اللي وصلنا لده.
ياريتنا كنا بعدنا عيالنا عنه زي ما يحيى أخوك عمل مع ولاده.
أبوك دمر عيالنا يا راشد!
راشد وقف يسمعها وصدره بيطلع وينزل بسرعة من كتر الضغط اللي جواه.
حاسس إن قلبه بيتفرم، وحاسس بالذنب والخذلان..
هو اللي ساب عقل يحيى يتملى بكلام جده ويصدق إن الدنيا بتمشي بالغرور والسلطة،
وسابه يمشي نفس الطريق اللي أخوه مشي فيه، واللي انتهى بيه لدم وندم وسواد.
………
في المستشفى.
عبير دخلت وهي ماسكة إيد بنتها كارما، وشها باين عليه القلق، وعيونها بتدور على أختها.
أول لما بهيرة شافتها، قامت من على الكرسي بسرعة، وسألتها بلهفة صوتها فيه رجفة:
– بابا فين يا عبير؟!
عبير قربت منها وقالت بحزن وهدوء:
– بابا مسافر يا بهيرة.
طمنيني.. خالد عامل إيه؟
بهيرة بصتلها بصدمة، عنيها بتلمع من الدموع اللي مش طايقة تستنى:
– مسافر فين؟! وإمتى؟!.. وأنا معرفش؟؟
عبير حاولت تهديها وقالت بهدوء:
– سافر امبارح.. والمفروض كان راجع النهاردة، بس معرفش ليه مرجعش، وتليفونه لسه خارج الخدمة.
متقلقيش، أنا بعتله رسالة وعرفته كل حاجة.. أول لما يفتح تليفونه هيكون هنا على طول.
المهم طمنيني على خالد.
بهيرة ردت وهي بتحاول تمسك دموعها:
– بيقولوا إنه كويس.. بس مش راضيين يدخلونا نشوفه.
كارما كانت واقفة جنب مامتها، بس عنيها كانت بتبص على ياسمين اللي قاعدة ساكته، تبان من بعيد هادية جدًا، بس دموعها بتنزل في صمت تقيل.
جنبها سالم الدريني، قاعد متجمد، عينيه على باب العناية المركزة.
كل الظباط مشيو بعد ما اطمنوا، ومبقاش غير مهاب ومعتصم.
مهاب بص لمعتصم وقال بصوت هادي:
– معتصم.. لازم ترجع بيتك شوية ترتاح.
معتصم رد بسرعة وبحزم:
– مش هتحرك من هنا غير لما خالد يفوق.
مهاب حاول يقنعه بهدوء:
– إن شاء الله هيفوق يا معتصم..
بس مش هتعرف تساعده ولا تبقى جنبه وإنت مرهق كده..
ارجع بيتك.. طمّن مراتك، وغيّر هدومك اللي كلها دم دي.
معتصم رد وهو باين عليه الألم والتعب:
– أنا كلمت زينة وطمنتها.. وهي عارفة إن مش هرجع دلوقتي.
مهاب قال له بصبر:
– مش كفاية. لازم تشوفها بعينك وتطمنها، وتاخد لو ساعتين راحة وتنام شوية..
وأنا هنا متقلقش .. لو حصل أي حاجة هكلمك فورًا.
معتصم بصله شوية، وبعدين هز راسه بتردد، لكنه قام، ومشي ناحية والد خالد وقال له إنه رايح يغيّر هدومه ويرجع، ومهاب هيكون موجود لو حصل أي حاجة.
بعد شوية، معتـصم مشي..
وكارما قربت من مهاب وقعدت جنبه، قالت له برقة:
– هاي.
مهاب رد بهزّة راس بسيطة من غير ما يبص لها.
كانت واضحة عليه حالة الحزن والتركيز.
كارما اتكلمت بهدوء بتحاول تفتح معاه كلام:
– انت كنت مع خالد وقت اللي حصل له؟
رد وهو بيحاول يخفي حزنه:
– للأسف لا.. ماطلعتش معاه المهمة دي..
كنت لسه مصاب من آخر مأمورية.
كارما رفعت حواجبها وابتسمت بإهتمام مصطنع:
– كنت مصاب برصاصة برضه؟
قال بإيجاز:
– أيوه، بس إصابة بسيطة.
كارما رجعت تبص على ياسمين اللي كانت لسه قاعدة بنفس الوضع،
وبنبرة فيها غل خفي، سألت:
– هي ياسمين هنا من بدري؟
مهاب بص على ياسمين، وبعدين قال بصوت كله وجع:
– ربنا يصبرها.. وجوزها يقوم بالسلامة.
كارما عضت شفايفها من الغيظ، وقالت ببرود مفاجئ:
– انت مصدق إنها زعلانة عشانه؟
كله إللي بتعمله ده تمثيل على فكرة.
مهاب بص لها بصدمة ماكنش متوقعها،
عيونه بدأت تلمح ورا رقتها حاجات مش مريحة،
حس إنها مش طبيعية.. البنت دي فيها حاجة غلط.
قام وهو بيقول بهدوء متحفظ:
– أنا رايح الكافتيريا أجيب حاجة نشربها.. حد عايز حاجة؟
كارما بصت له بضيق، وما ردتش،
قامت ومشيت بعيد، ورجعت تقعد جنب مامتها وخالتها،
وسابته يروح لوحده.. وعيونها من وقت للتاني كانت بتيجي علي ياسمين.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في شقة معتصم.
أول ما دخل الشقة، كان باين عليه الإرهاق والتعب في كل خطوة.
زينة أول ما شافته قربت منه بلهفة، لكن فجأة شهقت بصوت عالي لما شافت الدم اللي مغطّي هدومه.
قربت منه وهي بتترعش:
– معتصم! إيه الدم ده؟! انت كويس؟!
رد بهدوء وحزن في صوته:
– آه يا زينة.. كويس.. بس من فضلك هاتيلي لبس نضيف على الحمام.
زينة عنيها كانت بتجري عليه من فوق لتحت بقلق، بس سكتت وهزت راسها بتفهم، ودخلت بسرعة تجهزله لبس.
بعد شوية، خرج من الحمام وهو لابس بيجامة بسيطة، وقعد على السرير، وبص في موبايله شوية واتصل على مهاب.
كان صوته حزين وهو بيكلم مهاب، وزينة وقفت تتابع تعبير وشه وتفهمت اللي وراه.
بعد ما قفل، قربت منه وسألته بقلق وهي بتقعد جنبه:
– خالد ماله يا معتصم؟ إيه اللي حصل؟
معتصم قال بصوت باين فيه الحزن والتعب:
– خالد اتصاب في المهمة.. الإصابة كانت خطيرة.
زينة شهقت بصوت مكتوم ، وحطت إيدها على بُقها:
– وحالته ايه دلوقتي ؟ وياسمين عرفت؟
رد وهو بيبص للأرض:
– الدكتور قال إنه كويس.. بس لسه في غيبوبة.
وياسمين حالتها صعبة جدًا.. ربنا يصبرها ويقويها على اللي هي فيه.
زينة قالت بنبرة فيها عتاب:
– وليه ما قولتليش يا معتصم ؟ كنت جيت المستشفى أكون جنبها.. ياسمين ملهاش حد هنا.
معتصم رد وهو بيحاول يهدّيها:
– تيجي فين بس يا زينة؟ المستشفى كانت زحمة جدًا، وإنتِ حامل ومكنتيش هتستحملي اليوم ده.
وبعدين ياسمين معاها والد خالد ووالدته ومهاب معاهم.. وأنا بس رجعت أغير هدومي وارتاح ساعتين وهرجعلهم.
قرب منها ولمس خدها بحنية وسألها باهتمام:
– طمنيني.. ماكلتيش حاجة من الأكل اللي جابوه من البلد، صح؟
زينة استغربت وسألته بدهشة:
– لا، لما قولتلي مقربش من الأكل ولا أي حاجة لحد ما ترجع.. سمعت كلامك.
بس ليه؟ إيه في الأكل يا معتصم؟
قال بصوت هادي وتعبان:
– هقولك بعدين يا زينة.. المهم دلوقتي، أي حاجة جت من هناك، ارميها.
واي حاجة تحتاجيها هنجيبها من هنا.
زينة فضلت باصة له بدهشة، بس قررت متسألش عن حاجة دلوقتي ، لأن التعب كان باين عليه جدًا.
سكتت وهي بتحس إنه محتاج يرتاح، وقامت تطفي النور، وسابته ينام شوية.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
بعد مرور يومين.
جوه المستشفى.
كانت ياسمين قاعدة ساكنه، صوتها منخفض وهي بتقرأ من المصحف،
دموعها كانت نشفت من كتر البُكا،
وبقت بتحاول تلاقي في قراءة القرآن وذكر الله سكينة لقلبها اللي بيخبط من القلق.
سالم كان باين عليه الإرهاق،
بس عينه كانت متعلقة بالسماء، وقلبه مليان يقين برحمة ربنا.
وبهيرة كانت شارده في ركن تاني،
مش بس خايفة على خالد… لكن وجعها أعمق.
بتفكر في أبوها اللي كل مرة تحتاج له فيها… يختفي.
وسؤالها المتكرر لعبير عن مكانه دايمًا بيترد عليه بنفس الجملة:
“هو كده دايمًا يسافر من غير ما يقول، وبيرجع لوحده.”
عبير كانت قاعدة مع كارما، بيحاولوا يلهوا نفسهم بالكلام مع بعض.
معتصم ومهاب، كانوا دايمًا موجودين.
رغم شغلهم اللي كان بيشدهم كل شوية،
لكن قلبهم كان متعلق هنا… مع خالد.
وفجأة، الدكتور خرج من العناية المركزة،
وابتسامة خفيفة على وشه.
قال بصوت هادي، فيه أمل:
“الحمد لله… المريض فاق، وابتدى يستجيب.
دلوقتي نقدر نقول إن مرحلة الخطر عدّت.
حمد لله على سلامته.”
الكلمات دي كانت زي النور اللي دخل القلوب فجأة.
ياسمين دموعها نزلت وهي بتضم المصحف على صدرها، وهمست بفرحة:
– شكرا يا رب… الحمد لله.
وسالم رفع إيده للسماء وقال بإيمان:
– الحمد لله يا رب.
وبهيرة قامت بسرعة وسألته بلهفة:
– ممكن نشوفه؟
الدكتور رد بابتسامة:
– آه، بس مش دلوقتي.
لسه دكتور القلب ودكتور المخ والأعصاب لازم يراجعوا الحالة بالكامل
ويتأكدوا إن مفيش أي مضاعفات حصلت بعد توقف القلب أثناء الجراحة.
ياسمين قربت، صوتها مليان رجاء:
– بس هنشوفه النهاردة… صح؟
الدكتور ابتسم:
– إن شاء الله.
اتحرك بهدوء، وبعد شوية دخل مجموعة من الأطباء على خالد.
وكل اللي برا قاعدين مستنين اللحظة اللي يسمحوا ليهم فيها يدخلوا.
الدقايق كانت تقيلة،
الوقت بيعدّي بالثواني،
وكل واحد فيهم قلبه مربوط بجوه.
وبعد شوية، الأطباء خرجوا،
وقرب منهم دكتور الجراحة، ومعاه دكتور المخ والأعصاب.
سالم قرب منهم وسأل بلهفة:
– خير يا دكتور؟ طمنونا عليه؟
دكتور الجراحة ابتسم وقال:
– الحالة مستقرة، والتنفس والنبض وكل المؤشرات كويسة جدًا الحمد لله.
سكت لحظة وبص للدكتور اللي جنبه وقال:
– لكن فيه حاجة بسيطة هنوضحها لحضراتكم.
دكتور المخ والأعصاب اتكلم بنبرة هادية لكنها جدية:
– وقت الجراحة… القلب وقف لبضع ثواني.
والدم اتأخر يوصل للمخ للحظات بسيطة.
الوضع اتحسّن بسرعة الحمد لله، بس حصل تأثير بسيط على الذاكرة.
كل العيون اتعلقت بكلامه، وساد الصمت.
كمل الدكتور بهدوء:
– المريض فاكر كل حاجة لحد من سنة فاتت.
آخر سنة من حياته، مش واضحة في ذهنه.
يعني الأحداث اللي حصلت من سنة لحد يوم الحادث… مش موجودة في ذاكرته دلوقتي.
كلهم بصوا لبعض بصدمة،
وياسمين حسّت إن الأرض بتتهز تحتها…
قلبها خفق بعنف، ووشها شحب فجأة.
بصّت للدكتور بصوت مخنوق بالكاد طالع، وسألته:
– إحنا اتقابلنا في السنة دي… واتجوزنا…
يعني ممكن… يكون ناسيّني أنا كمان؟
الدكتور هز راسه بهدوء وقال بنبرة واضحة:
– هو فعلاً مش فاكر إنه متجوز… لحد دلوقتي على الأقل.
السكوت خيّم، وكل اللي واقفين اتبدل في وشوشهم الصدمة والأسى.
وفجأة، خرج صوت ضحكة صغيرة…
من كارما، وهي بتبص لياسمين من فوق لتحت بنبرة مكر:
– الحاجات اللي نسيها مش مهمة اوي.
معتصم ومهاب بصوا ل كارما بضيق.
وسالم حاول يكسر التوتر وسأل الدكتور بسرعة:
– بس أكيد هيفتكر مع الوقت… صح يا دكتور ؟
الدكتور تنهد وقال:
– اه طبعًا، وارد جدًا.
بس مقدرش أحدد وقت معين.
الأفضل نسيبه يتذكّر على راحته… من غير ضغط أو تلميحات مباشرة.
الذكريات ممكن ترجع فجأة… أو على مراحل.
بهيرة قطعت الكلام وقالت بإصرار:
– مش مهم السنة اللي راحت.
المهم إن إبني عايش وبخير … وفاكرني أنا وباباه.
كارما علّقت بنبرة مصطنعة فيها نغمة واضحة:
– وأكيد فاكرني أنا كمان يا طنط…
خالد مستحيل ينساني.
معتصم ومهاب تبادلوا نظرة ضيق،
وتنهد مهاب وهو بيبص بعيد،
بينما معتـصم عض على شفايفه علشان ما يردش.
عبير اتكلمت:
– طب يا دكتور… نقدر نشوفه دلوقتي؟
رد الدكتور:
– آه، بس على دفعات.
كل اتنين يدخلوا مع بعض، ويفضل نبدأ بالأب والأم.
بلاش ضغط عليه بالكلام أو الأسئلة الكتير.
خلوه يرتاح.
بهيرة اتحركت بسرعة، عينيها مليانة لهفة:
“أنا هدخل أول واحدة.”
سالم اتحرك معاها، ودخلوا.
أما ياسمين…
رجعت بخطوات بطيئة لورا،
رجليها بتسحبها كأنها مش قادرة تشيل قلبها.
كل خطوة كانت تقيلة…
تقيلة بالحزن، بالوجع، بالحيرة.
مش مصدّقة إن في لحظة…
بقت غريبة في قلب حبيبها.
اللي كان بيحضن خوفها من غير ما تتكلم.
دلوقتي مش فاكرها،
ميعرفهاش.
ناسِي كل حاجة بينهم…
كل لحظة، كل كلمة، كل وعد.. بقلمي ملك إبراهيم.
… يتبع

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى